بحار الأنوار - المقدمة

بحار الأنوار - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٠

١
٢

٣
٤

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة المصحح :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد رسوله وآله الطاهرين.

وبعد : نشكر الله كثيراً ونحمده على أن وفقنا لخدمة الدين وأهله ، وقيضنا لتصحيح هذه الموسوعة الكبرى ـ الباحثة عن المعارف الاسلامية الدائرة بين المسلمين ، وهي بحق بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأبرار ، عليهم الصلاة والسلام.

وهذا الجزء الذي نخرجه إلى القراء الكرام ، آخر اجزاء المجلد السادس عشر ابواب المعاصي والكبائر وحدودها وبعض أبواب الزي والتجمل وهي الأبواب الساقطة عن طبعة الكمباني (١) التي تصدي لطبعها العلامة العسكري قدس سره ، ومن الواجب علينا قضاء لحقه ـ رضوان الله عليه ـ أن نسطر هنا ما كتبه تقدمة لهذا الجزء وهو هذا :

« الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وبعد فيقول العبد المذنب الجاني محمد بن رجبعلي العسكري الطهراني نزيل سامراء ـ اُوتيا كنابهما بيمينهما ـ : أن العبد الصالح الحاج محمد حسن الكمباني لما طبع كتاب البحار لجد نا العلامة المجلسي ـ قدس

________________

(١) سيأتي أن بهذا الجزء ايضا لايتم الكتاب بل هو ناقص بعد.

٥

سره ـ لم يعثر على المجلد السادس عشر الثاني إلا على نسخة سقيمة ناقصة منها ثلاثة وستون باباً ، فطبعها على نقصها وسقمها مع المجلد السادس عشر الأول الذي أفرده من المجلد الخامس عشر حيث صار ضخيماً.

وإني لما شرعت في تأليف كتابنا الكبير مستدرك البحار ، وهو على عدد مجلدات الأصل ستة وعشرون مجلداً ، لاستدرك عليه إلى أن من الله تعالى عليَّ فعثرت على نسخة مشتملة على الأبواب الساقطة في بغداد ، فستنسخها على سقمها المحدث المعاصر الشيخ عباس القمي صاحب مفاتيح الجنان ـ طاب ثراه ـ وتصدينا لطبعها ونشرها.

ولما كان الأبواب المطبوعة منه سقيمة جداً بحيث ما كاد ينتفع منها ، رأيت من الواجب تصحيحها ، ولما لم يكن نسخة صحيحة نعارضها عليها ، تصديت لتصحيحها في مدة أشهر بمراجعة مصدر البحار وأكثرها بمنه تعالى موجود عندي ، ومالم يكن منها عندنا ، عارضنا المنقول عنها على الكتب التي نقلت تلك الأخبار عنها ، فجاء بحمد الله صحيحة إلا ما زاغ عنه البصر أو كانت المصادر مغلوطة.

وكان قد سقط من المجلد الثامن عشر منه ، وهو كتاب الطهارة والصلاة من أعمال ليلة الجمعة من النسخة المطبوعة كثير من أعمالها ، فطبع في احدى عشر صحيفة ليلحق بها ؛ وهذا العبد الصالح المذكور الذي سخت نفسه ببذل آلاف من التوامين في طبع ألف وثمانين دورة من البحار وغيرها كالامالي والاكمال للصدوق ـ قدس سره ـ له حق عظيم على الفرقة المحقة في احياء البحار ، ولولاه لا ندرس كما اندرس غيره ، وهو مدفون في أيوان الحضرة الغروية على الثاوي بها آلاف الثناء والتحية في الحجرة التي على

٦

يساره المنارة التي على يمينها مرقد المقدس الاردبيلي قدس سره فينبغي لمن يمر عليه أن يترحم عليه بقراءة فاتحة كما أنى ملتزم بذلك ذهاباً واياباً.

وأرجو ممن يطالع هذا المجلد الذي أتعبت نفسي في تصحيحها أن لا ينساني من الدعاء حياً وميتاً والحمد لله تعالى ».

وأقول : وهذا الجزء الذي طبع باهتمامه ـ قدس سره ـ جعلناه أصلا لطبعتنا هذه ، فكما اعترف به قدس سره لم يكن خالياً من السقط والتصحيف والبياض ، فسددنا بعض هذه الخلال في طبعتنا هذه فنقول :

أما ما كان فيه من تصحيف في السند أو المنن فقد أصلحناه طبقاً للمصادر ، من دون إيعاز إلا في بعض الموارد.

وأما ما كان ساقطاً كالجملة والجملتين أو الكلمة والكلمتين فقد جعلناها في المتن وميزناها بالعلامتين المعقوفتين [ ... ] وفي بعض الموارد أشرنا في الذيل أنها كانت ساقطة ليعرف الناظر فيها ، فان كل مطالع وناظر لا يوجب على نفسه أن يراجع تقدمة المصحح.

وأما الأحاديث التي كان صدرها مسطوراً ومحل ذيلها بياضاً ، فقد اتممناها وأضفنا تمامها من نفس المصدر المنقول ، وهكذا كان سيرتنا في الآيات التي كان المؤلف العلامة يشرف الباب بتصديرها ، فقد نقلنا الآيات من السورة التي ذكر اسمها في المتن ، أو أراد أن يكتبها بعد فأشار إلى وجودها في صدر الباب بقوله : الآيات. فنقلنا الآيات من كتاب البحار من باب آخر يشبه الباب المعنون ، أو نقلناها من القرآن الكريم ، طبقاً للأحاديث التي تبحث عن تفسيرها في ذيل الباب.

وإنما أخذنا بهذه السيرة في تصحيح الكتاب ـ خصوصاً هذا الجزء ـ تكميلا للغرض من طبع الكتاب وتتميماً للهدف من انتشاره وتكثير نسخه ، وإلا فلا

٧

جدوي في طبع نسخة ناقصة لاتسمن ولا تغني من جوع.

وأما أن هذا النهج من تتميم النواقص وسد الخلل والفرج سائغ جائز مئاب على فعله ، فقد ذكرنا وجهه في تقدمة الجزء ٩٨ ـ حيث ابتلينا بمثل ما ابتلينا به في هذا الجزء من تتميم البياضات.

مع أنك قد عرفت في تقدمة الجزء ٧٤ أن تسعاً من المجلدات ( التي يبتديء من ج ١٥ ـ إلى ج ٢٥ سوى ج ١٨ و ٢٢ ) لم تخرج إلى البياض في حياة المؤلف قدس سره ، بل هي مما أخرجه المرزا عبد الله أفندي تلميذ المؤلف إلى البياض.

فهو الذي رتب الكراسات ، وجعلها في مجلد ، مجلد ، وكتب لبعضها خطبة بانشائه ، ثم كتب فهرس الأبواب مرقماً بالأعداد الهندسية في صدر المجلد قبل الخطبة بخطة قدس سره ليكون تحديداً للأبواب ، دليلا على انتهاء الأجزاء هناك ، بعدما كان المؤلف ـ ره ـ يكتب عوضاً عن ذلك خاتمة للكتاب وتاريخ فراغه.

فمن هذا الترقيم ووجود الفهرس في صدر المجلد السادس عشر عرفنا أن هذا الجزء ـ الذي بين يدي القراء الكرام ـ ناقص بعدُ وقد ذكرنا الفهرس بتمامه في ذيل الكتاب ـ هذا الجزء ـ لتعرف النواقص فلولا ذكر العلامة المرزا عبد الله أفندي لهذه الفهارس في أول هذه الأجزاء ، لم نكن نعرف الناقص من التمام ، كما هو ظاهر.

وقد نشأ من غفلته قدس سره حين ترتيب الكراسات وتبويب الأبواب خلل في الاحالة علىما تقدم ويأتي ، كما ترى في هذا الجز س ١٢٧ ، يقول : « قد مضى بعض الأخبار في باب الغناء وفي باب الملاهي » والبابان المذكوران إنما يجيئان بعد ذلك ، وفي ص ١٥٧ يقول : « سيأتي بعض الأخبار في باب حد الزنا » وباب الزنا قد مر سابقاً ، وهذا يؤذن بأن ترتيبه خالف ترتيب المؤلف سهواً ومثله كثير في سائر المجلدات.

بل ومن راجع نسخة الأصل من تلك المجلدات كما راجعنا شطراً منها

٨

يظهر له عياناً أن المرزا عبد الله ره قد أضرب كثيراً على عناوين الأبواب التي كان كتبها المؤلف العلامة قدس سره ، وذلك أنه لما راجع الكراسات التي سطرت فيها الأحاديث ، وجدها غير منطبقة على عنوان الباب انطباقاً كاملاً ، فضرب عليها وكتب من عند نفسه عنواناً آخر يوافق الأحاديث المنقولة في ذيله كما أنه كان يرب على خطبة المؤلف إذا لم يجدها منسبة وينشيء من إنشائه خطبة اُخرى يذكر فيها أن هذا المجلد هو المجلد ..... من كتاب بحار الأنوار ، كما ترى في تقدمة ج ٩٦ من الصورة الفتوغرافية التي نقلناها هناك.

وهكذا قد مر عليك في تضاعيف الأجزاء ٧٠ ـ ٧٣ و ٩٢ ـ ٩٧ وغير ذلك من الأجزاء التي اظفرنا الله على نسخ الأصل ، أن كتاب المؤلف الذين عاونوه في استخراج الأحاديث واستنساخها من المصادر ، عند ما كانوا يدرجون حديثاً واحداً في أبواب شتى لمناسبته تلك الأبواب ، قد يغفلون عن ذكر المصادر أو يبقي الحديث ناقصاً فيكتبون في هامش الصفحة : لا بد أن يسئل عن ذلك ملا ذوالفقار أو ملا محمد رضا أو غير ذلك.

منها « لا بد أن يكتب الحمرة ( يعني محل البياض ) ويشخص من ملا ذوالفقار وملا محمد رضا إنشاء الله » كما في ج ١٠٣ ص ٣٠٧ « لابد أن يذكر أخبار هذا الباب إنشاء الله » كما في ج ٧١ ص ٢٣٧ « لابد أن يكتب صدر هذا الخبر من الكتاب الذي نقل هذا الخبر عنه ، وليسئل ملا ذو الفقار » راجع تقدمة ج ٧٠ ، وغير ذلك كثير.

فهذه هي سيرتهم في تبييض هذه المجلدات التي بقيت بعد حياة المؤلف وانتقاله إلى جوار رحمة الله ـ مسودة في كراسات ، وسلكنا نحن مسلكهم وحذونا حذوهم في سد الخلل وتصحيح المتن والاسناد وتكميل النواقص ، ولا حول ولا قوة إلا بالله وله المن ، ومنه التوفيق ، وعليه التكلان.

محمد الباقر البهبودي

٩