الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: عبد الحسين محمد علي البقال
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧٧
دون وصف آخر ، فيكون أولى بالتعليل من الوصف الآخر.
مثال ذلك : البلوغ المؤثر في رفع الحجر عن المال ، فيؤثر في رفع الحجر عن النكاح دون الثيبوبة. لانها لا تؤثر في جنس هذا الحكم. وهو رفع الحجر.
وكقولهم : الاخ من الابوين ، مقدم على الاخ من الاب في الميراث ، فيكون مقدما في ولاية النكاح (١).
__________________
١ ـ الوصف المناسب الذي يؤثر على أربعة أقسام :
أولا : تأثير النوع في النوع ، ومثاله تأثير سكر النبيذ في تحريمه ، كتأثير سكر الخمر في تحريمها ، لان حقيقة السكرين والتحريمين فيهما واحدة ، وانما يختلفان بالمحل ، واختلاف المحلين لا يقتضي اختلاف الحالين ظاهرا.
ثانيا : تأثير النوع في الجنس ، ومثاله تأثير البلوغ في رفع الحجر عن النكاح دون صفة اخرى ، من الثيبوية وغيرها ، لان البلوغ اثر في جنس هذا الحكم ، وهو رفع الحجر عن المال دون صفة اخرى.
ثالثا : تأثير الجنس في النوع ، ومثاله تعليل إسقاط قضاء الصلاة عن الحائض بالمشقة ، لان المشقة تؤثر في نوع هذه الصلاة ، وهو الركعتان الساقطتان في السفر.
رابعا : تأثير الجنس في الجنس ، ومثاله إقامة الشرب مقام القذف في الحد ، لقول علي عليهالسلام : إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وإذا افترى فحدوه حد المفتري» ، إقامة لمظنة الشيء مقامه ، قياسا على إقامة الخلوة في الميراث مقام الوطي.
«غاية البادي : ص ٢١٥ ـ ٢١٦ بتصرف واختصار»
ويعللون تقديمه في النكاح ، بسبب تقديمه في الارث بالمناسبة.
وهو راجع في الحقيقة إلى الوصف المناسب ، وإبطاله يقتضي إبطال هذا (١).
الثالث : الشبه
وهو الوصف المستلزم للمناسب ، وليس فيه مناسبة (٢).
__________________
١ ـ هذا هو كلام العلامة ، ساقه ردا للتعليل المذكور قبله.
٢ ـ أراد باستلزام المناسب ، التفات الشارع إليه ، فإن التفاته يوهم المناسبة ، وذلك أن الوصف إما أن يظهر مناسبة أو لا ، والاول الوصف المناسب وقد تقدم ، والثاني إما ان يعلم التفات الشارع إليه في بعض الاحكام أو لا.
والاول : الوصف الشبهي ، كقول الشافعي في إزالة النجاسة ، طهارة تراد للصلاة ، فلا تجوز بغير الماء كطهارة الحدث ، فإن الجامع هو الطهارة ، ومناسبتها لتعيين الماء فيها بعد البحث غير ظاهرة ، لكن اعتبار الشارع إياها في بعض الاحكام كمس المصحف والصلاة والطواف ، يوهم اشتمالها على المناسبة.
والثاني : الوصف الطردي ، كالطول والقصر والسواد والبياض ، فانه ألف من الشارع عدم الالتفات إليها ، فالوصف الشبهي يشابه المناسبة من حيث أنه غير متطوع بنفي المناسبة عنه ، وتشابه الطردي من حيث أنه غير مقطوع بظهور المناسبة فيه ، فهو دون المناسب الطردي ، فكان تسميته بالشبه نظرا إلى هذا المعنى.
«غاية البادي : ص ٢١٧ ـ ٢١٨»
وهو غير دال على العلية أيضا ، لان المناسبة أقوى منه (١) وقد أبطلناه ، ولان الصحابة لم يعملوا بالوصف الشبهي ، فيكون مردودا.
الرابع : الدوران (٢)
[وهو] (*) غير دال على العلية ، سواء كان ذلك في صورة واحدة أو صورتين ، لتحققه فيما ليس بعلة.
فإن المعلول دائر مع العلة وبالعكس ، وليس المعلول علة وجزء العلة المساوي دائر مع المعلول وليس بعلة (٣).
__________________
١ ـ وقد ثبت أنها لا تصلح للعلية. فالشبهي أولى أن لا يكون علة.
«غاية البادي : ص ٢١٨»
٢ ـ معنى الدوران : أن يثبت الحكم عند ثبوت وصفه ، وينتفي عند انتفائه ، سواء كان في صورة واحدة كالعصير ، فإنه لما لم يكن في أول الامر مسكرا لم يكن حراما ، ثم لما صار مسكرا صار حراما ، ثم لما صار خلا صار حلالا.
أو في الصورتين كالماء ، فإنه لما لم يكن مسكرا لم يكن حراما ، والخمر لما كان مسكرا كان حراما ، واختلفوا فيه : فقال قوم من المعتزلة إنه يفيد العلية قطعا ، وقيل : ظنا ، وقيل : لا يفيد لا قطعا ولا ظنا.
«غاية البادي : ص ٢١٨ ـ ٢١٩»
(*) وضعت هذه الزيادة لدواعي توزيع النص وبداية الرد.
٣ ـ مثاله : الحساس ، فإنه جزء للحيوان ، مساو له ، فيدور مع معلول الحيوان ، الذي هو التحرك ، وليس بعلة له.
«غاية البادي : ص ٢٢٠»
وكذا الشرط المساوي واحد المعلولين (١) ، دائر مع صاحبه ، ولا علية بينهما (٢).
والجوهر والعرض متلازمان.
وكذا المضافان (٣) والحركة والزمان ، مع انتفاء العلية في ذلك كله ، إلى غير ذلك من الامثلة التي لا تحصى كثرة.
الخامس : طريقة السبر والتقسيم
بأن يقال : لابد للحكم من علة ، والوصف الفلاني لا يصلح لذلك ، وكذلك الوصف الفلاني ، فبقي الثالث (٤).
__________________
١ ـ مثاله : تأثير النار في الجسم القابل للاحتراق ، مشروط بوضع خاص ، فذلك الوضع الخاص دائر مع الاحتراق ، وليس بعلة له.
«غاية البادي : ص ٢٢٠»
٢ ـ كالاحراق والاشراق ، يدور كل واحد منهما مع صاحبه ، ولا علية بينهما.
«غاية البادي : ص ٢٢٠»
٣ ـ كالابوة والبنوة
«غاية البادي : ص ٢٢٠»
٤ ـ طريقة السبر والتقسيم تقع على وجهين :
أ ـ أن يستدل على أن الحكم معلل ، ثم يستدل على حصر الاوصاف ونفي ما عدا الوصف المفروض ، كما يقال حرمة الربا في البر معللة بالاجماع فعلته إما المال أو القوت أو الكيل أو الطعم بالاجماع أيضا ، وبطل التعليل بالثلاثة الاول فتعين الرابع.
وكما يقال : ولاية الاجبار معللة إما بالصغر أو بالبكارة ، والاول باطل والا لثبتت الولاية في الثيت الصغيرة ، لكنها لا تثبت لقوله «ع»
وهو غير دال على العلية أيضا :
أما أولا : فللمنع من تعليل كل حكم (١).
وأما ثانيا : فللمنع من حصر الاوصاف ، وعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
وأما ثالثا : فللمنع من بطلان التعليل بأحد الاوصاف المذكورة.
وأما رابعا : فلجواز التعليل ، بمجموع وصفين من هذه أو ثلاثة.
وأما خامسا : فلجواز إنقسام أحد هذه الاقسام إلى قسمين أحدهما صالح للعلية دون الثاني (٢).
__________________
«الثيب احق بنفسها من وليها» ، فتعين التعليل بالبكارة ، وهذا الوجه حينئذ لا كلام فيه.
ب ـ أن نقول : علة الحكم إما وصف كذا ، أو وصف كذا ، من غير استدلال ، على أن الحكم معلل وعلى حصر الاقسام ، بل يكتفي بأني بحثت فلم أجد ، ثم يبطل وصفا وصفا حتى يعين واحدا ، وهذا الوجه غير مفيد للعلية.
«غاية البادي : ص ٢٢١ ـ ٢٢٢»
١ ـ فإن علية العلية غير معللة ، وإلا تسلسل ، وحينئذ يجوز أن يكون الحكم المفروض ، من قبيل الاحكام الغير المعللة.
«غاية البادي : ص ٢٢٢»
٢ ـ كالقوت مثلا ، في تحريم الربا في البر إلى قسمين ، أحدهما صالح للعلية دون الثاني.
السادس : الطرد (١)
وهو : أن يكون الوصف الذي ليس بمناسب (٢) ولا مستلزم له ، لا يتخلف الحكم عنه في جميع الصور المغايرة لمحل النزاع (٣)
ولا يدل على التعليل : لان الاطراد إنما يتم لو كان الوصف لا يوجد إلا ويوجد معه الحكم (٤) ، وهذا يتوقف على
__________________
لا يقال : القوت كونه في البر صالح للعلية ، وفي الخضر غير صالح ، فنقول كون القوت من الذرة ، لا يكون من الثاني.
«غاية البادي : ص ٢٢٢ جمعا بين المتن والهامش»
١ ـ وهو أن يثبت معه الحكم ، فيما عدا المتنازع فيه.
«هامش المصورة : ص ٤٨»
٢ ـ أي : للحكم.
«هامش المصورة : ص ٤٨ بتصرف»
٣ ـ وعلم من الشارع عدم الالتفات إليه ، لان التفات الشارع يستلزم المناسبة ، واستدل على دلالته على العلية ، بأن إستقراء الشرع دل على الحاق النادر في كل آن بالغالب ، فإذا رأينا وصفا يقارن الحكم في جميع الصور المغايرة لمحل النزاع ، ثم رأينا ذلك الوصف حاصلا في محل النزاع ، وجب الحكم بثبوت ذلك الحكم فيه ، إلحاقا للنادر بالغالب.
ولذلك!! إذا رأينا فرس القاضي واقفا على باب الامير ، نحكم بكون القاضي عند الامير ، وما ذلك الا لمقارنة كون الفرس عند الباب ، وكون القاضي عند الامير ، في الصور المغايرة لهذه الصورة.
«غاية البادي : ٢٢٣»
٤ ـ أي : في الاصل.
«هامش المصورة : ص ٤٨ بتصرف»
وجود الحكم في الفرع.
فلو أثبت وجود الحكم في الفرع ، يكون الوصف علة ، وثبتت عليته بالاطراد لزم الدور.
وأيضا : فإن الطرد يوجد من دون العلية ، كالحد مع المحدود والجوهر مع العرض.
ولان فتح هذا الباب يفضي إلى الهذيان ، كما نقول ـ في إزالة النجاسة بالخل ـ : مايع ، لا تبنى القطرة على جنسه فلا يجوز إزالة النجاسة به كالدهن.
الفصل الحادى عشر
في : الترجيح
بين الاخبار
وفيه : مباحث
الاول
«في : تعارض الدليلين»
لا يتعارض دليلان قطعيان :
وهل يتعارض الظنيان؟ جوزه قوم : لامكان أن يخبرنا إثنان عدلان بحكمين متنافيين ، ولا يترجح أحدهما على الآخر.
ومنع منه آخرون : لانه لو تعارض دليلان ، على كون هذا الفعل مباحا أو محظورا ، فإن لم يعمل بهما أو عمل بهما لزم المحال ، وإن عمل بأحدهما على التعيين لزم الترجيح من غير مرجح ، أو لا على التعيين وهو باطل.
لانا إذا خيرنا بين الفعل والترك ، فقد سوغنا له الترك ، فيكون ذلك ترجيحا لدليل الاباحة ، وقد تقدم بطلانه.
والاول : عندي أقوى.
والجواب عن الثاني : أن التخيير ليس إباحة ، لانه يجوز أن يقال له : إن أخذت بدليل الاباحة فقد أبحت لك ، وإن أخذت بدليل الحظر فقد حرمته عليك.
كمن عليه درهمان ، فقال له صاحبهما : فقد تصدقت عليك بأحدهما إن قبلت ، وإن لم تقبل وأتيت بالدرهمين قبلتهما عن الدين.
فإن من عليه الدين مخير ، إن شاء أتى بدرهم ، وإن شاء دفع درهمين عن الواجب.
وكذا نقول في المسافر ـ إذا حضر في أحد الامكنة الاربعة (١) ، التي يستحب فيها التمام ـ فإنه مكلف بركعتين إن شاء الترخص ، وبأربع وجوبا إن لم يرده.
إذا عرفت هذا!! فالتعادل إن وقع للمجتهد في عمل نفسه كان حكمه التخيير ، وإن وقع للمفتي كان حكمه أن يخير المستفتي ، وإن وقع للحاكم كان حكمه العمل بأحدهما ووجب عليه التعيين.
البحث الثاني
«في : العمل عند وقوع التعادل»
إذا وقع التعادل وجب الترجيح (٢) ، وقيل : بالتخيير أو التوقف.
__________________
١ ـ المواطن الاربعة : مكة ، والمدينة ، والمسجد الجامع بالكوفة ، وحائر الحسين «ع» ، وهو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرفه السلام.
«جمعا بين شرايع الاسلام : ١ / ١٣٥ ، ومجمع البحرين : ٣ / ٢٨٠»
٢ ـ المراد بالتعادل هنا : توارد دليلين متنافيي الحكم على شيء واحد ، والتعادل الذي تقدم ذكره : توارد دليلين متساويين في الدلالة ،
لنا : أنه لو لم يعمل بالراجح لعمل بالمرجوح ، وهو خلاف المعقول (١) ، ولان الاجماع من الصحابة وقع على ترجيح بعض الاخبار على البعض (٢).
ومن المرجحات : كثرة الادلة ، كترجيح أحد الخبرين على الآخر بكثرة الرواة ، لان الظن أقوى ، لان تطرق تعمد الكذب إلى الجماعة أبعد من الواحد.
وأيضا : فإن مخالفة الدليل على خلاف الاصل ، فمخالفة الدليلين أشد محذورا من مخالفة دليل واحد.
وإذا أمكن العمل بكل واحد من الدليلين المتعارضين ، من وجه دون وجه ، كان أولى من إبطال أحدهما بالكلية.
__________________
متنافيي الحكم على شيء واحد.
«غاية البادي : ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧»
١ ـ وأيضا!! إذا وقع التعارض ثم ترجيح أحدهما ، كان العمل به متعينا عرفا فيجب شرعا ، لقوله عليهالسلام : «ما رواه المسلمون حسنا فهو حسن عند الله تعالى».
«غاية البادي : ص ٢٢٧»
٢ ـ فانهم قدموا خبر عائشة في إلتقاء الختانين على قول الانصار «لا ماء إلا من الماء» ، وقدموا خبر من روى من أزواجه أنه «ص» كان يصبح جنبا على ما رواه أبو هريرة ، أنه قال «من أصبح جنبا فلا صوم له» ، ...
«غاية البادي : ص ٢٢٧»
البحث الثالث
في : حكم الادلة المتعارضة
إذا تعارض دليلان (١) : فإن كانا عامين أو خاصين وكانا معلومين كان المتأخر ناسخا إن قبل المدلول النسخ ، وإلا تساقطا ووجب الرجوع إلى غيرهما ، وكذا لو لم يعلم التأريخ.
ولو كانا مظنونين ، كان المتأخر ناسخا.
ولو تقارنا أو لم يعلم التأريخ وجب الترجيح ، فإن تساويا ثبت التخيير.
وإن كان أحدهما معلوما دون الآخر ، فإن كان المعلوم
__________________
١ ـ إذا تعارض دليلان : إما أن يكون كل واحد منهما عاما أو خاصا ، وعلى التقديرين إما أن يكون العموم والخصوص مطلقا أو من وجه دون آخر. وعلى التقادير إما أن يكون معلوما أو مظنونا ، وهذه ستة في ستة تصير ستة وثلاثين.
وعلى التقادير : إما أن يعلم تقدم أحدهما على الآخر أو يعلم مقارنتهما أو لا يعلم شيء منهما ، وهذه ثلاثة إذا ضربت في ستة وثلاثين ، تصير مائة وثمانية ، هذا بحسب الحصر العقلي.
وأما أحكامهما : فإن كانا معلومين متساويين في العموم والخصوص ...
«غاية البادي : ص ٢٣٠»
متأخرا كان ناسخا ، وإلا تعين العمل بالمعلوم.
وإن كان أحدهما أعم من الآخر مطلقا وكانا معلومين أو مظنونين ، كان الخاص المتأخر ناسخا للعام المتقدم ، والعام المتأخر ناسخا للخاص المتقدم عند الحنفية ، وعند الشافعية يبنى العام على الخاص (١).
وإن وردا معا ، خص العام بالخاص إجماعا ، وإن كان أحدهما معلوما والآخر مظنونا ، قدم المعلوم ، إلا إذا اقترنا وكان المظنون هو الخاص ، فإنه يخصص العام عند جماعة ، وقد تقدم.
البحث الرابع
«في : ترجيح الاخبار»
الخبر الذي رواته أكثر ، أو أعلى إسنادا ، أو كان رواته
__________________
١ ـ وإما أن يكون أحدهما أعم من الآخر من وجه دون وجه ، كقوله «ص» : «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» مع نهيه عن الصلاة في غير الاوقات الخمسة.
فإن الاول عام في الاوقات خاص في صلاة القضاء ، والثاني عام في الصلاة خاص في الاوقات ، ولم يذكره المصنف.
«غاية البادي : ص ٢٣١ ـ ٢٣٢»
أعلم أو أزكى أو أزهد أو أشهر ، راجح (١).
والفقيه أرجح من غيره ، والافقه أرجح.
والعالم بالعربية أرجح ، والاعلم بها أرجح من العالم.
وصاحب الواقعة أرجح (٢).
والاكثر مجالسة للعلماء أرجح ، والمعلوم عدالته بالاختبار أرجح من المزكى ، والمزكى بالاعلم أولى.
والاشد ضبطا أرجح ، والجازم أرجح من الظان.
والمشهور بالرياسة أرجح من غيره (٣).
والمتحمل وقت البلوغ أرجح.
__________________
١ ـ رجح الشيخ «ره» : بالضابط والاضبط والعالم والاعلم ، محتجا بأن الطائفة قدمت ما رواه محمد بن مسلم وبريد بن معاوية والفضيل ابن يسار ونظائرهم ، على من ليس له حالهم.
«المعارج : ص ٩٠»
٢ ـ ولذلك قدم الصحابة خبر عائشة في إيجاب الغسل بالتقاء الختانين على خبر غيرها «إنما الماء من الماء».
«غاية البادي : ص ٢٣٤»
٣ ـ سواء كانت شهرته بمنصبه أو بنسبه ، لاحترازه عما يوجب نقص منزلته المشهورة ، يكون أكثر.
ولذلك!! كان علي «ع» يحلف الرواي ، ويقبل رواية أبي بكر بلا يمين.
وكذلك مشهور الاسم مقدم.
وكذلك إذا كان في رواة أحد الخبرين ، من يلتبس اسمه باسم بعض الضعفاء ، بخلاف الآخر يكون مرجوحا.
«غاية البادي : ٢٣٣»
وذكر السبب أولى.
وراوي اللفظ أرجح من راوي المعنى ، والمعتضد بحديث غيره أرجح. والمدني أرجح من المكي ، لقلة المكي بعد المدني.
والوارد بعد ظهور النبي عليهالسلام أرجح (١).
وذو السبب أولى.
والفصيح أولى من الركيك ، ولا يترجح الافصح على الفصيح (٢).
والخاص متقدم.
والدال بالوضع الشرعي أو العرفي أولى من اللغوي.
والحقيقة أولى من المجاز ، والدال بوجهين أولى من الدال بوجه واحد (٣).
__________________
١ ـ الخبر الذي يرد بعد استظهار النبي وقوة شوكته ، مقدم على غيرها ، لان احتمال وقوع مقابله قبل قوة الشوكة اكثر من إحتمال وقوعه بعد وقوع الشوكة ، فكان تأخيره أغلب.
«غاية البادي : ص ٢٣٥»
٢ ـ راوي اللفظ الفصيح يقدم على راوي اللفظ الركيك ، لان من الناس من رد الركيك ، لكونه صلىاللهعليهوآله أفصح العرب ، فالاكثر أن يكون مرجوحا.
ولا يقدم الافصح على الفصيح ، لانه كما يوجد في كلامه الافصح ، كذلك يوجد في كلامه الفصيح.
«غاية البادي : ص ٢٣٢»
٣ ـ أو يكونان مجازين ، لكن مصحح التجوز ـ أعني العلاقة ـ
والمعلل أولى ، والمؤكد أولى ، وما فيه تهديد أولى.
والناقل عن حكم الاصل راجح على المقرر ، وقيل : بالعكس (١).
والمشتمل على الحظر راجح عند الكرخي على المشتمل على الاباحة ، ومستويان عند أبي هاشم (٢).
__________________
في أحدهما أشهر وأقوى وأظهر منه في الآخر ، فيجب ترجيح الاقوى والاشهر والاظهر.
«معالم الدين : ص ٢٤٥ بتصرف»
١ ـ إذا كان أحد الخبرين مخالفا لحكم الاصل والآخر موافقا ، كان المخالف راجحا ، وهو قول جمهور الاصوليين ، لان الشارع إنما يحتاج إليه ، ليعرفنا ما لم تستقل عقولنا بإدراكه ، لا ما كان لعقولنا دلالة عليه.
وقيل : بل كان الموافق راجحا لكونه معتضدا بالاصل.
«غاية البادي : ص ٢٣٤»
٢ ـ إذا كان حكم أحد الخبرين الحظر ، وحكم الآخر الاباحة ، فعند الكرخي واحمد بن حنبل والرازي من أصحاب أبي حنيفة يقدم دليل الحظر ، وعند أبي هاشم وعيسى ابن أبان تساويا وتساقطا.
لنا : إن الاخذ بدليل الاباحة ، لا يؤمن معه الوقوع في المآثم ، فيكون مرجوحا. ولذلك!! إذا تولد حيوان ، بين ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل ، قدم التحريم.
وكذا إذا طلق إنسان بعض نسائه بعينها ثم نسيها ، حرم عليه وطئ الجميع.
وإليه الاشارة بقوله «ص» : «ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال».
والمثبت للطلاق والعتاق ، مقدم على النافي عند الكرخي لموافقته الاصل ومستويان عند آخرين (٤).
والنافي للحد راجح على المثبت (٥).
والذي عمل به بعض العلماء ، أرجح من الذي تركه ، إذا كان بحيث لا يخفى عليه.
__________________
وقال «ع» : «دع ما يريبك إلى ما لا يربيك».
«غاية البادي : ص ٢٣٤ ـ ٢٣٥»
٤ ـ وقيل : هما متساويان متساقطان ، لان المثبت وإن كان موافقا لذلك الاصل ، لكن النافي أيضا موافق الدليل ، المقتضي لصحة النكاح ، وإثبات ملك اليمين ، وهذا حسن.
«غاية البادي : ص ٢٣٥»
٥ ـ لنا : أن النافي إن لم يفد الجزم ، فلا أقل من إفادة الشبهة ، ومع حصول الشبهة يسقط الحد ، لقوله «ص» : «إدرؤا الحدود بالشبهات».
«غاية البادي : ص ٢٣٦»
الفصل الثاني عشر
في : الاجتهاد وتوابعه
وفيه : مباحث
الاول
«في : الاجتهاد»
الاجتهاد : هو استفراغ الوسع في النظر ، فيما هو من المسائل الظنية الشرعية ، على وجه لا زيادة فيه :
ولا يصح في حق النبي عليهالسلام ـ وبه قال الجبائيان ـ.
لقوله تعالى : «وما ينطق عن الهوى» [٥٣ / ٤].
ولان الاجتهاد أنما يفيد الظن ، وهو عليهالسلام قادر على تلقيه من الوحي.
وأنه كان يتوقف في كثير من الاحكام حتى يرد الوحي (١) ولو ساغ له الاجتهاد لصار إليه ، لانه أكثر ثوابا.
ولانه لو جاز له ، لجاز لجبريل (٢) عليهالسلام (٣) ،
__________________
١ ـ كما في مسألة الظهار واللعان.
«غاية البادي : ص ٢٣٨»
٢ ـ جبريل أو جبرائيل : إسم ملك من ملائكة الله المقربين ، وهو روح القدس الذي يرسله الله إلى رسله لتبليغ رسالاتهم.
وقيل : جبر في اللغة السريانية هو العبد ، وإيل هو الله ، فمعنى جبريل عبد الله. «جمعا بين قاموس الالفاظ والاعلام القرآنية : ص ٦١ ، ومجمع البيان : ١ / ١٦٦ باختصار»
٣ ـ بجامع كونهما مبلغين ، لكنه لم يجز ، إذ لو جاز لم يحصل لنا العلم ، بأن هذا الشرع من عند الله ، لجواز أن يكون من إجتهاده.
«غاية البادي : ص ٢٣٨»