بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

« بطنت في خفيات الامور » أي اطلع على بواطنها ونفذ علمه فيها ، أو أنه أخفى من خفيات الامور لذوي العقول بما نرى « على صيغة المتكلم أو الغيبة على بناء المجهول « بحد » أي بالتحديدات الجسمانية أو الاعم منها ومن العقلانية ، وكذا قوله « ولا ببعض » نفي للابعاض الخارجية والعقلية « قبل القبل » أي قبل كل ما يعرض له القبلية « بلا قبل » أي ليست قبليته إضافية ليمكن أن يكون قبله شئ أو بلا زمان قبل ليكون الزمان موجودا معه أزلا ، والاول في الثاني أظهر ، بل في الاول.

« انقطعت الغايات دونك » اي كل غاية تفرض أزلا وأبدا فهو منقطع عنده ، وهو موجود قبله وبعده ، فلا يمكن أن تفرض له غاية ، أو هوغاية الغايات كما أنه مبدء المبادي.

« الصادع بأمرك » أي مظهره والمتكلم به جهارا من غير تقية « عن وحيك » أي كل ما أمرت به من جهة الوحي أظهره كما قال تعالى « فاصدع بما تؤمر » (١) « الموالي أولياءك معك » أي ضم موالاتهم مع موالاتك ، أو حال كونهم معك « والمعادي أعداءك دونك » اي عاداهم ولم يعادك ، أو حال كونهم مبائنون منك ، وقال الجوهري : الجدد الارض الصلب ، وفي المثل من سلك الجدد أمن العثار ، وقد مر شرح تلك الفقرات مفصلا في كتاب التوحيد.

١٤ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنه كان يقول في صلاة الزوال يعني السنة قبل صلاة الظهر : هي صلاة الاوابين ، إذا زالت الشمس وهبت الريح فتحت أبواب السماء ، وقبل الدعاء ، وقضيت الحوائج العظام (٢).

١٥ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إذا زالت الشمس صل ثماني ركعات : منها ركعتان بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ، والثانية بالفاتحة وقل يا أيها الكافرون

____________________

(١) الحجر : ٩٤.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٠٩.

٦١

وست ركعات بما أحببت من القرآن (١).

١٦ ـ البلد الامين : من كتاب طريق النجاة لابن الحداد العاملي باسناده عن أبي جعفر الثاني من قرأ سورة القدر في كل يوم وليلة ستا وسبعين مرة خلق الله تعالى له ألف ملك يكتبون ثوابها ستة وثلاثين ألف عام : منها إذا زالت الشمس قبل النافلة عشرا وبعد نوافل الزوال إحدى وعشرين إلى آخر الخبر (٢).

١٧ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : إذا استقبلت القبلة في صلاة الزوال ، فقل سبحان الله وبحمده واقرأ « ربنا لا تؤاخذنا » إلى آخر البقرة ، واقرأ « يسأله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن ، فصل اللهم على محمد وآل محمد ، واجعل من شأنك قضاء حاجتي واقض لي في شأنك حاجتي ، وحاجتي إليك العتق من النار ، والاقبال بوجهك الكريم إلي ، ورضاك عني يا أرحم الراحمين ، اللهم إني أقدم بين يدي حاجتي إليك محمدا وأهل بيته ، وأتقرب بهم إليك ، وأتوجه إليك بهم ، فاجعلني بهم وجيها عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، واجعل صلواتي بهم مقبولة ، وذنبي بهم مغفورا ، ودعائي بهم مستجابا ، إنك أنت الغفور الرحيم.

ثم تصلي ثمان ركعات وهي صلاة الاوابين ، افتتح تكبيرة واحدة وقل في تكبيرك في هذه الصلاة » الله أكبر تعظيما وتقديسا وتكبيرا وإجلالا ومهابة وتعبدا أهل الكبرياء والعظمة والمجد والثناء ، والتقديس والتطهير من الاهل والولد ، ولا إله غيره ولا معبود سواه ، ولا ربا دونه ، فردا خالقا وترا : لم يتخذ صاحبة ولا ولدا.

ثم تعوذ وتسمي وتقرأ ما تيسر من القرآن والدعاء الخالص لآل محمد عليهم‌السلام اللهم إني أسالك بك ومنك وبعبدك الذي جعلته سفيرا بينك وبين خلقك ، وخلقته من نورك ، ونفخت فيه من روحك ، واستودعته فيه من علمك ، وعلمته من كتابك ، و أمنته على وحيك ، واستأثرته في علم الغيب لنفسك ، ثم اتخذته حبيبا ونبيا و

____________________

(١) فقه الرضا ص ٧ س ٢٤.

(٢) تمام الخبر في ج ٩٢ ص ٣٢٩ من البحار طبعتنا هذه.

٦٢

خليلا ، اللهم بك وبه وبه وبك إلا جعلتني ممن أتولى مع أوليائه وأتبرأ من أعدائه اللهم كما جعلتني في دولته ، وكونتني في كرته ، وأخرجتني في كوره ، واظهرتني في دوره ، ودعوتني إلى ملته ، وجعلتني من أمته وجنوده ، فاجعلني من خاصة أوليائه و خواص أحبائه ، وقربني إليه منزلة وزلفة في أعلا عليين.

اللهم إني آمنت بك وبه ، وأجبت داعيك ابتغاء لمرضاتك ، وطلبا لرضوانك وأسلمت مع محمد لله رب العالمين ، وأقررت بولاية وليك علي وليا ورضيت بالحسن إماما وبالحسين وصيا وبالائمة علماء ، اللهم صل عليهم وعلى ذريتهم الخيرة (١).

بيان : « في » كرته ، أي في دولتك التي عادت بظهوره اي في غلبته على الاعادي وكذا « في كوره » اي في رجوع الامر إليه ، أو يكون إشارة إلى بعثه على الارواح ، ثم على الاجساد.

١٨ ـ فلاح السائل (٢) ومصباح الشيخ : مما يقول الايسان بعد كل تسليمة من نوافل الزوال » اللهم إني ضعيف فقوفي رضاك ضعفي وخذ إلى الخير بناصيتي واجعل الايمان منتهى رضاي ، وبارك لي فيما قسمت لي ، وبلغني برحمتك كل الذي أرجو منك ، واجعل لي ودا وسرورا للمؤمنين ، وعهدا عندك (٣).

بيان : « خذ إلى الخير بناصيتي » أي اصرف قلبي إلى عمل الخيرات ووجهني إلى القيام بوظائف الطاعات ، كالذي يجذب بشعر مقدم راسه إلى عمل ، ففي الكلام استعارة كذا ذكره الشيخ البهائي.

١٩ ـ فلاح السائل : ومما يقال أيضا في جملة تعقيب كل ركعتين من نوافل الزوال « رب صل على محمد وآله ، وأجرني من السيئات ، واستعملني عملا بطاعتك ، وارفع درجتي برحمتك ، يا الله يا رب يا رحمن يا رحيم يا حنان يامنان ، يا ذا

____________________

(١) فقه الرضا ص ٦٣.

(٢) فلاح السائل ص ١٣٧.

(٣) مصباح الشيخ ص ٢٨.

٦٣

الجلال والاكرام ، أسئلك رضاك وجنتك ، وأعوذ بك من نارك وسخطك ، أستجير بالله من النار » ترفع بهاصوتك (١).

ذكر رواية في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال.

قال : أخبرنا أبوعبدالله أحمد بن الحسن بن عياش (٢) : عن أحمد بنمحمد يحيى العطار ، عن عبدالله بن جعفر الهمداني (٣) ، عن محمد بن الحسن ، عن نصر بن مزاحم ، عن أبي خالد ، عن عبدالله بن الحسن بن الحسن ، عن أمها فاطمة بنت الحسن ، عن أبيه الحسن بن علي صلوات الله عليهما قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعو بهذا الدعاء بين كل ركعتين من صلاة الزوال الركعتان الاولتان « اللهم أنت أكرم مأتي وأكرم مزور ، وخير من طلبت إليه الحاجات ، وأجود من أعطى ، وأرحم من استرحم ، وأرءف من عفا ، وأعز من اعتمد عليه ، اللهم بي إليك فاقة ، ولي إليك حاجات ، ولك عندي طلبات من ذنوب أنابها مرتهن ، وقد أوقرت ظهري ، وأوبقتني وإلا ترحمني وتغفر لي أكن من الخاسرين ».

اللهم إني اعتمدتك فيها تائبا إليك منها ، فصل على محمد وآله واغفر لي ذنوبي كلها ، قديمها وحديثها ، سرها وعلانيتها ، وخطاها وعمدها ، صغيرها وكبيرها ، و كل ذنب أذنبته ، وأنا مذنبه ، مغفرة عزما جزما لا تغادر ذنبا واحدا ، ولا أكتسب بعدها محرما أبدا ، واقبل مني اليسير من طاعتك ، وتجاوز لي عن الكثير من معصيتك يا عظيم إنه لا يغفر العظيم إلا العظيم يسأله من في السموات والارض كل يوم هوفي شأن [ يا من هو كل يوم في شأن صل على محمد وآله واجعل لي في شأنك شأن حاجتي وحاجتي هي فكاك رقبتي من النار ، والامان من سخطك والفوز برضوانك وجنتك (٤) ] وصل

____________________

(١) فلاح السائل ص ١٣٧ و ١٣٨.

(٢) هو ابن عياش الجوهرى : سمع الحديث فأكثر واضطرب في آخر عمره قال النجاشى : كان صديقا لي ولوالدي وسمعت منه شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته.

(٣) في المصدر : الحميري.

(٤) ما بين العلامتين ساقط من مطبوعة الكمبانى.

٦٤

على محمد وآل محمد وامنن بذلك علي وبكل ما فيه صلاحي وأسالك بنورك الساطع في الظلمات أن تصلي على محمد وآل محمد ، ولا تفرق بيني وبينهم في الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير.

اللهم واكتب لي عتقا من النار مبتولا ، واجعلني من المنيبين إليك ، التابعين لامرك ، المخبتين إليك ، الذين إذا ذكرت ، وجلت قلوبهم ، والمستكملين مناسكهم ، والصابرين في البلاء ، والشاكرين في الرخاء ، والمطيعين لامرك فيما أمرتهم به ، و المقيمين الصلاة ، والمؤتين الزكاة ، والمتوكلين عليك ، اللهم أضفني بأكرم كرامتك ، وأجزل من عطيتك والفضيلة لديك والراحة منك والوسيلة إليك والمنزلة عندك ما تكفيني به كل هول دون الجنة ، وتظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ، وتعظم نوري وتعطيني كتابي بيميني ، وتخفف حسابي ، وتحشرني في أفضل الوافدين إليك من المتقن وتثبتني في عليين ، وتجعلني ممن تنظر إليه بوجهك الكريم ، وتتوفاني وأنت عني راض وألحقني بعبادك الصالحين.

اللهم صل على محمد وآله ، واقلبني بذلك كله مفلحا منجحا قد غفرت لي خطاياي وذنوبي كلها وكفرت عني سيئاتي ، وحططت عني وزري ، وشفعتني في جميع حوائجي في الدنيا والآخرة في يسر منك وعافية.

اللهم صل على محمد وآله ، ولا تخلط بشئ من عملي ولا بما تقربت به إليك رئاء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا ، واجعلني من الخاشعين لك ، اللهم صل على محمد وآله وأعطني السعة في رزقي والصحة في جسمي والقوة في بدني ، على طاعتك وعبادتك ، و أعطني من رحمتك ورضوانك وعافيتك ما تسلمني به من كل بلاء الدنيا والآخرة ، و ارزقني الرهبة منك والرغبة إليك والخشوع لك ، والوقار والحياء منك ، والتعظيم لذكرك ، والتقديس لمجدك أيام حياتي ، حتى تتوفاني وأنت عني راض.

اللهم وأسئلك السعة والدعة والامن والكفاية والسلامة والصحة والقنوع والعصمة والهدى والرحمة والعافية واليقين والمغفرة والشكر والرضا والصبر والعلم و الصدق والبر والتقوى والحلم والتواضع واليسر والتوفيق.

٦٥

اللهم صل على محمد وآله واعمم (١) بذلك أهل بيتي وقراباتي وإخواني فيك ، ومن أحببت وأحبني أوولدته وولدني من جميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، وأسألك يا رب حسن الظن بك ، والصدق في التوكل عليك ، وأعوذ بك يا رب أن تبتليني ببلية تحملني ضرورتها على التغوث بشئ من معاصيك ، وأعوذ بك يا رب أن أكون في حال عسر أو يسر أظن أن معاصيك أنجح في طلبتي من طاعتك وأعوذ بك من تكلف ما لم تقدر لي فيه رزقا ، وما قدرت لي من رزق فصل على محمد وآله وآتني به في يسر منك وعافية يا أرحم الراحمين.

وقل : رب صل على محمد وآله ، وأجرني من السيئات ، واستعملني عملا بطاعتك ، وارفع درجتي رحمتك ، يا الله يا رب ، يا رحمان يا رحيم ، يا حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام ، أسألك رضاك وجنتك ، وأعوذ بك من نارك وسخطك ، أستجير بالله من النار ترفع بها صوتك.

ثم تخر ساجدا وتقول : اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك ، وأتقرب اليك بمحمد عبدك ورسولك ، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين أن تصلي على محمد وآله ، وأن تقيلني عثرتي ، وتستر علي ذنوبي وتغفرها لي ، وتقلبني اليوم بقضاء حاجتي ، ولا تعذبني بقبيح كان مني يا أهل التقوى وأهل المغفرة ، يا بر يا كريم أنت أبر بي من أبي وأمي ومن نفسي ومن الناس أجمعين ، بي إليك حاجة وفقر وفاقة ، وأنت عني غني ، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن ترحم فقري ، وتستجيب دعائي ، وتكف عني أنواع البلاء ، فان عفوك وجودك يسعني.

التسليمة الثانية

اللهم إله السماء وإله الارض ، وفاطر السماء وفاطر الارض ، ونور السماء ونور الارض ، وزين السماء وزين الارض ، وعماد السماء وعماد الارض ، وبديع السماء وبديع الارض ، ذا الجلال والاكرام ، صريخ المستصرخين ، وغوث المستغيثين ، و منتهى رغبة العابدين ، أنت المفرج عن المكروبين ، وأنت المروح عن المغمومين ، و

____________________

(١) وأتمم خ ل كما في المصدر.

٦٦

أنت أرحم الراحمين ، ومفرج الكرب ، ومجيب دعوة المضطرين ، وإله العالمين ، المنزول به كل حاجة ، يا عظيما يرجى لكل عظيم ، صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا.

وقل : رب على محمد وآل محمد ، واجرني من السيئات ، واستعملني عملا بطاعتك ، وارفع درجتي برحمتك يا الله يا رب يا رحمن يا رحيم ، يا حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام ، أسألك رضاك وجنتك ، وأعوذ بك من نارك وسخطك ، أستجير بالله من النار ترفع بها صوتك.

التسليمة الثالثة

يا علي يا عظيم ، يا حي يا حليم ، يا غفور يا سميع يا بصير يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، يا رحمن يا رحيم ، يا نور السموات والارض ، تم نور وجهك ، أسئلك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والارض ، وباسمك العظيم الاعظم الاعظم الاعظم الذي إذا دعيت به أجبت ، وإذا سئلت به أعطيت ، وبقدرتك على ما تشاء من خلقك ، فانما أمرك إذا اردت شيئا أن تقول له كن فيكون ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفعل بي كذا وكذا.

وقل : رب (١) صل على محمد وآله وأجرني من السيئات ، واستعملني عملا بطاعتك وارفع درجتي برحمتك يا الله يا رب يا رحمان يا رحيم ، يا حنان يامنان ، ياذا الجلال والاكرام ، أسئلك رضاك وجنتك ، وأعوذ بك من نار وسخطك ، أستجير بالله من النار وترفع بها صوتك.

التسليمة الرابعة

اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ومعدن العلم ، وأهل بيت الوحي ، اللهم صل على محمد وآل محمد الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، يأمن من ركبها ، ويغرق من تركها ، المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق ، واللازم لهم لاحق ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، الكهف الحصين وغياث

____________________

(١) اللهم خ ل.

٦٧

المضطر المستكين ، وملجأ الهاربين ، ومنجي الخائفين ، وعصمة المعتصمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، صلاة كثيرة تكون لهم رضى ، ولحق محمد وآل محمد صلى الله عليهم اداء وقضاء ، بحول منك وقوة يا رب العالمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد الذين أوجبت حقهم ومودتهم ، وفرضت طاعتهم وولايتهم ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، واعمر قلبي بطاعتك ، ولا تخزني بمعصيتك ، وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك مما وسعت علي من فضلك ، والحمد لله على كل نعمة ، وأستغفر الله من كل ذنب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله من كل هول.

ذكر رواية اخرى : في الدعاء عقيب كل ركعتين من نوافل الزوال رويتها باسنادي إلى أبي جعفر الطوسي فيما ذكره قدس الله جل جلاله روحه في المصباح الكبير وقال : وروي أنك تقول عقيب التسليمة الاولة.

اللهم إني أعوذ بعفوك من عقوبتك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ برحمتك من نقمتك ، وأعوذ بمغفرتك من عذابك ، وأعوذ برأفتك من غضبك ، وأعوذ بك منك ، لا إله إلا أنت ، لا ابلغ مدحتك ولا الثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك اسئلك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل حياتي زيادة في كل خير ، ووفاتي راحة من كل سوء ، وتسد فاقتي بهداك وتوفيقك ، وتقوى ضعفي في طاعتك ، وترزقني الراحة والكرامة وقرة العين واللذة وبرد العيش من بعد الموت ، ونفس عني الكربة يوم المشهد العظيم ، وارحمني يوم ألقاك فردا.

هذه نفسي سلم لك ، [ وأنا ] معترف بذنبي ، مقر بالظلم على نفسي ، عارف بفضلك علي فبوجهك الكريم اسئلك لما صفحت عني ما سلف من ذنوبي ، وعصمتني فيما بقي من عمري ، فصل على محمد وآل محمد ، وافعل بي كذا وكذا.

وقل : رب صل محمد وآله وأجرني من السيئات ، واستعملني عملا بطاعتك ، وارفع درجتي برحمتك ، يا الله يا رب يا رحمان يا رحيم يا حنان يا منان يا ذا الجلال والاكرام ، اسئلك رضاك وجنتك ، وأعوذ بك من نارك وسخطك ، أستجير بالله من النار ترفع بها صوتك.

٦٨

وتقول عقيب الرابعة : اللهم مقلب القلوب والابصار ، صل على محمد وآل محمد ، وثبت قلبي على دينك ، ودين نبيك ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ، وأجرني من النار برحمتك ، اللهم صل على محمد وآله واجعلني سعيدا فانك تمحو ماتشاء وتثبت وعندك أم الكتاب.

وتقول عقيب السادسة : اللهم إني أتقرب اليك بجودك وكرمك وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك ، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين ، وبك اللهم الغنى عني وبي الفاقة إليك وأنت الغنى وأنا الفقير إليك أقلتني عثرتي ، وسترت على ذنوبي ، فاقض يا الله حاجتي ، ولا تعذبني بقبيح ما تعلم مني ، فان عفوك وجودك يسعني.

وتقول عقيب الثامنة : يا أول الاولين ويا آخر الآخرين ، ويا أجود الاجوديهن ، ويا ذا القوة المتين ، ويا رازق المساكين ، ويا أرحم الراحمين ، صل على محمد وآل محمد الطيبين ، واغفر لي جدي وهزلي ، وخطائي وعمدي ، وإسرافي على نفسي ، وكل ذنب اذنبته ، واعصمني من اقتراف مثله ، إنك على ما تشاء قدير.

ثم تخر ساجدا وتقول : يا اهل التقوى ويا أهل المغفرة ، يا بر يا رحيم ، أنت أبر بي من ابي وأمي ومن جميع الخلائق أجمعين ، اقلبني بقضاء حاجتي مستجابا دعائي مرحوما صوتي ، وقد كشفت أنواع البلاء عني (١).

المصباح : للشيخ والاختيار لابن الباقي مرسلا مثل الجميع (٢).

توضيح قال الجوهري : أو قره اي أثقله ، وقال : أوبقه أي أهلكه « إني اعتمدتك » أي قصدتك أو اتكلت عليك على الحذف والايصال يقال : عمدت الشئ اي قصدته كتعمدته واعتمدت على الشئ اي اتكلت عليه « لا تغادر » اي لا تترك « يسأله من في السموات والارض » اي إنهم مفتقرون إليه في ذواتهم وصفاتهم وسائر ما يهمهم ويعن لهم فهم سائلون عنه بلسان الحال والمقال.

____________________

(١) فلاح السائل ص ١٣٨١٤٤.

(٢) مصباح المتهجد ص ٣٤٢٨.

٦٩

« كل يوم هو في شأن » أيّ في كل يوم ووقت له شأن بديع وخلق جديد اي يحدث اشخاصا ويجدد أحوالا كما ورد في الحديث « من شأنه يغفر ذنبا ، ويفرج كربا ، و يرفع قوما ، ويضع آخرين ، وهو رد لقول اليهود لعنهم الله « يد الله مغلولة » وقولهم  « إن الله لا يقضي يوم السبت شيئا » وقول الحكماء والمنكرين للبداء كما مر تحقيقه.

« مبتولا » اي مجوزما مقطوعا لا تزلزل ولا بداء فيه ، قال الجوهري : بتلت الشئ أبتله بالكسر بتلا إذا أبنته من غيره ، ومنه قولهم : طلقتها بتة بتلة ، وقال : الاخبات الخشوع ، وقال : أضفت الرجل وضيفته إذا أنزلته بك ضيفا وقريته ، وفي بعض النسخ « وأصفني » بالصاد المهملة من اصفيته اي أخترته ، يقال : اصفيته الود اي أخلصته له ، ذكره الجوهري.

وقال : الوسيلة ما يتقرب به إلى الغير يقال : وسل فلان إلى ربه وسيلة وتوسل إليه بوسيلة ، إذا تقرب إليه بعمل « ممن تنظر إليه » النظر كناية عن الرحمة واللطف ووجهه سبحانه ذاته أوتوجهه المشتمل على الكرم ، وقد يقال : وجه الله رضاه كما في قوله سبحانه « وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله » (١) قالوا : اي رضاه ، لان الانسان إذا رضي عن غيره أقبل بوجهه عليه ، وإذا كرهه أعرض بوجهه عنه ، فهو من قبيل إطلاق السبب على المسبب.

والفلاح الفوز والنجاة ، والنجاح الظفر بالحوائج ، وأنجح الرجل صار ذا نج  « وشفعتني » على بناء التفعيل أي قبلت شفاعتي ، والرياء اي يرى الناس عمله ، والسمعة أن يسمعهم بعده ، والاشر والبطر بالتحريك فيما شدة المرح والفرج والطغيان ، و الدعة السكون ، والخفض سعة العيش ، والعصمة أي من المعاصي أو الاعم منها ومن شر الاعادي « نور السماء » أي منورها بنور الوجود والكمالات والانوار الظاهرة « وبنور وجهه » اي ذاته المنير « اشرقت السموات والارضون » بتلك الانوار.

« وبديع السماء » أي مبدعها ، والصريخ المغيث ، والمستصرخ المستغيث ، واللجج

____________________

(١) البقرة : ٢٧٢.

٧٠

جمع اللجة وهي معظم الماء ، وفي القاموس غمر الماء غمارة كثر وغمره غطاه ، والمارق الخارج من الدين ، والزاهق الباطل والمضمحل الهالك ، والمؤاساة بالهمزة وقد يخفف واوا ، قال الفيروز آبادي : آساه بماله مواساة : أنا له منه وجعله فيه أسوة أو لاى كون ذلك إلا من كفاف ، فان كان من فضلة فليس بمواساة ، وبرد العيش طيبه قال « عيش بارد » اي هنيئ طيب.

٢٠ ـ دعائم الاسلام : عن علي عليه‌السلام أنه كان إذا صلى صلاة الزوال وانصرف منها ، رفع يديه ثم يقول : « اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك ، وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك ، وأتقرب إليك بملائكتك وأنبيائك ، اللهم بك الغنى عنى ، وبي الفاقة إليك ، أنت الغنى وأنا الفقير إليك ، أقلتني عثرتى ، وسترت علي ذنوبى ، فاقض لى اليوم حاجتى ، ولا تعذبنى بقبيح ما تعلم منى ، فان عفوك وجودك يسعنى.

ثم يخر ساجدا فيقول وهو ساجد : « يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، يا بر يا رحيم ، أنت أبر بي من أبي وأمي ومن الناس أجمعين ، فاقلبني اليوم بقضاء حاجتي مستجابا دعائي ، مرحوما صوتى ، قد كففت أنواع البلاء عني » (١).

تذييل : اعلم أن الاصحاب اختلفوا في وقت نافلة الزوال ، فالاشهر والاظهر من جهة الاخبار أنه من أول الزوال إلى أن يصير الفئ قدمين ، وذهب الشيخ في الجمل والمبسوط والخلاف إلى أنه من الزوال إلى أن يبقى لصيرورة الفئ مثل الشخص مقدار ما يصلى فيه فريضة الظهر.

وذهب ابن إدريس إلى امتداده إى أن يصير ظل كل شئ مثله ، وتبعه المحقق في المعتبر ، والعلامة في التذكرة ، ونقل المحقق في الشرائع قولا بامتداده وقت الفريضة ، والاول أقوى ، بمعنى أنه بعد ذهاب القدمين لا يقدم النافلة على الفريضة ويستحب إيقاعها بعده ، ولا نعلم كونها اداء أو قضاء ، والاولى عدم التعرض لهما.

وقال الشيخ وأتباعه : إن خرج الوقت ولم يتلبس بالنافلة ، قدم الظهر ، ثم

____________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢١١.

٧١

قضاها بعدها ، وإن تبلس بركعة أتمها ثم صلى الظهر ، واستندوا في ذلك بموثقة عمار الساباطي (١) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لكل صلاة مكتوبة لها نافلة ركعتين (٢).

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢١٣.

(٢) يبتنى هذه الجملة على رواية زرارة في عدد النوافل وهى سبعة وعشرون ركعة تمامها مع الفرائض اربعة واربعون ركعة ، على ما مر في ج ٨٢ ص ٢٩٣ ، وان الثمان ركعات الزوال للوقت ( منتصف النهار ) وهى السبحة سبحة النهار كما أن الثمان ركعات الليل أيضا للوقت ( منتصل الليل ) وهى الناشئة ناشئة الليل ، قال عزوجل : « ان ناشئة الليل هي اشد وطا وأقوم قيلا * ان لك في النهار سبحا طويلا » المزمل : ٧٦.

فالمصلى يصلى ثمان ركعات يفصل بين الرابعة الاولى والاخيرة بفاصلة ثم يصلى الظهر عند القدم ثم يصلى بعدها ركعتين نافلتها ، ثم يروح ويتغدى ويتمدد ثم يصلى ركعتين نافلة العصر يقدمها قبلها ثم يصلي العصر عند القدمين ، لا يتنفل بعدها باجماع المسلمين.

ثم اذا ذهبت الحمرة من قمة الرأس يصلى المغرب ثم يصلى نافلتها ركعتين ثم يصلى العشاء ويصلى بعدها ركعتين من جلوس ولا يعدها نافلة بل هي وتيرة يوتر بها ركعات النوافل احتياطا لاحتمال قبض نفسه حين النوم.

وفي بعض الروايات أنه يصلى ركعتين قبل العشاء نافلة لها ثم يصليها فيكون قد صلى بين المغربين اربع ركعات للمغرب بعدها وركعتين للعشاء قبلها كما فعل في صلاة الظهرين.

ثم أنه بعد ما صار منتصف الليل يقوم ويصلى أربع ركعات وبعد نومة أربع ركعات أخرى تمام الناشئة يرتل فيها اكثر من قراءته في غيرها في غيرها من النوافل ، ثم بعد نومة خفيفة يقوم ويوتر بواحدة ان صلى للعشاء نافلتها ركعين أو بثلاث ان كان قد صلى نافلة المغرب فقط ، ثم يصلى بعد الوتر ركعتين نافلة للصبح ثم يصلى الصبح لا يتنفل بعدها كما في العصر.

فحينئذ تصير عدد النوافل ٢٧ ركعة لكل صلاة ركعتان نافلة باشافة الناشئة والسبحة وهذا هو المراد بقوله عليه‌السلام « لكل صلاة مكتوبة نافلة ركعتين » مبتنيا على ما في رواية زرارة ( وقد كان أصدع بالحق من غيره ) لكن عمارا طبق كلام الصادق عليه‌السلام هذا

٧٢

إلا العصر ، فانه يقدم نافلتها ، فتصيران قبلها ، وهي الركعتان اللتان تمت بهما الثماني بعد الظهر ، فاذا اردت أن تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل شيئا حتى تبدء فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها ، ثم اقض ماشئت ، وابدأ من صلاة الليل بالآيات تقرأ « إن في خلق السموات والارض إلى إنك لا تخلف الميعاد » ويوم الجمعة تبدء بالآيات قبل الركعتين اللتين قبل الزوال.

وقال عليه‌السلام : وقت صلاة الجمعة إذا زالت الشمس شراك أونصف ، وقال : للرجل أن يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى يمضي قدمان ، فان كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة أو قبل أن يمضى قدمان أتم الصلاة حتى يصلي تمام الركعات ، وإن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة بدأ بالاولى ، ولم يصل الزوال إلا بعد ذلك ، وللرجل أن يصلي من نوافل العصر ما بين الاولى إلى أن يمضي اربعة أقدام ، فان مضت الاربعة أقدام ولم يصل من النوافل شيئا ، فلا يصلي النوافل ، وإن كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها ، ثم يصلي العصر.

وقال عليه‌السلام : للرجل أن يصلى إن بقى عليه شئ من صلاة الزوال إلى أن يمضى بعد حضور الاولى نصف قدم ، وللرجل إذا كان قد صلى من نوافل الاولى شيئا قبل أن يحضر العصر ، فله أن يتم نوافل الاولى إلى أن يمضى بعد حضور العصر قدم ، وقال : القدم بعد حضور العصر مثل نصف قدم بعد حضور الاولى في الوقت سواء.

ولنوضح الخبر ليمكن الاستدلال به فانه في غاية التشويش والاضطراب ، وقل خبر من أخبار عمار يخلو من ذلك (١) ولذا لم نعتمد على أخباره كثيرا.

____________________

على غير مورده وهى رواية الاحمدى والخمسين ، فصار حديثه مشوشا مضطربا على ما ستعرف من المؤلف العلامة رضوان الله عليه.

(١) عندى أنه كان يتفقه فيما سمعه من الاحاديث ثم ينقله بالمعنى على الوجه الذى تفقه فيه ، وربما اختلط وأوهم في فقه الحديث كما عرفت آنفا ، ولذلك كان أبوالحسن الاول عليه‌السلام يقول : « انى استوهبت عمارا الساباطى من ربى تعالى فوهبه لى » وعلى هذا لا يصح التعلق بأحاديث ولا أن تخرج شاهدا الا بعد تأييدها بسائر الاحاديث.

٧٣

قوله عليه‌السلام : « لكل صلاة مكتوبة » أقول يحتمل وجوها :

الاول : أن يكون المراد أن لكل صلاة نافلة تختص بها إلا العصر ، فانه اكتفي فيها بركعتين من نافلة الظهر ، لقربهما منها ، وهذا مبنى على أن الثمان الركعات قبل الظهر ليست بنافلتها ، بل هي نافلة الوقت ، والثمانى التي بعدها نافلة الظهر كما دلت عليه كثير من الاخبار ، وقد أومانا إليه سابقا ، ويؤيده أن في تتمة هذا الخبر في أكثر النسخ مكان نوافل العصر نوافل الاولى.

الثاني : أن يكون المعنى أن كل صلاة بعدها نافلة وإن لم تكن متصلة بها إلا العصر فانها قبلها ، وليس بعدها إلى المغرب نافلة.

الثالث : أن كل فريضة لها نافلة متصلة بها ، قبلها أو بعدها ، إلا العصر فانه يجوز الفصل بينها وبين الركعتين ، لاختلاف وقتيهما ، لا سيما على القول بالمثل والمثلين في الفريضة خاصة.

الرابع : أن يكون المراد أن لكل صلاة نافلة ركعتين قبلها غير النوافل المرتبة إلا العصر ، لكن لا يوافقه قول ولا يساعده خبر.

قوله « فاذا أردت أن تقضي شيئا » هذا أيضا يحتمل وجوها :

الاول : أن يكون المعنى إذا أردت قضاء فريضة أو نافلة في وقت حاضرة ، فصل قبل الحاضرة ركعتين نافلة ثم صل الحاشرة ، وتكفيك هاتان الركعتان للقضاء أيضا ثم اقض بعد الفريضة ما شئت.

الثانى : أن يكون المعنى إذا أردت القضاء في وقت الفريضة ، فقدم ركعتين من القضاء لتقوم مقام نافلة الفريضة ، وأخر عنها سائرها.

الثالث : أن يكون المراد بالفريضة التي حضرت صلاة القضاء ، اي يستحب لكل قضاء نافلة ركعتين (١).

____________________

(١) وعلى ما قدمناه في معنى قوله عليه‌السلام « لكل صلاة مكتوبة نافلة ركعتين » يكون هذا الاحتمال هو المراد بعينه ، فالذي يريد أن يقضى صلاة الصبح يصلى نافلتها ركعتين ثم يقضى الصبح كما فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في وادى النوم ، واذا أراد أن يقضى صلاة الظهر مثلا يصلى قبلها نافلتها وهى ركعتان فقط ثم يقضيها وهكذا.

٧٤

الرابع : أن يكون المراد بالقضاء الفعل ويكون المعنى إذا أردت أن تؤدي فريضة أو نافلة أداء كانت أوقضاء ، فالنافلة ليست لها نافلة ، وأما الفريضة فيستحب قبلها ركعتان ، فينبغى تخصيصها بغير المغرب والعيد.

قوله عليه‌السلام : « شراك أونصف » المراد طول الشراك أو عرضها ، فعلى الثانى المراد به أنه ينبغي إيقاعها بعد مضى هذا المقدار من الظل ، لتحقق دخول الوقت ، وعلى الاول ايضا يحتمل أن يكون لذلك أو للخطبة ، وبعض الاصحاب فهموا منه التضييق و حملوه على أن المراد أن وقت الجمعة هذا المقدار ، ولا يخفى بعده ، ومخالفته لسائر الاخبار ، ولما نقل من الادعية والسور الطويلة والخطب المبسوطة ، وعلى تقديره يكون محمولا على استحباب التعجيل.

قوله عليه‌السلام : « ركعة واحدة » أي مقدار ركعة ، قوله « أو قبل أن يمضى قدمان » كذا في أكثر النسخ والظاهر أن كلمة « أو » زيدت من النساخ ، وعلى تقديرها لعل المراد أن الافضل إذا كان بقى من وقت نافلة الزوال مقدار ركعة الشروع في النافلة ، ولن كان مطلق التلبس في الوقت كافيا في جواز تقديم النافلة ولو لم يكن بركعة أيضا ومنهم من حمل ركعة واحدة على حقيقته ، وقال : بين مفهومه ومفهوم قوله قبل أن يصلي ركعة تعارض ، ومنهم من قال : الصواب مكان « قد بقى » « قد صلى » ولا يخفى ما فيهما ، وتقدير المقدار شائع كما قلنا.

قوله عليه‌السلام : « من نوافل الاولى » اي نوافل العصر كما في بعض النسخ ، وإنما عبر عنها بنوافل الاولى ، لانها نوافل الظهر كما مر.

قوله « نصف قدم » اي بعد التلبس بركعة ينبغى أن يأتى بها مخففة ولاء ، ولا يطولها ، ولا يفصل بينها كثيرا بالادعية وغيرها ، لئلا يتجاوز عن نصف قدم فتزاحم الفريضة كثيرا ، وقيل : مع عدم التلبس أيضا يجوز أن يفعلها إلى نصف قدم ، فيكون دونه في الفضل ، أو يكون محمولا على انتظار الجماعة ، كما فعله الشيخ.

ولا يخفى أن الفقرة الثانية كالصريحة في المعنى الاول كما فهمه الشهيد ره

٧٥

على بعض الوجوه حيث قال في الذكرى بعد إيراد الخبر : لعله أراد بحضور الاولى والعصر ما تقدم من الذراع والذراعين والمثل والمثلين ، وشبهه ، ويكون للمتنفل أن يزاحم الظهر والعصر ما بقي من النوافل ما لم يمض القدر المذكور ، فيمكن أن يحمل لفظ الشئ على عمومه ، فيشمل الركعة وما دونها وما فوقها ، فيكون فيه بعض مخالفة للتقدير بالركعة.

ويمكن حمله على الركعة ، وما فوقها ويكون مقيدا لها بالقدم والنصف ويجوز أن يريد بحضور الاولى مضى نفس القدمين المذكورين في الخبر ، وبحضور العصر الاقدام الاربع وتكون المزاحمة المذكورة مشروطة بان لا يزيد على نصف قدم في الظهر بعد القدمين ولا على قدم في العصر بعد الاربع ، وهذا تنبيه حسن لم يذكره المصنفون انتهى.

قوله عليه‌السلام : « في الوقت سواء » أقول : يحتمل وجهين الاول أن الشمس كل ما انخفضت في السماء وبعدت عن دائرة نصف النهار ، ازدادت حركة ظلها سرعة ، على ما ثبت في محله ، وصح بالتجربة ، فالقدم في وقت العصر بحسب الزمان بقدر نصف قدم في وقت الظهر تقريبا ، والمراد هنا على زمان إيقاع النافلة ولاء ، وزمانها في وقت الظهر بقدر نصف قدم ، وفي وقت العصر بقدر قدم ، ولعل هذا هو السر في جعل وقت العصر أربعة أقدام ، ووقت الظهر قدمين.

الثاني : أن نصف قدم بالنسبة إلى فضيلة الظهر كقدم بالنسبة إلى فضيلة العصر لان وقت العصر ضعف وقت الظهر ، والنسبة فيهما معا الربع ، وما قيل من أن وقت نوافل العصر من الزوال ، لما كان ضعف وقت نوافل الاولى ، جعل مقدار توسيع وقتها ضعف مقدار توسيع وقت نوافل الاولى ، فلا يخفى وهنه ، لان ما يخص نافلة العصر أيضا قدمان ، مع أن وسعة وقت النافلة لا تصلح علة لكثرة المزاحمة فتأمل.

ثم إنه ذكر جماعة من الاصحاب أنه مع التلبس بركعة يتم النافلة مخففا بالاقتصار على أقل ما يجزي فيها ، كقراءة الحمد وحدها والاقتصار على تسبيحة واحدة

٧٦

في الركوع والسجود ، حتى قال بعض المتأخرين : لو تأدى التخفيف بالصلاة جالسا آثره على القيام ، واعترض بعض المتأخرين عليه بأن النص الذي هو مستند الحكم خال عن هذا القيد.

أقول : على ما حملناه عليه الخبر يظهر منه التخفيف في الجملة ، ولو اقتصر على ما يظهر من الخبر على أظهر محامله كان أولى ، كما نبه عليه الشهيد قد سره.

٧٧

٣

( باب )

* « نوافل العصر وكيفيتها وتعقيباتها » *

١ ـ فلاح السائل : يكبر تكبيرة الاحرام ويقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يقرء سورة الحمد وسورة اقرأ في كل ركعة مع قل هو الله ، وإنا أنزلناه وآية الكرسي فقد قدمنا فضيلة ذلك عند ذكرنا نوافل الزوال ، وأوضحناه ، فاذا قرء الحمد وما ذكرناه تمم صلاة ركعتين كما قدمناه في نوافل الزوال وسهلناه ، فاذا سلم من الركعتين الاوليين من نوافل العصر ، وسبح تسبيح الزهراء عليها‌السلام كما قررناه قال :

اللهم إنه لا إله إلا أنت الحي القيوم العلي العظيم الحكيم الكريم ، الخالق الرازق المحيي المميت البدئ البديع ، لك الحمد ولك الكرم ، ولك المن ولك الجود ولك الامر وحدك لا شريك لك ، يا واحد يا أحد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، صل على محمد وآله ، وافعل بي كذا وكذا.

ثم تقول : يا عدتي في كربتي يا صاحبي في شدتي ، ويا مونسي في وحدتي ، ويا ولي نعمتي ، ويا إلهي وإله آبائي الاولين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والاسباط ورب موسى وعيسى ومحمد وآله عليه وعليهم‌السلام ، صل على محمد وآله ، وافعل بي كذاو كذا .. وتذكر ما تريد (١).

توضيح : « البدئ » اي المبدئ الموجد لما سواه من كتم العدم « البديع » أي المبدع خالق الخلائق لا على مثال سابق ، وقيل : لم يجئ فعيل بمعنى مفعل ، وجعل هذا من قبيل الوصف بحال المتعلق ولا يخفى أن عدم الاضافة في أمثال هذه الادعية يأبى عن هذا الوجه كما قيل.

٢ ـ فلاح السائل : الدعاء بعد التسليمة الثانية ، أرويه باسنادي إلى محمد بن

____________________

(١) فلاح السائل ص ١٩٢.

٧٨

يعقوب الكليني (١) عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن ابن سنان ، عن حفص ، عن محمد بن مسلم قال : قلت له علمني دعاء فقال : فأين أنت من دعاء الالحاح؟ فقال له : فما دعاء الالحاح؟ فقال : اللهم رب السموات السبع ورب الارضين السبع ، وما فيهن وما بينهن ، ورب العرش العظيم ، ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم ، ورب محمد خاتم النبيين ، صل على محمد وآله ، وأسألك باسمك الاعظم الذي به تقوم السماء والارض ، وبه تحيي الموتى وبه تميت الاحياء وبه تفرق بين الجمع ، وتجمع بين المتفرق ، وبه أحصيت عدد الآجال ، ووزن الجبال ، وكيل البحار ، أسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفعل بي كذا وكذا وسل حاجتك ألح في الطلب فانه دعاء النجاح (٢).

أقول : وفيه ألفاظ من غير هذه الرواية.

بيان : ذكر الشيخ (٣) هذه الادعية بغير سند ، وأضاف السيد هذا السند ليعلم أنه غير مختص بالتعقيب ، والشيخ أومأ في آخر الدعاء إليه ، والشيخ كثيرا ما يذكر الادعية المطلقة عقيب الصلوات لانه أفضل الاوقات ، وفيه ما فيه.

قوله : « رب السبع الثماني » هي سورة الفاتحة ولتسميتها بذلك وجوه : منها أنها تثنى في كل صلاة مفروضة ، ومنها اشتمال كل من آياتها السبع على الثناء على الله سبحانه ، ومنها أنها قد تثني نزولها : فمرة بمكة حين فرضت الصلاة ، وأخرى بالمدينة حين حولت القبلة ، وفيه كلام مذكور في محله.

٣ ـ فلاح السائل : الدعاء بعد التسليمة الثالثة ذكره جدي أبوجعفر الطوسي رحمة الله عليه اللهم إني أدعوك بما دعاك به عبدك ذوالنون ، إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه ، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من

____________________

(١) رواه في الكافي ج ٢ ص ٥٨٥.

(٢) فلاح السائل ص ١٩٢ و ١٩٣ ، راجعه.

(٣) راجع مصباح المتهجد ص ٤٩٤٨.

٧٩

الظالمين ، فاستجبت له ونجيته من الغم فانه دعاك وهو عبدك ، وأنا أدعوك وأنا عبدك وسألك وهو عبدك ، وأنا أسألك وأنا عبدك ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تستجيب لي كما استجبت له ، وأدعوك بما دعاك به عبدك أيوب إذ مسه الضر فدعاك إني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين ، فاستجبت له وكشفت ما به من ضر وآتيته أهله ومثلهم معهم ، فانه دعاك وهوعبدك وأنا أدعوك وأنا عبدك ، وسألك وهو عبدك وأنا أسألك وأنا عبدك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفرج عني كما فرجت عنه وأن تستجيب لي كما استجبت له ، وادعوك بما دعاك به يوسف إذ فرقت بينه وبين أهل ، وإذ هو في السجن ، فانه دعاك وهو عبدك ، وأنا أدعوك وأنا عبدك ، وسألك وهو عبدك ، وأنا اسألك وأنا عبدك ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفرج عني كما فرجت عنه ، وأن تستجيب لي كما استجبت له ، صل على محمد وآل محمد ، وافعل بي كذا وكذا .. وتذكر حاجتك (١).

الدعاء بعد التسليمة الرابعة.

أقول : هذا دعاء جليل ورويناه من طرق فنذكر منها طريقين ، فبين طرقه زيادة ونقصان ، فالطريق الاولى : روينا باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الدعاء من كتاب الكافي (٢) قال : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وعدة من اصحابنا عن سهل بن زياد قال : كتب علي بن نصر يسأله أن يكتب في أسفل كتابه دعاء يعلمه إياه يدعو به فيعصم من الذنوب ، جامعا للدنيا والآخرة ، فكتب عليه‌السلام بخطه :

يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح ، ولم يهتك الستر عني ، يا كريم العفو ، ياحسن التجاوز ، يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى ، يا كريم الصفح ، يا عظيم المن ، يامبتدئ كل نعمة قبل استحقاقها ، يا رباه يا سيداه يا مولا ياه ، ى غايتاه صل على محمد وأهل بيته وأسألك أن

____________________

(١) فلاح السائل : ١٩٣ و ١٩٤.

(٢) تراه في الكافي ج ٢ ص ٥٧٨.

٨٠