بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

١٨ ـ ومنه ، عن ابن محبوب عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أما ما كان على اللثة فكله وازدرده وما كان في الأسنان فارم به (١).

بيان : في القاموس زرد اللقمة كسمع بلعها كازدردها.

١٩ ـ المحاسن ، عن أبي سمينة عن أحمد بن عبد الله الأسدي عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعفر بن أبي طالب خلالا وقال له تخلل فإنه مصلحة للثة ومجلبة للرزق (٢).

٢٠ ـ المحاسن ، عن الحسن بن أبي عثمان عن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجعفر تخلل فإن الخلال يجلب الرزق قال وروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : من أكل طعاما فليتخلل ومن لم يفعل فعليه حرج (٣).

٢١ ـ ومنه ، عن إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن الحسين الفارسي عن سليمان بن جعفر البصري قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن من حق الضيف أن يعد له الخلال (٤).

٢٢ ـ ومنه ، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن الدهقان عن درست عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يتخلل بكل ما أصاب ما خلا الخوص والقصب (٥).

٢٣ ـ ومنه ، عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال : نهى رسول الله أن يتخلل بالقصب والرمان (٦).

٢٤ ـ ومنه ، عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من تخلل بالقصب لم تقض له حاجة ستة أيام (٧).

٢٥ ـ ومنه ، عن بعض من رواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن التخلل بالرمان والآس والقصب وهن يحركن عرق الأكلة (٨).

بيان : في القاموس أكل العضو والعود كفرح وائتكل وتأكل أكل بعضه بعضا والأكلة كفرجة داء في العضو يأتكل منه.

٢٦ ـ السرائر ، نقلا من كتاب السياري عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال : ملك ينادي في السماء اللهم بارك في الخلالين والمتخللين والخل بمنزلة الرجل

__________________

(١ ـ ٨) المحاسن ٥٥٩ و ٥٦٣ ـ ٥٦٤.

٤٤١

الصالح يدعو لأهل البيت بالبركة فقلت جعلت فداك وما الخلالون والمتخللون قال الذين في بيوتهم الخل والذين يتخللون فإن الخلال نزل به جبرئيل مع اليمين والشهادة من السماء (١).

المكارم ، روي عن الكاظم عليه‌السلام أنه ينادي مناد من السماء وذكر نحوه إلى قوله مع اليمين والشاهد من السماء (٢)

٢٧ ـ الدعائم ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : تخللوا على أثر الطعام فإنه صحة للناب والنواجذ ويجلب على العبد الرزق وقال حبذا المتخللون في الوضوء ومن الطعام وليس شيء أشد على ملكي المؤمن من أن يريا شيئا من الطعام في فمه وهو قائم يصلي ونهى صلى‌الله‌عليه‌وآله عن التخلل بالقصب والرمان والريحان وقال إن ذلك يحرك عرق الجذام (٣).

٢٨ ـ الشهاب ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رحم الله المتخللين من أمتي في الوضوء والطعام (٤).

الضوء الخلال العود الذي يستخرج به ما يدخل في خلل الأسنان وقد تخلل الرجل إذا استعمل الخلال وتخلل القوم إذا دخل في خلالهم والتخلل في الوضوء قيل هو إيصال الماء إلى أصول اللحية وقيل هو إيصال الماء إلى ما بين الأصابع في وضوء الصلاة بالأصابع يشبكها وهو أقرب إلى الصواب فترحم على من فعل ذلك إيفاء للوضوء وإبقاء على طيب النكهة فإن الخلالة ربما تغير ريح الفم وربما تكون سببا لتآكل الأسنان وأولى ما يتخلل به الأسنان خشب الخلاف ونهى عن التخلل بالآس والرمان والقصب والريحان وراوي الحديث أبو أيوب الأنصاري.

٢٩ ـ الشهاب ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله حبذا المتخللون من أمتي (٥).

__________________

(١) مستطرفات السرائر ٤٧٥.

(٢) مكارم الأخلاق : ١٧٦.

(٣) دعائم الإسلام ٢ : ١٢٠ ـ ١٢١.

(٤) راجع مجمع الزوائد ٥ : ٢٩ ـ ٣٠.

(٥) مسند ابن حنبل ٥ : ٤١٦.

٤٤٢

الضوء حبذا أصله حب ذا فعل وفاعل فركبتا وجعلتا اسما ويرتفع ما بعده بخبر المبتدأ وحبذا موضعه رفع بالابتداء ويجوز العكس وفائدة الحديث التخلل في الوضوء وبعد الطعام.

فائدة قال في الدروس يستحب إعداد الخلال بكسر الخاء للضيف والتخلل ويكره التخلل بقصب أو عود ريحان أو آس أو خوص أو رمان وقال في موضع آخر منه والتخلل يصلح اللثة ويطيب الفم ونهي عن التخلل بالخوص والقصب والريحان فإنهما يهيجان عرق الجذام وعن التخلل بالرمان والآس.

٢٤

باب

(مضغ الكندر والعلك واللبان وأكلها)

١ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن أبي جميلة عن سعد بن طريف عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ستة من أخلاق قوم لوط إلى أن قال ومضغ العلك الخبر (١).

٢ ـ ومنه ، في الأربعمائة قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام مضغ اللبان يشد الأضراس وينفي البلغم ويذهب بريح الفم وقال عليه‌السلام مضغ اللبان يذيب البلغم (٢).

٣ ـ ومنه ، في وصايا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي ثلاث يزدن في الحفظ ويذهبن السقم اللبان والسواك وقراءة القرآن (٣).

٤ ـ العيون ، عن أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم عن الريان بن الصلت قال سمعت الرضا عليه‌السلام يقول ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر وأن يقر له بأن الله « يَفْعَلُ ما يَشاءُ » وأن يكون في تراثه الكندر (٤).

__________________

(١) الخصال : ٣٣١.

(٢) الخصال : ٦١٢ و ٦٢٣ على الترتيب.

(٣) الخصال : ١٢٦.

(٤) عيون الأخبار ٢ : ١٤.

٤٤٣

٥ ـ تفسير علي بن إبراهيم ، عن ياسر عن الرضا عليه‌السلام مثله (١).

٦ ـ العيون ، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم قراءة القرآن والعسل واللبان (٢).

صحيفة الرضا ، بالإسناد عنه عليه‌السلام مثله (٣).

٧ ـ الطب ، طب الأئمة عليهم‌السلام عن محمد السراج عن فضالة عن السكوني عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٤).

٨ ـ المكارم ، من الفردوس قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أطعموا نساءكم الحوامل اللبان فإنه يزيد في عقل الصبي.

وقال عليه‌السلام ما من بخور يصعد إلى السماء إلا اللبان وما من أهل بيت يتبخر فيه باللبان إلا نفي عنهم عفاريت الجن.

وعن الرضا عليه‌السلام قال : استكثروا من اللبان واستبقوه وامضغوه وأحبه إلي المضغ فإنه ينزف بلغم المعدة وينظفها ويشد العقل ويمرئ الطعام.

وعن الرضا عليه‌السلام قال : أطعموا حبالاكم اللبان فإن يكن في بطنها غلام خرج ذكي القلب عالما شجاعا وإن تكن جارية حسن خلقها وخلقتها وعظمت عجيزتها وحظيت عند زوجها (٥).

٢٥

باب نادر

١ ـ العلل ، لمحمد بن علي بن إبراهيم علة قول العالم عليه‌السلام إن الرجل يأكل في الجنة في أكلة واحدة بمقدار الدنيا وما فيها من أن الأبدان لا تزال تزيد حتى يبلغ الرجل في العظم ما يأكل بمقدار الدنيا.

__________________

(١) تفسير القمي : ١٨١.

(٢) عيون الأخبار : ٢ : ٣٨.

(٣) الصحيفة : ١٣.

(٤) طب الأئمة : ٦٦.

(٥) مكارم الأخلاق : ٢٢٢ وفيه [ واستفوه ].

٤٤٤

أبواب

(الأشربة المحللة والمحرمة وآداب الشرب)

١

باب

(فضل الماء وأنواعه)

الآيات الأنفال « وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ ».

الحجر « فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ ».

النحل « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ »

الأنبياء « وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ ».

المؤمنون « وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ ».

النور « وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ ».

الفرقان « وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً ».

ق « وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ».

الواقعة « أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ ».

المرسلات « وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً ».

النبأ « وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ».

٤٤٥

تفسير : الآيات في ذلك كثيرة وقد مر أكثرها بتفاسيرها فمنها : ما يدل على بركة ماء السماء ونفعه ومنها ما تضمن الامتنان بجميع المياه وأنها من السماء فتدل على جواز الانتفاع بها وشربها واستعمالها فيما يحتاج الناس إليه فالأصل فيها الإباحة ولكل من الناس في كل ماء حق الانتفاع إلا ما خرج بالدليل ويؤيده ما روي بطرق عديدة ثلاثة أشياء الناس فيها شرع سواء الماء والكلاء والنار. ويؤنسه أن المنع من ذلك يوجب حرجا عظيما لا سيما في الأسفار فإذا ورد قوم مسافرون عطاش على ماء وكان استعمالهم موقوفا على استرضاء أهل القرية لم يحصل لهم إلا بعد مرور أيام فلم يمكنهم الشرب منه إلا بقدر سد الرمق ويلزمهم إيقاع الصلاة بالتيمم ومع النجاسة في مدة مديدة مع أنه قلما تتيسر قرية لم تكن فيها جماعة من الغيب والأيتام فكيف يمكن تحصيل الرضا منهم وإنا نعرف من عادة السلف أنهم لم يكونوا يحترزون عن مثل ذلك.

وأيضا وردت أخبار كثيرة سألوا فيها أئمتنا عليه‌السلام أنا نرد قرية فيها ماء وسألوا عن خصوصياته وأجابوهم بجواز استعماله ولم يأمروهم باستئذان أهل القرية وما تمسكوا به من أن قرائن الأحوال تشهد برضا أربابها فكثير من الموارد ليست فيها تلك القرائن على أنه مع احتمال الأيتام والمجانين لا تنفع تلك القرائن فظهر أن كمال الامتنان الذي تدل عليه تلك الآيات لا يتم إلا بكون الحقوق الضرورية مشتركة بين جميع المؤمنين في تلك المياه والله أعلم بحقائق الأحكام وحججه الكرام.

« فَأَسْقَيْناكُمُوهُ » أي مكناكم من استعماله « لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ » أي لكم من ذلك الماء شراب تشربونه « فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ » ظاهره أن جميع مياه الأرض من السماء كما مر تقريره « فَيُصِيبُ بِهِ » أي بالبرد وضرره « مَنْ يَشاءُ » فيهلك زرعه وماله « وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ » أي ضرره فإصابته نقمة وصرفه رحمة « ماءً طَهُوراً » أي مطهرا والامتنان به وبما بعده من الشرب وسقي الأنعام إنما يتم بجواز استعماله فيها وفي أشباهها « ماءً مُبارَكاً » يدل على بركة ماء السماء كما ورد في الخبر :

وروى الكليني رحمه‌الله عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد

٤٤٦

عن علي بن يقطين عن عمرو بن إبراهيم عن خلف بن حماد عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال الله عز وجل « وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً » قال ليس من ماء في الأرض إلا وقد خالطه ماء السماء (١).

أقول وفي أكثر نسخ الكافي وأنزلنا على بناء الإفعال وكأنه من النساخ.

« مِنَ الْمُزْنِ » أي من السحاب « أُجاجاً » أي مرا شديد المرارة أو شديد الملوحة « وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً » قال ابن عباس أي وجعلنا لكم سقيا من الماء العذب والمعصرات الرياح أو السحاب « ثَجَّاجاً » أي صبابا دفاعا في انصبابه.

١ ـ مجمع البيان ، قال روى العياشي بإسناده عن الحسين بن علوان قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن طعم الماء قال سل تفقها ولا تسأل تعنتا طعم الماء طعم الحياة قال الله سبحانه « وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ » (٢).

بيان في القاموس العنت محركة الفساد والإثم والهلاك ودخول المشقة على الإنسان وجاءه متعنتا أي طالبا زلته قوله عليه‌السلام طعم الحياة كأن الغرض أنه أفضل الطعوم وأشهى اللذات ولا يناسب سائر الطعوم ولما كان من أعظم الأسباب لاستقامة الحياة وبقائها فكان طعمه طعم الحياة لو كان لها طعم أو أنه لما استشعر عند شربه بقاء الحياة فكأنه يجد طعم الحياة عند الشرب.

٢ ـ المحاسن ، عن عثمان بن عيسى رفعه قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إن نهركم يصب فيه ميزابان من ميازيب الجنة وقال أبو عبد الله عليه‌السلام لو كان بيني وبينه أميال لأتيناه نستشفي به (٣).

الكافي : عن محمد بن يحيى عن علي بن الحسين عن ابن أورمة عن الحسين بن سعيد رفعه قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام إن نهركم هذا يعني ماء الفرات يصب إلى قوله قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام لو كان بيننا الخبر (٤).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٨٧.

(٢) مجمع البيان ٤ : ٤٤ وتراه في الكافي ٦ : ٣٨١.

(٣) المحاسن ٥٧٥.

(٤) الكافي ٦ : ٣٨٨.

٤٤٧

٣ ـ ومنه ، بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما إخال أحدا يحنك بماء الفرات إلا أحبنا أهل البيت وقال عليه‌السلام ما سقي أهل الكوفة ماء الفرات إلا لأمر ما وقال يصب فيه ميزابان من الجنة (١).

بيان قال الجوهري خلت الشيء أي ظننته وتقول في مستقبله إخال بكسر الألف وهو الأفصح وبنو أسد تقول أخال بالفتح وهو قياس قوله عليه‌السلام لأمر ما أي رسوخ الولاية في قلوب أهلها.

٤ ـ الكافي ، بسند مرسل كالموثق عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يدفق في الفرات في كل يوم دفقات من الجنة (٢).

بيان : في الصحاح دفقت الماء أدفقه دفقا صببته فهو ماء دافق أي مدفوق.

٥ ـ الكافي ، بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : أما إن أهل الكوفة لو حنكوا أولادهم بماء الفرات لكانوا شيعة لنا (٣).

٦ ـ ومنه ، بإسناده عن حكيم بن جبير قال سمعت سيدنا علي بن الحسين عليه‌السلام يقول إن ملكا يهبط من السماء في كل ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسك من مسك الجنة فيطرحها في الفرات وما من نهر في شرق الأرض ولا غربها أعظم بركة منه (٤).

أقول : قد مر بعض الأخبار في باب الماء وسيأتي أكثرها في كتاب المزار.

٧ ـ الكافي ، بإسناده عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض وشر ماء على وجه الأرض ماء برهوت الذي بحضرموت ترده هام الكفار بالليل (٥).

٨ ـ ومنه ، بسند معتبر عندي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ماء زمزم شفاء من كل داء وأظنه قال كائنا ما كان (٦).

ومنه بإسناده عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال قال رسول الله ص

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩.

(٢) الكافي ٦ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩.

(٣) الكافي ٦ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩.

(٤) الكافي ٦ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩.

(٥) الكافي ٦ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧.

(٦) الكافي ٦ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧.

٤٤٨

ماء زمزم دواء لما شرب له (١).

١٠ ـ ومنه ، بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كانت زمزم أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وكانت سائحة فبغت على المياه فأغارها الله عز وجل وأجرى عليها عينا من صبر.

بيان : يدل بظاهره على أن للجمادات شعورا ما ويمكن أن يكون المراد بغي أهلها بحذف المضاف كقوله « وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ » أو يكون كناية عن أنها لما كانت لشرافتها مفضلة على سائر المياه نقص من طعمها للعدل بينها فكأنها بغت لفضلها.

١١ ـ الكافي ، بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : البرد لا يؤكل لأن الله عز وجل يقول « يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ » (٢)

بيان الاستدلال بالآية لدلالتها على أن إصابته نقمة.

١٢ ـ الكافي ، بإسناده عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : ماء نيل مصر يميت القلب.

١٣ ـ ومنه ، بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل « وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ » الآية قال يعني ماء العقيق (٣).

بيان كأن المراد به وادي العقيق وإنما ذكره عليه‌السلام على وجه التمثيل أي مثله من المواضع التي ليس فيها ماء وإنما فيها برك وغدران يجتمع فيها ماء السماء أو يقال خص هذا الموضع لاحتياجهم فيه إلى الماء للدين والدنيا لوقوع غسل الإحرام فيه أو كان أولا نزول الآية لهذا الموضع بسبب من الأسباب لا نعرفه وأما حمله على فطر ماء (٤) العقيق كما قيل فلا يخفى بعده.

١٤ ـ الكافي ، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت عند حوض زمزم فأتاني رجل فقال لي لا تشرب من هذا الماء يا با حمزة فإن هذا تشترك فيه الجن والإنس

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٨٨.

(٢) الكافي ٦ : ٣٩١ ، والعقيق كل مسيل ماء شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه فالمراد انزال الماء على الآكام والجبال واسكانه في الاودية والاعقة وهو واضح.

(٣) الكافي ٦ : ٣٩١ ، والعقيق كل مسيل ماء شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه فالمراد انزال الماء على الآكام والجبال واسكانه في الاودية والاعقة وهو واضح.

(٤) فص العقيق خ.

٤٤٩

وهذا لا يشترك فيه إلا الإنس فتعجبت منه وقلت من أين علم هذا قال ثم قلت لأبي جعفر عليه‌السلام ما كان من قول الرجل لي فقال عليه‌السلام ذاك رجل من الجن أراد إرشادك (١).

بيان كأنه أشار أولا إلى الحوض وثانيا إلى البئر أو الدلو أي اشرب من الدلاء قبل الصب في الحوض فإن الحوض يستعمله الجن أيضا كالإنس فتذهب بركته أو لوجه آخر ويحتمل أن يكون أشار أولا إلى دلو مخصوص قد علم مشاركة الجن فيه وثانيا إلى غيره والأول أظهر.

١٥ ـ المكارم ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل البرد ويتفقد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله ويقول إنه يذهب بأكلة الأسنان (٢).

بيان يدل على مدح البرد وقد مر ما يدل على ذمه وكان أقوى سندا إذ الظاهر أن هذا الخبر عامي ويمكن الجمع بأن التجويز إذا كانت في الأسنان أكلة أو مظنة ذلك فيكون أكله للدواء وإن كان بعيدا.

١٦ ـ المكارم ، من طب الأئمة عن الصادق عليه‌السلام قال : سيد شراب أهل الجنة الماء.

وعن الصادق عليه‌السلام قال : ماء زمزم شفاء لما شرب له وروي في حديث آخر ماء زمزم شفاء من كل داء وأمان من كل خوف.

وعن خالد بن جرير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لو أني عندكم لأتيت الفرات كل يوم فاغتسلت وأكلت من رمان سوراء في كل يوم رمانة.

وقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام ماء نيل مصر يميت القلب ولا تغسلوا رءوسكم من طينها فإنها تورث الزمانة [ الدياثة ].

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام صبوا على المحموم الماء البارد فإنه يطفئ حرها.

وعن الصادق عليه‌السلام قال : الماء البارد يطفئ الحرارة ويسكن الصفراء ويذيب الطعام في المعدة ويذهب بالحمى.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٩٠.

(٢) مكارم الأخلاق : ٢١.

٤٥٠

وعنه عليه‌السلام قال : الماء المغلي ينفع من كل شيء ولا يضر من شيء.

وعنه عليه‌السلام قال : إذا دخل أحدكم الحمام فليشرب ثلاثة أكف ماء حار فإنه يزيد في بهاء الوجه ويذهب بالألم من البدن.

وعن الرضا عليه‌السلام قال : الماء المسخن إذا غليته سبع غليات وقلبته من إناء إلى إناء فهو يذهب بالحمى وينزل القوة في الساقين والقدمين (١).

١٧ ـ دعوات الراوندي ، عن الصادق عليه‌السلام البرد لا يؤكل لقوله « يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ » وعن ابن عباس أن الله يرفع المياه العذب قبل يوم القيامة غير زمزم وأن ماءها يذهب بالحمى والصداع والاطلاع فيها يجلو البصر ومن شربه للشفاء شفاه الله ومن شربه للجوع أشبعه الله.

١٨ ـ الدعائم ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : الماء سيد الشراب في الدنيا والآخرة (٢).

١٩ ـ الفردوس ، ماء زمزم شفاء من كل داء وهو دواء لما شرب له وماء الميزاب يشفي المريض وماء السماء يدفع الأسقام ونهي عن البرد لقوله تعالى « يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ » وماء الفرات يصب فيه ميزابان من الجنة وتحنيك الولد به يحببه إلى الولاية.

وعن الصادق عليه‌السلام تفجرت العيون من تحت الكعبة وماء نيل مصر يميت القلوب والأكل في فخارها وغسل الرأس بطينها يذهب بالغيرة ويورث الدياثة.

٢٠ ـ قرب الإسناد ، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيد طعام الدنيا والآخرة اللحم وسيد شراب الدنيا والآخرة الماء (٣).

٢١ ـ العيون ، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٤).

صحيفة الرضا ، عنه عليه‌السلام مثله (٥).

__________________

(١) مكارم الأخلاق ١٧٨ ـ ١٨٠.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ١٢٧.

(٣) قرب الإسناد ٦٩.

(٤) عيون الأخبار ٢ : ٣٥.

(٥) الصحيفة : ١٠.

٤٥١

٢٢ ـ قرب الإسناد ، عن ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عليه‌السلام قال : كنت عنده جالسا إذ جاءه رجل فسأله عن طعم الماء وكانوا يظنون أنه زنديق فأقبل أبو عبد الله يضرب فيه ويصعد ثم قال له ويلك طعم الماء طعم الحياة إن الله جل وعز يقول : « وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ » (١)

بيان في القاموس الزنديق بالكسر من الثنوية أو القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو هو معرب زن دين أي دين المرأة (٢) انتهى قوله يضرب فيه ويصعد أي يسرع في الجواب ويقطع بوادي التحقيق ويصعد العوالي فيه فالضمير راجع إلى السؤال أو إلى الزنديق كناية عن غلبته واستيلائه عليه وإرجاعه إلى الماء وحمله على الحقيقة بأن يكون عنده عليه‌السلام ماء يضرب يده ويصعده بعيد في القاموس ضرب في الأرض أسرع أو ذهب والشيء بالشيء خلطه كضربه وفي الماء سبح وتحرك وطال وأعرض وأشار وقال صعد في السلم كسمع صعودا وصعد في الجبل وعليه تصعيدا رقي وأصعد في الأرض مضى وفي الوادي انحدر كصعد تصعيدا انتهى.

وأقول يومئ ما قلنا إلى معان أخرى قريبة من الأول فتأمل وهذا على ما في أكثر النسخ من يضرب.

وفي بعض النسخ يصوب وهو الصواب قال في النهاية فيه فصعد في النظر وصوبه أي نظر إلى أعلاي وأسفلي يتأملني ويظهر منه أنه ليس المراد بالماء في الآية ماء المني قال البيضاوي أي خلقنا من الماء كل حيوان لقوله والله خلق كل دابة من ماء وذلك لأنه من أعظم مواده أو لفرط احتياجه إليه وانتفاعه به بعينه أو صيرنا كل شيء بسبب من الماء لا يحيا دونه وقرئ حيا على أنه صفة كل أو مفعول ثان والظرف لغو والشيء مخصوص بالحيوان.

٢٣ ـ العيون ، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عن علي عليه‌السلام في قول الله

__________________

(١) قرب الإسناد : ٧٣.

(٢) او لايمانه بالزند كتاب المجوس.

٤٥٢

عزوجل « ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ » قال الرطب والماء البارد (١).

الصحيفة ، عنه عليه‌السلام مثله (٢).

٢٤ ـ مجالس ابن الشيخ ، عن والده عن هلال بن محمد عن إسماعيل بن علي الدعبلي عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : شيئان ما دخلا جوفا إلا أصلحاه الرمان والماء الفاتر (٣).

٢٥ ـ المحاسن ، عن بعض أصحابنا رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٤).

٢٦ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد عن اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام اكسروا حر الحمى بالبنفسج والماء البارد فإن حرها من فيح جهنم (٥).

٢٧ ـ ومنه ، بهذا الإسناد قال عليه‌السلام اشربوا ماء السماء فإنه يطهر البدن ويدفع الأسقام قال الله تبارك وتعالى « وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ » (٦)

٢٨ ـ المحاسن ، عن القاسم بن يحيى عن جده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله (٧).

المكارم ، عنه عليه‌السلام مثله (٨).

بيان المشهور أنها نزلت في غزوة بدر حيث نزل المسلمون على كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء وناموا فاحتلم أكثرهم فمطروا ليلا حتى جرى الوادي فاغتسلوا وتلبد الرمل حتى تثبت عليه الأقدام فذهب عنهم رجز الشيطان وهو الجنابة وربط على قلوبهم بالوثوق على لطف الله ويظهر من الخبر أن الأحكام الواردة فيها عامة وإن كان مورد النزول خاصا وأن رجز الشيطان أعم من الوساوس

__________________

(١) عيون الأخبار ٢ : ٣٨.

(٢) الصحيفة ١٣.

(٣) أمالي الطوسي ١ : ٣٧٩.

(٤) المحاسن : ٤٦٣.

(٥) الخصال ٦٢٠.

(٦) الخصال ٦٣٦ والآية في الأنفال ١١.

(٧) المحاسن : ٥٧٤. (٨) مكارم الأخلاق ١٧٨.

٤٥٣

الشيطانية والأسقام المترتبة على متابعة الشيطان من المعاصي.

٢٩ ـ ثواب الأعمال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن ابن فضال رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من تلذذ بالماء في الدنيا لذذه الله من أشربة الجنة (١).

بيان التلذذ بالماء يحتمل وجوها الأول التأمل في لذته ومعرفة قدر الماء والشكر عليه الثاني شربه مصا وبثلاثة أنفاس وبالتأني كما سيأتي لأن إدراك لذة الماء فيه أكثر الثالث أن يكون المعنى التلذذ به عوضا عن الأشربة المحرمة الرابع أن يكون المعنى الشرب عند عدم غلبة العطش لإدراك اللذة كما يومئ إليه بعض الأخبار الآتية.

٣٠ ـ المحاسن ، عن إسماعيل أو غيره عن منصور بن يونس بن بزرج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : تفجرت العيون من تحت الكعبة (٢).

بيان يؤنس ذلك دحو الأرض من تحت الكعبة فتفطن ويمكن تخصيصه بعيون مكة ضاعف الله شرفها ويؤيده بعض أخبار زمزم فتفهم وقيل المراد به عيون زمزم كما سيأتي في كتاب الحج ما يومئ إليه.

٣١ ـ المحاسن ، عن محمد بن علي عن عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن أبيه عن جده عن علي عليه‌السلام قال : الماء سيد الشراب في الدنيا والآخرة (٣).

٣٢ ـ ومنه ، عن علي بن الريان رفعه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيد شراب الجنة الماء (٤).

٣٣ ـ ومنه ، عن أبي أيوب المديني عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم عن عيسى شلقان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما أقل العوم عندكم والغمس وما أرى ذلك إلا لمائكم أنه ملح فقال ماؤكم أفضل منه يعني الفرات (٥).

__________________

(١) ثواب الأعمال : ٢١٩.

(٢) المحاسن : ٥٧٠.

(٣) المحاسن : ٥٧٠.

(٤) المحاسن : ٥٧٠.

(٥) المحاسن : ٥٧٠.

٤٥٤

٣٤ ـ ومنه ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن هشام بن أحمد قال قال أبو الحسن عليه‌السلام إني أكثر شرب الماء تلذذا (١).

بيان يدل على استحباب كثرة شرب الماء وينافيه ظاهر ما سيأتي من ذم كثرة شرب الماء ويمكن حمل هذا الخبر على أنه عليه‌السلام كان إكثار الماء موافقا لمزاجه لحرارة غالبة أو غيرها والأخبار الآتية محمولة على غالب الأمزجة أو هذا محمول على ما إذا اشتهاه وهي على عدم الشهوة أو المراد بإكثار الشرب إطالة مدته والشرب مصا وقليلا قليلا وبدفعات ثلاث كما هو المستحب بقرينة قوله عليه‌السلام تلذذا فإن إدراك لذة الماء فيه أكثر.

٣٥ ـ المحاسن ، عن نوح بن شعيب عن أبي داود المسترق عمن حدثه قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فدعا بتمر وجعل يشرب عليه الماء فقلت جعلت فداك لو أمسكت عن الماء فقال إنما آكل التمر لأني أستطيب عليه الماء (٢).

بيان هذا الخبر يؤيد أوسط الوجوه المتقدمة في الخبر السابق وفي القاموس طاب لذ وزكا واستطاب الشيء وجده طيبا.

٣٦ ـ المحاسن ، عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يشرب أحدكم الماء حتى يشتهيه فإذا اشتهاه فليقل منه (٣).

ومنه عن علي بن حسان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إياكم والإكثار من شرب الماء فإنه مادة لكل داء وفي حديث آخر لو أن الناس أقلوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم (٤).

٣٧ ـ ومنه ، عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول وذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال اللهم إنك تعلم أنه أحب إلينا من الآباء والأمهات وذوي القرابات ومن الماء البارد (٥).

٣٨ ـ ومنه ، عن منصور بن العباس عن سعيد بن جناح عن أحمد بن عمر عن الحلبي رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام وهو يوصي رجلا فقال أقلل من شرب الماء

__________________

(١) المحاسن ٥٧٠ ـ ٥٧١.

(٢) المحاسن ٥٧٠ ـ ٥٧١.

(٣) المحاسن ٥٧٠ ـ ٥٧١.

(٤) المحاسن ٥٧٠ ـ ٥٧١.

(٥) المحاسن ٥٧٠ ـ ٥٧١.

٤٥٥

فإنه يمد كل داء واجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء (١).

بيان : في الكافي عن أحمد بن عمر الحلبي وما في المحاسن أحسن لأن أحمد لا يروي عن الصادق عليه‌السلام وإنما روايته عن الرضا وقد يروي عن الكاظم عليه‌السلام فالمراد بالحلبي هنا عبيد الله أو أحد إخوته وفي بعض نسخ الكافي بعده رفعه وهو أصوب ويمد من المد بمعنى الجذب أو من الإمداد بمعنى الإعانة وعلى التقديرين الضمير في قوله فإنه راجع إلى شرب الماء أي إكثاره ويحتمل إرجاعه إلى مصدر أقلل فالمد بمعنى الجذب أي يجذبه ليدفعه والأول أظهر.

٣٩ ـ المحاسن ، عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن عثمان بن أشيم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أقل من شرب الماء صح بدنه (٢).

٤٠ ـ ومنه ، عن النوفلي بإسناده قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل الدسم أقل من شرب الماء فقيل يا رسول الله إنك لتقل من شرب الماء قال هو أمرأ لطعامي (٣).

٤١ ـ ومنه ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : شرب الماء على أثر الدسم يهيج الداء (٤).

بيان يظهر من هذه الأخبار وجه جمع آخر بينها بأن يحمل أخبار المنع على ما إذا كان بعد أكل الدسم وغيرها على غيره وهو مما تساعده التجربة أيضا.

وأقول أكثر روايات المنع من إكثار شرب الماء مروية في المكارم مرسلا.

٤٢ ـ المحاسن ، عن محمد بن الحسن بن شمون عن ابن أبي طيفور المتطبب قال : نهيت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام عن شرب الماء قال وما بأس بالماء وهو يدير الطعام في المعدة ويسكن الغضب ويزيد في اللب ويطفئ المرار (٥).

المكارم ، عن ابن أبي طيفور مثله.

بيان يمكن أن يكون المراد بالإدارة حقيقتها أي يجعل أعلاه أسفله فيحسن الهضم وأن يكون المراد تقليبه في الأحوال كناية عن سرعة الهضم وفي بعض النسخ يمرئ والأول موافق للكافي وربما يقرأ بالباء الموحدة وفي المكارم يذيب من

__________________

(١ ـ ٤) المحاسن : ٥٧١ ـ ٥٧٢ راجع الكافي ٦ : ٣٨٢.

(٥) المحاسن : ٥٧٢ ، مكارم الأخلاق ١٧٨ ، راجع الكافي ٦ : ٣٨٢.

٤٥٦

الإذابة وهو أظهر وكان تسكين الغضب لإطفاء المرار.

٤٣ ـ المحاسن ، عن ياسر الخادم عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : لا بأس بكثرة شرب الماء على الطعام وأن لا يكثر منه وقال أرأيت لو أن رجلا أكل مثل ذا طعاما وجمع يديه كلتيهما لم يضمهما ولم يفرقهما ثم لم يشرب عليه الماء أليس كانت تنشق معدته (١).

المكارم ، عن ياسر مثله.

تبيين قوله عليه‌السلام وأن لا يكثر منه أي لا بأس بإكثار الشرب وعدم الإكثار منه وإنما يتضرر الناس بكثرة الطعام فيتوهمون أنه لإكثار الماء لم يضمهما أي لم يلصق إحداهما بالأخرى ولم يفرقهما أي لم يباعد بينهما كثيرا بل قرب إحداهما إلى الأخرى إشارة إلى كثرة الطعام بحيث يملأ الكفين بهذا الوضع ويحتمل أن يكون المراد ضم الأصابع وتفريقها وروي في الكافي هذا الخبر عن علي بن إبراهيم عن ياسر وفيه ولا تكثر منه على غيره وليس فيه أليس بل فيه كان ينشق فعلى هذا الظاهر أن المعنى أن إكثار الماء على الطعام لا يضر بل إنما يضر الإكثار منه على الريق أو المراد بالطعام المطبوخ والأول أظهر فالإشارة بالكف يحتمل التقليل والتكثير ويكون الغرض لزوم شرب الماء بعد الطعام وإن كان قليلا على الأول وهو الأظهر وإن كان كثيرا فهو آكد على الثاني.

ويؤيده على الوجهين لا سيما الأول ما رواه في الكافي عن علي بن محمد عن بعض أصحابه عن ياسر قال قال أبو الحسن الماضي عليه‌السلام عجبا لمن أكل مثل ذا وأشار بيده وفي بعض النسخ بكفه ولم يشرب عليه الماء كيف لا تنشق معدته (٢). وهذا الاختلاف في حديث ياسر غريب.

٤٤ ـ المحاسن ، عن يعقوب بن يزيد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن صارم قال : اشتكى رجل من إخواننا بمكة حتى سقط للموت فلقيت أبا عبد الله عليه‌السلام في

__________________

(١) المحاسن ٥٧٢ ، والمكارم ١٧٩ الكافي ٦ : ٣٨٢.

(٢) الكافي ٦ : ٣٨٢.

٤٥٧

الطريق فقال يا صارم ما فعل فلان فقلت تركته بحال الموت فقال أما لو كنت لأسقيته من ماء الميزاب قال فطلبناه عند كل أحد فلم نجده فبينا نحن كذلك إذ ارتفعت سحابة ثم أرعدت وأبرقت وأمطرت فجئت إلى بعض من في المسجد فأعطيته درهما وأخذت منه قدحا ثم أخذت من ماء الميزاب فأتيته به فأسقيته فلم أبرح من عنده حتى شرب سويقا وبرا (١).

المكارم ، عن صارم مثله وفيه وأخذت منه قدحا من ماء الميزاب.

٤٥ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام السكر ينفع من كل شيء ولا يضر من شيء وكذلك الماء المقلي وأروى في الماء البارد أنه يطفئ الحرارة ويسكن الصفراء ويهضم الطعام ويذيب الفضلة التي على رأس المعدة ويذهب بالحمى وقيل لا يذهب بالأدواء إلا الدعاء والصدقة والماء البارد.

بيان : قوله عليه‌السلام والماء البارد أي شربا أو صبا على البدن كما مر.

٢

باب

(آداب الشرب وأوانيه)

١ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لا ينفخ الرجل في موضع سجوده ولا في طعامه ولا في شرابه ولا في تعويذه.

وقال عليه‌السلام لا يشرب أحدكم قائما.

وقال عليه‌السلام إياكم وشرب الماء من قيام على أرجلكم فإنه يورث الداء الذي لا دواء له أو يعافي الله عز وجل (٢).

٢ ـ العلل ، بهذا الإسناد عنه عليه‌السلام قال : إياكم وشرب الماء وذكر نحوه.

__________________

(١) المحاسن ٥٧٤ ، ومثله في المكارم ١٧٩.

(٢) الخصال ٦١٣ و ٦٢٢ و ٦٣٤ على الترتيب.

٤٥٨

ثم قال الصدوق رحمه‌الله يعني بالليل فأما النهار فإن شرب الماء من قيام أدر للعرق وأقوى للبدن كما قال الصادق عليه‌السلام (١).

٣ ـ الكشي ، عن محمد بن قولويه عن محمد بن بندار عن البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر عن عباد بن بشير عن ثوير بن أبي فاختة قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام مع عمر بن ذر القاضي فدعا أبو جعفر عليه‌السلام بماء فأتي بكوز من أدم فلما صار في يده قال الحمد لله الذي جعل لكل شيء حدا ينتهي إليه فقال ابن ذر وما حده قال يذكر اسم الله عليه إذا شرب ويحمد الله إذا فرغ ولا يشرب من عند عروته ولا من كسر إن كان فيه إلى آخر الخبر (٢).

٤ ـ العيون ، عن محمد بن عمر الجعابي عن الحسن بن عبد الله التميمي عن أبيه عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام أن عليا عليه‌السلام شرب قائما وقال هكذا رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فعل (٣).

٥ ـ العلل ، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تشرب وأنت قائم ولا تطف بقبر ولا تبل في ماء نقيع فإنه من فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه ومن فعل شيئا من ذلك لم يكد يفارقه إلا ما شاء الله (٤).

توضيح قد مر أن المراد بالطوف هنا التغوط في القاموس الطوف الغائط وطاف ذهب ليتغوط كاطاف على افتعل انتهى ويدل على أن مثل هذه الأفعال يوجب المداومة عليها غالبا وكأنه لتسلط الشيطان عليه.

٦ ـ قرب الإسناد ، عن محمد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عليه‌السلام قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول إذا شرب الماء الحمد لله الذي سقانا

__________________

(١) علل الشرائع ٢ : ١٥٠.

(٢) رجال الكشي ٢٢٠ في حديث.

(٣) عيون الأخبار ٢ : ٦٦.

(٤) علل الشرائع ١ : ٢٦٨ ، راجع شرح ذلك في ج ٨٠ ص ١٧٣.

٤٥٩

عذبا زلالا برحمته ولم يسقنا ملحا أجاجا بذنوبنا (١).

المحاسن ، عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

الكافي ، عن العدة عن سهل عن جعفر مثله إلا أن فيه أجاجا ولم يؤاخذنا بذنوبنا.

بيان العذب الحلو في القاموس العذب من الطعام والشراب كل مستساغ وقال ماء زلال كغراب سريع المر في الحلق بارد عذب صاف سهل سلس وقال الملح بالكسر ضد العذب من الماء كالمليح وقال ماء أجاج ملح مر قوله عليه‌السلام ولم يؤاخذنا أي بجعله ملحا أجاجا أو بسلب الماء عنا مطلقا كما قال سبحانه تهديدا « وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ »

٧ ـ مجالس الصدوق ، عن حمزة العلوي عن عبد العزيز بن محمد الأبهري عن محمد بن زكريا الجوهري عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل في المناهي لا يشربن أحدكم الماء من عند عروة الإناء فإنه مجتمع الوسخ ونهى أن يشرب الماء كرعا كما يشرب البهائم وقال اشربوا بأيديكم فإنها أفضل أوانيكم ونهى عن البزاق في البئر التي يشرب منها ونهى أن ينفخ في طعام أو في شراب (٢).

بيان في القاموس كرع في الماء أو في الإناء كمنع وسمع كرعا وكروعا تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء انتهى والنفخ في الشراب كأنه أعم من أن يكون للتبريد أو لتبعيد ما على وجه الماء من موضع الشرب.

٨ ـ المجالس ، في خطب أمير المؤمنين عليه‌السلام ولو شئت لتسربلت بالعبقري المنقوش من ديباجكم ولأكلت لباب هذا البر بصدور دجاجكم ولشربت الماء الزلال برقيق زجاجكم ولكني أصدق الله جلت عظمته حيث يقول : « مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها » إلى قوله « لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ » الخبر (٣).

__________________

(١) قرب الإسناد ١٦ ، المحاسن ٥٧٨ ، الكافي ٦ : ٣٨٤.

(٢) أمالي الصدوق ٢٥٤ ـ ٢٥٥.

(٣) أمالي الصدوق ٣٦٨ في حديث والآية في سورة هود ١٥ و ١٦.

٤٦٠