بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أتي بسويق لوز فيه سكر طبرزد فقال هذا طعام المترفين بعدي.

بيان : في القاموس أترفته النعمة أطغته أو نعمته كترفته تتريفا والمترف كمكرم المتروك يصنع ما شاء ولا يمنع والمتنعم لا يمنع من تنعمه والجبار.

٢٥ ـ المكارم ، من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : بلوا جوع المحموم بالسويق والعسل ثلاث مرات ويحول من إناء إلى إناء ويسقى المحموم فإنه يذهب بالحمى الحارة وإنما عمل بالوحي (١).

وعن ابن كثير قال : انطلق بطني فأمرني أبو عبد الله عليه‌السلام أن آخذ سويق الجاورس بماء الكمون ففعلت فأمسك بطني وعوفيت.

وعن أحمد بن يزيد قال : كان إذا لسع أهل الدار حية أو عقرب قال اسقوه سويق التفاح.

وعن ابن بكير قال : رعفت فسئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن ذلك فقال اسقوه سويق التفاح فسقيته فانقطع الرعاف (٢).

بيان قطعه الرعاف كأنه لبرده وقبضه وقطع الصفراء ودفع السموم لتقويته القلب وتقويته الروح فيمنع تأثيرها.

٢٦ ـ الكافي ، عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن محمد بن خالد عن سيف التمار قال : مرض بعض رفقائنا بمكة فبرسم فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فأعلمته فقال لي اسقه سويق الشعير فإنه يعافى إن شاء الله وهو غذاء في جوف المريض قال فما سقيناه السويق إلا يومين أو قال مرتين حتى عوفي صاحبنا (٣).

المكارم ، مثله مع اختصار (٤).

بيان في القاموس البرسام بالكسر علة يهذي فيها برسم بالضم فهو مبرسم

__________________

(١) مكارم الأخلاق ٢١٩ ، أمالي الطوسي ١ : ٣٧٦.

(٢) مكارم الأخلاق ٢٢٠ ـ ٢٢١.

(٣) الكافي ٦ : ٣٠٧.

(٤) مكارم الأخلاق ٢٢٠.

٢٨١

وقال في بحر الجواهر البرسام في الينابيع بالكسر وفي التهذيب بالفتح قال الشيخ نجيب الدين هو تورم يعرض للحجاب بين الكبد والمعدة وقال نفيس الدين إنه قد خالف جمهور القوم في تعريف هذا المرض فإنهم اتفقوا على أنه ورم في الحجاب نفسه وهو الحجاب المعترض بين القلب والمعدة وأما الحجاب الحائل بين المعدة والكبد فمما لم يقل به أحد من الفضلاء غير الطبري انتهى.

ومناسبة سويق الشعير للبرسام ظاهرة فإن في البرسام الحرارة غالبة جدا وسويق الشعير في غاية البرودة وقوله عليه‌السلام وهو غذاء كأنه إشارة إلى ما ذكره الأطباء من أن التداوي بالأغذية أحسن من التداوي بالأدوية أو إلى أنه لا يؤكل بعده غذاء يتوهم أنه دواء لا بد من غذاء آخر والتخصيص بالمريض لأن غذاءه يكون أقل من غذاء الصحيح وقيل المراد به أنه يولد الدم.

٢٧ ـ الكافي ، عن محمد بن يحيى عن محمد بن موسى رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : سويق العدس يقطع العطش ويقوي المعدة وفيه شفاء من سبعين داء ويطفئ الصفراء ويبرد الجوف وكان إذا سافر عليه‌السلام لا يفارقه وكان يقول عليه‌السلام إذا هاج الدم بأحد من حشمه قال له اشرب من سويق العدس فإنه يسكن هيجان الدم ويطفئ الحرارة (١).

المكارم ، عنه عليه‌السلام مثله (٢).

٢٨ ـ الكافي ، عن محمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال : إن جارية لنا أصابها الحيض وكان لا ينقطع عنها حتى أشرفت على الموت فأمر أبو جعفر عليه‌السلام أن تسقى سويق العدس فسقيت فانقطع عنها وعوفيت (٣).

المكارم ، عن علي بن مهزيار مثله (٤).

تبيين لعل تسكينه للعطش في الخبر الأول من جهة التبريد والتطفئة وتقويته للمعدة إذا كان ضعفها من جهة الحرارة أو الرطوبة وأما إطفاؤه للصفراء

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٠٧.

(٢) مكارم الأخلاق ٢٢١.

(٣) الكافي ٦ : ٣٠٧.

(٤) مكارم الأخلاق ٢٢١.

٢٨٢

والحرارة فقيل لجهتين أحدهما من جهة التبريد في الأمزجة الحارة والأخرى من جهة تغليظ الدم وتسكين حدته فيقل جريانه وسيلانه في العروق ولهذا السبب يقطع دم الحيض كما في الخبر الثاني.

وأقول يظهر من الكليني رحمه‌الله أنه حمل السويق المطلق الوارد في الأخبار على سويق الحنطة حيث قال باب الأسوقة وفضل سويق الحنطة ثم ذكر الأخبار المطلقة في هذا الباب وقال الشهيد رحمه‌الله في الدروس في السويق ونفعه أخبار جمة وفسره الكليني بسويق الحنطة وقال مؤلف بحر الجواهر السويق متخذ من سبعة أشياء الحنطة والشعير والنبق والتفاح والقرع وحب الرمان والغبيراء وجملته يعقل الطبع ويقطع القيء والغثيان الصفراويين وينشف بلة المعدة وإن اتخذ من سويق الشعير والماء وقليل من اللبن وخلط به الخشخاش المقلو المسحوق ينفع السجج [ السحج ] ويسكن اللدغ ويجلب النوم انتهى.

وقال ابن بيطار نقلا عن الرازي كل سويق مناسب للشيء الذي يتخذ منه فسويق الشعير أبرد من سويق الحنطة بمقدار ما الشعير أبرد منها وأكثر توليدا للرياح والذي يكثر استعماله من الأسوقة هذان السويقان أعني سويق الحنطة وسويق الشعير وهما جميعا ينفخان ويبطئان النزول عن المعدة ويذهب ذلك عنهما إن غليا بالماء غليا جيدا ثم صفي في خرقة صفيقة ليسيل عنها الماء ويعصرا حتى يصيرا كبة ويشربا بالسكر والماء البارد فيقل نفخهما ويقل انحدارهما وينفعان المحرورين الملتهبين إذا باكروا شربه في الصيف ويمنع كون الحميات والأمراض الحارة وهذا من أجل منافعه ولا ينبغي لمن شربه أن يأكل ذلك اليوم شيئا من فاكهة رطبة ولا خيارا ولا بقولا ولا يكثر منها.

وأما المبرودون ومن يعتريهم نفخ في البطن وأوجاع في الظهر والمفاصل العتيقة والمشايخ وأصحاب الأمزجة الباردة جدا فلا ينبغي لهم أن يتعرضوا للسويق بتة فإن اضطروا إليه فليصلحوه بأن يشربوه بعد غسله بالماء الحار مرات بالفانيد والعسل بعد اللت بالزيت ودهن الحبة الخضراء ودهن الجوز.

٢٨٣

وسويق الشعير وإن كان أبرد من سويق الحنطة فإن سويق الحنطة لكثرة ما يشرب من الماء يبلغ من تطفئته وتبريده للبدن مبلغا أكثر ولا سيما في ترطيبه فيكون أبلغ نفعا لمن يحتاج إلى ترطيبه وسويق الشعير أجود لمن يحتاج إلى تطفئته وتجفيفه وهؤلاء هم أصحاب الأبدان العبلة الكثيرة اللحم والدماء وأما الأولون فأصحاب الأبدان القصيفة القليلة اللحم المصفرة.

وأما سائر الأسوقة فإنها تستعمل على سبيل دواء لا على سبيل غذاء كما يستعمل سويق النبق وسويق التفاح والرمان الحامض ليعقل البطن مع حرارة وسويق الخرنوب والغبيراء لعقل الطبيعة.

٢٩ ـ الكافي ، عن محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن السياري عن عبيد الله بن أبي عبد الله قال : كتب أبو الحسن عليه‌السلام من خراسان إلى المدينة لا تسقوا أبا جعفر الثاني السويق بالسكر فإنه ردي للرجال وفسره السياري عن عبيد الله أنه يكره للرجال لأنه يقطع النكاح من شدة برده مع السكر (١).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٠٧.

٢٨٤

أبواب

(الحلاوات والحموضات)

١

باب

(أنواع الحلاوات)

١ ـ المحاسن ، عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال : قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا رسول الله أي الشراب أحب إليك قال الحلو البارد (١).

٢ ـ ومنه ، عن محمد بن عيسى اليقطيني عن أبي محمد الأنصاري عن أبي الحسين الأحمسي عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المؤمن عذب يحب العذوبة والمؤمن حلو يحب الحلاوة (٢).

ومنه عن أبيه عن محمد بن سنان عن الأحمسي مثله (٣).

٣ ـ ومنه ، عن سهل بن زياد عن أحمد بن هارون بن موفق المدائني عن أبيه قال : بعث إلي الماضي يوما فأكلنا عنده وأكثروا من الحلواء فقلت ما أكثر هذا الحلواء فقال إنا وشيعتنا خلقنا من الحلاوة فنحن نحب الحلواء (٤).

٤ ـ ومنه ، عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة البطائني عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من لم يرد الحلواء يرد الشراب (٥).

٥ ـ ومنه ، عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه‌السلام

__________________

(١) المحاسن ٤٠٧ ـ ٤٠٨.

(٢) المحاسن ٤٠٧ ـ ٤٠٨.

(٣) المحاسن : ٤٤٩.

(٤) المحاسن ٤٠٨.

(٥) المحاسن ٤٠٨.

٢٨٥

قال : إنا أهل بيت نحب الحلواء ومن لم يحب الحلواء منا أراد الشراب وقال إن بي لمواد وأنا أحب الحلواء (١).

بيان قوله عليه‌السلام إن بي لمواد المادة الزيادة المتصلة وكأن المعنى أن لي أموالا أقدر على التكلف في الطعام وليس مني إسرافا وأحب الحلواء وأستعمله أو مواد من المرض يتوهم التضرر به ومع ذلك أحبه وفي بعض النسخ إن أبي لمواد أي كان أبي موادا محبا له وكأنه تصحيف بل لا يبعد كون كليهما تصحيفا.

٦ ـ المحاسن ، عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كنا بالمدينة فأرسل إلينا اصنعوا لنا فالوذج وأقلوا فأرسلنا إليه في قصعة صغيرة (٢).

٧ ـ ومنه ، عن أبيه عن سعدان عن يوسف بن يعقوب قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام يعجبه الفالوذج وكان إذا أراده قال اتخذوه لنا وأقلوا (٣).

٨ ـ ومنه ، عن سعدان عن هشام عن أبي حمزة قال : بعثت إلى أبي الحسن عليه‌السلام بقصعة فيها خشتيج ثم دخلت عليه فوجدت القصعة موضوعة بين يديه وقد دعا بقصعة فدق فيها سكرا فقال لي تعال فكل فقلت جعلت فداك قد جعل فيها ما يكتفى به قال كل فإنك ستجده طيبا (٤).

بيان : فيها خشتيج وفي بعض النسخ خشنيج ولم أعرف معناهما في اللغة وفي بحر الجواهر الخشكنانج السكري هو الخبز المقلي بالسكر.

٩ ـ المحاسن ، عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن عبد الأعلى قال : أكلت مع أبي عبد الله عليه‌السلام فأتي بدجاجة محشوة خبيصا ففككناها فأكلناها (٥).

توضيح قال في القاموس خبصه يخبصه خلطه ومنه الخبيص المعمول من التمر والسمن وفي بحر الجواهر الخبيص حلواء يعمل بأن يغلى من الشيرج رطل فيجعل فيه عند غليانه من الدقيق الحواري رطل ويغلى حتى تفوح رائحته ثم يلقى

__________________

(١) المحاسن : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

(٢) المحاسن : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

(٣) المحاسن : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

(٤) المحاسن : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

(٥) المحاسن : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

٢٨٦

عليه ثلاثة أرطال من السكر أو العسل أو الدبس ويطبخ بنار هادئة ويحرك بإسطام (١) حتى يقذف الدهن فيرفع.

١٠ ـ المكارم ، لقد جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعض أصحابه يوما بفالوذج فأكل منه وقال مم هذا يا أبا عبد الله فقال بأبي أنت وأمي نجعل السمن والعسل في البرمة ونضعها على النار ثم نغليه ثم نأخذ مخ الحنطة إذا طحنت فنلقيه على السمن والعسل ثم نسوطه حتى ينضج فيأتي كما ترى فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله إن هذا الطعام طيب (٢) ولقد كان يأكل الشعير غير منخول خبزا أو عصيدة في حالة (٣) كل ذلك كان يأكله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل الحيس وكان يتمجع اللبن والتمر ويسميهما الأطيبين (٥).

بيان البرمة بالضم قدر من الحجارة ذكره الفيروزآبادي وقال السوط الخلط وهو أن تخلط شيئين في إنائك ثم تضربهما بيدك حتى يختلطا كالتسويط وفي الصحاح العصيدة التي تعصدها بالمسواط فتمرها به فتنقلب لا يبقى في الإناء منها شيء إلا انقلب وقال الحيس الخلط ومنه سمي الحيس وهو تمر يخلط بسمن وأقط وقال في بحر الجواهر الحيس بالفتح حلواء يتخذ من السمن والكعك والدبس وغيره فارسيه چنگال وفي النهاية التمجع والمجع أكل التمر باللبن وهو أن يحسو حسوة من اللبن ويأكل على أثرها تمرة.

١١ ـ السرائر ، نقلا من كتاب أبي القاسم بن قولويه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كل من اشتد لنا حبا اشتد للنساء حبا وللحلواء (٦).

١٢ ـ المكارم ، روي أن الحسن بن علي عليه‌السلام رأى رجلا يعيب الفالوذج

__________________

(١) الاسطام وهكذا السطام : المسعار وهو حديدة تحرك بها النار.

(٢) مكارم الأخلاق : ٢٨.

(٣) في نخالته ظ.

(٤) مكارم الأخلاق : ٢٩ ـ ٣٠.

(٥) مكارم الأخلاق : ٢٩ ـ ٣٠.

(٦) مستطرفات السرائر : ٤٩١.

٢٨٧

فقال فتات البر بلعاب النحل بخالص السمن ما عاب هذا مسلم (١).

بيان : في الصحاح الفالوذ والفالوذق معربان قال يعقوب ولا تقل الفالوذج انتهى ويظهر من الحديث أن الفالوذج في تلك الزمان كان اسما للحلواء المعمول من دقيق البر والسمن والعسل.

١٣ ـ دعوات الراوندي ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموت.

١٤ الدعائم ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه كان يعجبه الفالوذج وكان إذا أراده قال اتخذوه لنا وأقلوا أظنه وكان عليه‌السلام يتقي الإكثار منه لئلا يضره (٢).

١٥ ـ المكارم ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا وضعت الحلواء فأصيبوا منها ولا تردوها (٣).

بيان : في القاموس الحلواء ويقصر معروف والفاكهة الحلوة.

١٦ ـ مجمع البيان ، قال روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأكل الدجاج والفالوذ وكان يعجبه الحلواء والعسل (٤).

٢

باب العسل

الآيات النحل

« وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » (٥).

__________________

(١) مكارم الأخلاق : ١٩٣.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ١١١.

(٣) مكارم الأخلاق ١٨٨.

(٤) مجمع البيان.

(٥) النحل : ٦٨.

٢٨٨

تفسير أقول قد مر تفسيرها في باب النحل وجملته أن الوحي إما إلهام من الله أو كناية عن جعله ذلك في غرائزها « وَمِمَّا يَعْرِشُونَ » الضمير للناس والمراد بالعرش رفع البناء كالسقوف والكروم « ذُلُلاً » جمع ذلول وهي حال من السبل أو من الضمير في « فَاسْلُكِي فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ».

إما بنفسه كما في بعض الأمراض البلغمية أو مع غيره كما في سائر الأمراض إذ قلما يوجد معجون لم يكن العسل جزءا منه مع أن التنكير يشعر بالتبعيض ويجوز أن يكون للتعظيم والتكثير وقيل الضمير للقرآن وهو بعيد.

« إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً » إلخ فإن من تفكر في أحوال النحل وأفعاله ووجود العسل وكيفية حصوله علم قطعا أن الله سبحانه هو المعلم له وأنه قادر مختار حكيم عليم متصف بجميع صفات الكمال وليس فيه نقص بوجه وفيها دلالة على حل العسل بل الشمع فإنه قل ما ينفك عنه وجواز اتخاذ النحل للعسل ما لم يمنع منه مانع شرعي وجواز الاستشفاء منه مفردا ومركبا وأن الله يشفي بالدواء وإن كان قادرا عليه بغيره لحكمة في ذلك وجواز طلب علم الطب بل علم الكلام والتفكر في الأفعال والأعمال والاستدلال بها على وجود الواجب وصفاته والحسن والقبح العقليين وغير ذلك كذا ذكره بعض الأفاضل وفي بعضها مجال مناقشة.

١ ـ مجمع البيان ، نقلا عن العياشي مرفوعا إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام أن رجلا قال له إني موجع بطني فقال ألك زوجة قال نعم قال استوهب منها شيئا من مالها طيبة نفسها ثم اشتر به عسلا ثم اسكب عليه من ماء السماء ثم اشربه فإني سمعت الله سبحانه يقول في كتابه « وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً » وقال « يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ » وقال « فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً » وإذا اجتمعت البركة والشفاء والهنيء شفيت إن شاء الله (١).

__________________

(١) مجمع البيان ٣ : ٦ والآيات في سورة ق : ٩ ، النحل : ٦٩ ، النساء : ٤ ونص الحديث مسندا في العياشي ١ : ٢١٨.

٢٨٩

٢ ـ المكارم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعجبه العسل وقال عليه‌السلام عليكم بالشفاء من العسل والقرآن.

وعن أبي الحسن عليه‌السلام قال : من تغير عليه ماء بصره ينفع له اللبن الحليب بالعسل.

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما استشفى الناس بمثل لعق العسل.

ومن الفردوس ، عن أنس قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من شرب العسل في كل شهر مرة يريد ما جاء به القرآن عوفي من سبع وسبعين داء.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من أراد الحفظ فليأكل العسل.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله نعم الشراب العسل يرعي القلب ويذهب برد الصدر.

ومن الفردوس ، عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمس يذهبن بالنسيان ويزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم السواك والصيام وقراءة القرآن والعسل واللبان (١).

بيان : يرعي القلب الإرعاء الإبقاء والرفق والشفقة.

٣ ـ العيون ، عن محمد بن علي بن الشاه عن أبي بكر بن عبد الله عن عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه وعن أحمد بن إبراهيم الخوزي عن إبراهيم بن مروان عن جعفر بن محمد بن زياد عن أحمد بن عبد الله الهروي وعن الحسين بن محمد الأشناني عن علي بن محمد بن مهرويه عن داود بن سليمان كلهم عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن يكن في شيء شفاء ففي شرطة الحجام أو في شربة العسل (٢).

وبالإسناد قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تردوا شربة العسل على من أتاكم بها (٣).

وبالإسناد قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم قراءة القرآن والعسل واللبان (٤).

__________________

(١) مكارم الأخلاق ١٨٨ ـ ١٩٠.

(٢ ـ ٣) عيون الأخبار ٢ : ٣٥ و ٣٦ بالرقم ٨٣ و ٨٤.

(٤) عيون الأخبار ٢ : ٣٨.

٢٩٠

وبالإسناد عنه عليه‌السلام قال : الطيب نشرة والعسل نشرة والركوب نشرة والنظر إلى الخضرة نشرة (١).

صحيفة الرضا ، عنه عليه‌السلام مثل الجميع (٢).

بيان النشرة ما يزيل الهموم والأحزان التي يتوهم أنها من الجن قال في النهاية فيه أنه سئل عن النشرة فقال هو من عمل الشيطان النشرة بالضم ضرب من الرقية والعلاج يعالج به من كان يظن أن به مسا من الجن سميت نشرة لأنه بها ينشر عنه ما خامره من الداء أي يكشف ويزال.

٤ ـ الخصال ، عن أبيه عن سعد عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لعق العسل شفاء من كل داء قال الله تعالى : « يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ » وهو مع قراءة القرآن (٣).

المحاسن ، عن القاسم بن يحيى عن جده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام مثله وزاد في آخره ومضغ اللبان يذيب البلغم (٤)

٥ ـ ومنه ، عن بعض أصحابنا عن عبد الرحمن بن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لعق العسل فيه شفاء قال الله : « يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ » (٥)

المكارم ، عنه عليه‌السلام مثله (٦).

٦ ـ المحاسن : عن أبيه وعبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام قال : العسل فيه شفاء (٧).

__________________

(١) المصدر نفسه ٢ : ٤٠.

(٢) صحيفة الرضا : ١١.

(٣) الخصال ٢ : ٦٢٣.

(٤) المحاسن : ٤٩٨.

(٥) المحاسن : ٤٩٨.

(٦) مكارم الأخلاق ١٨٨.

(٧) المحاسن : ٤٩٩.

٢٩١

٧ ـ ومنه ، عن بعض أصحابنا رواه عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : العسل شفاء من كل داء إذا أخذته من شهده (١).

بيان : أي أخذته جديدا من شمعه أو من خالصه قال في الصحاح الشهد والشهد العسل في شمعها والشهدة أخص منها.

٨ ـ المحاسن ، عن أبي القاسم ويعقوب بن يزيد عن القندي عن ابن سنان وأبي البختري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما استشفى مريض بمثل العسل (٢).

ومنه عن علي بن حسان عن موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه‌السلام مثله (٣).

٩ ـ ومنه ، عن محمد بن عيسى عن أبي نصر قرابة بن سلام الحلاسي عن أحمد بن محمد بن نصر عن حماد بن عثمان عن محمد بن سوقة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما استشفى الناس بمثل العسل (٤).

١٠ ـ ومنه ، عن أبيه عن فضالة رفعه قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يستشف مريض بمثل شربة عسل (٥).

١١ ـ ومنه ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحماد عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعجبه العسل وكان بعض نسائه يأتيه به فقالت له إحداهن إني ربما وجدت منك الرائحة فتركه (٦).

بيان : أقول قد مرت هذه القصة مفصلة في أبواب أحوال نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أوردناها بوجوه مختلفة منها ما روي عن عائشة أنها قالت إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواطأت أنا وحفصة أيتنا دخل عليها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلتقل إني أجد منك ريح المغافير فدخل صلى‌الله‌عليه‌وآله على إحداهما فقالت له ذلك فقال لا بل شربت عسلا عند زينب فحرم العسل على نفسه أو زينب فنزلت سورة التحريم فعاد إليهما ولم يتركهما.

١٢ ـ المحاسن ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن سكين عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل العسل (٧).

__________________

(١ ـ ٧) المحاسن : ٤٩٩.

٢٩٢

الكافي ، عن محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن محمد بن عيسى عن ابن عبد الحميد مثله وزاد في آخره ويقول آيات من القرآن ومضغ اللبان يذيب البلغم (١)

١٣ ـ المحاسن ، عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي عليه‌السلام قال : العسل فيه شفاء (٢).

١٤ ـ ومنه ، عن محمد بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي عن أبي علي بن راشد قال سمعت أبا الحسن الثالث عليه‌السلام يقول أكل العسل حكمة (٣).

بيان : أي سبب لها أو مسبب عنها.

١٥ ـ المحاسن ، عن أبيه عن بعض أصحابنا قال : رفعت إلي امرأة غزلا فقالت ادفعه بمكة لتخاط به كسوة الكعبة قال فكرهت أن أدفعه إلى الحجبة وأنا أعرفهم فلما صرت إلى المدينة دخلت إلى أبي جعفر عليه‌السلام فقلت له جعلت فداك إن امرأة أعطتني غزلا وحكيت له قول المرأة وكراهتي لدفع الغزل إلى الحجبة فقال اشتر به عسلا وزعفرانا وخذ من طين قبر الحسين عليه‌السلام واعجنه بماء السماء واجعل فيه شيئا من عسل وزعفران وفرقه على الشيعة ليتداووا به مرضاهم (٤).

المكارم ، عنه عليه‌السلام مثله (٥).

١٦ ـ فقه الرضا ، قال العالم عليه‌السلام عليكم بالعسل وحبة السوداء وقال العسل شفاء في ظاهر الكتاب كما قال الله عز وجل وقال عليه‌السلام في العسل شفاء من كل داء ومن لعق لعقة عسل على الريق يقطع البلغم ويكسر الصفراء ويقطع المرة السوداء ويصفو الذهن ويجود الحفظ إذا كان مع اللبان الذكر.

١٧ ـ العياشي ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لعقة العسل فيه شفاء قال الله تعالى : « مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ » (٦)

__________________

(١) الكافي ٦ : ٣٣٢.

(٢) المحاسن ٥٠٠.

(٣) المحاسن ٥٠٠.

(٤) المحاسن ٥٠٠.

(٥) مكارم الأخلاق ١٨٩.

(٦) تفسير العياشي ٢ : ٢٦٣.

٢٩٣

أقول : قد أوردنا تأويلا آخر للآية في باب غرائب التأويل في الأئمة عليهم‌السلام في كتاب الإمامة (١).

١٨ ـ المكارم ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : العسل شفاء من كل داء ولا داء فيه يقل البلغم ويجلو القلب.

وعن الرضا عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله عز وجل جعل البركة في العسل وفيه شفاء من الأوجاع وقد بارك عليه سبعون نبيا (٢).

١٩ ـ كتاب الإمامة والتبصرة ، عن سهل بن أحمد عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العسل شفاء يطرد الريح والحمى.

٢٠ ـ حياة الحيوان ، اعلم أن الله سبحانه وتعالى جمع في النحلة السم والعسل دليلا على كمال قدرته وأخرج منها العسل ممزوجا بالشمع وكذلك عمل المؤمن ممزوج بالخوف والرجاء وفي العسل ثلاثة أشياء الشفاء والحلاوة واللين وكذلك المؤمن قال الله تعالى « ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ » ويخرج من الشباب خلاف ما يخرج من الكهل والشيخ وكذلك حال المقتصد والسابق وأمرها الله تعالى بأكل الحلال حتى صار لعابها شفاء وكل ذباب في النار إلا النحل ودواء الله حلو وهو العسل ودواء الأطباء مر وهي تأكل من كل شجر ولا يخرج منها إلا الحلو ولا يغيرها اختلاف مآكلها « وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ».

وقوله تعالى : « فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ » لا يقتضي العموم لكل علة وفي كل إنسان لأنه نكرة وليس في سياق النفي بل إنه خبر عن أنه يشفي كما يشفي غيره من الأدوية في حال دون حال وعن ابن عمر أنه كان لا يشكو شيئا إلا تداوى بالعسل حتى كان يدهن به الدمل والقرحة ويقرأ هذه الآية وهذا يقتضي أنه كان يحمله على العموم وروى ابن ماجة والحاكم عن ابن مسعود أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال العسل شفاء

__________________

(١) راجع ج ٢٤ ص ١١٢.

(٢) مكارم الأخلاق ١٨٩.

٢٩٤

من كل داء والقرآن شفاء لما في الصدور فعليكم بالشفاءين القرآن والعسل (١) وحكى النقاش عن أبي وجزة أنه كان يكتحل بالعسل ويتداوى به من كل سقم وروي أيضا عن عون بن مالك أنه مرض فقال ائتوني بماء فإن الله تعالى قال « وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً » ثم قال ائتوني بعسل وقرأ الآية ثم قال ائتوني بزيت فإنه « مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ » فخلط الجميع ثم شربه فشفي.

وروى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال جاء رجل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إن أخي استطلق بطنه فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله اسقه عسلا فسقاه ثم جاءه فقال يا رسول الله صلى الله عليك قد سقيته فلم يزد إلا استطلاقا فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله اسقه عسلا ثلاث مرات ثم جاء في الرابعة فقال اسقه عسلا قال قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلا فسقاه فبرأ انتهى (٢).

أقول قال ابن حجر في فتح الباري في شرح هذا الخبر قال الخطابي وغيره أهل الحجاز يطلقون الكذب في موضع الخطاء يقال كذب سمعك أي زل فلم يدرك حقيقة ما قيل له فمعنى كذب بطنه أي لم يصلح لقبول الشفاء بل زل عنه.

وقد اعترض بعض الملاحدة فقال العسل مسهل فكيف يوصف لمن وقع به الإسهال.

والجواب أن ذلك جهل من قائله بل هو كقول الله تعالى « بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ » فقد اتفق الأطباء على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن والعادة والزمان والغذاء المألوف والتدبير وقوة الطبيعة وعلى أن الإسهال يحدث من أنواع منها الهيضة التي تحدث عن تخمة واتفقوا على أن علاجها بترك الطبيعة وفعلها فإن احتاجت إلى مسهل أعينت ما دام بالعليل قوة.

__________________

(١) راجع سنن ابن ماجة كتاب الطب الباب ٧ ، مجمع الزوائد ج ٥ ص ٩١. الدر المنثور ٤ : ١٢٣. حياة الحيوان ٢ : ٣٠٠ و ٣٠١.

(٢) راجع صحيح البخاري كتاب الطب الباب ٢٤ ، صحيح مسلم كتاب السلام الباب ٩١ سنن الترمذي كتاب الطب الباب ٣١ ، مسند ابن حنبل ج ٣ ص ١٩ و ٩٢ ، الدر المنثور ٤ : ١٢٣.

٢٩٥

فكأن هذا الرجل كان استطلاق بطنه عن تخمة أصابته فوصف له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة والأمعاء لما في العسل من الجلاء ودفع الفضول التي تصيب المعدة من أخلاط لزجة تمنع استقرار الغذاء فيها وللمعدة خمل كخمل المنشفة فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة أفسدتها وأفسدت الغذاء الواصل إليها فكان دواؤها استعمال ما يجلو تلك الأخلاط ولا شيء في ذلك مثل العسل لا سيما إن مزج بالماء الحار وإنما لم يفده في أول مرة لأن الدواء يجب أن يكون له مقدار وكمية بحسب الداء إن قصر عنه لم يدفعه بالكلية وإن جاوزه أوهى القوة وأحدث ضررا آخر وكأنه شرب منه أولا مقدارا لا يفي بمقاومة الداء فأمره بمعاودة سقيه فلما تكررت الشربات بحسب ما فيه من الداء برئ بإذن الله.

وفي قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذب بطن أخيك إشارة إلى أن هذا الدواء نافع وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء في نفسه ولكن لكثرة المادة الفاسدة فمن ثم أمر بمعاودة شرب العسل لاستفراغها وكان كذلك وبرئ بإذن الله.

قال الخطابي والطب نوعان طب اليونان وهو قياسي وطب العرب والهند وهو تجاربي وكان أكثر ما يصفه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن يكون عليلا على طريقة طب العرب ومنه ما يكون مما اطلع عليه بالوحي وقد قال صاحب كتاب المائة في الطب إن العسل تارة يجري سريعا إلى العروق وينفذ معه جل الغذاء ويدر البول ويكون قابضا وتارة يبقى في المعدة فيهيجان بلذعها حتى يدفع الطعام ويسهل البطن فيكون مسهلا فإنكار وصفه للمسهل مطلقا قصور من المنكر.

وقال غيره طب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله متيقن البرء لصدوره عن الوحي وطب غيره أكثره حدس أو تجربة وقد يختلف الشفاء عن بعض من يستعمل طب النبوة وذلك لمانع قام بالمستعمل من ضعف اعتقاد الشفاء به وتلقيه بالقبول وأظهر الأمثلة في ذلك القرآن الذي هو شفاء لما في الصدور ومع ذلك فقد لا يحصل لبعض الناس شفاء صدره به لقصوره في الاعتقاد والتلقي بالقبول بل لا يزيد المنافق إلا رجسا إلى رجسه ومرضا إلى مرضه فطب النبوة لا تناسب إلا الأبدان الطيبة كما أن شفاء القرآن لا يناسب

٢٩٦

إلا القلوب الطيبة والله أعلم.

وقال ابن الجوزي في وصفه صلى‌الله‌عليه‌وآله العسل للذي به الإسهال أربعة أقوال :

أحدها أنه حمل الآية على عمومها في الشفاء وإلى ذلك إشارة بقوله صدق الله أي في قوله « شِفاءٌ لِلنَّاسِ » فلما نبهه على هذه الحكمة تلقاها بالقبول فشفي بإذن الله.

الثاني أن الوصف المذكور على المألوف من عادتهم من التداوي بالعسل في الأمراض كلها.

الثالث أن الموصوف له ذلك كانت به هيضة كما تقدم تقريره.

الرابع يحتمل أن يكون أمره أولا بطبخ العسل قبل شربه فإنه يعقد البلغم فلعله شربه أولا بغير طبخ انتهى والثاني والرابع ضعيفان وفي كلام الخطابي احتمال آخر وهو أن يكون الشفاء يحصل للمذكور ببركة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبركة وصفه ودعائه فيكون خاصا بذلك الرجل دون غيره وهو ضعيف أيضا ويؤيد الأول حديث ابن مسعود عليكم بالشفاء من العسل والقرآن وأثر علي عليه‌السلام إذا اشتكى أحدكم فليستوهب من امرأته من صداقها وليشتر به عسلا ثم يأخذ ماء السماء فيجمع هنيئا مريئا شفاء مباركا أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير بسند حسن انتهى وقال بعض الأطباء العسل حار يابس في الثانية يجلو ظلمة البصر ويقوي المعدة ويشهي ويسهل البطن ويوافق السعال وأجوده الصادق الحلاوة الأبيض الربيعي وقيل أجوده المائل إلى الحمرة.

٣

باب

(السكر وأنواعه وفوائده)

١ ـ المحاسن ، عن محمد بن سهل عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام أو عمن حدثه عنه قال : السكر الطبرزد يأكل البلغم أكلا (١).

__________________

(١) المحاسن : ٥٠١.

٢٩٧

بيان قال في القاموس السكر بالضم وتشديد الكاف معرب شكر واحدته بهاء ورطب طيب وعنب يصيبه المرق فينتثر وهو من أحسن العنب وفي المصباح السكر معروف قال بعضهم وأول ما عمل بطبرزد ولهذا يقال سكر طبرزدي وقال طبرزد وزان سفرجل معرب وفيه ثلاث لغات بذال معجمة وبنون ولام وحكى الأزهري النون واللام ولم يحك الدال وقال ابن الجواليقي وأصله بالفارسية تبرزد والطبر الفأس كأنه نحت من جوانبه بفأس وعلى هذا يكون طبرزد صفة تابعة للسكر في الإعراب فيقال هو سكر طبرزد وقال بعض الناس الطبرزد هو السكر الأبلوج انتهى.

وفي بحر الجواهر الأبلوج السكر الأبيض وقال ابن بيطار الطبرزد معرب أي أنه صلب ليس برخو ولا لين وقال الملح الطبرزد وهو الصلب الذي ليس له صفاء انتهى.

وأقول يظهر من بعض كلماتهم أن الطبرزد هو المعروف بالنبات ومن أكثرها أنه القند قال البغدادي في جامعه السكر حار في أوائل الثانية رطب في الأولى وقد يصفى مرارا ويعمل منه ألوان فأصفاه وأشفه وأنقاه يسمى نباتا اصطلاحا ودون من هذا وهو مجرش خشن نقي غير شفاف وهو الأبلوج ودون ذلك وهو العصير يسمى القلم لأنه يقلم متطاولا كالأصابع والنبات أقل حرارة وبعده الأبلوج وبعده القلم وبعده العصير المطبوخ وألطفها النبات ثم الأبلوج ثم القلم القليل البيض ويسمى الأبلوج الصلب منه بالطبرزد.

٢ ـ الدعائم ، كان جعفر بن محمد عليه‌السلام يتصدق بالسكر فقيل له في ذلك فقال ليس شيء من الطعام أحب إلي منه وأنا أحب أن أتصدق بأحب الأشياء إلي (١).

٣ ـ الكافي ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير رفعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : شكا إليه رجل الوباء فقال له وأين أنت عن الطيب المبارك قال قلت وما الطيب المبارك قال سليمانيكم هذا قال فقال أبو عبد الله عليه‌السلام إن أول

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢ : ١١١.

٢٩٨

من اتخذ السكر سليمان بن داود عليه‌السلام (١).

٤ ـ ومنه ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن أحمد الأزدي عن بعض أصحابنا رفعه قال : شكا رجل إلى أبي عبد الله عليه‌السلام فقال أنا رجل شاك فقال أين هو عن المبارك قال قلت جعلت فداك وما المبارك قال السكر قلت أي السكر جعلت فداك قال سليمانيكم هذا (٢).

المكارم ، مرسلا مثله (٣).

٥ ـ المحاسن ، عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام لئن كان الجبن يضر من كل شيء ولا ينفع من شيء فإن السكر ينفع من كل شيء ولا يضر من شيء (٤).

٦ ـ ومنه ، عن نوح بن شعيب عن الحسين بن الحسن بن عاصم عن يونس عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ليس شيء أحب إلي من السكر (٥).

المكارم ، عنه عليه‌السلام مثله (٦).

٧ ـ المحاسن ، عن أبيه عن سعدان عن معتب قال : لما تعشى أبو عبد الله عليه‌السلام قال لي ادخل الخزانة فاطلب لي سكرتين فأتيته بهما (٧).

بيان رواه في الكافي عن العدة عن البرقي وفيه بعد قوله سكرتين فقلت جعلت فداك ليس ثم شيء فقال ادخل ويحك قال فدخلت فوجدت سكرتين فأتيته بهما (٨). وأقول لعلهما وجدتا بإعجازه عليه‌السلام وإن احتمل كونهما وعدم علم معتب بهما ويدل على أن السكرة في ذلك الزمان كانت تعمل على مقدار معلوم كالفانيد وسكر اللوز في زماننا.

٨ ـ المحاسن : عن علي بن حسان عن موسى بن بكر قال : كان أبو الحسن الأول

__________________

(١ ـ ٢) الكافي ٦ : ٣٣٣.

(٣) مكارم الأخلاق ١٩١.

(٤ و ٥ و ٧) المحاسن : ٥٠٠.

(٦) مكارم الأخلاق ١٩١.

(٨) الكافي ٦ : ٣٣٣.

٢٩٩

عليه‌السلام كثيرا ما يأكل السكر عند النوم (١).

٩ ـ ومنه ، عن عدة من أصحابنا عن ابن أسباط عن يحيى بن بشير النبال قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام لأبي بشير بأي شيء تداوون مرضاكم قال بهذه الأدوية المرار قال لا إذا مرض أحدكم فخذ السكر الأبيض فدقه ثم صب عليه الماء البارد واسقه إياه فإن الذي جعل الشفاء في المرار قادر أن يجعله في الحلاوة (٢).

١٠ ـ فقه الرضا ، قال عليه‌السلام السكر ينفع من كل شيء ولا يضر من شيء.

١١ ـ الطب ، طب الأئمة عليهم‌السلام عن حمدان بن أعين الرازي عن صفوان عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : ويحك يا زرارة ما أغفل الناس عن فضل سكر الطبرزد وهو ينفع من سبعين داء وهو يأكل البلغم أكلا ويقلعه بأصله (٣).

١٢ ـ المكارم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : شكا واحد إليه فقال إذا أويت إلى فراشك فكل سكرتين قال ففعلت فبرأت.

وعن علي بن يقطين قال سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول من أخذ سكرتين عند النوم كان شفاء من كل داء إلا السام.

عنه عليه‌السلام قال : لو أن رجلا عنده ألف درهم اشترى به سكرا لم يكن مسرفا.

وعنه عليه‌السلام أيضا قال : يأخذ للحمى وزن عشر دراهم سكرا بماء بارد على الريق (٤).

١٣ ـ الكافي ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي بن النعمان عن بعض أصحابنا قال : شكوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام الوجع فقال إذا أويت إلى فراشك فكل سكرتين قال ففعلت فبرأت وأخبرت به بعض المتطببين وكان أفره أهل بلادنا فقال من أين عرف أبو عبد الله هذا من مخزون علمنا أما إنه صاحب كتب ينبغي أن يكون أصابه في بعض كتبه (٥).

بيان : الفراهة الحذاقة وأقول وقد مر كثير من أخبار الباب في باب الحمى.

__________________

(١ ـ ٢) المحاسن : ٥٠١.

(٣) طب الأئمة : ٦٦.

(٤) مكارم الأخلاق : ١٩١.

(٥) الكافي ٦ : ٣٣٣.

٣٠٠