بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٤

باب الخل

١ ـ المحاسن ، عن محمد بن علي عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الخل يشد العقل (١).

ومنه عن محمد بن علي عن الحسن بن علي بن يوسف عن زكريا بن محمد عن أبي اليسع عن سليمان بن خالد مثله (٢).

٢ ـ ومنه ، عن أبان بن عبد الملك عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنا لنبدأ عندنا بالخل كما تبدءون بالملح عندكم وإن الخل ليشد العقل (٣).

ومنه ، عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نعم الإدام الخل لا يقفر بيت فيه خل (٤).

٣ ـ ومنه ، عن الوشاء عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أم سلمة فقربت إليه كسرا فقال هل عندكم إدام قالت يا رسول الله ما عندي إلا خل فقال نعم الإدام الخل ما أقفر بيت فيه الخل (٥).

المكارم ، مرسلا مثله (٦).

٤ ـ المحاسن ، عن الحسين بن سيف عن أخيه عن أبيه سيف بن عميرة عن أبي الجارود عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : ائتدموا بالخل فنعم الإدام الخل ورواه عن إسماعيل بن مهران عن منذر بن جيفر عن زياد بن سوقة عن أبي الزبير (٧).

٥ ـ ومنه ، عن الحسين بن سيف عن أخيه عن سليمان بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال : دخل علي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقربت إليه خبزا وخلا قال كل وقال نعم الإدام الخل (٨).

__________________

(١) المحاسن ٤٨٥.

(٢) المحاسن ٤٨٥.

(٣) المحاسن ٤٨٥.

(٤) المحاسن ٤٨٦.

(٥) المحاسن ٤٨٦.

(٦) مكارم الأخلاق : ٢١٧.

(٧) المحاسن ٤٨٦. (٨) المحاسن ٤٨٦.

٣٠١

بيان : في النهاية فيه نعم الإدام الخل الإدام بالكسر والأدم بالضم ما يؤكل مع الخبز أي شيء كان ومنه الحديث سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم جعل اللحم أدما وبعض الفقهاء لا يجعله أدما ويقول لو حلف أن لا يأتدم ثم أكل لحما لم يحنث.

٦ ـ المحاسن ، عن محمد بن علي عن ابن فضال عن ابن عميرة عن محمد بن عبد الله بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نعم الإدام الخل (١).

٧ ومنه ، عن محمد بن علي عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقفر بيت فيه خل (٢).

٨ ـ ومنه ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما أقفر بيت فيه خل وبإسناده قال ما أقفر من إدام بيت فيه الخل (٣).

٩ ـ ومنه ، عن ابن محبوب عن رفاعة وعن أبيه عن فضالة عن رفاعة قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول الخل ينير القلب (٤).

١٠ ـ ومنه ، عن أبيه عن سعدان عن سدير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ذكر عنده خل الخمر فقال يقتل دواب البطن ويشد الفم. و رواه محمد بن علي عن يونس بن يعقوب عن سدير (٥).

بيان كأن المراد بشد الفم شد اللثة كما سيأتي.

١١ ـ المحاسن ، عن أبيه عمن ذكره عن صباح الحذاء عن سماعة قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام خل الخمر يشد اللثة ويقتل دواب البطن ويشد العقل ورواه محمد بن علي عن أحمد بن محمد عن صباح (٦).

١٢ ـ ومنه ، عن علي بن الحكم عن المسلي عن أحمد بن زرين عن سفيان بن السمط قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام عليك بخل خمر فاغتمس فيه فإنه لا يبقى في

__________________

(١) المحاسن : ٤٨٦.

(٢) المحاسن : ٤٨٦.

(٣) المحاسن : ٤٨٦.

(٤) المحاسن ٤٨٧.

(٥) المحاسن ٤٨٧.

(٦) المحاسن ٤٨٧.

٣٠٢

جوفك دابة إلا قتلها (١).

بيان الاغتماس الارتماس وكأنه هنا كناية عن كثرة الشرب أو المعنى غمس اللقمة فيه عند الائتدام به.

١٣ ـ المحاسن ، عن بعض من رواه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله وملائكته يصلون على خوان عليه خل وملح (٢).

بيان : في القاموس الخوان ككتاب ما يؤكل عليه الطعام كالإخوان.

١٤ ـ المحاسن ، عن محمد بن علي أن رجلا كان عند أبي الحسن الرضا عليه‌السلام بخراسان فقدمت إليه مائدة عليها خل وملح فافتتح بالخل فقال الرجل جعلت فداك إنكم أمرتمونا أن نفتتح بالملح فقال هذا مثل هذا يعني الخل وإن الخل يشد الذهن ويزيد في العقل (٣).

١٥ ـ السرائر ، عن السياري عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال : ملك ينادي في السماء اللهم بارك في الخلالين والمتخللين والخل بمنزلة الرجل الصالح يدعو لأهل البيت بالبركة فقلت جعلت فداك وما الخلالون والمتخللون قال الذين في بيوتهم الخل والذين يتخللون فإن الخلال نزل به جبرئيل مع اليمين والشهادة من السماء (٤).

بيان نزل به أي باستحبابه أو بآلته أيضا.

١٦ ـ المكارم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : عليك بخل الخمر فإنه لا يبقى في جوفك دابة إلا قتلها.

وقال عليه‌السلام نعم الإدام الخل اللهم بارك في الخل فإنه إدام الأنبياء.

وعنه عليه‌السلام قال : إنا نبدأ بالخل عندنا كما تبتدءون بالملح عندكم فإن الخل يشد العقل (٥).

__________________

(١ ـ ٣) المصدر نفسه ٤٨٧ والخوان كغراب وكتاب : ما يؤكل عليه الطعام كالاخوان وفي الحديث « حتى أن أهل الاخوان ليجتمعون » كذا ذكره الفيروزآبادي. اقول وهو معرب خوان بالفارسية يكتب بالواو المعدولة ويقرأ خان بالالف.

(٤) مستطرفات السرائر ٤٧٦.

(٥) مكارم الأخلاق : ٢١٧.

٣٠٣

بيان : قد مر أن الظاهر أن المراد بخل الخمر الخل المتخذ من العنب وقد مضى معان أخر في باب معالجات علل أجزاء الوجه (١).

١٧ ـ دعوات الراوندي ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله وملائكته يصلون على خوان عليه ملح وخل.

وعن بزيع بن عمرو بن بزيع قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وهو يأكل خلا وزيتا في قصعة سوداء مكتوب في وسطها « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » فقال يا بزيع ادن فدنوت وأكلت معه ثم حسا من الماء ثلاث حسوات حين لم يبق من الحبة شيء ثم ناولني فحسوت البقية.

وقال الصادق عليه‌السلام الخل والزيت من طعام المرسلين.

وقال نعم الإدام الخل يكسر المرة ويحيي القلب ويشد اللثة ويقتل دواب البطن وقال الاصطباغ بالخل يذهب بشهوة الزنا.

١٨ ـ كتاب الغايات ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان أحب الصباغ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الخل وأحب البقول إليه الحوك يعني البادروج.

بيان : قال في المصباح المنير الصباغ جمع صبغ نحو بئر وبئار والصبغ أيضا ما يصبغ به الخبز في الأكل ويختص بكل إدام مائع كالخل ونحوه وفي التنزيل « وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ » وقال الفارابي واصطبغ بالخل وغيره وقال بعضهم واصطبغ من الخل وهو فعل لا يتعدى إلى مفعول صريح فلا يقال اصطبغ الخبز بخل وأما الحرف فهو لبيان النوع الذي يصطبغ به كما يقال اكتحلت بالإثمد ومن الإثمد.

١٩ ـ الدعائم ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : نعم الإدام الخل ونعم الإدام الزيت وهو طيب الأنبياء وإدامهم وهو مبارك وما افتقر بيت من إدام فيه خل.

وعن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : الخل يسكن المرار ويحيي القلوب.

وعنه عليه‌السلام أنه قدم إلى بعض أصحابه خلا وزيتا ولحما باردا فأكل معه الرجل فجعل عليه‌السلام ينتف اللحم ويغمسه في الخل والزيت ويأكله فقال الرجل جعلت

__________________

(١) راجع ج ٦٢ صلى‌الله‌عليه‌وآله ١٦٢ ـ ١٦٣ من البحار الطبعة الحديثة.

٣٠٤

فداك هلا كان [ طبخا مع ] اللحم فقال عليه‌السلام هذا طعامنا وطعام الأنبياء (١).

٢٠ ـ المكارم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : نعم الإدام الخل يكسر المرار ويحيي القلب.

وعن أنس قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من أكل الخل قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ (٢).

٢١ ـ قرب الإسناد ، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن أكل الثوم والبصل بالخل قال لا بأس (٣).

٢٢ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد عن اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنين نعم الإدام الخل (٤) يكسر المرة ويحيي القلب (٥).

المحاسن ، عن بعض أصحابه عن الأصم عن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عن علي عليه‌السلام مثله (٦).

٢٣ ـ العيون ، بالأسانيد الثلاثة المتقدمة مرارا عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نعم الإدام الخل ولا يفتقر أهل بيت عندهم الخل (٧).

وبتلك الأسانيد عن علي عليه‌السلام قال : كلوا خل الخمر فإنه يقتل الديدان في البطن (٨).

صحيفة الرضا ، بالأسانيد عنه عليه‌السلام مثل الخبر الأول (٩).

٢٤ ـ المحاسن ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن منذر بن جيفر عن زياد بن سوقة عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله قال : جاءه قوم فأخرج لهم كسرا و

__________________

(١ و ٢) دعائم الإسلام ٢ : ١١٢.

(٣) مكارم الأخلاق ٢١٧.

(٤) قرب الإسناد ١٥٤.

(٥) الخصال ٦٣٦.

(٦) المحاسن : ٤٨٦.

(٧ و ٨) عيون الأخبار ٢ : ٣٤.

(٩) صحيفة الرضا : ١٦.

٣٠٥

خلا وقال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول نعم الإدام الخل (١).

٢٥ ـ ومنه ، عن أبيه عن سليمان الجعفري عن الحسن العقيلي رفعه قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نعم الإدام الخل وكفى بالمرء سرفا أن يسخط ما قرب إليه (٢).

٥

باب

(المري والكامخ)

١ ـ الكافي ، عن محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن محمد بن أحمد بن أبي محمود عمن رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن يوسف لما أن كان في السجن شكا إلى ربه عز وجل أكل الخبز وحده وسأل إداما يأتدم به وقد كان كثر عنده قطع الخبز اليابس فأمره أن يأخذ الخبز ويجعله في إجانة ويصب عليه الماء والملح فصار مريا وجعل يأتدم به عليه‌السلام (٣).

المكارم ، عنه عليه‌السلام مثله إلا أنه قال في خابية (٤).

بيان في القاموس المري كدري إدام كالكامخ وفي الصحاح المري الذي يؤتدم به كأنه منسوب إلى المرارة والعامة تخففه.

وأقول هو الذي يسمى بالفارسية آبكامه قال البغدادي هو اسم نبطي وقيل بل عربي مشتق من معنى المرارة وقيل بل أصله الممري لكن غلب استعماله بميم واحدة وهو حار يابس ويبسه أقوى من حره يكون في الثانية نحو آخرها يسهل ويهضم ويشهي ويذهب بوخامة الأطعمة وخصوصا الدسمة ويلطف غلظها يعطش ويسخن الكبد والمعدة ويجففها والمري النبطي هو المعمول من الشعير وذلك بأن يخبز ويجفف في التنور حتى يحترق ويضاف إليه الفوذنج والملح والرازيانج ويجعل في الشمس وليكن الفوذنج وخبز الشعير أو الحنطة متساويين و

__________________

(١) المحاسن : ٤٤١.

(٢) المحاسن : ٤٤١.

(٣) الكافي ٦ : ٣٣٠.

(٤) مكارم الأخلاق : ٢١٧.

٣٠٦

يدقان ويعجنان في إجانة خضراء والملح مثل أحدهما والرازيانج وبعضهم يضيف إليه شونيزا وبعضهم لا يجعل شيئا من ذلك وليكن مثل نصف أحدهما ويترك الجميع مثل العجين في الشمس الحارة مقدار عشرين يوما يعجن كل يوم ويرش عليه الماء وإذا اسود واستحكم مرق بالماء وصفي وجعل في الشمس الحارة أياما يؤمن فيها عليها الفساد ثم يرفع وإذا تجرع منه يسير على الريق قتل الديدان والحيات ويكتحل به عين المجدور فيمنع خروجه وإن كان خرج فيها شيء أذابه.

٢ ـ التهذيب ، عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله قال عليه‌السلام قال : سألته عن البيت الذي يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه الخل وماء كامخ أو زيتون قال إذا غسل فلا بأس (١).

٣ ـ ومنه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي عبد الله الرازي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن المشرقي عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن أكل المري والكامخ فقلت إنه يعمل من الحنطة والشعير فنأكله فقال نعم حلال ونحن نأكله (٢).

توضيح : قال في بحر الجواهر الكامخ معرب كامه والجمع كواميخ هي صباغ يتخذ من الفوذنج (٣) واللبن والأبازير والكواميخ كلها ردية للمعدة معطشة مفسدة للدم وقال الجوهري الكامخ الذي يؤتدم به معرب والكمخ السلح وقدم إلى أعرابي خبز وكامخ فلم يعرفه فقيل له هذا كامخ قال علمت أنه كامخ أيكم كمخ به يريد سلح انتهى وقال بعضهم الكواميخ هي صباغ يتخذ من الفوتنج واللبن والأبازير والفوتنج هي خميرة الكواميخ المتخذة من دقيق الشعير الطحين

__________________

(١) التهذيب ج ٩ ص ١١٦.

(٢) المصدر نفسه ٩ : ١٢٧.

(٣) معرب بوزنج واليوم يقال له پوچك خضرة تعلو الخبز وامثاله عند ما يطرح في المواضع المرطوبة ، وقد عمل منه الاطباء المتاخرون دواء يسمى پنى سيلين.

٣٠٧

العجين المدفون في التبن أربعين يوما فيجدد اللبن حتى يربو ثم يطرح فيه من الأبازير من الأنجدان والشبت أو الكبر أو سائر القبول ثم تنسب الكواميخ إلى ذلك (١).

وأقول : يظهر من بعض الأخبار أنها كانت تعمل من السمك أيضا كما مر وكأنها هي التي تسمى الصحناة قال في بحر الجواهر الصحناء بالكسر ويمد ويقصر إدام يتخذ من السمك والصحناة أخص منه كذا قال الجوهري وفي المغرب الصحناة بالفتح والكسر الصبر وهو بالفارسية ماهي آبه والصحناة الشامية والمصرية إدام يتخذ من السمك الصغار والسماق أو الليمو أو غير ذلك من الحموضات وهو مقوية مبردة للمعدة.

٦

باب

(نادر فيما يستحب أو يكره أكله وبعض النوادر)

المكارم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : ثلاث لا يؤكلن ويسمن وثلاث يؤكلن ويهزلن واثنان ينفعان من كل شيء ولا يضران من شيء واثنان يضران من كل شيء ولا ينفعان من شيء قال فاللواتي لا يؤكلن ويسمن استشعار الكتان والطيب والنورة واللواتي يؤكلن ويهزلن اللحم اليابس والجبن والطلع.

وفي حديث آخر الجوز وفي حديث آخر الكسب واللذان ينفعان من كل شيء ولا يضران من شيء السكر والرمان.

أقول : قد مر الخبر عن المحاسن والكافي أبسط من ذلك والسقط هنا ظاهر (٢).

٢ ـ الخصال ، في وصايا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي تسعة أشياء تورث النسيان أكل التفاح الحامض وأكل الكزبرة والجبن وسؤر الفأر وقراءة كتابة

__________________

(١) مكارم الأخلاق : ٢٢٤.

(٢) راجع باب فضل اللحم تحت الرقم ٢٨.

٣٠٨

القبور والمشي بين امرأتين وطرح القملة والحجامة في النقرة والبول في الماء الراكد (١).

٣ ـ كتاب المسائل ، بالإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام قال : سألته عن المسك والعنبر وغيره من الطيب يجعل في الطعام قال لا بأس (٢).

٤ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يؤكل ما تحمله النملة بفيها وقوائمها (٣).

بيان قال صاحب الجامع وغيره يكره أكل ما تحمله النملة بفيها وقوائمها.

٥ ـ المكارم ، عن كتاب البصائر عن محمد بن جعفر العاصمي عن أبيه عن جده قال : حججت ومعي جماعة من أصحابنا فأتيت المدينة فقصدنا مكانا ننزله فاستقبلنا غلام لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام على حمار له أخضر يتبعه الطعام فنزلنا بين النخلة فجاء هو عليه‌السلام فنزل ثم قدم الطعام فبدأ بالملح ثم قال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » ثم ثنى بالخل ثم أتي بكتف مشوي فقال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فإن هذا طعام كان يعجب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أتي بالخل والزيت فقال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فإن هذا طعام كان يعجب فاطمة عليه‌السلام ثم أتي بالسكباج فقال كلوا بسم الله الرحمن الرحيم فإن هذا طعام كان يعجب أمير المؤمنين عليه‌السلام ثم أتي بلحم مقلو فيه بادنجان فقال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فإن هذا طعام كان يعجب الحسن بن علي عليه‌السلام ثم أتي بلبن حامض قد ثرد

__________________

(١) الخصال ٤٢٣.

(٢) راجع بحار الأنوار ج ١٠ ص ٢٨٠ طبعتنا هذه ، وفيه سألته عن المسك والعنبر يصلح في الدهن؟ قال انى لاضعه في الدهن ولا باس ولكن روى الكليني في الكافي ٦ : ٥١٥ هذا الحديث وفيه : سألته عن المسك في الدهن أيصلح؟ قال : انى لا صنعه في الدهن ولا بأس ، وروى أنه لا بأس بصنع المسك في الطعام.

(٣) الكافي.

٣٠٩

فقال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فإن هذا طعام كان يعجب الحسين بن علي عليه‌السلام ثم أتي بأضلاع باردة فقال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فإن هذا طعام كان يعجب علي بن الحسين عليه‌السلام ثم أتي بجنب مبرز فقال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فإن هذا طعام كان يعجب محمد بن علي عليه‌السلام ثم أتي بتور فيه بيض كالعجة فقال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فإن هذا طعام كان يعجب أبي جعفرا عليه‌السلام ثم أتي بحلواء فقال كلوا « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » فإن هذا طعام يعجبني (١).

أقول : سيأتي الخبر بتمامه في باب جوامع آداب الأكل إن شاء الله.

بيان بجنب مبرز في أكثر النسخ بتقديم المهملة على المعجمة فيحتمل أن يكون كناية عن السمن أي بجنب شاة ارتفع لسمنها وفي بعضها بالعكس وكأنه من الأبازير والأدوية الحارة التي تلقى في القدر وكأن فيه تصحيفا والعجة بالضم طعام من البيض مولد وفي بحر الجواهر العجة بالضم وتشديد الجيم خاگينه والأجود أن لا يستعمل فيها بياض البيض.

٦ ـ المحاسن ، عن صفوان عن ابن مسكان عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث أن امرأة بذية قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ناولني من طعامك فناولها فقالت لا والله إلا الذي في فيك فأخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللقمة من فيه فناولها إياها فأكلتها قال أبو عبد الله عليه‌السلام فما أصابها داء حتى فارقت الدنيا (٢).

٧ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا عن زكريا بن يحيى عن النعمان الصيرفي عن علي بن جعفر في حديث طويل قال : فقمت فمصصت ريق أبي جعفر عليه‌السلام يعني الجواد ثم قلت أشهد أنك إمامي عند الله فبكى الرضا عليه‌السلام (٣).

__________________

(١) مكارم الأخلاق : ١٦٦.

(٢) المحاسن : ٤٥٧ وقد أخرجه العلامة المؤلف في تاريخ نبينا ص ج ١٦ ص ٢٢٥ وفيه « امرأة بدوية » وسيأتي في باب جوامع آداب الأكل.

(٣) الكافي ج ١ : ٣٢٣.

٣١٠

بيان يمكن الاستدلال بهذا الخبر وبالخبر السابق على جواز شرب ريق الغير وأكل اللقمة الخارجة من فم الغير خلافا للمشهور وإن أمكن أن يكون ذلك من خصائصهم عليهم‌السلام ووجه الاختصاص ظاهر مع عدم صراحة الخبر الأخير فيما استدلوا به لكن دليل الحرمة قاصر إذ العمدة فيها الخباثة وقد عرفت فيما سبق ما فيه فتذكر.

٨ ـ مجالس الصدوق ، في مناهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن أكل سؤر الفأر (١).

٩ ـ قرب الإسناد ، عن سعد بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه‌السلام كان يقول كلوا طعام المجوس كله ما خلا ذبائحهم فإنها لا تحل وإن ذكر اسم الله عليه (٢).

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٢٥٣.

(٢) قرب الإسناد ٥٩.

٣١١

أبواب

(آداب الأكل ولواحقها)

١

باب

(أن ابن آدم أجوف لا بد له من الطعام)

١ ـ المحاسن ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله خلق ابن آدم أجوف (١).

٢ ـ ومنه ، عن أبيه عن القاسم بن عروة عن ابن بكير عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : « يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ » قال تبدل خبزة نقي يأكل الناس منها حتى يفرغ الناس من الحساب فقال له قائل إنهم لفي شغل يومئذ عن الأكل والشرب قال إن الله خلق ابن آدم أجوف فلا بد له من الطعام والشراب أهم أشد شغلا يومئذ أم من في النار فقد استغاثوا والله يقول « وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ » (٢).

بيان خبزة نقي بالإضافة وكسر النون وسكون القاف وهو المخ أي خبزة معمولة من مخ الحنطة وفي الكافي (٣) نقية فهي صفة قال في النهاية النقي المخ وفيه يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي يعني الخبز الحواري وهو الذي نخل مرة بعد مرة انتهى ويمكن أن يقرأ نقيء على فعيل أي خبزة من هذا الجنس.

__________________

(١) المحاسن ٣٩٧ والآيتان في سورة إبراهيم ٤٨ ، الكهف ٢٩.

(٢) المحاسن ٣٩٧ والآيتان في سورة إبراهيم ٤٨ ، الكهف ٢٩.

(٣) الكافي ٨ : ١٢١ ـ ١٢٢ في حديث.

٣١٢

أقول وقد مضى الكلام في الآية ووجوه تأويلها في كتاب المعاد (١) فلا نعيد والمهل النحاس المذاب وقيل دردي الزيت وقيل القيح والصديد.

٣ ـ الدعائم ، روينا عن أبي جعفر عليه‌السلام أن الأبرش الكلبي سأله عن قول الله عزوجل : « يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ » قال تبدل بأرض تكون كخبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب قال الأبرش إن الناس يومئذ لفي شغل عن الأكل قال أبو جعفر هم في النار أشد شغلا فقد قال الله عز وجل : « وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ » وهم في النار يأكلون الضريع ويشربون الحميم فكيف هم عند الحساب إن ابن آدم خلق أجوف فلا بد له من الطعام والشراب (٢).

٤ ـ المحاسن ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى حكاية عن موسى عليه‌السلام « رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ » قال سأل الطعام وقد احتاج إليه (٣).

الدعائم ، عنه عليه‌السلام مثله إلى قوله سأل الطعام (٤)

٢

باب

(مدح الطعام الحلال وذم الحرام)

١ ـ الخصال ، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن عبد الله بن القاسم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أول ما عصي الله تبارك وتعالى [ به ] لست خصال حب الدنيا وحب الرئاسة وحب الطعام

__________________

(١) راجع ج ٧ ص ٧١ ـ ٧٣ من طبعتنا هذه.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ١٠٨ والآية في الأعراف ٥٠ ومثله في المحاسن ٣٩٧.

(٣) المحاسن : ٥٨٥ الى قوله : « سأل الطعام » فقط.

(٤) دعائم الإسلام ٢ : ٨ ، الى قوله : « وقد احتاج إليه » والآية في القصص ٢٤.

٣١٣

وحب النساء وحب النوم وحب الراحة (١).

٢ ـ معاني الأخبار ، والخصال ، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الطعام إذا جمع أربع خصال فقد تم إذا كان من حلال وكثرت الأيدي عليه وسمي الله تبارك وتعالى في أوله وحمد في آخره (٢).

المحاسن ، عن أبيه عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله (٣).

٣ ـ الفردوس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كلوا من كد أيديكم.

٤ ـ كتاب الغايات ، لجعفر بن أحمد القمي عن بسطام بن سابور عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما عند الله شيء هو أفضل من عفة بطن وفرج وقيل لسلمان رحمه‌الله أي الأعمال أفضل قال الإيمان بالله وخبز حلال.

٥ ـ المكارم ، سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما أكثر ما يدخل النار قال الأجوفان البطن والفرج (٤).

٦ ـ روضة الواعظين ، والمكارم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له حتى يفرغ من أكله.

وقال إذا وقعت اللقمة من حرام في جوف العبد لعنه كل ملك في السماوات والأرض وما دامت اللقمة في جوفه لا ينظر الله إليه ومن أكل اللقمة من الحرام « فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ » فإن تاب تاب الله عليه وإن مات فالنار أولى به (٥).

٧ ـ الفردوس : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من أكل لقمة حرام لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ولم تستجب له دعوة أربعين صباحا وكل لحم ينبته الحرام فالنار أولى

__________________

(١) الخصال ٣٣٠.

(٢) معاني الأخبار ٣٧٥ والخصال ٢١٦.

(٣) المحاسن : ٣٩٨.

(٤) مكارم الأخلاق ١٧٣.

(٥) مكارم الأخلاق : ١٧٣.

٣١٤

به وإن اللقمة الواحدة تنبت اللحم.

وقال عليه‌السلام من وقي شر لقلقه وقبقبه وذبذبه فقد وجبت له الجنة واللقلق اللسان والقبقب البطن والذبذب الفرج.

٢

باب

إكرام الطعام ومدح اللذيذ منه وإن الله تعالى لا يحاسب المؤمن على المأكول والملبوس وأمثالهما

الآيات التكاثر « ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ »

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله قال مقاتل يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه إذا لم يشكروا رب النعيم حيث عبدوا غيره وأشركوا به ثم يعذبون على ترك الشكر وهذا قول الحسن قال لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار وقال الأكثرون إن المعنى ثم لتسألن يا معاشر المكلفين عن النعيم قال قتادة إن الله مسائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه وقيل عن النعيم في المأكل والمشرب وغيرهما من الملاذ عن ابن جبير وقيل النعيم الصحة والفراغ عن عكرمة ويعضده ما رواه ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ. وقيل هو الأمن والصحة عن ابن مسعود ومجاهد وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام وقيل يسأل عن كل نعيم إلا ما خصه الحديث وهو قوله عليه‌السلام ثلاثة لا يسأل عنها العبد خرقة يواري بها عورته أو كسرة يسد بها جوعته أو بيت يكنه من الحر والبرد.

وروي أن بعض الصحابة أضاف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع جماعة من أصحابه فوجدوا عنده تمرا وماء باردا فأكلوا فلما خرجوا قال هذا من النعيم الذي يسألون عنه. وروى العياشي بإسناده في حديث طويل قال : سأل أبو حنيفة أبا عبد الله عليه‌السلام عن هذه الآية فقال له ما النعيم عندك يا نعمان قال القوت من الطعام والماء البارد فقال :

٣١٥

لئن أوقفك الله بين يديه يوم القيامة حتى يسألك عن أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه قال فما النعيم جعلت فداك قال نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين وبنا ألف الله بين قلوبهم وجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء وبنا هداهم الله للإسلام وهي النعمة التي لا تنقطع والله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم به عليهم وهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعترته عليه‌السلام انتهى (١).

وأقول قد مضت سائر الآيات المتعلقة بهذا الباب في باب جوامع ما يحل وما يحرم مع تفسيرها.

١ ـ الدعائم ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : ليس في الطعام سرف وقال في قول الله عز وجل : « ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ » الله أكرم من أن يطعمكم طعاما فيسألكم عنه ولكنكم مسئولون عن نعمة الله عليكم بنا هل عرفتموها وقمتم بحقها.

وعنه عليه‌السلام أنه سئل عن المسك والعنبر وغيره من الطيب يجعل في الطعام قال لا بأس بذلك (٢).

٢ ـ كتاب المسائل ، لعلي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام مثله (٣).

٣ ـ العيون ، عن الحسين بن أحمد البيهقي عن محمد بن يحيى الصولي عن القاسم بن إسماعيل عن إبراهيم بن العباس الصولي عن الرضا عليه‌السلام أنه قال : ليس في الدنيا نعيم حقيقي فقيل له فقول الله تعالى « ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ » ما هذا النعيم في الدنيا أهو الماء البارد فقال الرضا عليه‌السلام وعلا صوته وكذا فسرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب فقالت طائفة هو الماء البارد وقال غيرهم هو الطعام الطيب وقال آخرون هو النوم الطيب ولقد حدثني أبي عن أبيه الصادق عليه‌السلام أن أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله عزوجل « ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ » فغضب وقال :

__________________

(١) مجمع البيان ٥ : ٥٣٤ ـ ٥٣٥.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ١١٦ و ١١٧.

(٣) راجع ص ٣٠٩ مما سبق.

٣١٦

إن الله لا يسأل عباده عما تفضل به عليهم ولا يمن بذلك عليهم والامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق ما لا يرضى المخلوقون به ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا يسأل الله عنه عباده بعد التوحيد والنبوة لأن العبد إذا وافاه بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول الخبر (١).

٤ ـ المحاسن ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن شهاب بن عبد ربه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام اعمل طعاما وتنوق فيه وادع عليه أصحابك (٢).

بيان : في القاموس تنيق في مطعمه وملبسه تجود وبالغ كتنوق.

٥ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما عذب الله عز وجل قوما قط وهم يأكلون وإن الله عز وجل أكرم من أن يرزقهم شيئا ثم يعذبهم عليه حتى يفرغوا منه (٣).

٦ ـ المكارم ، روي عن العالم عليه‌السلام ثلاثة لا يحاسب عليها المؤمن طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه ويحرز بها دينه (٤).

٧ ـ الخصال ، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن علي بن أبي زياد عن الحلبي قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ثلاثة أشياء لا يحاسب الله عليها المؤمن طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه وتحصن فرجه (٥).

المحاسن ، عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن الحلبي مثله (٦).

٨ ـ ومنه ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن شهاب بن عبد ربه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام ليس في الطعام سرف (٧).

__________________

(١) عيون الأخبار ٢ : ١٢٩.

(٢) المحاسن : ٤١٠.

(٣) الكافي ٦ : ٢٧٤.

(٤) مكارم الأخلاق : ١٦٩.

(٥) الخصال ٨٠.

(٦) المحاسن : ٣٩٩.

(٧) المحاسن : ٣٩٩.

٣١٧

بيان كأنه محمول على ما إذا كان له سعة وكان غرضه إكرام المؤمنين لا الرياء والسمعة وسائر الأغراض الباطلة.

٩ ـ المحاسن ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله « ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ » قال إن الله أكرم من أن يسأل مؤمنا عن أكله وشربه (١).

١٠ ـ ومنه ، عن أبيه عن القاسم بن محمد عن الحارث بن حريز عن سدير الصيرفي عن أبي خالد الكابلي قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام فدعا بالغداء فأكلت معه طعاما ما أكلت طعاما قط أنظف منه ولا أطيب منه فلما فرغنا من الطعام قال يا أبا خالد كيف رأيت طعامنا قلت جعلت فداك ما رأيت أنظف منه قط ولا أطيب ولكني ذكرت الآية التي في كتاب الله « لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ » فقال أبو جعفر لا إنما تسألون عما أنتم عليه من الحق (٢).

١١ ـ ومنه ، عن عثمان بن عيسى عن أبي سعيد عن أبي حمزة قال : كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا حتى تملينا وأتينا بتمر ينظر فيه إلى وجوهنا من صفائه وحسنه فقال رجل لتسألن يومئذ غدا عن هذا النعيم الذي تنعمتم عند ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أبو عبد الله عليه‌السلام الله أكرم وأجل أن يطعمكم فيسوغكموه ثم يسألكم عنه ولكنه يسألكم عما أنعم به عليكم بمحمد وآل محمد.

قال ورواه محمد بن علي عن عيسى بن هشام عن أبي خالد القماط عن أبي حمزة مثله (٣).

بيان : قال الجوهري امتلأ الشيء وتملأ بمعنى يقال تملأت من الطعام والشراب.

١٢ ـ المحاسن ، عن أبيه عن ابن فضال عن ابن بكير عن بعض أصحابه قال :

__________________

(١) المحاسن : ٣٩٩.

(٢) المحاسن : ٣٩٩.

(٣) المحاسن ٤٠٠ ، وفيه : «لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» عن هذا النعيم الذي إلخ.

٣١٨

كان أبو عبد الله عليه‌السلام ربما أطعمنا الفراني والأخبصة ثم يطعم الخبز والزيت فقيل له لو دبرت أمرك حتى يعتدل فقال إنما تدبيرنا من الله إذا أوسع علينا وسعنا وإذا قتر علينا قترنا (١).

تبيان في القاموس الفرن بالضم المخبز يخبز فيه الفرني لخبز غليظ مستدير أو خبزة مصنعبة مضمومة الجوانب إلى الوسط تشوى ثم تروى سمنا ولبنا وسكرا والصنعبة الانقباض.

المحاسن ، عن محمد بن علي عن يونس بن يعقوب عن عبد الأعلى قال : أكلت مع أبي عبد الله عليه‌السلام فدعا وأتي بدجاجة محشوة وبخبيص فقال أبو عبد الله عليه‌السلام هذه أهديت لفاطمة ثم قال يا جارية ائتنا بطعامنا المعروف فجاء بثريد خل وزيت (٢)

٤

باب

التواضع في الطعام واستحباب ترك التنوق في الأطعمة وكثرة الاعتناء به

الآيات الأحقاف « وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ » (٣).

تفسير قال الطبرسي رحمه‌الله « وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ » يعني يوم القيامة أي يدخلون النار كما يقال عرض فلان على السوط وقيل معناه عرض عليهم النار قبل أن يدخلوها ليروا أهوالها « أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا » أي فيقال لهم آثرتم طيباتكم ولذاتكم في الدنيا على طيبات الجنة « وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها » أي انتفعتم بها منهمكين فيها وقيل هي الطيبات من الرزق يقول أنفقتموها في شهواتكم وفي ملاذ الدنيا ولم تنفقوها في مرضاة الله تعالى.

ولما وبخ الله سبحانه الكفار بالتمتع بالطيبات واللذات في هذه الدنيا آثر

__________________

(١) المحاسن : ٤٠٠.

(٢) المحاسن : ٤٠٠.

(٣) الأحقاف : ٢٠.

٣١٩

النبي وأمير المؤمنين عليه‌السلام الزهد والتقشف واجتناب الترفه والنعمة وقد روي في الحديث أن عمر بن الخطاب قال استأذنت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فدخلت عليه في مشربة أم إبراهيم وإنه لمضطجع على خصفة وإن بعضه على التراب وتحت رأسه وسادة محشوة ليفا فسلمت عليه ثم جلست فقلت يا رسول الله أنت نبي الله وصفوته وخيرته من خلقه وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أولئك قوم عجلت طيباتهم وهي وشيكة الانقطاع وإنما أخرت لنا طيباتنا.

وقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام في بعض خطبه والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ولقد قال لي قائل ألا تنبذها فقلت اعزب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى.

وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام أنه قال : والله إن كان علي ليأكل إكلة العبد ويجلس جلسة العبد وإن كان ليشتري القميص فيخير غلامه خيرهما ثم يلبس الآخر فإذا جاز أصابعه قطعه وإذا جاز كعبه حذفه ولقد ولي خمس سنين وما وضع آجرة على آجرة ولا لبنة على لبنة ولا أورث بيضاء ولا حمراء وإن كان ليطعم الناس خبز البر واللحم وينصرف إلى منزله فيأكل خبز الشعير والزيت والخل ولا ورد عليه أمران كلاهما لله عز وجل فيه رضا إلا أخذ بأشدهما على بدنه ولقد أعتق ألف مملوك من كد يمينه تربت منه يداه وعرق فيه وجهه وما أطاق عمله أحد من الناس وإن كان ليصلي في اليوم والليلة ألف ركعة وإن كان أقرب الناس شبها به لعلي بن الحسين عليه‌السلام وما أطاق عمله أحد من الناس بعده.

ثم إنه قد اشتهر في الرواية أنه عليه‌السلام لما دخل على العلاء بن زياد بالبصرة يعوده قال له العلاء يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد لبس العباء وتخلى من الدنيا فقال عليه‌السلام علي به فلما جاء قال يا عدي نفسه لقد استهام بك الخبيث أما رحمت أهلك وولدك أترى الله أحل الطيبات وهو يكره أن تأخذها أنت أهون على الله من ذلك قال يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة عيشك و

٣٢٠