مبادئ الوصول الى علم الاصول

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

مبادئ الوصول الى علم الاصول

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: عبد الحسين محمد علي البقال
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧٧

والثاني ما يدل (١).

الثالث : اللفظ والمعنى إن اتحدا (٢)!! فان منع تصور المعنى من الشركة فهو العلم والمضمر ، وإلا فهو المتواطئ إن تساوت أفراده (٣) والمشكك إن اختلفت (٤).

____________

نعم ، في موضع آخر ، قد تقول «عبد الله» ، وتعني بعبد معناه المضاف إلى الله تعالى ، كما تقول «محمد عبد الله ورسوله» ، وحينئذ يكون نعتا لا اسما ، ومركبا لا مفردا. أما لو قلت «محمد بن عبد الله» فعبد الله مفرد ، هو اسم أب محمد «منطق المظفر : ١ / ٤٣».

١ ـ ويسمى القول أيضا : مثل «الخمر مضر» ، فالجزءان «الخمر» و «مضر» ، يدل كل منهما على جزء معنى المركب.

«منطق المظفر : ١ / ٤٤ بتصرف».

٢ ـ كلفظة الله ، فإنها واحدة ، ومدلولها واحد ، يسمى هذا بالمفرد ، لانفراد لفظه بمعناه «المزهر : ١ / ٣٦٨».

٣ ـ مثل الانسان!! فإنك لا تجد تفاوتا بين الافراد في نفس صدق المفهوم عليه ، فزيد وعمر وخالد ، إلى آخر أفراد الانسان ، من ناحية الانسانية سواء ، من دون أن تكون إنسانية أحدهم ، أولى من إنسانية الآخر ، ولا أشد ولا أكثر ، ولا أي تفاوت آخر في هذه الناحية. وإذا كانوا متفاوتين ، ففي نواح اخرى غير الانسانية ، كالتفاوت بالطول واللون والقوة والصحة والاخلاق وحسن التفكير ، وما إلى ذلك.

«منطق المظفر : ١ / ٥٣»

٤ ـ مثل مفهوم البياض والعدد والوجود ، فإنك إذا طبقت كل واحد منها على أفراده ، تجد ـ على العكس من النوع السابق ـ تفاوتا بين

٦١

وإن تكثرا!! فهي الالفاظ المتباينة (١).

وإن تكثر اللفظ خاصة!! فهو المترادفة (٢).

وإن تكثر المعنى خاصة!! فإن كان قد وضع أولا لمعنى ، ثم استعمل في الثاني ، فهو المرتجل إن نقل لا لمناسبة (٣).

وإن نقل لمناسبة!! فهو المنقول اللغوي (٤) ، أو العرفي (٥) ،

__________________

الافراد ، في صدق المفهوم عليها ، بالاشتداد أو الكثرة أو الاولوية أو التقدم. فنرى بياض الثلج أشد بياضا من بياض القرطاس ، وكل منهما بياض ، وعدد الالف اكثر من عدد المائة ، وكل منهما عدد ، ووجود الخالق أولى من وجود المخلوق ، ووجود العلة متقدم على وجود المعلول ، بنفس وجوده لا بشيء آخر ، وكل منهما وجود «منطق المظقر : ١ / ٥٣».

١ ـ مثل : كتاب ، قلم ، سماء ، أرض ، حيوان ، جماد ، سيف صارم. والتباين هنا بين الالفاظ ، باعتبار تعدد معناها ، وإن كانت المعاني تلتقي في بعض أفرادها أو جميعها ، فإن السيف يباين الصارم ، لان المراد من الصارم خصوص القاطع من السيوف ، فهما متباينان معنى وإن كانا يلتقيان في الافراد ، إذ أن كل صارم سيف «المنطق : ١ / ٣٦».

٢ ـ حيث يكون أحد الالفاظ ، رديفا للآخر على معنى واحد مثل : أسد وسبع وليث ، هرة وقطة ، إنسان وبشر.

«منطق المظفر : ١ / ٣٦ بتصرف»

٣ ـ ومنه اكثر الاعلام الشخصية. «منطق المظفر : ١ / ٣٤»

٤ ـ ومنه معظم المفردات التي نصت عليها كتب اللغة.

٥ ـ كلفظ السيارة والطائرة. «منطق المظفر : ١ / ٣٣»

٦٢

أو الشرعي إن غلب المنقول إليه (١).

وإلا!! فهو حقيقة بالنسبة إلى الاول (٢) ، ومجاز بالنسبة إلى الثاني. وإن وضع لهما معا (٣) ، فهو المشترك بالنسبة إليهما معا ، والمجمل بالنسبة إلى كل واحد منهما (٤).

الرابع : اللفظ المفيد (٥).

__________________

١ ـ مثل : لفظ «الصلاة» ، الموضوع أولا للدعاء ثم نقل في الشرع الاسلامي ، لهذه الافعال المخصوصة ، من قيام وركوع وسجود ونحوها ، لمناسبتها للمعنى الاول.

ومثل : لفظ «الحج» ، الموضوع أولا للقصد مطلقا ، ثم نقل لقصد مكة المكرمة ، بالافعال المخصوصة والوقت المعين.

«منطق المظفر : ١ / ٣٣»

٢ ـ أي : وإلا يغلب المنقول إليه المنقول منه ، ومن دون أن يبلغ حد الوضع في المعنى الثاني ، فذلك هو الحقيقة بالنسبة للاول ، والمجاز بالنسبة للثاني ، من قبيل لفظ الاسد ، الذي هو حقيقة في الحيوان المفترس ، ومجاز في الانسان الشجاع.

٣ ـ من دون أن يسبق وضعه لاحدهما ، على وضعه للآخر ، مثل : «الجون» الموضوع للاسود والابيض. «منطق المظفر : ١ / ٣٣ بتصرف»

٤ ـ المجمل : ما ازدحمت فيه المعاني ، وأشتبه المراد اشتباها لا يدرك بنفس العبارة ، بل بالرجوع إلى الاستفسار ، ثم الطلب والتأمل. فالصلاة : كان الامر فيها مجملا ، وبينته السنة بالقول والعمل ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «صلوا كما رأيتموني اصلي». «أصول الفقه الاسلامي : ص ١٣١»

٥ ـ ينقسم اللفظ باعتبار ظهور دلالته على معناه وخفائها إلى نوعين :

٦٣

إن لم يحتمل غير ما فهم عنه ، فهو النص (١).

__________________

واضح وخفي.

والواضح الدلالة : ليس على درجة واحدة في الوضوح ، بل بعضه أوضح دلالة من بعض ، كما أن الخفي : ليس على درجة واحدة في الخفاء بل بعضه أخفى دلالة من بعض.

وعلى هذا الاساس : قسم علماء الاصول من الحنفية ، اللفظ من حيث ظهوره المعنى منه ، إلى ظاهر ونص ومفسر ومحكم.

وقسموه من حيث الخفاء ، إلى خفي ومشكل ومجمل ومتشابه «أصول الفقه الاسلامي : ص ٢٩٢ باختصار»

١ ـ مثاله من القرآن : «والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون».

ففي هذه الآية الكريمة يستفاد من كلمة «أبدا» ، حرمة قبول شهادة الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء حرمة مؤبدة ، وذلك لانحصار كلمة «أبدا» في الدلالة على التأبيد والاستمرار ، لانها نص في معنى التأبيد.

ومثاله من الحديث : «المحرم إذا تزوج وهو يعلم أنه حرام عليه لم تحل له أبدا».

ففي هذه الرواية الشريفة أيضا ، ينتهي إلى استمرار عدم حلية المرأة على المحرم الذي تزوجها في حالة إحرامه ، وهو يعلم أن الزواج حالة الاحرام حرام عليه ، وذلك لان كلمة «أبدا» نص في الاستمرار والتأبيد كما تقدم.

«جمعا بين مبادئ اصول الفقه : ص ٣٨ ـ ٣٩ ، ومستمسك العروة الوثقى : ١٢ / ١٣٦ بتصرف»

٦٤

وإن احتمل : فإن تساويا فالمجمل ، وإلا فالراجح ظاهر (١) والمرجوح مأول (٢).

والمشترك بين النص والظاهر هو المحكم (٣) ، وبين المجمل

__________________

١ ـ الظاهر : هو ما دل على معناه دلالة واضحة ، بحيث لا يتوقف فهم معناه على قرينة خارجية ، ولم يكن معناه هو المقصود الاصلي من سياق الكلام ، كقوله تعالى «وأحل الله البيع وحرم الربا» ، فإنه ظاهر في إحلال البيع وتحريم الربا.

لان هذا المعنى ، يتبادر فهمه ، من كلمتي «أحل وحرم» ، من غير حاجة إلى قرينة خارجية.

وهو غير مقصود بطريق الاصالة من سياق الآية ، بل المقصود الاصلي منهما ، الدلالة على التفرقة بين البيع والربا ، ردا على الذين سووا بينهما ، وقالوا «انما البيع مثل الربا».

«أصول الفقه الاسلامي : ص ٢٩٢ ـ ٢٩٣»

٢ ـ التأويل : هو إخراج اللفظ عن ظاهر معناه ، إلى معنى آخر يحتمله ، وليس هو الظاهر فيه. كتأويل اليد بمعنى السلطان ، في قوله تعالى «يد الله فوق أيديهم» ، وبمعنى السخاء والجود ، في قوله تعالى «بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء».

ومثل تفسير الاستواء بالاستيلاء ، في قوله تعالى «الرحمان على العرش استوى».

«أصول الفقه الاسلامي : ص ١٣٥ ـ ١٣٦ باختصار».

٣ ـ المحكم : هو اللفظ ، الذي ظهرت دلالته على معناه ، ولم يحتمل تأويلا ولا تخصيصا ، ولا نسخا في حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا بعد وفاته.

٦٥

والمأول هو المتشابه (١).

الخامس : الاسم إن دل على الذات ، فهو اسم العين (٢).

وإلا!! فهو المشتق (٣).

__________________

وذلك كالنصوص الدلالة على حكم أساسي من قواعد الدين ، كالايمان بالله تعالى وحده ، والايمان بملائكته ورسله واليوم الآخر. أو على حكم جزئي قام الدليل على تأبيده ودوامه : كما في قوله تعالى «وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ، ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا» ، وقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله «الجهاد ماض منذ بعثني الله ، إلى أن يقاتل آخر امتي الدجال ، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل».

«أصول الفقه الاسلامي : ص ٢٩٥ ـ ٢٩٦»

١ ـ المتشابه : هو اللفظ الذي يخفى معناه ، ولا سبيل لان تدركه عقول العلماء ، كما أنه لم يوجد ما يفسره تفسيرا قاطعا أو ضنيا ، من الكتاب أو السنة. ومنه : الحروف المقطعة في أوايل السور ، والآية الكريمة «والسماوات مطويات بيمينه».

«جمعا بين هامش المصورة : ص ٤ ، واصول الفقه الاسلامي : ص ١٣٥ ـ ١٣٦ بتصرف»

٢ ـ من قبيل : الرجل والسقف والخشب والبيت ، وهو الذي يدرك مدلوله بذكره مجردا ، غير مستعين بكلمة اخرى. فلو قيل لك : بيت ، ليتبادر إلى ذهنك ، هذا الشكل المجسم ، الذي اصطلح الناس على تسمية بهذا الاسم ، واستخدموه للسكنى.

«قواعد اللغة العربية : ٣ / ٤ بتصرف»

٣ ـ من قبيل : العادل والواجب والصادق ، المشتقة من العدل والوجوب والصدق.

٦٦

ولابد في الاشتقاق : من اتحاد بين اللفظين (١) ، وتناسب في المعنى والتركيب (٢).

ولا يشترط بقاء المعنى في صدقه (٣).

__________________

هذا!! ويعد المصدر ، المعبر عنه باسم المعنى قبال اسم الذات ـ على رأي ـ أصل المشتقات. والتي هي : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، واسم التفضيل ، واسم المكان والزمان ، واسم الآلة.

هذا!! ولمن أراد التوسع : فعليه بمراجعة كتاب «الاشتقاق» ، لعبد الله أمين ، الطبعة الاولى ، سنة ١٣٧٦ ه‍ ـ ١٩٥٦ م ، ٤٦٤ ص ،

وكتاب «قواعد اللغة العربية» ، تأليف عبد القادر حسن أمين ويحيى كاظم الثعالبي ، ج‍ ٣ ، الطبعة الاولى ، سنة ١٣٨٥ ه‍ ـ ١٩٦٥ م ، ١٨٤ ص.

١ ـ أي ولابد في الاشتقاق ، من اتحاد بين المشتق والمشتق منه ، في مادة اللفظ لا في صيغته «غاية البادي : ص ٢٢ بتصرف».

٢ ـ قال ابن دحية في شرح التسهيل : الاشتقاق ، أخذ صيغة من أخرى ، مع اتفاقهما معنى ومادة أصلية وهيأة تركيب لهما ، ليدل بالثانية على معنى الاصل ، بزيادة مفيدة ، لاجلها اختلفا حروفا أو هيئة ، كضارب من ضرب ...

«المزهر : ١ / ٣٤٦»

٣ ـ اختلف الاصوليون : في أنه هل يشترط بقاء المعنى المشتق منه للذات في إطلاق الاسم المشتق عليها أم لا؟ فقال قوم : نعم ، وقال قوم : لا ، وقال آخرون : إن أمكن بقاؤه فنعم وإلا فلا.

فلنوضح ذلك بالمثال ونقول : إن ريدا إذا صدر عنه الضرب وانقضى هل يصح إطلاق اسم الضارب عليه حقيقة أم لا؟ بعد وقوع الاتفاق على الجواز مجازا. فقال المشترطون لبقاء المعنى : لم يصح ، وقال النافون

٦٧

البحث الثالث

في : المشترك (١)

ذهب قوم (٢) : إلى امتناعه ، وهو خطأ (٣) ، لا مكانه في الحكمة (٤).

__________________

يصح ، واختار المصنف هاهنا المذهب الثاني.

والدليل عليه : صدق العالم والمؤمن على النائم ، وإن لم يكن العلم والايمان حاصلين له حالة النوم ، واجماع أهل العربية على صدق قولنا : زيد ضارب أمس

«غاية البادي : ٢٣ ـ ٢٤»

١ ـ وقد حده أهل الاصول : بأنه اللفظ الواحد ، الدال على معنين مختلفين فأكثر ، دلالة على السواء ، عند أهل تلك اللغة.

«المزهر : ١ / ٣٦٩».

٢ ـ كما نسب إلى تغلب الابهري والبلخي ونظرائهم.

«الاصول الحديثة في مباحث الالفاظ : ص ٣٦»

٣ ـ احتج القائلون بالامتناع : بأن وضع المشترك ينافي غرض الواضع فكان ممتنعا لكونه حكيما.

بيانه : أن الغرض من الواضع استفادة المعنى من اللفظ ، واللفظ المشترك لا يستفاد منه شئ.

والجواب أنه يستفاد بالقرائن.

«غاية البادي : ص ٢٧»

٤ ـ وذلك!! أولا : أن الغرض من إطلاق اللفظ ، قد يكون فائدة إجمالية ، وقد يكون فائدة تفصيلية ، والالفاظ المشتركة واسماء الاجناس وإن لم تفد الفوائد التفصيلية ، لكنها تفيد الفوائد الاجمالية

٦٨

ووجوده في اللغة (١).

نعم ، هو على خلاف الاصل (٢) ، والا لما حصل التفاهم حالة التخاطب من دون القرينة ، ولما استفيد من السمعيات شيء أصلا (٣).

ويعلم الاشتراك : بنص أهل اللغة (٤) ، وبعلامات الحقيقة

__________________

فلذلك وقعت.

وثانيا : أن الوجود يطلق على الواجب والممكن بطريق الحقيقة. إذ لو كان مجازا فيهما أو في أحدهما ، لصح نفيه عنهما. لانه من خواص المجاز ، ووجود كل شيء عين ماهيته ، كما ثبت في علم الكلام. وإذا كان كذلك ، فيكون وجود كل شيء مخالفا لوجود الآخر كالماهيات ، فيكون الوجود مقولا عليها باشتراك لفظي

«شرح المنهاج : ص ٧٤ بتصرف»

١ ـ ومن امثلة ذلك : لفظة العين ، حيث يضرب لعين الماء ، وعين الركبة ، وعين الشمس ، والدينار ، والمال الناض ... الخ.

«الصحاح : ٦ / ٢١٧٠ بتصرف»

٢ ـ كما في المزهر : ١ / ٣٧٠.

٣ ـ لان الاشتراك لو كان أصلا ، لوجب على المخاطب أن يحمل اللفظ الوارد عليه على الاشتراك ، وحينئذ يتردد ذهنه في معانيه ، ولا يتعين أحدهما إلا بالقرينة. وحينئذ لا يستفاد من السمعيات شيء أصلا ، ومعلوم أنه ليس كذلك.

«غاية البادي : ص ٢٨»

٤ ـ كما في : الصحاح للجوهري : ٦ / ٢١٧٠ «لفظة العين» ، والقاموس للفيروز آبادي : ٢ / ٣٣٥ «لفظة أرض» ، وأساس البلاغة

٦٩

في كلا المعنيين (١).

والاقرب : أنه لا يجوز استعمال اللفظ المشترك ، في كلا معنييه ، إلا على سبيل المجاز ، لانه غير موضوع للمجموع ، من حيث هو مجموع (٢).

البحث الرابع

في : الحقيقة والمجاز

الحقيقة : استعمال اللفظ فيما وضع له ، في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب (٣).

__________________

للزمخشري : ص ٣٧٧ ـ ٣٧٨ «لفظة رؤبة» والاجناس للهروي البغدادي : ص ٤ «لفظة الصدى» ، ومفردات الراغب : ص ٥٤٤ «لفظة الهلال».

١ ـ وهي : سبق الفهم ، والعري عن القرينة.

«منهاج الوصول : ص ٢١ بتصرف»

٢ ـ مثاله : «إن الله وملائكته يصلون على النبي» ، والضمير لله تعالى وللملائكة ، فالصلاة بالنسبة إلى الملائكة الدعاء ، وبالنسبة إلى الله تعالى الثناء ، فالصلاة الله غير صلاة الملائكة ، فثبت المشترك

«هامش المصورة : ص ٤»

٣ ـ هذا التعريف!! أجود التعريفات المنقولة عن القوم ، لشموله أنواع الحقيقة ، وهو منقول عن أبي الحسين البصري.

٧٠

والمجاز : استعماله في غير ما وضع له ، في أصل تلك المواضعة ، للعلاقة.

والحقيقة : لغوية ، وعرفية ، وشرعية (١).

والحق!! أن الشرعية مجاز لغوي ، وإلا لخرج القرآن عن كونه عربيا (٢).

__________________

وكذا أبو الحسين : حد المجاز ، لكنه لم يذكره القيد الاخير ، وهو قيد العلاقة ، ولابد منه ، لانه لولا العلاقة ، لكان وضعا جديدا.

«غاية البادي : ص ٣٠ بتصرف»

١ ـ فاللغوية : كالاسد والانسان في ظاهرهما.

والعرفية : كالدابة لذوات الاربع خاصة ، بعد كونها لما دب.

والشرعية : كالصلاة والزكاة والحج ، لهذه العبادات ، بعد كونها للدعاء والنماء والقصد.

«منتهى الوصول : ص ١٤ بتصرف»

٢ ـ اختلف الاصوليون في الحقيقة الشرعية : فنفاها القاضي أبو بكر مطلقا ، وأثبتها المعتزلة مطلقا.

فما كان اسما للفعل كالصلاة والزكاة سموه شرعية ، وما كان اسما للذات كالمؤمن والفاسق والكافر سموه دينية.

واستدل القاضي : بأنها لو كانت واقعة ، لما كان القرآن كله عربيا والتالي باطل فالمقدم مثله.

بيان الشرطية : أن القرآن يشتمل على الاسماء المتنازع فيها ، والفرض أنها غير عربية. وبيان بطلان التالي : قوله تعالى «انا انزلناه قرآنا عربيا» والضمير للقرآن كله.

٧١

واعلم : أن النقل على خلاف الاصل ، وإلا لما حصل التفاهم حالة التخاطب ، قبل البحث عن التعيين.

ولتوقفه : على الوضع الاول ونسخه والوضع الثاني ، فيكون مرجوحا بالنسبة إلى ما يتوقف على الاول خاصة (١).

__________________

احتجت المعتزلة : بأن الشارع استعمل الفاظا لمعان لم يخطر ببال أهل اللغة ، ووجدت علامات الحقيقة فيها ، كمبادرة الذهن وكذب النفي ، فتكون حقائق. لانا لا نريد بالحقيقة إلا ذلك ، كالصلاة فإنها في اللغة للدعاء ، واستعملها الشارع في الاركان المخصوصة ...

واعلم!! أنه يمكن الجمع بين الدليلين ، إذ لا منافاة بين كون هذه الاسماء حقائق عند أهل الشرع ومجازات لغوية.

وحينئذ لا يلزم ، من كون القرآن كله عربيا ، انتفاء الحقايق الشرعية لانها مجازات لغوية.

ولذلك قال المصنف : والحق!! أن الشرعية مجاز لغوى.

«غاية البادي : ٣١ ـ ٣٢»

١ ـ يعنى إذا صدر لفظ من أهل اللغة أو أهل الشرع لمعنى ، يجب أن يحمل على أنه موضوع لذلك المعنى ، من غير نقل من معنى آخر إليه.

لانه لو لم يكن كذلك ، لم يحصل التفاهم حالة التخاطب ، إلا بعد البحث في أنه منقول أو غير منقول.

وليس كذلك ، لانا نفهم المعاني حالة التخاطب ، وإن لم يبحث في النقل.

وأيضا النقل يتوقف على ثلاثة اشياء : الوضع الاول ، ونسخه ، والوضع للثاني. وغير المنقول يتوقف على شيء واحد ، وهو الوضع.

٧٢

وكذلك المجاز : على خلاف الاصل ، فيجب الحمل على الحقيقة ، ما لم يدل دليل على عدم إرادتها (١).

لان الواضع إنما وضع اللفظ ، ليكتفي به في الدلالة على ما وضعه له. وإنما يتم ذلك : بارادة المعنى الموضوع له اللفظ ، عند التجرد عن المعارض.

ولان المجاز لو ساوى الحقيقة ، لما حصل التفاهم عند المخاطبة ، كما قلناه أولا.

واعلم : أن المجاز واقع ، في القرآن (٢) والسنة (٣).

__________________

فيكون النقل مرجوحا ، فلا يصار إليه إلا لاجل دليل.

«غاية البادي : ص ٣٤ بتصرف»

١ ـ وعليه فالمجاز دائما يحتاج إلى قرينة ، تصرف اللفظ عن المعنى الحقيقي ، وتعين المعنى المجازي ، من بين المعاني المجازية.

«منطق المظفر : ١ / ٣٣ بتصرف»

٢ ـ خلافا لابن داود وابن اسحاق. كما في قوله تعالى : «وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله» ، أي في الجنة التي تحل فيها الرحمة ، من باب تسمية الشيء باسم حاله ، أي ما يحل في ذلك الشيء.

«جمعا بين هامش المصورة ص ٥ ، ومختصر المعاني : ص ١٥٧ بتصرف»

٣ ـ كما في قوله (ع) : «إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ما استطعتم ...».

فشبه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما يكتسبه الانسان من خير القرآن ونفعه وعائدته عليه إذا قرأه وحفظه ، بما يناله المدعو من طعام الداعي وانتفاعه به.

«أمالي المرتضى : ١ / ٣٥٤ بتصرف واختصار»

٧٣

وقد يكون : بالزيادة والنقصان ، وبالنقل (١).

ويعلم كون اللفظ حقيقة ومجازا (٢) : بالنص من أهل اللغة (٣) ومبادرة المعنى إلى الذهن في الحقيقة (٤) ، واستغنائه عن القرينة وبضد ذلك في المجاز ، وبتعلقه بما يستحيل تعلقه عليه (٥).

وقد يكثر استعمال المجاز وتقل الحقيقة ، فتصير الحقيقة ، مجازا عرفيا ، والمجاز حقيقة عرفية ، فيحمل على أحدهما بالقرينة.

__________________

١ ـ المجاز الذي دخلته الزيادة : نحو قوله تعالى : «ليس كمثله شيء» ، لان معناه : ليس مثله شيء ، فالكاف زايدة.

والمجاز بالنقصان : نحو قوله «واسأل القرية» ، «واسأل العير» ، لان معناه : واسأل أهل القرية وأهل العير ، فحذف اختصارا ومجازا ...

والمجاز الثالث : نحو قوله تعالى «فاضلهم السامري» ، فنسبه إليه من حيث دعاهم ، وإن كانوا هم ضلوا في الحقيقة ، لا أنه فعل فيهم الضلال «العدة : ١ / ١٢».

٢ ـ هذا!! ومن أراد التوسيع : فعليه بمراجعة كتاب «اصول المظفر : ١ / ٢٣ ـ ٢٧» ، والقوانين المحكمة : ١ / ١٣ ـ ٢٩ ، و «المزهر : ١ / ٣٦٣» ، و «معارج المحقق : ١ / ٦» ، و «عدة الطوسي : ١ / ١٥» ، و «منهاج الوصول للبيضاوي : ص ٢١»

٣ ـ وهو المعبر عنه لدى الاصوليين المتأخرين ب‍ «التنصيص».

٤ ـ وهو المعبر عنه لدى المتأخرين ب‍ «التبادر».

٥ ـ كقوله تعالى : «واسأل القرية ...» ، فإن القرية مما يستحيل أن تسأل

«غاية البادي : ص ٤٠»

٧٤

البحث الخامس

في : تعارض أحوال الالفاظ (١)

النقل : أولى من الاشتراك (٢) ، لاتحاد المعنى في النقل دائما ، فيحصل الفهم بخلاف المشترك (٣).

والمجاز : أولى من الاشتراك ، لان اللفظ إن تجرد عن القرينة ، حمل على الحقيقة ، وإلا فعلى المجاز (٤).

والاضمار : أولى من الاشتراك ، لان صحته مشروطة بالعلم بتعيينه (٥) ، بخلاف المشترك.

__________________

١ ـ ذكر هذا البحث في «منهاج الوصول في معرفة علم الاصول : ص ٢١ ـ ٢٢» ، ولكن بأدلة مختلفة غالبا عما هنا ، عند الترجيح.

٢ ـ أي : إذا دار اللفظ بين النقل والاشتراك ، فالنقل أولى منه.

«منهاج الوصول : ص ٢١ بتصرف»

٣ ـ لان معناه متعدد دائما ، وتعدد المعنى يستلزم اختلال الفهم.

«غاية البادي : ص ٤١»

٤ ـ إذا وقع التعارض بين المجاز والاشتراك ، فالمجاز أولى ، لان اللفظ المجاز إذا لم يتجرد عن القرينة حمل على المجاز وإلا فعلى الحقيقة ، فلا يحصل الاختلال في الحالين. بخلاف المشترك لانه لا يستلزم اختلال الفهم عند فقد القرينة.

«غاية البادي ص ٤١ ـ ٤٢»

٥ ـ أي : بتعين المضمر المدلول عليه بالاضمار ، كقوله تعالى :

٧٥

والتخصيص : أولى من الاشتراك ، لانه خير من المجاز (١).

والمجاز : أولى من النقل ، لافتقار النقل إلى الاتفاق عليه بين أهل اللغة (٢).

والاضمار : أولى منه ، لما تقدم (٣).

والتخصيص : أولى من النقل ، لانه (٤) خير من المجاز (٥).

والمجاز : أولى من الاضمار لكثرته (٦).

____________

«واسأل القرية ...» ، فإنه لو لا أن يعلم كل واحد ، أن المضمر هو «أهل القرية» ، لم يجز الاضمار. كما لم يجز في قولك : «ضربت زيدا» وأنت تريد «غلام زيد».

«غاية البادي : ص ٤٢ بتصرف»

١ ـ لان التخصيص خير من المجاز كما سيأتي ، والمجاز خير من الاشتراك كما تقدم.

فالخير ، من الخير من الشيء ، خير من ذلك الشيء لا محالة.

«غاية البادي : ص ٤٢»

٢ ـ وذلك متعذر أو متعسر ، والمجاز يحتاج إلى قرينة وذلك متيسر.

«غاية البادي : ص ٤٢»

٣ ـ إذا وقع التعارض بين النقل والاضمار ، فالاضمار أولى لعين ما تقدم ، من أن المجاز خير من النقل.

«غاية البادي : ص ٤٢ ـ ٤٣»

٤ ـ مرجع الضمير : التخصيص

«كما في هامش المصورة : ص ٦»

٥ ـ على ما يأتي ، والمجاز خير من النقل على ما تقدم.

«غاية البادي : ص ٤٢ ـ ٤٣»

٦ ـ والكثرة امارة الرجحان

«المصدر السابق نفسه»

٧٦

والتخصيص : أولى من المجاز لاستعمال اللفظ مع التخصيص في بعض موارده (١) ، ومن الاضمار لانه أدون من المجاز (٢).

البحث السادس

في : تفسير حروف يحتاج إليها (٣)

الواو : للجمع مطلقا (٤).

__________________

١ ـ لان اللفظ العام إذا تجرد عن قرينة التخصيص ، يحمل على ما وضع له ، فيحصل مراد المتكلم وزيادة ، بخلاف المجاز فإنه إذا تجرد عن القرينة ، يحمل على الحقيقة ، فيحصل غير مراده.

«غاية البادي : ص ٤٣»

٢ ـ لان التخصيص خير من المجاز ، والمجاز إما خير من الاضمار أو مساويه ، وعلى التقديرين يلزم أن يكون التخصيص خيرا من الاضمار.

«غاية البادي : ص ٤٣ ـ ٤٤»

٣ ـ لانها حين تدخل على الجمل ، تغير معانيها ، وتحدث فيها فوائد لم تكن فيها قبل ذلك.

«عدة الأصول : ١ / ١٣ بتصرف»

٤ ـ أي : أن الواو العاطفة معناها مطلق الجمع.

فتعطف الشيء على مصاحبه ، نحو «فأنجيناه وأصحاب السفينة» وعلى سابقه نحو «ولقد أرسلنا نوحا وابراهيم» ، وعلى لاحقه نحو «كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك».

فعلى هذا!! إذا قيل : قام زيد وعمرو ، احتمل ثلاثة معان.

وقول بعضهم : إن معناها الجمع المطلق غير سديد ، لتقييد الجمع

٧٧

لعدم التناقض (١)!! في مثل : رأيت زيدا وعمرا قبله ، وللتكرار (٢) لو قيل : بعده.

ولسؤال الصحابة (٣)؟! عن البداءة بالصفا والمروة (٤).

__________________

بقيد الاطلاق ، وإنما هي للجمع لا بقيد.

«مغني اللبيب : ٢ / ٣٥٤ بتصرف واختصار»

١ ـ اعلم!! أن الواو العاطفة للجمع المطلق ولم تفد الترتيب. قال أبو علي الفارسي : أجمع نحاة الكوفة والبصرة عليه ، وكفى إجماعهم دليلا على المدعى.

ولكن!! لو أردنا الاستظهار بالدليل نقول : إنها لو كانت للترتيب للزم التكرار في قول القايل : رأيت زيدا وعمرا بعده ، والتناقض في قوله قبله ، في حين أن صدق الملازمة وبطلان التالي معلومان.

«غاية البادي : ص ٤٤ بتصرف»

٢ ـ أي : لعدم التكرار.

«هامش المصورة : ص ٦»

٣ ـ لما أرادوا السعي بين الصفا والمروة ، قالوا : بم نبدأ يا رسول الله؟! قال : «إبدأوا بما بدأ الله به».

فلو كانت الواو مفيدة للترتيب ، لما اشتبه على أهل اللسان ، ولما احتاجوا إلى السؤال ، لانه حينئذ معلوم من قوله تعالى : «إن الصفا والمروة من شعاير الله».

«غاية البادي : ص ٤٤ بتصرف»

٤ ـ وهما جبلان ، بين بطحاء مكة والمسجد.

أما الصفا : فمكان مرتفع من جبل أبى قبيس ، ومن وقف على

٧٨

ولان أهل اللغة قالوا : إنها كواو الجمع (١).

وقيل : للترتيب (٢) ، للحاجة إلى التعبير عنه (٣) ، وهو معارض بمطلق الجمع (٤) ، مع أولوية ما قلناه.

__________________

الصفا ، كان بحذاء الحجر الاسود.

«معجم البلدان للحموي : ٣ / ٤١١ باختصار»

١ ـ إن أهل اللغة أجمعوا على : أن الواو العاطفة في المختلفات ، بمنزلة واو الجمع في المتفقات.

ومعنى ذلك : أن العرب ، إذا أرادوا جمع الاسماء في حكم ، فإن كانت متفقة ، كمسلم ومسلم ومسلم مثلا ، أتوا بواو الجمع ، فقالوا : جاء المسلمون.

وإن كانت مختلفة : كزيد وعمرو وبكر ، أتوا بالواو العاطقة ، فقالوا : جاء زيد وعمرو وبكر.

فكما أن واو الجمع لم تفد الترتيب ، فكذا واو العطف.

«غاية البادي : ص ٤٥»

٢ ـ والقائل به : قطرب ، والربعي ، والفراء ، وثعلب ، وأبو عمرو الزاهد ، وهشام ، والشافعي. «مغني اللبيب : ٢ / ٣٥٤ بتصرف»

٣ ـ مرجع الضمير : الترتيب الذي تفيده واو العطف.

٤ ـ أي : أن الجمع المطلق أيضا معنى معقول ، فيحتاج إلى التعبير عنه ، وليس شيء يصلح لذلك إلا الواو.

«غاية البادي ص ٤٦»

٧٩

والفاء : للتعقيب ، على حسب ما يمكن (١).

وفي : للظرفية (٢) ، تحقيقا أو تقديرا (٣).

ومن : لابتداء الغاية (٤) ، وللتبعيض (٥) ، والتبين (٦) ،

__________________

١ ـ ترد الفاء على ثلاثة أوجه : العاطفة منها تفيد ثلاثة أمور ، أحدها التعقيب.

وهو في كل شيء بحسبه ، ومنه ـ على قول قوي ـ قوله تعالى «ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضعة عظاما ، فكسونا العظام لحما».

«مغني اللبيب : ١ / ١٦١ ـ ١٦٢ بتصرف»

٢ ـ وهي : إما مكانية أو زمانية ، وقد اجتمعتا في قوله تعالى «ألم غلبت الروم في أدنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين».

«مغني البيب : ١ / ١٦٨»

٣ ـ التحقيق : كما مر أعلاه.

والتقدير : أي المجاز ، نحو قوله تعالى : «ولكم في القصاص حياة».

«مغني اللبيب : ١ / ١٦٨ بتصرف»

٤ ـ تقع لهذا المعنى في غير الزمان ، نحو «من المسجد الحرام» ، «إنه من سليمان» ، وفي الزمان أيضا ، بدليل «من أول يوم». وفي الحديث «فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة».

«مغني البيب : ١ / ٣١٨ ـ ٣١٩»

٥ ـ نحو : «منهم من كلم الله» ، وعلامتها إمكان سد «بعض» مسدها.

«مغني اللبيب : ١ / ٣١٩»

٦ ـ أي : بيان الجنس ، نحو قوله تعالى «فاجتنبوا الرجس من الاوثان»

٨٠