بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٠
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

[ الحمدلله رب العالمين ، وصلى الله عليه محمد وآله الطاهرين :

وبعد يقول الفقير إلى الله الغني عباس بن محمد رضا (١) القمي أيده الله : هذه مما ظفرت بها من الاجزاء الناقصة من البحار السادس عشر ، أعني كتاب الزي والتجمل منه ، ظفرت بنسخة سقيمة في بغداد في سوق العطارين ، قرب مقبرة الشيخ الاجل مولانا أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي أحد النواب الاربعة ـ قدس الله أرواحهم ـ فاستنسختها كما وجدتها وهي هذه : ]

____________________

(١) أدرجنا هذه الخطبة والتقدمة قضاء لحقه ـ قدس سره ـ حيث أظفرنا على هذا الجزء من الكتاب ، وأما المؤلف العلامة فلم يكن لينشى ء هنا خطبة وتقدمة ، فان هذه الابواب تتمة للمجلد السادس عشر وانما يبتدء من الباب ٦٨.

١

( أبواب )

* « ( المعاصى والكبائر وحدودها ) » *

٦٨

* ( باب ) *

* ( معنى الكبيرة والصغيرة وعدد الكبائر ) *

الايات : آل عمران : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون (١).

____________________

(١) آل عمران : ١٣٥ ، والمقابلة بين قوله تعالى « فاحشة » وقوله تعالى « أو ظلموا أنفسهم » يفيد أن الفاحشة وهى الزنا من الكبائر وما ظلموا أنفسهم به من الصغاير وقوله « ذكروا الله » هو ذكره لله ، وأنه قد نهى وحرم عن فعل ذلك العمل ، كما روى أن ذكر الله ليس سبحان الله ، والحمد لله ، ولا اله الا الله والله أكبر ، ولكن ذكر الله عندما أحل له ، وذكر الله عند ما حرم عليه فيحول ذكره تعالى بينه وبين تلك المعصية ( راجع ج ٩٣ باب ذكر الله تعالى ).

وقوله « فاستغفروا لذنوبهم » الفاء للتعقيب أى بعد ما ذكروا الله ونهيه وتوجهوا إلى جنابه استحيوا واستغفروا لذلك الذنب.

وقوله « ومن يغفر الذنوب الا الله » معترضة.

وقوله « ولم يصروا » الخ عطف على قوله « ذكروا الله » وصفا عليحدة للمتقين ، فكانه جعل الناس بعد اتيان الفاحشة وظلم النفس على ضربين : ضرب يذكرون الله بعد فعل

٢

النساء : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما (١).

حمعسق : وللذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش (٢).

النجم : « الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة » (٣).

الواقعة : « وكانوا يصرون على الحنث العظيم » (٤).

١ ـ لى : في خبر مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لا تحقروا شيئا من الشر

____________________

المنكر فيستغفرون الله لذنبهم ، وضرب يصرون على ما فعلوا من الكبيرة أو الصغيرة وهم يعلمون أن ذلك منكر منهى عنه.

وبالمقابلة بين الاصرار والاستغفار يعلم أن الاصرار ليس هو تكرار الذنب قط ، بل هو أن يكون غير متحاش عن فعل ذلك لا يبالى به أن لو فعل ذلك مرار ، كما روى عن ابن عباس أنه قال : الاصرار هو السكون على الذنب بترك التوبة والاستغفار.

وقد روى الكلينى ( ج ٢ ص ٢٨٨ ) عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل « ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون » قال : الاصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة ، فذلك الاصرار.

(١) النساء : ٣١ ، قال المؤلف قدس سره في ج ٦ ص ٤٢ من هذه الطبعة : الاظهر أن التوبة انما تجب لما لم يكفر من الذنوب ، كالكبائر ، والصغائر التى أصرت عليها فانها ملحقة بالكبائر ، والصغائر التى لم يجتنب معها الكبائر ، فأما مع اجتناب الكبائر فهى مكفرة اذا لم يصر عليها ، ولا يحتاج إلى التوبة عنها لقوله تعالى : « ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم » وسيأتى تحقيق القول في ذلك في باب الكبائر ان شاء الله تعالى.

أقول : لكنه قدس سره لم يوفق لذلك وبقى هذا الباب بلا تحقيق منه.

(٢) الشورى : ٣٧.

(٣) النجم : ٣٢.

(٤) الواقعة : ٤٦.

٣

وإن صغر في أعينكم ، ولا تستكثروا الخير وإن كثر في أعينكم ، فانه لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الاستصغار (١).

٢ ـ فس : « إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه » قال هي سبعة : الكفر ، و قتل النفس ، وعقوق الوالدين ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربوا ، والفرار من الزحف ، والتعرب بعد الهجرة ، وكل ما وعد الله في القرآن عليه النار من الكبائر (٢).

٣ ـ ب : عن هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : الحيف في الوصية من الكبائر يعني الظلم فيها (٣).

ع : عن أبيه ، عن الحميري ، عن هارون مثله (٤).

٤ ـ ع (٥) ل : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أيوب بن نوح وابن هاشم معا ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : وجدنا في كتاب علي عليه‌السلام أن الكبائر خمس : الشرك بالله عزوجل ، وعقوق الوالدين ، وأكل الربوا بعد البينة ، والفرار من الزحف ، والتعرب بعد الهجرة (٦).

٥ ـ ثو (٧) ع (٨) ل : عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن

____________________

(١) أمالى الصدوق ص ٢٦٠ فيه مع الاصرار ، وما في المتن هو الظاهر.

(٢) تفسير القمى ص ١٢٤ و ١٢٥.

(٣) قرب الاسناد ص ٣٤ وفى ط ٣٠.

(٤) علل الشرائع ج ٢ ص ٢٥٤.

(٥) علل الشرائع ج ٢ ص ١٦٠.

(٦) الخصال ج ١ ص ١٣١.

(٧) ثواب الاعمال ص ٢٠٩.

(٨) علل الشرائع ج ٢ ص ١٦١.

٤

محبوب ، عن عبدالعزيز العبدي ، عن عبيد بن زرارة قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : أخبرني عن الكبائر ، فقال : هن خمس وما أوجب الله عليهن النار قال الله عزوجل : « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا » (١) وقال : « يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار » إلى آخر الاية (٢) وقوله : « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا » إلى آخر الاية (٣) ورمي المحصنات الغافلات ، وقتل المؤمن متعمدا على دينه (٤).

٦ ـ ع (٥) ل : عن القطان ، عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن محمد ابن عبدالله ، عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الكبائر سبع ، فينا نزلت ، ومنا استحلت ، فأولها الشرك بالله العظيم وقتل النفس التي حرم الله ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين ، وقذف المحصنة والفرار من الزحف ، وإنكار حقنا.

فأما الشرك بالله فقد أنزل الله فينا ما أنزل ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فينا ما قال ، فكذبوا الله وكذبوا رسوله وأشركوا بالله عزوجل وأما قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين بن علي عليهما‌السلام وأصحابه.

وأما أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا الذي جعله الله لنا ، فأعطوه غيرنا

وأما عقوق الوالدين فقد أنزل الله عزوجل في كتابه « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم » (٦) فعقوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذريته ، وعقوا امهم خديجة

____________________

(١) النساء : ١٠.

(٢) الانفال : ١٥.

(٣) البقرة : ٢٥٨.

(٤) الخصال ج ١ ص ١٣١.

(٥) علل الشرائع ج ٢ ص ٧٩ وص ١٦٠ بالاسناد عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن حسان.

(٦) الاحزاب : ٦.

٥

في ذريتها.

وأما قذف المحصنة فقد قذفوا فاطمة على منابرهم ، وأما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين بيعتهم طائعين غير مكرهين ، ففروا عنه وخذلوه ، وأما إنكار حقنا فهذا ما لا يتنازعون فيه (١).

٧ ـ ن (٢) ع : عن ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن أبي جعفر الثاني ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبدالله عليه‌السلام ، فلما سلم وجلس عنده تلا هذه الآية قوله عزوجل : « الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش » (٢) ثم أمسك عنه.

فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : ما أسكتك؟ قال : احب أن أعرف الكبائر من كتاب الله ، فقال : نعم ، يا عمرو أكبر الكبائر الشرك بالله ، يقول الله تبارك و تعالى : « إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار » (٤) وبعده اليأس من روح الله لان الله عزوجل يقول : « ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون » (٥) والامن من مكر الله لان الله يقول : « ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون » (٦).

ومنها : عقوق الوالدين لان الله عزوجل جعل العاق جبارا شقيا (٧).

وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، لان الله عزوجل يقول :

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٤ في الهامش.

(٢) عيون الاخبار : ج ١ ص ٢٨٥.

(٣) الشورى : ٣٧.

(٤) المائدة : ٧٢.

(٥) يوسف : ٨٧.

(٦) الاعراف ٩٩.

(٧) زاد في العيون بعده : في قوله تعالى حكاية قال عيسى عليه‌السلام « وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا ». والاية في سورة مريم : ٣٢.

٦

« فجزاؤه جهنم خالدا فيها » إلى آخر الاية (١) وقذف المحصنات ، لان الله تبارك وتعالى يقول : « لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم » (٢) وأكل مال اليتيم ظلما لقوله عزوجل : « إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا » (٣).

والفرار من الزحف لان الله عزوجل يقول « ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير » (٤).

وأكل الربوا لان الله عزوجل يقول : « الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس » (٥) والسحر ، لان الله عزوجل يقول : « ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق » (٦).

والزنا لان الله عزوجل يقول : « ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا * إلا من تاب » (٧).

واليمين الغموس (٨) لان الله عزوجل يقول : « إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا اولئك لاخلاق لهم في الآخرة » (٩) والغلول : يقول الله عزوجل : « ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة » (١٠).

____________________

(١) النساء : ٩٤.

(٢) النور : ٢٣ ، وفى المصدرين ذكر تمام الاية بصدرها.

(٣) النساء : ١٠.

(٤) الانفال : ١٦.

(٥) البقرة : ٢٧٥.

(٦) البقرة : ١٠٢.

(٧) الفرقان ٦٨ ـ ٧٠.

(٨) اليمين الغموس : التى تغمس صاحبها في الاثم.

(٩) آل عمران : ٧٧.

(١٠) آل عمران : ١٦١.

٧

ومنع الزكاة المفروضة ، لان الله عزوجل يقول : « فتكوى بها جباههم وجنوبهم » (١) وشهادة الزور وكتمان الشهادة (٢) لان الله عزوجل يقول : « ومن يكتمها فانه آثم قلبه » (٣).

وشرب الخمر لان الله عزوجل عدل بها عبادة الاوثان (٤) وترك الصلاة متعمدا لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من ترك الصلاة متعمدا (٥) فقد بري من ذمة الله وذمه رسوله » ونقض العهد وقطيعة الرحم لان الله عزوجل يقول : « اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار » (٦).

فخرج عمرو وله صراخ من بكائه ، وهو يقول : هلك من قال برأيه ، و نازعكم في الفضل والعلم (٧).

٧ ـ ع : بالاسناد المتقدم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قتل النفس من الكبائر لان الله عزوجل يقول : « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا أليما » (٨).

____________________

(١) براءة : ٣٥.

(٢) زاد في العيون : لان الله عزوجل يقول : « والذين لا يشهدون الزور ». والاية في الفرقان : ٧٣.

(٣) البقرة : ٢٨٣.

(٤) يعنى قرن بها عبادة الاوثان كما قال الله تعالى في سورة المائدة : ٩٠ يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان ».

(٥) زاد في بعض النسخ : اوشئ مما فرض الله.

(٦) الرعد : ٢٥.

(٧) علل الشرائع ج ٢ ص ٧٨ واللفظ له ، ورواه الصدوق في الفقيه ج ٣ ص ٣٦٨ وقد ذكرنا في مقدمة بعض المجلدات أن المؤلف رحمه الله اذا أخرج الحديث من مصادر متعددة ، جعل لفظ الحديث من المصدر الذى يذكره أخيرا ، فلا تغفل.

(٨) علل الشرائع ج ٢ ص ١٦٤ ، والاية في النساء : ٩٤.

٨

٩ ـ ع : بالاسناد المتقدم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قذف المحصنات من الكبائر ، لان الله عزوجل يقول : « لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم » (١).

أقول : الظاهر أن هذين الخبرين جزءان من خبر عمرو بن عبيد فرقه على الابواب (٢).

١٠ ـ ع : في علل محمد بن سنان أن الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب عن جواب مسائله : حرم الله عزوجل الفرار من الزحف ، لما فيه من الوهن في الدين ، والاستخفاف بالرسل والائمة العادلة ، وترك نصرتهم على الاعداء ، والعقوبة لهم على إنكار ما دعوا إليه من الاقرار بالربوبية ، وإظهار العدل ، وترك الجور ، وإماتة الفساد ، ولما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين وما يكون في ذلك من السبي والقتل ، وإبطال دين الله عزوجل وغيره من الفساد.

وحرم التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين ، وترك الموازرة للانبياء والحجج عليهم‌السلام ، وما في ذلك من الفساد ، وإبطال حق كل ذي حق ، لا لعلة سكنى البدو ، ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملا لم يجز له مساكنة أهل الجهل للخوف عليه ، لانه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم ، والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك (٣).

١١ ـ ل : في خبر الاعمش عن الصادق عليه‌السلام : الكبائر محرمة وهي الشرك بالله عزوجل ، وقتل النفس التي حرم الله ، وعقوق الوالدين ، والفرار من

____________________

(١) علل الشرائع ج ٢ ص ١٦٥ ـ ١٦٦ والاية في النور : ٢٣.

(٢) وهكذا ذكر بالاسناد المتقدم عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : عقوق الوالدين من الكبائر ، لان الله عزوجل جعل العاق عصيا شقيا ، راجع علل الشرائع ج ٢ ص ١٦٥.

(٣) علل الشرائع ج ٢ ص ١٦٦ ـ ١٦٧ ، وفى علل محمد بن سنان المذكور تمامها في العيون ج ٢ ص ٩٢ و ٩٣ ، ذكر شطرا آخر من الكبائر.

٩

الزحف ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل الربوا بعد البينة ، وقذب المحصنات وبعد ذلك الزنا ، واللواط ، والسرقة ، وأكل الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما اهل لغير الله به ـ من غير ضرورة ، وأكل السحت ، والبخس في المكيال و الميزان ، والميسر ، وشهادة الزور ، واليأس من روح الله ، والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ، وترك معاونة المظلومين ، والركون إلى الظالمين ، و اليمن الغموس ، وحبس الحقوق من غير عسر ، واستعمال الكبر والتجبر ، و الكذب ، والاسراف والتبذير ، والخيانية ، والاستخفاف بالحج ، والمحاربة لاولياء الله عزوجل.

والملاهي التي تصد عن ذكر الله تبارك وتعالى مكروهة ، كالغناء وضرب الاوتار ، والاصرار على صغائر الذنوب ، ثم قال عليه‌السلام « إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين » (١).

قال الصدوق ـ رحمه الله ـ : الكبائر هي سبع ، وبعدها فكل ذنب كبير بالاضافة إلى ما هو أصغر منه ، وصغير بالاضافة إلى ما هو أكبر منه (٢) وهذا

____________________

(١) الخصال ج ٢ ص ١٥٥.

(٢) قال الله تبارك وتعالى : « ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ».

قال الطبرسى : اختلف في معنى الكبيرة : فقيل : كل ما أوعد الله تعالى عليه في الاخرة عقابا وأوجب عليه في الدنيا حدا فهو كبيرة ، وقيل : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة عن ابن عباس ، والى هذا ذهب أصحابنا فانهم قالوا : المعاصى كلها كبيرة من حيث كانت قبائح لكن بعضها أكبر من بعض ، وليس في الذنوب صغيرة ، وانما يكون صغيرا بالاضافة إلى ما هو أكبر منه ، ويستحق العقاب عليه أكثر ، والقولان متقاربان.

وقالت المعتزلة : لا يعرف شئ من الصغائر ولا معصية الا ويجوز أن يكون كبيرة فان في تعريف الصغائر اغراءا بالمعصية لانه اذا علم المكلف أنه لا ضرر عليه في فعلها ودعته الشهوة اليها فعلها ، وقالوا : عند اجتناب الكبائر يجب غفران الصغائر ، ولا يحسن معه

١٠

معنى ما ذكره الصادق عليه‌السلام في هذا الحديث من ذكر الكبائر الزائدة على السبع ولا قوة إلا بالله.

____________________

المؤاخذة بها.

قال : وليس في ظاهر الاية ما يدل عليه ، فان معناه على مارواه الكلبى عن ابن عباس « ان تجتنبوا الذنوب التى أوجب الله فيها الحد وسمى فيها النار نكفر عنكم ما سوى ذلك من الصلاة إلى الصلاه ، ومن الجمعة إلى الجمعة ، ومن شهر رمضان إلى شهر رمضان.

وقيل معنى ذلك : ان تجتنبوا كبائر ما نهيتم عنه في هذه السورة من المناكح وأكل الاموال بالباطل وغيره من المحرمات من أول السورة إلى هذا الموضع وتركتموه في المستقبل كفرنا عنكم ما كان منكم من ارتكابها فيما سلف. ولذا قال ابن مسعود : كل ما نهى الله عنه في أول السورة إلى رأس الثلاثين فهو كبيرة.

أقول : قوله تعالى « كبائر ما تنهون عنه » بما أضيفت « الكبائر » إلى « ما تنهون عنه » يفيد أن ما نهى الله عنه قسمان : كبائر وغير كبائر هى بعبارة أخرى صغاير ، وأن من اجتنب الكبائر منها لا يؤاخذ بالصغائر ، أبدا ، بل ولا يعاتب لقوله تعالى « وندخلكم مدخلا كريما ».

والمراد الدخول إلى الجنة قطعا من دون ارتياب ، وهذا وعد لطيف من الله تعالى بتكفير الصغائر لان الانسان الخاطئ الظلوم الجهول لا يتأتى له أن يجتنب الصغائر ، وكل ما غلب الله على العبد فالله أولى له بالعذر.

يبقى الكلام في معرفة الصغائر من الكبائر ، فالاية بمقابلتها بين السيئات والكبائر ، وأن اجتناب الكبائر يوجب تكفير السيئات تؤذن بأن السيئات هى الصغائر ، وأنهما انما تكفر عند اجتناب الكبائر ، وأما اذا كان الرجل مقارفا فاللكبائر ، يؤاخذ بكلها صغائرها وكبائرها قضية للشرط.

ولما جعل ثواب اجتناب الكبائر الدخول إلى الجنة ، فبالمقابلة يعرف أن كل ما اوعد الله عليه جهنم وعذابها ونارها ، فهى كبيرة ، وما نهى عنه في القرآن الكريم ولم يوعد عليه نار جهنم ، بل ندب إلى تركه من دون ايعاد بذلك فهى سيئة صغيرة.

هذا ما يعطيه القرآن الكريم وقد جاء بتأييده أحاديث الفريقين ، وأما المتكلمون

١١

١٢ ـ ن : فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون من شرائع الدين : واجتناب الكبائر : وهي قتل النفس التي حرم الله عزوجل ، والزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، وما اهل لغير الله به من غير ضرورة ، وأكل الربوا بعد البينة ، والسحت والميسر ، وهو القمار ، والبخس في المكيال و الميزان ، وقذف المحصنات ، واللواط ، وشهادة الزور ، واليأس من روح الله ، و الامن من مكر الله ، والقنوط من رحمة الله ، ومعونة الظالمين ، والركون إليهم واليمين الغموس ، وحبس الحقوق من غير عسر ، والكذب ، والكبر ، والاسراف والتبذير ، والخيانة ، والاستخفاف بالحج ، والمحاربة لاولياء الله تعالى ، و الاشتغال بالملاهي ، والاصرار على الذنوب (١).

١٣ ـ ثو : عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن الرضا عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى « إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم » قال : من اجتنب ما أوعد الله عليه النار إذا كان مؤمنا كفر عنه سيئاته (٢).

١٤ ـ ثو : عن أبيه ، عن سعد ، عن موسى البغدادي ، عن الوشاء ، عن أحمد ابن عمير الحلبي قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : « إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم » قال : من اجتنب ما أوعد الله عليه النار إذا كان مؤمنا كفر عنه سيئاته.

والكبائر السبع الموجبات النار : قتل النفس الحرام ، وعقوق الوالدين

____________________

فشأنهم وما تكلموا فيه ، أفرأيت من اتخذ الهه هواه وأضله الله على علم. واما حديث الاعمش وما يأتى من مكتوب الرضا عليه‌السلام للمأمون وأمثاله كلها ضعيف لا يحتج به خلافا لكتاب الله عزوجل والسنة المقطوع بها.

(١) عيون الاخبار ج ٢ ص ١٢٧.

(٢) ثواب الاعمال ص ١١٧ ، وفى ط ٧١.

١٢

وأكل الربوا ، والتعرب بعد الهجرة ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، و الفرار من الزحف (١).

١٥ ـ ثو : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن الاشعري ، عن علي بن إسماعيل عن أحمد بن النضر ، عن عباد بن كثير ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الكبائر فقال : كل شئ أوعد الله عليه النار (٢) :

أقول : سيأتي في باب شرب الخمر أنه أكبر الكبائر.

١٦ ـ ثو : عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن عبدالرحمن بن محمد ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الكذب على الله عزوجل وعلى رسوله وعلى الاوصياء عليهم‌السلام من الكبائر (٣).

١٧ ـ شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله الله : « ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون » (٤) قال : الاصرار أن يذنب العبد ولا يستغفر ، ولا يحدث نفسه بالتوبة ، فذلك الاصرار (٥).

١٨ ـ شى : عن ميسر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبوحسان العجلي وعبدالله بن عجلان ننتظر أبا جعفر عليه‌السلام فخرج علينا فقال : مرحبا وأهلا ، والله إني لاحب ريحكم وأرواحكم ، وإنكم لعلى دين الله.

فقال علقمة : فمن كان على دين الله تشهد أنه من أهل الجنة؟ قال : فمكث هنيهة [ ثم ] قال : نوروا أنفسكم ، فان لم تكونوا قرفتم الكبائر ، فأنا أشهد.

قلنا : وما الكبائر؟ قال : هي في كتاب الله على سبع ، قلنا : فعدها علينا جعلنا فداك! قال :

____________________

(١) ثواب الاعمال ص ١١٧ وفى ط ٧١.

(٢) ثواب الاعمال ص ٢٠٩.

(٣) ثواب الاعمال ص ٢٣٩.

(٤) آل عمران : ١٣٥.

(٥) تفسير العياشى ج ١ ص ١٩٨.

١٣

الشرك بالله العظيم ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربوا بعد البينة ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وقتل المؤمن ، وقذف المحصنة ، قلنا : مامنا أحد أصاب من هذه شيئا ، قال : فأنتم إذا (١).

١٩ ـ شى : عن معاذ بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : يا معاذ! الكبائر سبع ، فينا انزلت ، ومنا استحقت ، وأكبر الكبائر : الشرك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، وعقوق الوالدين ، وقذف المحصنات ، وأكل مال اليتيم ، والفرار من الزحف ، وإنكار حقنا أهل البيت.

فأما الشرك بالله فان الله قال فينا ما قال ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما قال فكذبوا الله وكذبوا رسوله ، وأما قتل النفس التي حرم الله ، فقد قتلوا الحسين ابن علي وأصحابه ، وأما عقوق الوالدين فان الله قال في كتابه : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم » (٢) وهو أب لكريمتهم (٣) فقد عقوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في دينه وأهل بيته.

وأما قذف المحصنات فقد قذفوا فاطمة على منابرهم ، وأما أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا في كتاب الله عزوجل ، وأما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين بيعتهم غير كارهين ، ثم فروا عنه وخذلوه ، وأما إنكار حقنا ، فهذا مما لا يتعاجمون فيه.

وفي خبر آخر والتعرب من الهجرة (٤).

[ شي ] : عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الاوصياء عليهم‌السلام من الكبائر (٥).

٢٠ ـ شى : عن العباس بن هلال ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أنه ذكر [ في ]

____________________

(١) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٣٧.

(٢) الاحزاب : ٦. (٣) في المصدر : هو أب لهم.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٣٧ والتعاجم التناكر والتظاهر بالعجمة.

(٥) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٣٨.

١٤

قول الله تعالى : « إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه » عبادة الاوثان ، وشرب الخمر ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ، وقذف المحصنات ، والفرار من الزحف وأكل مال اليتيم (١).

وفي رواية اخرى عنه عليه‌السلام : أكل مال اليتيم ظلما ، وكل ما أوجب الله عليه النار (٢).

[ شي ] : عن أبي عبدالله عليه‌السلام في رواية اخرى عنه : وإنكار ما أنزل الله ، أنكروا حقنا ، وجحدونا ، وهذا لا يتعاجم فيه أحدا (٣).

٢١ ـ شى : عن سليمان الجعفري قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه‌السلام : ما تقول في أعمال السلطان؟ فقال : يا سليمان الدخول في أعمالهم والعون لهم والسعي في حوائجهم عديل الكفر ، والنظر إليهم على العمد من الكبائر التي يستحق بها النار (٤).

٢٢ ـ شى : عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي عليهم‌السلام قال : السكر من الكبائر ، والحيف في الوصية من الكبائر (٥).

٢٣ ـ شى : عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه‌السلام في قول الله : « إن تجتنبوا كبائر ما تهنون عنه نكفر عنكم سيئاتكم » قال : من اجتنب ما أوعد الله عليه النار ـ إذا كان مؤمنا ـ كفر عنه سيئاته (٦).

وقال أبوعبدالله في آخر ما فسر : فاتقوا الله ولا تجترؤا (٧).

٢٤ ـ شى : عن كثير النوا قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الكبائر ، قال : كل شئ أوعد الله عليه النار (٨).

٢٥ ـ شى : عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الكبائر فقال : منها أكل مال اليتيم ظلما. وليس في هذا بين أصحابنا اختلاف والحمد لله (٩).

____________________

(١ ـ ٦) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٣٨.

(٧ ـ ٨) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٣٩.

(٩) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٢٥.

١٥

٢٦ ـ جا : عن ابن قولويه عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمد ابن سنان ، عن عبدالكريم بن عمرو ، وإبراهيم بن ناحة البصري جميعا قالا : حدثنا ميسر قال : قال لي أبوعبدالله جعفر بن محمد عليهما‌السلام ما تقول : فيمن لا يعصي الله في أمره ونهيه ، إلا أنه يبرء منك ومن أصحابك على هذا الامر؟ قال : قلت : وما عسيت أن أقول ، وأنا بحضرتك؟ قال : قل! فاني أنا الذي آمرك أن تقول قال : قلت : هو في النار ، قال : يا ميسر! ما تقول فيمن يدين الله بما تدينه به ، وفيه من الذنوب ما في الناس ، إلا أنه مجتنب الكبائر؟ قال : قلت : وما عسيت أن أقول وأنا بحضرتك؟ قال : قل! فاني أنا الذي آمرك أن تقول ، قال : قلت : في الجنة.

قال : فلعلك تنحرج أن تقول هو [ في الجنة؟ قال : قلت : لا ، قال : لا تحرج فانه في الجنة ، إن الله يقول : « إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما » (١).

____________________

(١) مجالس المفيد ص ٩٨ ـ ٩٩ ، وما بين العلامتين كان ساقطا ومحله بياضا.

١٦

٦٩

* ( باب الزنا ) *

الايات : الانعام : « ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن (١).

اسرى : « ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا (٢).

النور : « ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحيوة الدنيا ومن يكرههن فان الله من بعد إكراههن غفور رحيم (٣).

____________________

(١) الانعام : ١٥١.

(٢) أسرى : ٣٢.

(٣) النور : ٣٣ وعنوان الاية في الباب بناء على ما اشتهر بين المفسرين أن البغاء المذكور في الاية هو الزنى.

قال الطبرسى : « ولا تكرهوا فتياتكم » أى اماءكم وولايدكم « على البغاء » أى على الزنا « ان أردن تحصنا » أى تعففا وتزويجا ، عن ابن عباس ، وانما شرط ارادة التحصن لان الاكراه لا يتصور الا عند ارادة التحصن ، فان لم ترد التحصن بغت بالطبع ، فهذه فائدة الشرط.

قال : قيل ان عبدالله بن أبى كان له ست جوار يكرههن على الكسب بالزنا ، فلما نزل تحريم الزنا أتين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكون اليه فنزلت الاية.

وقال في « ومن يكرههن » أى ومن يجبرهن على الزنا من سادتهن « فان الله من بعد اكراههن غفور » للمكرهات لا للمكره ، لان الوزر عليه « رحيم » بهن.

ويرد عليه أن مهر البغى أى الزانية حرام بالكتاب والسنة فكيف يصح التعبير عن ابتغائه بقوله تعالى « لتبتغوا عرض الحياة الدنيا » من دون أى نكير عليه فالصحيح ـ كما هو الظاهر بقرينة الاية المتقدمة عليها وصدر هذه الاية نفسها ـ أن المراد بالبغاء : مطلق الكسب الحلال ، ولازمه عدم التحصن : بمعنى الخروج من البيت.

فالقرآن العزيز ـ بعد ما ندب في الاية المتقدمة إلى نكاح العباد والاماء بقوله « وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم » الاية ، فصل بين العباد والاماء

١٧

الفرقان : ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما (١).

١ ـ لى : عن ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن أبي الخطاب ، عن المغيرة بن محمد ، عن بكر بن خنيس ، عن أبي عبدالله الشبامي ، عن نوف البكالي ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يحب الزنا وكذب من زعم أنه يعرف الله عزوجل وهو مجترئ على معاصي الله كل يوم وليلة (٢).

٢ ـ لى (٣) : عن الفامي ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن رباط ، عن الحضرمي ، عن الصادق عليه‌السلام قال : بروا آباءكم

____________________

في هذه الاية ، فقال في خصوص العباد : « والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذى آتاكم » فندب السادات إلى مكاتبة العباد وان كانت مستلزمة لضرب العباد في الارض والتشاغل بالحرف والصنايع المتعبة ، لان شأن الرجل هو ذلك ، فبالمكاتبة يصل السيد إلى ما أنفقه أو أمله من قيمة العبد ، والعبد يصل إلى مطلوبه وهو الحرية.

ثم قال في خصوص الاماء : ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء وتحصيل المال بالضرب في الارض والبراز إلى الاسواق ان اردن التحصن في البيوت ، لان شأن المرءة التحصن في البيوت وخدمة المنزل فلا ينبغي اكراههن على خلاف ذلك ابتغاء لحطام الدنيا الدنية ، ومن يكرههن بعد هذا التنبيه « فان الله من بعد اكراههن غفور رحيم » لا يؤاخذهم على ترك ما ينبغي من تحصينهن ، وارتكاب مالا ينبغى من ابرازهن إلى الاسواق واجبارهن على تحصيل المال.

(١) الفرقان : ٦٨ ـ ٧٠.

(٢) أمالى الصدوق ص ١٢٦ في حديث.

(٣) أمالى الصدوق ص ١٣٧.

١٨

يبركم أبناؤكم : وعفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم (١).

٣ ـ لى : عن ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن الازدي ، عن إبراهيم الكرخي ، عن الصادق عليه‌السلام قال : علامات ولد الزنا ثلاث : سوء المحضر والحنين إلى الزنا ، وبغضنا أهل البيت (٢).

٤ ـ لى : عن ابن المغيرة ، عن جده [ عن جده ] عن السكوني ، عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع لا تدخل بيتا واحده منهن إلا.

خرب ولم يعمر بالبركة : الخيانة ، والسرقة ، وشرب الخمر ، والزنا (٣).

أقول : قد مضى في الابواب المتقدمة بأسانيد اخرى (٤).

٥ ـ فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : « ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة » يقول : معصية : « ومقتا » فان الله يمقته ويبغضه ، قال : « وساء سبيلا » هو أشد الناس عذابا ، والزنا من أكبر الكبائر (٥).

٦ ـ فس : عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لما اسري بي مررت بنسوان معلقات بثديهن فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اشتد غضب الله على امرءة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم ، فاطلع على عوارتهم ، وأكل خزائنهم (٦).

____________________

(١) ورواه في الخصال ج ١ ص ٢٩.

(٢) أمالى الصدوق ص ٢٠٤.

(٣) أمالى الصدوق ص ٢٣٩.

(٤) بل سيأتي في باب حرمة شرب الخمر تحت الرقم ٢.

(٥) تفسير القمى ص ٣٨١.

(٦) تفسير القمى ص ٣٧١ في حديث المعراج.

١٩

٧ ـ ل : عن أبيه ، عن الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن فضالة ، عن سليمان بن درستويه ، عن عجلان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ثلاثة يدخلهم الله النار بغير حساب : إمام جائر ، وتاجر كذوب ، وشيخ زان. الخبر (١).

٨ ـ ل : عن ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن اللؤلؤي ، عن الحسين بن يوسف ، عن الحسن بن زياد العطار قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ثلاثة في حرز الله عزوجل إلى أن يفرغ الله من الحساب : رجل لم يهم بزنا قط ، ورجل لم يشب ماله برباقط ، ورجل لم يسع فيهما قسط (١).

٩ ـ ل : عن ابن الوليد ، عن سعد ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن غير واحد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله تبارك وتعالى من رجل قتل نبيا أو إماما أو هدم الكعبة التي جعلها الله عزوجل قبلة لعباده ، أو أفرغ ماءه في امرءة حراما (٣).

١٠ ـ فس : « والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما » (٤) وأثاما وادمن أودية جهنم من صفر مذاب ، قدامها خدة في جهنم ، يكون فيه من عبد غير الله ، ومن قتل النفس التي حرم الله ، ويكون فيه الزناة يضاعف لهم فيه العذاب « إلا من تاب وآمن » إلى قوله : « فانه يتوب إلى الله متابا » يقول لا يعود إلى شئ من ذلك باخلاص ونية صادقة (٥).

____________________

(١) الخصال ج ١ ص ٤٠.

(٢) الخصال ج ١ ص ٥٠.

(٣) الخصال ج ١ ص ٥٩.

(٤) الفرقان : ٦٨ ـ ٧١.

(٥) تفسير القمى ص ٤٦٨.

٢٠