وبعبارة اخرى : هناك امور ثلاثة : الفرعيات المحضة ، والفطريات المحضة ، وما هو برزخ بينهما. ومورد التقليد هو الأول فقط ، وشرائط صحة التقليد من الثالث.
ثم إن شئون الفقيه الجامع للشرائط ليست منحصرة في حجية الفتوى ونفوذ الحكم ، بل له حجية وجودية أيضا ولو كان ساكتا ، لأنه يصح أن يحتج به الله تعالى يوم القيامة ، ويصح له أن يشتكي إلى الله تعالى من الجهال إن لم يرجعوا إليه في فهم الأحكام ، وقد ورد في الحديث : «ثلاثة يشكون إلى ربهم يوم القيامة عالم لا يسأل عنه ـ الحديث ـ». كما أن له الولاية الانتظامية أي نظم دنيا البشر وسياساتهم نظما إليها ، بشرط استيلائه على الكل في الكل وبسط يده على الحكم من كل حيثية وجهة. وقد ذكرنا القول في ذلك كله في المهذب.
التخطئة والتصويب :
لا ريب في أن بين المعلومات والواقعيات مطلقا عموما من وجه ، فرب معلوم مخالف للواقع ، ورب واقع غير معلوم ، وقد يتصادقان ولا اختصاص لذلك بعلم دون علم وفن دون آخر ، فيجري في الفقه وغيره. ولازم ذلك هو صحة القول بالتخطئة في جميع العلوم ـ فقها كان أو غيره ـ ولا ينكره أحد ، وإنما توهم التصويب في خصوص الأحكام الفقهية الظاهرية فقط ، بدعوى : أن الإجزاء وصحة الاعتذار بها يستلزمان التصويب ، وفساد هذه الدعوى أوضح من أن يخفى ، لأن الإجزاء وصحة الاعتذار تسهيلا على الامة أعم من إصابة الواقع ، كما في موارد جميع القواعد التسهيلية الامتنانية المجعولة في الشريعة ، كقاعدة الصحة ، والفراغ والتجاوز ، والطهارة ، والإباحة وجميع الاصول التسهيلية.
نعم نفس أحكام الشريعة ـ سواء كانت في الكتاب أو في السنة ـ هي