بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

اللهم إنى اسالك الرفاهية في معيشتى أبدا ما أبقيتنى ، معيشة أقوى بها على طاعتك ، وأبلغ بها رضوانك ، واصير بها بمنك إلى دار الحيوان وارزقنى رزقا حلالا يكفينى ولا ترزقنى رزقا يطغينى ، ولا تبتلنى بفقر أشقى به مضيقا علي وأعطنى حظا وافرا في آخرتي ، ومعاشا هنيئا مريئا في دنياي ، ولا تجعل الدنيا لي شجنا ، ولا تجعل فراقها علي حزنا ، وأخرجني من فتنها سليما ، واجعل عملى فيها مقبولا ، وسعيي فيها مشكورا.

اللهم ومن أرادني فيها بسوء فصل على محمد وآله ، وأرده بمثله ، ومن كادني فيها فكده ، وامكر بمن مكربى ، فانك خير الماكرين ، واصرف عني هم من أدخل علي همه ، وافقأ عنى عيون الكفرة الفجرة الطغاة الظلمة الحسدة ، وأنزل علي منك السكينة ، والبستنى درعك الحصينة ، واحفظني بسترك الواقي ، وجللني عافيتك النافعة ، واجعلنى في ودائعك التي لا تضيع ، وفي جوارك الذي لا يخفر ، وفي حماك الذي لا يستباح ، وصدق قولي وفعالى ، وبارك لى في نفسى وولدي وأهلى ومالى ، اللهم وما قدمت وما أخرت وما اغفلت وتوانيت وأخطأت وتعمدت وأسررت وأعلنت فصل على محمد وآله ، واغفر لى يا ارحم الراحمين (١).

__________________

الدعاء والمناجات ، وليشمله عمومات الامر بالدعاء ، خصوصا بعد ما ورد الرخصة في تأليف الدعاء والقنوت ، اذا كان مؤلفه من المستبصرين البالغين كما مر شرحه في ص ٨٣٨٢ من هذا المجلد.

وأما الاحتجاج بألفاظها في القواعد الادبية ، أو الاستناد اليها في المسائل الاعتقادية فلا يريب في عدم جوازه ذو مسكة ، حتى من يتسامح في أدلة السنن ويطلق استحباب قراءتها فان أخبار من بلغ انما يجوز قراءة هذه الادعية رجاء ، ولا يحول اسنادها من الضعف إلى الصحة ، حتى يمكن الاستناد بها في المسائل العلمية ، وبالله التوفيق.

(١) مصباح المتهجد ص ١١٩ ١٢٦ وما كانت بين العلامتين ص ٢٩٧ زيادة من المصدر اضفناه تتميما.

٣٠١

تبيين : ابن خانبة هو أحمد بن عبدالله بن مهران ، قال النجاشى (١) كان من اصحابنا الثقات ، ولا نعرف له إلا كتاب التأديب ، وهو كتاب يوم وليلة ، حسن جيد صحيح ونحو ذلك قال الشيخ في الفهرست (٢) ، وروى السيد بن طاوس قدس سره في فلاح السائل (٣) بسند صحيح عن سعد بن عبدالله أنه قال : عرض أحمد بن عبدالله بن خانبة كتابه على مولانا أبى محمد الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام فقرأه وقال : صححى فاعملوا به. فالخبر صحيح إذ الظاهر أن الشيخ أخذه من كتابه ، وكان معروفا.

« ولم يكن له شريك في الملك » أي في الاولوهية « ولم يكن له ولى من الذل » اي ولي يواليه من أجل مذلة به ليدفعها عنه بموالاته ، والملكوت مبالغة في الملك أو الملك عالم الماديات والسفليات والملكوت عالم المجردات والعلويات ، كما يقال : ملكوت السماء ويقال : الجبروت فوق الملكوت ، كما أن الملكوت فوق الملك.

« عالم الغيب والشهادة » ما غاب عن الحواس وحضر ، او السر والعلانية « القدوس » البالغ في النزاهة عما يوجب النقص « السلام » السالم من جميع النقائص والعيوب  « المؤمن » واهب الامن « المهيمن » الرقيب الحافظ لكل شئ « العزيز » الذي لا يعادله شئ ولا يماثله والغالب الذي لا يغلب « الجبار » الذي يقهر الخلق على ما يريد أو يجبر ويصلح حالهم « المتكبر » ذوالكبرياء عن الحاجة والنقص.

« الخالق البارئ المصور » قيل الثلاثة مترادفة ، وقيل متخالفة ، الا ترى أن البنيان يحتاج إلى تقدير في الطول والعرض وإلى إيجاد بوضع الاحجار و الاخشاب على نهج خاص ، وإلى تزيين ونقش وتصوير « يسبح لك ما في السموات والارض » بعضها بلسان المقال ، وبعضها بلسان الحال ، وقال في النهاية في الحديث قال الله تبارك وتعالى العظمة إزاري والكبرياء ردائي ، ضرب الازار والرداء مثلا

____________________

(١) رجال النجاشى ص ٧١.

(٢) الفهرست تحت الرقم : ٦٩.

(٣) فلاح السائل ص ١٨٣ ، ولكن قد عرفت ان الحديث مرسل.

٣٠٢

في انفراده بصفة العظمة والكبرياء اي ليسا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة والكرم وغيرهما ، وشبههما بالازار والرداء لان المتصف بهما يشملانه كمايشمل الرداء الانسان ، ولانه لا يشاركه في إزاره وردائه أحد فكذلك الله لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد ، انتهى.

والوريد عرق في صفحة العنق بين الاوداج تنفتح عند الغضب ، وهما وريدان لان الروح ترده ، وقيل هو عرق بين العنق والمنكب ، و « حبل الوريد » من إضافة الشئ إلى نفسه ، لاختلاف اللفظين ، وهو مثل في فرط القرب كما يقال معقد الارار.

« ويا من يحول بين المرء وقلبه » قيل تمثيل لغاية قربه من العبد كالسابق أو تنبيه على أنه مطلع على مكنونات القلوب ما عسى يغفل عنه صاحبها ، أو يحول بينه وبين بالموت أو غيره ، أو تصوير وتخييل لتملكه على العبد قلبه ، فيفسخ عزائمه ، ويغر مقاصده ، ويبدله بالذكر نسيانا ، وبالنسيان ذكرا ، وبالخوف أمنا وبالامن خوفا ، كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام عرفت الله بفسخ العزائم.

« ليس كمثله شئ » أي ليس مثله شئ يزاوجه ويماثله ، والمراد من مثله ذاته كما في قولهم مثلك لا يفعل كذا ، على قصد المبالغة في نفيه عنه ، فانه إذا نفي عمن يناسبه ويسد مسده كان نفيه عنه أولى ، وقيل الكاف زائدة ، وقيل مثله : صفته أي ليس كصفته صفة.

« يا لا إله إلا انت » كلمة يا في مثله للتنبيه أو للنداء ، والمنادى محذوف أي يا لا إله إلا أنت أو يا من لا إله إلا أنت ، والاول هنا بعيد.

« وخيفة منك وخشية لك » يحتمل كون الثانية مؤكدة للاولى أو يكون الاولى الخوف من عقوبة الدنيا ، والثانية من عذاب الآخرة ، أو بالعكس ، كما قال تعالى : « يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب » (١) « ولمن خاف مقام ربه » (٢)

____________________

(١) الرعد : ٢١.

(٢) الرحمن : ٤٦.

٣٠٣

أو الاُولى الخوف من مقامه تعالى ، والثانية من النفس الامارة بالسوء ، والشيطان ولذا قال في الثاني لك اي خشية منهما لوجهك ، أويكون أحدهما الخوف من النيران والاخرى من الحرمان والهجران ، كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « هبني اصبر على نارك فكيف اصبر على فراقك ».

« في لقائك » اي عند الموت أو الاعم منه ومن البعث « على صالح ما أعطيتني » كالمال والولد والاهل اي أعني على حفظهم وتربيتهم وإصلاحهم.

« لا أجل له دون لقائك » اي لا يكون له غاية ونهاية قبل الموت أو البعث ، و ربما يوهم جواز سلبه بعدهما ، فيمكن أن يقال : لما كان سلب الايمان بعد الموت ممتنعا طلب عدم مفارقته قبله لعدم الحاجة إلى طلب عدم مفارقته بعده أو يقال : إن الايمان الدنيوى يزول عند الموت ويتبدل بايمان أقوى منه غالبا ولذا مدح أمير المؤمنين عليه‌السلام نفسه بقوله : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا ، فيكون جريانه على لسانهم عليهم‌السلام على سبيل التنزل والتواضع.

ويحتمل أن يكون من قبيل الاستثناء لتأكيد العموم كمافي قوله : « غير أن سيوفهم » اي لا يكون له أجل إلا اللقاء ، وهو لا يكون أجلا بل يكون مؤكدا ، و هو قريب من الاول ، ويشهد لهما ما بعده من الفقرات ، ويحتمل على بعد أن يكون معنى لا أجل له عند لقائك : اي عند الاشراف عليه في وقت الاحتضار ، فان السلب يكون غالبا في هذا الوقت ، لتشكيك الشياطين ، ولذا يستعاذ من العديلة عند الموت.

« وكفلين » أي ضعفين أونصيبين ، والفشل الجبن والضعف ، والقود بالتحريك القصاص ذكره الجوهري ، وقال : قتل فلان صبرا إذا حبس على القتل حتى يقتل ، و قال : يقال : هضمت الشئ كسرته ، ويقال : هضمه حقه واهتضمه إذا ظلمه وكسر عليه حقه ، والموت شرقا هو أن تقف اللقمة أو الماء في حلقه حتى يموت ، قال الجوهري : رصصت الشئ ارصه رصا أي ألصقت بعضه ببعض ، ومنه « بنيان مرصوص » (١)

____________________

(١) الصف : ٤.

٣٠٤

والشين خلاف الزين وإسناد الزينة إليه مجاز كما أن في الفقرتين بعده أيضا كذلك فان الزين والشفاء والغناء من صفات الشخص.

وتنفيس الهم والغم والكرب تفريجها ورفعها ، وقال الجوهري : حفيت به بالكسر حفاوة وتحفيت به أي بالغت في إكرامه وإطافه ، والحفي أيضا المستقصي في السؤال « من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب » أي من حيث أظن ومن حيث لا أظن « ومن حيث احتفظ » أي من البلايا التي يمكننى التحفظ والتحرز منها أولا يمكنني أومن الاشياء التي أعلم ضررها وأتحرز منها أم لا ، أو بالاسباب التي اظن نفعها في التحرز أوغيرها وكذا الفقرة الآتية تحتمل الوجوه.

« عز جارك » أي من أجرته وأمنته فهو عزيز غالب « وجل ثناؤك » أي ثناؤك أجل من أن يأتي به أحد كما أنت أهله ، أنت كما أثنيت على نفسك « وشفعني » اي اقبل شفاعتي ، والغرغرة تردد الشئ في الحلق ، قوله عليه‌السلام « فأخرته بها » لعل الضمير الاول راجع إلى العبد ، والثاني إلى العقوبة أوالذنوب ، والاول اظهر ، وفي الكلام تقديم وتأخير بحسب المعنى ، أي ليس عبد استوجب جميع عقوبتك فأخرت عقوبته غيري ، ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى الداعي على سبيل الالتفات ، فالمعنى ليس عبد استوجب جميع عقوبتك غيري ومع ذلك أخرت عقوبتي ، والغرة الغفلة.

« اللهم احفظني فيماغبت عنه » أي احفظ حرمتي ، وراعني فيمالم أحضره من أموالي وأولادي وأقاربي وغيرها ، كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « من حفظني في أهل بيتى » والدعة الخفض والراحة.

وقال الجزري : فيه سلوا الله العفو والعافية والمعافاة ، فالعفو محو الذنوب ، و العافية أن يسلم من الاسقام والبلايا وهي الصحة ضد المرض ، ونظيرها الثاغية و الراغية بمعنى الثغاء والرغاء ، والمعافاة هي أن يعافيك الله تعالى من الناس ويعافيهم منك أي يغنيك عنهم ويغنيهم عنك ، ويصرف أذاك عنهم وأذاهم عنك ، وقيل هى مفاعلة من العفو ، وهوأن يعفو عن الناس ويعفواهم عنه.

٣٠٥

والقصد التوسط في المعيشة ، وفي جميع الامور ، والبر للوالدين أو الاعم  « وثواب ما تفضلت به منها » أي من شكر النعمة ، والتأنيث باعتبار المضاف إليه ، أو من النعمة بتقدير الشكر ، أوبتعميم النعمة بحيث تشمل الاعمال الصالحة التى صدرت بتوفيقه تعالى ، ويمكن أن يقرأ ثواب بالرفع على الابتداء ، فالظرف خبره ، اي الثواب ايضا من جملة النعمة لكنه مخالف لما هو المضبوط في النسخ.

« ويا كائنا بعد كل شئ » ظاهره إعدام جميع المخلوقات قبل القيامة ، كما دلت عليه الاخبار والآيات « ومن سوء المرجع » بكسر الجيم ، قال الجوهري الرجعى الرجوع ، وكذلك المرجع ومنه قوله تعالى : « إلى ربكم مرجعكم » (١) وهو شاذ لان المصادر من فعل يفعل إنما يكون بالفتح انتهى ، وسوء المرجع في القبر يمكن أن يراد به الحياة في القبر ، فيكون استعاذة من الضغطة والعذاب بعد السؤال ، ويحتمل المراد الرجوع إلى الاخرة بالموت ، وإنما سمى ذلك رجوعا لانهم كانوا أمواتا قبل الخلق ، ثم رجعوا إلى الموت أو كان أمرهم وحكمهم ظاهرا وباطنا إلى ربهم ثم صاروا في الدنيا مالكين ومملوكين لغيره تعالى ظاهرا ثم عادوا إلى ما كانوا من صيروره أمورهم ظاهرا وباطنا إليه تعالى.

« وميتة سوية » قال صاحب كتاب درة الغواص : الميتة هنا بكسر الميم ، والفتح لحن ، وما أوهامهم في هذا المعنى قتله شر قتلة ، فيفتحون القاف والصواب كسرها لان المراد به الاخبار عن كيفية القتلة التي صيغ أمثالها على فعلة بكسر الفاء ، كقوله ركب ركبة أنيقة وقعد قعدة ركينة ، ومن شواهد حكمة العرب في كلامهم انها جعلت فعلة بفتح الفاء كناية عن المرة الواحدة ، وبكسرها كناية عن الهيئة ، وبضمها كناية عن القدر ، لتدل كل صيغة على معنى يختص به ، ويمتنع عن المشاركة فيه ، وقرء « إلا من اغترف غرفة بيده » (٢) بفتح الغين وضمها ، فمن قرأها بالفتح أراد بها المرة الواحدة ، ويكون قد حذف المفعول به الذي تقديره إلا

____________________

(١) في آيات كثيرة منها الانعام : ١٦٤.

(٢) البقرة : ٢٤٩.

٣٠٦

من اغترف ماء مرة واحدة ، ومن قرأها بالضم أراد بها مقدار ملء الراحة من الماء انتهى.

« والسوية » الحسنة الصالحة ، قال الجوهري رجل سوى الخلق معتدل ، الكسائى يقال : كيف اصبحتم فيقول مسوون صالحون اي أولادنا ومواشينا سوية صالحة ، « ومنقلبا كريما » اي انقلابا إلى الاخرة مع الكرامة والرحمة ، « وحقا » مصدر مؤكد لمضمون الجملة ، قال في النهاية فيه لبيك حقا حقا اي غير باطل ، وهو مصدر مؤكد لغيره ، أوأنه أكد به معنى ألزم طاعتك الذي دل عليه « لبيك » كما تقول ، هذا عبدالله حقا فتؤكده ، به وتكرره لزياد التأكيد انتهى « وتعبدا » مفعول له ، وكذا « رقا ».

« أو أحمل ظلما » اي اصير ظالما وفي بعض النسخ ظالما أي اصير مظلوما ، و الاول ايضا يحتمل ذلك ، وفي بعضها « أو أخمل طالبا » اي اصير خامل الذكر لا نباهة لي حال كوني طالبا للشهرة محتاجا إليها ، فان الخمول لمن لم يرد ذلك نعمة عظيمة ، والاظهر النسخة الاولى.

والمحمدة مصدر بمعنى الحمد ، وقال الجوهري نهجت الطريق إذا أبنته وأوضحته ويقال : اعمل على ما نهجته لك ، ونهجت الطريق ايضا إذا سلكته.

قوله عليه‌السلام : « عن الازالة » اي عن أن يزيلني أحد أو أزيل أحدا عن دينك وقال الجوهري : الزوبعة رئيس من روساء الجن ، وقال عندي حشد من الناس ، اي جماعة ، وهو في الاصل مصدر ، وقال العرض بالتحريك ما يعرض للانسان من مرض ونحوه ، وقال قاساه اي كابده ، والشجن الحزن ، وفقأت عينه ، اي عورتها ، والسكينة طمأنينة القلب « وجللني عافيتك » اي اجعلها شاملة لجميع بدني كما يتجلل الرجل بالثوب ، وقال الجوهري : حميته حماية دفعت عنه ، وهذا شئ حمى على فعل اي محظور لا يقرب وأحميت المكان جعلته حمى.

ثم اعلم أن الدعوات إلى آخرها من رواية ابن خانبة ، ويحتمل كون بعض الدعوات الاخيرة من كلام الشيخ أخذها من روايات أخر.

٣٠٧

٨٦ ـ جنة الامان : يستحب أن يسجد عقيب الوتر سجدتين يقول في الاولى  » سبوح قدوس رب الملائكة والروح « خمس مرات ثم يجلس ويقرء آية الكرسي ثم يسجد ثانيا ويقول كذلك خمسا ، فقد روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن من فعل ذلك لم يقم من مقامه حتى يغفر له ، ويكتب له ثواب شهداء أمتي إلى يوم القيامة ، ويعطى ثواب مائة حجة وعمرة ، ويكتب له بكل سورة من القرآن مدينة في الجنة ، وبعث الله تعالى ألف ملك يكتبون له الحسنات إلى يوم يموت ، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه في الجنة ، وكأنما طاف بالبيت مائة طواف ، و أعتق مائة رقبة ، ولا يقوم من مقامه حتى تنزل عليه ألف رحمة ، ويستجاب دعاؤه وقضى الله تعالى حاجته في دنياه وآخرته ، وله بكل سجدة ثواب ألف صلاة تطوع (١).

ومنه : يستحب أن يستغفر الله في كل سحر سبعين مرة ، وهو أتم الاستغفار وروي ذلك عن علي عليه‌السلام فيقول : « أستغفر الله ربى وأتوب إليه » ويقول سبعا  « أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه » (٢).

أقول : وجدت في صحيفة قديمة مصححة كان سندها هكذا قال الفقيه أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان ، عن أحمد بن محمد بن عبيدالله بن الحسن بن أيوب بن عياش الجوهري ، عن الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ابن أخي طاهر العلوي ، عن محمد بن مطهر الكاتب ، عن أبيه ، عن محمد بن شلمقان المصري ، عن علي بن النعمان الاعلم عن عمير بن المتوكل ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : كان من دعائه بعد صلاة الليل :

إلهى وسيدي هدأت العيون ، وغارت النجوم ، وسكنت الحركات من الطير في الوكور ، والحيتان في البحور ، وأنت العدل الذي لا يجور ، والقسط

____________________

(١) مصباح الكفعمى ص ٥٥ متنا وهامشا.

(٢) مصباح الكفعمى ص ٥٨ في المتن.

٣٠٨

الذي لا تميل ، والدائم الذي لا يزول ، أغلقت الملوك أبوابها ، ودارت عليه حراسها ، وبابك مفتوح لمن دعاك ، يا سيدي ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، وأنت المحبوب إلي.

إلهى إني وإن كنت عصيتك في أشياء أمرتنى بها ، واشياء نهيتنى عنها ، فقد أطعتك في أحب الاشياء إليك ، آمنت بك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك منك علي لامني عليك.

إلهى عصيتك في اشياء امرتني بهاوأشياء نهيتني عنها لاحد مكابرة ولا معاندة ، ولا استكبار ولا جحود لربوبيتك ، ولكن استفزني الشيطان بعد الحجة ، والمعرفة والبيان ، لا عذر لي فاعتذر ، فان عذبتني فبذنوبي ، وبما أنا أهله ، وإن غفرت لي فبرحمتك ، وبما أنت أهله ، أنت أهل التقوى وأهل المغفرة وأنا من أهل الذنوب والخطايا ، فاغفر لي ، فانه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، يا أرحم الراحمين ، وصلى الله على محمد وآله أجمعين.

٣٠٩

١٣

( باب )

* « ( نافلة الفجر وكيفيتها وتعقيبها والضجعة بعدها ) » *

١ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن حماد بن عيسى قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : قال أبي : قال علي : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لصلاة الصبح وبلال يقيم ، وإذا عبدالله بن القشب يصلي ركعتى الفجر ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ابن القشب أتصلي الصبح أربعا؟ قال ذلك له مرتين أو ثلاثة (١).

٢ ـ تفسير علي بن ابراهيم : عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن البزنطي ، عن الرضا عليه‌السلام قال : « وإدبار النجوم » ركعتان قبل صلاة الصبح (٢).

٣ ـ قرب الاسناد : باسناده عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن رجل ترك ركعتي الفجر حتى دخل المسجد ، والامام قد قام في صلاته ، كيف يصنع؟ قال : يدخل في صلاة القوم ويدع الركعتين ، فاذا ارتفع النهار قضاهما (٣).

٤ ـ العيون : بالاسناد المتقدم عن رجاء بن أبي الضحاك أن الرضا عليه‌السلام كان إذا سلم من الوتر جلس في التعقيب ما شاء الله ، فاذا قرب من الفجر قام فصلى ركعتي الفجر ، وقرء في الاولى الحمد وقل يا ايها الكافرون ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، فاذا طلع الفجر أذن وأقام وصلى الغداة ركعتين ، فاذا سلم جلس في التعقيب حتى تطلع الشمس ، ثم سجد سجدة الشكر حتى يتعالى النهار (٤).

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٤ ط نجف.

(٢) تفسير القمى : ٦٥٠ في آية الطور : ٤٩.

(٣) قرب الاسناد ص ١٢١.

(٤) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٨٢.

٣١٠

٥ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن خالد الطيالسى ، عن إسماعيل بن عبدالخالق قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : الركعتان بعد الفجرهما إدبار النجوم (١).

٦ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام بعد ذكر الوتر : ثم صل ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعده ، تقرء فيهما قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ، ولا باس بأن تصليهما لذا بقى من الليل ربع ، وكلما قرب من الفجر كان أفضل (٢) بيان : روى الشيخ في الصحيح ، عن محمد بن مسلم (٣) قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : صل ركعتى الفجر قبل الفجر وبعده وعنده ، وروى نحوه بأسانيد أخرى (٤) ويحتمل أن يكون المراد قبل الفجر الاول وعنده أي ما بين الفجرين وبعده أي بعدالفجر الثانى ، أو المراد عنده أي أول طلوع الفجر الاول وبعده أي بعد طلوعه إلى الفجر الثاني ، ويحتمل أن يكون المراد قبل طلوع الفجر الثاني وأول طلوعه وبعده إلى الاسفار كما هوالمشهور ، وعلى هذا الوجه حمله الاكثر.

ثم اعلم أن الاصحاب اختلفوا في وقت ركعتي الفجر ، فقال الشيخ في النهاية : وقتها عند الفراغ من صلاة الليل ، وإن كان ذلك قبل الفجر الاول ، واختاره ابن إدريس والمحقق وعامة المتأخرين لكن قال في المعتبر : إن تأخيرهما إلى أن يطلع الفجر الاول أفضل ، وقال السيد رضي الله عنه : وقتها طلوع الفجر الاول ، ونحوه قال الشيخ في المبسوط ، والاقوى جواز فعلهما بعد الفراغ من صلاة الليل مطلقا للاخبار الكثيرة الدالة عليه.

والمشهور أنه يمتد وقتهما إلى أن تطلع الحمرة المشرقية ثم تصير الفريضة

____________________

(١) قرب الاسناد ص ٨١ ط نجف.

(٢) فقه الرضا ص ١٣ س ١٢.

(٣) التهذيب ج ١ ص ١٧٣.

(٤) روى مثله عن ابن أبى يعفور واسحاق بن عمار.

٣١١

أولى ، وقال ابن الجنيد وقت صلاة الليل والوتر والركعتين من حين انتصاف الليل إلى طلوع الفجر على الترتيب ، وظاهره انتهاء الوقت بطلوع الفجر الثانى وهو ظاهر اختبار الشيخ في كتابي الاخبار ، فيحمل الاخبار الواردة على جواز إيقاعهما بعد الفجر على الفجر الاول كما عرفت ، لكن في بعض الاخبار تصريح بالفجر الثاني ، فالاولى الحمل على أن الافضل إيقاعهما قبل الفجر وهو أظهر.

وربما تحمل أخبار بعد الفجر على التقية ، لان جمهور العامة ذهبوا إلى أنهما إنما يصليان بعد الفجر الثاني ، وأيد بما رواه أبوبصير (١) قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام متى اصلي ركعتي الفجر قال : فقال لى : بعد طلوع الفجر قلت له : إن أبا جعفر عليه‌السلام امرني أن اصليهما قبل طلوع الفجر ، فقال : يا أبا محمد إن الشيعة أتوا أبي مسترشدين فأفتاهم بمر الحق ، وأتونى شكاكا فأفتيتهم بالتقية.

ويمكن حمل هذا الخبر أيضا على افضلية التقديم ، والتقية كانت فيما يوهمه ظاهر كلامه عليه‌السلام من تعين التأخير ، ويؤيد ما اخترناه الرويات الكثيرة الدالة على جواز إيقاع صلاة الليل بعد الفجر مطلقا أو مع التلبس بالاربع كما عرفت ، والتقديم أحوط.

ثم إنه ذكر الشيخ وجماعة من الاصحاب أن الافضل إعادتهما بعد الفجر الاول إذا صلاهما قبله ، والروايات إنما تدل على استحباب الاعادة إذا نام بعدهما قبل الفجر لا مطلقا.

٧ ـ دعائم الاسلام : عن علي عليه‌السلام أنه أمر بصلاة ركعتى الفجر في السفر والحضر ، وقال في قول الله عزوجل : « وإدبار النجوم » إن ذلك في ركعتي الفجر (٢).

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل : « وقرآن الفجر إن

____________________

(١) التهذيب ج ١ ص ١٧٣ ، الاستبصار ج ١ ص ١٤٥.

(٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٠٣ والاية في سورة الطور : ٤٩.

٣١٢

قرآن الفجر كان مشهودا » (١) قال : هو الركعتان قبل صلاة الفجر (٢).

وعنه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام : من فاتته صلاة ركعتي الفجر فلا قضاء عليه (٣).

بيان : اي لا يلزم القضاء فلا ينافي استحبابه.

٨ ـ التهذيب : في الصحيح ، عن سليمان بن خالد قال : سألته عما أقول إذا اضطجعت على يميني بعد ركعتي الفجر ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : اقرء الخمس آيات من آل عمران إلى إنك لا تخلف الميعاد ، وقل : استمسكت بعروة الله الوثقى التى لا انفصام لها ، واعتصمت بحبل الله المتين ، وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم. آمنت بالله ، وتوكلت على الله ، ألجأت ظهري إلى الله ، فوضت أمري إلى الله ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا ، حسبى الله ونعم الوكيل ، اللهم من اصبحت حاجته إلى مخلوق فان حاجتي ورغبتي إليك ، الحمد لرب الصباح الحمد لفالق الاصباح ثلاثا (٤).

٩ ـ المتهجد وغيره : ثم يقوم فيصلي ركعتي الفجر ، ووقته قبل الفجر الثاني بعد الفراغ من صلاة الليل ، إذا كان قد طلع الفجر الاول ، فان طلع الفجر الثانى ولا يكون قد صلى صلاهما إلى أن يحمر الافق ، فان احمر ولم يكن قد صلى أخرهما إلى بعد الفريضة.

ويقرء في الركعة الاولى الحمد وقل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية الحمد و قل هو الله أحد ، فاذا سلم اضطجع على يمينه ووضع خده الايمن على يده اليمنى ، وقال : استمسكت بعروة الله الوثقى التى لا انفصام لها ، واعتصمت بحبل الله المتين ، وأعوذ بالله من شر فسقة العرب والعجم ، ومن شر فسقة الجن والانس ، ربي الله ربي الله ربي الله آمنت بالله ، ألجأت ظهري إلى الله ، أطلب حاجتى من

____________________

(١) الاسراء : ٧٨.

(٣٢) دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٠٤.

(٤) التهذيب ج ١ ص ١٧٤.

٣١٣

الله ، فوضت أمري إلى الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا ، حسبى الله ونعم الوكيل.

اللهم من أصبح وله حاجة إلى مخلوق فان حاجتي ورغبتى إليك ، وحدك لا شريك لك ، الحمد لرب الصباح ، الحمد لفالق الاصباح ، الحمد لناشر الارواح ، الحمد لقاسم المعاش ، الحمد لله جاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعل في قلبى نورا ، وفي بصري نورا ، وعلي لساني نورا ، ومن فوقي نورا ، ومن بين يدي نورا ، ومن خلفي نورا ، وعن يمينى نورا ، وعن شمالى نورا ، ومن فوقي نورا ، ومن تحتي نورا ، وعظم لي النور ، و اجعل لي نورا أمشي به في الناس ، ولا تحرمني نورك يوم القاك.

واقرأ آية الكرسي والمعوذتين ، والخمس آيات من آل عمران ، من قوله :  « إن في خلق السموات والارض » إلى قوله : « إنك لا تخلف الميعاد » (١).

١٠ ـ المكارم : فاذا سلمت من ركعتي الفجر فاضطجع على يمينك ، وضع خدك الايمن على يدك اليمنى ، وقل : استمسكت إلى قوله « لا تخلف الميعاد » (٢).

بيان : العروة عروة الدلو ونحوه ، والحلقة تكون في الحبل يتمسك بها ، استعيرت هنا للدلائل والبراهين التى يتمسك المحق بها ، وفسرت هي والحبل المتين في الاخبار بولاية أهل البيت عليهم‌السلام ، فانها من عمدة أجزاء الدين ، والمائز بين المؤمنين والمخالفين كمامر ، والوثقى الاوثق ، والانفصام الانصداع ، فهو حسبه أي كافيه « إن الله بالغ أمره » يبلغ ما يريد فلا يفوته « لكل شئ قدرا » أي تقديرا أو أجلا لا يمكن تغييره.

« لفالق الاصباح » قيل أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل ، أوعن بياض النهار ، أوشاق ظلمة الاصباح وهو الغبش الذي يليه ، والاصباح في الاصل مصدر

____________________

(١) مصباح المتهجد : ١٢٧١٢٦.

(٢) مكارم الاخلاق : ٣٤٢.

٣١٤

أصبح إذا دخل في الصبح ، سمي به الصبح وقرئ في الآية بفتح الهمزة على الجمع  « جاعل الليل سكنا » يسكن إليه من تعب بالنهار لاستراحته فيه ، من سكن إليه إذا اطمأن إليه استيناسا به ، أويسكن فيه الخلق من قوله : « لتسكنوا فيه » (١).

« والشمس والقمر » عطف على محل الليل ، ويشهد له أنهما قرئا في الاية بالجر أونصبها بجعل مقدرا.

« حسبانا » اي على أدوار مختلفة يحسب بها الاوقات ، وهومصدر حسب بالفتح وقيل جميع حساب كشهاب وشهبان « ذلك » إشارة إلى جعلها حسبانا أي ذلك السير بالحساب المعلوم « تقدير » الذي قهرهما وسيرهما على الوجه المخصوص « العليم » بتدبيرهما.

« أمشي به » إشارة إلى قوله سبحانه « أو من كانميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها » (٢) ولعل المراد بالمشى المشي المعنوي في درجات الكمال ، أوالمشئ للهداية بين الخلق ، وقد مر تأويل النور بالامام والولاية في أخبار كثيرة.

١١ ـ المتهجد وغيره : ثم يستوي جالسا ويسبح تسبيح الزهراء عليها‌السلام و يستحب أن يقول مائة مرة « سبحان ربي العظيم وبحمده أستغفر الله ربي وأتوب إليه » ثم يقول : اللهم افتح لي باب الامر الذي فيه اليسر والعافية ، اللهم هيئ ، لي سبيله ، وبصرني مخرجه ، اللهم وإن كنت قضيت لاحد من خلقك علي مقدرة بسوء ، فخذه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن تحت قدميه ومن فوق رأسه ، واكفني بم شئت وحيث شئت وكيف شئت (٣).

ويستحب أيضا أن يقرأ مائة مرة أو عشرين مرة قل هو الله أحد.

ثم ارفع يدك اليمنى إلى الله تعالى وارفع اصبعك المسبحة ، وتضرع إليه

____________________

(١) هوالذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ، يونس : ٦٧.

(٢) الانعام : ١٢٢.

(٣) مصباح المتهجد : ١٢٧.

٣١٥

وقل : سبحان الله رب الصباح ، وفالق الاصباح ، وجاعل الليل سكنا والشمس و القمر حسبانا ، ذلك تقدير العزيز العليم ، اللهم اجعل أول يومي هذا صلاحا ، وأوسطه فلاحا ، وآخره نجاحا ، اللهم ومن اصبح وحاجته إلى مخلوق فان حاجتي إليك ، وطلبتي منك ، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك (١).

ثم اقرء آية الكرسي والمعوذتين وقل مائة مرة » سبحان ربي وبحمده استغفر ربي وأتوب إليه « وتقول سبع مرات » بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (٢).

١٢ ـ المكارم : قل « اللهم افتح لي باب الامر الذي » إلى قوله : « واكفنيه بماشئت » ثم اسجد بعد الاضطجاع أوقبله بعد ركعتي الفجر وقل في سجودك « يا خير المسئولين ويا أجود المعطين ، صل على محمد وآل محمد ، واغفر لي وارحمني وارزقني وارزق عيالي من فضلك إنك ذوفضل عظيم » (٣).

ويستحب أن يدعو لاخوانه المؤمنين في سجوده ويقول : اللهم رب الفجر ، والليالي العشر إلى آخر مامر برواية الشيخ (٤).

١٣ ـ المتهجد : ثم تقول : يا خير مدعو ، ياخير مسئول ، ويا أوسع من أعطى ، يا أفضل مرتجى ، صل على محمد وآله ، وسبب لي رزقا من فضلك الواسع الحلال يا أرحم الراحمين.

اللهم حاجتي إليك إن أعطيتنيها لم يضرنى ما منعتني ، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني : فكاك رقبتي من النار ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وفك رقبتي من النار بعفوك ، وأعتقنى منها برحمتك ، وامنن علي بالجنة بجودك ، و تصدق بها على بكرمك ، واكفنى كل هول بينى وبينها بقدرتك ، وزوجني من الحور العين بفضلك.

يا من هوأقرب إلي من حبل الوريد ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من

____________________

(١ و ٢) مصباح المتهجد ص ١٢٧.

(٤٣) مكارم الاخلاق : ٣٤٣.

٣١٦

هو بالمنظر الاعلى يا من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، يا فالق الحب والنوى يا بارئ النسم ، يا إله الخلق (١) رب العالمين ، لا شريك له إله إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والاسباط وموسى وعيسى والنبيين عليهم‌السلام ، ومنزل التوراة و الانجيل والزبور ، والفرقان (٢) العظيم ، وصحف إبراهيم وموسى اسئلك أن تصلي على محمد نبيك نبي الرحمة ، عبدك ورسولك ، وعلى آله الاخيار الابرار ، الذين اذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا ، صلاة كثيرة طيبة نامية مباركة زاكية وأن تبارك لي في قضائك وتبارك لي في قدرك ، وتبارك لي فيما أتقلب فيه ، وتأخذ بناصيتي إلى موافقتك ورضاك ، وتوفقني للرشد وترشدني إليه وتسددني له وتعينني عليه فانه لا يوفق للخير ولا يرشد إليه ولا يسدد له ولا يعين عليه إلا أنت.

وأسألك أن ترضيني بقدرك وقضائك ، وتصبرني على بلائك وتبارك [ لي ] في موقفى بين يديك ، وأعطنى كتابي بيميني ، وحاسبنى حسابا يسيرا ، وآمن روعتي واستر عورتى ، وألحقني بنبيي نبي الرحمة محمد صلواتك عليه وآله وأوردني حوضه واستقنى بكأس لا أظمأ بعدها أبدا ، رب صل على محمد وآله وأصلح لي ديني الذي هو عصمة أمرى واصلح لي دنياي التي فيها معيشتى وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي أسألك كل ذلك بجودك وكرمك وشفاعة نبيك محمد والمصطفين الاخيار من أهل بيته صلواتك عليه وعليهم أجمعين يا أرحم الراحمين.

اللهم صل على محمد وآله ، وأغننى بحلالك عن حرامك ، وبفضلك عمن سواك واغفر لي ذنوبي كلها ، واكفني ما أهمني ، والطف لي في جميع اموري ، وارزقني من فضلك ما تبلغني به أملي ومناي ، فأنت ثقتى ورجائي.

رب من رجا غيرك ووثق بسواك ، فانه ليس لي ثقة ولا رجاء غيرك فصل على محمد و آله واغفر لي ولا تفضحنى ياكريم بمساوي ولاتهتكنى بخطيئتي ولا تندمنى عند الموت ، اللهم صل على محمد وآله واغفر لي خطاياي وعمدي وجدي وهزلي وإسرافي على

____________________

(١) واله الحق خ ل.

(٢) والقرآن العظيم خ ل.

٣١٧

نفسي ، واسدد فاقتي وحاجتي وفقري بالغنى عن شرار خلقك ، برزق واسع من فضلك ، من غير كد ولا من من أحد من خلقك ، وارزقني حج بيتك الحرام ، في عامي هذا وفي كل عام ، واغفر لي بمنك الذنوب العظام ، فانه لا يغفرها غيرك يا علام الغيوب.

اللهم إنك قلت في كتابك « ادعوني استجب لكم » وقد دعوتك يا إلهى باسمائك واعترفت لك بذنوبي ، وأفضيت إليك بحوائجي ، وأنزلتها بك وشكوتها إليك ووضعتها بين يديك ، فأسئلك بوجهك الكريم وكلماتك التامة ، إن كان بقى علي ذنب لم تغفره لي أوتريد أن تعذبني عليه أو تحاسبني عليه ، أوحاجة لم تقضها لي ، أو شئ سألتك إياه لم تعطنيه ، أن لا يطلع الفجر من هذه الليلة أو ينصرم هذا اليوم إلا وقد غفرته لي ، وأعطيتني سؤلي ، وشفعتنى في جميع حوائجي إليك يا أرحم الراحمين.

اللهم أنت الاول قبل كل شئ ، والخالق له وأنت الآخر بعد كل شئ والوارث له ، وأنت نور كل شئ والوارث له ، والظاهر على كل شئ والرقيب عليه ، والباطن دون كل شئ والمحيط به ، الباقى بعد كل شئ المتعالي بقدرته في دنوه المتدانى إلى كل شئ في ارتفاعه ، خالق كل شئ ووارثه ، مبتدع الخلق [ ومعيده ] لا يزول ملكك ، ولا يذل عزك ، ولا يؤمن كيدك ، ولا تستضعف قوتك ولا يمتنع منك أحد ، ولا يشركك في حكمك أحد ، ولا نفاد لك ، ولا زوال ولا غاية ولا منتهى لم تزل كذلك فيما مضى ولا تزال كذلك فيما بقى.

لا تصف الالسن جلالك ، ولا تهتدي القلوب لعظمتك ، ولا تبلغ الاعمال شكرك أحطت بكل شئ علما ، وأحصيت كل شئ عددا ، لا تحصى نعماؤك ، ولا يؤدى شكرك ، قهرت خلقك ، وملكت عبادك بقدرتك ، وانقادوا لامرك ، وذلوا لعظمتك ، وجرى عليهم قدرك ، وأحاط بهم علمك ، ونفد فيهم بصرك ، سرهم عندك علانية ، وهم في قبضتك يتقلبون ، وإلى ما شئت ينتهون.

ما كونت فيهم كان عدلا ، وما قضيت فيهم كان حقا ، أنت آخذ بناصية كل دابة تعلم مستقرها ومستودعها ، كل في كتاب مبين ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا

٣١٨

ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل لا إله إلا أنت تباركت يا يارب العالمين ، ما شئت من أمر يكون ، وما لم تشأ لم يكن ، وما قلت من شئ ربنا فكما قلت ، وما وصفت به نفسك ربنافكما وصفت ، لا أصدق منك حديثا ، و لا أحسن منك قيلا ، وأنا على ذلك كله من الشاهدين ، فصل على محمد وآله وتوفني على هذه الشهادة ، واجعل ثوابي عليها الجنة يا ذا الجلال والاكرام.

اللهم صل على محمد وآله ، ولا تحبب إلي ما أبغضت ، ولا تبغض إلي ما أحببت ولا تثقل علي ما افترضت ، ولا تهيئ لي ما كرهت ، ولا تشبه إلي ما حرمت.

اللهم إني أعوذ بك ان أسخط رضاك ، أو ارضى سخطك ، أوأوالي أعداءك أو أعادي اولياءك ، أوأرد نصيحتك ، أوأخالف أمرك ، رب ما أفقرني إليك وأغناك عنى ، وكذلك خلقك ، رب ما أحسن التوكل عليك ، والتضرع إليك ، والبكاء من خشيتك ، والتواضع لعظمتك ، والعجيح إليك من فرقك ، والخوف من عذابك والرجاء لرحمتك مع رهبتك ، والوقوف عند أمرك ، والانتهاء إلى طاعتك.

رب كيف ارفع إليك يدي ، وقد أخرقت الخطايا جسدى ، أم كيف ابنى للدنيا وقد هدمت الذنوب أركاني ، أم كيف أبكى لحميمى ، ولا أبكى لنفسى ، أم على ما أعول إذا لم أعول على بدنى ، أم متى أعمل لآخرتى وأنا حريص على دنياى ، أم متى أتوب من ذنوبى ، إذا لم أدعها قبل موتى.

رب دعتنى الدنيا إلى اللهو فأسرعت ، ودعتنى الآخرة فأبطأت ، فصل على محمد وآله ، وحول مكان إبطائى عن الآخرة ، سرعة إليها ، واجعل مكان سرعتى إلى الدنيا إبطاء عنها.

من أرجو إذا لم أرجك ، أم من أخاف إذا أمنتك ، أم من أطيع اذا عصيتك ، أم من أشكر إذا كفرتك ، أم من أذكر إذا نسيتك ، اللهم صل على محمد وآله ، و أشركني في كل دعوة صالحة دعاك بها عبد هولك راغب إليك راهب منك ، وفيما سألك من خير ، واشركهم في صالح ما أدعوك ، واجعلنى وأهلى وإخوانى في دينى في أعلى درجة من كل خير خصصت به أحدا من خلقك ، فانك تجير ولا يجار عليك ،

٣١٩

اللهم صل على محمد وآله ، ويسر لى كل يسر ، فان تيسير العسير عليك سهل يسير وأنت على كل شئ قدير (١).

ويستحب أن يدعو بهذا الدعاء فيقول :

اللهم إنى أسئلك رحمة من عندك تهدى بها قلبى ، وتجمع بها شملى ، وتلم بها شعثى ، وترد بها الفتى ، وتصلح بها دينى ، وتحفظ بها غائبى ، تجير بها شاهدى وتزكى بهاعملى ، وتلهمنى بها رشدى ، وتبيض بها وجهى ، وتعصمنى بها من كل سوء.

اللهم أعطنى إيمانا صادقا ، ويقينا خالصا ليس بعده كفر ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة.

اللهم اسئلك الفوز عند القضاء ، ومنازل العلماء ، وعيش السعداء ، ومرافقة الانبياء ، والنصر على الاعداء.

اللهم إنى أنزلت بك حاجتى ، وإن قصر عملى ، وضعف بدنى ، وقد افتقرت إليك وإلى رحمتك ، فأسئلك يا قاضى الامور ، ويا شافي الصدور ، كما تجير من في البحور ، أن تصلي على محمد وآله ، وأن تجيرنى من عذاب السعير ، ومن دعوة الثبور ومن فتنة القبور.

اللهم ما قصرت عنه مسئلتى ، ولم تبلغه منيتى ، ولم تحط به معرفتى من خير وعدته أحدا من خلقك ، أو أنت معطيه أحدا من عبادك فانى أرغب إليك فيه ، وأسألكه.

اللهم يا ذا الحبل الشديد ، والامر الرشيد ، أسئلك الامن يوم الوعيد والجنة يوم الخلود ، مع المقربين الشهود ، الركع السجود ، والموفين بالعهود ، إنك رحيم ودود ، وإنك تفعل ماتريد.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعلنا صادقين مهديين غير ضالين ولا مضلين سلما لاوليائك ، حربا لاعدائك ، نحب لحبك الناس ، ونعادى لعداوتك من خالفك

____________________

(١) مصباح المتهجد : ١٣١١٢٧.

٣٢٠