إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

الشيخ علي الغروي العلي ياري

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

المؤلف:

الشيخ علي الغروي العلي ياري


الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠

أطرافه ، ولمّا أحاطت به هذه القرابات ، كذا في تاج العروس.

والتّعصيب ، مصدر عصّب ، يعصّب ، تعصيبا ، فهو : عاصب.

وبالجملة : العصبة عندهم على قسمين ، لأنّهم إمّا أن يرثوا بالعصوبة فقط ، أو يرثوا بالعصوبة مرّة ، وبالفريضة اخرى.

وهم من الرّجال عشرة ، ومن النّساء سبع ، يرثون جميع المال إذا انفردوا ، والباقى من الأصحاب عند الاجتماع.

فهي على ما قيل في اللّغة مشتقّة من العصب ، وهو المنع.

وفي الاصطلاح : هم من ليس لهم سهم في كتاب الله ، وسنّة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على تقدير زيادة الفريضة عن السّهام ، إلّا مع عدم الأقرب من جهة الأب ، إمّا مطلقا ، أو خصوص الذّكور منهم ، لعموم آية : « اولوا الأرحام » ، والسنّة المستفيضة ، بل المتواترة ، بل عليه الإجماع ، وضرورة المذهب ، فضلا عن الأدلّة الّتي خالفها أهل الخلاف ، حيث ضلّوا عن طريق الرّشد على سبيل الاعتساف.

فزعموا أنّ ما فضّل عن السّهام للعصبة ، والمنسوب إليهم أنّها قسمان : عصبات نسبيّة ، وعصبات سببيّة ، وإنّ العصبات النّسبيّة ثلاثة أنواع : عصبة بنفسها ، وعصبة بغيرها ، وعصبة مع غيرها.

أمّا العصبة بنفسها : فكلّ ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميّت انثى ، فإنّ من دخلت الانثى في نسبته إليه لم يكن عصبة ، كأولاد الامّ فإنّها من ذوات الفروض ، وكأب الامّ ، وابن البنت ، فإنّهما من ذوات الأرحام ، وهم أربعة أصناف :

أوّلها : البنون ، وأبنائهم ، وإن سفلوا.

وثانيها : الآباء وآباؤهم ، وإن علوا.

وثالثها : الإخوة لأب وأمّ ، أو لأب وبنوهم.

ورابعها : أعمام الميّت لأب وبنوهم ، وأعمام أبيه لأب وبنوهم.

١٤١

الأوّل : جزء الميّت ، والثّانى : أصل الميّت ، والثّالث : جزء أبيه ، والرّابع : جزء جدّه.

وأمّا العصبة بغيرها : فهي البنات ، وبنات الابن ، والأخوات من الأبوين ، أو من الأب ، فإنّهنّ لا يرثن بالتّعصيب إلّا بالذّكور في درجتهنّ ، أو فيما دونهنّ ، ولذا لو خلف مثلا بنتين ، وبنت ابن ، كان للبنتين الثّلثان ، ولم يكن لبنت الابن شي‌ء إلّا إذا كان لها أخ ، أو كان ، هناك ابن ابن مثلا.

والعصبة مع غيرها : فالأخوات سواء لأب وأمّ ، أو لأب كانت صلبيّة بنت ، أو ابن ، وسواء كانت واحدة ، أو أكثر ، لقوله عليه‌السلام : اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة مع البنات فيما لو مات وترك اخته وابنته ، فإنّ الاخت تعصب البنت ، وترث معها دون غيرها.

ثمّ إنّه لا يحجب زوجان وأبوان ، وولد ذكرا كان أو غيره عن الإرث بأحد إجماعا.

وضابطهم : كلّ من أولى إلى الميّت بنفسه إلّا المعتق ، والمعتقة ، بل يحجب غيرهم ، فيحجب ابن ابن بابن ، سواء كان أباه ، أو عمّه ، أو ابن ابن أقرب منه.

ويحجب جدّ أبو أب وإن علا بتوسّط بينه وبين الميّت ، كالأب وأبيه.

ويحجب أخ لأبوين بأب وابن ، وابنه ، وإن نزل إجماعا.

ويحجب أخ لأب هؤلاء الثّلاثة ، وأخ لأبوين ، وباخت لأبوين معها بنت ، أو بنت ابن.

ويحجب أخ لأمّ بأب وجدّ ، وفرع وارث ، وإن نزل ذكرا كان أو غيره.

ويحجب ابن أخ لأبوين بأب ، وجدّ وأبيه ، وإن علا ، وابن وابنه ، وإن نزل ، وأخ لأبوين ، وأخ لأب ، لأنّه أقرب منه.

ويحجب ابن أخ لأب بهؤلاء السّتّة ، وابن أخ لأبوين ،

١٤٢

لأنّه أقوى منه.

ويحجب ابن ابن أخ لأبوين ، بابن أخ لأبوين ، لأنّه أقرب منه.

ويحجب عمّ لأبوين بهؤلاء السّبعة ، وابن أخ لأب كذلك.

ويحجب عمّ لأب بهؤلاء الثّمانية ، وعمّ لأبوين ، لأنّه أقوى منه.

ويحجب ابن عمّ لأبوين بهؤلاء التّسعة ، وعمّ لأب ، لأنّه أقرب منه.

ويحجب ابن عمّ لأب بهؤلاء العشرة ، وابن عمّ لأبوين ، لأنّه أقوى منه.

ويحجب ابن ابن عمّ لأبوين بابن عمّ لأب.

فإن قلت : كلّ من العمّ لأبوين ، ولأب يطلق على عمّ الميّت ، وعمّ أبيه ، وعمّ جدّه ، مع أنّ ابن عمّ الميّت ، وإن نزل يحجب عمّ أبيه ، وابن أبيه ، وإن نزل يحجب عمّ جدّه.

قلت : المراد بقرينة السّياق عمّ الميّت لا عمّ أبيه ، ولا عمّ جدّه.

ويحجب بنت ابن بابن ، أو بنتين إن لم تعصب بنحو أخ ، أو ابن عمّ ، وإن ترتّب به أخذت معه الباقى بعد ثلثى البنتين بالتّعصيب.

ويحجب جدّة لأمّ بامّ ، لأنّه تدلّى بها.

وتحجب جدّة لأب بأب ، لأنّها تدلّى به ، وأمّ بالإجماع ، ولأنّها إرثها بالامومة ، والامّ أقرب منها.

وتحجب بعدى جهة بقرباها لأمّ أمّ ، وأمّ أمّ أمّ ، وكأمّ أب ، وأمّ أمّ أب.

وتحجب بعدى جهة أب بقربى جهة أمّ كأمّ أمّ ، وأمّ أمّ أب ، كما أنّ أمّ الامّ تحجب بالامّ لا العكس ، أى لا تحجب بعدى جهة الامّ بقربى جهة الأب ، كأمّ أب ، وأمّ أمّ أمّ ، بل تشتركان في السّدس ، لأنّ الأب لا تحجب الجدّة من جهة الامّ ، فالجدّة تدلّى به أولى واخت من كلّ جهات يخرج فيما يحجب به ، فتحجب الاخت لأبوين بالأب ، والأبوين وابن الابن ، ولأب بهؤلاء ، و

١٤٣

أخ لأبوين ، ولأمّ بأب ، وجدّ وفرع وارث.

نعم ؛ الاخت لأبوين ، أو لأب لا تسقط بالفروض المستغرقة بخلاف الأخ ، كما يأخذ ممّا يأتى.

وتحجب أخوات لأب باختين لأبوين ، كما في بنات الابن مع البنات ، فإن كان معهنّ أخ عصبهنّ ، وتحجبن أيضا باخت لأبوين معها بنت ، أو بنت ابن.

ويحجب عصبة ممّن يحجب باستغراق ذوى فروض للتّركة ، كزوج ، وأمّ ، وأخ منها ، وعمّ ، فالعمّ محجوب بالاستغراق.

ويحجب من له ولاء ذكرا ، أو غيره بعصبة لنسب ، لأنّه أقوى منه والعصبة ، ويسمّى بها الواحد والجمع ، والمذكّر والمؤنّث ، كما قال المطرزى ، وغيره : من لا مقدّر له من الورثة ، ويدخل فيه من يرث بالفروض ، والتّعصيب ، كالأب والجدّ من التّعصيب ، فيرث التّركة إن لم يكن معه ذو فرض ، ولم ينتظم في صورة ذوى الأرحام بيت المال ، أو ما فضل عن الفرض إن كان معه ذو فرض ولم ينتظم في تلك الصّورة بيت المال ، وكان ذو فرض فيها أحد الزّوجين ، ويسقط عند الاستغراق إلّا إذا انقلب إلى فرض.

ثمّ اعلم ؛ أنّ ما ذكر في العصبة بطريق الإجمال ، وأمّا بطريق التّفصيل قيل : هى على قسمين ، لأنّهم إمّا أن يرثوا بالعصوبة فقط ، أو يرثوا بالعصوبة مرّة ، وبالفرضية اخرى.

أمّا الأوّل :

فالابن الواحد يأخذ المال جميعا ، لأنّه أولى بأخذ كل التّركة ، لأنّ عصبته أقوى من غيره ، والابنان فصاعدا كذلك ، وللبنت الواحدة النّصف ، وللبنتين فصاعدا الثّلثان ، ولو اجتمع البنين ، والبنات ، فالمال لهم ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) ، لقوله تعالى :

١٤٤

« يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » (١).

وأولاد الابن إذا انفردوا ولم يكن منهم أولاد الصّلب كأولاد الصّلب ، وإذا اجتمع أولاد الصّلب وأولاد الابن ، فالمال لأولاد الصّلب ، فإن كان هناك بنت واحدة ، فلها النّصف ، والباقى لأولاد الابن ، ( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ).

فعلى هذا : لو مات زيد ، فله بنت وبنت ابن ، وأخ من الأبوين ، المسألة ستّة ، ثلاثة للبنت ، وواحد لبنت الابن تكمله الثّلاثين ، والباقى ، وهو اثنان للأخ من الأبوين ، وأولاد ابن الابن مع أولاد الابن كأولاد الابن مع أولاد الصّلب.

وأمّا الثّانى :

فالأب تارة يرث بعض الفريضة على أن يكون معه ابن ابن ابن ، وتارة يرث بمحض العصوبة ، وهى إذا لم يكن معه ولد ولا ولد ابن ، وتارة اخرى بالجهتين ، اى : بالفرضيّة والعصوبة معا ، وهى أن يكون معه بنت أو بنت ابن مثال هذا الفرض إنّ أصل المسألة من ستّة للبنت ، أو بنت الابن النّصف ، وهو ثلاثة له السّدس ، وهو واحد بالفريضة ، لأنّ لفظ المذكور في الآية يشمل الذّكر والانثى ، والباقى بعد فرض البنت ، أو بنت الابن ، أعنى الاثنين للأب بالعصوبة ، وللأمّ الثّلث إذا لم يكن للميّت ولد ولا ولد ابن ، ولا اثنان من الإخوة والأخوات والسّدس إذا كان للميّت ولد ، أو ولد ابن ، أو اثنان من الإخوة والأخوات والجدّ كالأب ، إلّا أنّ الأب يسقط الإخوة والأخوات والجدّ يقاسم مع الإخوة والأخوات إذا كانوا من الأبوين أو من الأب ، وإلّا أنّ الأب يسقط أمّ نفسه ، لأنّها تدلّى به والجدّ لا يسقطها ، أى الجدّ لا يسقط أمّ

__________________

(١) الفقيه ( ص : ٢٥٦ ، ج : ٤ ).

١٤٥

الأب لأنّها لا تدلّى به.

مثال الأوّل : مات زيد عن جدّ وأمّ أب ، المال كلّه للأب.

ومثال الثّانى : مات زيد عن جدّ وأمّ أب وزوج ، المسألة من ستّة ، ثلاثة للزّوج ، وواحد لأمّ الأب ، واثنان للجدّ والجدّة ، ترث السّدس بما تقدّم ، وإن اجتمعت جدّتان وارثتان فصاعدا اشتركن في السّدس ، لأنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قضى للجدّتين من الميراث بالسّدس بينهما.

مثاله : مات زيد عن أمّ أمّ ، وأمّ أب ، وابن ، فالمسألة من ستّة ، واحد للجدّتين ، ولا ينقسم عليهما ، وبين نصيبهما ، ورءوسهما مباينة يضرب اثنان في السّتّة يبلغ اثنا عشر للجدّتين لكلّ واحدة واحد ، والباقى للابن.

وترث من الجدّات أمّ الامّ وامّهاتها المدلّيات بالإناث الخلص ، وأمّ الأب وامّهاتها كذلك ، وكذا أمّ أب الأب ، وأمّ من فوقه ، وامّهاتها ، أى : أمّهات أمّ أب الأب ، وأمّ من فوقه في أصحّ القولين ، لأنّهنّ جدّات تدنين بوارث ، فيرث كأمّ الأب.

وبمرسل أبى داود ، والعبارة الضّابطة للجدّات الوارثات إنّ كلّ جدّة تدلّى بمحض الإناث ، كأمّ أمّ الامّ ، أو بمحض الذّكور ، كأمّ أب الأب ، أو بمحض الإناث إلى محض الذّكور ، كأمّ أمّ أب الأب ، فهي وارثة ، وإذا أدلّت ، أى : وصلت الجدّة بذكر بين انثيين ، كأمّ أب الامّ لم ترث بالفرضيّة ، كما لا يرث ذلك الذّكر ، بل هى من ذوى الأرحام.

١٤٦

فصل

في كيفيّة إرث الإخوة والأخوات

الإخوة والأخوات إن كانوا من الأبوين فيرثون جميع المال ، إذا انفردوا من الإخوة والأخوات للأب كأولاد الصّلب ، وكذلك الإخوة والأخوات للأب إذا انفردوا من الإخوة والأخوات من الأبوين إلّا في المسألة المشتركة ، وهى زوج وأمّ وأخوان لأمّ ، وأخوان لأب ، وأمّ ، فأصل المسألة من ستّة : للزّوج النّصف ، وهو ثلاثة ، وللأمّ السّدس ، وهو واحد ، وللأخوين من الامّ الثّلث ، وهو اثنان ، ويشارك ولدى الامّ في الثّلث الأخوان للأب والامّ لاشتراكهما في القرابة الّتي ورثوا بها الفرض ، ولو كان بدل الأخوين من الأب والامّ وأخوان لأب سقطا ، لأنّه ليس لأولاد الأب قرابة الامومة حتّى تشاركوا أولاد الامّ ، وهو إذا اجتمع الصّنفان ، يعنى : الإخوة والأخوات لأبوين وإخوة وأخوات لأب كانوا كما اجتمع أولاد الصّلب مع أولاد الابن.

مثاله : مات زيد عن أخ لأبوين ، وأخ لأب المال كلّه للأوّل ، ولا شي‌ء للثّانى ، وإن كان ولد الأبوين انثى واحدة فلها النّصف.

والباقى لأولاد الأب إن تمحضوا ذكورا ، أو ذكورا وإناثا.

١٤٧

مثاله : مات زيد عن اخت لأبوين وأخ لأب واخت لأب المسألة من اثنين واحد للأخت من الأبوين ، والباقى ، وهو واحد بين الأخ والاخت من الأب أثلاثا ، فلا ينقسم بينهما وبين رءوسهما ونصيبهما مباينة تضرب ثلاثة في أصل المسألة ، وهو اثنان تبلغ ستّة ثلاثة للأخت من الأبوين ، واثنان للأخ من الأب ، وواحد للأخت من الأب ، إلّا أنّ بنات الابن يعصبهنّ من في درجتهنّ ، ومن هو أسفل منهنّ ، والاخت للأب ، لا تعصب الاخت من الأب إلّا من في درجة الاخت للأب ، وهو أخوها لا أولاد الأخ ، ولا أولاد بنى العمّ ، والأخوات للأمّ الواحد منهم السّدس ، وللإثنين فصاعدا الثّلث يستوى ذكورهم واناثهم في الاستحقاق ، والأخوات من الأبوين والأخوات من الأب مع بنات الصّلب ، ومع بنات الابن عصبات منزلات منزلة الإخوة ، حتّى تسقط الاخت من الأبوين مع البنت الصّلبيّة ، أو مع بنت الابن الاخت من الأب ، كما يسقط الأخ من الأبوين الأخ من الأب.

مثاله : مات زيد عن بنت واخت لأبوين ، واخت لأب هى من اثنين واحد للبنت ، وواحد للأخت من الأبوين ، ولا شي‌ء للأخت من الأب ، لأنّها محجوبة بالاخت من الأبوين.

مثال آخر : مات زيد عن بنتين واخت من الأبوين ، واخت من الأب هى من ثلاثة ، اثنان للبنتين لكلّ واحدة واحد ، وواحد للأخت من الأبوين ، ولا شي‌ء للأخت من الأب ، كما ذكرنا.

مثال آخر : مات زيد عن بنت ، وبنت ابن ، واخت من الأبوين ، واخت من الأب هى من ستّة النّصف ، وهو ثلاثة للبنت والسّدس وهو واحد لبنت الابن ، والباقى ، وهو اثنان للأخت من الأبوين ، ولا شي‌ء للأخت من الأب ، وبنو الإخوة من الأبوين ، وبنو الإخوة من الأب منزلة أبيه ،

١٤٨

أى : أب كلّ واحد من الصّنفين في حالتى الانفراد والاجتماع.

إلّا أنّهم يفارقون الإخوة في أنّهم لا يرثون الامّ من الثّلث إلى السّدس.

وأنّهم يفارقون الإخوة في أنّهم لا يقاسمون الجدّ ، بل يسقطون به.

وفي أنّهم لا يعصبون أخواتهم ، لأنّهم غير وارثات بخلاف الإخوة من الأبوين ، ومن الأب ، فإنّهم يعصبونهنّ.

وفي أنّ بنى الإخوة من الأبوين يسقطون في مسئلة مشتركة ، لو كانوا بدل آبائهم والعمّ من الأبوين ، أو من الأب كالأخ من الجهتين في حالتى الانفراد والاجتماع.

وأمّا العصبات السّببيّة :

فمن لا عصبة لا من النّسب ، أى : ولا فروض مستغرق ، وله معتق فما له أو الفاضل من الفروض إن كان له ذو فروض لمعتق ذلك العتيق رجلا كان أو امرأة أعتقه منجزا أو معلّقا ، ووجدة الصّفة ، كما إذا وجدت موت السّيّد في المدبّر وأمّ الولد ، وسواء شرط الولاء لنفسه أو لغيره ، أو شرط أن لا ولاء له ، وسواء أعتقه بنفسه ، أو أعتقه بالتّوكيل به لو لم يكن له بعوض ، وكذا لو كان إعتاقه بعوض على العتيق ، كما لو قال لعبده : أنت حرّ على ألف ، فقبل العبد ، أعتق في الحال ، وثبت الألف مع في ذمّته ، أو بعوض على غير العتيق ، فقبل الغير ، ولا فرق بين العوض المجهول والمعلوم مثل كتابته منه ، أو بيعه منه ، أو هبته ، فإنّ في الكلّ الولاء للمعتق لإطلاق قوله عليه‌السلام فيما رواه البخارى ، ومسلم عن عائشة ، وعن أبيها إنّما الولاء لمن عتق ، فإن قيل : ما تقول في رجل مات عن زوجة فقط ولها كلّ التّركة.

والجواب : إنّها معتقة زوجها فهي من أربعة لها واحد بالفريضة ، و

١٤٩

الباقى بالولاء ، وإنّما الأنعام بالإعتاق موجود من الرّجل والمرأة ، وإذا تعدّد المعتقون ، فالكلّ عصبة سواء كانوا ذكورا أو إناثا ، أو خناثى ، أو متبعّضين بقدر الحصص لا الرّءوس.

ويرشد إليه حديث : الولاء لحمة كلحمة النّسب لا تباع ، ولا توهب على ما رواه ابن خزيمة وابن حيّان والحاكم عن ابن عمر ، وقال صحيح الإسناد ، وخالف البيهقى قائله.

وفي رواية : كلحمة الثّوب ، كما قال ابن الأثير في النّهاية شبّهه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمشبّه به ، دون المشبّه ، وقد اختلف في ضمّ لام اللّحمة وفتحها ، فقيل في النّسب بالضّمّ ، وفي الثّوب بالضّمّ والفتح ، وقيل في الثّوب : بالفتح وحده ، وقيل في الثّوب : والنّسب بالفتح ، وأمّا بالضّمّ فهي لحمة البارى ، ومعنى الحديث المخالطة في الولاء ، فإنّه جرى مجرى النّسب في الميراث كما يخالط اللّحمة سد الثّوب حتّى يصير كالشّي‌ء الواحد لما بينهما من المداخلة الشّديدة.

وقال السّيّد الشّريف : معنى الحديث الحرّيّة حياة الإنسان ، إذ بها يثبت له الصّفات الكماليّة الّتي امتاز بها عن سائر ما عداه من الحيوانات والجمادات ، والرّقيّة تلف ، وهلاك ، فالمعتق سبب لإحياء المعتق ، بفتح التّاء ، وكما أنّ الأب سبب لإيجاد الولد ، فكما أنّ الولد يصير منسوبا إلى أبيه بالنّسب ، وإلى أقربائه بتبعيّة كذلك المعتق يصير منسوبا إلى معتقه بالولاء ، وإلى عصبيّته بالتّبعيّة ، فكما يثبت الإرث بالنّسب كذلك يثبت بالولاء ، فإن لم يكن المعتق ـ بكسر التّاء ـ حيّا ، فلعصباته من النّسب الّذين يتعصّبون بأنفسهم ، وقد عرفت القسمان حتّى إذا اجتمع الابن والبنت والأخ والاخت ، أو الأب والامّ ، اختصّ الاستحقاق بالذّكر ، يعنى : المال كلّه للابن أو الأخ أو للأب دون البنت والاخت والامّ ، لأنّ عصوبتهنّ بالغير.

١٥٠

بل لا ترث المرأة بالولاء إلّا من معتقها ـ بفتح التّاء ـ أى : عقيق المرأة ، لإطلاق حديث إنّما الولاء لمن عتق ، أو ممّن ينتهى إلى المعتق ـ بفتح التّاء ـ بنسب ، كأولاد المعتق وأدناه أو ولاء كمعتق المعتق ، كما لو كان المعتق رجلا ، فلو أعتقت هند عبدا ، وللعبد العتيق ولد ، فمات ولد العبد العتيق ، وليس له وارث من النّسب والولاء ، فما له لمعتق أبيه ، وهى هند المذكورة.

ثمّ الّذين يتعصّبون بأنفسهم ترتيبهم في الولاء كترتيبهم النّسب ، لأنّ أظهر القولين إنّ أخ المعتق من الأبوين ، أو من الأب يقدّم على جدّه ، أى : جدّ المعتق ، لأنّه ابن أب المعتق ، والجدّ أبو أبيه ، والبنوّة أقوى في العصوبة.

وابن الأخ من الأبوين ، أو من الأب يقدّم أيضا على هذا القول على الجدّ ، لقوّة الابن.

فإن لم يوجد أحد من عصبات المعتق ، فالمال لمعتق المعتق ، ثمّ بعد عدم معتق المعتق العصبات معتق المعتق كذلك على النّسق المذكور والنّهج المسطور في عصبات المعتق ، ثمّ المعتق معتق المعتق ، وعلى هذا القياس.

١٥١

فصل

في بيان ميراث الجدّ مع الإخوة والأخوات

إذا اجتمع أب الأب ، وأب أب الأب مع الإخوة والأخوات من الأبوين ، أو من الأب نظر إن لم يكن معهم ذو فرض ، فللجدّ خير الأمرين ، أى : أكثرهما من المقاسمة معهم لأنّ الجدّ لا يكون أقلّ من أحدهم بل كأحدهم.

ومن ثلث جميع المال إذا اجتمع الجدّ مع الامّ ، فتأخذ الامّ الثّلث ، والجدّ الثّلاثين ، والإخوة لا ينقص حقّ الامّ من السّدس ، فينبغى أن لا ينقص حقّ الجدّ من الثّلث ، وقد يستوى المقاسمة ، وثلث جميع المال ، وذلك إذا كان الإخوة والأخوات مثل الجدّ.

كما : إذا مات زيد عن جدّ وأخوين من الأبوين ، فالمسألة من ثلاثة ، واحدة للجدّ ، والباقى وهو اثنان للأخوين ، لكلّ واحد واحد ، والمقاسمة والثّلث في هذه الصّورة سواء ، لأنّ نصيب الجدّ في كلا التّقديرين واحد ، وإن كان الإخوة والأخوات من الأبوين أو من أب أقلّ من الثّلاثين ، فالقسمة خير للجدّ من الثّلث ، كما إذا مات زيد عن جدّ وأخ من الأبوين ، فالمسألة من اثنين ، واحد للجدّ ، وواحد للأخ ، فقد عرفت أنّ نصيب الجدّ من اثنين واحد

١٥٢

في صورة القسمة ، فلو أخذ الجدّ الثّلث لكان من ثلاثة ، واحد نصيبه ، ومعلوم أنّ الواحد من اثنين خير له من واحد من ثلاثة.

مثال آخر : جدّ واخت من الأب هى من ثلاثة : اثنان للجدّ ، وواحد للأخت ، فلو أخذ الجدّ في هذه الصّورة الثّلث ، وهو واحد يلزم منه تفضيل الانثى على الذّكر ، وهو غير جابر ، فقسمته خير له ، وإن كانوا ، أى : الإخوة والأخوات من الأبوين ، أو من الأب فوق الثّلاثين ، فالثّلث خير للجدّ من القسمة.

مثلا : لو مات زيد عن جدّ وثلاث إخوة من الأبوين ، أو من الأب ، فالمسألة من ثلاثة واحد للجدّ ، والباقى ، وهو اثنان للإخوة الثّلاثة ، ولا ينقسم عليهم ، وبين نصيبهم وهو اثنان ورءوسهم ، وهو ثلاثة مباينة تضرب ثلاثة في ثلاثة تبلغ تسعة ، للجدّ ثلاثة ، ولكلّ واحد من الإخوة اثنان ، فقد عرفت أنّ نصيب الجدّان أخذ الثّلث ثلاثة ، ولو انقسم معهم لكان له واحد من الأربعة ، لأنّ المسألة من أربعة ، حينئذ على عدد رءوسهم ومعلوم أنّ آخذ الثّلث من ثلاثة خير له من أخذ واحد من الأربعة في القسمة.

وإذا قاسم الجدّ الإخوة والأخوات كان الجدّ كأخ منهم ، أى من الإخوة ، أو كأخ مع الأخوات حتّى للجدّ مثلى الاختين ، وإذا أخذ الجدّ الثّلث اقتسموا الباقى بعد الثّلث للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، لأنّ الجدّ لا يسقط بالإخوة بإجماع الصّحابة ، ولأنّه لا يسقط بالابن فبالأخ أولى.

وإن كان مع الجدّ والإخوة والأخوات ذو فرض كالبنت والامّ والزّوج وبنت الابن والزّوجة والجدّ ولا يزيد أصحاب الفروض الوارثون مع الجدّ على هذه السّتّة ، فللجدّ خير الامور الثّلاثة أى : أكثرها من سدس المال كلّه ، وثلث ما يبقى بعد الفروض والمقاسمة معهم ، أمّا السّدس : فلأنّ البنتين لا تنقصان الجدّ عنه فالإخوة أولى ، وأمّا ثلث ما يبقى ، فلأنّه لو لم يكن

١٥٣

صاحب فرض لأخذ ثلث جميع المال ، فإن كان قد خرج قدر الفرض مستحقّا فيأخذ ثلث الباقى ، وأمّا المقاسمة ، فلأنّه بمنزلة أخ.

مثال الأوّل : وهو ما كان السّدس خيرا له من المقاسمة ، وثلث الباقى ، مات زيد عن : بنت وأمّ ، وجدّ ، وأخوين ، المسألة من ستّة ، واحد للأمّ ، وثلاثة للبنت ، وواحد للجدّ ، والباقى وهو واحد للأخوين ، ولا ينقسم عليهما ، وبين نصيبهما ورءوسهما مباينة تضرب اثنان في أصل المسألة ، وهو ستّة تبلغ اثنى عشر : اثنان للأمّ ، وستّة للبنت ، واثنان للجدّ ، واثنان للأخوين لكلّ واحد واحد ، وإنّما كان السّدس ، والحالة هذه خير له ، لأنّه لو انقسم معهم لكان كأخ منهم ، وكان رءوسهم حينئذ ثلاثة ، فتضربها ستّة تبلغ ثمانية عشر : للبنت تسعة وللأمّ ثلاثة ، والباقى وهو ستّة للجدّ والأخوين ، لكلّ واحد اثنان ، ولا شكّ أنّ الجدّ إذا أخذ اثنين من اثنى عشر كان خيرا له من أن يأخذ اثنين من ثمانية عشر.

وأيضا : السّدس خير له من أن يأخذ ثلث ما يبقى ، لأنّه إذا أخذت الامّ والبنت اثنى عشر من ثمانية عشر ، ولا شكّ أنّ اثنين من اثنى عشر خير له من اثنين من ثمانية عشر.

ومثال الثّانى : وهو ما إذا كان ثلث الباقى خيرا له من المقاسمة ، وسدس الكلّ مات زيد عن أمّ وجدّ وخمسة إخوة لأب.

المسألة من ستّة ، واحد للأمّ ، وثلث ما يبقى للجدّ فمسألته من ثلاثة وبين الثّلاثة ، والخمسة الباقية مباينة تضرب ثلاثة في أصل المسألة ، وهو ستّة ، تبلغ ثمانية عشر ، ثلاثة للأمّ ، وثلث الباقى وهو خمسة للجدّ ، والباقى وهو عشر للإخوة ، الخمسة لكلّ واحد منهم اثنان ، وإنّما كان ثلث الباقى خيرا له ، لأنّه إذا انقسم معهم كان كأخ منهم.

فكان رءوسهم ستّة تضربها في أصل المسألة ، وهو ستّة تبلغ ستّة وثلاثين ،

١٥٤

للأمّ ستّة ، والباقى ، وهو ثلاثون بين الجدّ والإخوة بالسّويّة ، لكلّ واحد خمسة.

ولا شكّ أنّ الجدّ إذا أخذ خمسة من ثمانية عشر كان خيرا له من أن يأخذ خمسة من ستّة وثلاثين.

وأيضا ثلث الباقى خير له من السّدس ، لأنّ السّدس من ثمانية عشر ثلاثة ، وثلث ما يبقى خمسة ، والخمسة أوفى من الثّلاثة.

ومثال الثّالث : وهو ما إذا كان المقاسمة معهم خيرا له من أن يأخذ السّدس ، أو ثلث الباقى ، مات زيد عن أمّ وجدّ واخت ، المسألة من ثلاثة واحد ، والباقى : وهو اثنان للجدّ والاخت ، ولا ينقسم عليهما وبين نصيبهما ، ورءوسهما مباينة تضرب ثلاثة ، وهو رءوسهما في أصل المسألة ، وهو ثلاثة تبلغ تسعة ، للأمّ ثلاثة ، وللجدّ أربعة ، وللأخت اثنان.

وإنّما كان المقاسمة خيرا له ، لأنّه لو أخذ ثلث ما يبقى لكان له اثنان من تسعة ، ولا شكّ أنّ الأربعة أكثر من اثنين ، ولأنّه لو أخذ السّدس كان له واحد من ستّة ، لأنّ المسألة حينئذ من ستّة : للأمّ اثنان ، وللجدّ واحد ، والباقى ، وهو ثلاثة للأخت.

واعلم ؛ أنّ للجدّ باعتبار أخذ الخير اثنى عشر أحوال :

الحالة الاولى : القسمة خير ، والسّدس والثّلث من الباقى سواء ، كزوج ، وجدّ ، وأخ.

الثّانية : القسمة خير منهما ، وثلث الباقى ، كزوجة ، وأمّ ، وجدّ ، أخ.

الثّالثة : السّدس خير منهما ، وهما سواء ، كزوج ، وأمّ ، وجدّ ، وأخوين للأبوين ، أو للأب.

الرّابعة : السّدس خير منهما وثلث الباقى خير من القسمة ، كبنت وزوجة ، وجدّ ، وثلاثة إخوة للأبوين ، أو للأب.

١٥٥

الخامسة : السّدس خير منهما ، والقسمة خير من الثّلث ، كزوج وجدّة ، وأخ ، واخت ، وجدّ.

السّادسة : ثلث الباقى خير منهما ، والقسمة خير من السّدس ، كزوجة ، وجدّ ، وثلاثة إخوة.

السّابعة : ثلث الباقى خير ، والسّدس خير من القسمة ، كزوجة ، وجدّ ، وخمسة إخوة.

الثّامنة : القسمة والسّدس سواء ، وهما خير من الثّلث ، كبنتين ، وجدّ ، وأخ.

التّاسعة : القسمة والثّلث سواء ، وهما خير من السّدس ، كزوجة ، وجدّ ، وأخوين.

العاشرة : السّدس والثّلث سواء ، وهما خير من القسمة ، كزوج ، وجدّ ، وأربع إخوة للأب.

الحادية عشر : السّدس والثّلث ، والقسمة سواء ، كزوج ، وجدّ ، وأخوين ، وقد يفرض بعض الأصحاب لبعض هذه الصّورة ، ولم يأتوا بالجميع ، فتفطّن الحالة.

الثّانية عشر : وقد لا يبقى شي‌ء من أصحاب الفروض ، كبنتين ، وأمّ ، وزوج ، وجدّ ، فيقدّر للجدّ السّدس ، ويراد في العول ، فأصل المسألة من ستّة وأربعة وبينهما توافق بالنّصف ، تضرب نصف أحدهما في الاخرى تبلغ اثنى عشر ، للبنتين ثمانية ، وللأمّ اثنان ، فيبقى اثنان ، وهما لا يصلحان لنصيب الزّوج ، فيعال المسألة إلى ثلاثة عشر ، ولا يبقى شي‌ء للجدّ ، فيزاد في العول فتعال من ثلاثة عشر إلى خمسة عشر ، ليحصل نصيب الجدّ وهو السّدس الّذي يكون اثنين.

وقد يكون الباقى من أصحاب الفروض دون السّدس ، كبنتين ، وزوج ،

١٥٦

وجدّ ، فيفرض للجدّ السّدس ، وتعال المسألة ، فهي من ستّة وأربعة ، وبينهما أيضا موافقة بالنّصف ، فتضرب نصف أحدهما في الاخرى تبلغ اثنى عشر للبنتين ثمانية ، وللزّوج ثلاثة ، فيبقى واحد ، وهو لا يصلح لحصّة الجدّ ، فتعال المسألة من اثنى عشر ، ليتمّ نصيب الجدّ ، وهو اثنان سدس المسألة ، وقد يكون الباقى من أصحاب الفروض ، قدر السّدس ، كبنتين ، وأمّ ، وجدّ ، فيفوز بالسّدس الجدّ ، فأصل المسألة من ستّة ، أربعة للبنتين ، وواحد للأمّ ، وواحد للجدّ.

ويسقط الإخوة والأخوات في هذه الأحوال الثّلاثة ، لأنّهم عصبات ، فيحجبون بأصحاب الفروض المستغرقة ، وإن اجتمع مع الجدّ الصّنفان ، أى : الإخوة والأخوات من الأبوين ، والإخوة والأخوات للأب ، فللجدّ خير الأمرين عند عدم ذوى الفروض وخير الامور الثّلاثة عند وجودهم ، كما إذا لم يكن معه إلّا أحد الصّنفين.

والجدّ مع الأخوات الخلّص بمثابة أخ معهنّ ، فلا يفرض للأخوات الخلّص مع الجدّ ، كما لا يفرض لهنّ مع الأخ ، فيقسم المال بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين.

مثاله : جدّ وأربع أخوات ، هى من ستّة ، اثنان للجدّ ، والباقى وهو أربعة لكلّ واحدة من الأخوات واحد ، ولا تعال المسألة لأجلهنّ إلّا في مسئلة الأكدريّة ، وهى : زوج ، وأمّ ، وجدّ ، واخت من الأبوين ، أو اخت من الأب ، فأصل المسألة من ستّة لاجتماع النّصف والثّلث والسّدس للزّوج ، منها النّصف ، وهو ثلاثة وللأمّ ، منها الثّلث : وهو اثنان ، وللجدّ منها السّدس ، وهو واحد ، فالمجموع ستّة ولا يبقى منها شي‌ء ، ويفرض للأخت من الأبوين ، أو من الأب النّصف ، أى : نصف المسألة ، وهو ثلاثة ، لأنّ الجدّ يرجع إلى أصل فرضه ، ولا سبيل إلى إسقاط الاخت ، فرجعت هى أيضا إلى فرضها ، وهو النّصف فتعال المسألة من ستّة إلى تسعة ، ليحصل نصيب الاخت ،

١٥٧

ثمّ بعد العول يضمّ نصيب الجدّ ، وهو واحد إلى نصيب الاخت ، وهو ثلاثة ، فيقسمان الأربعة بينهما أثلاثا ، يعنى : للذّكر مثل حظّ الأنثيين.

ولا تنقسم أربعة على ثلاثة ، وبينهما مباينة تضرب ثلاثة ، وهى رءوسهما أو مسئلتهما في أصل مسئلة مع عولها ، وهو تسعة تبلغ سبعة وعشرين ، ومنها تصحّ المسألة ، فللزّوج تسعة ، وللأمّ ستّة ، والباقى وهو اثنى عشر بين الجدّ والاخت أثلاثا للجدّ ثمانية ، وللأخت أربعة.

وإنّما قسم هكذا ، لأنّه لا سبيل إلى تفضيلها على الجدّ ، فيفرض أنّها بقرابة الرّحم ، ويقسم بينهما بالتّعصيب رعاية لتجانبين هذا.

وإلى ما ذكرنا أشار قائلهم في قوله :

وحقّ أن نشرع في التّعصيب

بكلّ قول موجز مصيب

فكلّ من أحرز كلّ المال

من القربات أو الموالى

أو كان ما يفضل بعد الفرض له

فهو أخو العصوبة المفضّلة

كالأب والجدّ وجدّ الجدّ

والابن عند قربة والبعد

والأخ وابن الأخ والأعمام

والسّيّد المعتق ذي الأنعام

وهكذا بنوهم جميعا

فكن لما أذكره سميعا

وما لذى البعدى مع القريب

في الإرث من حظّ ولا نصيب

والأخ والعمّ لأمّ وأب

أولى من المدلى بشطر النّسب

والابن والأخ مع الإناث

يعصّبانهنّ في الميراث

والأخوات إن تكن بنات

فهنّ معهنّ معصّبات

وليس في النّساء طرّا عصبة

إلّا الّتي منّت بعتق الرّقبة

١٥٨

تتمّة

قد تلخّص ممّا ذكرنا

إنّ العول هو زيادة الفريضة عن السّهام ، أو إدخال النّقص بجميع ذوى الفروض.

وإنّ التّعصيب هو إعطاء ما فضل عن سهم ذوى الفروض للعصبة ، وهم أقرباء الميّت من جانب الأب.

مثال الأوّل : مات هند عن زوج ، واختين للأبوين ، ففرض الزّوج النّصف ، وفرض الاختين الثّلثان ، وبين مخرجى النّصف والثّلث ، أعنى : الاثنين والثّلاثة تباين ، ضربنا أحدهما بالآخر ، فبلغ السّتّ ، فقسمنا بهذا الطّريق :

نصيب الزّوج = ٣ ، نصيب الاختين = ٣ ، فلا تنقسم الثّلاثة بينهما لنقصانها عن نصيبهما ، وهو ثلثا الفريضة بواحد ، فيدخل النّقص عندنا على الاختين ، وكذا على الاخت ، والبنت ، والأب ، والأبوين.

والعامّة يزيدون حينئذ واحدة ، ليحصل أربعة ، بمقدار الثّلاثين ، فلكلّ واحدة منهما اثنان ، ولا عول عند الإماميّة ، فإذا زاحم الزّوج ، أو الزّوجة في فريضة أخذ كلّ منهما نصيبهما صحيحا.

مثاله : ماتت امرأة عن زوج وأب ، وأمّ ، وبنت ، فللزّوج الرّبع ، و

١٥٩

هو ثلاثة ، وللأب سدسان ، وهو اثنان ، وكذا للأمّ ، وبين مخرج الرّبع والسّدس توافق بالنّصف ضربنا نصف أحدهما بتمام الآخر ، فبلغ اثنى عشر ، فقسمنا هكذا :

نصيب الزّوج = ٣ ، نصيب الأب = ٢ ، نصيب الامّ = ٢ ، نصيب البنت = ٥ ، فدخل النّقص على البنت.

مثال آخر : امرأة ماتت عن زوج وأحد الأبوين ، وبنتين ، أو أكثر منهما ، للزّوج الرّبع ، ولأحد الأبوين السّدس ، وللبنتين الثّلثان ، وأقلّ عدد فيه الرّبع والسّدس اثنى عشر.

فقسمنا هكذا :

نصيب الزّوج = ٣ ، نصيب أحد الأبوين = ٢ ، نصيب البنتين = ٧ ، فدخل النّقص على البنتين.

مثال آخر : امرأة ماتت ، وتركت زوجا ، وثلاث أخوات للأبوين ، نصيب الزّوج النّصف ، ونصيب الأخوات الثّلثان ، وبينهما ومخرجيهما تباين ، ضربنا الاثنين في الثّلاث ، فبلغ ستّا ، قسمنا هكذا :

نصيب الزّوج = ٣ ، نصيب الأخوات = ٣ ، فدخل النّقص على الأخوات.

مثال آخر : امرأة ماتت من زوج واخت للأبوين ، واخت للأمّ ، للزّوج النّصف ، وللأخت الامّى السّدس ، والباقى للأخت للأبوين ، فأقلّ عدد له النّصف والسّدس السّتّ ، فقسمنا هكذا :

نصيب الزّوج = ٣ ، نصيب الاخت للأمّ = ١ ، نصيب الاخت للأبوين = ٢ ، فدخل النّقص للأخت للأبوين.

١٦٠