اشارة السبق

أبو الحسن علي بن الحسن الحلبي

اشارة السبق

المؤلف:

أبو الحسن علي بن الحسن الحلبي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٢

وهل يصح الاستيجار عن الميت من الميقات مع القدرة على ذلك من بلده أم لا؟ فيه خلاف.

ومن تمام فضيلة الحج (١) قصد المدينة لزيارة الرسول وأهل بيته صلوات الله عليهم وسلامه.

__________________

(١) في « أ » : ومن تمام أفضلية الحج.

١٤١

وأما الكلام في الجهاد

فهو فرض على الكفاية ، وشرائط وجوبه : والحرية والذكورة والبلوغ وكمال العقل والقدرة عليه بالصحة والآفات المانعة منه والاستطاعة له بالخلو من العجز عنه والتمكن منه وما لا يتم كونه جهاد إلا به من ظهر وآلة وكلفة ونفقة وغير ذلك مع أمر الإمام الأصل به أو من نصبه وجرى مجراه أو ما حكمه حكم ذلك من حصول الخوف الطارئ على كلمة الإسلام (١) أو المفضي إلى احتياج الأنفس أو الأموال فتكاملها يجب وبارتفاعها أو الإخلال بشرط منها يسقط ، فكل من أظهر الكفر أو خالف الإسلام من سائر فرق الكفار يجب مع تكامل ما ذكرناه من الشروط جهادهم ، وكذا حكم من مرق عن طاعة الإمام العادل أو حاربه أو بغى عليه أو أشهر سلاحا في حضر أو سفر أو بر أو بحر أو تخطى إلى نهب مال مسلم أو ذمي. وينبغي قبل وقوع الابتداء به تقديم الاعذار والانذار والتخويف والإرهاب ، والاجتهاد في الدعاء إلى اتباع الحق والدخول فيه ، والتحذير من الإصرار على مخالفته والخروج عنه ، والإمساك مع ذلك عن الحرب حتى يكون العدو هو البادئ بها ، والمسارع إليها ، ليحق عليه بها الحجة ، ويستوجب خذلان الباغي.

وأولى ما قصد إليها بعد الزوال وأداء الصلاتين ، ويقدم الاستخارة عند العزم عليها ، ويرغب في النصر إلى الله سبحانه ، ويعبى‌ء أميرها الصفوف ، ويجعل كل قوم من المحاربين تحت راية أشجعهم وأقواهم مراسا وأبصرهم بها ، مع

__________________

(١) في « ا » : كلمة الإخلاص.

١٤٢

تمييز هم بشعار يتعارفون به ، وتأكيد وصيتهم بتقوى الله وإخلاص الجهاد له والثبات ، ورغبة في ثوابه ورهبة من عقابه ، وتوقي الفرار لما فيه من عاجل العار وآجل النار ، ويأمر بالحملة بعضا ويبقى في بعض آخر ليكون عزما لهم وفيه لمن يتحير إليه منهم ، فإن ترجح العدو وإلا أردف أصحابه ببعض بمن معه وتقدم بهم رجاء زوال صفوفهم عن مواضعها ليحمل عليهم بنفسه وجيشه جملة واحدة ، والمبارزة بغير إذنه لا تجوز ، ولا فرار الواحد من واحد واثنين بل من ثلاثة وما زاد ، وكلما يرجى به الفتح يجوز قتال الأعداء به إلا إلقاء السم في ديارهم ومن يرى من الكفار حرمة الأشهر الحرم إذا لم يبدأ بالقتال ، لا يقاتل فيها ، ومن عدا أهل الكتاب من جميع من يجب جهاده لا يكف عن قتالهم إلا بالرجوع إلى الحق وهؤلاء ، وهم اليهودي والنصارى والمجوس ، يجب الكف عنهم إذا قبلوا الجزية والتزموا بشروطها التي من جملتها : أن لا يتظاهروا بكفرهم ، ولا يعينوا على مسلم ، ولا يرفعوا عليه صوتا ولا كلمة ، ولا يتجاهروا بسببه ولا أذيته ولا باستعمال المحرمات في الملة الإسلامية ، ولا يجددوا كنيسة ، ولا يقيموا ما دثر منها ، ولا يظهروا شعار باطل كصليب وغيره ، فمتى وفوا بذلك لزم الدفع عنهم وإن لا يمكن منهم ، وإلا كانوا مغنما لأهل الإسلام دما ومالا وأهلا وذرية.

وتوضع الجزية على رءوسهم وأراضيهم بحسب ما يراه الإمام وتصرف إلى أهل الجهاد ولا تؤخذ من النساء ، ولا من غير بالغ كامل العقل ، ولا من غير ما ذكرناه من الفرق الثلاث ، وإذا حال الحول على الذمي ولم يؤدها (١) فأسلم أسقطها عنه إسلامه.

__________________

(١) في « أ » : ولم يردها.

١٤٣

ويقاتل الحربيون مقبلين ومدبرين بحيث يتبع مدبرهم ويقتل منهزمهم وأسيرهم ويجاز على جريحهم ، سواء كانوا كفارا ملة أو ردة ، لهم فئة إليها مرجعهم ولا يفعل ببغاة أهل الردة ذلك إذا لم يكن لهم ملة (١) بل يقتصر على قتالهم من غير اتباع ولا إجهاز ولا قتل أسير ، فأما من أظهر الارتداد وإن لم يدخل في حكم البغاة فإنه إن كان في الأصل كافرا فأسلم ثم ارتد بعد إظهاره الإسلام يستتاب ثلاثا ، فإن تاب وإلا قتل ، وإن كان مسلما لا عن شرك بل ممن ولد على الفطرة ونشأ على إظهار كلمة الإسلام ، ثم أظهر الارتداد بتحليله مما حرم الشرع أو تحريمه ما حلله ، فإنه يقتل من غير استتابة.

والمفسدون في الأرض كقطاع الطريق والواثبين على نهب الأموال يقتلون إن قتلوا ، فإن زادوا على القتل بأخذ الأموال صلبوا بعد قتلهم ، ويقطعون من خلاف إذا تفردوا (٢) بالأخذ دون القتل وإن لم يحدث منهم سوى الإخافة والإرجاف نفوا من بلد إلى بلد وأودعوا السجن إلى أن يتوبوا أو يموتوا.

ومن أسر قبل وضع ( الْحَرْبُ أَوْزارَها ) قتل لا محالة وبعدها يكون لولي الأمر حق الاختيار فيه (٣) إما بالقتل أو الاسترقاق أو المفاداة (٤).

ولا يغنم من محاربي البغاة إلا ما حواه الجيش من مال أو متاع وغير هما فيما يخص دار الحرب لا على جهة الغصب ، فأما من عداهم من الكفار والمحاربين فيغنم منهم ذلك وغيره من أهل وذرية ورباع وأرض.

__________________

(١) في « أ » : فئة.

(٢) في « أ » و « ج » : إن انفردوا.

(٣) في « أ » و « م » : حسن الاختيار فيه.

(٤) في « ا » : أو المعاداة.

١٤٤

وتقسم الغنيمة المنقولة بين المجاهدين ، سهمان للفارس ، وسهم للراجل بعد ابتداء سد الخلل اللازم سده في الإسلام وبعد اصطفاء ما للولي أن يصطفيه لنفسه من فرس وجارية ومملوك وآلات حرب وغيرها ، وبعد إخراج الخمس منها و

دفعه إلى مستحقيه ، ويسهم للمولود في دار الجهاد واللاحق للمعونة ، ولا فرق في ذلك بين غنائم البر والبحر ولا بين من معه فرس واحد أو جماعة في أن له بحساب ما معه منها ، وما لا يمكن نقله من العقارات والأرضين في‌ء لجميع المسلمين حاضرهم وغائبهم ومقاتلهم وغيره.

والأرض إما أن تكون مفتحة بالسيف عنوة فلا يصح التصرف فيها ببيع ولا هبة ولا غيرهما ، بل حكمها ما ذكرناه ، وإلى الإمام تقبيلها والحكم فيها بما شاء ويلزم المتقبل بعد أداء ما عليه من الحق القبالة الزكاة إذا بلغ ما بقي له النصاب.

وإما أن تكون خراجية بالصلح عليها ، فيصح التصرف فيها لأنها أرض الجزية المختصة بأهل الكتاب والمأخوذ منها كالمأخوذ من جزية الرؤوس يسقط بالإسلام ، ولا يجوز الجمع بين الأخذ على الجهتين بل متى أخذ من إحديهما سقط عن الأخرى ويسقط خراج هذه الأرض بانتقالها إلى المسلم بالبيع ، وتعود الجزية إلى رأس بائعها.

وإما أن تكون من الأنفال وهي كل أرض خربت أو باد أهلها أو سلموها بغير محاربة أو جلوا عنها أو ماتوا ولا وارث لهم بقرابة ولا عتق ، وقطائع الملوك وصوافيهم من غير جهة غصب وبطون الأودية والآجام ورءوس الجبال فكلها للإمام ـ عليه‌السلام ـ القائم مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا تصرف فيها لأحد سواه.

وإما أن تكون أرضا أسلم أهلها وأجابوا إلى الحق طوعا فهي ملك لهم يتصرفون فيها كما يشاؤون.

١٤٥

[ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ] (١)

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كانا فرضين من فرائض الإسلام فهل هما على الكفاية أو التعيين؟ وهل يجبان عقلا أو سمعا؟ الأقوى وجوبهما على الأعيان سمعا إلا ما فيه دفع ضرر على النفس فإن التحرز منه بدفعه يعلم وجوبه بقضية العقل.

ولا بد من العلم بالمعروف وبالمنكر وتمييز كل واحد منهما عن الآخر ، وظهور أمارات استمرار ما يجب إنكاره مستقبلا وثبوت العلم أو الظن بتأثير الأمر والنهي وأن النكير لا يفضي بصاحبه إلى ضرر يدخل عليه ، في نفس أو مال ولا إلى تجدد مفسدة في دين أو دنيا ، فمع تكامل هذه الشروط وحصول الاستطاعة والمكنة يجب باليد واللسان والقلب فإن فقدت القدرة وتعذر الجمع فيه بين ذلك فباللسان والقلب خاصة ، وإن لم يمكن الجمع فيه بينهما لأحد الأسباب المانعة فلا بد منه باللسان الذي لا يسقط الإنكار به شي‌ء.

وكل ما يجب إنكاره لا يكون إلا قبيحا فلذلك لا يكون الإنكار إلا واجبا ، وما يؤمر به قد يكون واجبا إذا كان أمرا بواجب وقد يكون مندوبا إذا كان أمرا بندب (٢) وأي وجه أمكن الإنكار عليه لا يجوز الاقتصار على ما دونه والإخلال به

__________________

(١) ما بين المعقوفتين منا.

(٢) في « م » : إذا كان بمندوب.

١٤٦

جملة من أقبح القبائح لكونه إخلالا بواجب وإضاعة لأمر عظيم من أمور الدين.

وهذا ما قصدنا تحريره وضبطه من مهم الأركان المطلع بتحصيلها على ما يجب معرفته وفهمه من الحق الذي لا فسحة في الجهل به ولا عذر في إهمال اكتسابه وطلبه ونرجو من كرم الله سبحانه أن يجعل ما نحوناه وأثبتناه من ذلك خالصا لمرضاته وسبيلا إلى توفير المثوبة والأجر في جنانه وعونا لكل من استعان به على طاعاته.

إنه ولي من اعتصم به ولجأ إليه وكافي من توكل في جميع أموره عليه وبه توفيق نيل المستنيل وهو حسبي ونعم الوكيل.

والحمد لله رب العالمين

تم الكتاب بعون الله وتوفيقه

١٤٧
١٤٨

فهرس الكتاب

١٤٩

فهرس محتويات الكتاب

تقديم : للعلامة الأستاذ جعفر السبحاني........................................... ٣

العقيدة والشريعة : أو الفقه الأكبر والفقه الأصغر................................. ٣

ترجمة المؤلف................................................................. ٦

إلماع إلى كتاب إشارة السبق.................................................. ١٠

مقدمة الكتاب................................................................ ١٣

الكلام في ركن التوحيد........................................................ ١٤

الكلام في ركن العدل......................................................... ١٩

الكلام في الاحباط وبطلانه................................................... ٣٢

الكلام في بطلان التكفير..................................................... ٣٣

الكلام في سؤال القبر........................................................ ٣٦

١٥٠

الكلام في ركن النبوة.......................................................... ٣٩

الكلام في ركن الإمامة......................................................... ٤٥

الكلام في إمامة أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ....................................... ٥٠

الروايات الجلية التي لا تحتمل التأويل الناصة على إمامته.......................... ٥١

الروايات الخفية المحتملة للتأويل الناصة على إمامته............................... ٥٢

١ ـ نص يوم الغدير........................................................ ٥٢

٢ ـ نص غزاة تبوك........................................................ ٥٣

٣ ـ نص القضاء........................................................... ٥٤

٤ ـ نص المحبة............................................................. ٥٤

٥ ـ نص الفعال............................................................ ٥٥

الكلام في إمامة الأئمة الإحدى عشر بعد أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ................ ٥٨

الكلام في غيبة الإمام الحجة ـ عجل الله فرجه الشريف ـ...................... ٦٢

في التكليف الشرعي........................................................... ٦٦

غسل مس الميت............................................................. ٦٨

الكلام في غسل الميت........................................................ ٧٥

كتاب الصلاة................................................................. ٨٣

صلاة الخوف............................................................... ٩٥

صلاة الجماعة وشروطها...................................................... ٩٦

صلاة الجمعة وشروطها....................................................... ٩٧

صلاة النذور والعهد واليمين................................................ ١٠١

١٥١

صلاة الطواف............................................................. ١٠٢

صلاة العيدين.............................................................. ١٠٢

صلاة الكسوف والآيات الخارقة............................................. ١٠٣

صلاة جنائز أهل الايمان ومن في حكمهم..................................... ١٠٤

نوافل ليالي شهر رمضان.................................................... ١٠٥

كتاب الزكاة................................................................ ١٠٩

زكاة الفطرة............................................................... ١١١

كتاب الخمس............................................................... ١١٤

كتاب الصوم............................................................... ١١٥

كتاب الحج................................................................. ١٢٣

الكلام في الجهاد............................................................. ١٤٢

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر............................................. ١٤٦

فهرس الكتاب.............................................................. ١٤٩

١٥٢