إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

الشيخ علي الغروي العلي ياري

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

المؤلف:

الشيخ علي الغروي العلي ياري


الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠

الاجتماع الرّباعى

وأمّا الاجتماع الرّباعى :

فصورته ثمانية عشر ، لأنّ اجتماع الأربعة كلّهم ، أى : الأب ، والامّ ، والابن ، والبنت ، صورة واحدة ، ومع وجود الزّوج بدّل واحد من الأربع ، يحصل أربع صور اخر ، ومع وجود الزّوجة هكذا تحصل أربع صورة اخر ، فهذه صور تسع.

وإذا لا حظت البنتين مع صور الاجتماع الثّنائى ، وهى تسع ، تحصل صور تسع اخر ، وكون صور الثّنائى تسعا يظهر ممّا عرفت في جدوله.

ونقول هنا أيضا إنّ مع ملاحظة البنتين لا تلاحظ البنت الواحدة لما عرفت من انّ الزّائدة على الاثنتين لا يحسب على حدة ، فيبقى حينئذ أب وأمّ وابن وزوج وزوجة والاحتمالات الثّنائية بين هذه الخمسة عشرة ، إذ الأوّل مع كلّ من الأربعة الآخر أربعة.

والثّانى مع الثّلاثة الآخر ثلاثة.

والثّالث مع كلّ من الاثنين الآخرين اثنان ، ولا يلاحظ اجتماع

٢٠١

الآخرين للامتناع ، وإذا لاحظت البنتان مع هذه الثّنائيات التّسع تحصل تسع صور رباعيّات ومع التّسع الأوّل تصير ثمانية عشر صورة ، فإذا اجتمع في هذه المرتبة ورّاث أربعة كانوا واحدة من هذه الصّورة فاطلبهم من الجدول الرّباعى واعرف سهامهم ممّا رسمنا فيه ، والجدول المسطور هو هذا :

٢٠٢

٢٠٣

الاجتماع الخماسى

وأمّا الاجتماع الخماسى ، فصوره تسع ، لأنّ الاجتماع الأربعة المذكورين وهم الأب والامّ والبنت مع الزّوج ، يكون صورة ومع الزّوجة صورة ثمانية.

ثمّ إذا لو حظت البنتان مع صور الاجتماع الثّلاثى الّتي لم يكن فيها بنت ولا بنتان وهى سبع يحصل سبع صور آخر ، كما يعلم من الجدول الثّلاثى السّابق ، فإنّ الخالى من البنت والبنتين من بيوت ذلك الجدول ، لا يكون إلّا سبعة ، وإن شئت فعل ، إنّ بعد إسقاط البنت من الأربعة يبقى أب وأمّ وابن ، وهذه صورة واحدة ثلاثية.

وإذا كان زوج بدل واحد من الثّلاثة المذكورين يحصل ثلاث صور اخر ثلاثية أو زوجة فيحصل ثلاث اخر ، فلا يزيد الصّور الثّلاثية الخالية عن البنت والبنتين عن سبع ومع ملاحظة البنتين معها تصير هذه السّبع خماسيّا مع الصورتين الأوّلين يبلغ تسعا.

فإذا كان الوارث خمسة فاطلبهم في أحد البيوت التّسعة من الجدول الخماسى واعرف سهامهم منه.

والجدول هو هذا :

٢٠٤

جدول الاجتماع الخماسى وله تسع صور وهى هذا :

٢٠٥

الاجتماع السّداسيّ

وأمّا الاجتماع السّداسيّ :

فله صورتان لا غير ، إذ أهل هذه المرتبة لا يزيدون عن خمسة : الأب ، والامّ ، والابن ، والبنتان.

وإنّما تصيرون ستّة بدخول الزّوج وهذه صورة أو بدخول الزّوجة وهذه اخر سهام كلّ من السّتّة في الصّورتين ما رسم في هذا الجدول في البيتين.

جدول الاجتماع السّداسيّ وله صورتان :

٢٠٦

أولاد الأولاد

الرّابعة : في أولاد الأولاد

وقد عرفت انّ الطّبقة العليا من الأولاد تحجب الطّبقة السّفلى فما دام للميّت ولد ولو بنت لا يرث ولد الولد ، وإن كان ابن ابن ، بل أولاد الأولاد ، إنّما يرثون بشرط فقد أولاد جميعا بل بشرط فقد الأبوين أيضا على قول تقدّم مع ضعفه.

وحينئذ فنقول : هل هذه الطّبقة السّفلى حكمهم حكم الطّبقة العليا كما عن جمع منهم السّيّد المرتضى رضى الله عنه فيكون كيفيّة تقسيم المال بينهم كما لو كانوا هم الأولاد بلا واسطة فلو كان ابنان البنت وبنتان الابن ، كان حكمهم حكم ما لو كان للميّت ابنان وبنتان ، فيأخذون كلّ المال مع عدم وارث آخر ، ويقتسمونه للذّكر مثل حظّ الأنثيين ومع وجود وارث آخر من أب أو زوج أو غيرهما ، يأخذون سهمهم ويقتسمونه كما ذكر أو لا يكون كذلك بل يأخذون نصيب من يتقرّبون به ، أى : نصيب أبيهم الّذي هو

٢٠٧

ابن الميّت وامّهم الّتي هى بنته.

ففى المثال المذكور مع عدم وارث آخر يأخذ الابنان ثلث التّركة الّذي هو سهم امّهما ، والبنتان ثلثيها اللّذين هما سهم أبيهما ، ومع وجود وارث آخر فكذلك أيضا بمعنى أنّ كلّ ما هو نصيب الامّ على فرض حياتها وهى بنت الميّت يأخذه الابنان ، وما هو نصيب الأب كذلك وهو ابن الميّت يأخذه البنتان الأشهر الثّانى ، وهو الأظهر (١) أيضا ، لظواهر المعتبرة المؤيّدة بنقل الإجماع كما أنّ الأشهر الأظهر إنّهم يقتسمون سهم امّهم أو أبيهم بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، لصدق الأولاد في قوله تعالى : « يوصيكم الله في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين » (٢) على أولاد الابن والبنت جميعا مضافا إلى نقل الإجماعات أيضا والقول باقتسام أولاد البنت نصيبهم بالسّوية مطلقا لتقرّبهم بالانثى كما عن القاضى ضعيف.

إذا عرفت ما بيّناها فعليك أن تعرف اوّلا سهام آبائهم أو امّهاتهم لو كانوا موجودين في حال اجتماعهم مع غيرهم وحال انفرادهم على التّفصيل الّذي قدّمناه ، ثمّ يقسم كلّ على أولاده بالسّوية إن اتّفقوا على الذّكورة والانوثة ، وللذّكر مثل حظّ الأنثيين إن اختلفوا.

فلو كان للميّت أب أو زوج وعشرة أولاد من الطّبقة السّفلى ، وكان هذه العشرة من بنتين وابن بأن يكون ثلاثة أبناء من بنت وأربعة مختلفة بالذّكورة والانوثة من بنت اخرى وثلاثة مختلفة من ابن ، فاطلب حينئذ

__________________

(١) ويتفرّع على الخلاف المرتضى رحمه‌الله فروع كثيرة ، ومنها : أنّ الوارث لو كان ولد البنت مع الأبوين يردّ الفاضل عن فرائضهم على ولد البنت أيضا ، وإن كان ذكرا على المشهور ، وعلى قول المرتضى رحمه‌الله لا ردّ ـ عنه.

(٢) سورة النّساء ، الآية ١١.

٢٠٨

سهم البنتين والابن إذا اجتمعوا مع الأب والزّوج من الجدول الخماسى المتقدّم ، ثمّ اقسم سهم إحدى البنتين على أبنائهما الثّلاثة بالسّويّة وسهم البنت الاخرى على أولادها الأربعة للذّكر مثل حظّ الأنثيين وسهم الابن على أولاده الثّلاثة أيضا هذه هكذا.

وقس على ما ذكرناه جميع ما يردّ عليك من الصّور ، ولا نطيل أيضا في المقام إذ عدد الأولاد في اىّ طبقة كانوا لا يندرج تحت ضبط ، وإنّما الضّابط في نفس الأولاد ما ذكرناه سابقا وفي أولادهم ما بيّناه آنفا من انّك تلاحظ آبائهم وامّهاتهم وتقسيم سهامهم الّتي تعرف ممّا مرّ تفصيلا على أولادهم بالسّويّة إن تساووا في الذّكورة والانوثة وبالاختلاف إن اختلفوا.

وقس على ما ذكرناه حال الطّبقة الثّالثة عند فقد الأولى والثّانية ، فلو كان للميّت وارثان احدهما هند وهى بنت بنت ابنه ، وثانيهما زيد وهو ابن ابن بنته ، كان لهند ثلثان من التّركة هما سهم امّها على تقدير حياتها الّذي كان سهم ابن الميّت ، كذلك لزيد الثّلث للباقى هو سهم ابنه الّذي هو سهم بنت الميّت كذلك.

وعليك بالتّأمل التّام في أمثال المقام لئلا يحصل الاشتباه ، والله حفيظ عليك.

٢٠٩

الحبوة

الخامسة : في بيان الحبوة

يقال : حبوت الرّجل حباء بالكسر ، والمدّ اعطيته الشّي‌ء بغير عوض ، والاسم الحبوة بالضّمّ ومنه بيع المحاباة وهو أن تبيع الشّي‌ء بدون ثمن مثله ، فالزّائد من قيمة المبيع عن الثّمن عطيّة ، يقال : حابيته في البيع محاباة ، ويقال : أيضا حبا فلانا حبوا وحبوة ، أعطاه بلا اجرة وثمن.

وفي الاقيانوس : الحبوة بحركات الحاء.

قال شيخنا الأعسم رحمة الله عليه :

يحبى وجوبا أكبر الذّكور

أشياء من أبيه في المشهور

ما كان من ثيابه فالمصحف

والسّيف والخاتم ان لم يحجف

وعنه يقضى ما لعذر فاته

صيامه المفروض أو صلاته

وقيل في الحبوة أقوال آخر

وأظهر الأقوال فيها ما اشتهر

إذا علمت ذلك ، فاعلم : أنّه يحبى الولد الأكبر ، يعنى أكبر الذّكور إن تعدّدوا ، وإلّا فالذّكر خاصّة ، من تركة أبيه زيادة على غيره من الورثة ،

٢١٠

بثيابه ، وخاتمه ، وسيفه ، ومصحفه ، بالإجماع المنقول صريحا على لسان غير واحد وظاهرا كالصّحيح على لسان كثير من الأصحاب المصرّح في كلام بعضهم يكون ذلك من ضروريّات المذهب الّذي لا يشكّ في تحقّق ضرورته نقلا محصلا على أصل الحبا الّذي لا ريب انّه من متفرّدات الإماميّة.

ومصرّح به في نصوصهم الّتي قد يدعى القطع بتواترها فضلا عن استفاضتها واعتبارها سندا ودلالة ، ولو بمعونة ضمّ بعضها إلى بعض ، والوسائط الّتي قد يكون منها الإجماع على عدم الفصل ، وتنقيح المناط القطعى ، والفحوى ، ونحو ذلك ممّا يعلم منه وجه الاستناد في الأربعة المزبورة إلى كلّ نصّ وإجماع منقول قد ذكر فيه بعضها مضافا إلى ذكرها باجمعها في معاقد بعض الإجماعات ومتون النّصوص المصرّح في كلام بعض اعلام يكون الأربعة المشار إليها مذكورة في بعضها الّذي قد يراد به مثل ما عن رسالة المفيد الصّريح يورد الخبر بذلك عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته سلام الله عليهم حيث قال فيها بعد ذكر الأربعة خصّه الله بذلك على لسان نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي سنّة على وجه قد يشعر بتواتر ما ورد فيها عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن أهل بيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضلا عن وورود الخبر بها.

وما في صحيح ربعى بن عبد الله عن الصّادق عليه‌السلام إذا مات الرّجل فسيفه ومصحفه وخاتمه وكتبه ورحله (١) وكسوته لأكبر ولده فإن كان الأكبر ابنه (٢) فللأكبر من الذّكور (٣).

__________________

(١) في التّهذيب والكافى : ورحله وراحلته.

(٢) في التّهذيب ( ص : ٢٧٦ ، ج : ٩ ) : بنتا.

(٣) الكافى ( ص : ٨٦ ، ج : ٧ ) ، الوسائل ( ص : ٩٧ ، ج : ٢٦ ) ، الإستبصار ( ص : ١٤٤ ، ج : ٤ ) ، الفقيه ( ص : ٢٥١ ، ج : ٤ ) ، إلّا أنّه أسقط : وراحلته.

٢١١

ورواه في الكافى والتّهذيب بزيادة : الرّاحلة.

وفي خبر آخر صحيح له أيضا : سيفه ، ومصحفه ، وخاتمه ، ودرعه (١).

وكذا في صحيح حريز عن الصّادق عليه‌السلام ضرورة انّه لا يراد بالدّرع فيهما غير ما صرّح به بعض الأعلام ، ويظهر من غير واحد من كونه الثّوب أو القميص اللّذين يظهر اشتراك الدّرع بينهما وبين الحديد لغة ، واختصاصه فيهما هنا لوجوه.

منها : فهم الأصحاب ، وكثرة إطلاقه على القميص في النّصوص والفتاوى.

وفي خبر : السّيف والسّلاح.

وكذا في مرسل ابن اذينة (٢).

وفي خبر العقرقوفى : السّيف ، والرّحل ، والثياب ، ثياب الجلد (٣).

وكذا في خبر أبى بصير وفي خبره الآخر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : كم من إنسان له حقّ لا يعلم به ، قلت : وما ذاك أصلحك الله؟

قال عليه‌السلام : إنّ صاحبى الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به ، أمّا أنّه لم يكن بذهب ولا فضّة ، قلت : وما كان؟ قال عليه‌السلام : كان علما ، قلت : فأيّهما

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٢٧٥ ، ج : ٩ ) ، الإستبصار ( ص : ١٤٤ ، ج : ٤ ) ، وسائل الشّيعة ( ص : ٩٨ ، ج : ٢٦ ) ، الكافى ( ص : ٨٦ ، ج : ٧ ).

(٢) علىّ بن إبراهيم ، عن : أبيه ، عن ابن أبى عمير ، عن : ابن اذينة ، عن : بعض أصحابه ، عن أحدهما سلام الله عليهما : إنّ الرّجل إذا ترك سيفا وسلاحا فهو لابنه ، فإن كان له بنون ، فهو لأكبرهم ، الكافى ( ص : ٨٥ ، ج : ٧ ).

(٣) علىّ بن الحسن بن فضّال ، عن : أحمد بن الحسن ، عن : أبيه ، عن : حمّاد بن عيسى ، عن : شعيب العقرقوفى قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرّجل يموت ، ما له من متاع بيته؟ قال عليه‌السلام : السّيف ، وقال عليه‌السلام : الميّت إذا مات فإنّ لابنه السّيف ، والرّحل ، والثّياب : ثياب جلده ، التّهذيب ( ص : ٢٧٦ ، ج : ٩ ) ، الإستبصار ( ص : ١٤٥ ، ج : ٤ ).

٢١٢

أحق به؟ قال عليه‌السلام : الكبير ، كذلك نحن نقول (١).

ونحوه في بعض المعتبرة عن أبى الحسن الرّضا عليه‌السلام ولكن من دون لفظ أحق ، بل في ذيله بعد بيان العلم المكتوب فيه ، فقال له حسين بن أسباط : فإلى من صار إلى أكبرهما؟ قال : نعم (٢).

وظاهرهما كالصّحيح الاوّل دخول سائر الكتب في الحبوة ويمكن تعميم المصحف في غيرها بها لكنّه خلاف الظّاهر لمكان تبادر القرآن المجيد منه لا مطلق الكتب المنافى عطفها في الصّحيح عليه لذلك الّذي لا ريب بمخالفة الأصل والاعتبار ومعظم الأصحاب المصرّح في كلام بعض أفاضلهم بعدم العثور على من زاد في العدد المزبور سوى ظاهر الفقيه.

والكاتب الّذي زاد السّلاح الّذي قد ذكر في غير واحد من النّصوص معطوفا على السّيف ولا بأس به.

وفي كلّ ما قد ذكر في النّصوص من مثل : الرّحل ، والرّاحلة ، والكتب ، لو لا مخالفة الإجماع الظّاهر ، نقلا على لسان غير واحد ، وتحصيلا واصول المذهب ، وقواعده وعموم أدلّة الإرث ونحو ذلك ممّا يقضى بوجوب الاقتصار على المتيقّن وليس إلّا الأربعة المزبورة الّتي لا وجه للاقتصار على ما عدا الثّياب منها ولا عدا الخاتم.

وإن صدر الأوّل من سيّدى الانتصار والغنية ، والثّانى من شيخ الخلاف ، كما لا وجه للمتأمّل في دليلها.

وإن صدر من مثل ثانى الشّهيدين في مسالكه الّتي قد ورد فيها مدّعى

__________________

(١) التّهذيب ( ص : ٢٧٦ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٩٩ ، ج : ٢٦ ) ، الإستبصار ( ص : ١٤٤ ، ج : ٤ ).

(٢) التّهذيب ( ص : ٢٧٦ ، ج : ٩ ) ، الوسائل ( ص : ٩٩ ، ج : ٢٦ ).

٢١٣

الإجماع بانّه لا بدّله من مستند من الأخبار الّتي قد زعم انّها غير مذكورة في رواية منها بخصوصها.

وخصوصا بعد ملاحظة ما أشرنا إليه في مثل المقام الّذي قد لا يشكّ في ظهور النّصوص المتضافرة المعتبرة بكون الإجماع فيه على سبيل الوجوب والاستحقاق من غير عوض سيّما المصرّح به منها بكونه حقّا وأحقّ به.

وما سمعته من المفيد من كونه قد خصّه به الله على لسان نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي سنّته خصوصا بعد ملاحظة الاعتبار ولزوم خلافه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولو في بعضها وظهور كونها في مقابلة ما يحجب عليه من صلاة وصيام ونحوه والشّهرة المنقولة مستفيضا والإجماع المنقول صريحا عن جملة.

منها رسالة المفيد والمبسوط والخلاف والسّرائر والانتصار وظاهرا كالصّريح على لسان غير واحد على ذلك الّذي قد يكون من مسلّمات الصّدر الأوّل وصريحا من جميع النّصوص ، ولو بمعونة الوسائط المشار إلى طرف منها.

فالقول بالاستحبآب بمكان من الضّعف كالقول بدفعه بالعوض.

وأن قال بالأوّل جمع منهم ابن زهرة والمحقّق الطّوسى والفاضل في المختلف.

وبالثّانى قال أبو على وغيره ، واستندوا إلى ما لا يصلح سندا من مثل الأصل الّذي قد يمنع ويعارض بمثله ولزوم الإجحاف الّذي لا يرتاب أحد في منعه وسقوط الاستناد إليه ، ولو على تقدير فرضه وإجماع الغنية الّذي قد سمعت أنّه مقلوب عليه ، وعموم أدلّة الإرث الّذي لا يرتاب ذو مسكنة في سقوط الاستناد إلى عموم أدلّته في مثل المقام بمجرّد عروض الشّكّ في تناوله له فضلا عن النّصوص المتضافرة الّتي لا ريب إنّها أخصّ منه وأقوى كالإجماعات المشار إليها من وجوه قد لا يحصى.

٢١٤

ويعلم من ملاحظتها أنّ ما ذكر في تقوية عموم الإرث من إختلاف المعارض في مقدار ما يحبى به واشتمال بعض نصوصه على ما أعرض عنه الأصحاب من مثل السّلاح والكتب والرّحل والرّاحلة وعدم وجود الأربعة المتّفق عليها مجتمعة في نصّ بالخصوص ساقط عن درجة الاعتبار.

سيّما بعد ملاحظة ما أشرنا إلى أمثاله من أنّ مطلق الاختلاف لا يكون قرينة على الاستحباب وان اشتمال الخبر على ما لا يقول به أحد لا يقضى بعدم الاستناد إليه فيما عداه كالعموم المخصوص والإطلاق المقيّد.

وإنّ الأربعة المزبورة مذكورة في جملة من الصّحاح وغيرها وخصوصا بعد الحكم بما صرّح به بعضهم.

ويقضى به التّسامح في أدلّة السّنن والوجوه الّتي يطول الكتاب بذكرها.

ولا يأباه كلام الأصحاب من القول بالوجوب في خصوص الأربعة ، والاستحباب فيما عداها ، وقيل بالاستحباب فيها أيضا.

كما قال شيخنا الحرّ العاملى رحمة الله عليه :

والولد الأكبر حتما يحبى

من مال ميّت وقيل ندبا

ثيابه وسيفه والمصحفا

وخاتما إن غير هذا خلّفا

واختلفوا فرأى بعض العلماء

في هذه الأشياء إن اتّقوما

عليه من ميراثه المعلوم

وقيل بل يحبى بلا تقويم

فيأخذ المذكور من غير عوض

لكنّه يقضى الصّيام المفترض

عنه ويقضى أيضا الصّلاتا

إذ العذر لا لعمد فاتا

وممّا قد ذكر في النّصوص الّتي يكون استعمال ما اشتمل منها على شي‌ء من الأربعة وغيرها حينئذ من باب عموم المجاز المشهور في الكتاب العزيز ،

٢١٥

والسّنّة المتواترة ، وكلام الأصحاب ، والقرينة ما أشرنا إليه ممّا يقضى بعضه في إخراج اللّفظ عن ظاهره.

فتدبّر فيما يعلم من ادلّته احباء جميع الثّياب الّتي قد كان يلبسها ، أو أعدّها للّبس ، وإن لم يكن لبسها كما صرّح بذلك الأكثر.

وقصرها أبو الصّلاح على خصوص الثّياب الّتي يصلّى فيها.

وأبو على وأبو عبد الله على خصوص ما يعتاد لبسه يديمه منها ، مدّعيا عليه الإجماع في السّرائر ، ولعلّ هو الأقوى.

كالقول بكون الثّوب إذا كان من لبد أو جلود كالفراء ونحوها منه ، لدخوله في الكسوة والثّياب الواردة في النّصوص الّتي لا يشمل ما ورد فيها بالثّياب لمثل شدّ الوسط والخفّ وما في معناه ، وإن شمله ما ورد منها في اللّباس الّذي لا ريب بشموله كالثّياب لمثل العمامة والقلنسوة والسّراويل ، المصرّح في كلام بعض الأعلام بدعوى الشّهرة على كونه من الثّياب ، وإن توهّم عدم تناول الكسوة لمثل العمامة للإجماع على تقييداته الكفّارة الّتي تضمّنت الكسوة بما عداها وهو قريب كالقول بانّ الموجود في الأخبار ثياب البدن الّذي ليس منه الرّأس مع أنّا لم نجد خبرا بذلك بل الموجود فيها ثياب الجلد الّذي لا ريب بشموله الرّأس لغة وعرفا كالبدن الّذي قد توهّم الفيروزآبادى خروج الرّأس منه كغيره.

وفي احباء الثّياب الّتي حرم لبسها في الإحرام كالحرير إشكال من عدم انصرافها ، وصدق الثّياب عليها ، وفي وجوب إعطاء المتعدّد من المصحف والسّيف والخاتم مطلقا أو عدمه مطلقا ، أو إعطاء واحد والخيار بيده أو يد الوارث أو القرعة مع التّنازع مطلقا أو في خصوص ما لم تغلب نسبته إليه منهما وجوه أقربها الأخير ، لكن الخيار فيما لو تساوت النّسبة فيها ، والاعتياد إلى الوارث

٢١٦

الّذي لا يرتاب أحد في أنّ ذلك كرامة له ، ولا صارف له عمّا يتخيّره شرعا دون المحبو ، كالوصيّة.

بل ربما يدّعى أنّ ذلك هو المستفاد من الأدلّة وفتاوى الأصحاب المصرّح في كلام الحلّى منهم بدعوى الإجماع على أخذه ما كان يغلب نسبته إليه بأن كان يعتاد قراءته ولبسه ولعلّه كذلك مع احتمال خروجه عن محلّ النّزاع الّذي قد يكون

مختصّا في المتعدّد الّذي قد تساوت نسبته إليه.

وفي دخول حلية السّيف ، وجفنه ، وسيوره ، وبيت المصحف وجهان من تبعيّتها لهما عرفا ، وانتفائها عنهما حقيقة ، والأقوى في الرّوضة دخولها ، وهو الوجه المستفاد من النّصوص وفتاوى الأصحاب ، والعمل المستمرّ في سائر الأعصار ، والأمصار ، ولا يشترط بلوغ الولد لإطلاق النّصوص ومعاقد الإجماعات وعدم ظهور الملازمة بين الحبوة والقضاء الّذي لو كان عدم فعله مانعا لمنع من دفعها إلى غير العدل ، والمعلوم خلافه وخلاف ما قد يظهر من جمع منهم : الحلّى ، القول بعدم إحباء غير البالغ.

نعم ؛ يشترط انفصاله حيّا لعدم صدق الولد على السّقط الّذي قد مات أبوه ، وهو في بطن امّه ، وإن كان حيّا ولم يسقط ميّتا لغة وعرفا وشرعا وارثه بعد انفصاله حيّا ، لدليل لا يقضى بذلك مع أنّه قياس مع الفارق عند التّامّل الّذي قد يعلم ذووه ما لعلّه وفاق نصّا وفتوى ، وإن لم اجد من صرّح به من اشتراط كونه غير مملوك ولا كافر ولا قاتل ، سيّما بعد ملاحظة كونها نوعا من الإرث الممنوع منه أمثال ذلك مع أنّه غير متبادر من نصوص الحبوة المستفاد من نصوصها انّها قد شرعت بإزاء القضاء الّذي لا يتصوّر من الكافر كما لا يتصوّر تفضيل القاتل ، والعبد الّذي لا يتصوّر أحباؤه على وجه التّمليك ، إلّا إذا كان بعضه حرّا ، فإنّه يحبى بنسبة الحرّيّة ، ولعلّه هو المشهور من عدم

٢١٧

اشتراط انتفاء قصور نصيب كلّ وارث عن قدرها وزيادتها عن الثلث ، بعد ملاحظة الأصل ، وعموم الادلّة.

وفي اشتراط خلوّ الميّت عن الدّين ، وإن لم يكن مستغرقا للتّركة ، وجهان من انتفاء الإرث على تقدير الاستغراق وتوزيع الدّين على جميع التّركة الّتي منها الحبوة الّتي قد لا يشكّ في كونها نوعا من الإرث ، فيخصّها منه شي‌ء وتبطل بنسبته.

ومن إطلاق النّصوص والفتاوى ، والقول بانتقال التّركة إلى الوارث الّذي منه المحبوّ وإن لزمه ما قابلها من الدّين إن أراد فكّها ويلزم على المنع من مقابل الدّين إن لم يفكّه المنع من مقابل الوصيّة النّافذة إذا لم يكن بعين مخصوصة خارجة عنها ، ومن مقابل الكفن الواجب وما في معناه لعين ما ذكر.

ويبعد ذلك كما في الرّوضة باطلاق النّصّ والفتوى بثبوتها مع عدم انفكاك الميّت عن ذلك غالبا ، وعن الكفن حتما والموافق للأصول الشرعيّة.

قلت : بل والعقلية والاعتبار ، والجامع بين أدلّة الحبوة ، وأدلّة ما ذكر البطلان في مقابلة ذلك كلّه إن لم يفكّه المحبوّ أو متبرّع بما يخصّه ضرورة انّ الحبوة نوع من الإرث واختصاص فيه ، والدّين ، والوصيّة ، والكفن ونحوها مخرج من أصل التّركة الّتي لا ريب أنّ نسبة الورثة إليها على السّواء.

نعم ؛ لو كانت الوصيّة بعين من أعيان التّركة خارجة عنها فلا منع ، كما لو كانت العين معدومة ، ولو كانت الوصيّة بالحبوة أو بعضها اعتبرت من الثّلث كغيرها من ضروب الإرث ، إلّا أنّها تتوقّف على إجازة المحبوّ خاصّة.

ويفهم من الدّروس أنّ الدّين الّذي لم يستغرق غير مانع ، والوجه ما أشرنا إليه من منعه بمقدار ما قابله منها كما أنّ الوجه ما استقرّ به فيها من ثبوتها فيما لو قضى الورثة الدّين من غير التّركة الّتي لو تبرّع متبرّع بقضائه

٢١٨

أو إبرائه المدين لكان الوجه ثبوتها ، وكذا الكلام فيما لو أخرج الكفن ونحوه من غير التّركة واحتمال عدم الثبوت فيما قابل الدّين أو الكفن ونحوه وإن سقط متبرّع أو ابراء ونحوه لبطلانها حين الوفاة بسبب ذلك المقابل قد عرفت ضعفه ، وانّ البطلان مراعى بعدم اسقاط ما قابله عن المحبوّ المعلوم من النّصّ والفتوى أنّه يحبى وإن كان صغيرا.

ويجب على المحبوّ قضاء ما فاته الميّت لعذر أو مطلقا ، ولو كان صغيرا إذا بلغ عاقلا ويشترط في المحبوّ أن لا يكون سفيها ولا فاسد الرّأى ، بل عن السّرائر الإجماع عليه في كلا الأمرين إن كان المراد بفاسد الرّأى الخارج عن مذهب الإماميّة كأهل الخلاف دون ما فسّره به ، نادر ، من كون المراد به فساد العقل الّذي لا ريب في كونه هو المتقن عن معقد إجماع ابن إدريس الّذي قال في الرّوضة انّه وابن حمزة قد ذكرا ذلك ، وتبعهم عليه الجماعة ، ولم نقف على مستنده على وجه كالصّريح في دعوى الإجماع عليهما وانّهما في معقد إجماع الحلّى وكفى به حجّة مضافا إلى اصول المذهب وقواعده الحاكمة به بعد انقداح الشّكّ في تناول أدلّة الحبوة لمثل ذلك ، ولو بملاحظة جريان الأخبار على الغالب ، وكونه منافيا لحكمة الحبوة الّتي قد قيل بعدم إعطائها لمن لا يصحّ منه القضاء ولو لصغر والشّهرة العظيمة والإجماع المزبور.

سيّما في الثّانى الّذي قد لا يشكّ في اشتراط نفيه إلزاما بمعتقده ، كما هو الشّأن في كثير من الأحكام.

فما في الدّروس من نسبة القول إلى قائله على وجه يشعر بتمريضه في غير محلّه ، كقوله : إنّ إطلاق النّصوص يدفعه ، فتدبّر.

وكذا يشترط أن يخلّف الميّت مالا غيرها كما عليه الإجماع المنقول صريحا عن الغنية والسّرائر ، وظاهرا عن المبسوط الّذي نسبه فيه إلى أصحابنا على

٢١٩

وجه قد يكون صريحا في دعوى الإجماع الّذي قد يدّعى تحصيله في أكثر الطّبقات مضافا إلى لزوم خلافه الإجحاف والاضرار بالورثة الّذين قد يكونون أولى منه وإلى كونه هو الموافق لأصول المذهب وقواعده ، وعموم أدلّة الإرث ، وظواهر الأخبار الّتي يجب حمل ألفاظها على الغالب ، والمتبادر إلى الأذهان ، وليس إلّا مع وجود مال معها معتدّ به في الجملة كما يشعر به لفظ الحباء الّذي قد لهجت به ألسنة الأصحاب ، وتشعر به النّصوص الّتي قد يكون ما في الرّوضة صريحا في دعوى وجود لفظ الحباء فيها بل لو لم يكن إلّا الشّكّ في تناول أدلّة الحبوة لمثله فيرجع إلى عموم أدلّة الإرث بلا معارض.

لكن : فكيف والمجمع عليه نقلا على لسان غير واحد ذلك الّذي قد يستفاد من النّصوص المقام والوجوه الّتي قد يعلم من ملاحظتها سقوط القول بسقوط الشّرط المزبور والاستناد فيه إلى إطلاق الأخبار ، فتأمّل.

ولو كان أكبر انثى اعطى الحبوة أكبر الذّكور بلا خلاف بين الأصحاب ، بل عليه الوفاق في المسالك مضافا إلى اناطة الحبوة في أكثر النّصوص المشار إليها بالأكبر من الذّكور أو بالذّكر أعمّ من أن يكون هناك انثى أكبر منه أولا.

وتصريح الصّادق عليه‌السلام بذلك في صحيح ربعى حيث قال فيه : فإن كان الأكبر الانثى فللأكبر من الذّكور.

ومقتضاه كغيره إطلاق ثبوت الحبوة بين المتعدد من أكبر الذّكور فيقسم بينهم بالسّويّة كما هو المشهور نقلا وتحصيلا ، بل كاد أن يصل إلى حدّ الإجماع الّذي قد يكون صريحا ممّن يدعى انحصار الخلاف في نهاية الشّيخ الّذي وافق الاصحاب في مبسوطه وابن حمزة والمنقول عن المهذب وليس لهم سوى معاقد يدعى من تبادر الواحد من الأكبر دون المتعدّد ، والمعلوم خلافه بعد ملاحظة الشّهرة العظيمة وندرة وجود المتعدّدين في سنّ واحد بحيث لا يزيد

٢٢٠