اشارة السبق

أبو الحسن علي بن الحسن الحلبي

اشارة السبق

المؤلف:

أبو الحسن علي بن الحسن الحلبي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٢

الساعة ، فإنها أكثر من أن تحصى ، وأعظم من أن تستقصى ، لظهورها وشياعها في نقل كل مؤالف ومخالف ، فتواتر نقلها واتفاق الفريقين على روايتها أشهر من كل مشهور ، وأظهر من كل ظهور ، وليس غرضنا ها هنا ذكر الأحاديث ، كراهية التطويل بإيرادها ، واكتفاء بالإشارة إليها ، رغبة في الاختصار ، وإلا أوردنا منها جملا من الطرفين تحقق ما أشرنا إليه (١) وعولنا عليه ، من أرادها أخذها من مظانها ، وفي كل نص منها ظهور المحجة وقيام الحجة ، لأن مع تضمنها لهذا العدد المخصوص المعين الذي لم يقع ادعاؤه ولا أشير به إلى ما سوى المعنيين فيها ، وتصريحا بأسمائهم وسماتهم ونعوتهم وصفاتهم وأنسابهم وأسبابهم ، ليستحيل (٢) تعلقها بغير هم وأن يكون المراد بها سواهم.

وإذا صحت هذه الجملة فما به ثبتت إمامة أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ من النص الجلي الذي هو من بعض براهينها الكاشف عنها كشفا لا يحتمل سواها ، والمختص به اختصاصا يستحيل تعلقه بغيره به بعينه من جهة النصوص التي أشرنا إليها تثبت إمامة الأئمة الإحدى عشر من ولده ـ عليهم‌السلام ـ لأنها واضحة جلية في تصريحها بثبوت الإمامة التي لا يحتمل شيئا سواه ، وإن كانت إمامتهم ثابتة بغير ذلك ، ويكفي في ثبوتها نص كل واحد منهم على الذي يليه بالإمامة والإشارة إليه بالوصية ، وإيداعه من الذخائر النبوية والعلوم الباهرة الحقية ما لا يقوم به إلا المخصوص بالعصمة ، وتميزه (٣) بالعهد إليه والتعويل عليه عن باقي الأهل والأولاد والذرية.

__________________

(١) في « ا » : محقق ما أشرنا إليه.

(٢) في « ا » : يستحيل.

(٣) في « ج » : وتمييزه.

٦١

وهذه وإن كانت حجة قاطعة وطريقة معتمدة في إثبات إمامتهم ـ عليهم‌السلام ـ إلا أنها تختص بنقل الطائفة المحقة ، فهم متدينون بروايتها ، متواترون بنقلها ، مجمعون على صحتها ، وفي بعضهم ما تقوم بنقله الحجة فكيف في جميعهم؟ ولو كان في هذا الضرب من النص ما هو من خبر الآحاد كان بكثرته واتفاق دلالته على المدلول الواحد مع انضمام بعضه إلى بعض ما يبلغ درجة المتواتر ويقتضي مقتضاه.

كيف وإجماع الفرقة الناجية منعقد عليه ، مع كون المعصوم في جملة إجماعهم ، لاستحالة كونه في غيره ، فإن كل من خالفهم موافق لهم على أنه (١) لا معصوم فيمن عداهم من جميع الفرق على اختلافها فلا بد من كونه فيهم ، لاستحالة خلو زمان التكليف ممن هذه صفته.

ومما اختصوا به ـ عليهم‌السلام ـ ظهور المعجزات مطابقة لادعائهم الإمامة ، فلو لا أنهم صادقون في ادعائها لم يكن لظهورها وجه ، لاستحالة منافات الحكمة الإلهية.

وحكم معجزاتهم في ظهور النقل والرواية لها بين الشيعة وبين مخالفيها أيضا حكم نصوصهم ، من أراد الجميع أخذه من مواضعه المختصة بذكره (٢).

وإذا تمهدت هذه الأصول ، وتقررت قواعدها ، علم بثبوتها وجود إمام الزمان القائم المهدي ـ صلوات الله عليه ـ ، وأن زمان التكليف لا يخلو من

__________________

(١) في « ا » : على أنهم.

(٢) مثل مدينة المعاجز ، وإثبات الهداة وبحار الأنوار ـ أبواب معجزاتهم ـ عليهم‌السلام ـ وقد ذكر المحدث الجليل الحر العاملي في إثبات الهداة (٧٢٠) معجزة للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و (١٩٠٧) معجزة للأئمة الاثني عشر ـ عليهم‌السلام ـ ، واكتفى السيد هاشم البحراني في كتاب مدينة المعاجز بذكر (٢٠٦٦) معجزة للأئمة الاثني عشر ـ عليهم‌السلام ـ ، فلاحظ.

٦٢

وجوده ، وكان الكلام في غيبته مترتبا عليها ومتفرعا عنها.

وجملته أن (١) مع ثبوت عصمته لا بد له من وجه حكمة فيها ، للقطع ، اليقيني على حسن جميع أفعال المعصوم واختصاصها بالثواب الذي لا يقدر له سواه ، ولو قدح في العصمة ما لا يظهر فيه وجه المصلحة ، أو يظهر جملة لا تفصيلا ، لقدح مثل ذلك في حكمة الله تعالى.

فكما أن كل ما لا يتبين فيه وجه المصلحة من الأمور التي يكثر عددها (٢) يجب حمله على ما يناسب الحكمة ويطابقها ، ولا يليق القدح بمثله فيها ، لكونه فرعا محتملا يبنى على أصل غير محتمل ، فكذلك يجب حمل الغيبة لاشتمالها على العصمة التي لا مدخل للاحتمال منها ، ويكفي هذا في معرفة الحق واعتقاده.

والزيادة عليه : أن العلم بوجوب التحرز من الضرر ـ ولو كان مظنونا فكيف إذا كان معلوما ـ مركوز في غريزة عقل كل عاقل ، فهو من العلوم الضرورية التي بها كمال العقل ، وإمام الزمان ـ عليه‌السلام ـ لما لم يكن له بدل يقوم مقامه فيما وجوده لطف فيه تعين عليه من فرض الاحتزاز ، دفعا للضرر عن النفس ما لا تعين على آبائه ـ عليهم‌السلام.

ولا غاية في التحرز أبلغ من الغيبة ، فيجب تجويزه ـ صلوات الله عليه ـ الخوف ، أو قطعه عليه إن لم يتوقاه حصل احترازه وتوقيه منه ، فكانت (٣) غيبته أما حسنة ، لحسن ما لا مدفع للضرر إلا به ، أو واجبة لوجوبه.

__________________

(١) في « ا » : انه.

(٢) في « ج » : يكثر عدها.

(٣) في « أ » : وكانت.

٦٣

ثم إذا لم يكن من قبل الله للقطع على أنه سبحانه قد أزاح العلة بإيجاد الإمام وتمكينه والإعلام والإبانة له عن غيره بالمعجز المطابق ، وبالنص عليه ، وكان تكليفه ـ عليه‌السلام ـ القيام بما فوض إليه (١) إنما هو مع التمكن من ذلك ، لكونه مشروطا به متوقفا عليه ، وكان تمكينه منه موقوفا على طاعته التي هي مشروطة بمعرفة الأمة له وانقيادهم إليه وتعويلهم عليه ، لكونهم مكلفين بذلك ، قادرين عليه ، مرتهنين به ، وكانت الأمة (٢) بين محق أو مبطل ، فالمحق بالنسبة إلى المبطل قليل من كثير ، وجزء من كل ، والمبطل عكسه ، فأي حرج على الإمام في غيبته؟ إذا كان مخافا على نفسه ، مدفوعا عما يجب له من طاعة وغيرها ، ممنوعا من حقه ، ومرتبته لا بأمر من قبل الله أو قبله ، بل بما (٣) هو معلوم ، من جهل أكثر الأمة وعنادها وزيغها عن الحق وتشبثها باتباع أهوائها المضلة وآرائها المزلة وهل هو فيها إلا محتاط لنفسه وشيعته غاية الاحتياط ، مرتبط بما يجب له وعليه أحسن الارتباط.

ففوات اللطف العام بظهوره متمكنا (٤) لا يعدو إثمه من سببها وأحوج إليها ، وإن كان اللطف الخاص بوجوده ومعرفته وترقبه حاصلا لأوليائه.

هذا مع ما ثبت من أنه تعالى كما لا يلجى‌ء إلى طاعة ، لا يمنع من معصية ، إذ الإلجاء والمنع منافيان للتكليف الذي بشرطه الاختيار ، فسبب الغيبة وإن كان قبيحا إلا أن مسببه في غاية الحسن ، وليس المراد بها أكثر من أنه ـ عليه‌السلام ـ لا يميز

__________________

(١) في « ا » : بما فرض إليه.

(٢) في « ا » : فكانت الأمة.

(٣) في « ا » : بل مما.

(٤) في « ا » : بظهوره مسكنا.

٦٤

عن غيره ولا يعرف بعينه ، مع تجويز كونه مخالط الأولياء والأعداء.

وعلى هذا لا يمتنع ظهوره لكثير من أوليائه إذا دعت المصلحة إلى ذلك ، ومن لا يظهر له منهم لا بد فيه من وجه حكمة تغني (١) جملة القطع عليه عن تفصيل (٢) ولا يعجب ، أو إنكار لطول عمره بعد القطع على إثبات الفاعل المختار سبحانه ، لاستناده إليه ، أو اقتداره عليه ، كما لا معنى للتعجب من ذلك ، مع إنكار الفاعل المختار ، إذ الكلام في الفروع لا مع تسليم الأصل والوفاق عليه لا معنى له ولا فائدة فيه.

ولو كان عمره ـ عليه‌السلام ـ خارقا لا معتادا ، لجاز بالنسبة إلى حسن الاختيار ، ولوجب (٣) بالنسبة إلى ما لا يتم إلا به ، وفاتت (٤) الحدود وما يتبعها من الأحكام والحقوق المعطلة لا إثم في تعطيلها إلا على من أحوج إليه (٥) مع بقائها في ذمم من تعلقت به ، الله ولي التوفيق.

__________________

(١) في « ج » : يغني.

(٢) في « ج » : عن تفصيله.

(٣) في « ج » : ولو وجب.

(٤) هذا ما أثبتناه ولكن في « ج » وفائه ، وفي « ا » : وفايت.

(٥) في « ا » : أحوج عليه.

٦٥

في التكليف الشرعي

وإذا تقدم الكلام (١) في أركان التكليف العقلي ، فسنشير بعده إلى أركان التكليف الشرعي ، وهي خمسة (٢).

الصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والجهاد.

فأما ركن الصلاة : فمن شرائط صحة أدائها الإسلام والبلوغ وكمال العقل ، وهما شرطا وجوبها أيضا (٣) ، ولها مع ذلك شروط وهي مقدماتها ، وهي فرض وسنة على وجه.

فالفرض منها : الطهارة ، وستر العورة ، والوقت ، والقبلة ، وعدد الركعات ، ومكان الصلاة ، وموضع السجود بالجبهة.

أما الطهارة : فهي إما من حدث أو من نجس.

والأولى : إما صغرى أو كبرى ، وكلاهما إما اختيارية أو اضطرارية.

فالطهارة من الحدث الأصغر اختيارا : هي الوضوء ، والموجب له (٤) خاصة إما البول ، أو الغائط ، أو الريح ، أو النوم الغالب ، أو ما به يرتفع التحصيل من سكر أو جنون أو إغماء ، أو الاستحاضة القليلة للنساء.

ومن الحدث الأكبر اختيارا أيضا : هي الغسل ، والموجب له خاصة ـ أي

__________________

(١) في « ج » و « م » : وإذا قد تقدم الكلام.

(٢) في « م » : إلى التكليف الشرعي وهو خمسة.

(٣) في « م » : « فمن شرط صحة أدائها الإسلام والبلوغ وكمال العقل فمن شرط وجوبها أيضا ».

(٤) في « م » : الوضوء الموجب له.

٦٦

وحده ـ الجنابة ، وهي إما خروج الماء الدافق ، على أي حال كان ، من نوم أو يقظة أو شهوة أو غيرها. وإما التقاء الختانين قبلا كان أحد هما أو دبرا.

ويوجب الطهارتين معا : الحيض ، وهو ما يحدث بالنساء من خروج الدم ابتداء إلى حيث يتميز لهن بصفته المخصوصة ، أو بعادة مألوفة ، وأكثره عشرة أيام وأقله ثلاثة متوالية ، وما بين الثلاثة إلى العشرة بحسب العادة.

فإن نقص عما هو أقله أو زاد على ما هو أكثره ، لم يكن حيضا ، وأكثر أيامه هي أقل أيام الطهر بين الحيضتين ، ولا حد لأكثره ، فتعتبر المبتدئة بين حيضتيها أقل أيام طهرها إن كان خروج الدم مستمرا بها ، وتعمل على أن ما تراه منه فيها ليس حيضا ، سواء استمر بها أو لا ، أكثر أيامه أو أقلها. ومتى تميز لها عملت على التميز إلى أن تستمر عادتها به ، فتعمل عليها.

ومتى تعذر عملت على المروي (١) : أما أن تترك الصلاة كما لزم (٢) الحائض في الشهر الأول ثلاثة أيام ، وفي الثاني عشرة ، أو في كل شهر سبعة أيام إلى حيث يتميز لها أو يستقر لها عادة.

والاستحاضة المخصوصة ، وهي ما تراه من الدم في أيام طهرها من الحيض فإن كانت كثيرة لزمها في كل يوم من أيامها تغيير حشوها وتجديد الوضوء لكل صلاة ، وثلاثة أغسال : للفجر غسل ، وللظهر والعصر مثله ، وكذا للمغرب والعشاء الآخرة (٣) وإن كانت متوسطة لم يلزمها ليومها إلا غسل واحد للفجر مع

__________________

(١) لاحظ وسائل الشيعة ٢ ـ ٥٤٦ ، الباب ٨ من أبواب الحيض.

(٢) في « ا » : « كما يلزم ». وفي « م » : « كما أن يلزم ».

(٣) في « س » : والعشاء الآخر.

٦٧

تجديد وضوئها وتغيير الحشو ، كما ذكرناه. ومتى فعلت ما يجب عليها من ذلك ، كان حكمها حكم الطاهر وإلا فلا.

والنفاس : وهو ما يحصل من الدم عند الولادة ، وحكمه حكم الحيض إلا في أقله ، فإنه لا حد له.

وكل ما يحرم على الجنب ـ من قراءة العزائم ومس كتابة المصحف أو الأسماء الشريفة ، أو دخول المساجد الخارجين عن المسجدين الشريفين الإلهي والنبوي إلا عابر سبيل (١) وعبور هما مطلقا. أو اللبث فيها ، أو وضع شي‌ء فيها (٢) يحرم أيضا على الحائض والمستحاضة التي لا تحترز بفعل ما يلزمها (٣) والنفساء.

وكل ما يكره له ، من الأكل أو الشرب لا عن مضمضة واستنشاق ، أو نوم وخضاب لا عن وضوء يكره لهن.

ولا يلزم الحائض قضاء صلاتها أيام حيضها ، بل ( يلزم ) (٤) الصوم. ولا يصح طلاقها فيها إلا أن يكون غير مدخول بها ، أو غائبا عنها زوجها شهرا فما زاد. فيحرم وطؤها فيها ، ويلزم فيه الكفارة (٥).

[ غسل مس الميت ] :

ومس الميت من البشر قبل غسله. كل واحد من هذه الأحداث الأربعة يلزم

__________________

(١) كذا في « م » ولكن في « أ » و « ج » و « س » : « لا عابري سبيل ».

(٢) الضميران يرجعان إلى المساجد وفي نسخة « م » تثنية الضمير في الموضعين وهو تصحيف.

(٣) كذا في « م » ولكن في غيرها : لا تحترز ما يلزمها.

(٤) ما بين القوسين موجود في « م ».

(٥) في « م » : « ويلزم فيها الكفارة ».

٦٨

فيه الوضوء والغسل جميعا.

فالوضوء يتقدمه أمور مفروضة ، وهي السترة عند الخلوة للحاجة ، وتوقي استقبال القبلة واستدبارها بكل واحد من الحدثين ، وعند المجامعة أيضا ، والاستبراء بنتر (١) مخرج البول ثلاثا ، وخرطة كذلك على وجه الاجتهاد فيه تحرزا من البلة ، فإنها إن حصلت مع ما ذكرناه ، لم يكن لها حكم كالمذي والوذي (٢) ، وإلا وجب منها الوضوء إذا لم يتقدمها جنابة ، والغسل إن تقدمتها ، تعبد شرعي.

وغسل المخرج بالماء ومسح مخرج الغائط إذا لم يتعداه بالأحجار الطاهرة أو بما يقوم مقامها من الطهارات عدا المطعومات والعظام ، إما ثلاثة أو واحد مقرن (٣) بحسب غلبة الظن بالنقاء.

ولا يكون الاستجمار بها إلا إذا لم يكن تعد (٤) وإلا متى حصل وجب الاستنجاء بالماء ، ولو جمع بينهما كان أتم فضلا.

ومسنونة وهي : تقديم رجله اليسرى دخولا متعوذا ، واليمنى خروجا داعيا ، مغطى الرأس ، وتجنب (٥) استقبال الشمس والقمر والأفنية والشطوط والشوارع ،

__________________

(١) النتر : جذب الشي‌ء بجفوة ، ومنه نتر الذكر في الاستبراء. مجمع البحرين.

(٢) قال الطريحي في مجمع البحرين : المذي هو الماء الرقيق الخارج عند الملاعبة والتقبيل والنظر بلا دفق وفتور ، وفيه لغات : سكون الذال وكسرها مع التثقيل ، والكسر مع التخفيف. وأشهر لغاته : فتح فسكون ثم كسر ذال وشدة ياء. والوذي : بالذال المعجمة الساكنة والياء المخففة : ماء يخرج عقيب إنزال المني.

(٣) والمراد منه أن الحجر الواحد إذا كانت له ثلاثة قرون يجزي عن ثلاثة أحجار والمسألة اختلافية. أنظر المبسوط ١ ـ ١٧.

(٤) في « م » : إذا لم تعد.

(٥) في « ج » : فتجنب. وفي « أ » و « م » : متجنب.

٦٩

ومساقط الثمر ، ومواضع اللعن ، وأفناء النزال ، ومساكن الحيوان ، وتلقي الريح بالبول. والأرض الصلبة ، مع الإمساك عن الأكل والشرب والسواك والحديث إلا الدعاء عند الاستنجاء والذكر سرا.

ويقارنه ما فروضه :

النية : وهي القصد إليه لرفع حكم الحدث ، واستباحة ما يستباح به ، من صلاة أو غيرها ، إما لوجوبه أو لوجهه إن كان المتوضئ عارفا بوجه الوجوب أو بكونه مندوبا إذا لم يكن واجبا ، طاعة لله وقربة إليه ، مع مقارنة آخر جزء منها واستصحابها حكما إلى آخره.

وهذا حكم كل نية من نيات العبادات ، تعين العبادة وكونها إما واجبة أو مندوبة ، أداء أو قضاء ، إن كانت مما يحتملها. على الوجه المعتبر من الطاعة والقربة مع مقارنتها واستدامة حكمها.

وغسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن (١) مرة وغسل اليد اليمنى ، وبعدها اليسرى ، مرة مرة ، من المرافق (٢) إلى أطراف الأصابع.

والمسح من مقدم الرأس مقدار ما يقع عليه اسمه ، أقله إصبع واحدة ، ببقية النداوة ، لا بماء مستأنف.

ومسح ظاهر القدمين كذلك من رءوس أصابعهما إلى موضع معقد الشراك

__________________

(١) محادر الشعر الذقن ـ بالدال المهملة ـ : أول انحدار الشعر عن الذقن وهو طرفه. مجمع البحرين وفي « أ » و « م » : إلى محاذي شعر الذقن.

(٢) في « أ » : « من الفرق » وهو تصحيف. وفي « م » : « من المرفق ».

٧٠

أقله بإصبعين ، اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى.

ولو مسح من الكعبين إلى رءوس الأصابع لجاز ، وترتيبه على الوجه المذكور ، فلو قدم وأخر فيه بطل ، وكذلك إن لم يتابع بعضه ببعض بحيث يجف غسل عضو قبل موالاته بغسل العضو الآخر. وكذا إن شك في شي‌ء من واجباته قبل الفراغ منه.

فأما إن كان شكه بعد استيفاء جملته والقيام عنه ، فلا عبرة به. ومتى كان الشك في الحدث مع تيقن الطهارة كان الحكم لها فلا يحتاج تجددها ، وبالعكس من ذلك ، يجب تجديدها ، وكذا في تيقنهما معا والشك في السابق والمسبوق منهما ، وكذا في استواء الشك فيهما وفقد الترجيح.

وأما سننه : غسل كفيه من نوم أو بول مرة ، ومن غائط مرتين. والمضمضة والاستنشاق ، كل منهما بكف ثلاثا. وتثنية غسل الوجه واليدين ، فإن زاد بطل وضوءه ، ولا يكسر الشعر في غسل ذراعيه.

وبدأة الرجل بظاهر هما والتثنية بباطنهما ، وعكسه المرأة (١) ، وجمع أصابع الكف المتوسطة الثلاثة لمسح الرأس بها ، ومسح الرجلين بجملة الكفين مفرجا أصابعهما. والدعاء في كل موضع من ذلك ، وعند انتهائه.

والتسويك وترك التمندل.

__________________

(١) قال في المدارك ـ بعد نقل كلام المحقق : «. وأن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه وفي الثانية بباطنهما ، والمرأة بالعكس » ـ ما هذا نصه : ما اختاره المصنف ـ رحمه‌الله ـ من الفرق بين الغسلة الأولى والثانية ، لم أقف له على مستند ، ومقتضى كلام أكثر القدماء أن الثانية كالأولى ، وهو خيرة المنتهى ، وعليه العمل. مدارك الأحكام ١ ـ ٢٤٩.

٧١

والأغسال المفروضة ، منها الخمسة المذكورة (١) وسادسها تغسيل الميت.

والمسنونة تختص منها بالجمعة غسلان ليومها وليلتها ، وكذا ليوم الفطر وليلته ، وستة لشهر رمضان : أول ليلة منه ، وليلة نصفه ، وليلة سبعة عشر ، وليالي الإفراد الثلاثة : ليلة تسعة عشر وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين.

وسبعة : لإحرامي العمرة والحج ودخول الحرم ومكة ومسجد الحرام وزيارة الكعبة ويوم عرفة وزيارة البيت من منى.

وأربعة : لدخول مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومسجده وزيارة قبره وزيارة قبر كل إمام من ولده.

وخمسة : ليوم المبعث والأضحى والغدير والمباهلة وليلة نصف شعبان.

وثمانية : للاستسقاء والاستخارة والحاجة والشكر والتوبة من كبائر الذنوب والمولود حين وضعه ، ولقضاء صلاة الكسوف مع احتراق القرص وتعمد تركها ، ولقصد رؤية مصلوب مسلم بعد ثلاثة أيام.

جملتها أربعة وثلاثون غسلا.

ويقارن غسل الجنابة ما فروضه : النية (٢) ومقارنتها واستدامتها ، وغسل الرأس إلى أن يبلغ الماء أصول شعره ، وغسل الجانب الأيمن من رأس العنق إلى تحت القدم ، وكذا الجانب الأيسر ، وترتبه. فإن لم يعم الماء صدره وظهره غسلهما ، وإن كان عليه خاتم أو ما لم يدخل الماء تحته حركه ، وتحركه إن اغتسل تحت ميزاب.

__________________

(١) وهي : غسل الجنابة والحيض والنفاس والاستحاضة ومس الميت. التي تقدم ذكرها.

(٢) في « س » : والنية.

٧٢

وتخلل الشعر. ولا يحتاج إلى ترتيبه إن ارتمس في كر أو ماء جار ، بل يكون ارتماسه بجملته.

وحكم الشك فيه حكمه في الوضوء والحدث الأصغر في أثنائه يتوضأ بعده احتياطا ، وقيل : يتمه ولا شي‌ء عليه (١).

وما سننه متقدما غسل اليدين ثلاثا ، وكذا الاستنشاق والمضمضة ومقارنا صب الماء على الرأس ثلاثا ، وكذا على كل واحد من الجانبين ، والدعاء والموالاة وكونه بصاع من ماء فما زاد.

ولا يحتاج معه إلى وضوء لا قبله ولا بعده ، بل بمجرده تستباح الصلاة. ومما يتقدمه فرضا استبراء الرجل (٢) خاصة بالبول ، وتنظيف ما أصاب البدن من نجاسة يغسلها.

وهل يعتبر في وجوبه دخول وقت فريضة لمن لا قضاء عليه أم لا؟ فيه خلاف.

وكما يعتبر طهارة الماء في ( كل ) (٣) وضوء وغسل يعتبر أيضا أن لا يكون مغصوبا. والتحري (٤) في الأواني غير جائز.

__________________

(١) قال العلامة ـ قده ـ في المختلف ١ ـ ٣٣٨ : إذا اغتسل مرتبا وتخلل الحدث الأصغر قبل إكمال غسله في أثنائه ، أفتى الشيخ ـ ره ـ في النهاية والمبسوط بوجوب الإعادة من رأس ، وهو مذهب ابن بابويه ، وقال ابن البراج : يتم الغسل ولا شي‌ء عليه ، وهو اختيار ابن إدريس.

وقال السيد المرتضى ـ ره ـ : يتم الغسل ويتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة. والحق الأول.

(٢) في « ا » : استبراء الرجال.

(٣) ما بين القوسين من « أ ».

(٤) قال الطريحي : التحري يجزي عند الضرورة أعني طلب ما هو الأحرى في الاستعمال في غالب الظن ، ومنه التحري في الإناءين. مجمع البحرين.

٧٣

وصفة جميع الأغسال الواجبة والمندوبة كصفة غسل الجنابة إلا في تعينها بالنية.

والطهارة الاضطرارية هي التيمم المستعمل بدلا من كل واحدة منهما ، ولا يكون إلا بتراب طاهر ، مع وجوده ، أو ما ينوب منابه (١) ، من حجر أو مدر أو رمل عند فقده مع تضيق وقت الفرض ، وفقد الماء جملة ، ويندرج فيه عدم ما به يحصل من الآلة والثمن أو الخوف من استعماله ، أو من القصد إلى الموضع الذي هو فيه ، أو لكونه نجسا ، أو لغلبة الظن بفوت الصلاة قبل إدراكه.

بعد الضرب طلبا له في الجهات الأربع ، رمية سهم في حزن الأرض وسهمين في سهلها في كل جهة ذلك ، فإن كان التيمم بسبب مانع من استعمال الماء ، كمرض وشبهه ، فلا يعتبر فيه الضرب لطلب الماء.

ويجب فيه ضرب كفيه جميعا على ما يتيمم به بعد القصد إليه بنية ، ونفضهما ، ومسح الوجه بهما من قصاص شعر الرأس إلى طراف الأنف مما يلي الحاجب (٢) لا المارن (٣) ومسح ظاهر الكفين من الزند إلى طرف الأصابع اليمنى بباطن الكف الأيسر ، وبالعكس ، وترتيبه. فإن كان حدثه أكبر ضرب لوجهه ضربة ، وليده أخرى.

__________________

(١) في « م » : « ينوب عنه » بدل « ينوب منابه ».

(٢) في « م » : ما يلي الحاجب.

(٣) المارن : ما لان من الأنف منحدرا عن العظم وفضل عن القصبة. والمارنان : المنخران. لسان العرب.

٧٤

[ الكلام في غسل الميت ]

وغسل الميت يتقدمه استحبابا توجيهه إلى القبلة عند الاحتضار ، والتلاوة عنده ، وتلقينه ، ولا يحضره جنب ولا حائض ، ولا يوضع على صدره حديدة ، ولا يمتد على شي‌ء من أعضائه (١) ولا يناح عليه بالباطل ولا بالحق مع رفع الصوت.

ويكون تغسيله تحت ظل ، من سقف أو غيره ، موجها على سرير أو ما يرفعه ، وإعداد حفرة لماء غسله ، ولا يتخطاه (٢) غاسله ، بل يقف على يمينه.

وكل ما يتعلق به ، من غسل وتكفين وصلاة ودفن ، فرض على الكفاية.

ويقارن غسله ما فرضه البداءة ، أولا بالغسل بالسدر الذي لا يسلبه بإضافته إليه (٣) إطلاق اسم الماء عليه ، على هيئة (٤) غسل الجنابة. ثم جانبه الأيمن وهو مدار على الأيسر ، ثم الأيسر وهو مدار على الأيمن. وثانيها بماء الكافور الخالص.

وثالثها بالماء القراح على الهيئة المذكورة.

ويجدد النية (٥) في تغسيلاته الثلاثة ، ويغسله بماء بارد مع الاختيار. مستور (٦) العورة في كل ذلك.

__________________

(١) في « م » : ولا يمسك على شي‌ء من أعضائه.

(٢) من الخطوة ـ بالضم ـ وهي : بعد ما بين القدمين في المشي. مجمع البحرين. وهو كناية عن عدم ركوب الميت حال الغسل.

(٣) في « م » : بالإضافة إليه.

(٤) في « ج » : في هيئة.

(٥) في « ج » : وتجدد النية.

(٦) في « أ » : ومستور.

٧٥

وما سننه تنجيته بالأشنان (١) والماء ، وتنظيف ما على بدنه بهما ، وتليين أصابعه برفق ، وتوضيته ، ولا يمضمض ولا يستنشق ، ومسح بطنه بلين أولا وثانيا ، وإكثار ذكر العفو ، وصب الماء على رأسه وجانبيه ثلاثا في كل مرة ، وغسل رأسه أولا برغوة السدر (٢) وغسل صدره وظهره بالماء ، وتخليل رأسه وجسده بإدارة اليد عليه في حال تغسيله عليه.

ومتى خرج من بعض منافذه شي‌ء غسله. ولا يجوز ختنه ، ولا تقليم أظفاره ولا مشط شعره ولا إزالة شي‌ء منه ، ولا ينبغي ذلك رجليه بالحجر ولا غسله بالصابون ، ولا التدخين عنده ببخور ولا غيره ، ولا تطيبه بما سوى الكافور ، فإن كان محرما فلا به أيضا.

وكل مقتول يغسل (٣) إلا قتيل الجهاد الحق ، فإنه يصلى عليه ويدفن ، ولا ينزع عنه إلا الخف وما لم يصبه شي‌ء من دمه ، كالفروة (٤) والسراويل ولا ينزع إذا أصابه الدم.

ومتى مات بعد حمله عن موضع القتال غسل وكفن. وكل ما وجد من أعضاء الإنسان إذا كان فيه عظم أو كان من صدره يغسل ويكفن ويصلى عليه ، ولا يلزم هذا فيما عدا ذلك ، ولا في السقط أيضا لدون أربعة أشهر أما إن

__________________

(١) من النجو وهو الجزء ، واستنجيت : غسلت موضع النجو أو مسحته.

والأشنان ـ بضم الهمزة والكسر ـ لغة ، معرب ويقال له بالعربية : الحرض ، وتأشن : غسل يده بالأشنان. المصباح المنير.

(٢) الرغوة : الزبد يعلو الشي‌ء عند غليانه. المصباح المنير.

(٣) في « أ » : يغتسل.

(٤) الفروة التي تلبس.

٧٦

بلغها أو ما زاد عليها (١) فلا بد من تغسيله وتكفينه.

ويجوز أن يتولى الزوج تغسيل الزوجة عند فقد النساء ، وكذا حكمها معه إذا لم يوجد من يغسله من الرجال.

وقد روي جواز ذلك في الأقارب من كل واحد من الرجال وكل واحدة من النساء (٢).

وقيل : إذا لم يوجد أحد منهم يجوز للأجانب من الرجال إذا لم يوجد سواهم تغسيل الأجنبيات من النساء في ثيابهن ، وعيونهم مغمضة (٣) وكذا النساء في تغسيلهن الرجال (٤).

وقيل : يدفن كل منهم من غير غسل (٥).

ويكفن في أثواب ثلاثة واجبا : إزار ودرع ومئزر ، وأفضله أبيض القطن أو الكتان (٦) ، ويعتبر طهارته ، ولا يعدل مع وجود القطن إلى غيره.

ويزاد فيه ندبا لفافة أخرى وحبرة (٧) وعمامة يحنك بها ، ويرخي طرفاها ، وخرقة تشد فخذيه.

ويكتب على الأزرار والدرع بالتربة الحسينية ما يلقن به ، وتجعل فيه

__________________

(١) هكذا في « م » : وفي « أ » : وفي « ج » : وفي « س » : ولكن يلف وما زاد عليها.

(٢) أنظر الوسائل : ٢ ـ ٧٠٥ باب ٢٠ من أبواب غسل الميت.

(٣) ذهب إليه التقي على ما نقله عنه في مفتاح الكرامة ج ١ ص ٤٢٥.

(٤) وهو خيرة أبي الصلاح الحلبي على ما حكاه عنه في متفاح الكرامة ج ١ ص ٤٢٤.

(٥) ذهب إليه الشيخ في المبسوط ج ١ ص ١٧٥.

(٦) في « ج » : والقطن والكتان.

(٧) والحبرة : وزان عنبة : ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط. المصباح المنير.

٧٧

جريدتا نخل أو غيره من رطب الشجر عند تعذره ، على قدر عظم الذراع ، كل منهما مكتوب عليه ذلك ، ملفوفتان بالقطن.

وتحنط بالكافور مساجده السبعة ، وسائغة ثلاثة عشر درهما وثلث ، وأقله مثقال أو درهم أو ما تيسر منه.

ويدفن على جانبه الأيمن موجها إلى القبلة واجبا. وتشييع الجنازة ندبا ، ولا يفاجأ به القبر بل ينقل إليه في ثلاث مرات.

والرجل يوضع فيه سنة ، من قبل رجليه يسبق برأسه ( إليه ) (١) والمرأة من قبل وسطها بالعرض.

ويكون طويلا إما قامة أو إلى الترقوة ، واسعا قدر جلوس الجالس ، متخذا فيه إما لحدا وشق مهيأ له الصفيح أو اللبن أو ما يقوم مقامهما ، وإذا وضع حلت عقد أكفانه ، وجعل خده على التراب أو التربة الحسينية ، ولقن حينئذ.

وجملة ما يستحب من تلقينه ، الإقرار بشاهدتي الإخلاص الوحدانية والنبوة وبالأئمة والبعث والنشور والجنة والنار ، وينضد ويحثى عليه التراب ، ويرفع قبره من الأرض (٢) مسطحا لا مسنما ، قدر شبر أو دونه ، ويبدأ برش الماء عليه من عند رأسه ، مدارا حتى ينتهى إليه ويلقن برفع الصوت بعد الانصراف عنه.

ومما يزيد إليه في الكفن الذريرة المعروفة بالقمحة (٣) مع وجودها. والصلاة عليه تذكر في موضعها.

__________________

(١) ما بين القوسين موجود في « م ».

(٢) في « أ » : و « ج » و « س » : ويرفع قبره على الأرض.

(٣) في المبسوط : القميحة. قال في مجمع البحرين : وفي حديث التكفين : قدر على كل ثوب شيئا من ذريرة وكافور ، وكان المراد مطلق الطيب المسحوق.

٧٨

وأما الطهارة من النجس فينبغي معرفة النجاسات ، وهي إما دم الثلاثة المذكورة ، لا فسحة في كثيرها ولا قليلها ، بل هما في الحكم واحد ، وما عداها من باقي الدماء المحكوم بنجاستها معفو عن قليلها ، وهو ما نقص عن سعة الدرهم الوافي المضروب من درهم وثلث ، والنزاهة عنه أفضل.

وفي الدماء ما لا حرج في قليله ولا كثيره ، وهو دم البق والبراغيث والسمك والجروح اللازمة والقروح الدامية ، مع تعذر التحرز منها.

وإما بول وروث (١) فيعتبر فيهما ما لا يؤكل لحمه من الحيوان ، أو ما يؤكل إذا كان جلالا ، والجلل أكل العذرة لا سواها.

ويستبرأ بحبسه عنها (٢) وتغذيته بعلف طاهر ، والمدة للإبل أربعون يوما ، وللبقر عشرون ، وللشاة عشرة أيام ، وروي سبعة (٣) وللبطة خمسة أيام ، وكذا الدجاج وقيل : ثلاثة (٤) وللسمك يوم وليلة ، وغير ذلك بما يزيل حكم الجلل منه.

وإما مني ، وهو سواء بالنسبة إلى كل حيوان.

وإما مشروب ، وهو الخمر والفقاع وكل شراب مسكر.

وإما حيوان ، وهو الكلب والخنزير ، والكافر على اختلاف جهات كفره ، والثعلب والأرنب مختلف فيهما.

وإما ميتة ما ليس له نفس سائلة من الحيوان ، لا ما ليس كذلك ، كالزنابير

__________________

(١) في « م » : وأما البول والروث.

(٢) في « ج » : « بحبسه عينا » وهو تصحيف.

(٣) أنظر مستدرك الوسائل ١٦ ـ ١٨٧ ، باب ١٩ من أبواب الأطعمة المحرمة ح ١ و ٣.

(٤) وهو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ٦ ـ ٢٨٢ ، وفي الجواهر : إنه المشهور ، بل عن الخلاف : الإجماع عليه ، جواهر الكلام ٣٦ ـ ٢٨٠.

٧٩

وما أشبهها ، وعرق الإبل الجلالة وعرق الجنب من حرام فيهما خلاف (١).

وكيفية التطهير من هذه النجاسات ، إن كان البدن فيغسل ما عليه حتى تزول عينها (٢) ، والثياب بعصرها مرتين ، والآنية بإدارة الماء فيها وتفريغه منها ثلاثا ، ومن ولوغ الكلب خاصة ، تكون الأولى منهن بالتراب.

والأرض وما في حكمها من حصر أو بوار ، تفرغ الشمس لها حتى تجف.

والنعل بدلكه في التراب حتى لا يبقى لها أثر ، والخمر بانقلابها خلا ، والخزف وما ينقلب عينه بالنار ، والكافر بالإسلام.

والذي يزيل عين النجاسة وحكمها ويبيح الصلاة مع الاختيار الماء. فإن كان نجسا لم يجز استعماله في ذلك ، ويجوز فيما عداه.

وإن كان طاهرا فإما مضاف بالاعتصار أو الاستخراج فكذلك ، أو مما يمازجه مما يضاف إليه من الطاهرات ، فإن لم تسلبه الإضافة إطلاق اسم الماء عليه جاز استعماله وإلا فلا. أو مطلق فأما جار ولا ينجسه ( شي‌ء ) (٣) إلا ما غير من النجاسة لونه أو طعمه أو ريحه.

أو راكد فإما بمجموع كثير ، وهو ما بلغ كرا أو زاد عليه ، وحكمه حكم الجاري.

والكر ألف ومائتا رطل عراقية وزنا ، وثلاثة أشبار ونصف طولا في عرض في عمق مساحة.

__________________

(١) هكذا في « م » ولكن في غيرها : « فيه خلاف ». قال العلامة المجلسي في مرآة العقول ١٣ ـ ١٥٢ :

واختلفوا في نجاسة عرق الجنب عن الحرام ، فذهب ابنا بابويه والشيخان وأتباعهما إلى النجاسة.

والمشهور بين المتأخرين الطهارة.

(٢) في « م » : حتى يزول عنها.

(٣) ما بين القوسين موجود في « م ».

٨٠