زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد

السيد محمد كاظم القزويني

زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد

المؤلف:

السيد محمد كاظم القزويني


المحقق: السيد مصطفى القزويني
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الغدير
الطبعة: ١
ISBN: 964-7165-32-3
الصفحات: ٦٩٤

ترحيل آل رسول الله إلى الشام

وقد جاء في كتب التاريخ : أن ابن زياد كتب إلى يزيد بن معاوية رسالة يخبره فيها بقتل الإمام الحسين وأسر نسائه وعياله ، وتفاصيل أخرى عن الفاجعة.

فكتب يزيد في جواب رسالته : أن يبعث إليه برأس الحسين ورؤوس من قتل معه ، والنساء الأسارى.

فاستدعى ابن زياد بـ « مفخر بن ثعلبة العائذي » و « شمر ابن ذي الجوشن » للإشراف على القافلة ومن معها من الحرس ، وسلم إليهم الرؤوس والأسرى ، وأمر بـ « علي بن الحسين » أن تغل يديه إلى عنقه بسلسلة من حديد!

فساروا بهن إلى الشام كما يسار بسبايا الكفار ، يتصفح وجوههن أهل الأقطار! (١)

__________________

١ ـ كتاب « الملهوف » ص ٢٠٨ ، و « الإرشاد » للشيخ المفيد ص ٢٤٥.

٣٦١
٣٦٢

السيدة زينب الكبرى في طريق الشام

لا نعلم ـ بالضبط ـ كم طالت المدة التي تم فيها قطع المسافة بين الكوفة والشام ، ولكننا نعلم أنها كانت رحلة مليئة بالإزعاج والإرهاق وأنواع الصعوبات ، فقد كان الأفراد المرافقون للعائلة المكرمة قد تلقوا الأوامر بأن يعاملوا النساء والأطفال بمنتهى القساوة والفظاظة ، فلا يسمحوا لهم بالإستراحة اللازمة من أتعاب الطريق ومشاقه وصعوباته ، بل يواصلوا السير الحثيث ، للوصول إلى الشام وتقديم الرؤوس الطاهرة إلى الطاغية يزيد.

ومن الثابت ـ تاريخياً ـ أنه كان للسيدة زينب عليها‌السلام الدور الكبير في : إدارة العائلة ، والمحافظة على حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام وحماية النساء والأطفال ، والتعامل معهم بكل عاطفة وحنان .. محاولة منها ملأ بعض ما كانوا يشعرون به من الفراغ العاطفي ،

٣٦٣

والحاجة إلى من يهون عليهم مصائب الأسر ومتاعب السفر.

وروي عن الإمام علي بن الحسين عليه‌السلام أنه قال :

« إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها : الفرائض والنوافل .. من قيام ، عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام!

وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس! فسألتها عن سبب ذلك؟

فقالت : أصلي النوافل من جلوس لشدة الجوع والضعف ، وذلك لأني منذ ثلاث ليال ، أوزع ما يعطونني من الطعام على الأطفال ، فالقوم لا يدفعون لكل منا إلا رغيفاً واحداً من الخبز في اليوم والليلة!! (١)

أجل ..

وقد كانت الحكمة والمصلحة تقتضي أن الإمام زين العابدين عليه‌السلام يبقى بمعزل عن انتباه الأعداء والجواسيس المرافقين ، ولا يتكلم بأية جملة من شأنها جلب الإنتباه إليه. ولذلك فقد جاء في التاريخ : أن الإمام علي بن الحسين ما كان يكلم أحداً من القوم .. طوال الطريق

__________________

١ ـ كتاب « زينب الكبرى » للشيخ جعفر النقدي ، ص ٥٩.

٣٦٤

إلى أن وصلوا إلى باب قصر يزيد بدمشق! (١)

من هنا .. فقد كان الدور الأكبر ملقى على عاتق السيدة الكفوءة زينب العظيمة ( عليها الصلاة والسلام ).

ورغم قلة المعلومات التي وصلتنا عما جرى على السيدة زينب في طريق الشام من الحوادث ، إلا أننا نذكر هذه المقطوعات والعينات التاريخية التي تعبر للقارئ المتدبر الذكي عن أمور كثيرة ، وعن الدور العظيم والمسؤوليات الجسيمة التي قامت بها السيدة زينب الكبرى عليها‌السلام طوال هذه الرحلة :

ونقرأ في بعض كتب التاريخ : أن في طريقهم إلى الشام مروا على منطقة « قصر مقاتل » (٢) وكان ذلك اليوم يوماً شديد الحر ، وقد نزفت القربة التي كانت معهم وأريق ماؤها (٣) فاشتد بهم العطش ، وأمر عمر بن سعد جماعة من قومه أن يبحثوا عن الماء ، وأمر أن تضرب خيمة ليجلس

__________________

١ ـ كتاب « الإرشاد » للشيخ المفيد ، ص ٢٤٥.

٢ ـ قصر مقاتل : قصر كان بين « عين التمر » والشام. منسوب إلى مقاتل بن حسان. وقيل : كان ذلك قرب القطقطانة. كما في « مراصد الإطلاع في أسماء الأمكنة والبقاع » للبغدادي.

٣ ـ نزفت القربة : نفد ماؤها وجفت.

٣٦٥

فيها هو وأصحابه ، لكي تحميهم من حرارة الشمس ، وتركوا عائلة الإمام الحسين عليه‌السلام وجميع النساء والأطفال .. تصهرهم الشمس ، وأقبلت السيدة زينب عليها‌السلام إلى ظل جمل هناك ، وقد أمسكت بالإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام وهو في حالة خطيرة .. قد أشرف على الموت من شدة العطش ، وبيدها مروحة تروحه بها من الحر ، وهي تقول : « يعز علي أن أراك بهذا الحال يا بن أخي »!

وذهبت السيدة سكينة بنت الإمام الحسين عليه‌السلام إلى ظل شجرة كانت هناك ، وعملت لنفسها وسادةً من التراب ونامت عليها ، فما مضت ساعة إلا وبدأ القوم يرحلون عن ذلك المكان مع السبايا ، وتركوا سكينة نائمة في مكانها.

فقالت فاطمة الصغرى ـ وكانت عديلة سكينة (١) ـ للحادي (٢) : « أين أختي سكينة؟! والله لا أركب حتى تأتي بأختي ».

فقال لها : وأين هي؟

__________________

١ ـ عديلة : العديل : الذي يعادلك في المحمل. كما في كتاب « العين » للخليل بن أحمد.

٢ ـ الحادي : السائق للإبل.

٣٦٦

قالت : لا أدري أين ذهبت.

فصاح السائق للقافلة بأعلى صوته : يا سكينة هلمي واركبي مع النساء؟

فلم تستيقظ سكينة من نومتها لشدة ما بها من التعب والإرهاق ، وبقيت نائمة.

ولما أضر بها الحر والعطش إنتبهت من نومتها ، وجعلت تمشي خلف غبار القافلة وهي تصيح : « أخيه فاطمة! ألست عديلتك في المحمل! وأنت الآن على الجمل وأنا حافية؟! ».

فعطفت عليها أختها ، وقالت للحادي : « والله لئن لم تأتني بأختي لأرمين نفسي من هذا الجمل ، وأطالبك بدمي عند جدي رسول الله يوم القيامة »!

فقال لها : من تكون أختك؟

قالت : سكينة التي كان الحسين يحبها حباً شديداً ، فرق لها الحادي ، ورجع إلى الوراء حتى وجد أختها وأركبها معها. (١)

__________________

١ ـ كتاب ( الدمعة الساكبة للبهبهاني المتوفى عام ١٢٨٥ هـ ، طبع لبنان ، ج ٥ ، ص ٧٥. وقد نقلنا الحادثة مع تغيير يسير في بعض العبارات.

المحقق

٣٦٧

وقد جاء في التاريخ ـ أيضاً ـ أن في ليلة من الليالي ، بينما القوم يسيرون في ظلام الليل ، بدأت السيدة سكينة بنت الإمام الحسين عليهما‌السلام بالبكاء ، لأنها تذكرت أيام أبيها ، وما كان لها من العز والإحترام ، ثم هي ـ الآن ـ أسيرة بعد أن كانت أيام أبيها عزيزة ، واشتد بكاؤها ، فقال لها الحادي : أسكتي يا جارية! فقد آذيتيني ببكائك!

فما سكتت ، بل غلب عليها الحزن والبكاء ، وأنت أنة موجعة ، وزفرت زفرةً كادت روحها أن تخرج!!

فزجرها الحادي وسبها ، فجعلت سكينة تقول ـ في بكائها ـ وا أسفاه عليك يا أبي! قتلوك ظلماً وعدوانا!

فغضب الحادي من قولها وأخذ بيدها وجذبها ورمى بها على الأرض!!

فلما سقطت غشي عليها ، فما أفاقت إلا والقافلة قد مشت ، فقامت وجعلت تمشي حافيةً في ظلام الليل ، وهي تقوم مرةً وتقعد مرة!! وتستغيث بالله وبأبيها ، وتنادي عمتها ، وتقول : يا أبتاه مضيت عني وخلفتني وحيدةً غريبةً ، فإلى من ألتجئ وبمن الوذ في ظلمة هذه الليلة في هذه البيداء؟!!

فركضت ساعة من الليل وهي في غاية الوحشة! فلم تر أثراً من القافلة ، فسقطت مغشيةً عليها!!

٣٦٨

فعند ذلك إقتلع الرمح ـ الذي كان عليه رأس الحسين ـ من يد حامله ، وانشقت الأرض ونزل الرمح إلى نصفه في الأرض ، وثبت كالمسمار الذي يثبت في الحائط!!

وكلما حاول حامل الرمح أن يخرجه من الأرض .. لم يتمكن! واجتمعت جماعة من القوم وحاولوا إخراج الرمح فلم يستطيعوا ذلك.

فأخبروا بذلك عمر بن سعد ، فقال : إسألوا علي بن الحسين عن سبب ذلك.

فلما سألوا الإمام عليه‌السلام قال : قولوا لعمتي زينب تتفقد الأطفال ، فلربما قد ضاع منهم طفل.

فلما قيل لزينب الكبرى ذلك ، جعلت تتفقد الأطفال وتنادي كل واحد منهم باسمه ، فلما نادت : بنيه سكينة لم تجبها! فرمت السيدة زينب عليها‌السلام بنفسها من على ظهر الناقة! وجعلت تنادي : واغربتاه! واضيعتاه! واحسيناه!

بنيه سكينة : في أي أرض طرحوك!

أم في أي واد ضيعوك! ورجعت إلى وراء القافلة وهي تعدو في البراري حافية ، وأشواك الأرض تجرح رجليها ، وتصرخ وتنادي!!

٣٦٩

وإذا بسواد قد ظهر فمشت نحوه وإذا هي سكينة ، فرجعتا معاً نحو القافلة. (١)

وروي عن الإمام محمد الباقر عليه‌السلام أنه سأل أباه علي بن الحسين عليهما‌السلام عما جرى له في طريق الشام؟

فقال الإمام علي بن الحسين : حملت على بعير هزيل ، بغير وطاء ، ورأس الحسين عليه‌السلام على علم ، ونسوتنا خلفي ، على بغال ، والحرس خلفنا وحولنا بالرماح ، إن دمعت من أحدنا عين قرع رأسه بالرمح! حتى دخلنا دمشق ، صاح صائح : يا أهل الشام : هؤلاء سبايا اهل البيت. (٢)

__________________

١ ـ كتاب « معالي السبطين » ج ٢ ، الفصل الثالث عشر ، المجس الثالث عشر ، وهو ينقل ذلك عن كتاب « مصباح الحرمين ».

٢ ـ كتاب « الإقبال » للسيد ابن طاووس.

٣٧٠

السيدة زينب الكبرى في الشام

ووصل موكب الحزن والأسى إلى دمشق : عاصمة الأمويين ، ومركز قيادتهم ، وبؤرة الحقد والعداء ، ومسكن الأعداء الألداء.

وقد إتخذ يزيد التدابير اللازمة لصرف الأفكار والأنظار عن الواقع والحقيقة ، محاولا بذلك تغطية الأمور وتمويه الحقائق ، فأمر بتزيين البلدة بأنواع الزينة ، ثم الإعلان في الناس عن وصول قافلة أسارى وسبايا ، خرج رجالهم من الدين فقضى عليهم يزيد وقتلهم وسبى نساءهم ليعتبر الناس بهم ، ويعرفوا مصير كل من يتمرد على حكم يزيد!

ومن الواضح أن الدعاية والإعلام لها دورها في تمويه الحقائق ، وخاصة على السذج والعوام من الناس.

٣٧١

إستمع إلى الصحابي : سهل بن سعد الساعدي قال : « خرجت إلى بيت المقدس ، حتى توسطت الشام ، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار ، كثيرة الأشجار ، قد علقوا الستور والحجب والديباج ، وهم فرحون مستبشرون ، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول.

فقلت ـ في نفسي ـ : لا نرى لأهل الشام عيداً لا نعرفه نحن. فرأيت قوماً يتحدثون ، فقلت : يا قوم لكم بالشام عيد لا نعرفه نحن؟!

قالوا : يا شيخ نراك أعرابياً غريباً!

فقلت : أنا سهل بن سعد ، قد رأيت محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قالوا : يا سهل ، ما أعجبك السماء لا تمطر دماً ، والأرض لا تنخسف بأهلها!

قلت : ولم ذاك؟

قالوا : هذا رأس الحسين عترة محمد يهدى من أرض العراق!

فقلت : واعجباه .. يهدى رأس الحسين والناس يفرحون؟!

ثم قلت : من أي باب يدخل؟

٣٧٢

فأشاروا إلى باب يقال له : « باب الساعات ».

فبينا أنا كذلك إذ رأيت الرايات يتلو بعضها بعضاً ، فإذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان (١) عليه رأس من أشبه الناس وجهاً برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فإذا أنا من ورائه رأيت نسوةً على جمال بغير وطاء ، فدنوت من أولاهن ، فقلت : يا جارية : من أنت؟

فقالت : أنا سكينة بنت الحسين.

فقلت لها : الك حاجة إلي؟ فأنا سهل بن سعد ممن رأى جدك وسمعت حديثه.

قالت : يا سهل : قل لصاحب هذا الرأس أن يقدم الرأس أمامنا ، حتى يشتغل الناس بالنظر إليه ولا ينظروا إلى حرم رسول الله.

قال سهل : فدنوت من صاحب الرأس فقلت له : هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ مني أربعمائة ديناراً؟

قال : ما هي؟

قلت : تقدم الرأس أمام الحرم.

__________________

١ ـ اللواء : العلم ، وهو دون الراية. كما في « المعجم الوسيط ». والسنان : الحديدة التي في رأس العلم أو رأس الرمح.

٣٧٣

ففعل ذلك.

فدفعت إليه ما وعدته ... ». (١)

* * * *

ولما أدخلوهن دمشق طافوا بهن في الشوارع المؤدية إلى قصر الطاغية يزيد ، ومعهن الرؤوس على الرماح ، ثم جاؤوا بهن حتى أوقفوهن على دكة كبيرة كانت أمام باب المسجد الجامع ، حيث كانوا يوقفون سبايا الكفار على تلك الدكة (٢) ، ويعرضونهم للبيع ، ليتفرج عليهم المصلون لدى دخولهم إلى المسجد وخروجهم منه ، وبذلك يختاروا من يريدونه للإستخدام ويشتروه.

نعم ، إن الذين كانوا يعتبرون أنفسهم مسلمين ، ومن أمة محمد رسول الله .. أوقفوا آل الرسول على تلك الدكة.

يا للأسف!

يا للمأساة!

يا للفاجعة!

__________________

١ ـ بحار الأنوار للشيخ المجلسي ، ج ٤٥ ص ١٢٧ باب ٣٩. وكتاب « تظلم الزهراء » ، ص ٢٧٥.

٢ ـ كتاب « معالي السبطين » ج ٢ ، ص ١٤٠ الفصل الرابع عشر ، المجلس الرابع. وقد نقلنا مضمون ذلك.

٣٧٤

يا للمصيبة!

وجاء شيخ (١) ودنى من نساء الحسين عليه‌السلام وقال :

« الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم ، وأراح البلاد من رجالكم ، وأمكن أمير المؤمنين منكم ».

فقال له علي بن الحسين عليه‌السلام : « يا شيخ : هل قرأت القرآن »؟

قال : نعم.

قال : فهل عرفت هذه الآية : « قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى » (٢)؟

قال الشيخ : قد قرأت ذلك.

فقال له الإمام : « نحن القربى يا شيخ ، فهل قـرأت : « وآت ذا القـربى حقـه »؟ (٣)

فقال الشيخ : قد قرأت ذلك.

فقال الإمام : « فنحن القربى يا شيخ ، فهل قرأت

__________________

١ ـ شيخ : أي : رجل طاعن في السن.

٢ ـ سورة الشورى ، الآية ٢٣.

٣ ـ سورة الإسراء ، الآية ٢٦.

٣٧٥

هذه الآية « واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى » »؟ (١)

قال : نعم.

فقال الإمام : « فنحن القربى يا شيخ ، وهل قرأت هذه الآية : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً » ». (٢)

قال الشيخ : قد قرأت ذلك.

فقال الإمام : « نحن أهل البيت الذين خصنا الله بآية الطهارة يا شيخ ».

قال الراوي : بقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلم به ، وقال ـ متعجباً ـ : تالله إنكم هم؟!

فقال علي بن الحسين : « تالله إنا لنحن هم .. من غير شك ، وحق جدنا رسول الله إنا لنحن هم ».

فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إني أبرأ إليك من عدو آل محمد ، من الجن والإنس.

____________

١ ـ سورة الأنفال ، الآية ٤١.

٢ ـ سورة الأحزاب ، الآية ٣٣.

٣٧٦

ثم قال : هل لي من توبة؟

فقال له الإمام : « نعم ، إن تبت تاب الله عليك ، وأنت معنا ».

فقال الشيخ : أنا تائب.

فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ ، فأمر به فقتل. (١)

__________________

١ ـ كتاب « الملهوف على قتلى الطفوف » ص ٢١١. وكتاب « تظلم الزهراء » ، ص ٢٧٨.

٣٧٧
٣٧٨

الدخول في مجلس الطاغية يزيد

روي عن الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام أنه قال : « لما أرادوا الوفود بنا على يزيد بن معاوية أتونا بحبال وربطونا مثل الأغنام (١) وكان الحبل بعنقي وعنق أم كلثوم ، وبكتف زينب وسكينة والبنيات ، وساقونا وكلما قصرنا عن المشي ضربونا ، حتى أوقفونا بين يدي يزيد ، فتقدمت إليه ـ وهو على سرير مملكته ، وقلت له : ما ظنك برسول الله لو يرانا على هذه الصفة »؟!

فأمر بالحبال فقطعت من أعناقنا واكتافنا. (٢)

وروي ـ أيضاً ـ أن الحريم لما أدخلن إلى يزيد بن

__________________

١ ـ وفي نسخة : وربقونا.

٢ ـ كتاب « المنتخب » للطريحي ، ج ٢ ص ٤٧٣ ، المجلس العاشر. وكتاب « تظلم الزهراء » ص ٢٧٨.

٣٧٩

معاوية ، كان ينظر إليهن ويسأل عن كل واحدة بعينها وهن مربطات بحبل طويل ، وكانت بينهن امرأة تستر وجهها بزندها ، لأنها لم تكن عندها ما تستر به وجهها.

فقال يزيد : من هذه؟

قالوا : سكينة بنت الحسين.

فقال : أنت سكينة؟

فبكت واختنقت بعبرتها ، حتى كادت تطلع روحها!!

فقال لها : وما يبكيك؟

قالت : كيف لا تبكي من ليس لها ستر تستر وجهها ورأسها ، عنك وعن جلسائك؟! (١)

__________________

١ ـ كتاب « المنتخب » للطريحي ، ج ٢ ص ٤٧٣ ، المجلس العاشر. وكتاب « تظلم الزهراء » ص ٢٧٩.

٣٨٠