بحوث أصالة البراءة ، ويلحق بالأصل العقلي الأصل الشرعي الّذي هو في مرتبة الأصل العقلي أي ما أخذ عدم الحجة على الخلاف في موضوعه كما قد يدعى ذلك في مثل رواية مسعدة بن صدقة الدالة على أصالة الحلّ ، لما ورد في ذيلها من التعبير بان الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير هذا أو تقوم به البينة بناءً على انَّ المقصود بها مطلق الحجة أو شهادة العدلين.
وبهذا ينتهي البحث عن المقام الأول وهو تقديم الأمارات على الأصول ويتضح بالتأمل في النكات الأساسية التي شرحناها هنا وسيأتي مزيد تعرض لها أيضاً في بحوث التعارض مدى التشويش والخلط الواقع في كلمات الأصحاب في أمثال المقام فراجع وتأمل.
الأصلان العمليان تارة يكونان متوافقين وأخرى يكونان متنافيين. والمتنافيان تارة يكون التنافي بينهما في مرحلة الجعل وبالذات وأخرى يكون في مرحلة الجعل ولكن بالعرض أي الطرو العلم الإجمالي بكذب أحدهما ، وثالثة يكون تنافيهما في مرحلة الامتثال والتزاحم كما إذا استصحب وجوب الصلاة مع وجوب الإزالة في وقت لا قدرة للمكلف على الجمع بينهما ، وفيما يلي نتحدث عن هذه الأقسام في ثلاثة مقامات :
المقام الأول ـ في الأصلين المتوافقين أو المتنافيين ذاتاً وقد اختارت مدرسة المحقق النائيني ( قده ) في هذين القسمين حكومة أحد الأصلين على الآخر إذا توفر فيه أحد شرطين :
١ ـ ان يكون ملغياً بحسب لسان دليله للشك المأخوذ في موضوع الآخر كما في تقدم استصحاب الطاهرة أو النجاسة على أصالة الطهارة أو الحل ، ويسمى ذلك بالأصول المحرزة وانه في مثل ذلك يكون الأصل المحرز حاكماً على غير المحرز لأنه يرفع موضوعه تعبداً وهو معنى الحكومة.