الرسائل التسع

الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي [ المحقق الحلّي ]

الرسائل التسع

المؤلف:

الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي [ المحقق الحلّي ]


المحقق: رضا الاستادي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٩

الروح سابق على الإشعار والذي دلّت عليه الروايات انّه إن لم يكن أشعر وتمّ خلقه لم يحلّ وإن أشعر وأوبر فذكاته ذكاة امّه أمّا أنّه يشعر ولم تلجه الروح فهو مستبعد جدّا.

ودلّ على ما قلنا رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام وعبد الله بن مسكان عن أبي جعفر عليه‌السلام ومحمّد بن مسلم عن أحدهما وجراح المدائني ويعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١٦) وفي حديث ابن مسلم عن قول الله سبحانه ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ ) فقال : الجنين في بطن امّه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة أمّه فذلك الذي عنى الله عزوجل (١٧). ولم يشترطوا عدم الولوج ورووا جميعا إن لم يكن تامّا فلا يأكله ، وبعد هذا التقدير فلا ضرورة لبيان الفرق الذي ذكره الشيخ في النهاية وينزّل الحكم على ظواهر هذه النصوص.

المسألة الحادية عشرة

في امرأة وكّلت رجلا على أن يزوّجها برجل وشرطت عليه أن يعقد العقد

__________________

(١٦) عن الحلبي قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا ذبحت الذبيحة فوجدت في بطنها ولدا تامّا فكل وإن لم يكن تامّا فلا تأكل. التهذيب ٩ ـ ٥٨ ـ الكافي ٦ ـ ٢٣٤.

عن ابن سنان ( ابن مسكان خ ) عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال في الذبيحة تذبح وفي بطنها ولد قال : ان كان تامّا فكله فان ذكاته ذكاة امّه وان لم يكن تامّا فلا تأكل. التهذيب ٩ ـ ٥٨ الفقيه طبع النجف ٣ ـ ٢٠٩ عن محمد بن مسلم.

عن جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا ذبحت ذبيحة وفي بطنها ولد تامّ فان ذكاته ذكاة امّة فان لم يكن تامّا فلا تأكله. التهذيب ٩ ـ ٥٩.

عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحوار تذكّى أمّه أيؤكل بذكاتها؟ فقال : إذا كان تامّا ونبت عليه الشعر فكل. التهذيب ٩ ـ ٥٩ ـ الكافي ٦ ـ ٢٣٤.

(١٧) الوسائل ١٦ ـ ٢٧٠ ـ الكافي ٦ ـ ٢٣٦ ـ الفقيه ٣ ـ ٢٠٩ والتهذيب ٩ ـ ٥٨ محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام.

٢٤١

على خمس مائة دينار فعقد لها الوكيل على ثلاثمائة دينار فهل يكون العقد صحيحا ويلزم الوكيل تمام المهر أو يكون فاسدا وهل إذا دخل بها ولم تعلم يكون لها فسخ النكاح وتطالب بما شرط على الوكيل أو تطالب الزوج بما انعقد عليه العقد أو يكون لها مهر المثل؟

الجواب

الذي يقتضيه النظر أنّ العقد المذكور غير مأذون فيه فيكون لها الخيار في الفسخ والإمضاء ، فإن دخلت وقد علمت قبل الدخول فهو إجازة العقد والمهر ، وإن دخلت ظنا أنّ المهر كما أمرت فخيارها باق ، فإن أجازت فلها المسمّى ، وإن فسخت فلها مهر المثل بما استحلّ منها.

المسألة الثانية عشرة

في رجل عقد على امراة وعيّن في العقد أن يكون المهر أحد عشر رأسا بقرا وثلاث جوار وأحدا وعشرين رأسا غنما ولم يذكر أجناسها ولا وصفها ودخل بها فهل يكون لها من البقر والغنم والجواري أوسطها كما لو عقد على دار أو خادم أو يكون مهر المثل؟

الجواب

الذي يومئ إليه شيخنا الطوسي رحمه‌الله أنّ المسمّى مجهول فيسقط ويجب مهر المثل (١٨).

ومثله قول الشافعي ، لكنّ الشافعي يشترط كون المهر معلوما قياسا على

__________________

(١٨) قال الشيخ في الخلاف : إذا أصدقها عبدا مجهولا أو دارا مجهولة روى أصحابنا أنّ له دارا وسطا أو عبدا وسطا. وقال الشافعي : يبطل المسمّى ويجب لها مهر المثل. دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم فإنّه ما اختلفت رواياتهم ولا فتاواهم في ذلك. الخلاف ٢ ـ ١٩٢. وهذا لا يوافق ما نقله المصنّف عنه.

٢٤٢

البيع (١٩) ، وليس ذلك عندنا حجّة.

وأبو حنيفة يجيز العقد على ما علم جنسه وجهل وصفه كالصورة المذكورة في السؤال فلو عقد على ثوب أوجب مهر المثل لأنّه مجهول الجنس ولو عقد على عبد أو رأس غنم قال بصحّته لانّه ليس بأعظم جهالة من مهر المثل وهو أيضا احتجاج ضعيف. ثمّ مع ذلك يسقط في هذه المواضع الأعلى والأدون ويلزمه الوسط لتكافؤ الطرفين (٢٠).

أمّا الشيخ فقد روى في الخادم والبيت لزوم الأوسط عملا برواية علي بن أبي حمزة (٢١) وهو واقفي ضعيف.

وروى أيضا في الدار أنّه يلزم الأوسط برواية ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وهذه الرواية مرسلة (٢٢) ، فهما ضعيفان فلا تكون إحداهما حجّة.

لكنّ الشيخ رحمه‌الله قال في المبسوط : وبذلك افتي (٢٣).

وحيث لا نصّ لأصحابنا في ذلك على التعيين فالذي يقتضيه النظر لزوم المسمّى وإن كان مجهول الوصف لقوله عليه‌السلام : المهر ما تراضى به

__________________

(١٩) راجع الفقه على المذاهب الأربعة ٤ ـ ١٠٤.

(٢٠) راجع الفقه على المذاهب الأربعة ٤ ـ ١٠٣.

(٢١) التهذيب ٧ ـ ٣٦٦. قال في الجواهر : وفي المبسوط فيما إذا أصدقها عبدا مجهولا : قد روى أصحابنا أنّ لها خادما وسطا وكذلك قالوا في الدار المجهولة وهو الذي نفتي به ، وفي موضع آخر منه : لها عبد وسط عندنا وعند جماعة ـ إلى أن قال ـ كذلك إذا قال : تزوجتك على دار مطلقا فعندنا يلزم دارا بين دارين. راجع جواهر الكلام ٢٠ ـ ٣١.

(٢٢) التهذيب ٧ ـ ٣٧٥. قال الشيخ في النهاية ٤٧٣ : ومتى عقد على دار ولم يذكرها بعينها أو خادم ولم يذكره بعينه كان للمرأة دار وسط من الدور وخادم وسط من الخدم.

(٢٣) لم أجده في المبسوط في مظانّه ، ولكن نقله في الجواهر ٢٠ ـ ٣١ عن المبسوط فراجع.

٢٤٣

الأهلون (٢٤) ، وقول الصادق عليه‌السلام : المهر ما تراضى عليه الناس (٢٥) وإذا تقرر جوازه كان تعيينه موكولا إلى الزوج بما يقع عليه من ذلك الجنس كالأوامر الشرعيّة ، فإنّ الدية من مسانّ الإبل ولا وصف لها بأزيد من السنّ (٢٦). وفي أذى حلق الرأس شاة (٢٧) ، وفي كفّارة الظهار عتق رقبة (٢٨) ، وكما جاز أن يرد الأوامر الشرعيّة لما لم يقيّد بالوصف وكذا يجوز في المهر وليس ذلك بأبلغ جهالة من تفويض تقدير المهر إلى الزوج بأن يفرض دينارا أو مائة وقد أجمع أصحابنا على جوازه (٢٩).

فهذا ما أدّى إليه نظري ، ولكنّ الشيخ الطوسي رحمه‌الله وأتباعه (٣٠) على ما حكينا عنه من إيجاب مهر المثل إلّا في الخادم والبيت والدار فإنّه يوجب الوسط تبعا للرواية (٣١).

المسألة الثالثة عشرة

قوله في النهاية : ولا يجوز أن يستأمن على طبخ العصير من يستحلّ شربه على أقلّ من الثلث وإن ذكر أنّه على الثلث ، ويقبل قول من لا يشربه إلّا على

__________________

(٢٤) سنن البيهقي ٧ ـ ٢٣٩.

(٢٥) الوسائل ١٥ ـ ١ ـ الكافي ٥ ـ ٣٧٨ والتهذيب ٧ ـ ٣٥٤.

(٢٦) عن الصادق عليه‌السلام في دية العمد : مائة من فحول الإبل المسانّ. رواه في الوسائل ١٩ ـ ١٤٧ والفقيه ٤ ـ ٧٧ والتهذيب ١٠ ـ ١٤٠ والاستبصار ٤ ـ ٢٦٠.

(٢٧) راجع الباب ٤٠ من أبواب ما يجب اجتنابه على المحرم من كتاب الحجّ من جامع أحاديث الشيعة.

(٢٨) في القرآن الكريم ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ). سورة المجادلة : ٣.

(٢٩) راجع الشرائع للمصنّف ٢ ـ ٣٢٧.

(٣٠) كابني زهرة والبرّاج بل ابن إدريس كما في جواهر الكلام ٢٠ ـ ٣٠.

(٣١) يعني روايتي علي بن أبي حمزة وابن أبي عمير المذكورتين آنفا.

٢٤٤

الثلث إذا ذكر أنّه كذلك وإن كان على أقلّه ويكون ذلك في رقبته (٣٢). قوله : على أقلّ من الثلث لكان ينبغي أن يقول : على أكثر أم كيف القول فيه؟

الجواب

لا ريب أنّ في كلام الشيخ رحمه‌الله اضطرابا ولم يستقم إلّا أن يجعل موضع « أقل » « أكثر » ، والظاهر أنّه من زوغ القلم ، وتدلّ عليه رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قلت : الرجل من أهل المعرفة يأتي بالبختج يقول : هو على الثلث وأنا أعرف أنّه يشرب على النصف ، فقال : خمر لا تشربه ، قلت : فرجل من غير أهل المعرفة يشربه على الثلث ولا يستحلّ شربه على النصف يخبر أنّه على الثلث نشرب منه؟ قال : نعم (٣٣).

المسألة الرابعة عشرة

في رجل في جواره ذمّي هل له أن يعلو بنيانه على المسلم؟

الجواب

أفتى الشيخ الطوسي ومن تابعه على المنع من ذلك وهو مذهب العلماء ممّن ذكر ذلك ولم أعلم فيه مخالفا (٣٤). واستدلّ المفتون بذلك بقوله عليه‌السلام : الإسلام يعلو ولا يعلى [ عليه ] (٣٥) ولأنّ فيه تسليطا عن المسلم وظهورا عليه.

وهذا إنّما يكون في ما يستجدّه من الأبنية ويعلو به على جاره ، لا على من بعد عنه ، ولا [ ما ] ينتقل إليه من مسلم ، ولا ما كان عاليا واستقلّ جاره (٣٦) عنه ، ولو استهدم جاز رمّه وإن كان أشرف ، أمّا لو انهدم حاذى به إن شاء ولم يعل.

__________________

(٣٢) النهاية ص ٥٩١ ، وفيه : « يؤتمن » مكان « يستأمن ».

(٣٣) الوسائل ١٧ ـ ٢٣٤ ـ الكافي ٦ ـ ٤٢١ والتهذيب ٩ ـ ١٢٢ مع اختلاف لا يغيّر المعنى.

(٣٤) راجع المبسوط للشيخ الطوسي ٢ ـ ٤٦.

(٣٥) الوسائل ١٧ ـ ٣٧٦ ـ الفقيه ٤ ـ ٢٤٣.

(٣٦) أي بنى جاره المسلم بنيانه بحيث صار بنيان الذمّي عاليا.

٢٤٥

المسألة الخامسة عشرة

في رجل صلّى العصر في وقت الظهر ساهيا هل تصحّ صلاة العصر أم لا؟ وهل يصحّ أن يستدلّ على صحتها بقوله عليه‌السلام : « إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين إلّا أنّ هذه قبل هذه » (٣٧) وعلى تقدير الصحّة يصلّي الظهر أداء أم قضاءا.

وكذا إذا صلّى الظهر في الوقت المختصّ بالعصر ساهيا أيضا ، ما الحكم في ذلك؟.

الجواب

الذي استقرّ في المذهب أنّ الظهر مختصّ من أوّل الوقت بقدر أدائها والعصر من آخر الوقت بقدرها ، وما بينهما مشترك ، فإن كان صلّى العصر في الوقت المشترك فصلاته صحيحة ، لكنه أخلّ بالترتيب سهوا غير مبطل (٣٨) ويؤدي الظهر بعد ذلك أداء لا قضاءا.

أمّا لو صلّى العصر في أول الوقت الذي هو للظهر خاصّة ولم يزد عنه بقدر ما يدخل في وقت العصر وهو متلبّس بها كانت العصر باطلة ثمّ يستأنف.

وكذا البحث في العصر.

ولا يمكن أن يستدلّ على صحّة العصر بقوله : « إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين » لأنّه لا يريد بذلك تساويهما في الوقت ، بل لمّا لم يكن للظهر مقدّر سوى قدر أدائها ، وذلك غير مضبوط ، أطلق اللفظ بذلك ثمّ قيّده بقوله : « إلّا أنّ هذه قبل هذه » وفي رواية أخرى : « إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر فإذا

__________________

(٣٧) الوسائل ٣ ـ ٩٥ ـ الكافي ٣ ـ ٢٧٦ ـ التهذيب ٢ ـ ٢٧.

(٣٨) كذا في الأصل ولعلّ الصحيح : وهو غير مبطل.

٢٤٦

مضى قدر أربع ركعات دخل وقت العصر » (٣٩) وهذا التقدير يزيل ما ذكره.

المسألة السادسة عشرة

في رجل عقد على امرأة وهو محرم وهي محرمة ودخل بها جاهلا بالتحريم هل تحرم عليه أو ينفسخ النكاح وتحلّ بعقد مستأنف. وكذا لو عقد عليها عالما بالتحريم ولم يدخل بها هل تحلّ له إذا انقضى الإحرام؟

الجواب

الذي ظهر من فتوى الأصحاب أنّه إذا عقد عالما بالتحريم حرمت عليه أبدا سواء دخل أم لم يدخل لما روى زرارة وداود بن سرحان وأديم بن بياع الهروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : المحرم إذا تزوّج وهو يعلم أنّه حرام لا تحلّ له أبدا (٤٠).

ولو عقد جاهلا بالتحريم فسد العقد ولم تحرم ثمّ يستأنف عقدا إن شاء ، وقد روي ذلك عن علي عليه‌السلام ، سئل عن محرم ملك بضع امرأة وهو محرم قال يخلّي سبيلها حتى تحلّ فإذا أحلّ خطبها إن شاء (٤١). أمّا لو دخل مع جهالته بالتحريم فقد قال الشيخ في مسائل الخلاف (٤٢) : تحرم أبدا ولست أعرف لما ذكره مستندا.

المسألة السابعة عشرة

في رجل أحرم بعمرة متمتّعا وضاق عليه الوقت عن إتمامها فهل يجوز أن

__________________

(٣٩) التهذيب ٢ ـ ٢٥ مع اختلاف يسير.

(٤٠) الوسائل ١٤ ـ ٣٧٨ ـ الكافي ٥ ـ ٤٢٦ والتهذيب ٧ ـ ٣٠٥ مع اختلاف يسير.

(٤١) جامع أحاديث الشيعة ١١ ـ ١٦٧ ـ التهذيب ٥ ـ ٣٣٠.

(٤٢) الخلاف ١ ـ ٤٤٤ قال فيه : دليلنا إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط وأخبارهم قد ذكرناها في الكتاب الكبير.

٢٤٧

يجعل عمرته حجّا ويعتمر بعد قضاء المناسك كأهل مكّة؟

الجواب

نعم يجعل عمرته حجّا ويأتي بعمرة مفردة بعد إكمال حجّه ولست أعرف فيه خلافا (٤٣).

المسألة الثامنة عشرة

في رجل عليه دين فلّما حضرته الوفاة أحضر جماعة يقبل قولهم وأشهدهم أنّ الدين الذي عليه لفلان باق في ذمّته ، ثم أحضر المقرّ له شهودا غير الذين شهدوا عند الموت ، فشهدوا بأنّ الدين على المقرّ في ذمّته في حال صحّته لا في حال المرض فهل بقي على المقرّ له يمين أم لا وإن أحلفه أحد الورثة يكون بفعله مخطئا؟

الجواب

ليس على المقرّ له يمين والحال هذه ، لأنّ اليمين على دين الميّت ليس لإثبات الدين ، لأنّ البيّنة كافية في إثباته في ذمّته ، بل لمّا كان يمكن أن يكون قضاه احتاط الشرع للميّت بإحلاف صاحب الدين أنّ الدين باق في ذمّة الميّت لم يقضه ولا شيئا منه ، فإذا كان الميّت مقرّا بذلك عند موته ولم يمض بعد ذلك زمان يمكن أن يكون صاحبه قد قبض منه شيئا لم يكن لليمين وجه ، ولو أحلفه الوارث بعد ذلك كان بفعله مخطئا إذ (٤٤) ألزمه اليمين قهرا.

المسألة التاسعة عشرة

في رجل عقد على امرأة بمهر مبلغه مائتا دينار ثمّ كرهته وامتنعت من

__________________

(٤٣) راجع الخلاف ١ ـ ٤١٩.

(٤٤) إذا ، كذا في بعض النسخ.

٢٤٨

الدخول به (٤٥) وبذلت الصداق بأجمعه فطلّق على ما بذلت ، فهل يكون للزوج إلزامها بنصف الصداق أم لا؟ وكذا إذا وهبته الصداق قبل الدخول ثم طلّقها هل له مطالبتها بشي‌ء أم لا؟.

الجواب

نعم يرجع عليها بنصف الصداق في الحالين لأنّ ذلك يجري مجرى القبض ، وهو مذهب الأصحاب ، ورواه جماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام منهم شهاب بن عبد ربّه في رجل تزوّج امرأة على ألف فوهبتها له فقبل ، ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها قال : لا شي‌ء لها وتردّ عليه خمسمائة دينار (٤٦).

المسألة العشرون

في دار بين جماعة فباع أحدهم على امرأة جميع الدار وأشهد عليه جماعة وتصرّفت المرأة ولم تعلم أنّ لأحد فيها شيئا غير البائع ، ثمّ حضر بقيّة الشركاء وانتزعوها وألزموها بأجرة الدار عن المدّة التي تصرّفت فيها ، فربما بلغت الأجرة بقدر الثمن ، وألزموها بأرش ما تشعث من الدار ، فهل لهم ذلك ، وإذا كان لهم ذلك هل يرجع على من غرّها وباعها بالأجرة وبما اغترمه من النقيصة؟ وما وجه ذلك أفتنا مثابا؟.

الجواب

يمضي البيع في حصّة البائع ، وللباقين انتزاع الحصص المختصّة بهم ، والمطالبة بأجرة حصصهم ونصيبهم من أرش ما تشعث ، وترجع على البائع بما دفعته من الثمن في مقابلة حصصهم ، وبما غرمته من الأرش إن لم تكن هي المتلفة ، وأمّا السكنى فلا يرجع بها ، لأنّ السكن منفعة متقوّمة شرعا فلا يسقط

__________________

(٤٥) كذا.

(٤٦) الوسائل ١٥ ـ ٥٠ ـ الكافي ٦ ـ ١٠٧ وفيه : ابن شهاب والفقيه ٣ ـ ٣٢٨ والتهذيب ٧ ـ ٣٧٤.

٢٤٩

بإباحة البائع.

وبهذا يفتي الشيخ أبو جعفر رحمه‌الله في المبسوط وأتباعه (٤٧).

المسألة الحادية والعشرون

في رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فصام من الشهر الأوّل أيّاما ومرض ثمّ برأ من مرضه بعد الإفطار فهل يلزمه أن يصوم ما بقي من الشهر متتابعا حتّى يصوم من الشهر الثاني ما يدخل به في التتابع أم لا؟.

الجواب

نعم يجب أن يصوم متتابعا ما بقي عليه من الشهرين لكنّه إذا أكمل شهرا ومن الثاني شيئا ثم فرّق الباقي صحّ التتابع ويكون مخطئا في ترك التتابع وإن صحّ له البناء (٤٨).

المسألة الثانية والعشرون

في رجل عليه صوم شهرين متتابعين هل يجوز أن يصوم شعبان وتحصل الموالاة بصوم شهر رمضان أو يصوم بعد العيد من شوّال ما يدخل به في التتابع بينه وبين شعبان؟.

الجواب

لا يجزيه صوم شعبان متّصلا برمضان بل لا يتحقّق التتابع إلّا بصوم

__________________

(٤٧) لم أجد هذه المسألة في المبسوط مع فحص كثير في مظانّه.

(٤٨) العبارة الأخيرة فيها إبهام. قال المصنّف في الشرائع ١ ـ ٢٠٦ : وكلّ ما يشترط فيه التتابع ، إذا أفطر في أثنائه لعذر بنى عند زواله ، وإن أفطر لغير عذر استأنف إلّا ثلاثة مواضع : الأوّل : من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ومن الثاني شيئا ولو يوما بنى ولو كان قبل ذلك استأنف ..

٢٥٠

شهرين أو صوم شهر ومن الثاني شيئا عن الكفّارة الواجبة لا واجب غيره (٤٩) ولو صام يوم العيد لم يجزه في التتابع عن الكفّارة وافتقر مع شوّال إلى صيام يومين فصاعدا من ذي القعدة حتّى يكون متتابعا بالقدر الذي يصحّ معه البناء ويسقط صوم شعبان أصلا بالنظر إلى الكفّارة.

المسألة الثالثة والعشرون

من شك بين الأربع والخمس وهو قائم بعد رفع رأسه من الركوع ، هل تكون صلاته صحيحة أو فاسدة؟.

وكذا إذا شكّ قبل الركوع يبني على الأربع ويصلّي ركعة من قيام ويكون حكمه حكم من شكّ بين الثلاث والأربع؟.

وكذا إذا شك بين الأربع والخمس وهو جالس ما العلّة في وجوب سجدتي السهو؟.

ولم لا يبني على الأربع ويطرح السجدتين؟.

الجواب

نعم صلاته صحيحة ويتمّ السجدتين ، ولا تبطل صلاته بشكّه قبل الإتيان بالسجدتين ، لأنّ الركعة واحدة الركوع وعند إيقاع الركوع تسمّى ركعة وليس تسميتها ركعة مشروط بالإتيان بالسجدتين ، لأنّ الركعة الواحدة ، والركوع جنس ، كالسجدة والسجود والركبة والركوب.

وإذا شكّ قبل الركوع لم يتحقّق شكّه بين الركعة الرابعة والخامسة ، بل يكون كالشاك بين الثلاث والأربع ، فيبني على الأربع ويجبر صلاته بركعة بعد التسليم.

__________________

(٤٩) كذا. قال المصنّف في الشرائع ١ ـ ٢٠٦ : فمن وجب عليه شهران متتابعان لا يصوم شعبان إلّا أن يصوم قبله ولو يوما ..

٢٥١

ولو شكّ بين الأربع والخمس وهو جالس ، سلّم وسجد سجدتي السهو لاحتمال الزيادة.

ولا يجوز أن يطرح السجدتين لتلبّسه بالركوع الذي يصدق عليه مسمّى الركعة وهي ممّا يحتمل أن تكون خامسة ورابعة وترك السجدتين من ركعة إبطال للصلاة.

المسألة الرابعة والعشرون

ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من صام رمضان وستّة أيّام من شوّال كان له ثواب من صام الدهر » (٥٠) كيف يستقيم هذا الكلام وصيام الدهر من جملة هذه المدّة إذ لا يسمّى صائم الدهر إلّا مع هذه المدّة وإذا كان له مثل أجر صائم الدهر فلا حاجة إلى صيام زيادة عنها حيث حصل بثواب المدّة المعينة وكذا قولهم عليهم‌السلام : « صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر يعدل صوم الدهر » (٥١) فما وجه ذلك أفتنا مأجورا؟.

الجواب

يحتمل ذلك وجوها :

أحدها أن يكون ذكر ذلك للمبالغة في الحثّ على صيام الأيّام ، وأطلق ذلك المقاربة ثوابه ، كقوله تعالى ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) (٥٢) والمراد قاربي البلوغ لأنّ مع البلوغ الحقيقي لا يبقى إمساك ، فكأنّه يقول يقارب صوم الدهر.

__________________

(٥٠) راجع جامع أحاديث الشيعة ٩ ـ ٤٠٩ باب استحباب صوم ستة أيّام بعد شهر رمضان. ورواه الترمذي في سننه ٢ ـ ١٣٠.

(٥١) رواه في الوسائل ٧ ـ ٣٠٣ عن الكتب الأربعة وغيرها.

(٥٢) سورة الطلاق : ٢.

٢٥٢

ومنها أن يكون للدهر منفردا عنها أجر ولها أجر بقدر ذلك ، ويكون إطلاق الدهر على ما عدا الأيّام المعيّنة إطلاق بحسب الأغلب فإنّ أكثر الشي‌ء ومعظمه يطلق عليه اسمه.

ومنها أن يكون لهذه الأيّام ثوابان ثواب باعتبار كونها متمّمة لمسمّى الدهر ، وثواب بخصوصيّتها فإن صمت في جملة الدهر حصل ثوابان ثواب الدهر باعتبارها وثواب لها أيضا بقدره ، وإن صمت منفردة حصل بها الثواب المختصّ بها ويكون بقدر ثواب صوم الدهر أيضا.

المسألة الخامسة والعشرون

في رجل مات وخلف تركة وأولادا وفيهم أكبر بما ذا يحبى؟ وهل إذا كان فاسد العقل يستحقّ ذلك أم لا؟ وكذا لو كان صحيح العقل فاسد التدبير مبذرا ما الحكم فيه؟.

الجواب

اختلفت الروايات في ذلك ومحصّلها أنّه يحبى بسيفه وخاتمه ومصحفه وثياب جسده إن خلف الميّت تركة غير ذلك ، أمّا إذا كان سفيها أو فاسد الرأي فقد قال في النهاية : لا يحبى (٥٣) ولست أعرف مستند هذا الاشتراط والأخبار مطلقة فينبغي العمل بإطلاقها.

المسألة السادسة والعشرون

في رجل توفّي وعليه ديون كثيرة ، والتركة تفضل عمّا عليه من ديون ، وله ولّي ثابت الوصيّة فباع من أملاكه شيئا بدون قيمتها حتّى أنّه يبيع ما قيمته خمسمائة دينار بمائتي دينار ، واعتمد على أملاك كثيرة من أملاك الموصي باعها على

__________________

(٥٣) النهاية ص ٦٣٤.

٢٥٣

بعض الورثة وأقرّ بأنّ جميع ما فيها من بذور وقوة للمشتري المذكور ، وصدّقه الورثة فهل يكون البيع صحيحا أم لا؟ وكذلك الإقرار يحكم بصحّته لمن اشترى الملك وأقرّ له بقية الورثة مع العلم بأنّه كان الذي في الملك من البذور والقوة للميّت فاستوعب الوصيّ أكثر أملاكه وكذا الورثة بالمشتري (٥٤) والإقرار ، ما الحكم فيه؟.

الجواب

لا يجوز للوصيّ أن يبيع شيئا بدون قيمة مثله في حال البيع ، ولا يصحّ إقراره بشي‌ء من التركة ، فإن كان الورّاث بالغين غير مولّى عليهم وصدّقوه صحّ ذلك إذا كان في الباقي وفاء للديون ، أو قضيت الديون من غيره ، فإن عجز الباقي عن الديون ولم يقضها الوارث ولا غيره ، كان لأرباب الديون إبطال البيوع والأقارير لاستيفاء ديونهم ، ولو قضيت الديون ثمّ باع أو أقر وأجازه الوارث الجائز التصرّف وصدّقه صحّ ذلك كلّه في ظاهر الشرع.

المسألة السابعة والعشرون

في شخص له على آخر دين وتعذّر عليه إثبات ذلك عند الحاكم لعدم البيّنة ولمن عليه الدين مال فهل يجوز لمن له الدين أن يأخذ من المال والعروض بقيمة ما يستحقّ في ذمّة الجاحد ويكون هو المقوّم على نفسه كما له أن يأخذ غير ذلك ممّا لا نماء (٥٥) له من مال الجاحد؟ أفتنا مأجورا.

الجواب

نعم يجوز لصاحب الدين مع تعذّر إثباته عند الحاكم أو لعدم البيّنة أن يأخذ من مال المدين من جنس ماله ومن غير جنسه عينا كان أو عروضا إذا

__________________

(٥٤) كذا ولعلّ الصحيح بالشرى.

(٥٥) كذا في النسخ ، ولعلّ الصحيح : ممّا ناله من مال الجاحد.

٢٥٤

قوّمه بالقيمة العدل وإن انفرد بالتقويم مالا (٥٦) كان أو غيره ، ويملك ذلك ملكا صحيحا وبرئ ذمّته عند الله تعالى وإن كان لا يتخلّص في الظاهر لو جحد غريمه ما به استحقّ المقاصّة.

المسألة الثامنة والعشرون

في رجل عقد على امرأة نكاح المتعة مثلا عشرة أيام غير متتالية مثل أن يقول : يوم الخميس ويوم السبت ويوم الاثنين ويوم الأربعاء هكذا حتّى تكمل المدّة ، فهل يصحّ هذا النكاح أم لا؟ ويكون الحجّة في جوازه أنّه يجوز أن يعقد على مدّة قبل ابتداء وقتها ، فهل يجوز مثل هذا ، أفتنا مأجورا.

الجواب

الوجه أنّه لا يصحّ العقد إلّا على مدّة متصلة بالعقد ، كما لا يجوز أن يعقد المستمتع على مدّة زائدة عن مدّته حتّى يهب لها ما بقي ويستأنف مدّة متصلة بعقده ، لئلّا يجتمع على الواحدة عقدان ، ولأنّه لو جاز العقد لمدّة متأخّرة عن العقد جاز لغيره أن يعقد عليها المدّة المتقدّمة لخلوّ بضعها فيها عن ملك الأوّل لكنّه باطل (٥٧).

المسألة التاسعة والعشرون

في شخص نذر أن يعتكف ثلاثة أيّام ولم يذكر أن يكون فيها صائما ، بل ذكر مجرّد الاعتكاف ، فهل يجب الصوم بمجرّد الاعتكاف أو يجوز أن يصوم تطوّعا ويصحّ به الاعتكاف. وكذا إذا نذر الاعتكاف ولم يذكر الصوم ، فإن قلت يجب الصوم بنفس الاعتكاف فما تقول لو نذر اعتكافا مطلقا هل يجوز أن

__________________

(٥٦) كذا.

(٥٧) قال في الشرائع ٢ ـ ٣٠٥ : ويجوز أن يعيّن شهرا متّصلا بالعقد ومتأخرا عنه ..

٢٥٥

يعتكف في شهر رمضان حيث قد وجب عليه صوم الاعتكاف ويتداخل الفرضان؟ وكذا إذا نذر أن يعتكف في مسجد من المساجد عدا المساجد المعيّنة للاعتكاف هل يصحّ النذر أم لا وما وجهه؟ أفتنا مثابا.

الجواب

نعم يجب الصوم بمجرّد نذر الاعتكاف لأنّه لا يصحّ الاعتكاف إلّا مع الصوم وهو إجماع منّا ويوافق عليه أبو حنيفة من الجمهور (٥٨) وما لا يتمّ الواجب إلّا به يجب كوجوبه. ولو اعتكف في رمضان أجزأ عن نذره المطلق لحصول شرطه كمن نذر الصلاة فإنّه تجب لها الطهارة ولو اتّفق متطهّرا أو تطهّر لغير الصلاة كالطواف جاز الدخول به في الصلاة لحصول الشرط المعتبر.

ولو اعتكف في رمضان كان جائزا وبرئ ذمته وليس هذا تداخلا ، لأنّ الصوم شرط في النذر وقد تحقّق.

أمّا إذا نذر الاعتكاف في غير مساجد الاعتكاف لم ينعقد النذر ، لأنّ من شرطه أن يكون مشروعا وإذا كان صحّة الاعتكاف مشروطا بشرط لا ينعقد النذر به مع عدمه.

وأمّا الاعتكاف في غير المساجد الأربعة فقد أجازه بعض الأصحاب في مساجد الجوامع دون غيرها واختصاصه بالأربعة فيه توقّف. فتلخص أنّه لا يصحّ في كلّ مسجد بل إمّا في المساجد الأربعة كما هو اختيار الشيخ أبي جعفر والمرتضى (٥٩) ومن تابعهما أو في مساجد الجوامع كما هو مذهب المفيد (٦٠) وجماعة

__________________

(٥٨) راجع الخلاف ١ ـ ٤٠٣ قال فيه : لا يصحّ الاعتكاف إلّا بصوم. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والثوري والأوزاعي ..

(٥٩) الخلاف ١ ـ ٤٠٥ والانتصار ص ٧٢.

(٦٠) قال في المقنعة ص ٥٨ : ولا يكون الاعتكاف إلّا في المسجد الأعظم ، وقد روي أنّه لا يكون إلّا في مسجد جمع فيه نبيّ أو وصيّ نبيّ .. ( أي المساجد الأربعة ).

٢٥٦

من الأصحاب. وقد روي من طرق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ عليا عليه‌السلام كان يقول : لا اعتكاف إلّا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول أو مسجد الجامع (٦١).

المسألة الثلاثون

قولهم إنّه يردّ بالجنون والجذام والبرص ما بينه وبين السنة ، هل يكون هذا جائزا مع التصرّف أو يبطل الردّ بمجرّد التصرّف مراعاة لقولهم عليهم‌السلام : التصرّف يبطل الرّد بالعيب (٦٢) ، وما الحكم في ذلك؟ وعلى تقدير الرّد ينعتق العبد بالجذام فإن كان قد جذم هل يجب على المشتري ردّ أجرة الخدمة أم يكون له خاصة؟ أفتنا مثابا.

الجواب

لا نعرف التصرّف في شي‌ء من الأحاديث ، ولكن إذا أحدث المشتري حدثا منع الرّد وهو مطّرد. وينعتق بالجذام وتكون الأجرة للغلام من حين ظهر مرضه ، ويجري ذلك مجرى من باع حرّا واستخدمه المشتري ، وفي الرجوع على البائع تردّد كما سلف (٦٣).

المسألة الحادية والثلاثون

في الوقوف إذا آجرها ظالم هل تجوز لمن استأجرها الصلاة فيها؟ وإذا أخذت الأجرة منه وسلّمت إلى من أجرها برئ ذمّته من ذلك أم لا [ بل ] تكون باقية في ذمّته؟ أفتنا مأجورا.

__________________

(٦١) جامع أحاديث الشيعة ٩ ـ ٥٠٨ ـ التهذيب ٤ ـ ٢٩١ ـ الاستبصار ٢ ـ ١٢٧.

(٦٢) روى هذا المضمون في الوسائل الباب ١٦ من أبواب الخيار عن الكافي والفقيه والتهذيب.

(٦٣) في المسألة ٢٠.

٢٥٧

الجواب

لا يصحّ أن يؤجر الوقف إلّا من إليه النظر فيه ، ومع فقده يؤجره الحاكم الجائز الحكم أو أمينه فإن آجره حاكم جائر أو من لا ولاية له شرعا كانت الإجارة باطلة ، ولا يحلّ للمستأجر السكني فيه ولا الصلاة ولا التصرّف بوجه من وجوه الانتفاع وإن انتفع لزمه اجرة المثل ، ولا تبرأ ذمّته بما يدفعه إلى الظالم ، وكان للموقوف عليهم أو لوليّ الوقف المطالبة بالأجرة (٦٤).

المسألة الثانية والثلاثون

في شخص مات وعليه صيام وصلاة مدّة عمره وله ولد كبير ، فهل يقضي ما فاته من عمره من الصيام والصلاة أو ما فات في حال المرض؟ وهل يجوز للولد الأكبر أن يستأجر عن والده ما وجب عليه قضاؤه عنه من صلاة وصيام أم لا؟

أفتنا مأجورا.

الجواب

الذي ظهر أنّ الولد يلزمه قضاء ما فات الميّت من صيام وصلاة لعذر كالمرض والسفر والحيض لا ما تركه الميّت عمدا مع قدرته عليه ، ولا أرى جواز الاستيجار عنه ، لأنّها عبادة لزمت الولد وهو قادر عليها ، إلّا أن يوصي الميّت بالاستيجار عنه فلا أمنع منه (٦٥).

__________________

(٦٤) وهي التي تقتضيها القواعد كما لا يخفى.

(٦٥) في جواهر الكلام ١٧ ـ ٤٤ : لا يستريب من أحاط بنصوصهم في جواز التبرّع ، ومتى جاز جاز الاستيجار ، ومتى جازا معا ووقع الأداء برئت ذمّة الولي لفراغ ذمّة الميّت حينئذ التي شغلها كان سببا للوجوب عليه على وجه التأدية عنه كالدين إذ قد عرفت أنّ التحقيق وقوع ذلك عن الميّت وإبراء له من خطاب القضاء لا أنّه يقع للولي نفسه كما زعمه بعضهم والله هو العالم.

٢٥٨

المسألة الثالثة والثلاثون

في قولهم : إذا اختلف البائع والمشتري في الثمن فالقول قول البائع إذا كان المبيع قائما بعينه ، وقول المشتري إذا كان تالفا ، هل يكون كذلك وإن كثر الثمن ، أو قوله فيما يناسب قيمة المبيع ، أم يكون القول قول المشتري على كلّ حال لإقراره بالبيع وكونه مدّعيا زيادة عمّا يقرّ به المشتري؟ أفتنا مثابا.

الجواب

اضطربت الفتوى في ذلك بين الأصحاب والذي وضح أنّ القول قول البائع مع بقاء السلعة وقول المشتري مع تلفها ، ولا يلتفت إلى قيمتها ، نعم لو ادّعى ما تشهد العادة بكذب دعواه سقطت دعواه ، وأمّا قوله : أقرّ البائع بالبيع فيحكم به ولا تقبل دعواه في الثمن لإنكار المشتري فهو قول جيّد يقتضيه الأصل لكن ترك العمل به للرواية المشهورة (٦٦).

المسألة الرابعة والثلاثون

فيمن وقف وقفا على من لا ينقرض مثلهم غالبا ، ثمّ اتّفق انقراضهم فإلى من ينتقل الوقف بعد انقراض الموقوف عليهم؟ أفتنا مأجورا.

الجواب

يرجع إلى ورثة الواقف ، وفيه قول آخر للمفيد رحمه‌الله (٦٧) : يرجع إلى

__________________

(٦٦) الوسائل ١٢ ـ ٣٨٣ عن الكافي ٥ ـ ١٧٤ والفقيه ٣ ـ ١٧١ والتهذيب ٧ ـ ٢٢٧ ، وهذا لفظه في الكافي : عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يبيع الشي‌ء فيقول المشتري : هو بكذا وكذا بأقلّ مما قال البائع فقال عليه‌السلام : القول قول البائع مع يمينه إذا كان الشي‌ء قائما بعينه.

(٦٧) المقنعة ص ١٠١. كان متى انقرضوا ولم يبق منهم أحد راجعا ميراثا على أقرب الناس من آخر المنقرضين من أرباب الوقف.

٢٥٩

ورثة الموقوف عليهم. الأوّل مرويّ (٦٨) وعليه أعمل.

المسألة الخامسة والثلاثون

في المصلّي إذا شكّ بين الاثنين والأربع وبنى على الأربع وسلّم ، هل إذا أحدث قبل إكمال الصلاة بالاحتياط تبطل صلاته؟ وإذا صلّى صلاة أخرى قبل الإتيان بالاحتياط يصحّ ذلك؟ وهل يكون حكم من ترك التشهّد حتّى ركع أو السجدة الواحدة مثل ذلك؟ وكذا سجدتا السهو ، وما وجه ذلك؟.

الجواب

الذي يقتضيه النظر أنّ الاولى لا تبطل لأنّه خرج منها بالتسليم خروجا مشروعا ، والاحتياط فرض مستأنف ، ولو أهمل الاحتياط وصلّى صلوات لم تبطل الاولى وأتى بالاحتياط ولو تطاول الأمد (٦٩).

وكذا من ترك التشهّد أو السجدة أو سجدتا السهو ، فإنّه يأتي بذلك ولا تبطل الصلاة الأولى بالتأخير.

ولأنّ ذلك فرض لزم ذمّة المصلّي غير محصور في زمان معيّن ، فلا تبطل بتأخره الصلاة.

__________________

(٦٨) لعلّ مراده رحمه‌الله من الرواية صحيح ابن مهزيار وصحيح الصفّار والخبر الوارد في وصيّة فاطمة الزهراء سلام الله عليها. راجع العروة الوثقى ٣ ـ ١٩٥ والوسائل ١٣ ـ ٣٠٧ والتهذيب ٩ ـ ١٣٢ والاستبصار ٤ ـ ٩٩ والكافي ٧ ـ ٣٦ والفقيه ٤ ـ ١٧٦.

قال الشيخ في المبسوط ٣ ـ ٢٩٢ في مسألة الوقف على من ينقرض : ومن قال يصحّ قال :

إذا انقرض الموقوف عليه لم يرجع الوقف إلى الواقف إن كان حيّا ولا إلى ورثته إن كان ميّتا ، وقال قوم : يرجع اليه إن كان حيّا وإلى ورثته ان كان ميّتا وبه تشهد روايات أصحابنا.

(٦٩) قال في الشرائع ١ ـ ١١٨ : لو فعل ما يبطل الصلاة قبل الاحتياط ، قيل : تبطل الصلاة ويسقط الاحتياط .. وقيل : لا تبطل لأنّها صلاة منفردة ..

٢٦٠