إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

الشيخ علي الغروي العلي ياري

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

المؤلف:

الشيخ علي الغروي العلي ياري


الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠

إلى المعتبرة المستفيضة.

ففى صحيح عبد الله بن سنان عن الصّادق عليه‌السلام قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنّ الدّية يرثها الورثة إلّا الإخوة والأخوات من الامّ ، فإنّهم لا يرثون من الدّية شيئا. (١)

وإليه أشار شيخنا الأعسم بقوله :

وحكم أموال القتيل ديته

تعلّق كالدّين بها وصيّته

وليس للأعمام عفو عن دية في العمد ، بل إمّا قصاص أوهبة للوارث الدّانى له ، والقاصى حقّ سوى الزّوجين في القصاص ، ولم يرث من دية من اقترب بالامّ مع من بهما قد اقترب.

وفي رواية عبيد بن زرارة عن الصّادق عليه‌السلام. (٢)

وقول الباقر عليه‌السلام في صحيح محمّد بن قيس : الدّية يرثها الورثة على فرائض المواريث (٣) إلّا الإخوة من الامّ ، فإنّهم لا يرثون من الدّية شيئا. (٤)

ونحوه في صحيح سليمان بن خالد (٥) إلى غير ذلك من النّصوص

__________________

(١) الكافى ( ١٣٩ ، ج : ٧ ) ، التّهذيب ( ص : ٣٧٥ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٣٦ ، ج : ٢٦ ).

(٢) الوسائل ( ص : ٣٧ ، ج : ٢٦ ) ، الكافى ( ١٣٩ ، ج : ٧ ) ، حميد بن زياد ، عن : الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن : عبد الله بن جبلة ، وعلىّ بن رباط ، عن : عبد الله بن بكير ، عن : عبيد بن زرارة ، عن : أبى عبد الله عليه‌السلام ...

(٣) في الوسائل والتّهذيب : الميراث.

(٤) الكافى ( ١٣٩ ، ج : ٧ ) ، الوسائل ( ص : ٣٧ ، ج : ٢٦ ) ، التّهذيب ( ٣٧٥ ، ج : ٩ ) ، على بن إبراهيم ، عن : محمّد بن عيسى ، عن : يونس ، عن : عاصم بن حميد ، عن : محمّد بن قيس ، عن : أبى جعفر عليه‌السلام قال : الدّية ...

(٥) التّهذيب ( ٣٧٥ ، ج : ٩ ) ، الكافى ( ١٣٩ ، ج : ٧ ) ، الوسائل ( ص : ٣٥ ، ج : ٢٦ ) ، عدّة من أصحابنا ، عن : سهل بن زياد ، وعن : محمّد بن يحيى ، عن : أحمد بن محمّد ، وعن : علىّ بن إبراهيم ،

٤١

المستفاد منها تمام المدّعى من حرمان جميع من يتقرّب بالامّ ، ولو بمعونة الفحوى ، يعنى بمفهوم الموافقة ، والإجماع على صحّة الرّواية وخصوصها ، وعلى عدم الفرق ، والاعتبار ، ونحو ذلك ممّا يعلم من ذلك سقوط ما نسب إلى : جراح المبسوط ، وميراث : الخلاف وجنايات : الحلّى ، وقد يمنع من أنّه يرثها كلّ من يرث المال وإن توهّم من معتقد إجماع الخلاف الّذي قد سمعت الإجماع من ديه على الخلاف الّذي قد مرّ عن الحلّى نفى الخلاف عنه.

ومن عموم أدلّة الإرث المعلوم تخصيصها بما قد مرّ الّذي لا يقوى في معارضة بعضه الرّواية الّتي قد يستفاد من الصّيمرى إنّها مستمدة ولم نجده في أصل ولا في فرع ، كما لم نعثر على مستند يعتدّ به ، لما قد ينسب إلى : المهذّب ، والإيجاز ، وجنايات : الخلاف ، من أنّه لا يرثها النّساء ممّن يتقرّب بالأب أيضا.

وما قيل من منعهنّ إذا انفردن عن الذّكور ، وما قيل من منعهنّ إذا اجتمعن معهم ، فتدبّر فيما يعلم من عموم نصوصه وإجماعاته.

الرّابعة :

إنّه يرثها والزّوج والزّوجة إجماعا مضافا إلى خصوص المعتبرة المستفيضة الدّالّة على أنّهما يتوارثان من الدّية ما لم يقتل أحدهما صاحبه وقد تقدّم طرف منها ، والإجماع المنقول عليه صريحا من مثل شيخ الطّائفة الّتي لم نجد عاملا منهم بما قد تضمنه خبر السّكونى من أنّ عليّا عليه‌السلام كان لا يورث

__________________

ـ عن : أبيه ، جميعا عن : ابن محبوب ، عن : أبى أيّوب ، عن : سليمان بن خالد ، عن : أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قضى علىّ عليه‌السلام في دية المقتول ، أنّه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم ، إذا لم يكن على المقتول دين ، إلّا الإخوة والأخوات من الامّ ، فإنّهم لا يرثون من ديته شيئا.

٤٢

المرأة دية زوجها ، ولا يورث الرّجل من دية امرأته شيئا. (١)

فلا يصلح معارضا مع شذوذه وضعفه ذاتا ومقاومة من وجوه توجب طرحه ، أو تأويله بما لا يخالف الأدلّة ، من مثل حمله على صورة ما لو قتل أحدهما صاحبه ، أو التّقيّة الّتي قد حمل عليها الشّيخ ، ويؤيّده أنّ الرّاوى إنّها من قضاة العامّة العمياء ، فلا تغفل.

ولا يرثان القصاص نصّا وإجماعا ، ولكن لو صولح على الدّية في العمد ورثا منها كغيرها من الأموال ، وغيرهما من الوارث ، للعموم المعلوم منه ما عليه الإماميّة قديما وحديثا على وجه قد يكون من المسلّمات في مذهبهم ، بل ومذهب العامّة ، عدا أبى ثور ، من أنّ الدّية في حكم مال الميّت وإن تجدّدت بسبب الصّلح في صورة العمد يقضى منها ديونه وتخرج منها وصاياه.

كما في معتبر إسحاق بن عمّار عن الصّادق عليه‌السلام : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا قبلت دية العمد وصارت مالا فهي ميراث كسائر الأموال. (٢)

ومعتبر يحيى الأزرق عن الكاظم عليه‌السلام في رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا فأخذ أهله الدّية من قاتله عليهم أن يقضوا دينه. (٣)

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٣٨٠ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٣٩ ، ج : ٢٦ ) ، وى ذيله قال : قال محمّد بن الحسن :إنّما حملنا هذا الخبر على هذا المعنى ، لأنّا قد بيّنا فيما تقدّم : إنّ كلّ واحد من الزّوجين يرث من دية صاحبه إذا لم يكن قاتلا ، فلا وجه لهذا الخبر ، إلّا ما قلناه ، وإلّا لبطل الخبر ، ويحتمل أن يكون الخبر خرج مخرج التّقيّة ، لأنّ ذلك مذهب العامّة.

(٢) التّهذيب ( ص : ٣٧٧ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٤١ ، ج : ٢٦ ) ، الصفّار ، عن : يعقوب بن يزيد ، عن : غياث بن كلوب ، عن : إسحاق بن عمّار ، عن : الصّادق عليه‌السلام ...

(٣) الفقيه ( ص : ٢٢٥ ، ج : ٤ ) ، بإسناده عن : صفوان بن يحيى ، عن : يحيى بن عبد الرّحمن الأرزق ... التّهذيب ( ص : ١٦٧ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٣٦٤ ، ج : ١٨ وص : ٣٣٦ ، ج : ١٩ ) ، الكافى ( ص : ٢٥ ، ج : ٧ ) ، أبو على الأشعرىّ ، عن : محمّد بن عبد الجبّار ، عن : صفوان بن يحيى ، عن : يحيى الأرزق ، عن : أبى الحسن عليه‌السلام ... وفيه : يقضون دينه؟ قال عليه‌السلام : نعم ، قلت : وهو لم يترك شيئا ، قال عليه‌السلام : إنّما أخذوا الدّية فعليهم أن يقضوا دينه.

٤٣

وقول أمير المؤمنين عليه‌السلام في خبر السّكونى : من أوصى بثلثه (١) ، ثمّ قتل خطأ فإنّ ثلث ديته داخل في وصيّته. (٢)

وفي معتبر محمّد بن قيس إنّه عليه‌السلام قضى في وصيّته رجل قتل إنّها تنفد من ماله دينه كما أوصى. (٣)

إلى غير ذلك بما قد يعلم منه ، ومن اصول المذهب وقواعده ، إنّه ليس للزّوجين ، ولا للدّيان والموصى له منع الوارث من القصاص ، وإن مات المقتول فقيرا وكان القاتل باذلا للدّية ، فما عليه جماعة ، منهم : الشّيخ في النّهاية من أنّه لا يجوز الاقتصاص حتّى يضمنوا دين الغرماء بمكان من الضّعف ، وإن صرّح ابن زهرة بدعوى الإجماع عليه.

واستندوا إلى خبر أبى بصير سئل الصّادق عليه‌السلام عن الرّجل يقتل وعليه دين وليس له مال ، فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟

فقال : إنّ أصحاب الدّين هم الخصماء للقاتل ، فإن وهب أوليائه دمه للقاتل فجائز ، وإن أراد القود فليس لهم ذلك حتّى يضمنوا الدّين للغرماء.

قيل : وكذا رواه في النّكت ، وبه استدلّ الشّيخ ، والشّهيد ، وغيره ، وأجابوا بالضّعف والنّدرة ، ومخالفة الاصول.

__________________

(١) في الكافى : بثلث ماله.

(٢) الكافى ( ص : ١١ ، ج : ٧ ) ، الوسائل ( ص : ٢٨٥ ، ج : ١٩ ) ، التّهذيب ( ص : ١٩٣ ، ج : ٩ ) ، علىّ بن إبراهيم ، عن : أبيه ، عن : النّوفلىّ ، عن : السّكونى ، عن : أبى عبد الله عليه‌السلام ...

(٣) التّهذيب ( ص : ٢٠٨ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٢٨٦ ، ج : ١٩ ) ، محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن : أبى جعفر ، عن : أبيه ، عن : يوسف بن عقيل ، عن : محمّد بن قيس ، عن : أبى جعفر عليه‌السلام قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في رجل أوصى لرجل بوصيّة مقطوعة غير مسمّاة من ماله ، ثلثا ، أو ربعا ، أو أقلّ من ذلك ، أو أكثر ، ثمّ قتل بعد ذلك الموصى فودى ، فقضى في وصيّته أنّها تنفذ من ماله ومن ديته كما أوصى.

٤٤

والّذي في التّهذيب إنّه سأله عليه‌السلام عن رجل قتل وعليه دين وليس له مال فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟ فقال عليه‌السلام : إنّ أصحاب الدّين هم الخصماء (١) للقاتل ، فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل (٢) ، ضمنوا الدّية (٣) للغرماء وإلّا فلا (٤) ، وهو لا يفيد المطلوب.

وقريب منه في كلام الأصحاب المصرّح في كلام بعض واصلهم إن روايتها بغير ما في التّهذيب ، وهم ، ولعلّه كذلك.

وفي كلام غير واحد من أساطينهم بشذوذها وندرتها ، ومخالفتها لأصول المذهب وقواعده ، على وجه قد لا يشكّ معه في دعوى الإجماع منهم على خلافها ، وخلاف ما حملها عليه الطّبرسى من وجوه القبول والمنع من الاقتصاص فيما لو كان القاتل باذلا الدّية الّتي قد جعل في المسالك محلّ النّزاع في خصوص ما لو كان القاتل باذلا لها ، وهو غريب من مثله عند التّأمّل في كلام الأصحاب وبيان محلّه ، فلا تغفل.

الخامسة :

لو قتل أكبر الإخوة الثّانى ، ثمّ الثّالث الرّابع ، ولا وارث سواهما ، لم يسقط القصاص عن الأكبر ، لأنّ ميراث الثّانى للثّالث والرّابع ، نصفين ، لكن بلا قتل الثّالث ، الأصغر منع من إرثه ، وورثه الأكبر ، فيرجع إليه نصف دم نفسه ، فإن أدّى الثّالث إليه نصف الدّية كان له قتله ، وإلّا فلا ، وعلى الثّالث القصاص للأكبر عن الأصغر ، ويرثه لأنّ القتل بحقّ ، فلو اقتصّ

__________________

(١) الغرماء ـ خ ل.

(٢) لقاتله ـ خ ل.

(٣) الدّين ـ خ ل.

(٤) الوسائل ( ص : ١٢٣ ، ج : ٢٩ ) ، التّهذيب ( ص : ٣١٤ ، ج : ١٠ ).

٤٥

الأكبر أوّلا سقط القصاص عنه ، لأنّه ورثه ، ويحتمل أن لا يرثه لأنّه تعدّى استيفاء حقّه أوّلا ولا يمنع من الإرث من يتقرّب بالقاتل.

الثّالثة

الرّقّ

قال الشّيخ الأعسم رحمه‌الله :

والرّقّ لا يرثه القريب

ولا له في إرثه نصيب

إلّا إذا لم يقسم المال وقد

اعتق والوارث فيه ما اتّحد

أقول : المانع الثّالث : الرّق ، وهو مانع من الإرث في الوارث ، بمعنى : أنّه لا يرث الإنسان إذا كان رقّا ، وإن كان المورث مثله ، بل يرثه الحرّ وإن كان ضامن جريرة دون الرّقّ ، وإن كان والدا وولدا ، أو في الموروث ، بمعنى : أنّ الرّقّ لا يورث ، بل ماله لمولاه بحقّ الملك لا بالإرث ، وإن كان له وارث حرّ.

ولا خلاف في شي‌ء من ذلك حقّ على القول بأنّ العبد يملك ، بل عليه الإجماع في عبارات جمع ، وهو الحجّة ، مضافا إلى النّصوص المستفيضة ، بل المتواترة يقف عليها المتتبّع لتضاعيق أخبار أبحاث هذه المسألة.

ففى جملة من المعتبرة المستفيضة ، وفيها الصّحيح والقريب منه ، وغيرهما ، لا يتوارث الحرّ والمملوك.

ويستفاد منها منع الرّقّ عن الإرث في المقامين ومن غير واحد من النّصوص المعتبرة في الأوّل.

وأمّا ما يدلّ عليه في الثّانى ، فالمعتبرة الآخر المستفيضة الواردة في المكاتبين.

٤٦

منها : الصّحيح في مكاتب توفّى وله مال ، قال يحسب ميراثه على قدر ما أعتق منه لورثته وما يعتق منه لأربابه الّذين كاتبوه.

ونحوه أخر في رجل مكاتب يموت ، وقد أدّى بعض مال مكاتبته ، وله ابن من جاريته ، قال : إن كان اشترط أنّه إن اعجز فهو مملوك رجع إليه ابنه مملوكا والجارية ، وإن لم يكن اشترط عليه ذلك أدّى ابنه ما بقى من مكاتبته ، وورث ما بقى ، ونحو هما غيرهما من المعتبرة الآخر الّتي فيها الصّحيح أيضا وغيره.

ولو اجتمع الرّقّ الوارث مع الحرّ مثله فالميراث للحرّ دونه ، ولو بعد الحرّ وقرب المملوك ولو كان للحرّ ولد رقّ ولذلك الولد الرّقّ ابن حرّ ، ورث ابن الحرّ جدّه ولا يحجب رقّية أبيه ، كما في الكافر ، فإنّهما لا يمنعان من يتقرّب بهما إلى الميّت لانتفاء المانع منه دونهما ، وبه خصوص الخبر المنجبر ضعفه بالعمل.

ورواية الحسن بن محبوب المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه ، عن موجبه في عبد مسلم وله أمّ نصرانية ، وللعبد ابن حرّ ، قيل : أرأيت إن مات أمّ العبد وتركت مالا ، قال : يرثه ابن ابنه الحرّ ، ولو أعتق على ميراث قبل قسمته يشارك باقى الورثة إن كان مساويا لهم في الطّبقة ، وجاز الإرث كلّه إن كان أولى منهم بلا خلاف ، كما في المعتبرة المستفيضة.

ففى الصّحيح قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن ادّعى عبد إنسان أنّه ابنه إنّه يعتق من مال الّذي ادّعاه ، فإن توفّى المدّعى وقسّم ماله قبل أن يعتق العبد فقد سبقه المال وإن أعتق قبل أن يقسم ماله فله نصيبه منه.

وفي القريب منه أيضا بأن وابن أبى عمير المجمع على تصحيح رواياتهما :

٤٧

من أعتق على ميراث قبل أن يقسم الميراث فهو له ، وإن أعتق بعد ما قسم فلا ميراث له ، ونحوه غيره.

وفي القريب منه أيضا بأن المتقدّم الوارد فيمن أسلم على ميراث قبل قسمته ، قلت : العبد يعتق على ميراث ، قال : هو بمنزلته ، ومنه يظهر أنّه لو كان الوارث الحرّ واحدا ، فأعتق الرّقّ بعد موت مورثه لم يرث مطلقا ، وإن كان أقرب إلى الميّت من الحرّ.

وكذا : لو أعتق بعد القسمة مع تعدّد الورثة لا قسمة لا له في الأوّل ولا عتق قبلها في الثّانى ، فلا إرث له ، ولو قسم بعض التّركة ثمّ أعتق ففى إرثه في الجميع أو الباقى خاصّة أو عدمه مطلقا ، أوجه ، واحتمالات ، ولعلّ أظهرها الأوّل كما به الفاضل في الإرشاد وغيره لعموم المعتبرة المتقدّمة بإرثه لو أعتق قبل القسمة ، والمتبادر منه قسمة جميع التّركة لا بعضها.

أقول : بل يستفاد ذلك من كلّ ما دلّ من نصّ وفتوى عليه فيمن أسلم قبل القسمة ولو بمعونة الوسائط الّتي قد يكون منها الفحوى والإجماع على عدم الفصل وتنقيح المناط القطعى وعموم المنزلة المشار إليه في فتاوى الأصحاب وبعض النّصوص.

كمعتبر محمّد بن مسلم عن الصّادق عليه‌السلام في الرّجل المسلم على الميراث قال عليه‌السلام : إن كان قسم فلا حقّ له ، وإن كان لم يقسم فله الميراث. (١)

إلى غير ذلك ، ممّا يعلم منه الحكم بعدم الفرق هنا بين الإسلام والعتق في سائر المسائل والفروع المجمع عليها والمختلف فيها ، فلا تغفل.

__________________

(١) الفقيه ( ص : ٣٢٦ ، ج : ٤ ) ، محمّد بن أبى عمير ، عن : أبان بن عثمان ، عن : محمّد بن مسلم ، عن : أبى عبد الله عليه‌السلام ...

٤٨

وهنا مسائل

الاولى :

ما أشار إليه الشّيخ الأعسم بقوله :

وإن يكن لا وارث سواه

أجبر بالبيع به مولاه

وأعتق العبد وعند النّقص

يعتق منه قدر ذاك الشّقص

وقيل لا ينفكّ رقّ يقصر

عن فكّه النّصيب وهو الأشهر

فالمراد : إنّه إذا لم يكن ممّن عدا الإمام عليه‌السلام وارث سوى المملوك اشترى من التّركة ولو جبرا على مولاه في أخذ قيمته ، ويعتق ليحوز المال ويرث باقى التّركة من دون خلاف أجده بل عليه الإجماع صريحا في ظاهر كلام جماعة مضافا إلى النّصوص المعتبرة المستفيضة وهى وإن كانت مطلقة في وجوب الشّراء إلّا أنّها مقيّدة بما إذا لم يكن هناك وارث حرّ ، ولو كان بعيدا كذا من جريرة لما قد مرّ مضافا إلى الإجماع المصرّح به في كلام الشّيخ وغيره وظاهر أكثرها ، وصريح آخرين توقّف عتقه بعد الشّراء الّذي لا يجزى فيه سوى العقد الّذي لا يتبادر سواه من النّصوص والفتاوى.

وإن قام احتمال الاجتزاء بالمعاطات عن الإعتاق فيتولّاه من يتولّى الشّراء ، وهو الحاكم الشّرعى فإن تعذّر فعدول الإماميّة

المعلوم من مذهبهم إن كلّ ما يفتقر إلى القهر فأمره إلى حاكم الشّرع الّذي قد يعلم من النّصوص والفتاوى أنّ عليه أن يحوز تركات الموتى وأموال الغيّب ونحو ذلك ، ويحفظها ويصرفها في مصارفها المعلوم أن ما نحن فيه من جملة أفرادها ، وإنّه يجب عليه مزيد الاحتياط في القيمة العادلة ، ويحرم دفع ما زاد عليها وإن طلبه المالك وحصل له من بعض من له رغبة في المملوك وإنّه يجب عليه

٤٩

القبول فيما لو بذله مالكه بأدنى القيمة وإن رضى المملوك بدفع ما زاد على قيمة المملوك الّذي لا فرق في سائر أحكامه في المقام.

الثّانية :

إنّه لا فرق في الميّت أبا كان أو ولدا له أو غيرهما من الأنساب على الأشهر ، كما في الرّوضة المصرّح فيها.

وفي جملة منها : الانتصار ، والسّرائر ، والشّرائع ، وغيرها ، بدعوى الإجماع عليه في الأبوين ، مضافا إلى الصّحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة في الامّ الّتي يلحق بها الأب ، ولو بمعونة الوسائط الّتي منها الإجماعات ، وعدم القائل بالفرق وتنقيح المناط القطعى واستلزام ثبوت الحكم فيها بثبوته فيه بالطّريق الأولى مع وقوع التّصريح به في بعض النّصوص ، واستفادة من فحوى كلّ ما دلّ من نصّ وإجماع ونحوه عليه في غير الأبوين من الأنساب بدعوى الإجماع في السّرائر والرّوضة بثبوت الحكم في الأولاد منهم ، وإن لم يكونوا لصلبه كما هو قضيّة إطلاق معقد إجماع الرّوضة والنّصوص المعتبرة المستفيضة المصرّحة بفكّهم.

كقول الصّادق عليه‌السلام لجميل في الصّحيح : يشترى ابنه من ماله فيعتق ويورث ما بقى.

وفي معتبر سليمان بن خالد : يشترى الابن ويعتق ويورث ما بقى من المال.

وصحيح ابن عبد ربّه في ولد أمّ ولد تزوّجت فمات الزّوج ، وترك مالا ، وليس له وارث إلّا ولده منها اشترى منه فأعتق وورث.

ومعتبرة إسحاق : إنّه مات مولى لعلىّ عليه‌السلام فقال عليه‌السلام : انظروا هل

٥٠

تجدون له وارثا؟ فقيل له : ابنتان باليمامة ، فاشتراهما (١) من مال الميّت ، ثمّ دفع إليهما بقية الميراث. (٢)

وفي كلام جمع ، منهم : شيخ الطّائفة ثبوت الحكم في باقى الأقارب منهم ، بل في الرّوضة إنّه الأشهر ، كما قد تظهر دعوى الإجماع عليه عن ابن زهرة ، وظاهر الكيدرى ، والإرشاد فكّ كلّ وارث حتّى الزّوج والزّوجة.

وفي خبر عبد الله بن طلحة عن الصّادق عليه‌السلام النّصّ عليه في الاخت.

ومرسل ابن بكير المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه إذا مات الرّجل وترك أباه ، وهو مملوك ، أو امّه وهى مملوكه ، أو أخاه أو اخته ، وترك مالا ، والميّت حرّ اشترى ممّا ترك أبوه أو قرابته ، وورث ما بقى من المال ، واختصاصها ببعض الأقارب غير ضائر بعد الإجماع الّذي قد يكون صريحا من مثل ابن زهرة والرّوضة ، على عدم الفرق الّذي قد يكون صريحا مثل ابن زهرة والرّوضة عدم الفرق الّذي قد يكون عدمه صريحا من ذيل مرسل ابن بكير.

وقول على عليه‌السلام في معتبر إسحاق هل تجدون له وارثا.

وما رواه ابن حمزة في الوسيلة بقوله وروى في الجدّ والجدّة وجميع ذوى القرابة وفحوى الصّحيح الوارد بفكّ الزّوجة ، بل قد يظهر من غير واحد من النّصوص وكثير من الوجوه إنّه لا فرق بين الأبوين ، وسائر الأنساب ، والزّوجة والزّوج ، المصرّح بإلحاقهما بمطلق القرابة في كلام جماعة.

منهم : شيخ الطّائفة في النّهاية ، والفاضل في الإرشاد ، وابن زهرة ، والكيدرى ، وثانى المحقّقين ، والشّهيدين ، استنادا إلى قول الصّادق عليه‌السلام في

__________________

(١) في المصوّر : باليمامة مملوكتين فاشتراهما.

(٢) الفقيه ( ص : ٣٣٩ ، ج : ٤ ) ، حنّان بن سدير ، عن : أبى يعفور ، عن : إسحاق بن عمّار ، عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ...

٥١

صحيح سليمان بن خالد ، كان على عليه‌السلام إذا مات الرّجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها ثمّ ورثها. (١)

ويحمل عليها الزّوج بواسطة الفحوى وتنقيح المناط القطعى والإجماع على عدم الفصل فالقول بإلحاقهما بمطلق القرابة الّذي لا محيص عن القول بفكّه قوىّ ، سيّما بعد ملاحظة ما أشرنا إليه من قول على عليه‌السلام في معتبر إسحاق المشعر بفكّ كلّ وارث وخصوصا بعد المنع من ظهور الصّحيح المتضمّن لعدم فكّ الزّوج الّذي لو قيل بعدم فكّه وفكّ الزّوجة لكان وجيها عند التّأمّل المعلوم لذويه ، إنّ ما عليه جمع ، منهم : المفيد ، والسّيّد المرتضى ، وابن حمزة ، والحلّى ، من الاقتصار على الأبوين والأولاد لصلبه ، بمكان من الضّعف ، فضلا عمّا عليه الدّيلمى ، وظاهر الصّدوقين من الاقتصار على الأبوين ، وإن استندوا إلى الأصل الّذي قد يمنع ويعارض بمثله وبما قد سمعته في المقام المصرّح فيه على لسان كثير إنّه لو قصرت التّركة عن قيمته العادلة الّتي قصرت ولو بما دون الدّرهم لم يفكّ ، كما نسبه في المختلف والمسالك وغيرهما إلى الأشهر ، وبعض الأفاضل إلى عامّة من تأخّر ، بل المنقول عن السّرائر نفى الخلاف عنه مضافا إلى مخالفة خلافه الأصل ، المقرّر بوجوه ، فيقتصر فيه على المتيقّن من الفتوى والرّواية ، وليس إلّا من وفت التّركة بتمام قيمته العادلة.

بل وما زاد لو لا قيام الإجماع بقسميه على عدم اعتبار الزّيادة عليها.

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٢٤٧ ، ج : ٨ ) الإستبصار ( ص : ١٧٨ ، ج : ٤ ) ، الفقيه ( ص : ، ج :) ، الوسائل ( ص : ٨٩ ، ج : ٢٣ ) ، محمّد بن علىّ بن محبوب ، عن : العبّاس بن موسى [ العبّاس بن معروف ] ، عن : يونس بن عبد الرحمن ، عن : ابن مسكان ، عن : سليمان بن خالد ، عن : أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان ...

٥٢

فما حكاه الأصحاب قولا من وجوب فكّ الجزء الّذي يفى المال بقيمته العادلة ، وإن قلّ ، أو في خصوص ما إذا لم يقصر المال عن جزء من ثلاثين جزء عن القيمة ويسعى العبد في باقيه ممّا لم نظفر بقائله المصرّح في كلام غير واحد لعدم العلم ، لعدم الشّعور عليه.

وإن أمكن أن يكون الفضل بن شاذان المنقول عنه ما يقضى التّفصيل الّذي قد جعله في الدّروس قولا ثالثا.

ولا ريب إنّه بمكان من الضّعف ، كالقول به من دون تفصيل ، وإن قوّاه نادر ممّن تأخّر ونسبه في السّرائر إلى رواية لم نقف عليها في أصل ولا في فرع ، فلا تصلح سندا ، كعموم : عدم سقوط الميسور بالمعسور ، ونحوه ممّا لا ريب بمعارضته على تقدير تناوله ، لمثل المقام ، كمثل عموم نفى العذر والإضرار ، واللّازم من إجبار المالك على بيع مملوكه واصول المذهب وقواعده والشّهرة العظيمة والإجماع المنقول ونفى الخلاف ترجّح الثّانى الّذي لا محيص عنه إلّا على تقدير تبادر ما أشرنا إليه من كون الأجزاء الرّقية والحرّية بمنزلة الأفراد والأشخاص فيرجّح الأوّل عند التّأمّل ولعلّه لغو ذلك نفى عنه البأس في المختلف والمسالك فتدبّر فيما يعلم منه وجه استخراج ما يتفرّع على القولين من المسائل والفروع الّتي منها ما تعدّد ، وفي نصيب بعضهم بقيمته العادلة دون غيره ، فإنّه على القول الثّانى يجب شرائهما.

وإن كان من وفى بقيمته أولى ، لعدم تضرر المالك ، وعدم احتياجه إلى الاستسعاء.

وعلى الأوّل لا يجب شراء من لا يفى نصيبه بقيمته قطعا ، ومن يفى على وجه لمكان قصور التّركة عن فكّ الورثة في الجملة ، وهو مانع من الفكّ

٥٣

كما قد مرّ إليه الإشارة.

الثّالثة :

لو وفت التّركة بقيمة البعيد ، كالأخ مع الابن ، فيجب شراؤه دون البعيد ، على القول الثّانى دون الأوّل ، وعليه ففى وجوب شراء الأخ أو كون التّركة للإمام عليه‌السلام وجهان : أقواهما الأوّل ، لعدم كون الولد مانعا من الإرث الأخ في أمثال المقام.

الرّابعة :

ما لو تعدّد الرّقيق وقصر المال عن فكّ الجميع ، وأمكن أن يفكّ كلّ بمقدار نصيبه ، وعلى الأوّل ففى فكّ واحد بالقرعة أو التّخيير ، أو من كلّ واحد بحسابه أو عدمه أوجه :

للأوّل : إمكان عتق القريب وامتثال الأمر وعموم القرعة لكلّ أمر مشكل. (١)

وللثّانى : عدم المرجّح.

وللثّالث : إذا أمرتكم بشي‌ء فأتوا منه ما استطعتم ، ولا يسقط الميسور بالمعسور.

وللرّابع : الأصل ، خرج منه ما لو وفت التّركة للإجماع والنّقص ، وبقى الباقى عليه.

الخامسة :

إنّه لا فرق في ذلك كلّه بين أمّ الولد ، والمدبّر ، والمكاتب المشروط ، والمطلق ، الّذي لم يؤدّ شيئا من مال الكتابة ، وبين القنّ الّذي يشترك معه

__________________

(١) مشتبه ـ خ ل.

٥٤

غيره بأصل الرّقّية ، وإن تشبّث بعضهم بالحرّيّة ، والنّهى عن بيع أمّ الولد مخصوص بغير ما فيه تعجيل لعتقها ضرورة إنّه زيادة في مصلحتها الّذي قد نشأ من أجله المنع ، فيصحّ بالطّريق الاولى ، ولو كان المطلق قد أدّى شيئا وعتق منه بحسابه فكّ الباقى ، وإن كان يرث بجزئه الحرّ ، لأنّ ما قابل جزئه الرّقّ بمنزلة ما لا وارث له.

تفريع :

هل يمنع المبعّض بجزئه الحرّ من بعد إشكال ينشأ من أنّ الجزء الحرّ وارث أقرب ، ومن أنّه إنّما يرث بنسبة ما فيه من الحرّيّة فهو بالنّسبة إلى الباقى ليس بوارث.

وهذا هو الأصحّ عند فخر المحقّقين ، ثمّ إنّ طروّ العتق على الوارث كطريان الإسلام في جميع الأحكام.

ثمّ اعلم ؛ أنّه قد تمّ الكلام في الموانع الثّلاثة المشهورة ، وبقى الموانع الآخر الّتي هى في الحقيقة راجعة إلى عدم السّبب ، أو فوات الشّرط.

وجمعها الشّهيد رحمه‌الله في الدّروس ، وهى بجملتها عشرون ، كما أشار إليها السّيّد السّند والحبر المعتمد السّيّد محسن الكاظمى رحمه‌الله في منظومته بقوله :

موانع الإرث على ما قد عهد

عشرون كفر ثمّ قتل قد عمد

رقّيّة ثمّ اللّعان والزّنا

وكون مال الإرث عبد قد جنى

عمدا وكون عينه موقوفه

أو كفنا أو حبوة معروفه

وصيّة مؤنة التّجهيز

كذلك شبهته بلا تمييز

في الوارث الحرّ بعبد والنّسب

لو شكّ فيه وعلى قول حجب

٥٥

تبرّءا كان لدى السّلطان

ومنع ما لا يرث الزّوجان

من قود ردّ وأرض ساذجة

والحمل هكذا وبعد الدّرجة

موت اللّذين يتوارثان

أو حصل العلم بالاقتران

ومنع ذي القربى بامّ عن دية

كما عليه فتوى الأكثر جارية

وغيبة المفقود أيضا تمنع

إرثا وتوريثا متى ما يطمع

وقيل في المولود ما لم يستهل

لا إرث لكن له الحرمان ممّا احتمل

الرّابعة :

اللّعان المعلوم من النّصوص والفتاوى ، وإنّه سبب في التّحريم المؤبّد وزوال الفراش ، وانتفاء الولد عن الملاعين ، لكن يرث الابن امّه وترثه ، وكذا يرثه ولده ، وقرابة الامّ وزوجه وزوجته.

وروى أبو بصير عن الصّادق عليه‌السلام إنّه لا يرثه أخواله ، مع أنّهم يرثونه ، وحملها حينئذ على عدم اعتراف الأب به بعد اللّعان ، فإن اعترف وقعت الموارثة بينه وبين اخواله ، وبه روايات.

والأقرب الموارثة مطلقا لرواية زيد الشّحام عن الصّادق عليه‌السلام ، ثمّ إنّه مانع من الإرث بين الزّوجين وبين الزّوج والولد المنفىّ به من جانب الأب والولد ، إلّا أن يكذّب الأب نفسه فيرثه الولد من غير عكس ، أخذا بإقراره أوّلا وآخرا.

قال شيخنا الأعسم النّجفى ( رحمه‌الله ) :

توارث المنفىّ باللّعان

مع امّه ومن بها يدانى

دون أبيه والّذي به انتسب

إلّا إذا أقرّ بعده بالنّسب

٥٦

يرثه الابن بدون العكس

والحكم في قريبه ذو لبس

وولد الزّنا انتفى ذو النّسب

يحرم من ميراثه كلّ الرّتب

إلّا ابنه من سائر الأنساب

أو أحد الزّوجين في الأسباب

مضافا إلى المعتبرة المستفيضة الّتي منها قول الصّادق عليه‌السلام في صحيح الحلبى : فإن ادّعاه أبوه لحق به ، وإن مات ورثه الابن ، ولم يرثه الأب. (١)

وفي آخر : يردّ إليه ولده ، ولا يرثه.

وفي معتبر ابن مسلم بعد أن قال له عليه‌السلام : إذا أقرّ به الأب ، هل يرث الابن؟ قال عليه‌السلام : نعم ، ولا يرث الأب الابن. (٢)

وفي معتبر زرارة : ولا يرث الأب ، ويرثه الابن. (٣)

فما في بعض النّصوص من عدم ردّه على أبيه مع الاعتراف به بعد اللّعان ، فمع قصوره سندا ومقاومة شاذّ محمول على عدم اللّحوق الكامل الموجب للتّوارث من الطّرفين ، وهل يرث حينئذ أقارب الأب مطلقا؟ أو مع اعترافهم به ، أو عدمه مطلقا؟ أقوال :

أشهرها كما في الرّوضة الأخير بل ادّعى ابن إدريس عليه الإجماع لحكم الشّارع بانقطاع النّسب باللّعان ، فلا يعود ، والإقرار في حقّ الغير وارث الولد قد كان لدليل من خارج ، وأقربها إلى قواعد المذهب ونصوصه الأوّل ، وأوسطها الوسط ، أخذا عليهم بإقرارهم على أنفسهم ، فتدبّر فيما يعلم من ملاحظته أنّه لو اتّفق للولد قرابة من الأبوين ، واخرى من الامّ كالإخوة

__________________

(١) الكافى ( ص : ١٦٠ ، ج : ٧ ) ، الوسائل ( ص : ٢٦٢ ، ج : ٢٦ ) ، التّهذيب ( ص : ٣٣٩ ، ج : ٩ ).

(٢) التّهذيب ( ص : ٣٣٩ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٢٦٣ ، ج : ٢٦ ).

(٣) الوسائل ( ص : ٢٦٣ ، ج : ٢٦ ).

٥٧

اقتسموا بالسّويّة لسقوط نسب الأب ، وأبو الصّلاح ، والعلّامة في بعض كتبه على الأوّل ، لأنّ الإقرار كالبيّنة الموجبة لثبوت النّسب من الطّرفين ، وتوقّف العلّامة في بعض كتبه ، وفي بعضها فصّل ، فقال : الأقرب إنّهم إن صدقوا الأب على اللّعان لم يرثهم ، ولم يرثونه ، وإن كذّبوه ورثهم وورثوه.

ولو قيل بأنّهم يرثونه ويرثهم مطلقا إذ اعترفوا به وكذبوا الأب وصدّقهم كان حسنا ويورث بالبنوّة والزّوجيّة والأمومة ، وقرابتها ، ويرثهم لثبوت نسبه بالنّسبة إليهم ، ومن ثمّ ورثوه إجماعا.

وبذلك روايات كثيرة عن أبى عبد الله عليه‌السلام وفيها أنّه يرث أخواله ويرثونه.

وقال الشّيخ في الإستبصار بعدم إرثه من أخواله ، إلّا أن يعترف به الأب استنادا إلى رواية الحلبى عن الصّادق عليه‌السلام في حديث طويل من جملتهم فان لم يدعه أبوه فإن أخواله يرثونه ولا يرثهم.

ومثلها رواية أبى بصير عنه عليه‌السلام ولو انفردت امّه فلها الثّلث تسمية ، والباقى ردّا لرواية أبى الصّلاح وزيد الشّحام عن الصّادق عليه‌السلام.

وروى أبو عبيدة عن الباقر عليه‌السلام إن لها الثّلث ، والباقى للإمام ، لأنه عاقلته.

ومثله روى زرارة عنه عليه‌السلام انّه عليه‌السلام قضى بذلك.

وعليها الشّيخ بشرط عدم عصبة الامّ ، وهو خيرة ابن الجنيد.

وقال الصّدوق بها حال حضور الإمام عليه‌السلام لا حال غيبته ، ولو فقد الوارث ورثة الإمام عليه‌السلام ، ولا عبرة بنسب الأب هنا.

فلو كان له إخوة للأبوين وإخوة للأمّ فالقسمة بالسّوية.

ولو كان المنفى توأمين توارثا بالأمومة ، المعلوم من النصوص و

٥٨

الفتاوى ، إنّه يرث كلّ من تقرّب إليه بها ويرثونه ، وإنّ نفيه عن الأب في الشّريعة لا يستلزم الحكم بكونه من أولاد الزّنا الّذي لا يرث ولده أباه ولا امّه ولا سائر الأرحام ولا يرثونه نصّا وفتوى.

الخامسة :

كون العبد جانيا عمدا ، فإنّه إذا تحقّق اختيار استرقاقه أو قتله تبيّن عدم نفود الإرث فيه ، ويحتمل تملّك الوارث ، ثمّ ينتزع العبد منه لأنّ التّخيير إلى مولى الجانى ، ومن ذلك أمّ الولد ، فإن من عدا ولدها يكون حقّه في القيمة ، ويحتمل نفود الإرث فيها ثمّ يقوّم.

وروى محمّد بن يحيى عن وصى علىّ بن السّرىّ إنّه أوصى بإخراج ولده جعفر من الإرث لما أصاب أمّ ولده ، فأقرّه الكاظم عليه‌السلام ، قال الشّيخ هذه قضيّة في واقعة فلا تتعدّى إلى غيرها.

وقال ابن الجنيد : في حديث أهل البيت إنّ من فجر بزوجة أبيه لم يورث من ميراث أبيه شي‌ء ، انتهى ما في الدّروس.

السّادسة :

كون العين موقوفة ، فإنّه لا تنفذ فيها المواريث ، وإن كانت ملكا للموقوف عليه على الأصح.

ثمّ إن كان هناك مرتبة اخرى انتقلت إليها بحقّ الوقف ، وإن كان منقطعا ففيه خلاف ، ففى الدّروس في باب الوقف : ويجوز للموقوف عليه تزويج الأمة الموقوفة ، بناء على ملكه ، ولو قلنا الملك لله.

قال الشّيخ تزوّج نفسها يحتمل الحاكم ، وولد الموقوفة المملوك وقف عند الشّيخ وابن الجنيد ، كولد الأضحية والمدبّرة.

٥٩

وقيل : بل طلق للبطن الّذي وجد في زمانه كثمرة الشّجرة.

ولو وطئت لشبهة فعلى الواطئ قيمة الولد ، وفي مصرفها قولان ، والواقف كالأجنبى على الأصحّ.

ولو وطئها الموقوف عليه فعل حراما ، لعدم اختصاصه بالملك وعليه ما عدا نصيبه من العقر للشركاء ، وكذا من قيمة الولد ، ولو لم يكن سواه فلا شي‌ء عليه ، والظّاهر انّه لا حدّ عليه.

والسابعة :

الكفن ومؤنة التّجهيز ، وهو مانع من الإرث في قدره ، بل الكفن الواجب متقدّم على الدّين من أصل التّركة ، فلو لم يفضل شي‌ء فلا إرث إلّا في الزّوجة على ما سلف ، انتهى ما في الدّروس.

الثّامنة :

قدر الحبوة ، فإنّه لا ينفذ فيه ميراث غير المحبّو ، وهو الولد الأكبر الذّكر ، وذلك في السّيف والخاتم والمصحف وثياب بدن الميّت.

وشرط ابن إدريس : أن لا يكون سفيها ولا فاسد الرّأى ، وإن يخلّف الميّت غيرها.

وشرط ابن حمزة : ثبات العقل ، وسداد الرّاى ، وحصول تركة غيرها ، وقيامه بقضاء ما فاته من صيام ، وصلاة.

وفي رواية أضاف : الدرّع ، والكتب ، والرّحل ، والرّاحلة.

وفي رواية الفضيل ومرسلة ابن اذينة ذكر الصّلاح.

وصرّح ابن إدريس : بوجوب الحبوة ، وهو ظاهر الأكثر والأخبار إنّها لا تحسب عليه بالقيمة.

٦٠