الشيخ مفلح بن الحسين (الحسن) بن راشد (رشيد) ابن صلاح البحراني
المحقق: الشيخ عبدالرضا النجفي
الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٥٢
أبي طالب عليهالسلام وأولاده ، وقتلوا ذرّيّته وشيعته ، ومنعوا من كلّ (١) حديث يتضمّن له فضيلة ، أو يرفع له ذكرا ، ولعنوه على المنابر حتى تولى عمر بن عبد العزيز ، فرفع اللعن (٢) عنه (٣) ، ومع ذلك ، لم يزد ذكره ، إلاّ علوّا ، وشرفه إلاّ سموّا (٤).
روى (٥) ابو عثمان الجاحظ (٦) ـ وهو من علماء السنّة وكان (٧) أشدّهم عنادا وعداوة لأهل البيت عليهمالسلام أن قوما من بني أمية قالوا لمعاوية : يا أمير المؤمنين (٨)! قد بلغت ما أمّلت فلو كففت عن لعن (٩) هذا الرجل؟! فقال : لا والله حتى يربوا عليه (١٠) الصغير ويهرم عليه (١١) الكبير (١٢) (١٣).
__________________
(١) لا توجد كلمة : كل في الطبعة الحجرية.
(٢) لا توجد كلمة : اللعن ، في نسخة (ر).
(٣) لاحظ : معجم البلدان : ٤/٢٣٨ ، فتوح البلدان : ٤٥ ، الكامل لابن الأثير : ٣/٢٥٥ / ، حياة الحيوان : ١/٦٨ ، ربيع الأبرار : ١/٣١٦ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤/٥٦ ـ ٥٨ ، الغدير : ٢/١٠١ ـ ١١٣ عن عدة مصادر .. وغيرها.
(٤) من قوله : ومع ذلك .. الى هنا لا يوجد في مطبوع الكتاب ، ولا نسخة ( ألف ).
(٥) في نسخة ( ألف ) و (ر) : وروى.
(٦) في نسخة ( ألف ) : الحافظ ، بدلا من : الجاحظ.
(٧) لا يوجد في نسخة ( ألف ) : وكان.
(٨) لا يوجد : يا أمير المؤمنين ، في الطبعة الحجرية ، ونسخة ( ألف ).
(٩) لا توجد : لعن ، في الطبعة الحجرية ، ونسخة ( ألف ).
(١٠) في نسخة (ر) : عليها ، بدلا من : عليه.
(١١) في نسخة (ر) : عليها ، بدلا من : عليه.
(١٢) في مطبوع الكتاب : حتى يهرم عليها الكبير ، ويكبر عليها الصغير.
(١٣) مروج الذهب : ٣/٢٢٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤/٥٧ ، و ٥/١٢٩ ـ ١٣١.
ولقد صرّح أكثر علماءهم بأنّ (١) عليّا عليهالسلام أحق بهذا الأمر من (٢) غيره ، وإنّما (٣) مالوا عنه وعن أولاده حبّا للدّنيا (٤) ، كما قال أبو فراس بن (٥) حمدان في هذا المعنى شعرا (٦) :
والله (٧) ما جهل الأقوام موضعها |
|
لكنّهم ستروا وجه الذي علموا (٨) |
وأنا أذكر بعض من صرّح بذلك ، وإنما انحرف (٩) عن آل محمد صلوات الله عليهم ميلا الى الدنيا :
فمنهم : عمرو بن العاص ؛ وذلك أنه لما كتب اليه معاوية يستعينه على حرب أمير المؤمنين عليهالسلام ورغّبه في الأموال و ولاّه (١٠) مصر ، فشاور عبداً له يقال له : وردان ، ـ وكان غلاماً (١١) عاقلا ـ فقال له وردان : إنّ مع عليّ (١٢) آخرة
__________________
(١) في مطبوع الكتاب ونسخة ( ألف ) : بعضهم أن ..
(٢) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : بالأمر عن..
(٣) في نسخة (ر) زيادة : ما هنا ، ولا وجه لها.
(٤) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢/٥٧ ـ ٥٨ ، ٩/١٩٦ ، السقيفة للجوهري : ٢/٥١ ، ٥٢ ، ٧٠.
(٥) في بعض النسخ : من ، بدلا من : بن ، ولها وجه.
(٦) قوله : في هذا المعنى شعرا .. لا توجد في الطبعة الحجرية ، ونسخة ( ألف ).
(٧) في الطبعة الحجرية : وتالله.
(٨) وتما القصيدة في ديوانه المخطوط ، المشفوع بشرحه لابن خالويه النحوي المعاصر له المسمّى بـ : منن الرحمن : ١/١٤٣ ، أنظر الغدير : ٣/٣٩٩.
(٩) في المطبوع ونسخة ( ألف ) : مال ، بدلا من : انحرف ، و : عنهم ، بدلا من : آل محمد (ص).
(١٠) في نسخة (ر) ونسخة ( ألف ) زيادة : به.
(١١) لا توجد كلمة : غلاما ، في نسخة (ر) و ( ألف ).
(١٢) في نسخة (ر) : عليا معه.
ولا دنيا معه ، وهي التي تبقى لك وتبقى لها ، وإن مع معاوية دنيا ولا آخرة معه (١) ، وهي التي لا تبقى لأحد (٢) ، فإختر لنفسك (٣) ما شئت ، فتبسّم عمرو ، ثمّ (٤) قال :
يـا قـاتـل الله وردانـا وفـطنتـه |
|
لقد أصاب الذي في القلب (٥) وردان |
لمّا تعرّضت للـدّنيا (٦) عرضت لها |
|
بحرص نفس وفي الأطباع أذهــان |
نفس تعفّ وأخرى الحرص يغلبها (٧) |
|
والمرء يأكل تبناً (٨) وهو غرْثان (٩) |
أمـّا عـليّ فـدين ليـس يـشركه |
|
دنــيا وذاك لـه دنـيا وسـلطان |
فاخترت من طمعي دنـيا على بصر |
|
ومـا معي بـالّذي اختـار برهـان |
أني لأعرف ما فيهـــا وأبصـره |
|
وفيّ أيضا لمن (١٠) أهواه ألــوان |
لكنّ نفسي تحــبّ العيش في شرف |
|
وليش يرضى بــذلّ العيش إنسان |
ثمّ إن عمرا رحل الى معاوية ، فلما بلغ مفرق الطريقين (١١) ـ طريق الشام
__________________
(١) في الطبعة الحجرية : له ، بدلا من : معه.
(٢) في نسخة (ر) : على أحد.
(٣) لا توجد كلمة : لنفسك ، في نسخة ( ألف ) و (ر).
(٤) في المطبوع : واو ، بدلا من : ثمّ.
(٥) في مطبوع الكتاب : قلب.
(٦) في نسخة (ر) : الدنيا.
(٧) في نسخة (ر) : يقتلها ، بدلا من : يغلبها.
(٨) في الطبعة الحجرية : نتنا ، وفي نسخة (ر) : شيئا.
(٩) الغرث : الجوع ، انظر : جمهرة اللغة : ٤٢٢.
وفي نسخة (ر) : غرمان ، وفي الطبعة الحجرية : عرثان.
(١٠) في نسخة ( ألف ) و (ر) : لماّ ، بدلا من : لمن.
(١١) في نسخة (ر) : فلماّ صار في بعض الطريق بمفرق .. ألى آخر.
والعراق ـ قال (١) له وردان : طريق العراق طريق الآخرة ، وطريق الشام طريق الدنيا .. فاختر لنفسك أيّهما (٢) تسلك؟ فقال : طريق الشام (٣).
فهذا عمرو بن العاص وعبده اعترفا أن الحق مع عليّ (٤) ، وما مال عمرو الى معاوية إلاّ لطلب الدنيا والرئاسة (٥).
ومنهم : عبد العزيز بن مروان (٦) بن عبد العزيز.
روى أبو عثمان الجاحظ (٧) المتظاهر بالتّعصب على أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال عمر بن عبد العزيز : كنت أحضر بجنب المنبر في المدينة (٨) ـ وأبي يخطب ـ فكنت أسمعه يمرّ في خطبة تهدر شقاشقه (٩) حتى يأتي الى لعن (١٠) عليّ عليه الصلاة
__________________
(١) في نسخة (ر) : فقال.
(٢) في الطعبة الحجرية ونسخة ( ألف ) : فأيهما .. بدلا من : فأختر لنفسك أيّهما.
(٣) لاحظ : كتاب الصفّين لابن مزاحم : ٣٤ ـ ٤٠ ، الكامل للمبرد : ١/٢٢١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢/٦١ ـ ٦٤ و ١٢/٢٢٢ ، تاريخ اليعقوبي : ٢/١٨٤ ـ ١٨٦ ، رغبة الآمل من كتاب الكامل : ٣/١٠٨ ، قصص العرب : ٢/٣٦٨ ، المناقب للخوارزمي ١٢٩ ـ ١٣٢ .. وغيرها.
(٤) في نسخة (ر) : لعلي بن أبي طالب عليهالسلام.
(٥) لا توجد كلمة : والرئاسة ، في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ).
(٦) هنا زيادة كلمة : أبو عمر ، في المطبوع ونسخة ( ألف ) ، ولا وجه لها.
(٧) لا توجد كلمة : الجاحظ ، في الطبعة الحجرية ، ونسخة ( ألف ).
(٨) في نسخة ( ألف ) والمطبوع بدلا من : بجنب المنبر .. الى آخره : منبر الكوفه!.
(٩) تهدر شقاشقه : ردّد صوته في حنجرته .. ، قاله في صحاح اللغة : ٢/٨٥٣ ، وفي صحاح الجوهري ٣/١٥٠٣ : شقق الكلام .. إذا أخرجه أحسن مخرج ... وإذا قالوا للخطيب : ذوشقشقة .. فإنما يشبّه بالفحل [ أي هدر ] ، وانظر : القاموس المحيط ٣/٢٥٠.
(١٠) في الطبعة الحجرية : طعن .. بدلا من : لعن ، ولا توجد : الى ، في نسخة ( ألف ).
والسلام ، فيحجم ، ويعرض له من الفهاهة (١) والحصر ما الله أعلم به (٢) ، فكنت أعجب من ذلك ، فقلت له يوما : يا أبت! أنت أفصح الناس وأخطبهم ، فما بالي (٣) أراك أفصح خطيب يوم حفلك (٤) حتى إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت لَكِنَاً عيّا؟!
فقال : يابنيّ! إن من ترى (٥) تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم لو علموا من فضائل (٦) هذا الرجل ما يعلمه أبوك ما تبعنا منهم واحد.
فوقعت (٧) كلمته في صدري موقعا عظيما (٨) ، فأعطيت الله عهدا إن كان لي في هذا الأمر نصيب لأغيّرنّ ذلك ولابدّلنّه (٩).
فلمّا منّ الله عليّ بالخلافة أسقطت ذلك اللعن (١٠) وجعلت مكانه : ( إِنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإِيتاءِ ذِي القُربى وَيَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ
__________________
(١) الفهاهة : العيّ ، رجل فهّ بينّ الفهاهة إذا كان عييّا ، كما في جمهرة اللغة : ١/١٦٢ ، وفي النهاية : ٣/٤٨٢ : .. أراد بالفهة : السّقطة والجهلة..
(٢) في نسخة (ر) : به أعلم ، ولا توجد : به ، في نسخة ( ألف ).
(٣) في نسخة ( ألف ) : فما لي.
(٤) لا توجد في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) : يوم حفلك .. والحفل : الإجتماع والاحتشاد للقوم فيه. لاحظ : الصحاح : ٤/١٦٧٠ وغيره.
(٥) لا توجد كلمة : ترى ، في نسخة (ر).
(٦) في المطبوع من الكتاب ونسخة ( ألف ) : فضل.
(٧) في الطعبة الحجرية وكذا نسخة ( ألف ) : فوقّرت .. بدلا من : فوقعت.
(٨) لا توجد في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : موقعا عظيما.
(٩) جملة : ذلك ولابدّلنّه .. لا توجد في مطبوع الكتاب.
(١٠) في الطبعة الحجرية : الطعن .. بدلا من : اللعن.
يَعِظُكُم لَعَلّكُم تَذَكَّرُونَ ) (١) وكتبت به (٢) الى الآفاق فصار سنة الى الآن (٣).
فانظروا ـ هداكم الله ـ الى اعتراف عبد العزيز بن مروان ـ الذي نقله عنه (٤) الجاحظ (٥) ونقله عنه ابن أبي الحديد المدايني (٦) ـ ؛ كيف اعترف أنّ الحقّ لعليّ عليهالسلام ، وإنما شبّهوا على العامة فانقادوا لهم اختيارا ، وانقادت العلماء اظطرارا ، وتابعوهم خوفا وطمعا.
ومما رواه ابن أبي الحديد (٧) عن ابن الكلبي (٨) ـ وهما من علماء السنّة ـ قال ابن أبي الحديد : أنا أذكر هاهنا (٩) الخبر [ المروي ] المشهور عن عمر [ بن عبد العزيز ] وهو من رواية ابن الكلبي (١٠) ، قال : بينا عمر بن عبد العزيز جالسا في مجلسه (١١) إذ (١٢) دخل عليه حاجبه ، ومعه (١٣) امرأة أدماء ، طويلة ، حسنة
__________________
(١) سورة النحل (١٦) : ٩٠.
(٢) في الحجرية : بها ، بدلا من : به ، وهو خلاف الظاهر.
(٣) انظر : الكامل لابن الأثير : ٥/٤٢ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤/٥٨.
(٤) لا توجد : عنه في نسخة (ر).
(٥) في نسخة ( ألف ) : الحافظ.
(٦) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢/٦١ ـ ٦٤.
(٧) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٢٠/٢٢٢ ـ ٢٢٥ باختلاف يسير أشرنا لغالبه.
(٨) في نسخة (ر) : وروى ابن أبي الحديد عن الكلبي..
(٩) لا يوجد في نسخة ( ألف ) : أنا أذكر هاهنا. وقد جاء في المصدر.
(١٠) لا يوجد من قوله : قال ابن .. الى ابن الكلبي ، في نسخة (ر).
(١١) في الطبعة الحجرية : مجلس.
(١٢) لا يوجد : إذ .. في شرح النهج.
(١٣) لا توجد : معه ، في نسخة ( ألف ).
الجسم والقامة ، ورجلان متعلّقان بها ، ومعهم (١) كتاب من ميمون بن مهران ، ـ وكان ميمون عاملا لعمر بن عبد العزيز على بلاد الجزيرة وما والاها (٢) ـ الى عمر (٣) ، فدفعوا إليه الكتاب ، ففضّه فإذا فيه (٤) :
بسم الله الرحمن الرحيم
الى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز من ميمون بن مهران
سلام الله (٥) عليك ورحمة الله وبركاته!
أما بعد ؛ فإنه (٦) ورد علينا أمر ضاقت به الصدور ، وعجزت عنه الأوساع (٧) ، و (٨) هربنا بأنفسنا عنه (٩) ، و وكلناه الى عالمه ، لقول الله عزّوجلّ : ( وَ لَو رُدُّوْهُ إلىَ الرَّسُولِ وإلى أُولِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم ) (١٠) وهذه المرأة والرجلان ، أحدهما زوجها والآخر أبوها ، وإنّ أباها ـ يا أمير المؤمنين! ـ زعم أنّ زوجها حلف بطلاقها أنّ علي بن أبي طالب عليهالسلام خير هذه الأمة
__________________
(١) في نسخة (ر) : معهما.
(٢) من قوله : وكان ... الى هنا لا يوجد في المطبوع وكذا المصدر.
(٣) لا بوجد في الطبعة الحجرية ونسخة (ر) : الى عمر. كما لا يوجد من قوله : وكان ميمون .. الى هنا في نسخة ( ألف ).
(٤) في الطبعة الحجرية : وكان فيه .. بدلا من : ففضّه فإذا فيه ..
(٥) لم يرد لفظ الجلالة في المصدر.
(٦) في نسخة (ر) : فقد .. بدلا من : فإنّه.
(٧) الأوساع ، جمع : وسع ، وهو الطاقة. انظر القاموس المحيط ٣/٩٣ وغيره.
(٨) الواو زيدت من المصدر.
(٩) لا يوجد في المطبوع من الكتاب : هربنا بأنفسنا عنه ، وفي نسخة (ر) جاءت العبارة هكذا : فهرهبنا [ كذا ] عنه بأنفسنا ، ولا توجد : عنه ، في نسخة ( ألف ).
(١٠) سورة النساء (٤) : ٨٣.
وأولاها برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنه يزعم أن ابنته طلقت منه ، وأنه لا يجوز له (١) في دينه أن يتّخذه (٢) صهرا ، وهو يعلم أنها حرام عليه كأمّه (٣) ، وأن الزوج يقوله له (٤) : كذبت واثمت .. فقد والله (٥) برّ قسمي ، وصدقت مقالتي ، وأنها (٦) إمرأتي على رغم أنفك وغيظ قلبك ، فاجتمعوا اليّ يختصمون في ذلك ، فسألت الرجل (٧) عن يمينه ، فقال : نعم ، قد كان ذلك ، وقد حلفت بطلاقها أن علياً (٨) خير هذه الأمة وأولادها برسول الله [ صلىاللهعليهوآلهوسلم ] ، عرفه من عرفه وأنكره (٩) من أنكره ، فليغضب من غضب ، وليرض من رضي ، وتسامع الناس بذلك ، فاجتمعوا له (١٠) ، وان كانت الألسن مجتمعة فالقلوب شتّى ، وقد علمت ـ يا أمير المؤمنين! ـ إختلاف الناس في أهوائهم ، وتسرّعهم الى ما فيه (١١) الفتنة ، فأحجمنا عن الحكم لتحكم (١٢) بما أراك الله ، وأنهما تعلّقا بها (١٣) ،
__________________
(١) لا توجد : له ، في الطبعة الحجرية.
(٢) لا يوجد الضمير المتصل في نسخة (ر).
(٣) كلمة : كأمّه ، لا توجد في نسخة (ر).
(٤) كلمة : له ، مزيدة من المصدر.
(٥) حذف لفظ الجلالة من مطبوع الكتاب ، ونسخة ( ألف ) ، والمصدر ، وفيه : لقد.
(٦) في نسخة (ر) : وهي ، بدلا من : وأنّها.
(٧) لا يوجد في المطبوع من الكتاب ونسخة ( ألف ) : فسألت الرجل.
(٨) في نسخة (ر) : علي بن أبي طالب.
(٩) في نسخة ( ألف ) : عرف من عرفه وأنكر..
(١٠) لا توجد كلمة : له .. في نسخة (ر).
(١١) لا توجد كلمة : ما فيه .. في نسخة (ر).
(١٢) في شرح النهج : لنحكم.
(١٣) جاءت العبارة في نسخة (ر) هكذا : وأنما تعلق بها أبواها ، وحلف أن لا يدعها معه ..
وأقسم أبوها أن لا يدعها معه (١) ، وأقسم (٢) زوجها أن لا يفارقها ولو ضربت عنقه (٣) إلاّ أن يحكم عليه بذلك حاكم لا يستطيع مخالفته والإمتناع منه ، فرفعناهم إليك ـ يا أمير المؤمنين! (٤) ـ أحسن الله توفيقك وأرشدك (٥) ..
وكتب في أسفل الكتاب هذه الأبيات :
إذا ما المـشكـلات وردن يـوماً |
|
فـحـارت (٦) في تأمّـلها العـيون |
وضاق القوم ذرعـا عن (٧) نـباها |
|
فأنت لهـا ـ أبـا حفص ـ أمـين |
لأنك قـد حـويت العـلم طـرّا |
|
وأحكمك التـجارب والشـؤون (٨) |
وخلّفك الإلـه عـلى البرايـا (٩) |
|
فـحظّك فـيهـم الحـظّ الّثمـين |
قال : فجمع عمر بن عبد العزيز بني هاشم وبني أميّة وأفخاذ قريش ، ثمّ قال لأب المرأة : ما تقول أيّها الشيخ (١٠)؟ قال : يا أمير المؤمنين! هذا الرجل زوّجته ابنتي ، وجهزتها إليه بأحسن ما تجهّز (١١) به مثلها ، حتى أذا أمّلت خيره ،
__________________
(١) قوله : وأقسم أبوها .. الى هنا لا يوجد في مطبوع الكتاب.
(٢) في نسخة (ر) : وحلف .. بدلا من : وأقسم.
(٣) في المصدر : عنقها.
(٤) لا توجد : يا أمير المؤمنين .. في نسخة ( ألف ).
(٥) في نسخة (ر) : وتسديدك ..
(٦) في نسخة (ر) : وضاقت.
(٧) في الطبعة الحجرية : من ، بدلا من : عن ، وفي (ر) : في.
(٨) في نسخة (ر) : الفنون ، وفي الطبعة الحجرية : من الشؤون.
(٩) في شرح النهج : الرعايا ، بدلا من : البرايا.
(١٠) في نسخة (ر) : يا شيخ.
(١١) في نسخة (ر) : تجهيز ، بدلا من : ما تجهزّ به ، وفي نسخة ( ألف ) : ما يتجهّز مثلها. وفي المصدر : يجهّز.
ورجوت صلاحه (١) ، حلف بطلاقها كاذبا ، ثمّ اراد الإقامة (٢) معها.
فقال له (٣) عمر : يا شيخ! لعلّه لم يطلّق امرأته ، وكيف حلف؟ فقال الشيخ : سبحان الله! إنّ (٤) الذي حلف عليه لأبين حنثا (٥) و أوضح (٦) كذبا من أن يختلج في صدري منه شكّ ـ مع كبر (٧) سنّي وعلمي ـ لأنه زعم أن علياً خير هذه (٨) الأمة ، وإلاّ (٩) وامرأته طالق ثلاثا.
فقال للزوج : ما تقول!؟ أهكذا حلفت (١٠)؟
قال : نعم ـ فقيل أنّه لمّا قال نعم كاد (١١) المجلس يرتج بأهله ، وبنو أميّة ينظرون إليه شزراً (١٢) إلاّ أنهم لم ينطقوا بشيء ، كلّ ينظر الى وجه
__________________
(١) في نسخة ( ألف ) : خيرهم ، ورجوت صلاحهم.
(٢) في الطبعة الحجرية : المقام ، بدلا من : الإقامة.
(٣) لا توجد : له ، في نسخة (ر).
(٤) لا توجد : إنّ ، في المصدر.
(٥) لاتوجد في نسخة (ر) : لأبين حنثا ، وفي الطبعة الحجرية : أبين خبثا ، وفي نسخة ( ألف ) : ليبيّن حنثا.
(٦) في نسخة (ر) : ولأوضح ..
(٧) كلمة : كبر من نسخة ( ألف ) ، ولم ترد في غيرها ، كما لم ترد في المصدر المطبوع.
(٨) لا توجد : هذه ، في نسخة (ر).
(٩) كذا في المصدر ونسخة ( ألف ) ، ولا توجد : إلا ، في مطبوع الكتاب. والظاهر : وإلا فإمرأته..
(١٠) في نسخة ( ألف ) : طلّقت ، بدلا من : حلفت.
(١١) في نسخة (ر) : قيل لما قال : نعم كاد ..
(١٢) الشزر : هو النظر بمؤخّر العين .. قاله في جمهرة اللغة : ٢/٧٠٤ ، وفي النهاية : ٢/٤٧٠ : الشزر : النظر عن اليمين والشمال. وليس بستقيم الطريقة .. قال : وأكثر ما يكون النظر الشزر في حال الغضب والى الأعداء. وفي الطبعة الحجرية : شرزا ، وهو تصحيف.
عمر (١) ـ فأكبّ عمر مليّا ينكت (٢) بيده (٣) الأرض والقوم (٤) صامتون ينظرون ما يقوله ، ثمّ رفع رأسه ، وقال :
إذا ولّى الحكـومـة بين قــوم |
|
اصـاب الحـقّ والتمـس السـدادا |
ومـا خـير الأنام (٥) إذا تـعدّى |
|
خـلاف الحـقّ واجـتنب الرشـادا |
ثمّ قال للقوم : ما تقولون في يمين هذا الرجل؟ فسكتوا فلم ينطقوا بشيء (٦) ، فقال : سبحان الله! قولوا!؟ فقال رجل من بني أميّة : هذا حكم في فرج ، ولسنا نجتري على القول فيه ، وأنت عالم بالقول (٧) ، مؤتمن لهم وعليهم ، فقال (٨) : قل ما عندك فإن القول ما لم يكن (٩) يحقّ باطلا ويبطل حقا جائز عليّ في مجلسي ، قال : لا (١٠) أقول شيئا ، فالتفت عمر (١١) الى رجل من بني هاشم من ولد عقيل بن أبي
__________________
(١) في نسخة (ر) : وجعلوا ينظروا الى وجه عمر.
(٢) في نسخة (ر) : ينكب. وفي نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : ينكث.
(٣) لا توجد كلمة : بيده ، في نسخة (ر) ، وفي نسخة ( ألف ) : ينكث الارض بيده. والصواب ما أثبتناه ، حيث يقال : نكت الأرض بالقضيب هو أن يؤثر فيها بطرفه فعل المفكر المهوم. أما النكث فهو نقض العهد ، والنكب هو الإمالة. انظر : النهاية : ٥/١١٥ وغيرها.
(٤) في نسخة (ر) : الأرض بأصبعه والناس ..
(٥) في المصدر : الإمام ، بدلا من : الأنام.
(٦) حملة : فلم ينطقوا بشيء ، لا توجد في مطبوع الكتاب ، ونسخة ( ألف ) ، وكذا المصدر.
(٧) في نسخة (ر) : أعلم بالقوم.
(٨) لا يوجد في المصدر : فقال.
(٩) لا توجد في الطبعة الحجرية : فإن القول ما لم يكن .. وفيه : ما .. وكذا نسخة (ر). ولا توجد : يكن ، في نسخة ( ألف ).
(١٠) في نسخة (ر) : ما ، بدلا من : لا.
(١١) لا توجد كلمة : عمر ، في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) وكذا المصدر.
طالب فقال له : ما تقول يا عقيليّ (١) فيما حلف به (٢) هذا الرجل (٣)؟! فاغتنمها العقيليّ (٤) ، فقال : يا أمير المؤمنين! إن جعلت قولي حكما و (٥) حكمي جائزا (٦) قلت ، وإن لم يكن ذلك (٧) فالسكوت أوسع لي وأبقى (٨) للمودّة ، قال : قل : وقولك حكم ، وحكمك ماض (٩).
فلما سمع ذلك بنو أميّة قالوا : ما أنصفتنا يا أمير المؤمنين إذا جعلت الحكم الى غيرنا (١٠) ونحن من لحمتك (١١) وأولي رحمك ، فقال عمر : اسكتوا عجزا (١٢) ولؤما ، عرضت ذلك عليكم آنفا (١٣) فما انتدبتم ، قالوا : لأنك لم تعطنا (١٤) ما أعطيت العقيلي ، ولا حكمتنا كما حكّمته ، فقال عمر : أن كان اصاب وأخطأتم ،
__________________
(١) لا توجد كلمة : ياعقيلي ، في الطبعة الحجرية ، ونسخة ( ألف ) وكذا المصدر.
(٢) في نسخة (ر) : عليه ، بدلا من : به.
(٣) كرّر هنا كلمة : ياعقيلي ، في نسخة (ر). وقد حذفت في نسخة ( ألف ) من أوله ، وأثبتت هاهنا ، وكذا في المصدر .. والمعنى واحد.
(٤) كلمة : العقيلي .. مزيدة في الطبعة الحجرية ، ومحذوفة في نسخة ( ألف ) ، كما سلف.
(٥) في بعض النسخ : أو ، بدلا من الواو ، وكذا في المصدر.
(٦) كذا في المصدر ونسخة ( ألف ) ، وفي غيرهما : جايرا.
(٧) في نسخة ( ألف ) و (ر) : كذلك.
(٨) في الطبعة الحجرية : أولى وأبقى .. ولا يوجد في نسخة (ر) : لي.
(٩) في مطبوع الكتاب : فقد جعلت حكمك ماضيا ، وفي الطبعة الحجرية : وعلمك ، بدلا من : حكمك ، ولا يوجد في نسخة (ر) : وحكمك ماض.
(١٠) في نسخة ( ألف ) : لغيرنا.
(١١) في نسخة (ر) : لهمتك.
(١٢) في المصدر : أعجزاً.
(١٣) في نسخة (ر) : أولا.
(١٤) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : فقالوا ما أعطيتنا.
وجزم (١) وعجزتم ، وأبصر وعميتم ، فما ذنب عمر .. لا أباً لكم؟ أتدرون ما مثلكم (٢)؟ قالوا : لا ندري ، قال : لكنّ (٣) العقيليّ يدري ما مثلكم (٤).
ثمّ قال : ما تقول يا رجل؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين (٥) ، مثلهم كما قال الأول (٦) :
دعـيتم الى أمـر فلمــا عـجزتم |
|
تـناوله مـن لا يـداخـلــه عجز |
فلما رأيـتـم ذاك ابـدت نفوسكم |
|
نداما (٧) وهل يغني عن (٨) القدر الحذر؟ |
فقال له (٩) عمر : أحسنت وأصبت فيما (١٠) سألتك عنه ، قال : يا أمير المؤمنين! برّ قسمه ولم تطلّق امرأته ، قال : وأنّى علمت (١١) ذاك (١٢)؟ قال : نشدتك الله يا
__________________
(١) في نشرح النهج : وحزم.
(٢) في نسخة ( ألف ) : من مثلكم.
(٣) لا توجد : لكن ، في نسخة (ر).
(٤) لا توجد كلمة : ما مثلكم ، في مطبوع الكتاب ، ولانسخة ( ألف ) والمصدر.
(٥) من قوله : ما تقول .. الى هنا لا يوجد في نسخة (ر).
(٦) في نسخة (ر) : الشاعر ، بدلا من : الأول.
(٧) في الطبعة الحجرية : قداما ، بدلا من : نداما.
(٨) في المصدر : من ، بدلا من : عن.
(٩) لا توجد : له ، في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية ، وكذا في المصدر.
(١٠) في المطبوعة : وأطبت بدلا من : اصبت ، وفي نسخة ( ألف ) : وأطنبت فيما ، ولا توجد في (ر) فيما ، وفيها : يا عقيلي قل جواب ما .. ، وفي المصدر : فقل.
(١١) في نسخة (ر) : قال عمر : من أين علمت ..
(١٢) كذا في المصدر ، وفي سائر النسخ : ذلك
أمير المرمنين! ألم تعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لفاطمة عليهاالسلام وهو عندها في بيتها عايدا لها ـ : « يا بنيّة (١) ما علّتك؟ » ، قالت : « الوَعَك يا أبتاه! » ـ وكان علي [ عليهالسلام ] غائبا في بعض جوائج النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقال لها « أتشتهين شيئا؟ » قالت : « نعم ، أشتهي عنبا وأنا أعلم أنه عزيز ، وليس هذا (٢) بوقت عنب » ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إن الله قادر على (٣) أن يجيئنا به (٤) » ، ثمّ قال : « الّلهمّ أئتنا (٥) به مع أفضل أمّتي عندك منزلة » ، فطرق علي عليهالسلام الباب فدخل ومعه مكتل (٦) قد ألقى عليه طرف ردائه ، فقال له (٧) النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما هذا يا علي؟ قال عليهالسلام : عنب (٨) إلتمسته لفاطمة [ صلوات الله عليها ] ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٩) : « الله أكبر ، الله أكبر الّلهمّ (١٠) كما سررتني بأن خصصت علياً بدعوتي فاجعل فيه شفاء لبُنيّتي (١١) » ، ثم قال : « كُلي على اسم الله يا بنيّة! » ،
__________________
(١) لا توجد : يا بنية .. في نسخة (ر).
(٢) لا توجد كلمة : هذا ، في الطبعة الحجرية ، ولا نسخة ( ألف) ، وكذا في المصدر ، وفيه : وقت.
(٣) لا توجد كلمة : على ، في نسخة (ر).
(٤) في الطبعة الحجرية : يجيبنا ، بدلا من : يجيئنا به.
(٥) في نسخة (ر) : ائتني.
(٦) في نسخة (ر) : مكيل.
(٧) لا توجد : له ، في نسخة (ر).
(٨) في نسخة (ر) : عنبا.
(٩) لا توجد في المصدر ونسخة (ر) : النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(١٠) لا توجد كلمة : اللهم ، في نسخة (ر) ولا كلمة : كما ، في نسخة ( ألف ).
(١١) في مطبوع الكتاب ونسخة (ر) : ابنتي ، وفي المصدر : بنيتي.
فأكلت وما خرج رسول الله (١) صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى استقلّت (٢) وبرءت.
فقال عمر : صدقت وبررت ، أشهد لقد (٣) سمعته و وعيته ، يا رجل! خذ بيد امرأتك ، فإن عرض لك أبوها فاهْشم أنفه (٤) ، ثمّ قال عمر (٥) : يا بني عبد مناف! والله (٦) ما نجهل ما يعلمه (٧) غيرنا ، ولا بنا (٨) عمىً في ديننا ، ولكنّنا كما قال الأُوَل (٩) :
تــصيّدت الدنـيا رجالا بـفخّها |
|
فلم يدركوا خيرا بل أستقبحوا (١٠) الشرّا |
وأعـماهم حبّ الغـنى وأصـمّهم |
|
فـلم
يـدركـوا إلاّ الخسـارة والوزرا |
قيل : فكأنما ألقم (١١) بنو أميّة (١٢) حجرا ، ومضى الرجل بامرأته.
__________________
(١) في نسخة (ر) : النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بدلا من : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) لا توجد : استقلت ، في نسخة ( ألف ) و (ر) ولا الحجرية.
(٣) في نسخة (ر) : أني ، بدلا من : لقد.
(٤) في نسخة ( ألف ) و (ر) وكذا المطبوع : وجههه.
(٥) لا توجد في الطبعة الحجرية والمصدر : عمر.
(٦) في نسخة ( ألف ) ومطبوع الكتاب بتقديم وتأخير : والله يا بني عبد مناف.
(٧) في المصدر : نعلم ، بدلا من : يعلمه.
(٨) في نسخة (ر) : ما بنا إلاّ .. بدلا من : ولا بنا ..
(٩) في نسخة ( ألف ) و (ر) : كما قال الشاعر..
(١٠) في نسخة ( ألف ) و (ر) ومطبوع الكتاب : احتقبوا.
(١١) في نسخة ( ألف ) : ألقوا.
(١٢) في المصدر : بني أمية.
وكتب عمر بن عبد العزيز (١) الى ميمون بن مهران :
عليك سلام ؛ فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو (٢).
أما بعد ؛ فإني قد (٣) فهمت كتابك ، و ورد الرجلان والمرأة ، وقد صدّق الله (٤) يمين الزوج (٥) و (٦) أبرّ قسمه ، وأثبته على نكاحه ، فاستيقن ذلك واعمل عليه ، والسلام عليك ورحمة الله (٧) وبركاته (٨). انتهى الخبر.
قوله : تصيّدت الدنيا رجالا بفخّها .. اعتراف منه أنه : إنما تقدم على غيره ؛ لأن الدنيا تصيّدتهم فمالوا إليها ، وأعرضوا عن الآخرة حبّا للعاجل على الآجل (٩) ..
اُنظروا ـ رحمكم الله تعالى ـ كيف اعترف عمر بن عبد العزيز أن الحق لغيرهم ، وإنما توالى الخلافة (١٠) هو وغيره على أهل الحقّ (١١) لأنّ (١٢) الدنيا تصيّدتهم
__________________
(١) كلمة : بن عبد العزيز .. مزيدة في نسخة (ر).
(٢) قوله : عليك السلام .. الى هنا لا يوجد في نسخة ( ألف ) و (ر) ولا الطبعة الحجرية.
(٣) في نسخة ( ألف ) : فقد .. بدلا من : فإني قد.
(٤) في نسخة (ر) : وصدق ، وفي الطبعة الحجرية : صادق .. بدلا من : وقد صدّق الله .. ، ولا يوجد لفظ الجلالة في نسخة ( ألف ).
(٥) في نسخة (ر) : الرجل والزوج ، ولا توجد كلمة : الرجل ، في المطبوعة.
(٦) كذا في المصدر ونسخة ( ألف ) ، ولا توجد الواو في غيرهما.
(٧) في المطبوع : ورحمته .. بدلا من : ورحمة الله.
(٨) الى هنا كلام ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة : ٢٠/٢٢٢ ـ ٢٢٥.
(٩) من قوله : قوله : .. الى هنا ، لا يوجد في مطبوع الكتاب ونسخة (ر).
(١٠) كلمة الخلافة مزيدت في نسخة (ر).
(١١) جملة : على أهل الحق. لا توجد في نسخة (ر).
(١٢) من قوله : أن الحق .. الى : لأن ، لا توجد في مطبوع الكتاب ، وفيه : إن الدنيا.
وأعماهم حبّها ، وأصمتهم ومالوا الى لذّتها العاجلة (١)؟! ولا لذّة في الدنيا (٢) أعظم من الأمر والنهي ، كما قال الشاعر (٣) :
لقد صبرت عن لذّة المال أنفس |
|
وما صبرت عن لذّة الأمر والنهي |
فقوله : يا بني عبد مناف (٤)! والله ما نجهل ما يعلمه غيرنا .. اعتراف منه أنه يعلم الحقّ لهذا الرجل (٥) ، فأعمتهم الدنيا وأصمّتهم كما ذكر في شعره (٦) ، وأذا كان هذا شأن (٧) عمر بن عبد العزيز ـ وهو المشهور بالورع والعبادة ، وهو الذي رفع السبّ عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو الذي ردّ فدك والعوالي على أولاد فاطمة صلوات الله عليها ، وانكر على أبي بكر وعمر فعلهما في منعهما (٨) من الإرث ، واعترف أنه تصيّدته الدنيا ، وتولّى الخلافة لحبّ (٩) الدنيا (١٠) على من هو أحق بالأمر منه ـ فما ظنّكم بغيره الذي لم يبلغ من الزهد والورع مبلغه ، بل
__________________
(١) في نسخة (ر) : ومالوا الى الدنيا.
(٢) في نسخة (ر) : فيها بدلا من : في الدنيا.
(٣) في نسخة (ر) : كما قيل شعر .. بدلا من : كما قال الشاعر.
(٤) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : والله يا بني عبد مناف .. بدلا من : يا بني عبد مناف والله .. ولا يوجد في نسخة (ر) : والله .. وقد جمع بين الندائين.
(٥) في نسخة (ر) : ان الحقّ لعلي عليهالسلام.
(٦) لا يوجد في نسخة (ر) : كما ذكر في شعره ..
(٧) لا يوجد في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية كلمة : شأن.
(٨) في نسخة (ر) : منعها.
(٩) في المطبوع : بحب ، ولا توجد : الخلافة.
(١٠) لا يوجد من قوله : وتولى .. الى هنا في نسخة ( ألف ).
ولا تورّع بورعه (١)؟!!
فهل يظنّ عاقل أنّ أحدا من هؤلاء العلماء (٢) العرافين ـ الذين رووا هذه الأخبار المتضمّنة لمناقب أمير المؤمنين عليهالسلام ، ومثالب من تقدّمه ـ يعتقدون أن الأمر لغيره؟!! ولا يتوّهم ذلك عاقل ، ولكن الدنيا تصيّدتهم ، كما قال عمر بن عبد العزيز (٣).
ثمّ جاءت بنو العباس (٤) بعد بني أميّة فنسجوا على منوالهم ، واقتدوا بأفعالهم في تتبّع أولاد أمير المؤمنين عليهالسلام وشيعته ، وقتلهم في كل فجّ ومخرج ، بحيث لا يقدر أحد (٥) على التظاهر بولايتهم ، ولا يقول (٦) بإمامتهم ، وأمروا (٧) العلماء بإحداث مذاهب غير مذهبهم ، فأحدثوا هذه المذاهب الأربعة التي لم تكن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٨) ، ولا عهد أحد من الصحابة ، ولا على عهد (٩) بني أميّة ، وعملوا فيها بالقياس والرأي والإستحسان ، مع أنهم قد رووا عن الخطيب الخوارزمي (١٠) ، وابن شيرويه
__________________
(١) في نسخة (ر) : ولا تورع تورعه .. ولا توجه كلمة : الورع ( الأولى ). والعبارة كلا لا توجد في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية ، وفيها : ورعه.
(٢) كلمة : علماء ، مزيدة من نسخة ( ألف ).
(٣) من قوله : فهل يظنّ .. الى هنا لا يوجد في نسخة (ر).
(٤) في نسخة (ر) بدلا من : ثم جاءت بنو العباس .. قال : وأما الذين تخلفوا..
(٥) في نسخة (ر) : ما صار أحدا يقدر .. ، وفي نسخة ( الف ) : بحيث لا صار أحد يقدر ..
(٦) في نسخة (ر) : والقول.
(٧) في المطبوع : وافرط .. بدلا من : وأمروا.
(٨) في المطبوع : الرسول.
(٩) في نسخة (ر) : في زمن ، بدلا من : علا عهد .. في كلا الموضعين.
(١٠) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : في تاريخه .. بدلا من : الخوارزمي. وقد سلفت
الديلمي (١) وهما من أكابر (٢) علماء السنة ـ أن النبيّ عليه وآله السلام قال : « ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور (٣) فيحرّمون الحلال ويحلّلون الحرام (٤) ».
ولقد أحدثوا في مذاهبهم الأربعة اشياء تنكرها (٥) العقول ، ولم يرد بها (٦) المنقول ، وإنما أخذوها بالقياس والإستحسان فُذهبوا الى أشياء قبيحة (٧) شنيعة ، مثل : سقوط الحدّ عن منْ لفّ على ذكره (٨) خرقة ونكح أمّه وأخته أو بنته (٩) مع علمه بالنسب والتحريم ، ومثل إلحاق نسب المغربي بالمشرقية ، كما إذا زوّج الرجل ابنته ـ وهي في المشرق والأب والزوج (١٠) في المغرب ـ ، ثمّ أتت بولد بعد ستة أشهر حين العقد ـ وهي
__________________
مصادره عنه وعن غيره في أول الكتاب ، فراجع
(١) فردوس الأخبار : ٢/٦٣ ، ٩٨ ـ ٩٩ ، حديث ٢١٧٦ ، ٢١٧٧ ، ٢١٧٩ ، وكذا حديث ٢١٨٠.
(٢) لا توجد كلمة : أكابر .. في مطبوع الكتاب ، ولا نسخة ( الف ).
(٣) في الطبعة الحجرية : يفسدون الأمر ، وفي نسخة ( ألف ) : يقيسون الأمر. وقد جاء الذيل في سنن الدارمي كتاب المقدمة حديث ١٩٠ ، فلاحظ.
(٤) تاريخ بغداد : ٣/٣٠٧ ، فردوس الأخبار للديلمي : ٢/٦٣ حديث ٢٣٥٧ باختلاف يسير.
(٥) في المطبوع ونسخة ( ألف ) : ما تنكره ، بدلا من : أشياء تنكره.
(٦) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : لم يرد به.
(٧) لا توجد كلمة : قبيحة ، في نسخة ( ألف ) و (ر).
(٨) في نسخة ( ألف ) والطبعة الحجرية : من لف ذكره في ..
(٩) كما جاء في الكشاف : ٢/٥٧٣ ، والفصول المختارة : ١/١٢٢ .. وغيرهما.
(١٠) في نسخة (ر) : بالمشرف والزوج والأب.
في مشرق والزوج في المغرب (١) ـ إلتحق نسب ذلك الولد (٢) بالرجل وهو (٣) لم يرها ولم تره (٤) ، ولو وصل الى بلد المرأة بعد خمسين سنة فرأى جماعة كثيرة (٥) من أولادها وأولاد أولادها إلتحقوا كلّهم به ، وهو لم يجتمع بالمرأة ولم يرها (٦).
فهل هذا المذهب تقبله العقول ، أو يرضى به الله تعالى والرسول؟
ومثل إلحاق الولد بأبين (٧) وبمائة أب ، وبأمّين (٨) ، وكيف يتفق ان يكون الولد من أمّين؟!!
ومثل قولهم : إن الولد يبقى في بطن أمّه سنتين عند أبي حنيفة ، وأربع سنين عند الشافعي ، وسبع سنين عند مالك (٩) .. فهل هذا تقبله العقول ، أو يرضى به الله والرسول (١٠)؟!
ووصف بعض الفقهاء لبعض الملوك صفة (١١) صلاة الحنفي ـ وعنده بعض
__________________
(١) من قوله : ثمّ أتت .. الى هنا لا يوجد في مطبوع الكتاب ، ولا نسخة ( ألف ).
(٢) في الطبعة الحجرية : نسبه ، بدلا من : نسب ذلك الولد.
(٣) هنا زيادة كلمة : بالمغرب ـ بعد : وهو ـ في المطبوع ، ولها وجه.
(٤) انظر : تاريخ بغداد : ١٣/٣٧٣ ، الصراط المستقيم : ٣/٢١٦ .. وغيرهما.
(٥) لا توجد كلمة : كثيرة ، في نسخة (ر).
(٦) الصراط المستقيم : ٣/٢١٦.
وهنا فرق ليس بمهم بين نسخة (ر) والمطبوع من الكتاب وسائر النسخ ، ذكرنا المهم منه.
(٧) في الطبعة الحجرية : باثنين ، وفي بعض النسخ : بأمّين ، وفي نسخة ( ألف ) : بأبوين.
(٨) لا توجد كلمة : بأمّين ، في المطبوع من الكتاب ، ولا نسخة ( ألف ).
(٩) لاحظ : وفيات الأعيان : ٤/١٣٥ ، وقم ٥٥٠ ، وفيه : ثلاث سنين.
(١٠) من قوله : أو يرضى .. الى هنا لا يوجد في الطبعة الحجرية ، ولا نسخة ( ألف ).
(١١) لا توجد في نسخة (ر) كلمة : صفة.