بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فمتى أصليها؟ قال : ما بين المغرب والعشاء (١).

بيان : الظاهر أن هذه الصلاة هي نافلة المغرب فان ركعتين منها آكد كما مر ، ويجوز الاكتفاء في النوافل بالحمد فقط لا سيما عند ضيق الوقت ، بل يحتمل في بعض النوافل المتقدمة أيضا أن يكون كيفية مستحبة لنافلة المغرب ، وهذه الاخبار مما يؤيد جواز إيقاع التطوع بعد دخول وقت العشاء (٢) إذ لا يفي الوقت بجميعها ،

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٤٨.

(٢) هذه الاخبار مع ضعف سندها تخالف سنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في أعداد النوافل من جهة وفي تعيين أوقات الصلوات اخرى ، وقد عرفت فيما سبق مرارا أن الله لا يعذب على كثرة الصيام والصوم ، ولكنه يعذب على ترك السنة.

وذلك لان المراد بالسنة كما عرفت في ج ٨٢ ص ٢٩٥ سيرته العملية المتخذة باشارات القرآن العزيز كما وكيفا زمانا ومكانا فمن خالف سنته كما فأتى بالنوافل أكثر مما سنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أو كيفا فأتى بها بتطويل الركوع في ليلة مع تخفيف سائرها وتطويل السجود في ليلة أخرى يتخذها سيرة لنفسه ويقول يا فلان هذه ليلة الركوع وهذه ليلة السجود مثلا ، أولا يفصل بين كل ركعتين بتشهد وسلام ، أو يقرء عشر سور في ركعة واحدة يلتزم بها وغير ذلك مما يكثر تعداده.

أو خالف سنته صلى‌الله‌عليه‌وآله زمانا فأتى بالنوافل في وقت الفرائض المختص بها ، أو مكانا فأتى بها في المسجد علانية يلتزم بها ، وقد كان صلوات الله عليه يأتى بها في داره الا نوافل شهر رمضان على ما سيأتى في محله.

فمن خالف سنته صلى‌الله‌عليه‌وآله باحدى هذه الصور فقد أتى بأمر من عنده محدث ، « وكل محدث بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ».

وهذا هو المراد بقوله عليه‌السلام « ما أحدثت بدعة الا ترك بها سنة » وذلك لان السنة قد تترك رأسا ، كمن ترك النوافل من دون تهاون واستخفاف بها ، فلا حرج عليه ، لما قد صح عنه عليه الصلاة والسلام : « ... وسنة في غير فريضة الاخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة ».

١٠١

بل ببعضها فقط ، ولعل الاحوط ترك ما لا يفى الوقت بها ، وإن كان الاقوى جواز إيقاعها والله يعلم.

____________________

وأما اذا ترك السنة وراء ظهره كأنه لا يعبأ بها ، أو حولها عن وجهها كأنه يرى نقصا فيها فيتمها من عنده ، أو خللا فيصلحها ويسدها برأيه ، فقد خالف سنة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وتعداها  « ومن خالف سنة النبي متعمدا فقد كفر » ومن تعداها جهلا أخذ بناصيته ورد إلى السنة ، والا فلا يعبأ بأعماله ولا ينصب لها ميزان ، لما قد صح عنه عليه الصلاة والسلام : « لا عمل الا بنية ولا نية الا باصابة السنة ».

وأما الفقهاء والمحدثون من الاصحاب رضوان الله عليهم فانما نقلوا هذه الاحاديث وماضاهاها في كتبهم المدونة لاعمال اليوم والليلة مع اعترافهم بضعف سندها ، تعولا على قاعدة التسامح في أدلة السنن المبتنية على أحاديث من بلغ ، زعما منهم أنها تشمل كل حديث روى فيه ثواب على عمل ، مطلقا ، وان كان العمل مخالفا للسنة القطعية ، وليس كذلك ، والا لكان مفادها تصويب البدع والحكم بمشروعيتها ، والكذب المفترع على أئمة الدين و حماته ، وهذا كما ترى مخالف لضرورة المذهب.

فالمراد من العمل الذي يروى له ثواب من الله انما هو العمل الثابت بالسنة القطعية كالنوافل المرتبة والتعقيبات والاذكار التى يؤيدها الكتاب والسنة ، فاذا ورد في حديث أن صلاة الليل تزيد في الرزق ، أو نافلة المغرب تسرع في قضاء حاجته وأن تسبيح فاطمة الزهراء عليها‌السلام عند المنام خير من خادم يخدم البيت طول النهار ، فافتتن المكلف بالحديث وعمل ذاك الخير التماس تلك العائدة ورجاء ذلك الثواب المخصوص ، آتاه الله ذلك الثواب تكرما ، وان لم يكن الحديث كما بلغه.

على أن هذه الاحاديث أحاديث من بلغ لو كانت لها اطلاقا فانما تنظر إلى العوام والمقلدين البسطاء ، الذين لا يعرفون الحق من الباطل ، ولا يكلفون التمييز بين الصحيح و السقيم ، وانما يتعولون في دينهم على رأى الفقهاء والمحدثين ، وأما الفقهاء والمحدثون فوظيفتهم الذب عن حوزة الدين ، ومعرفة الصحيح من السقيم وطرح الاحاديث والروايات التى لا توجب علما ولا عملا ، لضعف سندها وطعن العلماء في رواتها بالفسق والغلو والجهالة ،

١٠٢

٢٠ ـ المجتنى : شكى رجل إلى الحسن بن علي عليه‌السلام جارا يؤذيه ، فقال له الحسن عليه‌السلام : إذا صليت المغرب فصل ركعتين ثم قل : « يا شديد المحال ، يا عزيز أذللت بعزتك جميع ما خلقت أكفني شر فلان بما شئت » قال : ففعل الرجل ذلك ، فلما

____________________

فهم أولى بأن يؤدوا حق الله عزوجل اليه وهو أن يقولوا ما يعلمون ، ويكفوا عما لا يعلمون ، وأن يأخذوا بما وافق كتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ويدعوا ما خالف كتاب الله وسنة نبيه :

ففى الصحيح أن ابا يعفور سال الصادق عليه‌السلام عن اختلاف الحديث : يرويه من يوثق به ، ومنهم من لا يوثق به ، فقال عليه‌السلام : اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا في كتاب الله أو من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( يعنى سنته ص ) والا فالذي جاءكم به أولى به.

وروى الكشى عن اليقطينى عن أبى محمد يونس بن عبدالرحمن أن بعض اصحابنا سأله فقال له : يا أبا محمد ما اشدك في الحديث وأكثر انكارم لما يرويه أصحابنا ، فما الذي يحملك على رد الاحاديث؟ فققال : حدثنى هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : لا تقبلوا علينا حديثا الا ما وافق القرآن والسنة ، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ، فان المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبى أحاديث لم يحدث بها أبى فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فانا اذا حدثنا قلنا : قال الله عزوجل ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قال يونس : وافيت العراق فوجدت بها قطعة من اصحاب أبي جعفر عليه‌السلام ووجدت أصحاب أبي عبدالله عليه‌السلام متوافرين فسمعت منهم وأخذت كتبهم فعرضتها بعد على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبدالله عليه‌السلام ، وقال لى : ان أبا الخطاب كذب على أبي عبدالله عليه‌السلام ، لعن الله أبا الخطاب وكذلك اصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الاحاديث إلى يومنا هذا في كتاب أصحاب أبي عبدالله عليه‌السلام فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن ، فانا ان حدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة ، أنا عن الله وعن رسوله نحدث الخبر.

١٠٣

كان في جوف الليل سمع صراخ ، وقيل : فلان قد مات الليلة.

عدة الداعى : مثله إلا أن فيه « بعزتك الجبابرة من خلقك ».

بيان : قال الجزري : المحال بالكسر الكيد ، وقيل المكر ، وقيل القوة و الشدة ، وميمه أصلية.

____________________

فعلى هذا لا مناص من أن نتعرف صدق الرواة وأمانتهم ثم بعد ذلك نعرض الحديث على كتاب الله وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فان وافق القرآن وسيرة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله نقبله ، و الا فمن جاء به فهو أولى به ، وهذه الاحاديث مع كونها مخالفة لسنة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، رواتها مطعون غالبا أو مجاهيل ، فلا توجب لا علما ولا عملا ، حتى يحتاج إلى الجمع بينها.

١٠٤

٥

* ( باب ) *

« فضل الوتيرة وآدابها وعللها وتعقيبها »

« وساير الصلوات بعد العشاء الاخرة »

١ ـ العلل : عن علي بن حاتم ، عن محمد بن حمدان ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن جعفر بن سماعة ، عن المثنى ، عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت : اصلي العشاء الآخرة ، فاذا صليت صليت ركعتين وأنا جالس ، فقال : أما إنها واحدة ، ولو بت بت على وتر (١).

ومنه : عن علي بن أحمد ، عن محمد بن جعفر الاسدي ، عن موسى بن عمران الجعفي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا. بوتر ، قال قلت : تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة قال : نعم ، إنهما بركعة فمن صلاها ثم حدث به حدث مات على وتر ، فان لم يحدث به حدث الموت يصلي الوتر في آخر الليل.

فقلت : هل صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هاتين الركعتين؟ قال : لا ، قلت : ولم؟ قال : لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأتيه الوحي ، وكان يعلم أنه [ هل ] يموت أم لا ، وغيره لا يعلم ، فمن أجل ذلك لم يصلهما وأمر بهما (٢).

بيان : يظهر من هذا الخبر وجه الجمع بين الاخبار المختلفة ، حيث عدت الوتيرة في بعضها من السنن ، وفي بعضها لم تعد منها ، وقوله « فلا يبيتن » إما نهي أو نفي ، فعلى الاول يكون من قبيل تصدير الاحكام بيا أيها الذين آمنوا ، لانهم المنتفعون بها ، فلا يدل على أن ترك الوتر مناف للايمان ، وعلى الثاني فيحتمل أن

____________________

(١) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٠ ، وفى بعض النسخ « ولو مت مت على وتر ».

(٢) علل الشرايع ج ٢ ص ٢٠.

١٠٥

يكون الغرض النهي فيرجع إلى الاول أو معناه ، فيحمل على كمال الايمان ، وعلى التقادير فيه إيماء إلى أن مقتضى الايمان بالله وما وعد الله من الثواب على الطاعات لا سيما صلاة الليل عدم تركها للكسل أو الاعذار القليلة.

ثم إن ظاهر هذه الاخبار أفضلية الجلوس في الوتيرة بل تعينه ، وبعض الاخبار يدل على كون القيام فيهما أفضل ، كرواية الحرث النضرى (١) عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ركعتان بعد العشاء الآخرة كان ابي يصليهما وهو قاعد ، وأنا اصليهما وأنا قائم ، وظاهره أن الباقر عليه‌السلام كان يصليهما جالسا لكونه بادنا يشق عليه القيام ، وكرواية سليمان بن خالد (٢) عنه عليه‌السلام حيث قال : وركعتان بعد العشاء الآخرة تقرء فيهما مائة آية قائما أو قاعدا والقيام أفضل ، ولا يبعد القول بأفضلية القيام وإن كان القعود أشهر.

والمشهور في وقتها أنه يمتد بامتداد وقت العشاء ، وادعى في المعتبر والمنتهى عليه الاجماع ، وذكر الشيخان وأتباعهما أنه ينبغي أن يجعلها خاتمة نوافله ، ومستنده غير معلوم.

٢ ـ فلاح السائل : صلاة الفرج بالاسناد إلى محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد ابن الحسن الصفار ، عن الحسن بن علي بن المغيرة ، عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمان ابن كثير قال : شكوت إلى أبي عبدالله عليه‌السلام كربا اصابني قال : يا عبدالرحمان إذا صليت العشاء الآخرة فصل ركعتين ، ثم ضع خدك الايمن على الارض ، ثم قل : « يا مذل كل جبار ، ومعز كل ذليل ، قد وحقك بلغ مجهودي » قال : فما قلته إلا ثلاث ليال حتى جاء لي الفرج (٣).

صلاة لطلب الرزق روى أبومحمد هارون بن موسى عن أحمد بن محمد بن سعيد قال : قال لي القاسم بن محمد بن حاتم وجعفر بن عبدالله المحمدي قالا : قال لنا محمد بن ابي عمير :

____________________

(١) الكافى ج ٣ ص ٤٤٦.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٣٤.

(٣) فلاح السائل ص ٢٥٧.

١٠٦

كل ما رويته قبل دفن كتبي وبعدها فقد أجزته لكما؟! قال ابن ابي عمير : حدثني هشام سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لا تتركوا ركعتين بعد العشاء الآخرة ، فانها مجلبة للرزق ، وتقرء في الاولى الحمد وآية الكرسي وقل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية الحمد وثلاث عشرة مرة قل هو الله أحد ، فاذا سلمت فارفع يديك وقل : « اللهم إني اسئلك يا من لا تراه العيون ، ولا تخالطه الظنون ، ولا يصفه الواصفون ، يا من لا تغيره الدهور ، ولا تبليه الازمنة ، ولا تحيله الامور ، يا من لا يذوق الموت ، ولا يخاف الفوت ، يا من لا تضره الذنوب ، ولا تنقصه المغفرة ، صل على محمد وآله ، وهب لي ما لا ينقصك ، واغفر لي ما لا يضرك ، وافعل بي كذا وكذا » وتسئل حاجتك.

وقال عليه‌السلام : من صلاها بنى الله له بيتا في الجنة (١).

المتهجد وغيره : يستحب أن يصلي ركعتين بعد العشاء الآخرة وذكر مثله (٢).

٣ ـ فلاح السائل : ومن الصلوات بعد العشاء الآخرة ما رواه محمد بن عمر البزاز عن الحسين بن إسماعيل المحاملي ، عن يحيى بن يعلى ، عن ابن أبي مريم ، عن عبدالله ابن فرج ، عن أبي فروة ، عن سالم الافطس ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من صلى اربع ركعات خلف العشاء الآخرة ، وقرء في الركعتين الاوليين قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ، وفي الركعتين الاخيرتين تبارك الذي بيده الملك والم تنزل السجدة ، كن له كأربع [ ركعات ] من ليلة القدر (٣).

٤ ـ المتهجد والاختيار : في النوافل بعد العشاء اربع ركعات مروية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرءفي الاولى الحمد وقل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، وفي الثالثة الحمد والم تنزيل ، وفي الرابعة الحمد وتبارك الذي

____________________

(١) فلاح السائل ص ٢٥٨.

(٢) مصباح المتهجد ص ٨٥.

(٣) فلاح السائل ص ٢٥٨ ٢٥٩.

١٠٧

بيده الملك (١).

أقول : لعل اختلاف الترتيب لاختلاف الروايات ، وفي المستند أيضا ضعف.

٥ ـ فلاح السائل : صلاة الوتيرة روى أحمد بن محمد بن الحسن ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن عبدالله بن محمد الطيالسي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن عبدالخالق ابن عبد ربه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان يصلي أبي بعد عشاء الآخرة ركعتين ، وهو جالس يقرء فيهما مائة آية ، وكان يقول : من صلاهما وقرء بمائة آية لم يكتب من الغافلين.

قال اسماعيل بن عبدالخالق بن عبد ربه : إن أبا جعفر عليه‌السلام كان يقرء فيهما بالواقعة والاخلاص (٢).

وروى هارون بن موسى ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن أحمد بن الحسن ابن عبدالملك ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن سدير بن حنان ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام قال : من قرء سورة الملك في ليلة فقد أكثر وأطاب ، ولم يكن من الغافلين ، وإني لاركع بها بعد العشاء وأنا جالس (٣).

المتهجد وغيره : يستحب أن يقرء [ فيهما ] مائة آية من القرآن ، ويستحب أن يقرء فيهما بالواقعة والاخلاص ، وروي سورة الملك والاخلاص (٤).

٦ ـ فلاح السائل (٥) والمتهجد والاختيار : يقول بعد الوتيرة : « أمسينا و أمسى الحمد والعظمة والكبرياء والجبروت والحلم (٦) والجلال والبهاء والتقديس والتعظيم والتسبيح والتكبير والتهليل والتحميد والسماح والجود والكرم والمجد والمن

____________________

(١) مصباح المتهجد ص ٨٥.

(٣٢) فلاح السائل ص ٢٥٩.

(٤) مصباح المتهجد ص ٨١.

(٥) فلاح السائل ص ٢٦٠ ٢٦٤.

(٦) والحكم خ ل.

١٠٨

والخير والفضل والسعة والحول والقوة والقدرة والفتق والرتق والليل والنهار والظلمات والنور والدنيا والآخرة والخلق جميعا والامر كله ، وما سميت وما لم اسم ، وما علمت وما لم أعلم ، وما كان وما هو كائن ، لله رب العالمين.

الحمد لله الذي أذهب النهار (١) وجاء بالليل ، ونحن في نعمة منه وعافية وفضل عظيم ، الحمد لله الذي له ما سكن في الليل والنهار ، وهو السميع العليم ، الحمد لله الذي يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويرزق من يشاء بغير حساب وهو عليم بذات الصدور.

اللهم بك نمسي وبك نصبح ، وبك نحيى وبك نموت ، وإليك المصير ، اللهم إني أعوذ بك من أن أذل أو أذل (٢) أو [ أن ] اضل أو أضل أو اظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي ، يا مصرف القلوب والابصار ، صل على محمد وآل محمد ، وثبت قلبي على طاعتك وطاعة رسولك عليه وآله السلام ، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

اللهم إن لك عدوا لا يألوني خبالا حريصا على غيي ، بصيرا بعيوبي ، يراني هو وقبيله من حيث لا اراهم اللهم صل على محمد وآله (٣) وأعذ منه أنفسنا وأهالينا و أولادنا وإخواننا وما اغلقت عليه أبوابنا ، وأحاطت به دورنا ، اللهم صل على محمد وآله (٤) وحرمنا عليه كما حرمت عليه الجنة وباعد بيننا وبينه كما باعدت بين المشرق والمغرب وبين السماء والارض ، وأبعد من ذلك اللهم صل على محمد وآله (٥) وأعذني منه ومن همزه ولمزه وفتنته ودواهيه وغوائله وسحره ونفثه ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأعذني منه في الدنيا والآخرة ، وفي المحيا والممات.

بالله ادفع ما اطيق وما لا اطيق ومن الله القوة والتوفيق ، يا من تيسير العسير عليه سهل يسير ، صل على محمد وآله ، ويسر لي ما أخاف عسره ، فان تيسير العسير

____________________

(١) ذهب بالنهار خ ل.

(٢) أو أزل أو أزل. خ ل.

(٥٣) وآل محمد خ ل.

١٠٩

عليك سهل يسير.

اللهم يا رب الارباب ، ويامعتق الرقاب ، أنت الله الذي لا تزول ولا تبيد ، ولا تغيرك الدهور والازمان ، بدت قدرتك يا إلهي ولم تبد هيئة ، فشبهوك يا سيدي واتخذوا بعض آياتك أربابا ، يا إلهي فمن ثم لم يعرفوك يا إلهي ، وأنا يا إلهي برئ إليك في هذه الليلة من الذين بالشبهات طلبوك ، وبرئ إليك من الذين شبهوك وجهلوك ، يا إلهي أنابرئ من الذين بصفات عبادك وصفوك ، بل أنا برئ من الذين جحدوك ولم يعبدوك ، وأنا برئ من الذين في أفعالهم جوروك ، وأنا برئ من الذين بقبايح افعالهم نحلوك ، وأنا برئ من الذين عما نزهوا عنه آباءهم وأمهاتهم ما نزهوك وأبرأ إليك من الذين من مخالفة نبيك وآله عليهم‌السلام خالفوك ، وأنا برئ إليك من الذين في محاربة أوليائك حاربوك ، وأنا برئ إليك من الذين في معاندة آل نبيك (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله عاندوك.

اللهم صل على محمد وآله واجعلني من الذين عرفوك فوحدوك (٢) ، واجعلني من الذين لم يجوروك وعن ذلك نزهوك ، واجعلني من الذين في طاعة أوليائك وأصفيائك أطاعوك ، واجلعني من الذين في خلواتهم وفي آناء واطراف النهار راقبوك وعبدوك.

يا محمد علي بكما بكما اللهم إني اسئلك في هذه الليلة باسمك الذي إذا وضع على مغالق أبواب السماء للانفتاح انفتحت ، وأسألك باسمك الذي إذا وضع على مضائق الارض للانفراج انفرجت ، وأسألك باسمك الذي إذا وضع على الباساء للتيسير تيسرت وأسألك باسمك الذي إذا وضع على القبور للنشور انتشرت ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تمن علي بعتق رقبتي من النار في هذه الليلة.

اللهم إني لم أعمل الحسنة حتى أعطيتنيها ، ولم أعمل السيئة حتى أعلمتنيها اللهم فصل على محمد وآل محمد ، وعد على علمك بعطائك ، وداو دائي بدوائك ، فان

____________________

(١) آل الرسول خ ل ، وهو في المصباح كذلك.

(٢) فوجدوك خ ل. كما في المصباح.

١١٠

دائي ذنوبي القبيحة ، ودواؤك عفوك وحلاوة رحمتك.

اللهم إني أعوذ بك أن تفضحني بين الجموع بسريرتي ، وأن ألقاك بخزي عملي والندامة بخطيئتي ، وأعوذ بك أن تظهر سيئاتي على حسناتي ، وأن أعطى كتابي بشمالي فيسود بذلك وجهي ، ويعسر بذلك حسابي ، تزل بذلك (١) قدمي ، ويكون في مواقف الاشرار موقفي ، وأن أصير (٢) في الاشقياء المعذبين حيث لا حميم يطاع ، ولا رحمة منك تداركني ، فأهوى في مهاوي الغاوين.

اللهم فصل على محمد وآله ، وأعذني من ذلك كله ، اللهم بعزتك القاهرة ، وسلطانك العظيم ، صل على محمد وآل محمد ، وبدل لي الدنيا الفانية بالدار الآخرة الباقية ولقني روحها وريحانها وسلامها ، واسقني من باردها وأظلني في ظلالها و زوجني من حورها ، وأجلسني على أسرتها وأخدمني من ولدانها ، وأطف علي غلمانها واسقني من شرابها ، وأوردني أنهارها واهدل لي (٣) ثمارها ، وأثوني في كرامتها ، مخلدا لا خوف علي يروعني ، ولا نصب يمسني ، ولا حزن يعتريني ، ولا هم يشغلني ، قد رضيت ثوابها ، وأمنت عقابها ، واطمأننت في منازلها ، وقد جعلتها لي ملجأ وللنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رفيقا وللمؤمنين اصحابنا ، وللصالحين إخوانا ، في غرف فوق الغرف ، حيث الشرف كل الشرف.

اللهم وأعوذ بك معاذة من خافك وألجأ إليك ملجأ من هرب إليك من النار التي للكافرين أعددتها ، وللخاطئين أوقدتها ، وللغاوين ابرزتها ، ذات لهب وسعير (٤) وشهيق وزفير وشرر كأنه جمالات صفر (٥) وأعوذ بك اللهم أن تصلي بها وجهي ، أو تطعمها لحمي ، أو توقدها بدني ، وأعوذ بك يا إلهي من لهبها (٦) ، فصل على محمد وآله ، واجعل رحمتك حرزا من عذابها ، حتى تصيرني بها في عبادك الصالحين الذين لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون.

____________________

(١) بها خ ل.

(٢) أن أصبر خ ل.

(٣) وهدل خ ل.

(٤) وسعر خ ل.

(٥) جمالات كالقصر خ ل.

(٦) لهيبها خ ل.

١١١

اللهم صل على محمد وآله ، وافعل بي ما سألتك من أمر الدنيا والآخرة ، مع الفوز بالجنة وامنن علي في وقتي هذا وساعتي هذه وفي كل أمر شفعت فيه إليك فيه وما لم اشفع إليك فيه مما لي فيه النجاة من النار ، والصلاح في الدنيا والآخرة ، و أعني على كل ما سالتك أن تمن به علي.

اللهم وإن قصر دعائي عن حاجتي ، أو كل عن طلبها لساني ، فلا تقصرني من جودك ولا من كرمك يا سيدي ، فأنت ذوالفضل العظيم ، اللهم صل على محمد وآله ، و افعل بي ما سألتك من أمر الدنيا والآخرة مع الفوز بالجنة ، وامنن علي واكفني ما أهمني وما لم يهمني ، وما حضرني وما غاب عني ، وما أنت أعلم به مني.

اللهم وهذا عطاؤك ومنك وهذا تعليمك وتأديبك ، وهذا توفيقك وهذه رغبتي إليك من حاجتي ، فبحقك اللهم على من سألك ، وبحق ذي الحق عليك ممن سألك وبقدرتك على ما (١) تشاء وبحق لا إله إلا أنت يا حي يا قيوم يا محيي الموتى ، لا إله إلا أنت القائم على كل نفس بما كسبت ، أسئلك أن تصلي على محمد وآله ، وأن تعتقني من النار ، وتكلاني من العار ، وتدخلني الجنة مع الابرار ، فانك تجير ولا يجار عليك.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وأعذني من سطواتك ، وأعذني من سوء عقوبتك اللهم ساقتني إليك الذنوب ، وأنت ترحم من يتوب ، فصل على محمد وآله ، واغفر لي جرمي ، وارحم عبرتي ، وأجب دعوتي ، وأقل عثرتي ، وامنن علي بالجنة ، وأجرني من النار ، وزوجني من الحور العين ، وأعطني من فضلك ، فاني بك إليك أتوسل ، فصل على محمد وآله ، واقلبني موفر العمل (٢) بغفران الزلل بقدرتك ، ولا تهني فأهون على خلقك ، صل اللهم على محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما (٣).

توضيح : « يولج الليل في النهار » باذهاب الليل والاتيان بالنهار ، فكأنه ادخل الليل فيه ، وكذا العكس ، أو بالزيادة والنقص في الفصول (٤) « ويخرج الحي

____________________

(١) من تشاء خ ل.

(٢) موفور العمل خ ل.

(٣) مصباح المتهجد ص ٨١٨٥.

(٤) راجع في ذلك ج ٨٣ ص ١٠٤.

١١٢

من الميت » بانشاء النباتات من موادها وإماتتها ، وإنشاء الحيوان من النطفة والنطفة منه ، وروي إخراج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن « بغير حساب » أي كثيرا أو من غير أن يحاسبه عليه.

« بك نمسي » اي بقدرتك وعونك ندخل في المساء والصباح « من أن اذل » على بناء المعلوم من المجرد أو الافعال ، وكذا سائر الفقرات سوى أظلم وأجهل « فانهما على المجرد فقط » يا مصرف القلوب « عن عزماتها وإراداتها « والابصار » عما تريد أن تنظر إليها إذا لم يوافق إرادة الله تعالى ، كما قال : « فأغشيناهم فهم لا يبصرون » (١) ويحتمل أن يراد بالابصار البصائر.

« لا يألوني خبالا » أي لا يقصر في فسادي ، والالو التقصير ، واصله أن يعدى بالحرف يقال ألا في الامر يألو إذا قصر ثم عدي إلى مفعولين كقولهم لا آلوك نصحا ، على تضمين معنى المنع والنقص ، والخبال الفساد ، ويكون في الابدان والافعال والعقول  « وقبيله » أي جنوده ، والدور بغير همز جمع الدار كأسد وأسد.

والهمز الغمز ، والوقيعة في الناس ، وذكر عيوبهم ، وهمزات الشياطين نخساته و غمزاته وطمعه فيه ، وكذا اللمز ومنه قوله تعالى : « ويل لكل همزة لمزة » وقيل : الهمزة هو الذي يعيبك بوجهك ، واللمزة الذى يعيبك في الغيب ، وقيل الغمز ما يكون باللسان والعين والاشارة باليد ، والهمز لا يكون إلا باللسان ، وقيل هما شئ واحد والمراد هنا أنواع مكائد الشيطان ويمكن أن يكون المرادما يصدر من الناس من ذلك ونسبه إلى الشيطان لانه السبب فيه.

والغوايل الشرور والمهالك ، والنفث في العقد وغيرها من قبيل السحر ، وهنا أيضا إما كناية عن تصرفاته في الانسان الشبيهة بالسحر ، أو ما يصدر من الناس بسببه بالشبهات « طلبوك » أي بغير برهان ودليل أو بالتشبيه بالخلق في أفعالهم « جوروك » اي نسبوا الجور والظلم إليك في أفعالهم ، بأن قالوا هو سبحانه يجبرنا على أعمالنا ويعاقبنا عليها ، والفقرة التالية لها مؤكدة ، أو المراد بالثانية أنهم نسبوا مثل

____________________

(٢) يس : ٦.

١١٣

أعمالهم إليك.

« في محاربة أوليائك حاربوك » اي حاربوا أولياءك ولما كان حربهم حربك فهم بذلك حاربوك « وآناء الليل » ساعاته « راقبو » أي انتظروا حلول أوامرك وثوابك و خافوا حلول عقابك « وحرسوك » اي حرسوا أوامرك ونواهيك والحاصل أنهم لم يغفلوا عنك ساعة.

« بكما » أي بالتوسل بكما وشفاعتكما اطلب حاجاتي من الله ، وهذه الفقره معترضة بين الدعاء « حتى أعلمتنيها » أي نهيتني عنها « على علمك » أي على ما تعلم من ذنوبي وعجزي وافتقاري كما ورد في الدعاء عد بحلمك على جهلي ، ويقال : عاد بمعروفه عودا أفضل ، ذكره في المصباح المنير. وقال الفيروز آبادي : العائدة المعروف والصلة والعطف والمنفعة ، ولا يبعد أن يكون على عملك بتقديم الميم اي على الذي عملته وصنعته فيكون نوع استعطاف.

وفي القاموس هدله يهدله هدلا ارسله إلى أسفل وارخاه ، وفي نسخ المصباح  « هدل » على بناء التفعيل ، ولم اره في اللغة ، وثوى بالمكان أقام ، وأثويته وثويته ، ورعت فلانا وروعته أفزعته وأخفته ، وعراني هذا الامر واعتراني غشيني.

« أعددتها » إشارة إلى قوله سبحانه « أعدت للكافرين » (١) وابرزتها إلى قوله تعالى « وبرزت الجحيم للغاوين » (٢) « كأنه جمالات » إشارة إلى قوله عزوجل :  « إنها ترمي بشرر كالقصر ، كأنه جمالات صفر » (٣) الجمالات جمع جمال أو جمالة جمع جمل ، شبهه في عظمه بالجمل ، ووصف بالصفر لما فيه من النارية وقيل : أي سود فان سواد الابل يضرب إلى الصفرة ، وقال الجوهري : صليت اللحم وغيره أصليه صليا إذا شويته ، ويقال أيضا صليت الرجل نارا إذا ادخلته النار ، وجعلته يصلاها ،

__________________

(١) البقرة : ٢٤.

(٢) الشعراء : ٩١.

(٣) المرسلات : ٣٢.

١١٤

فان القيته فيها إلقاء فيها إلقاء كأنك تريد الاحراق قلت أصليته بالالف ، وصليته تصلية والحسيس الصوت الذي يحس به وقيل : الصوت الخفي.

٧ ـ جامع البزنطى : نقلا عن بعض الافاضل عن الحلبي ، عن الصادق عليه‌السلام قال : من قرأ مائة آية بعد العشاء لم يكن من الغافلين.

وعن الحسين بن زياد قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : إني لامقت الرجل يكون قد قرأ القرآن ثم ينام حتى يصبح لا يسمع الله منه شيئا.

٨ ـ رجال الكشى : عن حمدويه ، عن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن هشام المشرقي ، عن الرضا عليه‌السلام قال : إن أهل البصرة سألوني فقالوا : إن يونس يقول : من السنة أن يصلي الانسان ركعتين وهو جالس بعد العتمة ، فقلت : صدق يونس (١).

____________________

(١) رجال الكشي ص ٤١٤ ، تحت الرقم ٣٥١.

١١٥

٦

* ( باب ) *

* « ( فضل صلاة الليل وعبادته ) » *

الايات : آل عمران : والمستغفرين بالاسحار (١).

وقال تعالى : ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون (٢).

اسرى : ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا (٣).

____________________

(١) آل عمران : ١٧.

(٢) آل عمران : ١١٣.

(٣) أسرى : ٧٩ ، ومعنى التهجد هو النوم واليقظة يقال له بالفارسية ( بيدار خوابى ) قال الجوهري هجدوتهجد ، اى نام ليلا ، وهجد وتهجد : أى سهر ، وهومن الاضداد ، ومنه قيل لصلاة الليل التهجد. وعندى أن لغات الاضداد سواء كان في المصادر أو الاسماء هو اجتماع الضدين على الترتيب ، لا أنه يستعمل تارة في هذا وتارة في ضده ، من دون قرينة ، فالجون في الاسماء هو الابيض والاسود كالذي فيه بياض وبجنبه سواد وهكذا ، و في المصادر ومنه التهجد أن ينام الرجل نومة ويستيقظ فيسهر أخرى وهكذا ، وقد كان يفعل النبي النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله كذلك في تهجده بعد نزول الاية الكريمة :

روى الشيخ في التهذيب ( ج ١ ص ٢٣١ ) عن معاوية بن وهب قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول وذكر صلاة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : كان يؤتى بطهور فيخمر عند رأسه ويوضع سواكه تحت فراشه ، ثم ينام ما شاء الله ، فاذا استيقظ جلس ثم قلب بصره في السماء ثم تلا الايات من آل عمران « ان في خلق السموات والارض » الايات ثم يستن ويتطهر ثم يقوم إلى المسجد فيركع اربع ركعات على قدر قراءته ركوعه ، وسجوده على قدر ركوعه يركع حتى يقال : متى يرفع رأسه ويسجد حتى يقال : متى يرفع رأسه ، ثم يعود إلى

١١٦

...............

____________________

فراشه فينام ما شاء الله ، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الايات من آل عمران ، ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد ويصلى الاربع ركعات كما ركع قبل ذلك ، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ، ثم يستيقظ ويجلس ويتلو الايات من آل عمران ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلى الركعتين ثم يخرج إلى الصلاة.

وروى الكلينى ( الكافى ج ٣ ص ٤٤٥ ) باسناده عن الحلبى عن أبي عبدالله مثله ، وقال عليه‌السلام بعد ذلك : « لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ، قلت : متى كان يقوم؟ قال : بعد ثلث الليل ، وفي حديث آخر بعد نصف الليل.

وروى في مشكاة المصابيح ( ص ١٠٧ ) عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف قال : ان رجلا من أصحاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قلت وأنا في سفر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والله لارمقن رسول الله (ص) للصلاة حتى أرى فعله ، فلما صلى صلاة العشاء وهي العتمة اضطجع هويا من الليل ثم استيقظ فنظر في الافق فقال : ربنا ما خلقت هذا باطلا حتى بلغ إلى انك لا تخلف الميعاد ، ثم اهوى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى فراشه فاستل منه سواكا ثم أفرغ في قدح من أداوة عنده ماء فاستن ثم قام فصلى حتى قلت قد صلى قدر ما نام ثم اضطجع حتى قلت قد نام قدر ما صلى ثم استيقظ ففعل كما فعل اول مرة وقال مثل ما قال ، ففعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث مرات قبل الفجر. رواه النسائي.

وروى عن يعلى بن مملك أنه سال أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قراءة النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلاته ، فقالت : وما لكم وصلاته؟ كان يصلى ثم ينام قدر ما صلى ثم يصلى قدر ما نام ثم ينام قدر ما صلى حتى يصبح ثم نعتت قراءته صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا هي قراءة مفسرة حرفا حرفا ، رواه أبوداود والنسائي.

أقول : لا يذهب عليك أن صلاة الليل قد كانت فريضة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل ذلك بآية المزمل : « قم الليل الا قليلا .. ورتل القرآن ترتيلا * ان ناشئة الليل هى أشد وطا وأقوم قيلا ». وفي هذه الاية فرض عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله التهجد بالليل ولذلك فرق النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة ليله

١١٧

الفرقان : والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما (١).

التنزيل : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (٢).

الزمر : أمن هوقانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه (٣).

____________________

بين نومة ونومة على ما عرفت من معنى التهجد وشهدت به روايات الفريقين.

وقوله عزوجل : « نافلة لك » ينظر إلى ما في قوله عزوجل قبل هذه الاية : « أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا » والمراد بما افترض فيها عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله اقامة صلاة المغرب وصلاة الفجر على ما عرفت في ج ٨٢ ص ٣١٧ ، والمعنى أن هاتين الصلاتين اللتين فرض عليك اقامتهما في هاتين الوقتين كرامة مسبوقة وقد فرض على الانبياء قبلك ، وسيفترضان على امتك بالمدينة ، واما التهجد بالليل والصلاة خلال التهجد فهو زيادة على ذلك ، جعلناه عطية لك خاصة وكرامة خصصتك بها ، وعسى الله عزوجل أن يبعثك بهذه العطية والكرامة مقاما محمودا يغبطك به الاولون والاخرون.

(١) الفرقان : ٦٤.

(٢) السجدة : ١٧١٦ ، وهذه الاية بالنسبة إلى المؤمنين كآية الاسراء : ٧٩ بالنسبة إلى النبى ، والمراد في كلتيهما صلاة الليل بالتهجد ، الا أنها فرض على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بظاهر الامر ، ومندوب اليه للمؤمنين بظاهر الاية ، وتأسيا به صلى‌الله‌عليه‌وآله كما سيجئ توضيحه في آية المزمل : فالتجافى في هذه الاية في قبال التهجد في آية الاسراء ، وقوله تعالى :  « فلا تعلم نفس ما أخى لهم من قرة أعين » وقع موقع قوله تعالى : « عسى ربك أن يبعثك مقاما محمودا ». جزاء بما كانوا يعملون.

(٣) الزمر : ٩ ، وقوله تعالى « آناء الليل » لعله اشارة إلى معنى التهجد على ما عرفت.

١١٨

الذاريات : كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالاسحار هم يستغفرون (١).

ق : ومن الليل فسبحه وادبار السجود (٢).

الطور : وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم (٣).

المزمل : يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أوزد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطا وأقوم قيلا * إن لك في النهار سبحا طويلا * واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا (٤).

وقال تعالى : لن ربك يعلم أنك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه و

____________________

(١) الذاريات : ١٨.

(٢) ق : ٤٠.

(٣) الطور : ٤٩.

(٤) المزمل : ٧١ ، وانما قال عزوجل « أو انقص منه قليلا أو زد عليه » لئلا يكون تكليفا شاقا عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يقوم نصف الليل تماما من دون نقص وذلك لان فرائض القرآن كالاساس ، يجب أن يمتثل دقيقا ، لكونه كلام حكيم قد أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ، ولذلك ترى في امثال هذه الموارد التي يتضايق امتثال الفرض على المكلف تبادر الاية بذكر ما يرتفع به الحرج والمشقة :

ففرض عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله أولا أن يقوم الليل الا قليلا ، وبينه بالنصف ، اي قم الليل نصفه ، و معلوم أن من قام نصف الليل بعد نومه فقد نام أقل من النصف ، وذلك لاجل التيقظ في اوائل الليل لصلاة المغرب والعشاء وغير ذلك من المحاوج.

ولما كان المفهوم من الاية أن يقوم النصف ، وكان التحفظ والمراقبة على ذلك شاقا عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، استدرك وقال : « أوانقص منه قليلا » أي من نصف الليل « أوزد عليه » اى على النصف ، فلا عليك أن تتحفظ على حلول نصف الليل بعينه ثم تشتغل بالصلاة ، بل ان استيقظت قبل نصف الليل لا باس عليك فاشتغل بالصلاة وترتيل القرآن فيها ، وان استيقظت بعد نصف الليل فهكذا.

١١٩

طائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤا ما تيسر من القرآن ، علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤا ما تيسر منه (١).

الدهر : ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا (٢).

تفسير : « والمستغفرين بالاسحار » (٣) قال الطبرسي رحمة الله عليه : (٤) المصلين في وقت السحر ، رواه الرضا عليه‌السلام عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، وقيل السائلين المغفرة وقت السحر ، وقيل المصلين الصبح في جماعة ، وقيل الذين تنتهي صلاتهم إلى وقت السحر ثم يستغفرون ويدعون ، وروي عن ابي عبدالله عليه‌السلام أن من استغفر الله سبعين مرة في وقت السحر فهو من أهل هذه الآية ، وروى أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إن الله تعالى يقول : « إني لاهم بأهل الارض عذابا فاذا نظرت إلى عمار بيوتي ، وإلى المتهجدين ، وإلى المتحابين في الله ، وإلى المستغفرين بالاسحار ، صرفته عنهم انتهى.

ولفظ الآية شمل كل مستغفر في السحر وقد ورد في الاخبار تخصيصها بصلاة الوتر ، فيمكن أن يكون الغرض بيان أكمل الافراد ، ويحتمل التخصيص ، وروى في الفقيه (٥) بسند صحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : من قال في وتره إذا أوتر أستغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة وواظب على ذلك حتى تمضي سنة كتبه الله عنده

____________________

(١) المزمل : ٢٠ ، ووزان قوله « أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه » وزان ما مر من قوله عزوجل « نصفه أو انقص منه قليلا او زد عليه » فانطبق امتثال الامر على ما امر به عزوجل في صدر السورة ، وهوواضح لمن تأمل في كلمة « ادنى » حق التأمل.

(٢) الدهر : ٢٦.

(٣) آل عمران : ١٧.

(٤) مجمع البيان ج ٢ ص ٤١٩.

(٥) الفقيه ج ١ ص ٣٠٩.

١٢٠