إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

الشيخ علي الغروي العلي ياري

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

المؤلف:

الشيخ علي الغروي العلي ياري


الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠

والثّانية والثّالثة فرضيتان ، والرّابعة إجماعيّة ، والثّالثة بعيدة ، لأنّ قسمة البعض لا تستلزم صدق قسمة على الكلّ.

الرّابعة :

هل النّماء المتجدّد بعد الموت وقبل الإسلام كالأصل وجهان : لا المتجدّدة على ملك الورثة ، ولعدم كونه تركة ، لأنّها ما كان مملوكا لشخص ، ثمّ مات قبل انتقاله عنه ، والميّت ليس له أهليّة الملك لعدمه ، ولمانعيّة الكفر ، أو شرطيّة الإسلام ، والحكم لا يثبت مع وجود المانع ، ولا يتقدّم على الشّرط ، ونعم لتبعيّته له ، ويكشف الإسلام عن استحقاقه في ذلك الوقت.

ومن خصوص المقام ما صرّح به كثير ، منهم الفاضل ، والشّهيدان ، من القول بتبعيّة النّماء لأصل التّركة ، فيكون الإسلام بمنزلة فسخ العقد الّذي يرجع معه المال بعد دخوله في ملك الغير إلى أهله قبل العقد ، أو كاشفا عن استحقاقه المال حين الموت الّذي لا يبعد أن يكون المال بعده في حكم مال الميّت الّذي قد لا يتصوّر ملك أصل ماله الإسلام دون ما تجدّد مع أنّه من فروعه كما قد يرشد إلى ذلك الاعتبار ، وكثير من وجوه العقل والنّقل ، وما دلّ على إرث الدّية ، ولو صولح عليها ، وإن كان القول بعدم التّبعيّة لا يخلو عن وجه عند التّأمّل في أمثال المقام المعلوم من نصوصه وفتاوى الأصحاب فيه ، وكثير من الوجوه أنّه لو أسلم بعد القسمة ، أو كان الوارث واحدا فلا مشاركة ولا استحقاق ، وإن كانت أعيان التّركة باقية ، فما عن : أبى علىّ من توريث من أسلم بعد القسمة إذا كانت العين في يد الوارث بمكان من الضّعف والشّذوذ ، والبعد عن اصول المذهب وقواعده الّتي قد

٢١

يتوهّم إنّها بمذهب أبى علىّ ، أولى.

الخامسة :

لو لم يكن للمورث والمسلم وارث سوى الإمام ففى تنزيله منزلة الوارث الواحد ، أو اعتبار نقل التّركة إلى بيت المال أو توريث المسلم مطلقا أقوال.

وجه الأوّل منها واضح ، ووجه الثّانى خفى ، والأخير مروىّ صريحا عن الباقر عليه‌السلام في خبر أبى بصير المروىّ بعدّة

طرق ، منها صحيح ، ومنها حسن ، ولا ريب أنّه الأقرب بعد ملاحظة عموم أدلّة الوارث ، والشّكّ في تناول عموم أدلّة الحجب لمثل المقام بعد ملاحظة الاعتبار وارث الكافر من الكافر مع وجود من جعلت فداه ومن أنصاره عليه‌السلام ، ونحو ذلك ممّا يدلّ على ترفّع الإمام عليه‌السلام ، وكونه مرتّبة بعد تعذّر من تقدّمه من المراتب وخصوصا على تقدير كون الوارث فقراء المسلمين ، ويكون من أسلم منهم ضرورة ، إنّه حينئذ يكون هو المتيقّن على كلا التّقديرين ، فيؤخذ به وينفى غيره بالاصول والقواعد الحاكمة كالنّصوص والفتاوى بأنّ من أسلم على ميراث قد وهبه ذووه ، أو باعه ، أو تصدّق به من دون تقدّم قسمة كان كمن أسلم بعد القسمة.

السّادسة :

لو كان الوارث الكافر أحد الزّوجين وكافر فعلى القول بالرّدّ مطلقا لا بحث في أنّه يكون الكلّ لأحدهما ، وعلى القول بعدمه مطلقا يرث ما فضل عن فرضهما ، لأنّ الإمام عليه‌السلام لا يمنع الكافر من إرث مثله ، ويحتمل أن يكون له عليه‌السلام ، لأنّ الإسلام في وارث مانع الكافر ، والمتمانعان لا يجتمعان خصوصا على القول بأنّ فرضهما معه الأعلى ، لأنّ كونه لهما مبنىّ على كونه غير وارث ، ومشاركته مبنيّة على فرضه وارثا ، فلو شاركهما والحال هذه

٢٢

لحكم في قضيّة واحدة بحكمين متنافيين ، وقد نهى عنه ، ومن ذلك يظهر القول بالتّفصيل.

أقول : الحقّ أنّ الزّوج المنفرد كالوارث الواحد بناء على عدم مشاركة الإمام له ، كما هو المعروف من المذهب والزّوجة كالمتعدّد لمشاركة الإمام لها في المشهور بين الأصحاب المصرّح في كلام الشّيخ والقاضى منهم بأنّه لو خلّفت المرأة زوجا مسلما وورثة كفّارا كان الميراث كلّه للزّوج ، وسقط غيره ، فإن أسلموا ردّ عليهم ما يفضل من سهم الزّوج.

ولعلّه غريب منهما بعد تصريحهما بأنّ الإسلام لا يفيد مع اتّحاد الوارث ، واغرب منه القياس على الإمام مع وجود الفارق ، والفرق بين ما يستحقّ من الإرث أصالة ، وما يستحقّ بالرّدّ الّذي به يستحقّ الزّوج ما فضل عن فرضه من باقى التّركة الّتي لا يجب تضادّ الإسلام الكافر فيها.

وإذا استقلّ في الإرث وشارك فيما لو حصل منه الإسلام قبل القسمة أو اتّحاد الوارث الّذي لو كان إسلام الكافر منه قبل قسمته بعض إرثه ففى مشاركته في الجميع ، أو في الباقى ، أو المنع منهما وجوه لا يخفى مآخذها من النّصوص واصول المذهب وقواعده الّتي قد تكون أوفق في الأخير الّذي لا ريب في بعده عن الاعتبار والنّصوص الّتي قد يدّعى ظهوره ما تضمّن منها ، إنّ من أسلم على ميراثه قبل أن يقسم ، فله ميراثه في الأوّل الّذي قد يقضى به عموم أدلّة الإرث ، كما يقضى بالوسط ما تضمّن من النّصوص ، إنّ من أسلم على ميراث قبل أن يقسم فهو له عند التّأمّل الّذي قد لا يخفى على من أعطاه حقّه أنّ الوسط هو الأوسط ، سيّما بعد ملاحظة الاعتبار ، وكثير من الوجوه الّتي قد يعلم منها سقوط الأوّل اللّازم على تقديره المنع من التّصرّف والضّمان فيما قد

٢٣

أذن الشّارع في جواز التصرّف فيه لا على وجه يستتبع ضررا ، فليتأمّل.

السّابعة :

فيما قد يستفاد منه أنّه لو ادّعى الإسلام قبل القسمة ، فالقول قول المنكر وهو الورثة مع اليمين لأصالة عدم الإرث ، وهو متّجه إن اتّفقا على زمان القسمة واختلفا في تقدّم الإسلام ، واختلفا فيهما ، وإلّا فالقول بتحليف المدّعى أوجه ، فإن صدّقه بعضهم نفذ في نصيبه خاصّة ، وإن كان عدلا وشهد معه أخو ثقة شارك جميع الورثة.

ولو انفرد ففى إثبات حقّه باليمين مع الشّاهد إشكال من أنّ المدّعى به تقدّم الإسلام ، ومن أنّ المقصود بالذّات الإرث.

واختار فخر المحقّقين الأوّل ، لأنّ المال تابع للإسلام لكونه بسببه ، فما لم يثبت لم يثبت قد يقوى معه ثبوته بذلك ، وبالشّاهد ، والمرأتين كون المقصود من ذلك المال ، لا مجرّد تقدّم الإسلام المعلوم عن النّصوص والفتاوى.

الثّامنة :

إنّ الطّفل تابع لأحد أبويه فيه ، وإن كان قبل بلوغ الطّفل ورجع ذلك إلى الكفر المعلوم من النّصّ والفتوى إنّ الطّفل تابع لأبويه فيه إذا انعقد منهما ولم يسلم أحدهما قبل بلوغه.

ولو تجدّد إسلام الأب بعد بلوغه لم يتبعه ، ولو مات الأب كافرا فأسلم الجدّ اتبعه الولد وكان حكمه حكم الأب ، فإن أسلم ، والأب كافر حىّ ، فهل يتبعه الولد؟ قال الشّيخ : نعم.

فعليه لو مات الكافر وخلّف أبا وابنا صغيرا كافرين فأسلم الأب قبل القسمة ، شاركهم هو والابن أو اختصّا.

٢٤

وفي إلحاق الطّفل الّذي انعقد من الكافرين الزّانيين بالكافر أو المسلم إشكال ، يقوى معه الثّانى ، استنادا إلى اصول المذهب وقواعده ونصوصه المتضمّن بعضها : إنّ كلّ مولود يولد على الفطرة حتّى يكون أبواهما اللّذان يهوّدانه وينصّرانه ، مع الشّكّ في تناول أدلّة تبعيّة الكافرين لأولاد الزّنا الّذي يمنع من ثبوت الفحوى في تبعيّة أولاده عند التّأمّل المعلوم لذويه من النّصوص والإجماع أنّ المرتدّ عن فطرة الإسلام بأن انعقد حال إسلام أحد الأبوين ، أو أسلم أحد أبويه ، وهو طفل ثمّ بلغ ، ووصف الإسلام كاملا ، ثمّ ارتدّ ـ العياذ بالله تعالى ـ وجب قتله ، وبانت زوجته ، وتعتدّ عدّة المتوفّى عنها زوجها ، وإن لم يدخل بها على قول قوىّ ، وتقسم تركته بين ورثته بعد قضاء ديونه منها إن كان عليه دين.

وإن لم يقتل ، وقلنا بقبول توبته بالنّظر إلى غير ما أشرنا إليه من الأحكام المصرّح بها في فتاوى الأصحاب من دون خلاف نقلا ، ونصوصهم ، الّتي منها : قول الصّادق عليه‌السلام في بعض المعتبرة : كلّ مسلم بين مسلمين ارتدّ عن الإسلام وجحد محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبوّته وكذّبه فإنّ دمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه ، وامرأته بائنة منه يوم ارتدّ ، فلا تقربه ، ويقسّم ماله على ورثته ، وتعتدّ امرأته عدّة المتوفّى عنها زوجها وعلى الإمام أن يقتله ، ولا يستتيبه. (١)

وقول أبيه عليه‌السلام في صحيحة محمّد بن مسلم : من رغب عن دين الإسلام ، وكفر بما أنزل الله على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد إسلامه ، فلا توبة له ، وقد

__________________

(١) الكافى ( ص : ٢٥٨ ، ج : ٧ ) ، عدّة من أصحابنا ، عن : سهل بن زياد ، وعلىّ بن إبراهيم ، عن : أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن : أحمد بن محمّد ، جميعا ، عن إن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن : عمّار السّاباطىّ قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كلّ ...

التّهذيب ( ص : ١٣٦ ، ج : ١ ) ، الإستبصار ( ص : ٢٥٣ ، ج : ٤ ) ، الفقيه ( ص : ٨٩ ، ج : ٣ ) ، الوسائل ( ص : ٣٢٤ ، ج : ٢٨ ).

٢٥

وجب قتله ، وبانت منه امرأته ، ويقسّم ما ترك على ولده. (١)

إلى غير ذلك من النّصوص الّتي يعلم من ملاحظتها وملاحظة الفتاوى والإجماعات ، وكثير من وجوه العقل والنّقل ، إنّه لا يرثه إلّا المسلمون.

المرتد عن غير فطرة

وإنّ المرتدّ عن غير فطرة يستتاب من الذّنب الّذي ارتدّ بسببه ، فإن تاب فبها ، وإلّا قتل ، ولا يقسّم ماله حتّى قتل ، أو يموت ، وتعتدّ زوجته مع الوفاة عدّة المتوفّى عنها زوجها ، ومع الحياة من حين الارتداد عدّة الطّلاق المنزل الارتداد في المقام بمنزلته ، فإن عاد إلى الإسلام في أثناء العدّة فهو أولى بها ، وإن خرجت وهو مرتدّ فقد بانت وليس له عليها سبيل.

فما عن أبى على من القول بقبول توبة المرتدّ مطلقا في سائر الأحكام ، وإن كان فطريّا ، فهو بمكان من الشّذوذ ، وإن تمسّك بإطلاق قبول التّوبة المصرّح في النّصوص والفتاوى بوجوب القتل بدونها في الفطرى ، وبوجوبه بعد الامتناع منها في الملّى الّذي قد يحمل عليه إطلاق أبى على كالنّصوص.

وحينئذ فلا خلاف بين الطّائفة عن شيخها في النّهاية ، إنّ الكافر الملّى إذا لحق بدار الحرب ، ولم يقدر عليه يقسم ميراثه بين أهله ، وتبعه القاضى ، ونازعه الحلّى قائلا بأنّ الأصل بقاء الملك على مالكه ، ولا دليل على قسمة أمواله بارتداد ، وإنّه قد رجع عن ذلك في المبسوط والخلاف ، وهذا هو

__________________

(١) الوسائل ( ص : ٣٢٤ ، ج : ٢٨ ) ، التّهذيب ( ص : ١٣٦ ، ج : ١ ) ، الإستبصار ( ص : ٢٥٢ ، ج : ٤ ) ، الكافى ( ص : ٢٥٦ ، ج : ٧ ) ، علىّ بن إبراهيم ، عن : أبيه ، وعدّة من أصحابنا ، عن : سهل بن زياد ، جميعا عن : ابن محبوب ، عن : العلاء بن رزين ، عن : محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن المرتد؟ فقال عليه‌السلام : ...

٢٦

المفتى به انتهى كالصّريح في دعوى الإجماع الّذي قد لا يشكّ في تحقّقه نقلا وتحصيلا على خلاف ما في النّهاية المخالف لأصول المذهب وقواعده.

وظاهر الكتاب والسّنّة المتواترة ونحو ذلك ممّا قد حكم ببقاء الملك على ملك مالكه ، وعدم انتقاله عنه إلّا بأحد النّواقل الشّرعيّة ، والمعلوم إنّه مفقود في المقام الّذي فيه ، إنّه لا تقدير لمدّة توبة الملّى.

وقيل : إنّها مقدّرة بما يمكن معه الرّجوع من الزّمان احتياطا في الدّماء ، وإزاحة للشّبهة العارضة في الحدّ.

وقيل : ثلاثة أيّام لخبر ضعيف بجماعة (١) ، وفيه : المرتدّ تعزل عنه امرأته فلا تؤكل ذبيحته ويستتاب ثلاثة أيّام ، فإن تاب ، وإلّا قتل يوم الرّابع.

ولعلّ الوسط هو الأوسط.

والمستفاد من اصول المذهب وقواعده ونصوصه الّتي قد يتبادر منها سوى القتل بعد اليأس من التّوبة عرفا ، فليتأمّل.

والتّاسعة :

المرأة لا تقتل بالارتداد لقصور عقلها ، ولكن تحبس ويضيق عليها في المطعم والمشرب والملبس والخدمة ، وتضرب أوقات الصلوات حتى تتوب ، أو تموت مطلقا.

ولو كانت مرتدة عن فطرة ، كما يعلم ذلك كلّه من فتاوى الأصحاب ونصوصهم الّتي منها :

__________________

(١) الوسائل ( ص : ٣٢٨ ، ج : ٢٨ ) ، التّهذيب ( ص : ١٣٨ ، ج : ١ ) ، الإستبصار ( ص : ٢٥٤ ، ج : ٤ ) ، المقنع ( ص : ١٦٢ ) ، الفقيه ( ص : ٨٩ ، ج : ٣ ) ، الكافى ( ص : ٢٥٨ ، ج : ٧ ) ، عدّة من أصحابنا ، عن : سهل بن زياد ، عن : محمد بن الحسن بن شمّون ، عن : عبد الله بن عبد الرحمن ، عن : مسمع بن عبد الملك ، عن : أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ...

٢٧

قول الصّادق عليه‌السلام في المرسل ، المنزل بمنزلة الصّحيح : والمرأة إذا ارتدّت عن الإسلام استتيبت ، فإن تابت ورجعت ، وإلّا خلّدت في السّجن وضيّق عليها في حبسها. (١).

وقول الباقر عليه‌السلام في معتبر غياث بن إبراهيم الموصوف بالصّحّة : لا تقتل وتستخدم خدمة شديدة ، وتمنع الطّعام والشّراب إلّا ما يمسك نفسها وتلبس أخشن الثّياب وتضرب على الصّلاة. (٢)

إلى غير ذلك ممّا لا يقوى في معارضة الصّحيح الدّالّ على قتل المرتدّ عن ملّة بعد إبائها من التّوبة مع أنّه بمكان من الشّذوذ ، ومخالف الإجماع الّذي قد يكون منقولا متواترا ، ومعلومة من مسلّمات المذهب قضيّة في واقعة يحتمل الاختصاص بها وغيره مع توجيهات فيه بها لا ينافى الأخبار الّتي قد ذكر في المسالك وبعض من تبعه أنّه ليس فيها ما يدلّ على قبول توبتها مطلقا ، ولعلّه كالمستغرب بعد ملاحظة النّصوص الّتي لا ريب في ظهورها في ذلك ، ولو بمعونة الوسائط الّتي منها الاعتبار.

وفهم الأصحاب الّذين قد يتوهّم وجود المخالف في ذلك من عبارة تحرير فاضلهم.

وما عن المهذّب بعد الحكم بكون المرتدة مطلقا في حكم المرتدّ عن

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ١٣٧ ، ج : ١ ) ، الإستبصار ( ص : ٢٥٣ ، ج : ٤ ) ، الوسائل ( ص : ٣٣٢ ، ج : ٢٨ ) ، الكافى ( ص : ٢٥٦ ، ج : ٧ ) ، على بن إبراهيم ، عن : أبيه ، عن : ابن محبوب ، عن : غير واحد من أصحابنا ، عن : أبى جعفر عليه‌السلام وأبى عبد الله عليه‌السلام : ...

(٢) ما روى عن : غياث بن إبراهيم ، هكذا في التّهذيب ( ص : ١٤٣ ، ج : ١ ) ، والإستبصار ( ص : ٢٥٥ ، ج : ٤ ) ، والوسائل ( ص : ٣٣٠ ، ج : ٢٨ ) ، محمّد بن علىّ بن محبوب ، عن : محمد بن الحسين ، عن : محمّد بن يحيى الخزّاز ، عن : غياث بن إبراهيم ، عن : جعفر عليه‌السلام ، عن : أبيه عليه‌السلام ، عن : علىّ عليه‌السلام قال : إذا ارتدّت المرأة عن الإسلام لم تقتل ، ولكن تحبس أبدا.

٢٨

غير فطرة ، وذهب بعضهم إلى أنّها تحبس دائما مع التّوبة إن كانت عن فطرة ، وعلى تقديره فلا يعلم كونه من الإماميّة الّتي قد تدعى ضرورة مذهبهم على خلاف ذلك فضلا عن الإجماع المنقول عن لسان غير واحد من الأصحاب الّذين منهم صاحب المهذّب المنقول عنه أيضا في ذيل تلك العبارة في الرّدّ على ذلك البعض ، وهو وهم لم يقل به أحد ، ولا يدلّ عليه دليل ، بل الأخبار تدلّ على خلافه انتهى صريحا في دعوى تطابق النّصوص والفتاوى وعلى خلاف ذلك البعض الّذي قد أشعر عبارة المهذّب.

وعبارات من لم يذكر الخلاف بكونه من أهل الخلاف عند التّأمّل المعلوم لذويه بعد ملاحظة كثير من وجوه العقل والنّقل إنّه كذلك الخنثى المشكل للشّكّ في ذكوريّته المسلّط على قتله ، ودرء الحدود بالشّبهات ، وإن قام احتمال إلحاقها بحكم الرّجل لعموم نحو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بدّل دينه فاقتلوه ، خرج منه المرأة ، فيبقى الباقى داخلا في العموم واحتمال عدم إلحاقها بكلّ من حكمى الرّجل والمرأة.

ويكون الحكم عليها ما يراه الحاكم فيها غير بعيد ، سيّما على تقدير كونها قسما ثالثا ، وخصوصا بعد مصادمة الأدلّة ، واصول المذهب ، وقواعده بين إلحاقها في جميع أحكام المرأة ، وأحكام الرّجل ، إلّا أن يتحقّق الإجماع على خلافه.

فتدبّر فيما يعلم من نصوصه وإجماعاته وكثير من الوجوه إنّ إرث المرتدّ وإن كان ملّيّا لوارثه المسلم ، وإن بعد كالإمام وقرب وارثه الكافر ، كالولد واحد الأبوين.

فما في بعض النّصوص ممّا قد يتوهّم منه أنّ ميراث الملّى لورثته ، وإن

٢٩

كانوا من الكفّار ، مع شذوذه وإعراض الأصحاب عنه ، واحتماله التّقيّة ، ووجوه لا يصلح معها الاعتماد عليه في حدّ ذاته ، فضلا عن معارضتها ، لا ريب أنّه أقوى سندا وأوضح دلالة ، وأكثر عددا.

وقد شهد بصدق جملة منها العقل والنّقل ، وإن أفتى بمضمونه الصّدوق الّذي قد يحمل كلامه على نحو ما يحتمله عند التّأمّل في أمثال المقام الّذي قد يعلم من أدلّة أمثاله إنّ الوجه ما عليه الحلّى ومن تأخّر عنه من القول باختصاص المسلم بنصيبه من الإرث وإنّه لا يجب عليه بذله ، ولا شي‌ء منه للقريب الكافر صغيرا كان أو كبيرا.

وإن روى المشايخ الثّلاثة في الصّحيح المنصوب الى مالك بن أعين عن : أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن نصرانى مات ، وله ابن أخ مسلم ، وابن اخت مسلم ، وللنّصرانى أولاد وزوجة نصارى؟

فقال عليه‌السلام : أرى أن يعطى ابن أخيه المسلم ثلثى ما ترك ، ويعطى ابن اخته المسلم ثلث ما ترك إذا لم يكن (١) له ولد صغار ، فإن كان له ولد صغار ، فإنّ على الوارثين أن ينفقا على الصّغار ممّا ورثا من أبيهم حتّى يدركوا.

قلت : (٢) كيف ينفقان؟ قال عليه‌السلام : يخرج وارث الثّلاثين ثلثى النّفقة ، ويخرج وارث الثّلث ثلث النّفقة ، فإذا أدركوا قطعا (٣) النّفقة عنهم ، فإن أسلموا وهم صغار دفع ما ترك أبوهم إلى الإمام يدركوا (٤) ، فإن بقوا (٥) على الإسلام

__________________

(١) في الفقيه ، والوسائل ، والتّهذيب : إن لم يكن.

(٢) في الوسائل ، والفقيه ، والتّهذيب : قيل له : كيف ينفقان على الصّغار؟ فقال : ...

(٣) في الفقيه والوسائل : قطعوا.

(٤) في الكافى والتّهذيب : أبوهم إلى الإمام حتّى يدركوا.

(٥) في الفقيه والوسائل : أبوهم إلى الإمام حتّى يدركوا ، فأى : أتمّوا على الإسلام.

٣٠

دفع الإمام ميراثهم إليه (١) ، وإن لم يبقوا (٢) على الإسلام إذا أدركوا دفع الإمام ميراثه إلى ابن أخيه وابن اخته المسلمين ، يدفع إلى ابن أخيه ثلثى ما ترك وإلى ابن اخته ثلث ما ترك (٣).

ووصفه جماعة بالصّحّة ، واشتمل سنده على من اجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه.

واسنده في الفقيه إلى عبد الملك بن أعين أيضا.

وقيل : إنّ العمل بمضمونه مذهب أكثر القدماء مسريا بعضهم حكمه إلى ذي القرابة المسلم مطلقا وخصوصا بعد ملاحظة احتماله لوجوه قد يقضى احتمال بعضه بسقوطه في نفسه فضلا عن مقاومته لكلّ ما دلّ من نصّ وإجماع ونحوه على أنّ الولد تابع لأبويه في الكفر والإسلام ، وإنّ من أسلم من الأقارب الكفّار بعد اقتسام الورثة المسلمين لا يرث ، ونحو ذلك ممّا ينافى الحكم بمضمونه ، المنافى للأصول المقرّرة ، والقواعد الممهّدة الّتي قد يعدّ وجوب الأخذ بها ، وطرح ما خالفها من مسلّمات المذهب المعلوم من الاعتبار.

العاشرة :

ما لا يمكن قسمته ولا يحصل التّراضى عليه ، هل يرث من تجدّد

__________________

(١) في الكافى : ميراثهم إليهم.

(٢) في الفقيه والوسائل والتّهذيب : ميراثه إليهم ، وإن لم يتمّوا.

(٣) الفقيه ( ص : ١٤٣ ، ج : ٤ ) ، الوسائل ( ص : ١٩ ، ج : ٢٦ ) ، التّهذيب ( ص : ٣٦٨ ، ج : ٩ ) ، وروى الحسن بن محبوب ، عن : هشام بن سالم ، عن : عبد الملك بن أعين ، أو مالك بن أعين ، عن : جعفر عليه‌السلام : ...

الكافى ( ص : ١٤٣ ، ج : ٧ ) ، علىّ بن إبراهيم ، عن : أبيه ، ومحمّد بن يحيى ، عن : أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا ، عن : سهل بن زياد ، جميعا عن : الحسن بن محبوب ، عن : هشام بن سالم ، عن : مالك بن أعين ، عن : أبى جعفر عليه‌السلام : ...

٣١

إسلامه منه ، وجهان ، يلتفتان إلى أنّ عدم القسمة الّذي هو شرط هل هو سلب أو عدم ملكة ، فعلى الأوّل : يرث ، وعلى الثّانى : لا ، ورجّح الأوّل بأنّ القسمة مانعة ، ولم توجد ، والثّانى بانتقاله إلى الورثة قبل إسلامه ، والأصل : البقاء.

الحادية عشر :

هل يقوم بيع البعض حصّته أو هبته لها مقام القسمة ، يحتمل ذلك ، لأنّه أقوى منها ، لاقتضاء زوال الملك عن الوارث بخلافها ، ولافتقارها إلى التّراضى بخلافه ، ويحتمل إرثه ، لدخوله تحت عموم : من أسلم.

الثّانية عشر :

لو كان من صنف متعدّد ، وثمّة آخر ، مشارك فاقتسما التّركة ، ولم يقسّم صنفه شاركهم ، لأنّ الميراث الّذي له فيه حظّ هو نصيب صنفه ، وقد أسلم عليه قبل قسمته ، ولأنّه بالنّسبة إليه ككلّ التّركة ، ويحتمل العدم ، لصدق أنّ التّركة قسمت كعمّ كافر ، وللميّت أعمام وأخوال.

أمّا لو اقتسم صنفه ، فإنّه لا يشارك ، وإن لم يقتسم الآخر ، وكذا لو كان أولاد ذكور مع أبوين وفيهم ابن كافر ، فأسلم بعد أخذ الأبوين السّدسين ، والبنتين الثّلاثين لعدم زيادة نصيبهم بإسلامه ونقصه بكفره ، بخلاف ما لو خلّف ابنا كافرا مع ابنين واختين ، فأسلم بعد قسمة المال أثلاثا لزيادة نصيبهم لو كان مسلما ، لأنّه على تقديره تكون القسمة أرباعا ، فظهر إنّهم اقتسموا ما كان يأخذه بإسلامه.

وكلّما كان كذلك لم يستحقّ شيئا وإلّا لبطلت القسمة ، وهو باطل إجماعا ، فهنا لا شركة قطعا بخلافه ثمّة فالضّابط إن كلّما أثر إسلامه في زيادة

٣٢

نصيب صنفه منعه ، وكلّما ليس كذلك ففيه الوجهان.

الثّالثة عشر :

في المرتدّ ، وإن تقدّم إليه إشارة في الجملة ولكن لا بأس بذكره هنا إجمالا.

فنقول : إنّ المرتدّ عن فطرة يقتل ، وتعتدّ زوجته عدّة الوفاة ، وتقسم تركته بين ورثته بعد قضاء ديونه منها ، وإن تأخّر قتله ، لعدم وجود السّلطان ، أو لم تكن يد المستوفى مبسوطة لعموم قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من بدّل دينه فاقتلوه.

ولصحيحة محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام قال : من رغب عن دين الإسلام وكفر بما أنزل الله على محمّد بعد إسلامه فلا توبة له ووجب قتله ، وبانت امرأته منه ، ويقسّم ما ترك على ولده. (١)

ولا شكّ في جريان هذه الأحكام عليه تاب أو لم يتب ، وهل تقبل توبته باطنا ، المشهور : لا لإطلاق الأخبار ، والوجه قبولها فيما بينه وبينه تعالى ، وإلّا لزم خروجه عن التّكليف ، أو التّكليف بما لا يطاق ، وللجمع بين الأدلّة ، ومن ليس عنها يستتاب ، فإن تاب ، وإلّا قتل ، ولا تقسم أمواله ، إلّا أن يقتل إذا لم يتب ، أو يموت ، وتعتدّ زوجته عدّة الطّلاق مع الحياة ، وعدّة الوفاة لا معها ، فإن تاب في العدّة فهو أملك بها ، وإلّا لم يكن عليها سبيل.

__________________

(١) الكافى ( ص : ١٥٣ ، وص : ٢٥٦ ، ج : ٧ ) ، التّهذيب ( ص : ١٣٦ ، ج : ١٠ ) ، الوسائل ( ص : ٣٢٤ ، ج : ٢٨ ) ، علىّ بن إبراهيم ، عن : أبيه ، وعن : عدّة من أصحابنا ، عن : سهل بن زياد ، جميعا عن : ابن محبوب ، عن : العلاء بن رزين ، عن : محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام :

٣٣

الثّانية : القتل

قال الشّيخ الأعسم في المنظومة :

والقتل عن قتل بلا استحقاق

يمنع عن إرث بالاتّفاق

وفي الخطأ ، قد قيل : بالتّفصيل

يمنعه عن دية المقتول

واشتهر القول به ، وهو قوىّ ، لأنّ فيه الجمع بين ما روى.

وقيل : بالمنع وبالإرث ، كما كان هو المشهور بين القدماء.

إذا علمت ذلك ، فاعلم : أنّه لا يرث القاتل إرث مقتوله إذا كان عمدا ظلما ، إجماعا محقّقا ، ومحكيّا في كلام جماعة ، حدّ الاستفاضة ، مقابلة له بنقيض مقصوده.

والحكمة فيه : إنّه لو ورث لم يؤمن مستعجل الإرث أن يقتل مورّثه.

وللصّحاح المستفيضة ، ففى الصّحيح وغيره : لا ميراث للقاتل. (١)

وفي حديث آخر : من قتل قتيلا ، فإنّه لا يرث منه.

ولصحيح ابن سنان عن الصّادق عليه‌السلام بعد أن سئل عن رجل قتل امّه أيرثها؟ إن كان خطأ ورثها ، وإن كان عمدا لم يرثها. (٢)

وإذا اجتمع (٣) في القتل جماعة منعوا ، وإذا كان بحقّ كالقتل قصاصا ، أو

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٣٧٨ ، ج : ٩ ) ، الكافى ( ص : ١٤١ ، ج : ٧ ) ، محمّد بن يحيى ، عن : أحمد ، وعبد الله ، ابني محمّد ، عن : ابن أبى عمير ، عن : هشام بن سالم ، عن : أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ميراث للقاتل.

(٢) التّهذيب ( ص : ٣٧٩ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٣٤ ، ج : ٢٦ ) ، الصّفار ، عن : محمّد بن الحسين بن أبى الخطّاب ، عن : عبد الرحمن بن أبى نجران ، عن : عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل ...

(٣) اشترك ، خ ل.

٣٤

حدّا ، أو دفعا عن نفسه ، وجهادا للكافر ، أو الباغى ، لم يمنع إجماعا مضافا إلى صريح الخبر المنجبر ضعفه بالعمل : عن طائفتين من المؤمنين إحداهما باغية ، والاخرى عادلة ، اقتتلوا ، فقتل رجل من أهل العراق أباه ، أو ابنه ، أو أخاه ، أو حميمه ، وهو من أهل البغى ، وهو وارثه هل يرثه؟ قال : نعم ، لأنّه قتله بحقّ. (١)

ولو كان خطأ محضا فأقوال : الإرث مطلقا لانتفائه الحكمة الباعثة على نفى الإرث حيث لم يقصد القتل.

ولصحيحة عبد الله بن سنان عن الصّادق عليه‌السلام المتقدّمة آنفا ، وترك الاستفصال دليل لعموم فيما تركه ومنه الدّية.

وللموثّق في التّهذيبين ، الصّحيح في الفقيه ، وهو المروىّ عن محمّد بن قيس عن الباقر عليه‌السلام مضافا إلى عموم ما دلّ على دفع الخطأ عن الامّة ، وبه قال المفيد ، وسلّار ، والمحقّق.

والمنع كذلك لصحيحة هشام بن سالم عن الصّادق عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا ميراث للقاتل (٢) ، الشّامل لموضع النّزاع.

ولرواية فضيل بن يسار عنه عليه‌السلام قال : قال لا يرث الرّجل الرّجل إذا قتله ، وإن كان خطأ.

واجيب عن الأوّل بمنع عمومه ، وبالحمل على العمد على تسليمه للجمع.

وعن الثّانى بالحمل على المنع من الدّية لذلك ، وفيه نظر ، إذ الجميع يتوقّف على إثبات دليل من الجانبين وهو مفقود ، وبأنّها ضعيفة ومرسلة ، فلا تعارض الصّحيح ، والقائل به الحسن بن أبى عقيل ، والإرث ممّا سوى الدّية

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٣٨١ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٤١ ، ج : ٢٦ ) ، الفقيه ( ص : ٣١٩ ، ج : ٤ ) ، وروى سليمان بن داود المنقرىّ ، عن : حفص بن غياث قال : سألت جعفر بن محمّد سلام الله عليهما عن طائفتين ...

(٢) مرّ آنفا.

٣٥

واختاره أكثر الأصحاب وادّعى السّيّد المرتضى عليه الإجماع.

وقال به ابن الجنيد ، والشّيخ ، ونقله عن المفيد ، والعلّامة ، والمحقّق نصير الدّين في فرائضه ، والشّهيدان ، واستحسنه المحقّق ، لأنّه جامع بين الأخبار ، وفيه ما مرّ وبه رواية عامّية ولانتفاء المقتضى للمنع في العمد هنا.

ومنعه من الدّية لأنّها وجب على العاقلة بسببه ، فكيف يرث منها ، وهو مجرّد استبعاد ، والوجوب دفع الدّية على الوارث ، ولا شي‌ء من المورّث وللقاتل بحسب دفعه إلى الوارث.

أمّا الصّغرى فلقوله تعالى : « وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ». (١)

وأمّا الكبرى فلأنّ دفعه إلى نفسه لا يعقل ، وفيه تأمّل.

وفي إلحاق شبيه العمد به ، أو بالخطإ قولان ، ابن الجنيد والعلّامة في قواعده ، والشّهيد الثّانى على الأوّل ، لأنّه عامد في الجملة.

وسلّار ، والتّحرير ، والمختلف ، على الثّانى لكونه خاطئا كذلك ، ولعدم جريان التّعليل فيه.

وفي إلحاق : الصّبىّ ، والمجنون ، والنّائم ، والسّاقط على إنسان من غير قصد ، وسائق الدّابة وقائدها وراكبها ، بالعامد والخاطئ نظر ، ومختار التّحرير الثّانى.

ولا فرق بين المباشرة ، والتّسبيب في العمد والخطأ ، فلو شهد مع جماعة عمدا ظلما على مورثه فقتل لم يرثه وإن كان خاطئا.

وفي اشتراط استقرار الحياة إشكال ناش من كونه في حكم الميّت ومعلوميّة سبب الإرث ومن كونه قائلا ، لأنّه المفروض فيدخل تحت العموم و

__________________

(١) سورة النّساء ، الآية ٩٢.

٣٦

هو قوىّ لصحّة تصرّفاته كالوصيّة ، والإقرار ، وكونه كالميّت في الذّبح والمانع هو القتل ، ويستوى في ذلك المناسب والمسابب.

« مسائل »

الاولى :

لو لم يكن للمقتول وارث سوى القاتل ، أو هو والكافر ، فالميراث للإمام عليه‌السلام بلا خلاف في شي‌ء من ذلك ، ولا إشكال ، فإنّ القاتل الممنوع من الإرث كالمعدوم ، ويرثه من عداه من مراتب الوارث على التّرتيب.

هذا مضافا إلى الصّحيحين الدّالّين على بعض من ذلك.

في أحدهما : لا يرث الرّجل إذا قتل ولده أو والده ، ولكن يكون الميراث لورثة القاتل.

وفي الثّانى : رجل قتل أباه ، قال : لا يرثه وإن كان للقاتل ولد ورث الجدّ المقتول.

وفي الصّحيح : في الرّجل يقتل وليس له ولىّ إلّا الإمام ، قال : فله المطالبة بالقود أو الدّية مع الرّاضى ، فهل له العفو؟ ذهب ابن إدريس إليه كغيره من الأولياء ، بل هو الأولى.

والمشهور العدم ، لصحيحة أبى ولّاد عن الصّادق عليه‌السلام في الرّجل يقتل وليس له ولىّ إلّا الإمام إنّه ليس للإمام أن يعفو ، وله أن يقتل ، أو يأخذ الدّية ، فإن أسلم الكافر فعلى ما قيل من الخلاف.

الثّانية :

إنّ دية المقتول على حكم ما له تقضى منها ديونه ، وتنفذ وصاياه مع الخطأ والصّلح في العمد على الأشهر للنّصّ ، وكان الدّية عوض النّفس ،

٣٧

فصرفها في مصالحها ، أولى ومن أهمّ مصالحها وفاء ديونه ووصاياه.

وقيل : إنّه لا يصرف في الدّين شي‌ء منها ، لتأخّر استحقاقها عن الحياة ، والدّين متعلّق بالذّمّة حال الحياة ، وهذه بعدها ، والميّت لا يملك بعد وفاته ، وهو شاذّ.

وقيل : بالفرق بين الدّيتين ، لأنّ العمد إنّما يوجب القصاص وهو حقّ الوارث ، فإذا رضى الدّية كانت عوضا عن حقّه.

والمشهور نقلا وتحصيلا إنّه لو قتل مورّثه خطأ منع من الدّية خاصّة أيضا ، ولعلّه هو الأقوى بعد دعوى الإجماع عليه من السّيد المرتضى ، وابن زهرة ، والحلّى ، وكونه هو الجامع بين النّصوص المختلفة ، مع قصور ما دلّ منها على إرث الخاطئ عن الدّلالة على إرثه المأخوذة منه ، لاختصاصه بحكم التّبادر بإرث ما عداها من التّركة ، مضافا إلى النّصّ في بعض النّصوص على منع إرث القاتل من الدّية. (١)

كقول الباقر عليه‌السلام في صحيح محمّد بن قيس : المرأة ترث من دية زوجها ويرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه. (٢)

ونحوه الموثّق وغيره. (٣)

وفي بعضها على المنع من الدّية مطلقا.

كقول أبى جعفر عليه‌السلام في خبر السّكونى : إنّ عليّا عليه‌السلام كان لا يرث المرأة

__________________

(١) كما ترى في الصّفحة : ٣٤ ، تحت الرّقم : ١.

(٢) الكافى ( ص ١٤١ ، ج : ٧ ).

(٣) الفقيه ( ص : ٣١٨ ، ج : ٤ ) ، الوسائل ( ص : ٣٨ ، ج : ٢٦ ) ، وروى النّضر بن سويد ، عن : القاسم بن سليمان ، عن : عبيد بن زرارة ، عن : أبى عبد الله عليه‌السلام قال : للمرأة من دية زوجها ، وللرّجل من دية امرأته ، ما لم يقتل أحدهما صاحبه.

٣٨

من دية زوجها ولا يورث الرّجل من دية امرأته شيئا ، ولا الإخوة من الامّ من الدّية شيئا. (١)

وصحيح الحذّاء قال : سئلت أبا جعفر عليه‌السلام عن امرأة شربت دواء (٢) وهى حامل ، ولم يعلم (٣) بذلك زوجها ، فألقت ولدها؟ قال : فقال عليه‌السلام : إن كان له عظم وقد نبت عليه لحم ، عليها دية تسلّمها إلى أبيه ، وإن كان حين طرحته علقة (٤) ، أو مضغة ، فإنّ عليها أربعين دينارا (٥) تؤدّيها إلى أبيه ، قلت له : فهي لا ترث ولدها من ديته مع أبيه؟ قال عليه‌السلام : لا ، لأنّها قتلته. (٦)

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يتوارث أهل ملّتين بشي‌ء وترث المرأة من مال زوجها ومن ديته ، ويرث الرّجل من مالها ومن ديتها ، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدا فلا يرث من ماله ولا من ديته ، وإن قتله خطأ ورثت من ماله ولا ترث من ديته.

إذ هو كما ترى مع صراحته بالتّفصيل المشهور معتضد بالعواضد على وجه قد لا يصلح معه المناقشة في سند أو دلالة ، سيّما بعد ملاحظة الإجماع على عدم الفرق بين الزّوجين وغيرهما ، وخصوصا بعد ملاحظة الاعتبار.

وكلّ ما دلّ من كتاب وسنّة على وجوب التّسليم المرأة إلى أهله القاضى بعدم وجوب تسليمها إليهم الإرث منها عند التّأمّل في أمثال المقام الّذي قد اختلف الأحزاب فيه في إلحاق شبه العمد به أو بالخطإ المحض ، أو التّفصيل

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٣٨٠ ، ج : ٩ ).

(٢) في الفقيه ، والوسائل : دواء وعمدا.

(٣) في الفقيه ، ولم تعلم.

(٤) في التّهذيب : وإن كان جنينا علقة.

(٥) في الكافى والفقيه والتّهذيب : دينارا ، أو غرّة ، وهى بالضّمّ : العبد والأمة.

(٦) الكافى ( ص : ١٤١ ، ج : ٧ ) ، الفقيه ( ص : ٣١٩ ، ج : ٤ ) ، التّهذيب ( ص : ٣٧٩ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٣٢ ، ج : ٢٦ ) ، وفيهم لأنّها قتلته فلا ترثه.

٣٩

بين السّبب الممنوع منه ، فالأوّل ، وغير الممنوع منه فالثّانى ، على أقوال ، قد يكون أوسطها الوسط الموافق للعموم أدلّة الإرث.

وكلّ ما دلّ على عدم منع الخاطئ مطلقا أو فيما عدا الدّية بعد الجزم بصدق كونه قد كان خاطئا وغير متعمّد بالقتل ، وإن كان معتمّدا في الجملة مع أنّه لا يجرى ما ذكر من التّعليل بمقابلته لنقيض مقصوده.

فتدبّر فيما يعلم من ملاحظته إنّه لا فرق بين الصّبىّ ، والمجنون ، والنّائم ، ونحوه ، وإن كان الأظهر إلحاق ذلك بالخاطئ ولا بين المباشر ، والسّبب ، ولعلّه وفاق نقلا وتحصيلا ، كالقول بعدم الفرق بين القاتل والمشارك لغيره فيه ، وفي النّاظر ، والممسك له ، إشكال لا يخلو منه المنع من إرث من قتل مورّثه ، وهو غير مستقرّ الحياة ، ومن إرث الشّاهد مع جماعة عليه بما يوجب القتل ظلما ، فقتل لذلك فليتأمّل.

الثّالثة :

يرث دية المقتول سواء وجبت أصالة كالخطإ وشبهه ، أو صلحا كالعمد كلّ مناسب للمقتول ، جمع مضاف ، ولا خلاف فيه إلّا من الخلاف ، الّذي منع المتقرّب بأحد الأبوين خاصّة منها ، ولا ريب بشذوذه ، وعدم وضوح مستنده ، سوى ما يظهر من الضّميرى استنادا برواية ولم أقف عليها ، ولا نقله غيره ، فهي مرسلة لا تصلح سندا في ذاتها ، فضلا عن مقاومة عموم الكتاب والسّنّة والإجماع الّذي قد يكون منقولا متواترا ، كالنّصوص بعد انضمام العموم إلى الخصوص.

وفي إرث المتقرّب بالامّ خاصّة ، لها قولان ، أشهرها المنع المنفى عنه الخلاف في كلام الحلّى كما في الخلاف الإجماع عليه ، وهو الحجّة ، مضافا

٤٠