إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

الشيخ علي الغروي العلي ياري

إيضاح الغوامض في تقسيم الفرائض

المؤلف:

الشيخ علي الغروي العلي ياري


الموضوع : الفقه
الناشر: بنياد فرهنگ إسلامي كوشانپور
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-6438-03-2
الصفحات: ٤٤٠

وهو الواحد الموضوع تحت السّتّة ، ثمّ الاثنين في الأربعة بثمانية ، وأثبت الحاصل تحت الخمسة ، ثمّ الخمسة في الأربعة بعشرين ، وأثبت العشرين باثنين تحت الثّمانية ، والصّفر قبلها ، ثمّ أنزل سطر المضروب بمرتبة ، وأثبت الأربعة في مقابلة الاثنين ، والاثنين تحتها ، والخمسة تحت الاثنين.

ثمّ اضرب الأربعة في الاثنين بتمامه ، فأثبت الحاصل تحت الاثنين.

ثمّ اضرب الاثنين في الاثنين بأربعة ، وأثبت الحاصل فيما قبل الثّمانية.

ثمّ اضرب الخمسة في الاثنين ، فأثبت العشرة بواحد تحت الأربعة في الصّفر فيما قبلها ، ثمّ اجمع الخارجات ، يكون هذا (١٤٥٣٥٠) ، وذلك مأئة ألف وخمسة وأربعون ألفا وثلاثمائة وخمسون ، وهو المطلوب.

هذا على تقدير المحو فاظهراين.

وهذه صورته :

١٠١

الفصل الخامس

في القسمة

وهى طلب عدد نسبته إلى الواحد ، كنسبة المقسوم إلى المقسوم عليه ، وهى عكس الضّرب ، والعمل فيها أن تطلب عددا إذا ضربته في المقسوم عليه ساوى الحاصل المقسوم ، أو نقص عنه بأقلّ من المقسوم عليه ، فإن ساواه ، فالمفروض خارج القسمة ، وإن نقص عنه كذلك ، فانسب ذلك الأقلّ إلى المقسوم عليه ، فحاصل النّسبة مع ذلك العدد هو الخارج.

فإن تكثّرت الأعداد فارسم جدولا سطوره بعدّة مراتب المقسوم وضعها خلالها ، والمقسوم عليه تحته ، بحيث يحاذى آخره آخر المقسوم إن لم يزد المقسوم عليه عن محاذيه من المقسوم إذا حاذاه ، وإلّا فبحيث يحاذى متلوّ آخر المقسوم.

ثمّ تطلب أكثر عدد من الآحاد يمكن ضربه في واحد واحد من مراتب المقسوم عليه ، ونقصان الحاصل ممّا يحاذيه من المقسوم ، وممّا على يساره إن كان شي‌ء واضعا للباقى تحت خطّ فاصل ، فإذا وجدت وضعته فوق الجدول محاذيا لأولى مراتب المقسوم عليه ، وعملت به ما عرفت ، ثمّ تنقل المقسوم عليه إلى اليمين بمرتبة ، أو ما بقى من المقسوم إلى اليسار بعد خطّ عرضى ، ثمّ تطلب أعظم عدد آخر ، كما مرّ وضعته عن يمين الأوّل ، واعمل به ما عرفت ، فإن لم يوجد ، فضع صفرا ، وانقل كما مرّ ، وهكذا ليصير أوّل

١٠٢

المقسوم محاذيا لأوّل المقسوم عليه ، فيكون الموضوع على الجدول خارج القسمة ، فإن بقى شي‌ء ، فهو كسر مخرجه المقسوم عليه.

مثالها : هذا العدد (٩٧٥٧٤١) على هذا العدد (٥٣) مخارج القسمة (١٨٤١٠) من الصّحاح واحد عشر جزء من ثلاثة وخمسين إذا فرض واحدا ، وهذه صورته (١) :

المطلب الثّالث

« في بيان : التّماثل ، والتّداخل ، والتّوافق ، والتّباين »

كلّ عددين غير الواحد إن تساويا قدرا ، كالإثنين ، والاثنين ، فمتماثلان ، وإلّا فإن أفنى أقلّهما الأكثر مرّة ، أو مرارا ، ولم يبق شي‌ء من الأكثر ، كالثّلاثة والسّتّة ، فإنّك إذا ألقيت الثّلاثة من السّتّة مرّتين ، تفنى السّتّة بالمرّة.

أو تقول تداخل العددين ، هو إن زيد على الأقلّ مثله ، أو مثاله ، فيساوى الأكثر ، أو تقول : هو أن يكون الأقلّ جزء للأكثر ، كالإثنين و

__________________

(١) وصورتها في هذه الأزمنة ( ١٤٢١ ه‍. ق ) هكذا :

١٠٣

العشرة ، فإنّ الاثنين خمس العشرة ، فهو جزء له ، يعدّه خمس مرّات ، والعشر ينقسم بلا كسر ، فمتداخلان.

وإلّا فإن عدّهما ثالث غير الواحد ، فمتوافقان ، كالأربع والسّتّ ، فإنّ الأربع وإن لم يعدّ السّتّ ، لكن يعدّهما ثالث ، كالإثنين ، فإنّه يعدّ الأربع ، ويفنيه في مرّتين ، والسّتّ في ثلاث مراّت ، فهما متوافقان بالنّصف ، فالكسر الّذي يكون مخرجه اثنين ، هو النّصف ، فهو وفقهما ، وإن عدّهما الثّلاثة ، فبالثّلث ، أو الأربع فبالرّبع ، وهكذا.

ولو تعدّد ما يعدّهما من الأعداد ، فالمعتبر أقلّهما جزء ، كالأربعة مع الاثنين ، فالمعتبر الأربعة ، ثمّ إن كان أقلّهما لا يزيد عن نصف الأكثر ، ويفنى الأكثر ، ولو مرارا ، كالثّلاثة والسّتّة ، والأربعة والاثنى عشر ، فهما المتوافقان بالمعنى الأعمّ ، والمتداخلان أيضا ، وإن تجاوزه ، فهما المتوافقان بالمعنى الأخصّ ، كالسّتّة والثّمانية يعدّهما الاثنان ، والتّسعة والاثنى عشر يعدّهما الثّلاثة ، والثّمانية ، والاثنى عشر يعدّهما الأربعة.

ولك هنا اعتبار كلّ من التّوافق والتّداخل ، وإن كان اعتبار ما يقلّ معه الفريضة أولى ، ويسمّى المتوافقان مطلقا ، أى : سواء كان بالمعنى الأعمّ ، أو الأخصّ بالمتشاركين لاشتراكهما في جزء الوفق ، فيجتزى عند اجتماعهما بضرب أحدهما إلى الكسر الّذي ذلك العدد المشترك ، سمّى له كالنّصف في السّتّة ، والثّمانية والرّبع في الثّمانية والاثنى عشر ، وقد يترامى إلى الجزء من أحد عشر فصاعدا ، فيقتصر عليه كأحد عشر مع اثنين وعشرين ، واثنين وعشرين مع ثلاثة ، وثلاثين أو ستّة وعشرين مع تسعة وثلاثين ، فالوفق في الأوّلين جزء من أحد عشر ، وفي الأخير من ثلاثة عشر.

١٠٤

وإلّا ، أى : وإن لم يعدّهما ثالث فهما متباينان ، كالعشرة والسّبعة ، فالمتباينان هما المختلفان اللّذان إذا أسقط أقلّهما من الأكثر مرّة أو مرارا ما بقى أكثر من واحد مثلا إذا ألقيت من العشرة سبعة ، بقى ثلاثة.

وإذا ألقيت ثلاثة من السّبعة مرّتين بقى واحد.

وإذا ألقيت واحدا من الثّلاثة مرّتين بقى واحد ، فقد اتّفق العشرة والسّبعة بالبقاء ، الأقلّ من الجانبين مرارا في الواحد ، فإنّه هو الباقى من كلّ منهما ، فلا يعدّهما سوى الواحد ، سواء تجاوز أقلّهما نصف الأكثر ، كثلاثة وخمسة أم لا.

ثمّ إنّ التّماثل بيّن وتعرف البواقى بقسمة الأكثر على الأقلّ ، فإن لم يبق شي‌ء فمتداخلان ، فإن بقى قسمنا المقسوم عليه على الباقى ، وهكذا إلى أن لا يبقى شي‌ء ، فالعددان متوافقان ، والمقسوم عليه الأخير هو العادّ لهما أو يبقى واحد فمتباينان :

١٠٥

الميت زيد ، والفريضة من ١٢ يصح من ٤٣٢

١٠٦

إذا عرفت ذلك ، فاعلم ؛ أنّ الفروض إمّا أن يقع واحد من الكسور في الفريضة ، أو اثنان ، أو أكثر ، أو لا يقع شي‌ء منها فيها ، فإن لم يقع منها شي‌ء في الفريضة ، فاجعل أصل الفريضة عدد رءوسهم مع التّساوى في جهة القرب ، والذّكوريّة والانوثيّة كالأربعة أولاد ذكور للأبوين ، أو للأب ، وإن اختلفوا في الذّكوريّة والانوثيّة ، وكانوا يقتسمون بالتّفاوت.

فاجعل لكلّ ذكر سهمين ، ولكلّ انثى سهما ، فما اجتمع فهو أصل الفريضة ، وإن وقع فيها فرض واحد فقط ، اتّحد ، أو تكرّر ، فالمخرج المأخوذ منه ذلك الكسر ، هو أصل الفريضة ، فالنّصف من اثنين ، والثّلث من ثلاثة ، والرّبع من أربعة ، وهكذا ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وإن وقع فيها فرضان أو أكثر ، فإن كانا من مخرج واحد ، كالثّلثين والثّلث ، فهو أصل الفريضة أيضا ، وإن كان مختلفى المخرج نظرنا في المخرجين ، فإن كانا متداخلين ، كما إذا وقع الثّمن والنّصف ، فأصل الفريضة أكثرها ، وهو الثّمانية ، وإن كانا موافقين ، كما إذا كان الواقع السّدس ، والرّبع ، ضربت وفق أحد المخرجين في جميع الآخر ، فما حصل هو أصل الفريضة ، وإن كانا متباينين ، كما إذا اجتمع الرّبع والثّلث ضربت

١٠٧

أحد المخرجين في الآخر ، وجعلت الحاصل أصل الفريضة.

وعلى هذا : فكلّ فريضة فيها نصفان ، كزوج واخت ، أو نصف ، وبقى ما كزوج وأخ ، فهي من اثنين ، لاتّحاد الفرض الواقع فيها ، وكلّ فريضة فيها ثلثان ، أو هما ، وما بقى كأختين من الأب أو ثلثان ، وثلث ، كأختين لأب وإخوة لأمّ ، فهي من ثلاثة لاتّحاد مخرجهما ، وكلّ مسئلة فيها ربع ، وما بقى كزوج وابن ، أو ربع ونصف ، وما بقى كزوج وبنت ، فهي من أربعة لتداخل مخرجيهما.

وكلّ ما كان فيها سدس ، وما بقى كأحد الأبوين مع ابن أو سدس ونصف ، وما بقى كأخت ، وواحد للأمّ ، فهي من ستّة لتداخل مخرجيهما ، وكلّ ما فيها ثمن ، وما بقى كزوجة مع ابن أو ثمن ونصف ، وما بقى كزوجة وبنت ، فهي من ثمانية لتداخل المخرجين ، وكلّ ما فيها ثمن وثلثان ، وما بقى كزوجة وبنتين ، فهي من أربعة وعشرين.

وقس على هذا ما يردّ عليك من الفروض مجتمعة ومتفرّقة ، وإلى ما ذكر أشار الشّيخ الأفخم الشّيخ محمّد على الأعسم النّجفى رحمه‌الله بقوله :

لو ساوت الفريضة السّهاما

وانقسمت فيهم فلا كلاما

كالزّوج والاخت من الاثنين

أو من أب تفرضها سهمين

يعنى : إذا كانت الفريضة مساوية للسّهام ، فإمّا أن تنقسم على عدد رءوس أهلها بغير كسر ، أو تنكسر عليهم ، فإن انقسمت على عدد رءوسهم بغير كسر ، فلا بحث كزوج واخت للأبوين ، أو الأب فالفريضة من اثنين ، لأنّ فيها نصفين ، ومخرجهما اثنان تنقسم على الزّوج والاخت صحيحا بغير كسر لكلّ واحد منهما واحد من الفريضة.

١٠٨

وكبنتين وأبوين ، فالفريضة من ستّة هى مخرج السّدس تنقسم على البنتين والأبوين صحيحا لكلّ من البنتين اثنان ، ولكلّ واحد من الأبوين واحد.

وكأبوين وزوج ، فالفريضة من ستّة أيضا تنقسم إليهم بغير كسر للأب واحد بالقرابة ، وللأمّ اثنان ، وللزّوج ثلاثة ، وإن لم تنقسم على السّهام بغير كسر مع كونها مساوية للسّهام ، فأمّا أن تنكسر على فريق واحد أو أكثر ، وعلى كلا التّقديرين ، فإمّا أن يكون بين عدد الرّءوس المنكسر عليهم النّصيب وبين نصيبهم المنكسر وفق بالمعنى الأعمّ أو تباين ، فالأقسام أربعة.

وإنّما لم نعتبر بين عدد الفريق وبين نصيبهم غير التّوافق والتّباين لأنّا نحتاج إلى تصعيد الفريضة على وجه تنقسم على المنكسر عليه بغير كسر واعتبار التّداخل بينهما يوجب بقاء الفريضة على حالها ، فلا تحصل به فائدة.

والمتماثلان : تنقسم الفريضة فيهما بغير كسر ، كما تقدّم ، فلا وجه لاعتباره.

فإن قلت : قد يكون بين العدد والنّصيب تداخل فما ذا حكمه؟

قلت : قد تقدّم إنّ كلّ عددين متداخلين هما متوافقان واعتبار التّوافق يفيد الزّيادة وتصعيد الفريضة باعتبار الضّرب بخلاف التّداخل فإنّ اعتباره يقتضى الاكتفاء بالأكثر فلا يفيد في الفريضة فائدة.

وإلى ما ذكر أشار الشّيخ الأعسم رحمه‌الله بقوله :

فإن يكن على فريق ينكسر

وتفرض التّساوى الّذي ذكر

فإن تباين عدد الفريق

نصيبه فابن على التّحقيق

والعدد اضربن لا النّصيبا

في أصل ما فرضت كى تصيبا

كالأبوين وبنات خمس

تفرضها ستّا لأجل السّدس

تصحّ في السّدسين لا في الأربع

فلتضرب والخمس بستّ ترفع

إلى الثّلاثين فهذا المرتفع

فريضة فيها السّهام تجتمع

١٠٩

مثاله : كما قال رحمه‌الله أبوان وخمس بنات ، أصل فريضتهم ستّة لاشتمالها على السّدس ، ومخرجه ستّة ، ونصيب الأبوين منها اثنان ، لا ينكسر عليهما ، ونصيب البنات أربعة تنكسر عليهنّ ، وتباين عددهنّ ، وهو خمسة.

لأنّك إذا اسقطت أقلّ العددين من الأكثر بقى واحد ، يعنى : إذا أسقطت الأربعة من الخمسة بقى واحد ، فتضرب عددهنّ ، وهو الخمسة في أصل الفريضة ، وهى السّتّة تبلغ ثلاثين ، فكلّ من حصل له شي‌ء من أصل الفريضة أخذه مضروبا في خمسة ، فهو نصيبه ، ولمّا كان للأبوين اثنان ، فإذا ضربنا بخمسة حصلت عشرة ، لكلّ واحد منهما خمسة ، وللبنات أربعة ضربناها في الخمسة ، حصل عشرون ، فلكلّ واحدة منه أربعة ، فانقسم على الفريقين بلا كسر.

وإن توافق النّصيب والعدد ، كما لو كنّ ستّا ، أو ثمانى ، فالتّوافق بالنّصف في الأوّل ، وبالرّبع في الثّانى ، فتضرب نصف عددهنّ ، أو ربعه في أصل الفريضة ، تبلغ ثمانية في الأوّل ، واثنى عشر في الثّانى ، فلبنات اثنى عشر ينقسم عليهنّ بغير كسر ، أو ثمانية كذلك.

وإلى هذا أشار الشّيخ الأعسم رحمة الله عليه بقوله :

وإن توافق النّصيب والعدد

كما إذا ما كنّ ستّا إذ تعدّ

نصيبها كما علمت أربعة

وهنّ ستّ وفقها النّصف معه

تضرب نصف العدد الّذي مضى

لهنّ فيما أوّلا قد فرضا

تبلغ في مثالك الثّمانية

والعشر فهي بالسّهام وافية

هذا هو القسم والثّانى من الأقسام الأربعة :

وحاصله : أنّه إذا توافق عدد الفريق المنكسر عليه النّصيب ، والنّصيب

١١٠

يجزأ في الفريضة المنكسرة على فريق منهم ، فاضرب الوفق من عددهم ، لا من النّصيب في الفريضة تصحّ منه المسألة ، وتنقسم على الفريقين بلا كسر.

مثاله : المثال الأوّل ، بتغيير عدد البنات ، بأن يكنّ ستّا ، فأصل الفريضة ستّة ، كما تقدّم للأبوين منها اثنان ينقسم عليهما ، وللبنات السّتّ أربعة على عددهنّ ، وبين عددهنّ وهو السّتّ ، ونصيبهنّ ، وهو الأربعة توافق بالنّصف ، فنضرب نصف العدد ، أعنى : ثلاثة لا نصف النّصيب في أصل الفريضة ، وهو السّتّ تبلغ ثمانية عشر.

وقد كان للأبوين من الفريضة اثنان في ثلاثة ، فيكون لهما ستّة لكلّ منهما ثلاثة ، وكان للبنات من الفريضة أربعة ، فنضربها في ثلاثة ، فتحصل اثنى عشر ، لكلّ منهنّ اثنان.

وانكسرت على أكثر من فريق ، فإمّا أن يكون بين نصيب كلّ فريق ، وعدده وفق أو تباين ، أو بالتّفريق ، فإن كان الأوّل نسبة الأعداد بالوفق ، ورددت كلّ فريق إلى جزء وفقه.

وكذا لو كان لبعضهم وفق دون بعض ، أو كان غير الوفق ، بأن كان بين كلّ فريق وعدده تباين ، أو بين بعضها ، كذلك جعلت كلّ عدد بحاله ، ثمّ اعتبرت الأعداد ، فإن كانت متماثلة ، اقتصرت منها على واحد ، وضربته في أصل الفريضة ، وإن كانت متداخلة ، اقتصرت على ضرب الأكثر ، وإن كانت متوافقة ، ضربت وفق أحد المتوافقين في عدد الآخر ، وإن كانت متباينة ضربت أحدها في الآخر ، ثمّ المجتمع في الآخر ، وضربت ما يحصل منها في أصل المسألة.

وإلى هذا أشار الشّيخ الأعسم رحمه‌الله بقوله :

١١١

وإن على أكثر من فريق

تكسر فذى كثيرة الشّقوق

ينسب مع كلّ فريق عدده

أمّا يرى مباينا أو تجده

موافقا له وإمّا يفترق

بعض مباين وبعض متفق

فإن تباينا ففى مثاله

تجعل كلّ عدد بحاله

وإن توافقا ففى ذا الشّقّ

كلّ فريق ردّه للوفق

وإن تفرّقا بكلّ تعمل

ما يقتضيه العمل المفصّل

وثمّ انظر الأعداد هل تماثل

ما بينها أو بينها التّداخل

أو بينها الوفق والمباينة

واحدة لا بدّ منها كائنة

أمّا المثال المنكسر على أكثر من فريق ، لكنّه لم ينكسر على الجميع ، فمثل زوج وخمسة إخوة لأمّ ، وسبعة لأب ، فأصلها ستّة ، لأنّ فيها نصفا وثلثا ، ومخرجهما ستّة مضروب اثنين مخرج النّصف في ثلثه مخرج الثّلث ، لتباينهما للزّوج ، منها النّصف ثلاثة ، وللإخوة للأمّ الثّلث سهمان ، ينكسر عليهم ، ولا وفق بينهما وبين الخمسة ، وللإخوة للأب سهم واحد ، وهو ما بقى من الفريضة ، ولا وفق بينه وبين عددهم وهو السّبعة ، فاعتبر نسبة أحد الفريقين المنكسر عليهما ، وهو الخمسة والسّبعة إلى الآخر ، تجدهما متباينين ، إذ لا يعدّهما إلّا الواحد ، ولأنّك إذا أسقطت أقلّهما من الأكثر بقى اثنان ، فإذا أسقطتهما من الخمسة مرّتين ، بقى واحد ، فتضرب الخمسة في السّبعة يكون المرتفع خمسة وثلاثين تضربها في ستّة أصل الفريضة ، يكون المرتفع مأتين وعشرة ، ومنها تصحّ.

فمن كان له من أصل الفريضة سهم أخذه مضروبا في خمسة وثلاثين

١١٢

فللزّوج ثلاثة من الأصل يأخذها مضروبة في الخمسة والثّلاثين يكون مأئة وخمسة ، ولقرابة الامّ سهمان من أصلها تأخذهما مضروبين في الخمسة والثّلاثين ، فالمرتفع سبعون لكلّ واحد منهم أربعة عشر ، وهى خمس السّبعين.

ولقرابة الأب سهم من أصل الفريضة ومضروبه في خمسة وثلاثين خمسة وثلاثون لكلّ واحد منهم خمسة ، وهى سبع المجتمع.

ولو أردت مثالا لانكسارها على الجميع أبدلت الزّوج بزوجتين ، ويصير أصل الفريضة اثنى عشر مخرج الثّلث والرّبع ، لأنّها المجتمع من ضرب إحداهما في الاخرى ، لتباينهما ، فللزّوجتين الرّبع ثلاثة ، وللإخوة للأمّ الثّلث أربعة ، وللإخوة للأب الباقى ، وهو خمسة ، ولا وفق بين نصيب كلّ وعدده ، والأعداد أيضا متباينة ، فتضرب أيّها شئت في الآخر ثمّ المرتفع في الباقى.

ثمّ المجتمع في أصل الفريضة ، فتضرب هنا اثنين في خمسة.

ثمّ المجتمع ، وهو عشر في سبعة يكون سبعين ، فتضرب السّبعين في اثنى عشر ، وهو أصل الفريضة تبلغ ثمانمائة وأربعين.

فكلّ من كان له سهم من اثنى عشر أخذه مضروبا في سبعين ، ولا يعتبر هنا توافق مضروب المخارج مع أصل المسألة ولا عدمه.

فلا يقال العشرة توافق الاثنى عشر بالنّصف ، فتردّها إلى نصفها ، ولا السّبعون توافق الاثنى عشر بالنّصف أيضا ، ولو كان

إخوة الامّ ثلاثة صحّ الفرض أيضا ، لكن هنا تضرب اثنين في ثلاثة ثمّ في سبعة تبلغ اثنين وأربعين ، ثمّ في أصل الفريضة تبلغ خمسمائة وأربعة.

ومن كان له سهم أخذه مضروبا في اثنين وأربعين ، ولا يلتفت إلى

١١٣

توافق الاثنى عشر ، والاثنين والأربعين في السّدس.

ومثال المتوافقة مع الانكسار على أكثر من فريق ستّ زوجات ، كما يتّفق في المريض يطلّق ثمّ يتزوّج ويدخل ، ثمّ يموت قبل الحول ، وثمانية من كلالة الامّ ، وعشرة من كلالة الأب ، فالفريضة اثنى عشر مخرج الرّبع والثّلث ، للزّوجات ثلاثة ، وتوافق عددهنّ بالثّلث ولكلالة الامّ أربعة وتوافق عددهنّ بالرّبع ، ولكلالة الأب خمسة توافق عددهم بالخمس ، فتردّ كلّا من الزّوجات والإخوة من الطّرفين إلى اثنين ، لأنّهما ثلث الأوّل ، وربع الثّانى ، وخمس الثّالث ، فيتماثل الأعداد ، فيجتزى باثنين ، فتضربهما في اثنى عشر ، تبلغ أربعة وعشرين.

فمن كان له سهم أخذه مضروبا في اثنين ، فللزّوجات ستّة ، ولإخوة الامّ ثمانية ، ولإخوة الأب عشرة لكلّ سهم.

ومثال المتماثلة ثلاثة إخوة من أب ، ومثلهم من أمّ ، أصل الفريضة ثلاثة ، والنّسبة بين النّصيب والعدد مباينة ، والعددان متماثلان ، فتجزى بضرب أحدهما في أصل الفريضة تصير تسعة.

ومثال المتداخلة كما ذكر ، إلّا أنّ إخوة الامّ ستّة ، فتجزى بها ، وتضربها في أصل الفريضة ، تبلغ ثمانية عشر ، وقد لا تكون متداخلة ، ثمّ نؤل إليه كأربع زوجات ، وستّة إخوة ، أصل الفريضة أربعة مخرج الرّبع ينكسر على الفريقين ، وعدد الإخوة يوافق نصيبهم بالثّلث ، فتردّهم إلى اثنين ، وعدد الزّوجات تباين نصيبهنّ ، فتبقيهنّ بحالهنّ ، فيدخل ما بقى من عدد الإخوة في عددهنّ ، فتجزى به ، وتضربه في الأربعة يكون ستّة عشر.

وبما ذكرناه من الأمثلة يظهر حكم ما لو كان لبعض الفرق وفق دون

١١٤

الباقى ، أو بعضها متماثل ، أو متداخل دون بعض.

بقى الكلام في مسئلتين :

الاولى : مشتملة على العول ، وهو (١) : أن تقصر الفريضة عن السّهام بدخول أحد الزّوجين ، كبنتين وأبوين مع أحد الزّوجين ، وبنتين وأحد الأبوين مع الزّوج واختين لأب واختين لأمّ مع أحد الزّوجين ، فيدخل النّقص على البنت والبنات إن اتّفقن ، وعلى قرابة الأب من الأخوات ، لا على الجميع.

والثّانية : مستلزمة للتّعصيب ، وهى : أن تزيد الفريضة على السّهام ، كما لو خلّف الميّت بنتا واحدة ، أو بنات ، أو اختا ، أو أخوات ، أو بنتا ، أو أبوين ، أو أحدهما ، أو بنات ، واحدهما ، فيردّ الزّائد على ذوى السّهام عدا الزّوج والزّوجة ، والامّ مع الإخوة إمّا مع عدمهم ، فيردّ عليها أو يجتمع ذو سببين ، كالأخت من الأبوين مع ذي سبب واحد ، كالإخوة من الامّ ، فيختصّ الرّدّ بذى السّببين ، ولا شي‌ء عندنا للعصبة ، أعنى : ذكور قرابة الأب ، بل في فيه التّراب.

__________________

(١) وهى ، خ ل.

١١٥

المطلب الرّابع

في الكسور :

وهى ، تسعة : النّصف ، والثّلث ، والرّبع ، والخمس ، والسّدس ، والسّبع ، والثّمن ، والتّسع ، والعشر ، يحصل مخرج الكسور التّسعة ، وهو : ألفان وخمسمائة وعشرون من ضرب أيّام الشّهر في عدد الشّهور ، والحاصل من الضّرب ، أعنى : ثلاثمائة وستّين في أيّام الاسبوع ، أعنى : السّبعة ، وأيضا يحصل من ضرب مخارج الكسور التّسعة الّتي فيها حرف العين ، أعنى : الرّبع ، والسّبع ، والتّسع ، والعشر ، بعضها في بعض ، فتضرب أوّلا الأربعة في السّبعة ، فيحصل ثمانية وعشرون ، فتضرب الحاصل في التّسعة ، فيحصل مائتان واثنان وخمسون.

ثمّ تضرب هذا المرتفع بالعشرة ، فيحصل : ألفان وخمسمائة وعشرون ، وهو المطلوب.

وسئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن ذلك ، فقال عليه‌السلام : اضرب أيّام اسبوعك في أيّام سنتك ، وهى ثلاثمائة وستّون ، فبضرب السّبعة في ثلاثمائة يحصل : ألفان ومأئة ، وفي ستّين يحصل أربعمائة وعشرون.

١١٦

فالمجموع ألفان وخمسمائة وعشرون ، فإذا قسمتها بالكسور التّسعة ، تكون حصّة كلّ واحد بعدد ما رقم في تحته :

نصفه ، وثلثه ، وربعه ، وخمسه ، وسدسه ، وسبعة ، وثمنه ، وتسعه ، وعشره

١٢٦٠ ٨٤٠ ٦٣٠ ٥٠٤ ٤٢٠ ٣٦٠ ٣١٥ ٢٨٠ ٢٥٢

فما في كتاب الله العزيز من هذه الكسور التّسعة ستّ من دون خلاف ، سوى من لا يعتدّ بخلافه ، ولعلّه من العامّة العمياء حيث قال : إنّها خمس بإسقاط الثّلاثين ، استنادا إلى أنّهما تضعيف الثّلث للبنت الواحدة مع الولد ، وإنّما يضاعف إذا زادت للزيادة ، وهو غريب بعد ملاحظة ما يردّ عليه ، من أنّه لو كانت البنات ثلاثة فصاعدا لا يكون لكلّ واحدة ثلث ، بل الثّلثان للمجموع ، كثلث كلالة الامّ الّذي لا ريب أنّه تضعيف السّدس ، وقد جعله سهما ، كالنّصف المعلوم إنّه تضعيف الرّبع المعلوم إنّه تضعيف الثّمن الّذي يلزم انحصار الفرائض على مذهب هذا الحرف فيه في الأوّل ، وهو النّصف ، والرّبع ، والثّمن ، والثّلثان ، والثّلث ، والسّدس ، وهذه هى السّهام المقدّرة في الميراث ، وإليها أومأت بقولى ناظما. (١)

وإليها أشار الشّيخ الأفخم الشّيخ محمّد على الأعسم بقوله أيضا :

لم يهمل الله الفروض حتّى

ضمّنها الوحى فكانت ستّا

النّصف والرّبع وسدس وثمن

والثّلث والثّلثان ليس غيرهنّ

__________________

(١) بقولى ناظما :

إنّ الفروض في كتاب الله

ستّة أسهم بلا اشتباه

فالثّمن ثمّ ضعفه فضعفه

والسّدس ثمّ ضعفه فضعفه

أصل كسر مفرد منطق نه است

برشمارم يك بيك واتمام

نصف وثلث وربع وخمس وسدس وسبع

ثمن وتسع وعشر باشد والسّلام

١١٧

فالنّصف للبنت وللبنتين

ثلثان مثل الاخت والاختين

للأبوين وأب وتعتبر

خلوّ دين الموضعين من ذكر

والزّوج يعطى النّصف لا مع الولد

وسهمه الرّبع وإن كان اتّحد

ولكلالة لأمّ ينفرد

سدس وثلثه بالسّواء إن يرد

والثّلث للأمّ إذا لم تحجب

بولد أو أخوين من الأب

والسّدس إن تحجب لفرض والده

مع ولد يمنعه عن زائده

وفي اجتماع الأبوين الباقى

من فرضها للأب باتّفاق

بالأخوين حجبها فصاعدا

وتحسب الاختان فيه واحدا

للأبوين أو أب كما سبق

وليس فيهم كافرا واسترق

وفي الّذي تقيل قولان ولا

حجب لحمل قيل أن ينفصلا

والمال يعطى ربّ فرض انفرد

البعض بالفرض وباقيه بردّ

كذلك يعطى الكلّ دون البعض

إن ينفرد من لم يكن ذا فرض

واستثن في الزّوجة حكم الرّدّ

لا الزّوج لكن قيل بالتّعدى

وإن يزد على ذوى الفروض

ردّ لهم بنسبة المفروض

ما لم يكن للبعض فيهم حجب

فإنّه للفرض له فحسب

والكلّ حقّ الوارث القريب

إذ لا نقول نحن بالتّعصيب

على انتفائها من الأصحاب

طالبها في فمه التّراب

والعول في قسمة إرث الميّت

يبطل باتّفاق أهل البيت

لم يفترض سبحانه في المال

ما لم يسعه ذا من المحال

لكن يكون النّقص للبنتين

والبنت أو للأخت والاختين

وكلّ ذي فرضين كلّما يصدّ

عن واحد فهو إلى الثّانى يردّ

١١٨

لا يدخل النّقص عليه في الحصص

لو زادت السّهام والمال نقص

نصّ على ذاك أئمّة الهدى

وضلّ عنه غيرهم وما اهتدى

ومن يكن ذا سببين اجتمعا

يعلمهما إلّا لأمر منعا

كالزوج لو كان لها ابن عمّ

لا كابن عمّ وأخ للأمّ

للولد المال وإن تعدّدوا

فهم سواء وكذا من ولدوا

وفي اختلاف يقسمون الإرثا

للذّكر السّهمان ضعف الانثى

وإن يكن أب وأمّ فكذا

يقتسمون بعد ما قد أخذا

وإن يكونا مع بنت أو أحد

هذين مع بنتين فالفضل يردّ

أخماسا إلّا مع وجود الدّاعى

للحجب للأمّ فبالازدواج

وقيل لا اعتبار بالّذي اقترب

به بنوا الأولاد من أمّ وأب

ثمّ بنوا الأبناء كالأبناء

من بعدهم في شركة الآباء

بالإرث بينهم به داعى الضّابطة

في قسمة الولد بغير واسطة

يأخذ في المشهور أولاد الولد

سهم أبيهم والصّحاح المستند

والزّوج والزّوجة إن يتّفقا

فرضهما الأدنى كما قد سبقا

لولد البنت نصيب امّه

ولابنه الابن تمام سهمه

وقال بعض من علماء العامّة :

نصف وربع ثمّ نصف الرّبع

والسّدس والثّلث بنصّ الشّرع

والثّلثان وهما التّمام

فاحفظ لكلّ حافظ مقام

إنّ الفروض في كتاب الله

ستّة أسهم بلا اشتباه

فالثّمن ثمّ ضعفه فضعفه

والسّدس ثمّ ضعفه فضعفه

١١٩

فالأوّل ، أعنى : النّصف ، ذكره الله سبحانه وتعالى في ثلاثة مواضع ، حيث قال عزوجل : « وَإِنْ كانَتْ ـ يعنى : البنت واحِدَةً ـ فَلَهَا النِّصْفُ » (١).

وقال سبحانه : « وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ » (٢).

وقال عزّ من قائل : « وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ » (٣).

والثّانى : نصف النّصف ، وهو الرّبع ، نصّ عليه تعالى في موضعين :

أحدهما : « فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ » (٤).

وثانيهما : « وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ » (٥).

والثّالث : نصفه ، وهو الثّمن ، ذكره الله سبحانه وتعالى مرّة واحدة في قوله : « فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَكْتُمْ » (٦).

والرّابع : الثّلثان ، نصّ عليه عزوجل في موضعين :

أحدهما : في البنات ، « فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ » (٧).

وثانيهما : في الأخوات ، في قوله عزّ اسمه : « فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمّا تَرَكَ » (٨).

والخامس : نصفه ، وهو الثّلث ذكره سبحانه وتعالى أيضا في موضعين :

أحدهما : في الامّ في قوله « فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ » (٩).

__________________

(١) سورة النّساء ، الآية ١١.

(٢) سورة النّساء ، الآية ١٢.

(٣) سورة النّساء ، الآية ١٧٦.

(٤) سورة النّساء ، الآية ١٢.

(٥) سورة النّساء ، الآية ١٢.

(٦) سورة النّساء ، الآية ١٢.

(٧) سورة النّساء ، الآية ١١.

(٨) سورة النّساء ، الآية ١٧٦.

(٩) سورة النّساء ، الآية ١١.

١٢٠