الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: عبد الحسين محمد علي البقال
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧٧
«إني أرى في المنام أني أذبحك» [٣٧ / ١٠٣] ، ثم نسخ عنه بالفدية (١).
وهذا!! أقوى عندي.
والجواب عن حجة المعتزلة : أن الحسن والقبح ، كما يوصف الفعل بهما ، فكذا يلحقان الامر فجاز أن يكون الشيء حسنا.
إلا أن الامر به يشتمل على نوع مفسدة ، فيلحقه النسخ بإعتبار لحوق القبح للامر لا للمأمور.
البحث الرابع
«في : ما يجوز نسخه»
يجوز : نسخ الشيء إلى غير بدل ، كالصدقة أمام المناجاة وإلى ما هو أثقل (٢).
__________________
ذريته أنبياء كثيرون ، وقد اتاه الله سبحانه وتعالى الكتاب الذي سمي في سورتي النجم والاعلى بصحف ابراهيم.
«قاموس الالفاظ والاعلام القرآنية : ص ١٢ ـ ١٣ باختصار»
١ ـ بقوله تعالى من نفس السورة ـ الصافات الآية ١٠٨ ـ : «وفديناه بذبح عظيم».
٢ ـ ألا ترى أن قوله : «وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين»
ونسخ التلاوة دون الحكم (١) ، وبالعكس (٢).
ونسخ الخبر مع تعدد مقتضاه ، كقوله : «أعمرت نوحا
__________________
اقتضى كون المكلف مخيرا في الصوم.
ثم حتم ذلك وألزمه مع ما فيه من زيادة المشقة على التخيير ، بقوله : «فمن شهد منكم الشهر فليصمه» تقديره : فمن شهد منكم الشهر حيا حاضرا صحيحا عاقلا بالغا فليصمه.
«جمعا بين : العدة ٢ / ٢٨ ، والناسخ والمنسوخ ص ٣٣»
١ ـ وقد مثلوا لذلك بآية الرجم التي رواها عمر بقوله : «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم».
«الناسخ والمنسوخ : ص ٢٤ بتصرف»
وللتوسع!! يراجع «البيان في تفسير القرآن» للامام الخوئي : ص ٢١٣ ـ ٢٥٤.
٢ ـ وأما ما نسخ حكمه وبقي خطه : فهو في ثلاث وستين سورة مثل : الصلاة إلى بيت المقدس ، والصوم الاول ، والصفح عن المشركين ، والاعراض عن الجاهلين.
«الناسخ والمنسوخ : ص ٢٤»
وللتوسع!! يراجع «البيان في تفسير القرآن» للامام الخوئي : ص ٣٠٥ ـ ٤٠٣.
ألف سنة» ، ثم يقول : «عمرته ألف سنة إلا خمسين عاما» (١).
ونسخ الامر المقيد بالتأبيد ، لانه شرطه (٢).
ونسخ المتواتر من السنة بمثله (٣) ، وبخبر الواحد عقلا غير
__________________
١ ـ يجوز نسخ الخبر مع تعدد مقتضاه ، سواء كان ماضيا أو مستقبلا ، وعدا أو وعيدا ، وهو مذهب المرتضى ، خلافا للجبائيين والقاضي أبي بكر.
واستدل المصنف على الجواز : بأن مدلول الخبر إذا كان متعددا ، كقوله «عمرت نوحا ...» يجوز أن ينسخ بقوله «عمرته الف سنة إلا خمسين عاما».
ويكون الناسخ بيانا لاخراج بعض ما تناوله اللفظ ، قياسا على الامر والنهي ، فيجوز في الجميع إما بالقياس عليه أو لعدم القائل بالفرق.
«غاية البادي : ص ١١٨ ـ ١١٩»
٢ ـ كقوله مثلا : «افعلوا هذا الفعل أبدا» ، خلافا لقوم ...
ودليلنا : أنه نسخ شيء مشروط ، بكون ذلك الشيء واردا على وجه التأبيد.
لانه لو لم يكن كذلك ، لم يكن رفعا ، وشرط الشيء لا ينافيه.
«غاية البادي : ص ١١٩»
٣ ـ واستدلوا : بان التوجه إلى بيت المقدس كان ثابتا بالتواتر ، وأهل قبا لما سمعوا منادي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «ألا أن القبلة قد حولت» ، استداروا بمجرد خبره ، ولم ينكر النبي «ص» عليهم.
«غاية البادي : ص ١١٩»
واقع (١).
ونسخ خبر الواحد بمثله (٢) وبالمتواتر.
ونسخ الكتاب بمثله ، خلافا للشافعي ، كالقبلة والعدة (٣).
ونسخ الكتاب بالسنة المتواترة ، كالحبس في البيوت ، خلافا له (٤).
أما الاجماع : فلا ينسخ ، لان شرط إنعقاده وفاة الرسول عليهالسلام ، ولا ينسخ به ، لان وقوعه على خلاف النص خطأ (٥).
__________________
١ ـ عند الجمهور ، خلافا لاهل الظاهر. «غاية البادي : ص ١١٩»
٢ ـ وقد وقع ذلك على ما روي : لان النبي نهى عن إدخار لحوم الاضاحي وزيارة القبور.
نسخ ذلك فأباح الزيارة والادخار للحوم الاضاحي.
«العدة : ٢ / ٤٤»
٣ ـ ما ذكره شيخنا دام ظله : من مخالفة الشافعي فيه ، كان من زلة قلمه ، لاني ما وقفت على خلاف فيه ، لا له ولا لغيره من مجوزي النسخ.
«غاية البادي : ص ١٢٠»
٤ ـ لنا : إن الفرض في الزانية كان إمساكهن في البيوت ، لقوله تعالى : «فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت».
ثم إن الله تعالى نسخه بآية الجلد ، ثم إن النبي نسخ الجلد بالرجم.
«غاية البادي : ص ١٢٠»
٥ ـ أما الاول : فلان شرط انعقاد الاجماع وفاة النبي «صلى الله
البحث الخامس
«في : زيادة العبادة أو نقصانها»
لا خلاف في أن زيادة عبادة على العبادات ليس بنسخ للعبادات ، وزيادة غيرها نسخ عند أبي حنيفة ، خلافا للشافعي.
والحق!! ما قاله أبو الحسين : وهو أن الزيادة لا شك أنها تقتضي زوال أمر ، وأقله عدمها.
فإن كان الزايل حكما شرعيا ، وكانت الزيادة متراخية
__________________
عليه وآله» ، لانه لو كان حيا وخالف لم يكن اجماعا ، لانه سيد المؤمنين وإن وافق فالعبرة بقوله.
وحينئذ نقول : إما أن ينسخ الاجماع بالقرآن أو بالسنة أو بالاجماع والكل باطل.
أما الاولان : فلانهما إن كانا موجودين وقت انعقاد الاجماع ، كان الاجماع على خطأ ، وإن لم يكونا موجودين استحال حدوثهما ، لاستحالة حدوث كتاب أو سنة بعد النبي «ص».
وأما الثالث : فنقول انعقاد الاجماع الثاني ، إن لم يكن عن دليل فهو خطأ ، وإن كان عن دليل عاد التقسيم الاول.
وأما الثاني : فلان المنسوخ به أما أن يكون نصا أو اجماعا ، والاول باطل لانه يقتضي وقوع الاجماع على خلاف النص فيكون خطأ ، وكذا الثاني لما تقدم من أنه لا ينسخ.
«غاية البادي : ص ١٢١ ـ ١٢٢»
عنه ، سميت تلك الازالة نسخا وإلا فلا زيادة.
وزيادة التغريب يزيل عدمه ، وهو حكم عقلي مستند إلى البراءة الاصلية ، لان إيجاب الحد لا إشعار فيه ، بنفي الزائد ولا إثباته.
إما زيادة ركعة على الصبح فإنها ترفع وجوب التشهد عقيب الركعتين.
فكان نسخا لهذا الحكم لا للركعتين ـ لان النسخ لا يرد على الافعال ـ ، ولا لوجوبهما ، ولا لاجزائهما ، لانهما كانتا مجزئتين
والآن!! إنما لم تجز بالوجوب الثالثة ، ووجوب الثالثة إنما يرفع نفي وجوبها ، ونفي وجوبها عقلي (١).
__________________
١ ـ قول أبي الحسين : هو أن تلك الزيادة ، لابد أن تقتضي زوال أمر ، ولو لم يكن إلا عدم ذلك الامر الكاين قبل الزيادة.
ثم إن الزائل بتلك الزيادة : إن كان حكما شرعيا ، وكانت الزيادة متراخية عنه ، سميت تلك الازالة نسخا ، ولا يقبل الزيادة بخبر الواحد.
وإن كان حكما عقليا ، وهو البراءة الاصلية ، لم يسم نسخا ، ويقبل الزيادة بخبر الواحد.
فزيادة التغريب ، أو زيادة عشرين على جلد ثمانين ، انما يزيل عدم وجوب الزايد على الثمانين.
وهذا العدم كان معلوما بالعقل لا بالشرع ، لان إيجاب الثمانين ، أعم من أن يكون مع الزائد أو مع عدم الزائد ، والعام لا دلالة له على الخاص ، ويجوز قبول خبر الواحد فيه.
وأما نقصان جزء العبادة : فالحق!! أنه ليس نسخا للعبادة ، لان المقتضي للجزئين ثابت ، وخروج احدهما لا يقتضي خروج الآخر ، وكذا شرطها.
نعم ، إنه نسخ للجزء أو الشرط (١).
__________________
وزيادة ركعة على الركعتين ، كالصبح قبل التشهد نسخ ، لانها مزيلة لوجوب التشهد عقب الركعتين ، وذلك الوجوب حكم شرعي ، ولايجوز قبول خبر الواحد فيه.
وليس ذلك نسخا للركعتين ، لان النسخ لا يتناول الافعال ، ولا لوجوبهما ، لان وجوبهما لم يزل ، ولا لاجزائهما لانهما مجزيتان ، وإنما كانتا مجزيتين من دون ركعة اخرى.
والآن لا يجزيان الا مع ركعة ، وذلك تابع لوجوب ضم ركعة اخرى ، ووجوب ركعة اخرى ، لم يرفع إلا نفي وجوبها ، ونفي وجوبها إنما حصل بالعقل.
«غاية البادي : ص ١٢٥ ـ ١٢٦»
١ ـ فنسخ الوضوء لا يكون نسخا للصلاة ، بل يكون نسخا لبعض الاجزاء ، لان الصلاة بغير الطهارة لم تكن مجزية ، فبعد النسخ صارت مجزية.
وكذلك يكون نسخ الشرط نسخا لجزئه ، والا لم يكن نسخا للشرط بل لجزء الشرط ، وقد فرضناه كذلك.
وهكذا الحكم في سائر العبادات المركبة ...
«غاية البادي : ص ١٢٦ ـ ١٢٧»
الفصل الثامن
في : الاجماع
وفيه : مباحث
الاول
«في : إجماع أمة محمد»
إجماع امة محمد صلىاللهعليهوآله حق.
أما على قولنا فظاهر ، لانا نوجب المعصوم في كل زمان ، وهو سيد الامة ، فالحجة في قوله.
وأما المخالف!! فلقوله تعالى : «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين فوله ما تولى» [٤ / ١١٦] والتوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين يقتضي وجوب إتباع سبيلهم.
ولقوله تعالى : «وكذلك جعلناكم أمة وسطا ...» [٢ / ١٤٤] ، والوسط العدل (١).
ولقوله تعالى : «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ...» [٣ / ١١١] وهو يقتضي أمرهم بكل معروف ، ونهيهم عن كل منكر.
ولقوله عليهالسلام : «لا تجتمع امتي على الضلالة» (٢)
__________________
١ ـ كما في مجمع البيان : ١ / ٢٢٤ ، وتفسير القمي : ١ / ٦٣ ، والصافي : ١ / ١٤٧ ، والتبيان : ٢ / ٦.
٢ ـ رواه : أحمد في مسنده ، والطبراني في الكبير ، وابن أبي خيثمة في تأريخه «المقاصد الحسنة للسخاوي : ١ / ٤٦٠».
البحث الثاني
«في : إحداث قول ثالث»
لا يجوز إحداث قوله ثالث ، إن لزم منه إبطال ما أجمعوا عليه.
كالجد!! قيل : له المال ، وقيل : يقاسمه الاخ ، فحرمانه باطل.
وإن لم يستلزم بطلان الاجماع ، جاز لعدم المانع (١).
__________________
١ ـ إذا اختلف أهل العصر على قولين ، ثم أحدث من بعدهم قول ثالث ، منعه الاكثرون.
كوطئ البكر ، ثم يجد عيبا ، قيل بمنع الرد ، وقيل : ترد مع الارش ، فالقول بالرد مجانا قول ثالث.
وكالجد مع الاخ ، قيل : يرث المال كله ، وقيل : بالمقاسمة ، فالقول بالحرمان قول ثالث.
وكالام مع زوج وأب أو زوجة وأب ، قيل : ثلث الاصل ، وقيل : ثلث ما بقي ، فالفرق قول ثالث.
وكالنية في الطهارات ، قيل : تعتبر في الجميع ، وقيل : في البعض فالتعميم بالنفي قول ثالث.
وكالفسخ بالعيوب الخمسة ، قيل : يفسخ بها ، وقيل : لا ، فالفرق قول ثالث.
ومنهم من فصل!! وهو الصحيح ، فقال : إن كان الثالث يرفع
ولو لم تفصل الامة بين المسألتين (١).
فإن نصوا على عدمه ، امتنع الفصل ، وكذا إن علم إتحاد طريقة الحكم في المسألتين ، كالعمة والخالة ، علة إرثهما كونهما من ذوي الارحام ، فمن ورث إحداهما ورث الاخرى ومن منع إحداهما منع الاخرى (٢).
وإن لم يكن كذلك جاز (٣).
__________________
ما اتفقا فممنوع ، كالبكر فإن الاتفاق على أنها لاترد مجانا ، وكالجد فإن الاتفاق على أنه يرث ، وكالنية في الطهارات.
وإن كان لا يرفع ، بل وافق كل واحد من وجه وخالف من وجه فجائز ، إذ لا مخالفة لاجماع ، كفسخ النكاح ببعض العيوب الخمسة دون بعض ، فإنه موافق في كل صورة مذهبا. «منتهى الوصول : ص ٤٤»
١ ـ بل جمعوا بينهما في حكم من الاحكام الخمسة ، فهل لمن بعدهم أن يفصلوا بينهما؟ ويخصوا إحداهما بحكم والاخرى بحكم آخر أم لا؟ والحق!! التفصيل.
«غاية البادي : ص ١٤٥»
٢ ـ إذا لم يفصلوا بين مسألتين ، فهل لمن بعدهم الفصل؟ والحق إن نصوا بعدم الفرق ، أو اتحد الجامع ، كتوريث العمة والخالة ، لم يجز ، لانه رفع مجمع عليه ، وإلا جاز.
«منهاج الوصول : ص ٥٢»
٣ ـ أي إن لم يعلم اتحاد طريقه.
«هامش المصورة : ص ٣٧»
البث الثالث
«في : ما وما لا ينعقد الاجماع به»
يجوز الاتفاق بعد الخلاف (١).
وإذا أجمع أهل العصر الثاني ، على أحد قولي العصر الاول (٢) ، إنعقد الاجماع.
ولو أجمع أهل العصر على حكم ، بعد إختلافهم على قولين ، إنعقد أيضا.
وإنقراض العصر غير معتبر ، لتناول أدلة الاجماع ، مع عدم الانقراض (٣).
__________________
١ ـ خلافا للصيرفي ، كما في منهاج الوصول : ص ٥٢.
٢ ـ وقد وقع ، كاختلاف الصحابة في بيع امهات الاولاد ، ثم اتفق من بعدهم على المنع.
«منتهى الوصول : ص ٤٥»
٣ ـ إعلم!! أنه لا يشترط إنقراض العصر في انعقاد الاجماع ، أي إذا أتفق أهل العصر على حكم ، كان حجة وإن لم ينقرضوا ، خلافا لاحمد بن حنبل وابن فورك.
لنا : إن ادلة الاجماع تتناولهم وإن لم ينقرضوا ، لدخول المعصوم فيهم ، ولانهم المؤمنين.
وأيضا : لو اشترط انقراض العصر لم ينعقد اجماع أصلا ، واللازم باطل فالملزوم مثله.
«غاية البادي : ص ١٤٩»
ولو قال بعض أهل العصر قولا ، وسكت الحاضرون ، فالحق أنه ليس بإجماع ، لاحتمال السكوت غير الرضا (١).
ولو قال بعض الصحابة قولا ، ولم يوجد له مخالف ، لم يكن إجماعا (٢).
وإجماع أهل المدينة ليس بحجة ، خلافا لمالك ، لانهم بعض المؤمنين (٣).
__________________
١ ـ احتج المصنف على أنه ليس بإجماع ولا حجة ، بأن السكوت كما يحتمل الرضا والموافقة ، يحتمل وجوها آخر ، ومع الاحتمال لم يكن الجزم ، بل ولا الظن.
وتلك الوجوه : أن يكون الساكت قد وقر القايل أو هابه ، كما روي أن ابن عباس وافق عمر في مسألة العول ، وأظهر الخلاف بعده ، وقال : هبته وكان مهيبا.
أو أنه لم يجتهد فيه فلم يجز له الانكار ، أو أنه اجتهد لكنه لم يصل إلى الحكم فتوقف ، أو أنه اجتهد ووصل إلى حكم لكنه ينتظر الفرصة ، أو أنه رأى أن كل مجتهد مصيب ، أو أنه يعلم أن غيره أنكر عليه وكفاه المؤنة.
«غاية البادي : ١٥٠ ـ ١٥١ متنا وهامشا»
٢ ـ لان ذلك : إما أن يكون مما تعم به البلوى أو لا.
فالاول : لابد أن يكون للباقين فيه قول ، إما مخالف أو موافق ، وإن لم يظهر فجرى ذلك مجرى السكوت ، وقد تقدم ذلك.
والثاني : يحتمل أن لا يكون للباقين فيه قول ، وحينئذ لم يكن إجماعا.
«غاية البادي : ص ١٥١»
٣ ـ قال مالك رضي الله عنه : إجتماع أهل المدينة حجة ، لقوله
أما إجماع العترة فإنه حجة ، لقوله تعالى : «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» [٣٣ / ٣٤].
ولقوله عليهالسلام : «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي» (١).
البحث الرابع
«في : شرط الاجماع»
لا يجوز الاجماع إلا عن دليل (٢) ، وإلا لزم الخطأ على كل الامة.
وهل يعتبر قول العوام في الاجماع؟ الحق!! عدمه ، لان قول العامي لا لدليل ، فيكون خطأ.
__________________
عليه الصلاة والسلام : «إن المدينة لتنفي خبثها» ، وهو ضعيف.
«منهاج الوصول : ص ٥١»
١ ـ حديث الثقلين : ١ / ٥ ، وما بعدها.
وللتوسع!! يراجع «الاصول العامة للفقه المقارن» للحجة محمد تقي الحكيم : ص ١٤٥ ـ ١٨٩ ، بحث : «سنة أهل البيت».
٢ ـ وقال قوم : يجوز أن يكون بغير سند.
لنا : أن القول في الدين ، من غير دليل ولا إمارة ، خطأ ، ولا تجمع الامة على خطأ. وأيضا : فإنه يستحيل وقوع ذلك عادة.
«منتهى الوصول : ص ٤٣»
فلو كان قول العالم خطأ ، لزم إجماع الامة على الخطأ.
ولا عبرة : بقول الفقيه في مسائل الكلام ، ولا بالمتكلم في مسائل الفقه ، ولا بقول الحافظ للمسائل والاحكام إذا لم يكن متمكنا من الاجتهاد ، لانهم كالعوام ، فيما لا يتمكنون من الاجتهاد فيه.
ويعتبر قول الاصولي في الاحكام ، إذا كان متمكنا من الاجتهاد فيها ، وإن لم يكن حافظا لها.
وإجماع غير الصحابة حجة ، لتناول الادلة له (١).
ولا يجوز وقوع الخطأ من أحد شطري الامة في مسألة ، ومن الشطر الآخر في اخرى ، لاستلزامه بخطيئة كل الامة (٢).
__________________
١ ـ خلافا لاهل الظاهر.
لنا : ان أدلة الاجماع تتناولهم ، إما عندنا فلوجود المعصوم فيهم ، وأما عند الجمهور فلان سبيلهم سبيل المؤمنين فوجب اتباعه.
«غاية البادي : ص ١٦٣»
٢ ـ لا يجوز إنقسام المجمعين إلى فرقتين ، تجمع كل واحدة منهما بين حق وباطل ، لان الامام مع أحدهما ، وهو يمنع من اتفاقهما على الخطأ.
«المعارج : ص ٧٣»
الفصل التاسع
في : الاخبار
وفيه : مباحث
الاول
«في : تعريف الخبر وأقسامه»
ماهية الخبر معلومة بالضرورة (١).
وإن عرض اشتباه ، ميز بما يحتمل الصدق والكذب ، ولا يخلو عنهما.
وهو : إما أن يكون مقطوعا بكونه صدقا ، أو بكونه كذبا ، أو يجوز فيه الامران.
والاول سبعة : المتواتر (٢) ، وما علم وجود مخبره إما بالضرورة (٣) أو بالاستدلال ، وخبر الله ، وخبر رسوله ، وخبر الامام عندنا ، وخبر كل الامة ، والخبر المعتضد بالقرائن (٤).
__________________
١ ـ الخبر : كلام يفيد بنفسه نسبة أمر إلى أمر ، نفيا أو إثباتا.
«المعارج : ص ٧٦»
٢ ـ من قبيل حديث : «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» ، كما في صحيح مسلم : ٨ / ٢٢٩ ، و «شرح البداية في علم الدراية : ص ١٥» ، ومصادر أخر مذكورة في هامش «علوم الحديث ، لصبحي الصالح : ص ٢٠».
٣ ـ مخبره بفتح الباء ، كوجود مكة «شرح البداية : ص ١١».
٤ ـ كمن يخبر عن مرضه عند الحكيم ، ونبضه ولونه يدلان عليه. وكذا من يخبر عن موت أحد ، والنياح والصياح في بيته ، وكنا عالمين بمرضه.
«شرح البداية : ص ١١»
والثاني : الخبر الذي ينافي مخبره وجود ما علم بالضرورة أو بالاستدلال (١).
البحث الثاني
«في : إفادة التواتر العلم»
الحق!! أن خبر المتواتر يفيد العلم الضروري ، خلافا للسيد المرتضى حيث وقف (٢) ، ولابي الحسين حيث قال : انه نظري.
__________________
١ ـ وهو : خمسة أشياء.
الاول : ما خالف ضرورة العقل .. الثاني : ما أحالته العوايد. الثالث : ما خالف دليل العقل .. الرابع : ما خالف النص القاطع من الكتاب والسنة المتواترة .. الخامس : ما خالف الاجماع.
«المعارج : ص ٧٧»
٢ ـ ذهب المرتضى إلى أن أخبار البلدان والوقايع والملوك وهجرة النبي ومغازيه. وما يجري هذا المجرى. يجوز أن تكون ضرورة من فعل الله تعالى ، ويجوز أن تكون مكتسبة من فعل العباد.
وأما ما عدا أخبار البلدان ، وما ذكرناه مثل العلم بمعجزات النبي. وكثير من أحكام الشريعة ، والنص الحاصل على الائمة عليهمالسلام ، فيقطع على أنه مستدل عليه ، وإذا كان كذلك وجب التوقف.
«العدة : ١ / ٢٩ باختصار»
لان جزمنا بوقوع الحوادث العظام ـ كوجود محمد عليهالسلام ، وكحصول البلدان الكبار ـ لا يقصر عن العلم بأن الكل أعظم من الجزء ، وغيره من الاوليات (١).
وهو حاصل للعوام ، ومن لم يمارس الاستدلال ، ولا يقبل التشكيك.
البحث الثالث
«في : شرايط المتواتر»
منها : أن لا يكون السامع عالما بما أخبر به ، لاستحالة تحصيل الحاصل.
وأن لا يكون قد سبق شبهة أو تقليد إلى إعتقاد نفي موجب الخبر (٢).
وأن يكون المخبرون مضطرين (٣) إلى ما أخبروا عنه ،
__________________
١ ـ وهي ستة : الاوليات ، والمحسوسات ، والمجربات ، والحدسيات والمتواترات. والقضايا التي قياساتها معها.
«هامش المصورة : ص ٣٩»
٢ ـ وهذا شرط اختص به السيد المرتضى ، وتبعه عليه جماعة من المحققين.
«شرح البداية : ص ١٣»
٣ ـ أي : عالمين بالضروة ..
«هامش المصورة : ص ٣٩»