مبادئ الوصول الى علم الاصول

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

مبادئ الوصول الى علم الاصول

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: عبد الحسين محمد علي البقال
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧٧

«إني أرى في المنام أني أذبحك» [٣٧ / ١٠٣] ، ثم نسخ عنه بالفدية (١).

وهذا!! أقوى عندي.

والجواب عن حجة المعتزلة : أن الحسن والقبح ، كما يوصف الفعل بهما ، فكذا يلحقان الامر فجاز أن يكون الشيء حسنا.

إلا أن الامر به يشتمل على نوع مفسدة ، فيلحقه النسخ بإعتبار لحوق القبح للامر لا للمأمور.

البحث الرابع

«في : ما يجوز نسخه»

يجوز : نسخ الشيء إلى غير بدل ، كالصدقة أمام المناجاة وإلى ما هو أثقل (٢).

__________________

ذريته أنبياء كثيرون ، وقد اتاه الله سبحانه وتعالى الكتاب الذي سمي في سورتي النجم والاعلى بصحف ابراهيم.

«قاموس الالفاظ والاعلام القرآنية : ص ١٢ ـ ١٣ باختصار»

١ ـ بقوله تعالى من نفس السورة ـ الصافات الآية ١٠٨ ـ : «وفديناه بذبح عظيم».

٢ ـ ألا ترى أن قوله : «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين»

١٨١

ونسخ التلاوة دون الحكم (١) ، وبالعكس (٢).

ونسخ الخبر مع تعدد مقتضاه ، كقوله : «أعمرت نوحا

__________________

اقتضى كون المكلف مخيرا في الصوم.

ثم حتم ذلك وألزمه مع ما فيه من زيادة المشقة على التخيير ، بقوله : «فمن شهد منكم الشهر فليصمه» تقديره : فمن شهد منكم الشهر حيا حاضرا صحيحا عاقلا بالغا فليصمه.

«جمعا بين : العدة ٢ / ٢٨ ، والناسخ والمنسوخ ص ٣٣»

١ ـ وقد مثلوا لذلك بآية الرجم التي رواها عمر بقوله : «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم».

«الناسخ والمنسوخ : ص ٢٤ بتصرف»

وللتوسع!! يراجع «البيان في تفسير القرآن» للامام الخوئي : ص ٢١٣ ـ ٢٥٤.

٢ ـ وأما ما نسخ حكمه وبقي خطه : فهو في ثلاث وستين سورة مثل : الصلاة إلى بيت المقدس ، والصوم الاول ، والصفح عن المشركين ، والاعراض عن الجاهلين.

«الناسخ والمنسوخ : ص ٢٤»

وللتوسع!! يراجع «البيان في تفسير القرآن» للامام الخوئي : ص ٣٠٥ ـ ٤٠٣.

١٨٢

ألف سنة» ، ثم يقول : «عمرته ألف سنة إلا خمسين عاما» (١).

ونسخ الامر المقيد بالتأبيد ، لانه شرطه (٢).

ونسخ المتواتر من السنة بمثله (٣) ، وبخبر الواحد عقلا غير

__________________

١ ـ يجوز نسخ الخبر مع تعدد مقتضاه ، سواء كان ماضيا أو مستقبلا ، وعدا أو وعيدا ، وهو مذهب المرتضى ، خلافا للجبائيين والقاضي أبي بكر.

واستدل المصنف على الجواز : بأن مدلول الخبر إذا كان متعددا ، كقوله «عمرت نوحا ...» يجوز أن ينسخ بقوله «عمرته الف سنة إلا خمسين عاما».

ويكون الناسخ بيانا لاخراج بعض ما تناوله اللفظ ، قياسا على الامر والنهي ، فيجوز في الجميع إما بالقياس عليه أو لعدم القائل بالفرق.

«غاية البادي : ص ١١٨ ـ ١١٩»

٢ ـ كقوله مثلا : «افعلوا هذا الفعل أبدا» ، خلافا لقوم ...

ودليلنا : أنه نسخ شيء مشروط ، بكون ذلك الشيء واردا على وجه التأبيد.

لانه لو لم يكن كذلك ، لم يكن رفعا ، وشرط الشيء لا ينافيه.

«غاية البادي : ص ١١٩»

٣ ـ واستدلوا : بان التوجه إلى بيت المقدس كان ثابتا بالتواتر ، وأهل قبا لما سمعوا منادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «ألا أن القبلة قد حولت» ، استداروا بمجرد خبره ، ولم ينكر النبي «ص» عليهم.

«غاية البادي : ص ١١٩»

١٨٣

واقع (١).

ونسخ خبر الواحد بمثله (٢) وبالمتواتر.

ونسخ الكتاب بمثله ، خلافا للشافعي ، كالقبلة والعدة (٣).

ونسخ الكتاب بالسنة المتواترة ، كالحبس في البيوت ، خلافا له (٤).

أما الاجماع : فلا ينسخ ، لان شرط إنعقاده وفاة الرسول عليه‌السلام ، ولا ينسخ به ، لان وقوعه على خلاف النص خطأ (٥).

__________________

١ ـ عند الجمهور ، خلافا لاهل الظاهر. «غاية البادي : ص ١١٩»

٢ ـ وقد وقع ذلك على ما روي : لان النبي نهى عن إدخار لحوم الاضاحي وزيارة القبور.

نسخ ذلك فأباح الزيارة والادخار للحوم الاضاحي.

«العدة : ٢ / ٤٤»

٣ ـ ما ذكره شيخنا دام ظله : من مخالفة الشافعي فيه ، كان من زلة قلمه ، لاني ما وقفت على خلاف فيه ، لا له ولا لغيره من مجوزي النسخ.

«غاية البادي : ص ١٢٠»

٤ ـ لنا : إن الفرض في الزانية كان إمساكهن في البيوت ، لقوله تعالى : «فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت».

ثم إن الله تعالى نسخه بآية الجلد ، ثم إن النبي نسخ الجلد بالرجم.

«غاية البادي : ص ١٢٠»

٥ ـ أما الاول : فلان شرط انعقاد الاجماع وفاة النبي «صلى الله

١٨٤

البحث الخامس

«في : زيادة العبادة أو نقصانها»

لا خلاف في أن زيادة عبادة على العبادات ليس بنسخ للعبادات ، وزيادة غيرها نسخ عند أبي حنيفة ، خلافا للشافعي.

والحق!! ما قاله أبو الحسين : وهو أن الزيادة لا شك أنها تقتضي زوال أمر ، وأقله عدمها.

فإن كان الزايل حكما شرعيا ، وكانت الزيادة متراخية

__________________

عليه وآله» ، لانه لو كان حيا وخالف لم يكن اجماعا ، لانه سيد المؤمنين وإن وافق فالعبرة بقوله.

وحينئذ نقول : إما أن ينسخ الاجماع بالقرآن أو بالسنة أو بالاجماع والكل باطل.

أما الاولان : فلانهما إن كانا موجودين وقت انعقاد الاجماع ، كان الاجماع على خطأ ، وإن لم يكونا موجودين استحال حدوثهما ، لاستحالة حدوث كتاب أو سنة بعد النبي «ص».

وأما الثالث : فنقول انعقاد الاجماع الثاني ، إن لم يكن عن دليل فهو خطأ ، وإن كان عن دليل عاد التقسيم الاول.

وأما الثاني : فلان المنسوخ به أما أن يكون نصا أو اجماعا ، والاول باطل لانه يقتضي وقوع الاجماع على خلاف النص فيكون خطأ ، وكذا الثاني لما تقدم من أنه لا ينسخ.

«غاية البادي : ص ١٢١ ـ ١٢٢»

١٨٥

عنه ، سميت تلك الازالة نسخا وإلا فلا زيادة.

وزيادة التغريب يزيل عدمه ، وهو حكم عقلي مستند إلى البراءة الاصلية ، لان إيجاب الحد لا إشعار فيه ، بنفي الزائد ولا إثباته.

إما زيادة ركعة على الصبح فإنها ترفع وجوب التشهد عقيب الركعتين.

فكان نسخا لهذا الحكم لا للركعتين ـ لان النسخ لا يرد على الافعال ـ ، ولا لوجوبهما ، ولا لاجزائهما ، لانهما كانتا مجزئتين

والآن!! إنما لم تجز بالوجوب الثالثة ، ووجوب الثالثة إنما يرفع نفي وجوبها ، ونفي وجوبها عقلي (١).

__________________

١ ـ قول أبي الحسين : هو أن تلك الزيادة ، لابد أن تقتضي زوال أمر ، ولو لم يكن إلا عدم ذلك الامر الكاين قبل الزيادة.

ثم إن الزائل بتلك الزيادة : إن كان حكما شرعيا ، وكانت الزيادة متراخية عنه ، سميت تلك الازالة نسخا ، ولا يقبل الزيادة بخبر الواحد.

وإن كان حكما عقليا ، وهو البراءة الاصلية ، لم يسم نسخا ، ويقبل الزيادة بخبر الواحد.

فزيادة التغريب ، أو زيادة عشرين على جلد ثمانين ، انما يزيل عدم وجوب الزايد على الثمانين.

وهذا العدم كان معلوما بالعقل لا بالشرع ، لان إيجاب الثمانين ، أعم من أن يكون مع الزائد أو مع عدم الزائد ، والعام لا دلالة له على الخاص ، ويجوز قبول خبر الواحد فيه.

١٨٦

وأما نقصان جزء العبادة : فالحق!! أنه ليس نسخا للعبادة ، لان المقتضي للجزئين ثابت ، وخروج احدهما لا يقتضي خروج الآخر ، وكذا شرطها.

نعم ، إنه نسخ للجزء أو الشرط (١).

__________________

وزيادة ركعة على الركعتين ، كالصبح قبل التشهد نسخ ، لانها مزيلة لوجوب التشهد عقب الركعتين ، وذلك الوجوب حكم شرعي ، ولايجوز قبول خبر الواحد فيه.

وليس ذلك نسخا للركعتين ، لان النسخ لا يتناول الافعال ، ولا لوجوبهما ، لان وجوبهما لم يزل ، ولا لاجزائهما لانهما مجزيتان ، وإنما كانتا مجزيتين من دون ركعة اخرى.

والآن لا يجزيان الا مع ركعة ، وذلك تابع لوجوب ضم ركعة اخرى ، ووجوب ركعة اخرى ، لم يرفع إلا نفي وجوبها ، ونفي وجوبها إنما حصل بالعقل.

«غاية البادي : ص ١٢٥ ـ ١٢٦»

١ ـ فنسخ الوضوء لا يكون نسخا للصلاة ، بل يكون نسخا لبعض الاجزاء ، لان الصلاة بغير الطهارة لم تكن مجزية ، فبعد النسخ صارت مجزية.

وكذلك يكون نسخ الشرط نسخا لجزئه ، والا لم يكن نسخا للشرط بل لجزء الشرط ، وقد فرضناه كذلك.

وهكذا الحكم في سائر العبادات المركبة ...

«غاية البادي : ص ١٢٦ ـ ١٢٧»

١٨٧
١٨٨

الفصل الثامن

في : الاجماع

وفيه : مباحث

١٨٩

الاول

«في : إجماع أمة محمد»

إجماع امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حق.

أما على قولنا فظاهر ، لانا نوجب المعصوم في كل زمان ، وهو سيد الامة ، فالحجة في قوله.

وأما المخالف!! فلقوله تعالى : «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين فوله ما تولى» [٤ / ١١٦] والتوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين يقتضي وجوب إتباع سبيلهم.

ولقوله تعالى : «وكذلك جعلناكم أمة وسطا ...» [٢ / ١٤٤] ، والوسط العدل (١).

ولقوله تعالى : «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ...» [٣ / ١١١] وهو يقتضي أمرهم بكل معروف ، ونهيهم عن كل منكر.

ولقوله عليه‌السلام : «لا تجتمع امتي على الضلالة» (٢)

__________________

١ ـ كما في مجمع البيان : ١ / ٢٢٤ ، وتفسير القمي : ١ / ٦٣ ، والصافي : ١ / ١٤٧ ، والتبيان : ٢ / ٦.

٢ ـ رواه : أحمد في مسنده ، والطبراني في الكبير ، وابن أبي خيثمة في تأريخه «المقاصد الحسنة للسخاوي : ١ / ٤٦٠».

١٩٠

البحث الثاني

«في : إحداث قول ثالث»

لا يجوز إحداث قوله ثالث ، إن لزم منه إبطال ما أجمعوا عليه.

كالجد!! قيل : له المال ، وقيل : يقاسمه الاخ ، فحرمانه باطل.

وإن لم يستلزم بطلان الاجماع ، جاز لعدم المانع (١).

__________________

١ ـ إذا اختلف أهل العصر على قولين ، ثم أحدث من بعدهم قول ثالث ، منعه الاكثرون.

كوطئ البكر ، ثم يجد عيبا ، قيل بمنع الرد ، وقيل : ترد مع الارش ، فالقول بالرد مجانا قول ثالث.

وكالجد مع الاخ ، قيل : يرث المال كله ، وقيل : بالمقاسمة ، فالقول بالحرمان قول ثالث.

وكالام مع زوج وأب أو زوجة وأب ، قيل : ثلث الاصل ، وقيل : ثلث ما بقي ، فالفرق قول ثالث.

وكالنية في الطهارات ، قيل : تعتبر في الجميع ، وقيل : في البعض فالتعميم بالنفي قول ثالث.

وكالفسخ بالعيوب الخمسة ، قيل : يفسخ بها ، وقيل : لا ، فالفرق قول ثالث.

ومنهم من فصل!! وهو الصحيح ، فقال : إن كان الثالث يرفع

١٩١

ولو لم تفصل الامة بين المسألتين (١).

فإن نصوا على عدمه ، امتنع الفصل ، وكذا إن علم إتحاد طريقة الحكم في المسألتين ، كالعمة والخالة ، علة إرثهما كونهما من ذوي الارحام ، فمن ورث إحداهما ورث الاخرى ومن منع إحداهما منع الاخرى (٢).

وإن لم يكن كذلك جاز (٣).

__________________

ما اتفقا فممنوع ، كالبكر فإن الاتفاق على أنها لاترد مجانا ، وكالجد فإن الاتفاق على أنه يرث ، وكالنية في الطهارات.

وإن كان لا يرفع ، بل وافق كل واحد من وجه وخالف من وجه فجائز ، إذ لا مخالفة لاجماع ، كفسخ النكاح ببعض العيوب الخمسة دون بعض ، فإنه موافق في كل صورة مذهبا. «منتهى الوصول : ص ٤٤»

١ ـ بل جمعوا بينهما في حكم من الاحكام الخمسة ، فهل لمن بعدهم أن يفصلوا بينهما؟ ويخصوا إحداهما بحكم والاخرى بحكم آخر أم لا؟ والحق!! التفصيل.

«غاية البادي : ص ١٤٥»

٢ ـ إذا لم يفصلوا بين مسألتين ، فهل لمن بعدهم الفصل؟ والحق إن نصوا بعدم الفرق ، أو اتحد الجامع ، كتوريث العمة والخالة ، لم يجز ، لانه رفع مجمع عليه ، وإلا جاز.

«منهاج الوصول : ص ٥٢»

٣ ـ أي إن لم يعلم اتحاد طريقه.

«هامش المصورة : ص ٣٧»

١٩٢

البث الثالث

«في : ما وما لا ينعقد الاجماع به»

يجوز الاتفاق بعد الخلاف (١).

وإذا أجمع أهل العصر الثاني ، على أحد قولي العصر الاول (٢) ، إنعقد الاجماع.

ولو أجمع أهل العصر على حكم ، بعد إختلافهم على قولين ، إنعقد أيضا.

وإنقراض العصر غير معتبر ، لتناول أدلة الاجماع ، مع عدم الانقراض (٣).

__________________

١ ـ خلافا للصيرفي ، كما في منهاج الوصول : ص ٥٢.

٢ ـ وقد وقع ، كاختلاف الصحابة في بيع امهات الاولاد ، ثم اتفق من بعدهم على المنع.

«منتهى الوصول : ص ٤٥»

٣ ـ إعلم!! أنه لا يشترط إنقراض العصر في انعقاد الاجماع ، أي إذا أتفق أهل العصر على حكم ، كان حجة وإن لم ينقرضوا ، خلافا لاحمد بن حنبل وابن فورك.

لنا : إن ادلة الاجماع تتناولهم وإن لم ينقرضوا ، لدخول المعصوم فيهم ، ولانهم المؤمنين.

وأيضا : لو اشترط انقراض العصر لم ينعقد اجماع أصلا ، واللازم باطل فالملزوم مثله.

«غاية البادي : ص ١٤٩»

١٩٣

ولو قال بعض أهل العصر قولا ، وسكت الحاضرون ، فالحق أنه ليس بإجماع ، لاحتمال السكوت غير الرضا (١).

ولو قال بعض الصحابة قولا ، ولم يوجد له مخالف ، لم يكن إجماعا (٢).

وإجماع أهل المدينة ليس بحجة ، خلافا لمالك ، لانهم بعض المؤمنين (٣).

__________________

١ ـ احتج المصنف على أنه ليس بإجماع ولا حجة ، بأن السكوت كما يحتمل الرضا والموافقة ، يحتمل وجوها آخر ، ومع الاحتمال لم يكن الجزم ، بل ولا الظن.

وتلك الوجوه : أن يكون الساكت قد وقر القايل أو هابه ، كما روي أن ابن عباس وافق عمر في مسألة العول ، وأظهر الخلاف بعده ، وقال : هبته وكان مهيبا.

أو أنه لم يجتهد فيه فلم يجز له الانكار ، أو أنه اجتهد لكنه لم يصل إلى الحكم فتوقف ، أو أنه اجتهد ووصل إلى حكم لكنه ينتظر الفرصة ، أو أنه رأى أن كل مجتهد مصيب ، أو أنه يعلم أن غيره أنكر عليه وكفاه المؤنة.

«غاية البادي : ١٥٠ ـ ١٥١ متنا وهامشا»

٢ ـ لان ذلك : إما أن يكون مما تعم به البلوى أو لا.

فالاول : لابد أن يكون للباقين فيه قول ، إما مخالف أو موافق ، وإن لم يظهر فجرى ذلك مجرى السكوت ، وقد تقدم ذلك.

والثاني : يحتمل أن لا يكون للباقين فيه قول ، وحينئذ لم يكن إجماعا.

«غاية البادي : ص ١٥١»

٣ ـ قال مالك رضي الله عنه : إجتماع أهل المدينة حجة ، لقوله

١٩٤

أما إجماع العترة فإنه حجة ، لقوله تعالى : «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» [٣٣ / ٣٤].

ولقوله عليه‌السلام : «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (١).

البحث الرابع

«في : شرط الاجماع»

لا يجوز الاجماع إلا عن دليل (٢) ، وإلا لزم الخطأ على كل الامة.

وهل يعتبر قول العوام في الاجماع؟ الحق!! عدمه ، لان قول العامي لا لدليل ، فيكون خطأ.

__________________

عليه الصلاة والسلام : «إن المدينة لتنفي خبثها» ، وهو ضعيف.

«منهاج الوصول : ص ٥١»

١ ـ حديث الثقلين : ١ / ٥ ، وما بعدها.

وللتوسع!! يراجع «الاصول العامة للفقه المقارن» للحجة محمد تقي الحكيم : ص ١٤٥ ـ ١٨٩ ، بحث : «سنة أهل البيت».

٢ ـ وقال قوم : يجوز أن يكون بغير سند.

لنا : أن القول في الدين ، من غير دليل ولا إمارة ، خطأ ، ولا تجمع الامة على خطأ. وأيضا : فإنه يستحيل وقوع ذلك عادة.

«منتهى الوصول : ص ٤٣»

١٩٥

فلو كان قول العالم خطأ ، لزم إجماع الامة على الخطأ.

ولا عبرة : بقول الفقيه في مسائل الكلام ، ولا بالمتكلم في مسائل الفقه ، ولا بقول الحافظ للمسائل والاحكام إذا لم يكن متمكنا من الاجتهاد ، لانهم كالعوام ، فيما لا يتمكنون من الاجتهاد فيه.

ويعتبر قول الاصولي في الاحكام ، إذا كان متمكنا من الاجتهاد فيها ، وإن لم يكن حافظا لها.

وإجماع غير الصحابة حجة ، لتناول الادلة له (١).

ولا يجوز وقوع الخطأ من أحد شطري الامة في مسألة ، ومن الشطر الآخر في اخرى ، لاستلزامه بخطيئة كل الامة (٢).

__________________

١ ـ خلافا لاهل الظاهر.

لنا : ان أدلة الاجماع تتناولهم ، إما عندنا فلوجود المعصوم فيهم ، وأما عند الجمهور فلان سبيلهم سبيل المؤمنين فوجب اتباعه.

«غاية البادي : ص ١٦٣»

٢ ـ لا يجوز إنقسام المجمعين إلى فرقتين ، تجمع كل واحدة منهما بين حق وباطل ، لان الامام مع أحدهما ، وهو يمنع من اتفاقهما على الخطأ.

«المعارج : ص ٧٣»

١٩٦

الفصل التاسع

في : الاخبار

وفيه : مباحث

١٩٧

الاول

«في : تعريف الخبر وأقسامه»

ماهية الخبر معلومة بالضرورة (١).

وإن عرض اشتباه ، ميز بما يحتمل الصدق والكذب ، ولا يخلو عنهما.

وهو : إما أن يكون مقطوعا بكونه صدقا ، أو بكونه كذبا ، أو يجوز فيه الامران.

والاول سبعة : المتواتر (٢) ، وما علم وجود مخبره إما بالضرورة (٣) أو بالاستدلال ، وخبر الله ، وخبر رسوله ، وخبر الامام عندنا ، وخبر كل الامة ، والخبر المعتضد بالقرائن (٤).

__________________

١ ـ الخبر : كلام يفيد بنفسه نسبة أمر إلى أمر ، نفيا أو إثباتا.

«المعارج : ص ٧٦»

٢ ـ من قبيل حديث : «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» ، كما في صحيح مسلم : ٨ / ٢٢٩ ، و «شرح البداية في علم الدراية : ص ١٥» ، ومصادر أخر مذكورة في هامش «علوم الحديث ، لصبحي الصالح : ص ٢٠».

٣ ـ مخبره بفتح الباء ، كوجود مكة «شرح البداية : ص ١١».

٤ ـ كمن يخبر عن مرضه عند الحكيم ، ونبضه ولونه يدلان عليه. وكذا من يخبر عن موت أحد ، والنياح والصياح في بيته ، وكنا عالمين بمرضه.

«شرح البداية : ص ١١»

١٩٨

والثاني : الخبر الذي ينافي مخبره وجود ما علم بالضرورة أو بالاستدلال (١).

البحث الثاني

«في : إفادة التواتر العلم»

الحق!! أن خبر المتواتر يفيد العلم الضروري ، خلافا للسيد المرتضى حيث وقف (٢) ، ولابي الحسين حيث قال : انه نظري.

__________________

١ ـ وهو : خمسة أشياء.

الاول : ما خالف ضرورة العقل .. الثاني : ما أحالته العوايد. الثالث : ما خالف دليل العقل .. الرابع : ما خالف النص القاطع من الكتاب والسنة المتواترة .. الخامس : ما خالف الاجماع.

«المعارج : ص ٧٧»

٢ ـ ذهب المرتضى إلى أن أخبار البلدان والوقايع والملوك وهجرة النبي ومغازيه. وما يجري هذا المجرى. يجوز أن تكون ضرورة من فعل الله تعالى ، ويجوز أن تكون مكتسبة من فعل العباد.

وأما ما عدا أخبار البلدان ، وما ذكرناه مثل العلم بمعجزات النبي. وكثير من أحكام الشريعة ، والنص الحاصل على الائمة عليهم‌السلام ، فيقطع على أنه مستدل عليه ، وإذا كان كذلك وجب التوقف.

«العدة : ١ / ٢٩ باختصار»

١٩٩

لان جزمنا بوقوع الحوادث العظام ـ كوجود محمد عليه‌السلام ، وكحصول البلدان الكبار ـ لا يقصر عن العلم بأن الكل أعظم من الجزء ، وغيره من الاوليات (١).

وهو حاصل للعوام ، ومن لم يمارس الاستدلال ، ولا يقبل التشكيك.

البحث الثالث

«في : شرايط المتواتر»

منها : أن لا يكون السامع عالما بما أخبر به ، لاستحالة تحصيل الحاصل.

وأن لا يكون قد سبق شبهة أو تقليد إلى إعتقاد نفي موجب الخبر (٢).

وأن يكون المخبرون مضطرين (٣) إلى ما أخبروا عنه ،

__________________

١ ـ وهي ستة : الاوليات ، والمحسوسات ، والمجربات ، والحدسيات والمتواترات. والقضايا التي قياساتها معها.

«هامش المصورة : ص ٣٩»

٢ ـ وهذا شرط اختص به السيد المرتضى ، وتبعه عليه جماعة من المحققين.

«شرح البداية : ص ١٣»

٣ ـ أي : عالمين بالضروة ..

«هامش المصورة : ص ٣٩»

٢٠٠