الشفاعة حقيقة إسلاميّة

محمد هادي الأسدي

الشفاعة حقيقة إسلاميّة

المؤلف:

محمد هادي الأسدي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 964-8629-54-4
الصفحات: ٧٥
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

وشرّف بنيانه وعظّم بُرهانه ، وثقّل ميزانه وتقبل شفاعته » (١).

١٦ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يا بني عبدالمطلب إنَّ الصدقة لا تحلّ لي ولا لكم ، ولكني وعدت الشفاعة » (٢).

١٧ ـ قال الإمام زين العابدين عليه‌السلام : « ... وتعطف عليَّ بجودك وكرمك ، وأصلح مني ما كان فاسداً ، وتقّبل مني ما كان صالحاً ، وشفّع فيَّ محمداً وآل محمد ، واستجب دعائي وارحم تضرعي وشكواي ... » (٣).

١٨ ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : « المؤمن مؤمنان : مؤمن وفى لله بشروطه التي شرطها عليه ، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وذلك من يشفع ولا يشفع له وذلك ممن لا تصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة ، ومؤمن زلت به قدم فذلك كخامة الزرع كيفما كفئته الريح انكفأ وذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا والآخرة ويشفع له وهو على خير » (٤).

١٩ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ ربكم تطوّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفّع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفوراً لكم » ، قال : وزاد غير الثمالي انه قال : « إلاّ أهل التبعات فإن الله عدل يأخذ للضعيف من القوي » فلما كانت ليلة جمع لم يزل يناجي ربه ويسأله لأهل التبعات فلما وقف بجمع قال لبلال : « قل للناس فلينصتوا » فلما نصتوا قال : « إنّ ربكم تطوّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفّع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفوراً لكم »

__________________

(١) الصحيفة السجادية ، دعاء رقم ٤٣.

(٢) الكافي ، للكليني ٤ : ٥٨.

(٣) الصحيفة السجادية ٢ : ٢٨٢ ، الطبعة المحققة.

(٤) الكافي ، للكليني ٢ : ٢٤٨.

٢١

وضمن لأهل التبعات من عنده الرضا (١).

٢٠ ـ عن الإمام أمير المؤمنين علي عليه‌السلام في ذكر فضل القرآن : « إنّه ما توجّه العباد إلى الله تعالى بمثله ، واعلموا انه شافع مشفّع وقائلٌ مصدّق ، وأنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شُفّع فيه » (٢).

وهذه الاحاديث وغيرها كثير تدلل بما لا يدع مجالاً للشك ، أنّ مسألة القول بالشفاعة لدى المسلمين قد نشأت معهم وكوّنت جزءاً من ثقافتهم وعقيدتهم الإسلامية ، وقد أقرّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة من أهل بيته عليهم‌السلام ذلك الإيمان.

فهناك دلائل تاريخية توضّح اهتمام المسلمين في عصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطلب شفاعته لهم يوم القيامة ، فقد روي عن أنس بن مالك عن أبيه قوله : سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يشفع لي يوم القيامة ، فقال : « أنا فاعل » قال ، قلتُ : يا رسول الله فأين أطلبك ؟ ، فقال : « إطلبني أول ما تطلبني على الصراط » (٣).

جاء في متن الواسطية : ( وأوّل من يستفتح باب الجنة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأوّل من يدخل الجنة من الأُمم أُمّته ، وله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القيامة ثلاث شفاعات : أمّا الشفاعة الأولى ، فيشفع في أهل الموقف حتى يُقضى بينهم بعد أنْ يتراجع الأنبياء آدم ، ونوح ، وابراهيم ، وموسى ، وعيسى بن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه. وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل

__________________

(١) الكافي ، للكليني ٤ : ٢٥٨.

(٢) نهج البلاغة : خطبة ١٧٦.

(٣) سنن الترمذي ٤ : ٦٢١ كتاب صفة القيامة الباب ٩.

٢٢

الجنة أنْ يدخلوا الجنة ، وهاتان الشفاعتان خاصتان له ، وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار ، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم ، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها ، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها ) (١).

وجاء في السيرة النبوية للحلبي أنّ أبا بكر أقبل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته فكشف عن وجهه وأكبَّ عليه وقال « بأبي أنت وأُمي طبت حيّاً وميّتاً ، إذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن في بالك » (٢).

__________________

(١) متن العقيدة الواسطية ، لابن تيمية : ٥٨ ـ ٥٩ ، نشر مكتبة السوادي ، السعودية.

(٢) السيرة النبوية ، للحلبي ٣ : ٤٧٤.

٢٣

٢٤



الفصل الثاني

الشفاعة عند علماء المسلمين

يكاد يجمع علماء المسلمين على وجود الشفاعة وأنها تنال المؤمنين .. لكن بعضهم ناقش في سعة المفهوم وضيقه ، فيما يجمع أغلب أئمة الفرق والمذاهب الإسلامية على أنّ الشفاعة تنفع في دفع الضرر والعذاب.

أولاً : آراء وأقوال العلماء حول مفهوم الشفاعة :

١ ـ قال الشيخ المفيد محمد بن النعمان العكبري ( ت ٤١٣ ه‍ ) :

« إتفقت الإمامية على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشفع يوم القيامة لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمته ، وأنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وأنّ أئمة آل محمد عليهم‌السلام كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين ».

وقال في مكان آخر : « ويشفع المؤمن البرّ لصديقه المؤمن المذنب فتنفعه شفاعته ويشفّعه الله. وعلى هذا القول إجماع الإمامية إلاّ من شذّ

٢٥

منهم » (١).

٢ ـ وقال الشيخ محمد بن الحسن الطوسي ( ت ٤٦٠ ه‍ ) في تفسيره ( التبيان ) : « حقيقة الشفاعة عندنا أنْ تكون في إسقاط المضار دون زيادة المنافع ، والمؤمنون عندنا يشفع لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيشفّعه الله تعالى ويسقط بها العقاب عن المستحقين من أهل الصراط لما رُوي من قوله عليه السلام : « إدّخرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي ».

والشفاعة ثبتت عندنا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكثير من أصحابه ولجميع الأئمة المعصومين وكثير من المؤمنين الصالحين ... » (٢).

٣ ـ وقال العلاّمة المحقق الفضل بن الحسن الطبرسي ( ت ٥٤٨ ه‍ ) :

« ... وهي ثابتة عندنا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأصحابه المنتجبين والأئمة من أهل بيته الطاهرين : ولصالحي المؤمنين وينجّي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين ... » (٣).

٤ ـ ويقول العلاّمة الشيخ محمد باقر المجلسي ( ت ١١١٠ ه‍ ) :

« أما الشفاعة فاعلم أنّه لا خلاف فيها بين المسلمين بأنّها من ضروريات الدين وذلك بأنّ الرسول يشفع لاُمته يوم القيامة ، بل للاُمم الاُخرى ، غير أنّ الخلاف هو في معنى الشفاعة وآثارها ، هل هي بمعنى الزيادة في المثوبات أو إسقاط العقوبة عن المذنبين ؟

__________________

(١) أوائل المقالات في المذاهب والمختارات ، للشيخ المفيد : ٢٩ تحقيق مهدي محقق.

(٢) التبيان ، للشيخ الطوسي : ٢١٣ ـ ٢١٤.

(٣) مجمع البيان في تفسير القرآن ، للشيخ الطبرسي : ١٠٣.

٢٦

والشيعة ذهبت إلى أنّ الشفاعة تنفع في إسقاط العقاب وإن كانت ذنوبهم من الكبائر ، ويعتقدون بأنّ الشفاعة ليست منحصرة في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام من بعده ، بل للصالحين أن يشفعوا بعد أن يأذن الله تعالى لهم بذلك ... » (١).

ما تقدم كان نماذج من أقوال علماء الشيعة الإمامية حول الشفاعة معنىً وحدوداً ، أما علماء المذاهب الإسلامية الاُخرى فقد أقرّوا بالشفاعة والإيمان بها ، وننقل فيما يلي نماذج من آراءهم وأقوالهم.

١ ـ الماتريدي السمرقندي ( ت ٣٣٣ ه‍ ) :

عند تفسيره لقوله تعالى : ( وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ) (٢) ، وقوله تعالى : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى ... ) (٣).

« إنّ الآية الاُولى وإن كانت تنفي الشفاعة ، ولكن هنا شفاعة مقبولة في الإسلام وهي التي تشير إليها هذه الآية » (٤) ويقصد بها الآية ٢٨ من سورة الأنبياء.

٢ ـ أبو حفص النسفي ( ت ٥٣٨ ه‍ ) :

يقول في عقائده المعروفة ب‍ ( العقائد النسفية ) : « الشفاعة ثابتة للرُسُلِ

__________________

(١) بحار الانوار ، للشيخ المجلسي ٨ : ٢٩ ـ ٦٣.

(٢) البقرة ٢ : ٤٨.

(٣) الانبياء ٢١ : ٢٨.

(٤) تأويلات أهل السُنّة ، لابي منصور الماتريدي السمرقندي : ١٤٨.

٢٧

والأخيار في حق الكبائر بالمستفيض من الأخبار » (١).

٣ ـ ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الاسكندري المالكي :

يقول في الانتصاف « وأما من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها ، وأما من آمن بها وصدّقها وهم أهل السُنّة والجماعة فاُولئك يرجون رحمة الله ، ومعتقدهم أنّها تنال العصاة من المؤمنين وإنّما ادُخرّت لهم ... » (٢).

٤ ـ القاضي عياض بن موسى ( ت ٥٤٤ ه‍ ) :

« مذهب أهل السُنة هو جواز الشفاعة عقلاً ووجودها سمعاً بصريح الآيات وبخبر الصادق ، وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين ، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السُنة عليها ... » (٣).

وقد ذهب الكثير من علماء المسلمين إلى حقيّة وجود الشفاعة مما لا يسع في هذا البحث الموجز حصره من أقوالهم وآرائهم لضيق المجال.

ويتضح مما تقدم ، أنّ الشفاعة ـ واعتماداً على نصوص القرآن الكريم الصريحة والأحاديث الشريفة المتواترة المنقولة عن النبي الأكرم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمة أهل البيت عليهم‌السلام ـ هي من القضايا المقبولة عند أغلب الفرق والمذاهب الإسلامية ، مع وجود من يناقش في معنى الشفاعة ،

__________________

(١) العقائد النسفية ، لابي حفص النسفي : ١٤٨.

(٢) الانتصاف فيما تضمّنه الكشاف من الاعتزال ، للامام ناصر الدين الاسكندري المالكي المطبوع بهامش الكشاف ١ : ٢١٤.

(٣) نقلاً عن : شرح صحيح مسلم ، للنووي ٣ : ٣٥.

٢٨

فقد رفض المعتزلة الشفاعة وناقشوا فيها ... حيثُ يقول أحد أعلامهم وهو أبو الحسن الخياط وهو يفسر قوله تعالى : ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ... ) (١) : « إنّ الآية تنص على أنّ من استحق العذاب لا يمكن للرسول أن ينقذه من جهنم ... » وفي ردّ ذلك يقول الشيخ المفيد رضي‌الله‌عنه : « إنّ القائلين بالشفاعة لا يدّعون بأنّ الرسول هو المنقذ للمستحقين النار وإنّما الذي يدّعونه إنّ الله سبحانه ينقذهم منها إكراماً لنبيّه والطيبين من أهل بيته عليهم‌السلام.

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإنّ المفسرين يذهبون إلى أنّ الذين حقت عليهم كلمة العذاب هم الكفار ، وإنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يشفع لهم » (٢) ومن هنا يكون هذا الإحتجاج بالآية الشريفة الآنفة على نفي الشفاعة احتجاجاً غير صحيح.

ثانياً : إشكالات وردود :

مع وضوح الشفاعة كمفهوم ثابت في القرآن الكريم ، فإنّ تطوّر المسائل الكلامية عند المسلمين أدّت إلى أن يثور الجدل حول هذا المفهوم من جوانب متعددة ، ومن ثم إيراد الإشكالات عليه ، وهي إشكالات تنبع عادة من خلال الثوابت التي يؤمن بها كل فريق من الفرق الإسلامية التي ناقشت هذا المفهوم.

ونورد أهم الإشكالات التي أُثيرت هنا ثم نناقشها ونبيّن بطلانها

__________________

(١) الزمر ٣٩ : ١٩.

(٢) الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة ، لهاشم معروف الحسني : ٢١٢ ـ ٢١٣ نقلاً عن الفصول المختارة : ٥٠.

٢٩

وفسادها وكما يأتي :

الإشكال الأول :

إنّ ( نفس الذنب ) الذي قد يرتكبه المؤمن يرتكبه الكافر ، وإنّ الله سبحانه وتعالى قد وضع سُنّة العقاب والثواب جزاءً لأفعال عباده ، وإنّ رفع العقاب عن المؤمنين المذنبين بواسطة الشفاعة ، وإنزالهِ على غيرهم من الكافرين ، مُخلّ بعدالته ( سبحانه وتعالى عن ذلك عُلوّاً كبيراً ) وهذا الإشكال يمكن أن نسميه ب‍ « مشكلة الاثنينية في الجزاء مع وحدة الذنب ».

والجواب عليه :

لابدّ من بيان : هل الذنب من المؤمن والكافر واحد ؟ وهل أنّ قبول الله لشفاعة الشافعين بالمؤمن المذنب وحرمان الكافر منها اثنينية في الجزاء أم لا ؟

لا ريب أنّ الذنب من أي شخص ولأي شخص كان يقتضي استحقاق الذم والعقاب ، كما أن الإطاعة من أي شخص كان ولأيّ شخص كانت تقتضي الثواب والمدح ، وإلاّ لم يبق فرق بين المطيع والعاصي.

إلاّ أنّ الله سبحانه فرّق ـ وكلامنا فعلاً في المعصية ـ بين ما إذا كانت من مؤمن به ، وما إذا كانت من كافر ، فجعل الشفاعة للمؤمنين العصاة كما فتح لهم باب التوبة ، وأمّا الكافرون فإنّ نيلهم الشفاعة أو قبول التوبة من الذنوب معلّق على أصل الإيمان بالله عزَّ وجل ... تماماً كالحسنات ، فإنّهم ما لم يؤمنوا لا يثابون عليها أبداً.

٣٠

فصحيحٌ أنّ « الكذب » مثلاً الصادر من المؤمن والصادر من الكافر واحد ، إلاّ أنهما يختلفان حكماً ، وقد دلّت على هذا الاختلاف الأدلة الواردة من قِبَل نفس المولى الذي اعتبر الكذب معصيةً له ، وهي الأدلة التي فرّقت بين المؤمن والكافر.

فهذا الإشكال إنّما نشأ ـ في الحقيقة ـ من توهّم وحدة الذنب ، وقد بيّنا أنّه يختلف ويتعدد باختلاف صاحب الذنب ، وبهذا اللحاظ يختلف الحكم بجعل من المولى نفسه.

إنّ القرآن الكريم ، في آياته الشريفة ، قد صنّف موقف الناس يوم القيامة إلى عدة أصناف ، فهناك مؤمنون ، وهناك كافرون.

والكافرون هم أولئك الذين لم يؤمنوا بالله في الحياة الدنيا أو أشركوا بعبادته أحداً ، ومثل هؤلاء لا تنالهم الشفاعة بصريح القرآن : ( ... أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ ... ) (١).

أو قوله تعالى : ( ... وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ... ) (٢). وواضح أنّ الخلود في النار يتنافى مع مفهوم الشفاعة ..

كما نجد آيات أُخرى تؤكد على ذلك.

إنّ ما قرّره الله سبحانه وتعالى من جزاء للمؤمنين والكافرين هي من

__________________

(١) الزمر ٣٩ : ٤٣.

(٢) البقرة ٢ : ٢٥٧.

٣١

مختصاته سبحانه وتعالى ، وإنّ الوعد بالثواب للمؤمنين والوعيد بالعقاب للكافرين والمشركين هو أمر ثابت لا يتخلف عنه الحكم الإلهي ، حيثُ لم ترد في كلِّ القرآن الكريم آية واحدة تدلّ على أنّ للكافرين فرصة لنيل الشفاعة يوم القيامة بل هم خالدون في النار.

ومن هنا فإنَّ حرمان الكافرين من الشفاعة يوم القيامة ليس تخلفاً عن الحكم الالهي ، بل هو وفاء للوعيد الذي سبق أنْ أخبر به الله سبحانه وتعالى الكافرين على لسان أنبيائه ورُسله.

أما المؤمن فإنّه قد فتح له باب التوبة ، فقد يرتكب ذنباً « فيتوب منه » ، وتوبته تصحُّ بالندم على ارتكاب الفعل وبالتالي تركه وعدم العودة إليه ؛ لأنّ الندم على ارتكاب الذنب يستدعي ترك العودة إليه ، وإلاّ فإنّ العودة إلى الذنب تعني الإصرار عليه ، فإذا مات مذنباً أمكن أن يغفر له بالشفاعة التي وعدها الله للمؤمنين ، وعلى هذا الأساس يكون قبول الشفاعة في المؤمنين المذنبين وعدم قبولها في الكافرين ، وفاء للوعد الإلهي الذي جاء على لسان الأنبياء والمرسلين.

وهنا نقدم نماذج من القرآن الكريم لكلٍّ من الوعدين :

قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ ) (١).

وقوله تعالى : ( ... وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٦١ ـ ١٦٢.

٣٢

حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ... ) (١).

وهاتان الآيتان توضحان بجلاء حقيقة الوعد الإلهي لمن مات وهو كافر ، وهو الخلود في النار ، ومعلوم أنّ الخلود في النار يتناقض تماماً مع مفهوم الشفاعة.

وقوله تعالى : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ ) (٢).

وقوله تعالى : ( ... فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (٣).

وهناك آيات كثيرة أُخرى تحدثت عن التوبة.

وبعد هذه الشواهد نقول ردّاً على الإشكال المتقدم ، إنّ الاثنينية في الجزاء إنّما جاءت بتبع الإثنينية في الذنب ، ويتلخص الجواب في عدم الوحدة في الذنب ، فإنّ المولى قرّر وأخبر منذ البدء عن الفرق في تعامله بين المؤمن والكافر بالنسبة إلى الذنوب الصادرة منهما ، وعلى أساس ذلك كان الكافر محروماً من الشفاعة في الآخرة بخلاف المؤمن فقد تناله ، كما تقبل التوبة من ذنوبه إذا تاب. فكان جزاء كلٍّ منهما في الآخرة مطابقاً لما قرّره وأخبر به الناس على لسان الأنبياء وأوصيائهم عليهم‌السلام.

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢١٧.

(٢) النساء ٤ : ١٧.

(٣) المائدة ٥ : ٣٩.

٣٣

وقد ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ شفاعته لا تنال من أشرك بالله عزَّ وجل وإنها تنال غير المشركين ، فقد روى أبو ذر أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى ليلة فقرأ آية حتى أصبح ، يركع بها ويسجد بها : ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) (١) ، فلما أصبح قلت : يا رسول الله ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ... إني سألت ربي عزَّ وجل الشفاعة لاُمتي فأعطانيها فهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله عزَّ وجل شيئاً » (٢).

وروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : « شفاعتي لمن شهد أنْ لا إله إلاّ الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه ... » (٣).

الإشكال الثاني :

إنّ رفع العقاب عن المذنبين يوم القيامة بعد أن أثبته الله بالوعيد به « أي العقاب » يوم القيامة إما أن يكون عدلاً أو يكون ظلماً.

فإن كان رفع العقاب عدلاً كان الحكم بالعقاب ظُلماً « تعالى الله عنه علواً كبيراً ».

وإن كان رفع العقاب ظلماً ، فإنّ طلب الأنبياء والمرسلين والصالحين للشفاعة ، هو طلبٌ للظلم وهذا جهلٌ لا تجوز نسبته إليهم عليهم‌السلام وهم المرسلون الذين عصمهم الله من الخطأ والزلل.

__________________

(١) المائدة ٥ : ١١٨.

(٢) مسند أحمد ٥ : ١٤٩.

(٣) مسند أحمد ٢ : ٣٠٧ و ٥١٨.

٣٤

والجواب عليه :

وهو إشكالية التعارض بين أن يكون رفع العقاب ( عدلاً ) فالعقوبة الناتجة عن الذنب ( ظلمٌ ) لا يجوز على الله سبحانه وتعالى ، وبين أن يكون رفعه ( العقاب ) ظلماً ـ بعد أن تقدّم الوعيد به في الحياة الدنيا ـ فإنّ طلب الأنبياء أو الشفعاء بشكل عام ، يُعدُّ طلباً للظُلم ، وهم أبعد وأسمى من ذلك.

قد ذكرنا أنّ الذنب من المؤمن ليس علةً تامةً لوقوع العقاب عليه ، وإنّما هو مقتضٍ للعقاب ، فإن حصل هناك ما يمنع من وقوعه من الموانع التي قرّرها المولى نفسه كالتوبة والشفاعة ارتفع العقاب ، وإلاّ أثّر الذنب أثره.

وقد ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : « إذا قمتُ المقام المحمود تشفّعتُ في أصحاب الكبائر من أُمتي فيشفّعني الله فيهم ، والله لا تشفعّت فيمن آذى ذريتي » (١).

وعلى هذا ، فإنّ عقاب الله سبحانه للعبد المؤمن المذنب عين العدل ، كما أنّ إعطاء الثواب للعبد المؤمن المطيع عين العدل ، فلولا استحقاق العاصي للعقاب لم يبق فرق بينه وبين المطيع ، إلاّ أنّ هذا الاستحقاق قد لا يصل إلى مرحلة الفعلية لتحقق مانع عنها كالشفاعة والتوبة.

وبهذا اتضح عدم التنافي بين قانون العدل الإلهي ، وقانون الشفاعة.

وحاصل ذلك : إنّ « الشفاعة » ما هي إلاّ « فضل ورحمة من الله » جعلها

__________________

(١) أمالي الصدوق : ١٧٧.

٣٥

عزَّ وجل للمؤمنين ، وبها وقع الفصل بين المؤمن والكافر ، غير أنها « رحمة » منه ، وأي تعارض بين « الرحمة » و « العدل » ؟

إنّ الوعد الإلهي بقبول الشفاعة بحق بعض عباده يختص باُولئك الذين حددهم بصورة عامة داخل دائرة ومساحة الإيمان به وكتبه ورسله.

ومن هنا فإنّ رفع العقوبة عن المؤمن المرتكب للذنب هو نوع من التفضّل الإلهي على عبادهِ المؤمنين.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « خُيرّت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أُمتي الجنّة فأخترت الشفاعة لأنّها أعم وأكفى أترونها للمتقين ؟ لا ، ولكنّها للمذنبين الخطائين المتلوّثين » (١).

وقال الإمام الحسن عليه‌السلام : « إنّ النبي قال في جواب نفر من اليهود سألوه عن مسائل : وأما شفاعتي ففي أصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك والظلم » (٢).

أما إنزال العقاب على المشركين والكافرين فقد تقدّم بها الوعيد الإلهي ، ومن هنا فإن الأنبياء والأوصياء والذين ارتضى سبحانه وتعالى شفاعتهم ، لا يشفعون أصلاً في الكافرين أو المشركين أو الذين وعد الله سبحانه وتعالى بخلودهم في جهنم ، ويتضّح من هذا الرد أننا أمام صنفين من الناس ، صنف آمن وأذنب ... وصنف كفر وأشرك ، ومن هنا فإنّ افتراض أن يطّرد الجزاء وينطبق من ناحية « الهوية » على الصنفين معاً هو افتراض غير صحيح.

__________________

(١) سنن ابن ماجة ٢ : ١٤٤١ / ٤٣١١. ومسند أحمد ٦ : ٢٣ و ٢٤ و ٢٨.

(٢) الخصال ، للصدوق : ٣٥٥.

٣٦

نعم الإشكال يرد فيما لو تمّ رفع العقاب عن فرد من الصنف الأول ولم يُرفع عن فرد آخر من نفس الصنف مع أنهما متساويان في الصفات تماماً.

هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى فإنّ « وقوع الشفاعة وارتفاع العقاب ... وذلك إثر عدّة من الأسباب ، كالرحمة والمغفرة والحكم والقضاء وإعطاء كلّ ذي حق حقه ، والفصل في القضاء ، لا يوجب اختلافاً في السُنّة الجارية وضلالاً عن الصراط المستقيم » (١).

الإشكال الثالث :

إنّ الشفاعة المعروفة لدى الناس هي : أن يدعو المشفوع عنده إلى فعل شيء أو ترك الفعل الذي حكم به على المشفوع له ، وهذا أمرٌ لا يمكن حصوله ، إلاّ إذا حدث للمشفوع عنده عِلمٌ جديد يوجب عنده قبول الشفاعة في المشفوع له ، أو أنّه ينصرف عن إجراء الحكم الذي قرره رعاية للشفيع ومنزلته عنده ولو كان على حساب الحق والعدل والإنصاف ، وهذه افتراضات لا يجوز نسبتها إلى الله ( تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ).

والجواب عليه :

فهو افتراض باطل من أساسه ، لأنّ الفعل الذي قررّه سبحانه وتعالى ـ وهو العقاب ـ لم يكن أثراً غير قابل للانفكاك عن « الذنب » ، لما تقدّم من أنّ الذنب ليس إلاّ مقتضياً للعقاب ، فالشفاعة ـ بعد أنْ كان الذنب مجرد مقتضٍ للعقاب ـ تقدّم الوعد بها ، وأثبتها القرآن الكريم بصورها وحدودها

__________________

(١) الميزان في تفسير القرآن ، للطباطبائي ١ : ١٦٤.

٣٧

ومواصفات أشخاصها ، لا تمثل عند قبولها انصرافاً عن الفعل الذي قرره سبحانه وتعالى ، بل هي وفاءٌ لما قرره بحق عباده ، وهي بعد هذا لا توجب معنى حصول علم جديد بعد أن تقدم العلم بها حتى ذكرها سبحانه وتعالى وأوضح الطريق والباب الذي يمكن للمؤمنين المذنبين أن يلجوه وصولاً إلى رضوانه تعالى.

هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، فإنّ الله سبحانه وتعالى قد سبق في علمه ، مصائر عباده وحالهم في الدنيا والآخرة ، وبعد هذا العلم الشامل ، فليس في قبول الشفاعة علم جديد يحصل عنده ، ( تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ... ).

ويتضح ذلك من قوله تعالى : ( ... يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (١).

ويقول العلاّمة الطباطبائي قدس‌سره : « ... نعم تغيّر العلم والإرادة المُستحيل عليه تعالى هو بطلان انطباق العلم على المعلوم والإرادة على المراد مع بقاء المعلوم والمراد على حالهما ، وهو الخطأ والفسخ ، مثل أن ترى شبحاً فتحكم بكونه إنساناً ثم يتبيّن أنّه فرس فيتبدل العلم ، أو تريد أمراً لمصلحة ما ثم يظهر لك أنّ المصلحة في خلافهِ فتنفسخ إرادتك ، وهذان غير جائزين في مورده تعالى ، والشفاعة ورفع العقاب بها ليس من هذا القبيل كما عرفت » (٢).

__________________

(١) الرعد ١٣ : ٣٩.

(٢) الميزان ١ : ١٦٥.

٣٨

الإشكال الرابع :

إنّ معرفة الناس بثبوت الشفاعة لمن أذنب بواسطة الأنبياء والصالحين يخلق عندهم الجرأة على ارتكاب الذنب على أمل نيل الشفاعة منهم يوم القيامة.

وهذا الأمر سيؤدي إلى عبثية الأحكام المتعلقة بالجزاء حيثُ سيضطرب النظام الإجتماعي ويشيع الفساد في الناس وتنتهك أحكام الله التي وضعها لعبادهِ.

والجواب عليه :

إنَّ مشكلة هذا الإشكال وضعفه : هو أنّه تجاهل ظاهرة مهمة في الآيات القرآنية التي تناولت بصورة مباشرة موضوع الشفاعة وقبولها ، وكذلك الآيات التي تحدثت عن خلود الكافرين في النار ... وهذه الظاهرة هي : إنّ آيات الشفاعة لم تُعيّن على سبيل التحديد أفراد النّاس ومجاميعهم ممن تنالهم الشفاعة ، كما أنّها لم تُعيّن الذنوب التي تُقبل الشفاعة فيها ...

فإذا كان الأمر كذلك ، فكيف تطمئن نفسٌ أن تنالها الشفاعة ، وكيف تطمئن أيضاً إلى أن ذنبها الذي ترتكبه هو من الذنوب التي تقبل بها الشفاعة.

ومن هنا فإنّ النفس والحال هذه ستبقى متعلقة ، وجلةً تتملكها الخشية من ارتكاب الذنب والمعصية خوفاً أن لا تكون ممن تنالها الشفاعة ، أو أن يكون ذنبها مما لا تقبل فيه الشفاعة.

أما الآيات الشريفة التي تحدثت عن الكافرين وخلودهم في النار

٣٩

وأنواع العذاب ، وعدم غفران ذنوبهم ، فإنها شخّصت الاطار العام للصفات والافعال التي إذا تميّز بها الإنسان فإنّه يدخل النار ، ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) (١).

والآية كما ترى تتحدث عن المغفرة يوم القيامة ، وأنّها لا تنال الذين ماتوا وهم مشركون.

وعلى هذا فكيف تكون الشفاعة موجبة لجرأة الناس على الذنوب والمعاصي ؟ مع أنّ ارتكاب الذنب من قبل المؤمن لابدّ أن تعقبه التوبة طلباً للغفران ... لأنّ هذه صفة المؤمن بالله تعالى واليوم الآخر ، فإنه دائماً يراقب نفسه لئلا يقع في معصية ، فإنْ استولى عليه الشيطان وأغواه وارتكب المعصية تذكّر وتاب إلى الله توبةً نصوحاً فضلاً عن أن يصرّ على الذنب الواقع منه.

فالإيمان ليس لوناً نضفيه على الإنسان ، بل هو يتجسد في المحتوى الداخلي للإنسان وعلاقته بربه وسلوكه الإجتماعي المنضبط بأوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه.

ولعل ما يشير إلى ذلك الآية الشريفة : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (٢).

__________________

(١) النساء ٤ : ٤٨.

(٢) آل عمران ٣ : ١٣٥.

٤٠