بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

* « أبواب » *

* « النوافل اليومية وفضلها وأحكامها وتعقيباتها » *

١

* ( باب ) *

« جوامع أحكامها وأعدادها وفضائلها »

الايات : الفرقان : وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا (١).

المعارج : إلا المصلين * الذينهم على صلوتهم دائمون (٢).

تفسير : « خلفة » قال البيضاوي : أي ذو خلفة كل منهما الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل أو بأن يعقبان لقوله « واختلاف الليل والنهار » (٣) وهي للحالة من خلف كالركبة والجلسة « لمن أراد أن يذكر » اي يتذكر آلاء الله ويتفكر في صنعه ، فيعلم أنه لا بد له من صانع حكيم واجب الذات رحيم على العباد.

« أو أراد شكورا » اي لمن يشكر الله على مافيه من النعم ، أو ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين من فاته ورده في أحدهما تداركه في الآخر انتهى والاخبار تدل على المعنى الثاني كما سيأتي وفي الفقيه (٤) عن الصادق عليه‌السلام كل ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار ، قال الله عزوجل .. وتلا هذه الآية ثم قال : يعني أن يقضي الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل.

____________________

(١) الفرقان : ٦٢.

(٢) المعارج : ٢٣.

(٣) البقرة : ٦٤ ، وغير ذلك.

(٤) الفقيه ج ١ ص ٣١٥.

٢١

« على صلوتهم دائمون » قال الطبرسي رحمة الله عليه : اي مستمرون (١) على أدائها لا يخلون بها ولا يتركونها ، وروي عن أبي جعفر عليه‌السلام أن هذا في النوافل ، وقوله : « والذين هم على صلوتهم يحافظون » في الفرايض والواجبات ، وقيل : هم الذين لا يزيلون وجوههم عن سمت القبلة.

١ ـ تفسير علي بن ابراهيم : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ثم استثنى فقال : « إلا المصلين » فوصفهم بأحسن أعمالهم « الذين هم على صلوتهم دائمون » يقول إذا فرض على نفسه من النوافل شيئا دام عليه (٢).

٢ ـ فقه الرضا : قال عليه‌السلام : حسنوا نوافلكم ، واعلموا أنهاهدية إلى الله عزوجل ، واعلموا أن النوافل إنما وضعت لاختلاف الناس في مقادير قواهم لان بعض الخلق اقوى من بعض ، فوضعت الفرائض على أضعف الخلق ، ثم اردفت بالسنن ليعمل كل قوي بمبلغ قوته ، وكل ضعيف بمبلغ ضعفه ، فلا يكلف احد فوق طاقته ولا تبلغ قوة القوى حتى تكون مستعملة في وجهه من وجوه الطاعة ، وكذلك كل مفروض من الصيام والحج ولكل فريضة سنة بهذا المعنى (٣).

ومنه : قال عليه‌السلام : واعلم أن ثلاث صلوات إذا دخل وقتهن ينبغي لك أن تبتدئ بهن ولا تصلي بين أيديهن نافلة : صلاة استقبال النهار وهي الفجر ، وصلاة استقبال الليل وهي المغرب ، وصلاة يوم الجمعة (٤).

ولا تصلي النافلة في أوقات الفرائض إلا ما جاءت من النوافل في أوقات الفرائض مثل ثمان ركعات بعد زوال الشمس وقبلها ، ومثل ركعتي الفجر فانه يجوز فعلها بعد طلوع الفجر ، ومثل تمام صلوه الليل والوتر وتفسير ذلك أنك إذا ابتدأت بصلاة الليل قبل طلوع الفجر فطلع الفجر وقد صليت منها ست ركعات أوأربعا بادرت وادرجت

____________________

(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٥٧.

(٢) تفسير القمى ص ٦٩٦.

(٣) فقه الرضا ص ٩ س ٨.

(٤) فقه الرضا ص ٨ س ٣١.

٢٢

باقي الصلوة والوتر إدراجا ثم صليت الغداة (١).

وقال العالم : إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه السنة ثم يتحول إلى غيره إن شاء ذلك ، لان ليلة القدر يكون فيها لعامها ذلك ذلك ، ما شاء الله أن يكون (٢)

بيان : « وقبلها » أي قبل الفريضة ، أو قبل الزوال ، والتأنيث باعتبار المضاف إليه أو بتأويل الساعة ، فيكون المراد به جواز التقديم كما دلت عليه بعض الاخبار وحملها الشيخ على الضرورة ، ومال الشهيد إلى جوازه مطلقا وسيأتي القول فيه إنشاء الله تعالى ، ويدل على جواز إيقاع نافلة الغداة بعد الفجر الثاني كما هو المشهور أيضا وسنوضح جميع ذلك إنشاء الله تعالى.

وأما إيقاع النافلة في وقت الفريضة (٣) فيه مقامات :

الاول : إيقاع النوافل في وقت الفرائض ، ولا ريب في جواز إيقاع الرواتب في أوقاتها المقررة قبل وقت الفضيلة المختص بالفريضة ، كنافلة الظهر في القدمين ، والعصر في الاربعة ، وأما إيقاعها بعد مضي تلك الاوقات قبل الفريضة ففيه إشكال ، والاكثر على عدم الجواز والاخبار مختلفة ، والاحوط تقديم الفريضة ، وإن أمكن الجمع بينهما بحمل النهي على الكراهة المصطلحة في العبادات ، والاظهر جواز تقديمها للمأموم مع انتظار الامام.

الثاني : إيقاع غير الرواتب في أوقات الفرايض والمشهور عدم الجواز ، وأسنده في المعتبر إلى علمائنا ، وذهب جماعة منهم الشهيدان وابن الجنيد إلى الجواز ولا يخلومن قوة للاخبار الكثيرة الدالة بعمومها على جواز إيقاعها في كل وقت ، وظهور أكثر اخبار المنع في الرواتب ، وقد وردت في الروايات نوافل كثيرة بين العشائين وبعد الجمعة ، وإن كان طريق بعضها لا يخلو من ضعف ، والاحوط تقديم الفريضة لا سيما بعد دخول وقت الفضيلة ، وخروج وقت الراتبة ، ولا يبعد جوازها مع انتظار الامام

____________________

(١) فقه الرضا ص ٩ س ٣.

(٢) فقه الرضا ص ١١ س ٢٢.

(٣) راجع ما سبق في ج ٨٤ ص ٢١٠ من هذه الطبعة.

٢٣

هنا ايضا.

الثالث : الاتيان بقضاء النوافل الراتبة قبل الفريضة ، والمشهور فيه ايضا عدم الجواز وذهب الشهيدان وابن الجنيد إلى الجواز ولا يخلو من قوة والاحوط تقديم الفريضة كما عرفت.

الرابع : جواز التنفل لمن عليه فائتة والاكثر على المنع وذهب الشهيدان والصدوق وابن الجنيد إلى الجواز ، ولا يخلو من قوة ، لا سيما مع انتظار المأموم للامام ، أو الامام اجتماع المأمومين ، وسيأتي بعض القول في المقامات كلها إنشاء الله.

٣ ـ الذكرى : روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة حتى يبدء بالمكتوبة ، قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه ، فقبلوا ذلك مني.

فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه‌السلام فحدثني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عرس في بعض أسفاره وقال : من يكلؤنا؟ فقال بلال : أنا ، فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بلال ما ارقدك؟ فقال : يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة وقال : يا بلال اذن فأذن فصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ركعتي الفجر ، ثم قام فصلى بهم الصبح ثم قال : من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها ، فان الله عزوجل يقول : « وأقم الصلوة لذكرى » (١).

قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم واصحابه ، فقال نقضت حديثك الاول فقدمت على ابي جعفر عليه‌السلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال : يا زرارة الا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعا ، وأن ذلك كان قضاء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

بيان : عرس « بالتشديد اي نزل في آخر الليل للاستراحة ، وهذا المكان

____________________

(١) طه : ١٤.

(٢) الذكرى : ١٣٤.

٢٤

اشتهر بالمعرس وهو بقرب المدينة ، ويكلؤنا بالهمز أي يحرسنا من العدو أو من فوت الصلاة أو الاعم ، ولفظة « ما » في « ما أرقدك » استفهامية ، وربما يتوهم كونها للتعجب أي ما أكثر رقودك ونومك « أخذ بنفسي » المناسب لهذا المقام سكون الفاء كما قال الله تعالى « الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها » (١) لكن يأبى عنه جمعه ثانيا على الانفاس ، فانه جمع النفس بالتحريك وجمع النفس بالسكون الانفس والنفوس ، فالمراد بالنفس الصوت ويكون انقطاع الصوت كناية عن النوم ، وفي القاموس النفس بالتحريك واحد الانفاس ، والسعة ، والفسحة في الامر والجرعة والري والطويل من الكلام انتهى.

وبعد إيراد هذه الرواية قال الشهيد رحمة الله ورضوانه عليه » : في هذا الخبر فوائد :

منها استحباب أن يكون للقوم حافظ إذا ناموا ، صيانة لهم عن هجوم ما يخاف منه.

ومنها أن الله تعالى أنام نبيه لتعليم أمته ، ولئلا يعير بعض الامة بذلك ، ولم أقف على راد لهذا الخبر ، لتوهم القدح في العصمة.

ومنها أن العبد ينبغي أن يتفأل بالمكان والزمان ، بحسب ما يصيبه فيها من خير أوغيره ، ولهذا تحول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى مكان آخر.

ومنها استحباب الاذان للفائتة كما يستحب للحاضرة ، وقد روى العامة عن أبي قتادة وجماعة من الصحابة في هذه الصورة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بلالا فأذن فصلى ركعتي الفجر وأمره فأقام فصلى صلاة الفجر.

ومنها استحباب قضاء السنن.

ومنها جواز فعلها لمن عليه قضاء (٢) وإن كان قد منع منه أكثر المتأخرين ، ومنها شرعية الجماعة في القضاء كالاداء.

____________________

(١) الزمر : ٤٢.

(٢) لكن لا مطلقا ، بل اذا كانت النافلة راتبة للصلاة الفائتة.

٢٥

ومنها وجوب قضاء الفائتة كفعله ووجوب التأسي به ، وقوله : « فليصلها ».

ومنها أن وقت قضائها ذكرها.

ومنها أن المراد بالآية ذلك.

ومنها الاشارة إلى المواسعة في القضاء لقول الباقر عليه‌السلام « الا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان ».

ثم قال : وقد روي أيضا في الصحيح ما يدل على عدم جواز النافلة لمن عليه فريضة ، والشيخ جمع بينهما بالحمل على انتظار الجماعة ، وابن بابويه عمل بمضمون الخبر ، وأمر بقضاء النافلة ثم الفريضة ، وفي المختلف اختار المنع ، وأشار بعض الاصحاب إلى أن الخبر المروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من المنسوخ إذ النسخ جائز في السنة انتهى.

وأقول : حمل الشيخ بعيد عن هذا الخبر ، إذ أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه بقضاء النافلة يدل على اجتماعهم فلا انتظار ، وكذا النسخ أيضا لا يجري فيه ، والاوجه ما أومأنا إليه بالحمل على استحباب التأخير ، والله يعلم.

تتميم

اعلم أنه يستفاد من الخبر أمور أخر ، وهي استحباب التعريس ، واستحباب كون المؤذن غير الامام ، واستحباب تقديم الاذان على النافلة ، والمنع من النافلة بعد دخول وقت الفريضة ، ولزوم الجمع بين الاخبار ورفع التنافي عنها ، وحسن قبول العذر ممن له عذر مرضي ، وجواز إظهار الاحكام عند المخالفين مع عدم التقية.

تنبيه

ربما يتوهم التنافي بين هذا الخبر وبين ما روي [ أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : تنام عيني ولا ينام قلبي وما روي أن نومه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان كيقظته وكان يعلم في النوم ما يعلم في اليقظة؟ ويمكن الجواب عنه بوجوه :

الاول أن يكون نومه صلى‌الله‌عليه‌وآله في سائر الاحوال كاليقظة ] (١) وفي تلك الحالة

____________________

(١) ما بين العلامتين زيادة منا اقتباسا من كلامه قدس سره في باب سهوه ونومه صلى‌الله‌عليه‌وآله



٢٦

أنامه الله تعالى نوما كنوم الناس للمصلحة ، الثاني أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن مكلفا بهذا العلم كما أنه لم يكن مكلفا بالعلم بما كان يعلمه من كفر المنافقة ، وعدم الظفر بالكافرين ، وأمثال ذلك ، الثالث أن يقال لعله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مكلفا في ذلك بترك الصلاة لبعض المصالح وقد مر الكلام في ذلك (١).

٤ ـ غياث سلطان الورى : للسيد ابن طاوس باسناده عن حريز ، عن زرارة عن ابي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف أن يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك ، قال عليه‌السلام : يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك

٥ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي ابن سعيد ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الاول عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة ، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة الخبر (٢).

ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن عثمان بن عبدالملك ، عن ابي بكر قال : قال لي أبوجعفر عليه‌السلام : أتدري لاي شئ وضع التطوع؟ قلت : ما ادري جعلت فداك قال : إنه تطوع لكم ونافلة للانبياء ، وتدري لم وضع التطوع؟ قلت : لا ادري جعلت فداك قال : لانه إن كان في الفريضة نقصان فصبت النافلة (٣) على الفريضة حتى تتم إن الله عزوجل يقول لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله « ومن الليل فتهجد به نافلة لك » (٤).

____________________

عن الصلاة ج ١٧ ص ١٢١ من هذه الطبعة.

(١) زاد رحمه الله في الباب المزبور احتمالا رابعا وهو أن يقال : لا ينافى اطلاعه في النوم على الامور عدم قدرته على القيام ما لم تزل عنه تلك الحالة ، فان الاطلاع من الروح والنوم من أحوال الجسد.

(٢) علل الشرايع ج ١ ص ٢٧٠.

(٣) في المصدر : قضيت النافلة.

(٤) علل الشرايع ج ٢ ص ١٧ ، والاية في الاسراء : ٧٩.

٢٧

بيان : « ونافلة للانبياء » أي فريضة زائدة عليهم كما سيأتي في تفسير الآية  « فصبت النافلة » بالصاد المهملة والباء الموحدة اي افرغت كناية عن كثرة النافلة ، وفي بعض النسخ بالضاد المعجمة على بناء المعلوم من الضب بمعنى اللصوق و الاول اصوب.

٦ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن ايوب بن نو ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام إن العبد لترفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أوخمسها ، وما يرفع له إلا ما أقبل عليه منها بقلبه ، وإنما امرنا بالنوافل ليتم لهم بها ما نقصوا من الفريضة (١).

ومنه : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن يعقوب ابن يزيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنما جعلت النافلة ليتم بها ما يفسد من الفريضة (٢).

٧ ـ المحاسن : عن علي بن الحكم ، عن عثمان بن عبدالملك ، عن ابي بكر قال ، قال أبوجعفر عليه‌السلام : يا بابكر تدري لاي شئ وضع عليكم التطوع ، وهو تطوع لكم وهونافلة للانبياء؟ إنه ربما قبل من الصلاة نصفها وثلثها وربعها ، وإنما يقبل منها ما أقبلت عليها بقلبك ، فزيدت النافلة عليها حتى تتم بها (٣).

٨ السرائر : نقلا من كتاب حريز ، عن زرارة قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : لا تصل من النافلة شيئا وقت الفريضة ، فانه لا تقضى نافلة في وقت فريضة ، فاذا دخل وقت الفريضة فابدأ بالفريضة.

وقال : قال أبوجعفر عليه‌السلام : إنماجعلت القدمان والاربع والذراع والذراعان وقتا لمكان النافلة (٤).

بيان : يدل على ما أومأنا إليه من أن المراد بوقت الفريضة الوقت المختص

____________________

(١ ـ ٢) علل الشرايع ج ٢ ص ١٨.

(٣) المحاسن ص ٣١٦.

(٤) السرائر : ٤٧٢.

٢٨

بفضل الفريضة ، والظاهر من النوافل الرواتب إلا أن يقال : لا يجوز غيرها بطريق أولى ، وفيه نظر (١).

٩ ـ العلل والعيون : عن ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام فيما رواه عنه من العلل : فان قال : لم جعل صلاة السنة أربعا و ثلاثين ركعة قيل : لان الفريضة سبع عشرة ركعة ، فجعلت السنة مثلي الفريضة ، كمالا للفريضة.

فان قال : فلم جعل صلاة السنة في أوقات مختلفة ولم يجعل في وقت واحد؟ قيل لان أفضل الاوقات ثلاثة عند زوال الشمس ، وبعد الغروب ، وبالاسحار فأحب أن يصلى له في هذه الاوقات الثلاثة لانه إذا فرقت السنة في أوقات شتى كان أداؤها أيسر وأخف من أن تجمع كلها في وقت واحد (٢).

بيان : « لانه إذا فرقت » لما ظهر مما سبق أن هذه الاوقات لفضلها أنسب من ساير الاوقات للنافلة ، فكان يمكن أن يجعل الجميع في وقت واحد منها فتمم التعليل بأن التفريق كان أخف وأيسر ، فلذا فرقها عليها.

١٠ ـ اعلام الورى : نقلا من نوادر الحكمة باسناده ، عن عائذ الاحمسي قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام وأنا أريد أن اسأله عن صلاة الليل ونسيت ، فقلت : السلام عليك يا ابن رسول الله ، فقال عليه‌السلام : أجل والله أنا ولده وما نحن بذي قرابة ، من أتى الله بالصلوات الخمس المفروضات لم يسأل عما سوى ذلك ، فاكتفيت بذلك (٣).

١١ ـ العلل : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن علي ابن الريان ، عن الحسن بن محمد ، عن عبدالرحمن بن ابي نجران ، عن عبدالرحمن ابن حماد ، عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رجل : يا رسول الله

____________________

(١) علل الشرايع ج ١ ص ٢٥١.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ١١١.

(٣) اعلام الورى ص ٢٦٨.

٢٩

يسأل الله عما سوى الفريضة؟ قال : لا (١).

١٢ ـ نهج البلاغة (٢) ومشكوة الانوار : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن للقلوب إقبالا وإدبارا فاذا أقبلت فاحملوها على النوافل ، وإذا أدبرت فاقتصروا بها على الفرائض (٣).

١٣ النهج : قال عليه‌السلام : لا قربة للنوافل إذا اضرت بالفرائض (٤).

ومنه : قال عليه‌السلام : قليل تدوم عليه أرجى من كثير مملول (٥).

وقال عليه‌السلام : إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها (٦).

بيان : « مملول » أي يحصل الملال منه ، يقال : مللت الشئ بالكسر ومللت منه أيضا إذا سئمته ، ذكره الجوهري ، والحاصل أن العبادة القليلة تداوم عليها من النوافل خير من عبادة كثيرة تأتي بها أياما ثم تملها وتتركها « إذا أضرتا النوافل » اي بأن تؤخرها عن أوقات فضلها أو توجب الكسل عنها ، وعدم إقبال القلب عليها وربما يستدل به وبسابقه على عدم جواز النافلة لمن عليه الفريضة.

١٤ ـ النهج واعلام الدين : فيما كتب أمير المؤمنين إلى حارث الهمدانى : وأطع الله في جمل (٧) أمورك ، فان طاعة الله فاضلة على ما سواها ، وخادع نفسك في العبادة ، وارفق بها ولا تقهرها ، وخذ عفوها ونشاطها إلا ما كان مكتوبا عليها من الفريضة ، فانه لا بد من قضائها ، وتعاهدها عند محلها ، وإياك أن ينزل بك

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ١٤٨ في حديث.

(٢) نهج البلاغة تحت الرقم ٣١٢ من قسم الحكم.

(٣) مشكاة الانوار : ٢٥٦.

(٤) نهج البلاغة تحت الرقم ٣٩ من قسم الحكم.

(٥) نهج البلاغة تحت الرقم ٢٧٨ من قسم الحكم

(٦) نهج البلاغة تحت الرقم ٢٧٩ من قسم الحكم.

(٧) في المصدر « جميع أمورك ».

٣٠

الموت وأنت آبق من ربك في طلب الدنيا الخبر (١).

ايضاح : في « جمل أمورك » أي جميعها « وخادع نفسك » اي حملها ما ثقل عليها من الطاعات بلطف ومداراة من غير عنف ، حتى تتابعك وتوافقك عليها  « وخذ عفوك » اي ما فضل من أوقاتها عن ضرورياتها ، لتكون ناشطة فيها ، ولا تكلفها فوق طاقتها وما يشق عليها فتمل وتضجر ، قال الجوهري : عفو المال مايفضل عن النفقة.

١٥ ـ المحاسن : عن عبدالرحمن بن حماد ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله تعالى : ما تحبب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه ، وإنه ليتحبب إلي بالنافلة حتى أحبه ، فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، إذا دعانى أجبته ، وإذا سألني أعطيته ، وما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في موت المؤمن : يكره الموت وأنا أكره مساءته (٢).

تحقيق : هذا الخبر يحتمل وجوها : الاول أنه لكثرة تخلقه بأخلاق ربه ووفور حبه لجناب قدسه ، تخلى عن شهوته وإرادته ، ولا ينظر إلى ما يحبه سبحانه ولا يبطش إلا إلى ما يوصله إلى قربه تعالى وهكذا.

الثاني أن يكون المراد أنه تعالى أحب إليه من سمعه وبصره ولسانه ويده ويبذل هذه الاعضاء الشريفة فيما يوجب رضاه ، فالمراد بكونه سمعه أنه في حبه وإكرامه بمنزلة سمعه بل أعز منه ، لانه يبذل سمعه في رضاه وكذا البواقي.

الثالث : أن يكون المعنى : كنت نور سمعه وبصره ، وقوة يده ورجله ولسانه.

والحاصل أنه لما استعمل نور بصره فيما يرضى ربه ، أعطاه بمقتضى وعده

____________________

(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٦١ من قسم الرسائل ، واعلام الدين مخطوط.

(٢) المحاسن : ٢٩١.

٣١

سبحانه « لئن شكرتم لازيدنكم » (١) نورا من أنواره به يميز بين الحق والباطل وبه يعرف المؤمن والمنافق ، كما قال الله تعالى : « إن في ذلك لآيات للمتوسمين » (٢) وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمن ينظر بنور الله.

وكذا لما بذل قوته في طاعته ، أعطاه قوة فوق طاقة البشر ، كما قال مولانا الاطهر « ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية » وهكذا.

الرابع أنه لما خرج عن سلطان الهوى ، وآثر على جميع مراداته وشهواته رضى المولى ، صار الرب تبارك وتعالى متصرفا في نفسه وبدنه ، مدبرا لقلبه وعقله وجوارحه ، فيه يسمع وبه يبصرو به ينطق وبه يمشي وبه يبطش ، كما ورد في تأويل قوله تعالى : « وما تشاؤن إلا ان يشاء الله » (٣) وهذا معنى دقيق لا يفهمه إلا العارفون ، وليس المراد به المعنى الذي باح به المبتدعون ، فانه الكفر الصريح والشرك القبيح.

ولقد أطنبنا الكلام في ذلك في كتاب الايمان والكفر ، وبعض كتبنا الفارسية واكتفينا هنا باشارات خفية ينتفع بها أرباب الفطن الذكية ، وأما قوله سبحانه « ما ترددت في شئ » فقد مضى شرحه في كتاب الجنائز وغيره.

١٦ ـ العلل : عن علي بن حاتم ، عن القاسم بن محمد ، عن حمدان بن الحصين عن إبراهيم بن مخلد ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن محمد بن بشير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله القزويني قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام محمد بن علي الباقر : لاي علة تصلى الركعتان بعد العشاء الاخرة من قعود؟ قال : لان الله تبارك وتعالى فرض سبع عشر ركعة ، فأضاف إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثليها ، فصارت إحدى وخمسين ركعة ، فتعدان هاتان الركعتان من جلوس بركعة (٤).

____________________

(١) ابراهيم : ٧.

(٢) الحجر : ٧٥.

(٣) الانسان : ٣٠ : والتكوير ص ٢٩.

(٤) علل الشرايع ج ٢ ص ١٩.

٣٢

١٧ ـ البصائر : عن الحسين بن علي ، عن عيسى ، عن مروان ، عن الحسين ابن موسى الحناط قال : خرجت أنا وجميل بن دراج وعائذ الاحمسي حاجين ، قال : وكان يقول عائذ لنا : إن لي حاجة إلى أبي عبدالله عليه‌السلام أريد أن أسأله عنها ، قال : فدخلنا عليه فلما جلسنا قال لنا مبتدئا : من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك ، قال : فغمزنا عائذ ، فلما قمناقلنا ما حاجتك؟ قال : الذي سمعنا منه ، إني رجل لا أطيق القيام بالليل ، فخفت أن أكون مأثوما مأخوذا به فأهلك (١).

بيان : « بما افترض عليه » أي في القرآن في اليوم والليلة ، أي الصلوات الخمس ، أومطلق الواجبات ويكون الغرض عدم المؤاخذة على ترك النوافل بأن يكون الراوي مع علمه بكونها نافلة مندوبة احتمل ترتب العقاب على تركها (٢) وهو بعيد.

١٨ ـ المحاسن (٣) : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن

____________________

(١) بصائر الدرجات : ٢٣٩.

(٢) وذلك لان النوافل سنة للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد قال : من رغب عن سنتى فليس منى ، ومبنى الجواب على أنه لم يكن راغبا عن سنته صلى‌الله‌عليه‌وآله لانه ما كان يطيق القيام لغلبة النوم عليه أوغير ذلك من العلل ، بل ولو كان مطيقا للقيام بالليل لم يكن مأثوما لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : السنة سنتان : سنة في فريضة الاخذ بها هدى وتركها ضلالة ، وسنة في غير فريضة الاخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة ، فمن ترك القيام بالليل فقد ترك الفضل ، لكونه سنة في غير فريضة.

اللهم الا أن يكون تركه لاجل التهاون فيصدق عليه الرغبة عن سنته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كأن يكون من المشاغل ، ويكفيه النوم في اوائل الليل ، بحيث يستيقظ مرارا أولا تأخذه النوم وهو معذلك لا يقوم للصلاة ، بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره.

(٣) في مطبوعة الكمبانى : المجالس ، وهو سهو لم نجد الحديث فيه بعد الفحص الشديد.

٣٣

الثمالي قال : كان علي بن الحسين عليه‌السلام سافر صلى ركعتين ثم ركب راحلته ، و بقي مواليه يتنفلون فيقف ينتظرهم فقيل له ألا تنهاهم؟ فقال : إني أكره أن أنهى عبدا إذا صلى ، والسنة أحب إلي (١).

بيان : يحتمل أن يكون المراد (٢) ابتداء السفر فالركعتان هما المستحبتان عند الخروج من البيت ، أوفي الطريق ، فالركعتان هما المندوبتان لوداع المنزل وعلى التقديرين فان كان الموالي يفعلون ذلك بقصد كونها سنة على الخصوص فعدم نهيه عليه‌السلام عنه وقوله « أحب إلي » محمولان على التقية وإلا فالاحبية لكون فعلهم موهما لذلك ، لما قد مر أن الصلاة خير موضوع.

١٩ ـ المحاسن : عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد بن بشير ، عن عبدالله ابن عمرو الخثعمي ، عن سليمان بن خالد قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إني أصلي الزوال ستة (٣) واصلي بالليل ستة عشر ركعة ، فقال : إذن تخالف رسول الله إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلي الزوال ثمان ركعات [ وصلاة الليل ثمان ركعات ] فقلت قد أعرف أن هذا هكذا

__________________

(١) المحاسن ص ٢٢٣.

(٢) المراد بالحديث أنه عليه‌السلام كان يصلى في السفر صلاة الظهر والعصر ركعتين لا يتنفل لهما ، ولكن مواليه كانوا يتنفلون على رأس الجمهور وعامة أهل المدينة ، ولما كان ذلك خلاف السنة ، ينحاز عنهم ويركب راحلته ويقف ناحية ينتظرهم حتى يتنفلوا ويركبوا ويلحقوا به عليه‌السلام ، ولما قال له بعض أصحابه ( ع ) : الا تنهاهم عن الاشتغال بالتنفل وهم مواليك لئلا يبطؤا عليك فتنتظرهم؟ أو ألا تنهاهم عن التنفل مع أنها بدعة؟ فقال ( ع ) : انى أكره أن أنهى عبدا اذا صلى ، لكنى أعمل بالسنة فان السنة أحب إلى. لكنه ( ع ) كان يتقى بذلك عن العامة ، فان المسلم عندهم أن الله عزوجل لا يعذب أحدا على كثرة صيامه وصلاته ، ولكنه يعذب على ترك السنة ، وهم قد تركوا بذلك سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فالنار أولى لهم.

(٣) الظاهر « ستة عشر » بقرينة قوله « ولكنى أقضى للايام الخالية » فكان يصلى الزوال ثمان ركعات وثمان ركعات قضاء وهكذا بالليل ، وهذه سيرة معمولة للناس في قضاء صلواتهم الفريضة والنافلة لئلا يملوا من الاتيان بالقضاء متتابعا.

٣٤

ولكني أقضي للايام الخالية (١).

٢٠ ـ العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن عبدالله بن علي الزراد قال : سأل أبوكهمش أبا عبدالله عليه‌السلام فقال : يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها؟ فقال : لا ، بل ههنا وههنا ، فانهاتشهد له يوم القيمة.

قال الصدوق رحمه الله : يعني أن بقاع الارض تشهد له (٢).

٢١ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسين ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن رجل صلى نافلة وهو جالس من غير علة؟ كيف يحتسب صلاته؟ قال : ركعتين بركعة (٣).

بيان : الخبر يدل على حكمين : الاول جواز الاتيان بالنافلة جالسا مع القدرة على القيام ، وهو المشهور بين الاصحاب ، قال في المعتبر : هو إطباق العلماء وادعى في المنتهى أنه لا يعرف فيه خلافا ، وكأنهما لم يعتدا بخلاف ابن إدريس ، حيث منع من الجلوس النافلة في غير الوتيرة اختيارا ، والاخبار الكثيرة المعتبرة حجة عليه.

الثاني أنه مع القدرة على القيام يستحب أن يحسب ركعتين بركعة ، وإنما قلنا يستحب ، لانه ورد في بعض الروايات جواز الاكتفاء بالعدد ، ومقتضى الجمع الحمل على الاستحباب.

قال في الذكرى : روى الاصحاب عن محمد بن مسلم (٤) قال : سألت أباعبدالله عليه‌السلام ، عن رجل يكسل أو يضعف فيصلي التطوع جالسا ، قال : يضعف ركعتين بركعة.

____________________

(١) المحاسن : ٢٢٣. وما بين العلامتين ساقط عن مطبوعة الكمباني.

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٣٢.

(٣) قرب الاسناد : ١٢٦ ط نجف.

(٤) رواه في التهذيب ج ١ ص ١٨٢.

٣٥

وروى سدير (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام ما اصلي النوافل إلا قاعدا منذ حملت هذا اللحم.

وعن أبي بصير (٢) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عمن صلى جالسا من غير عذر ، أتكون صلاته ركعتان بركعة؟ فقال : هي تامة لكم.

وقد تضمنت الاخبار الاول احتساب الركعتين بركعة فتحمل على الاستحباب وهذاعلى الجواز انتهى.

واقول : الظاهر أنه حمل قوله « لكم » إلى أنه خطاب لمطلق الشيعة ، ويحتمل أن يكون خطابا لاشباه ابي بصير من العميان والزمنى والمشايخ ، فلا يدل على العموم ، لكن ما فهموه اظهر ، وقال الشيخ في المبسوط : يجوز أن تصلي النوافل جالسا مع القدرة على القيام ، وقد روي أنه يصلي بدل ركعة بركعتين وروي أنه ركعة بركعة ، وهما جميعا جائزان انتهى.

وفي جواز الاستلقاء والاضطجاع فيها اختيارا قولان أقربهما العدم ، واختار العلامة في بعض كتبه الجواز حتى اكتفى باجراء القراءة والاذكار على القلب دون اللسان ، واستحب تضعيف العدد في الحالة التي صلى فيها على حسب مرتبتها من القيام ، فكما يحسب الجالس ركعتين بركعة يحسب المضطجع بالايمن اربعا بركعة وبالايسر ثمانا ، والمستلقي ستة عشر ، ولا دليل على شئ من ذلك.

٢٢ ـ ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله عن الحسن بن محبوب ، عن الحسن الواسطي ، عن موسى بن بكر ، عن ابي الحسن عليه‌السلام قال : صلاة النوافل قربان كل مؤمن (٣)

٢٣ ـ قرب الاسناد : بالسند المتقدم عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل ينسى ما عليه من النافلة وهو يريد أن يقضي [ كيف يقضي؟

____________________

(١) الكافى ج ٣ ص ٤١٠.

(٢) رواه في التهذيب ج ١ ص ١٨٤.

(٣) ثواب الاعمال ص ٢٧.

٣٦

قال : يقضي ] حتى يرى أنه قد زاد ما عليه وأتم (١).

بيان : المشهور بين الاصحاب أنه يقضي حتى يغلب على ظنه الوفاء وقاسوا الفريضة عليها بالطريق الاولى ، ويمكن حمل الرؤية هنا على الظن كما أنه في خبر آخر (٢) تحر ، وفي آخر توخ (٣) وفي آخر فيمن لا يدرى ما هو من كثرتها قال : فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها فيكون قد قضى بقدر علمه من ذلك (٤).

٢٤ ـ السرائر : نقلا من كتاب حريز ، عن ابي بصير قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام في حديث : افصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم (٥).

٢٥ ـ كتاب جعفر بن محمد بن شريح : عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفي قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إن أبا جعفر عليه‌السلام كان يقول : إني أحب أن أدوم على العمل إذا عودته نفسي ، وإن فاتني من الليل قضيته بالنهار وإن فاتني بالنهار قضيته بالليل ، وإن أحب الاعمال إلى الله ماديم عليها فان الاعمال تعرض كل خميس وكل رأس شهر ، وأعمال السنة تعرض في النصف من شعبان ، فاذا عودت نفسك عملا فدم عليه سنة.

٢٦ ـ قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل هو في وقت صلاة الزوال أيقطعه بكلام؟

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١١٧ ، وما بين العلامتين ساقط من المطبوعة.

(٢) عن مرازم قال : سأل اسماعيل بن جابر أبا عبدالله ( ع ) فقال : أصلحك الله ان على نوافل كثيرة ، فكيف أصنع؟ فقال : اقضها ، فقال له : انها أكثر من ذلك ، قال : اقضها ، قال : لا احصيها ، قال : توخ ، راجع الكافى ج ٣ ص ٤٥١ ، التهذيب ج ١ ص ١٢٦ وتراه في علل الشرايع ج ٢ ص ٥٠ و ٥١.

(٣) التهذيب ج ١ ص ٢١٤.

(٤) التهذيب ج ١ ص ص ١٣٦ ، المحاسن ص ٣١٥.

(٥) السرائر : ٤٧١.

٣٧

قال : نعم لا بأس (١).

وسألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال : إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلى ولا يعتد به ، وإن كانت نافلة لم يقطع ذلك صلاته ، ولكن لا يعود (٢)

قال : وسألته عن الرجل يريد أن يقرأ مائة آية أو أكثر في نافلة فيتخوف أن يضعف ويكسل ، هل يصلح له أن يقرأها وهو جالس؟ قال : ليصل ركعتين بما أحب ثم لينصرف ، فليقرأ ما بقي عليه مما أراد قراءته ، فان ذلك يجزيه مكان قراءته وهو قائم ، فان بداله أن يتكلم بعد التسليم من الركعتين فليقرأ فلا بأس (٣).

قال : وقال أخي عليه‌السلام : نوافلكم صدقاتكم فقدموها أنى شئتم (٤).

قال : وسألته عن الرجل يكون في السفر فيترك النافلة وهو مجمع أن يقضي إذا أقام هل يجزيه تأخير ذلك؟ قال : إن كان ضعيفا لا يستطيع القضاء أجزأه ذلك ، وإن كان قويا فلا يؤخره (٥).

قال : وسالته عن الرجل يصلي النافلة هلى صلح له أن يصلي أربع ركعات لا يسلم بينهن؟ قال : لا إلا أن يسلم بين كل ركعتين (٦).

توضيح : « أيقطعه » اي بعد التسليم من كل ركعتين لا في أثناء كل منها ، فانه لا خلاف في إبطال الكلام للنافلة أيضا وقوله : « وإن كانت نافلة » يؤيد ما ذهب إليه بعض الاصحاب من عدم وجوب الاستقبال في النافلة مطلقا وأما أكثر الاصحاب

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١١٩.

(٢) قرب الاسناد : ١٢٦.

(٣) قرب الاسناد ص ١٢٦ و ١٢٧.

(٤) قرب الاسناد ص ١٢٧.

(٥) قرب الاسناد ص ١٣٠.

(٦) قرب الاسناد ص ١١٨.

٣٨

القائلون بلزومه فيهالم يفرقوا في الالتفات المبطل بين الفريضة والنافلة ، وإن كان القول بالفرق غير بعيد.

قوله : « ليصل ركعتين » يدل على أن الاختصار في القراءة قائما أفضل من التطويل ، مع كون بعضها جالسا إذا قرأ ما أراد بعد الصلاة ، وأنه لا يضر توسط الكلام بين الصلاة والقراءة في ذلك « فقدموها » يدل على جواز تقديم النوافل مطلقا كما يدل عليه غيره ، وحملها في التهذيب على الضرورة والمشهور عدم الجواز إلا فيما استثنى تأخير ذلك اي ترك القضاء.

« إلا أن يسلم » يدل على عدم جواز النافلة أزيد من ركعتين بسلام ، إلا ما استثني ، والاخبار المعارضة لذلك أكثرها ضعيفة ، والاحوط عدم الاتيان بها ، وإن كان صلاة الاعرابي ، فانها ايضا كذلك كما ستعرف ، والحكم بكون جميع النوافل ركعتين بتشهد وتسليم ذكره الشيخ في الخلاف والمبسوط وابن إدريس والمحقق وجمهور المتأخرين ، ولا خلاف في استثناء الوتر ، واستثنى جماعة صلاة الاعرابي حسب مع ورود صلوات كثيرة في كتب العبادات كذلك واشتراك صلاة الاعرابي معها في ضعف السند ، وسيأتي الكلام فيها.

٢٧ ـ الخصال : عن أبيه عن سعد ، عن محمد بن عيسى ، عن قاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يصلي الرجل نافلة في وقت فريضة ، إلا من عذر ، ولكن يقضي بعد ذلك إذا أمكنه القضاء ، قال الله تبارك وتعالى « الذين هم على صلوتهم دائمون » (١) يعني الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار ، وما فاتهم من النهار بالليل لا تقضي النافلة في وقت فريضة ابدء بالفريضة ثم صل ما بدالك (٢).

٢٨ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن الوليد ، عن عبدالله بن بكير قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الصلاة قاعدا أو يتوكأ على عصا أو على حائط فقال : ما شأن أبيك

____________________

(١) المعارج ، ٢٣.

(٢) الخصال ج ٢ ص ١٥٦.

٣٩

وشأن هذا؟ ما بلغ أبوك هذا بعد ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما عظم أو بعد ما ثقل كان يصلي وهو قائم ، ورفع أحد رجليه حتى أنزل الله تبارك وتعالى « طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ».

ثم قال ابوعبدالله عليه‌السلام لا باس بالصلاة وهو قاعد وهو على نصف صلاة القائم ، ولا بأس بالتوكى على عصا والاتكاء على الحائط ، قال : ولكن يقرء وهو قاعد ، فاذا بقيت آيات قام فقرأهن ثم ركع (١)

بيان : يدل على أنه علم بنور الامامة أن السؤال كان لوالده ، فلذا تعرض له ، ولعله كان تحمل ما هو أشق في الصلاة مطلوبا ، والقيام على إحدى الرجلين فيها جائزا فنسخا ، وأما القراءة جالسا وإبقاء شئ من القراءة ليقرأها قائما ثم يركع عن قراءة ، فمما ذكر الاصحاب استحبابه ودلت عليه الاخبار.

٢٩ ـ قرب الاسناد : عن محمد بن عيسى والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل كلهم ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى تبوك وكان يصلي على راحلته [ صلاة الليل حيثما توجهت به ويؤمئ إيماء (٢).

ومنه : عن الحسن بن طريف ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي عليهم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوتر على راحلته في غزاة تبوك.

قال : وكان علي عليه‌السلام يوتر على راحلته (٣) ] إذا جد به السير (٤).

٣٠ ـ العلل : عن جعفر بن محمد بن مسرور ، عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبدالله ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يقرء السجدة وهو على ظهر دابته ، قال : يسجد حيث توجهت به ، فان

____________________

(١) قرب الاسناد ص ١٠٤ ط نجف ص ٨٠ ط حجر.

(٢) قرب الاسناد ص ١٣ ط نجف.

(٣) ما بين العلامتين ساقط عن المطبوعة ( ط أمين الضرب ) اضفناه من المصدر بقرينة صدر الحديث الاول وذيل الثانى ، راجع ج ٨٤ ص ٩٦.

(٤) قرب الاسناد ص ٧٣ ط نجف.

٤٠