السيد هاشم الحسيني البحراني
المحقق: الشيخ حامد الفدوي الأردستاني
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-96904-4-1
الصفحات: ٩٤١
مقدّمة المحقّق
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الذي يؤتي الفضل من يشاء ، وهو (ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(١) والشكر لله الذي منّ علي المؤمنين (إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ)(٢). وجعل خلائف في الأرض ؛ ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)(٣).
ثمّ الصلاة والسّلام على البشير النذير ، الذي أرسله الله (بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(٤).
__________________
(١) الحديد ٥٧ : ٢١.
(٢) آل عمران ٣ : ١٦٤.
(٣) النساء ٤ : ١٦٥.
(٤) التوبة ٩ : ٣٣.
وعلى آله الأطيبين ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، (١) وكيف لا وهم من بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه (٢) ، وهم بعرشه محدقون ، وقد جعل مودّتهم أجر نبيّه (٣) وولايتهم إكمالا لدينه (٤).
وصلواته وبركاته الدائمة على حجّة الله على خلقه ، والناطق بحكمته ، والشاهد على بريّته ، وارث الأنبياء ، وخاتم الأوصياء ، والقائم المنتظر ، والسيف المشتهر ، ربيع الأنام ، ونضرة الأيّام ، الذيى وعد الله عزوجل به الأمم أن يجمع به الكلم ، ويلمّ به الشعث ، ويملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا.
جعلنا الله من أعوانه وأنصاره ، ومقويّة سلطانه ، والمؤتمرين بأمره ، والراضين بفعله ، والمسلّمين لأحكامه.
أمّا بعد فنقول : إنّ الكلام في الذين «خلقهم الله من نور جلاله وعظمته ، فجعلهم أمام عرشه ، يسبّحونه ويقدّسونه قبل خلقه السماوات والأرضين» (٥) ، أمر صعب لمن لم يشرب من ثدي الوحي ، ولم يكن له نصيب من علم الكتاب ؛ لأنّهم «أجلّ قدرا ، وأعظم شأنا ، وأعلا مكانا ، وأمنع جانبا ، وأبعد غورا» من أن يبلغهم الناس بعقولهم ، أو ينالوهم بآرائهم ....
وأنّهم «كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم ، وهي في الأفق ، بحيث لاتنالها الأيدي والأبصار» (٦).
__________________
(١) انظر سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
(٢) انظر سورة النور ٢٤ : ٣٦.
(٣) انظر سورة الشورى ٤٢ : ٢٣.
(٤) انظر سورة المائدة ٥ : ٣.
(٥) راجع : تفسير البرهان ٤ : ٤٣٩ / ٦ ، تأويل الآيات ٢ : ٧٧٣ / ٤ عن كتاب المعراج لابن بابويه.
(٦) الكافي ١ : ٢٠٠ / ١.
بل كلّ من تكلّم فيهم ، فهو على قدر ما عنده من العلم والمعرفة ؛ «لأنّ الله عزوجل قد أعطاهم أكبر وأعظم ممّا يخطر على قلب أحد من الخلق» (١).
وأمرنا الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بأن لا نغلوا فيهم ، وأن نجعلهم عبدا لله ، ثم نقول ما شئنا في فضلهم ؛ كما صرّح بذلك أمير المؤمنين عليهالسلام في كلامه لأبي ذرّ : «أنا عبد الله عزوجل ، وخليفته على عباده ، لا تجعلونا أربابا ، وقولوا في فضلنا ما شئتم ؛ فإنّكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته ؛ فإنّ الله عزوجل ، قد أعطانا أكبر وأعظم ممّا يصفه واصفكم ، أو يخطر على قلب أحدكم» (٢).
ولو لا الأمر على ذكر فضائلهم ونشر مناقبهم ، وخوف الوعى للكاتمين فضائلهم ، والّا فهم أعظم ممّا نقول فيهم ، وأجلّ ممّا نتفوّه به من خصالهم وفضائلهم ؛ فقد ورد فيهم : «ضلّت العقول ، وتاهت الحلوم ، وحارت الألباب ، وخسئت العيون ، وتصاغرت العظماء ، وتعيّرت الحكماء ، وتقاصرت الحلماء ، وخصرت الخطباء ، وجهلت الألباء ، وكلّت الشعراء ، وعجزت الأدباء ، وعييت البلغاء ، عن وصف شأن من شأنهم ، أو فضيله من فضائلهم» (٣). فما عسانا أن نقول فيهم؟!
ومعرفتهم واجبة علينا ، ولو لا رحمة الله تعالى بنا حيث جعل معرفتهم على قدر ما آتانا من العلم ، فقال : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)(٤).
جاء في صحيحة عن زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٦ : ١.
(٢) بحار الأنوار ٢٦ : ٢ / ١.
(٣) الكافي ١ : ٢٠١ / ١.
(٤) البقرة ٢ : ٢٨٦.
فقال : «إنّ الله عزوجل بعث محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الناس أجمعين رسولا وحجّة على جميع خلقه في أرضه ، فمن آمن بالله وبمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم رسول الله ، واتّبعه وصدّقه ، فإنّ معرفة الإمام منّا واجبة» (١).
ولم يعذر أحد في ترك معرفتهم ؛ كما ورد عن الفضيل أنّه قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «... ولا يعذر الناس حتّى يعرفوا إمامهم ، ومن مات وهو عارف لإمامة ، لا يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّره ، ومن مات عارفا لإمامه ، كان كمن هو مع القائم عليهالسلام في فسطاطه» (٢).
وقد حكم فيمن مات من دون معرفة إمامه ؛ بأنّه مات ميتة جاهليّة وكفر وضلال ونفاق.
كما في صحيحة أبي العلاء ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من مات ليس له إمام مات ميتة جاهليّة»؟ قال : نعم ، إلى أن قال : من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة ، ميته كفر؟ فقال عليهالسلام : «لا ميتة ضلال» (٣).
وفي صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام : «والله يا محمّد! من أصبح من هذه الأمّة ، لا إمام له من الله عزوجل ، ظاهر عادل ، أصبح ضالّا تائها ، وإن مات على هذه الحالة ، مات ميتة كفر ونفاق» (٤).
وقد اشترط قبول العمل بولايتهم ، بحيث لا يقبل الله من أحد عملا قليلا كان أو كثيرا ، إلّا بعد قبول ولايتهم ؛ كما عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ، قال : «نحن والله الأسماء الحسنى ، الّتي لا يقبل الله من العباد
__________________
(١) الكافي ١ : ١٨٠ / ٣.
(٢) المحاسن ١ : ٢٥٤ / ٨٦ ؛ بحار الأنوار ٢٣ : ٧٨ / ٦.
(٣) المحاسن ١ : ٢٥٢ / ٨١ ؛ بحار الأنوار ٢٣ : ٧٦ / ٣.
(٤) المحاسن ١ : ١٧٦ / ٥٧ ؛ الكافي ١ : ١٨٣ / ٨ ؛ بحار الأنوار ٢٣ : ٨٦ / ٢٩.
عملا إلّا بمعرفتنا» (١).
كما أنّه جعل ثمن الجنّة معرفتهم ؛ لما ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لعليّ : «ثلاث أقسم أنهنّ حقّ : ... لا يدخل الجنّة إلّا من عرفكم ...» (٢).
ولو كان لأحد من الأعمال ما بلغ ، ولم يكن مواليا لهم ، لم يشمّ رائحة الجنّة.
وهو ما نقله الخوارزمي في مناقبه عن عليّ عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّه قال : «يا عليّ ، لو أنّ عبدا عبد الله مثل ما قام نوح في قومه ، وكان له مثل أحد ذهبا ، فأنفقه في سبيل الله ، ومدّ في عمره حتّى حجّ ألف عالم على قدميه ، ثمّ قتل بين الصفا والمروة مظلوما ، ثمّ لم يوالك يا عليّ ، لم يشمّ رائحة الجنّة ، ولم يدخلها» (٣).
وكفى في فضلهم أنّ إجابة دعاء الأنبياء وكشف كربهم ، كانت بالتوسّل إليهم.
ففي رواية الصدوق ، عن النقّاش ، عن ابن عقدة ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن أبيه ، عن الرضا عليهالسلام ، قال : «لمّا أشرف نوح عليهالسلام على الغرق ، دعا الله بحقّنا ، فدفع الله عنه الغرق ، ولمّا رمي إبراهيم عليهالسلام في النار ، دعا الله بحقّنا ، فجعل الله النار عليه بردا وسلاما ، وإنّ موسى عليهالسلام لمّا ضرب طريقا في البحر ، دعا الله بحقّنا ، فجعله يبسا ، وإنّ عيسى عليهالسلام لمّا أراد اليهود قتله ، دعا الله بحقّنا ، فنجّي من القتل ، فرفعه إليه» (٤).
وما خفي عنهم علم السماوات والأرض ، ولم يعزب عنهم شيء من أخبار
__________________
(١) الكافي ١ : ١٤٣ / ٤.
(٢) بحار الأنوار ٢٣ : ٩٩ / ٢.
(٣) المناقب : ٢٨ ؛ بحار الأنوار ٢٧ : ١٩٤ / ٥٣.
(٤) بحار الأنوار ٢٦ : ٣٢٥ / ٧.
الإنس والجنّ ، كما ورد فيما سأل يحيى بن أكثم ، عن أبا الحسن العالم عليهالسلام ، عن قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ)(١) فقال عليهالسلام : «... ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ، ولا تستقصى» (٢).
عن أبي جعفر عليهالسلام ، أنّه قال : «أترون أنّ الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض؟!» (٣).
وورد في توقيع مولانا الحجّة أرواحنا لتراب مقدمه الفداء : «فإنّا يحيط علمنا بأنبائكم ، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم» (٤).
حيث كانت قلوبهم أوعية لمشية الله ، كما ورد عنه عجّل الله تعالى فرجه الشريف : «قلوبنا أوعية لمشيّة الله ، فإذا شاء الله شئنا» (٥).
وإرادة الربّ فيما يتعلّق بالوجود تهبط إليهم ، وتصدر من بيوتهم ؛ بحيث لا ينفّس الهمّ ، ولا يكشف الضرّ من أحد إلّا بهم ، ولا تنزل رحمة من السماء ، ولا يغفر لعبد إلّا بهم ، كما نقرأ في زيارة الجامعة المنقولة عن مولانا الهادي عليهالسلام : «بكم فتح الله ، وبكم يختم ، وبكم ينزّل الغيث ، وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، وبكم ينفّس الهمّ ، ويكشف الضرّ ... وأشرقت الأرض بنوركم ، وفاز الفائزون بولايتكم ، بكم يسلك إلى الرضوان ، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن ... وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ، إنّ بيني وبين الله عزوجل
__________________
(١) لقمان ٣١ : ٢٧.
(٢) مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٤٠٠ ؛ تحف العقول : ٤٧٧ و ٤٧٩ ؛ الإحتجاج ٢ : ٤٩٩.
(٣) الكافي ١ : ٢٦١ / ٤.
(٤) الإحتجاج ٢ : ٥٩٨ ؛ بحار الأنوار ٥٣ : ١٧٥ / ٧.
(٥) الغيبة للطوسي : ٢٤٧ ؛ الخرائج والجرائح ١ : ٤٥٩.
ذنوبا ، لا يأتي عليها إلّا رضاكم (١).
بكم فتح الله ، وبكم يختم ، وبكم يمحو ما يشاء ، وبكم يثبت ، ... وبكم تنبت الأرض أشجارها ، وبكم تخرج الأشجار ثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها ، وبكم يكشف الله الكرب ... وإرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليكم ، وتصدر من بيوتكم» (٢).
وختاما نشير الى بعض ما وصل إلينا من أقوال العلماء الكرام والفقهاء العظام في مقام الأئمّة عليهمالسلام :
قال آية الحقّ ، الشيخ الأعظم الأنصاري رحمهالله : ما يستفاد من الأدلّة الأربعة بعد التتبّع والتأمّل ، أنّ للإمام سلطنة مطلقة على الرعيّة من قبل الله تعالى ، وأنّ تصرّفهم نافذ على الرعيّة ، ماض مطلقا» (٣).
قال العلّامة الفقيه ، الفيلسوف ، العارف ، الشيخ محمّد حسين الإصفهاني رحمهالله : لهم الولاية المعنويّة ، والسلطنة الباطنيّة ، على جميع الأمور التكوينيّة والتشريعيّة ، فكما أنّهم مجارى الفيوضات التكوينيّة ، كذلك مجارى الفيوضات التشريعيّة ، فهم وسايط التكوين والتشريع ... الّتي هي لازم ذاتهم النوريّة ، نظير ولايته تعالى (٤).
قال المحقّق الفقيه الآخوند الخراساني رحمهالله : يجب تحصيل العلم في بعض الإعتقادات ، كمعرفة الواجب تعالى وصفاته ، أداء لشكر بعض نعمائه ، وآلائه ،
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٥٩٦ ؛ بحار الأنوار ٩٩ : ١٣١.
قال العلّامة المجلسي رحمهالله : إنّما بسطت الكلام في شرح تلك الزيارة قليلا ، وإن لم أستوف حقّها حذرا من الإطالة ؛ لأنّها أصحّ الزيارات سندا ، وأعمّها موردا ، وأفصحها لفظا ، وأبلغها معنى ، وأعلاها شأنا.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٦١٥.
(٣) المكاسب : ١٥٣ ؛ (الطبعة القديمة).
(٤) حاشية الإصفهاني على المكاسب : ٢١٢.
ومعرفة أنبيائه ؛ فإنّهم وسائط نعمه ، وآلائه ؛ بل كذا معرفة الإمام على وجه صحيح ، فالعقل يستقلّ بوجوب معرفة النبيّ ووصيّه لذلك (١).
وقال المحقّق الفقيه العارف الشيخ محمّد رضا القمشه اى رحمهالله : فالحقيقة المحمّدية هي الّتي تجلّت في صورة العالم ، والعالم من الذرّة إلى الذرّة ، ظهورها وتجلّيها (٢).
__________________
(١) الكفاية ١ : ١٥٤ ، (الطبعة القديمة).
(٢) مصباح الهداية والولاية : ١٢٢.
ترجمة المؤلّف
نسبه الشريف
هو السيّد هاشم بن سليمان بن إسماعيل بن عبد الجواد بن عليّ بن سليمان بن السيّد ناصر الحسيني البحراني التوبلي الكتكاني (١).
نسبته
الكتكاني : نسبة إلى كتكان ـ بفتح الكافين والتاء المثنّاة الفوقانية ـ قرية من قرى توبلي.
التوبلي : نسبة إلى توبلي ـ بالتاء المثنّاة الفوقانية ثمّ الواو الساكنة ثمّ الباء
__________________
(١) انظر ترجمته في : أمل الآمل ٢ : ٣٤١ ؛ رياض العلماء ٥ : ٢٩٨ ؛ روضات الجنّات ٨ : ١٨١ ؛ أنوار البدرين : ١٣٦ ؛ لؤلؤة البحرين : ٦٣ ؛ مستدرك الوسائل ٣ : ٣٨٩ ؛ ريحانة الأدب ١ : ٢٣٣ ؛ الفوائد الرضوية : ٧٠٥ ؛ نجوم السّماء ١ : ١٥٤ ؛ الإجازة الكبيرة للسيّد الجزائري : ٣٦ ؛ الذريعة : في مواضع مختلفة ستأتي في بيان مؤلّفاته ؛ مصفّي المقال : ٤٨٩ ؛ الكنى والألقاب ٣ : ١٠٧ ؛ سفينة البحار ٢ : ٧١٧ ؛ ايضاح المكنون : في مواضع مختلفة ستأتي في بيان مؤلّفاته ؛ هدية العارفين ٢ : ٥٠٣ ؛ أعلام الزركلي ٨ : ٦٦ ؛ معجم المؤلّفين ١٣ : ١٣٢.
الموحّدة ثمّ اللّام والياء أخيرا ـ أحد أعمال البحرين.
حياته وسيرته
لقد أحجمت المصادر التي ترجمت للسيّد هاشم البحراني رحمهالله عن ذكر تفاصيل حياته وسيرته ، وكلّ ما استطعنا أن نقف عليه منها أنّه ولد في كتكان ، إحدى قرى البحرين ، في النصف الأوّل من القرن الحادي عشر الهجري ، وممّا ذكره الأفندي في (رياض العلماء) (١) يتّضح أنّ السيّد رحمهالله رحل إلى النجف الأشرف ، وأقام بها فترة من الزمن ، روى خلالها عن الشيخ فخر الدين الطريحي ابن محمّد عليّ بن أحمد النجفي ، المتوفّى سنة ١٠٨٥ ه ، ويبدو ممّا ذكره السيّد هاشم البحراني في خاتمة تفسير البرهان أنّه سافر إلى إيران ، وزار المشهد الرضوي المقدّس ، وروى هناك عن السيّد عبد العظيم بن السيّد عبّاس الأستر آبادي ، وذكر ذلك صاحب الرياض أيضا (٢).
وكان السيّد رحمهالله يتمتّع بمكانة اجتماعية مرموقة في بلاده ، وله دور كبير في إدارة البلد وتنظيم الأمور الاجتماعية ، وكان يحظى باحترام سائر الطبقات ، وكانوا ينفّذون أوامره ونواهيه ، يقول الشيخ يوسف البحراني : وانتهت رئاسة البلد بعد الشيخ محمّد بن ماجد (٣) إلى السيّد ، فقام بالقضاء في البلاد ، وتولّى الأمور الحسبيّة أحسن قيام ، وقمع أيدي الظلمة والحكّام ، ونشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبالغ في ذلك وأكثر ، ولم تأخذه لومة لائم في الدين ، وكان من
__________________
(١) رياض العلماء ٥ : ٣٠٤.
(٢) رياض العلماء ٣ : ١٤٦.
(٣) هو الشيخ محمّد بن ماجد البحراني الماحوزي البلادي ، المتوفّى سنة ١١٠٥ ه.
الأتقياء المتورّعين ، شديدا على الملوك والسلاطين (١).
وكان رحمهالله مثالا للزّهد والورع والتّقى ، ولا يتوانى عن قول الحقّ والإرشاد إلى التعاليم الدينية ، ومهابا من قبل الحكّام وذوي السلطة والسيطرة.
وفوق كلّ هذا ، لقد بلغ البحراني رحمهالله غاية قصوى في المنزلة العلمية ، حيث ذاع صيته في بلده وفي بعض البلدان الأخرى ، وكان يرجع إليه المؤمنون في التقليد والمسائل الدينية ، ويستجيزه العلماء الذين يريدون اتّصال أسانيدهم في الرواية إلى الأئمّة المعصومين عليهمالسلام.
مشايخه
١ ـ السيّد عبد العظيم بن السيّد عبّاس الأستر آبادي ، قال صاحب الرياض في ترجمته : كان من أجلّة تلاميذ الشيخ البهائي ، ويروي عنه السيّد هاشم بن سليمان البحراني ، المعروف بالعلّامة ، إجازة بالمشهد المقدّس الرضوي ، كما نصّ عليه في آخر كتاب تفسيره الموسوم ب ـ (الهادي ومصباح النادي) وقال في وصفه : السيّد الفاضل التقيّ والسند الزكيّ (٢).
وقال السيّد هاشم البحراني في خاتمة تفسير البرهان عند ذكره الطريق إلى المشايخ : أخبرني بالإجازة عدّة من أصحابنا منهم السيّد الفاضل التقيّ الزكي السيّد عبد العظيم بن السيّد عبّاس بالمشهد الشريف الرضوي.
٢ ـ الشيخ فخر الدين الطريحي (٣) بن محمّد عليّ بن أحمد النجفي ،
__________________
(١) لؤلؤة البحرين : ٦٣.
(٢) رياض العلماء ٣ : ١٤٦.
(٣) راجع «ماضي النجف وحاضرها» للعلّامة الشيخ جعفر باقر آل محبوبة ٢ : ٤٢٧ ففيه تفصيل نافع عن آل الطريحي.
المحدّث الفقيه اللغوي ، المتوفّى سنة ١٠٨٥ ه ، قال صاحب الرياض : ويروي السيّد هاشم هذا عن الشيخ الرماحي الساكن في النجف ، قال في (مدينة المعاجز) : أدركته بالنجف ولي منه أجازة (١).
تلامذته
١ ـ الشيخ أبو الحسن شمس الدين سليمان الماحوزي ، المعروف بالمحقّق البحراني (٢) ، ولد ليلة النصف من شهر رمضان سنة ١٠٧٥ ه ، وتوفّي في اليوم السابع عشر من رجب سنة ١١٢١ ه ، عن عمر يقرب من خمسين سنة.
وذكر الشيخ عليّ البلادي البحراني : أنّه قال في بعض فوائده : دخلت على شيخنا العلّامة السيّد هاشم التولي زائرا مع والدي ، فلمّا قمنا معه لنودّعه وصافحته لزم يدي وعصرها ، وقال لي : لا تفتر عن الاشتغال ، فإنّ هذه البلاد عن قريب ستحتاج إليك.
قال البلادي : وصدق ـ رحمهالله ـ فإنّه بعد برهة قليلة توفّي ذلك السيّد ، وانتقلت الرئاسة الدينيّة إليه ـ أفاض الله شابيب رحمته ورضوانه عليه ـ (٣).
٢ ـ الشيخ عليّ بن عبد الله بن راشد المقابي البحراني ، المستنسخ لكتب استاذه ، منها : (حلية النظر) و (حلية الأبرار) ، استنسخهما سنة ١٠٩٩ ه ، والنسختان بخطّه موجودتان في الرضوية (٤).
٣ ـ الشيخ محمّد بن الحسن بن عليّ ، المشهور بالحرّ العاملي ، المحدّث
__________________
(١) رياض العلماء ٥ : ٣٠٤.
(٢) له ترجمة في لؤلؤة البحرين : ٧ ـ ١٢.
(٣) أنوار البدين : ١٣٩.
(٤) الذريعة ٧ : ٧٩ و : ٨٥.
الفقيه الجليل ، صاحب (تفصيل وسائل الشيعة) ، المتوفّى سنة ١١٠٤ ه.
قال في (أمل الآمل) في ترجمة السيّد هاشم البحراني : رأيته ورويت عنه (١).
٤ ـ السيّد محمّد العطّار بن السيّد عليّ البغدادي ، الأديب الشاعر ، المتوفّى سنة ١١٧١ ه.
قال الشيخ محمّد حرز الدين : قرأ على علماء عصره ، منهم السيّد هاشم ابن السيّد سليمان البحراني (٢).
٥ ـ الشيخ محمود بن عبد السّلام المعني البحراني ، كان حيّا في سنة ١١٢٨ ه ، وأجاز في تلك السنة الشيخ عبد الله السماهيجي المتوفّى سنة ١١٣٥ ه.
قال البلادي : هذا الشيخ يروي عن جملة من المشايخ العظام كالسيّد هاشم التوبلي ، والشيخ الحرّ العاملي (٣).
٦ ـ الشيخ هيكل الجزائري بن عبد عليّ الأسدي ، أجازه السيّد البحراني على نسخة من كتاب (الاستبصار) في تاسع ربيع الأوّل سنة ١١٠٠ ه ، وعبّر عنه بالشيخ الفاضل ، العالم ، الكامل ، البهيّ ، الوفيّ (٤).
اهتمامه بالحديث
وظّف السيّد البحراني كلّ الامكانات المتاحة لديه إلى إحياء الأحاديث المرويّة عن الأئمّة الهداة عليهمالسلام ، وكان الحديث هو الصفة الغالبة لكافّة الأغراض
__________________
(١) أمل الآمل ٢ : ٣٤١.
(٢) معارف الرجال ٢ : ٣٣٠.
(٣) الكواكب المنتثرة : ٢٣٣ ؛ أنوار البدرين : ١٤٨ ؛ روضات الجنّات ٨ : ١٨٣.
(٤) تراجم الرجال : ٢٤٢.
العلمية التي طرقها ، كالتفسير والفقه والعقائد والأخلاق وغيرها ، بل تكاد مؤلّفاته لا تخرج عن نطاق الحديث والرواية.
وشدّة اهتمام السيّد هاشم البحراني بالحديث والرواية لفتت أنظار البعض من العلماء فراحوا يبيّنون الأسباب ، يقول الشيخ يوسف البحراني : وقد صنّف كتبا عديدة تشهد بشدّة تتبّعه واطّلاعه ، إلّا أنّي لم أقف له على كتاب فتاوى في الأحكام الشرعيّة بالكلّية ، ولو في مسألة جزئية ، وإنّ ما كتبه مجرّد جمع وتأليف ، لم يتكلّم في شيء منها ممّا وقفت عليه على ترجيح في الأقوال ، أو بحث أو اختيار مذهب وقول في ذلك المجال ، ولا أدري أنّ ذلك لقصور درجته عن مرتبة النظر والاستدلال أم تورّعا عن ذلك ، كما نقل عن السيّد الزاهد العابد رضي الدين بن طاوس (١). وانتهت رئاسة البلد بعد الشيخ محمّد بن ماجد إلى السيّد ، فقام بالقضاء في البلاد ، وتولّى الأمور الحسبية أحسن قيام (٢).
وربّما يفهم من هذا القول قدح في مقامه العلمي ، ولهذا قال السيّد محسن الأمين العاملي في ردّه على هذا القول : مع أنّه قال كما سمعت : انتهت رئاسة البلد إليه فقام بالقضاء في البلاء أحسن قيام. وكيف يقوم بالقضاء أحسن قيام من كانت درجته قاصرة عن مرتبة النظر ، وستعرف أنّ له كتاب (التبيان) (٣) في جميع الفقه الاستدلالي ، فكأنّ صاحب اللؤلؤة لم يطّلع عليه (٤).
__________________
(١) هو السيّد عليّ بن موسى بن جعفر ، رضي الدين ، المعروف بابن طاوس ، المتوفّى سنة ٦٦٤ ه.
(٢) لؤلؤة البحرين : ٦٣.
(٣) مراده (التنبيهات في تمام الفقه من الطهارة إلى الديّات) قاله الأفندي في رياض العلماء ٥ : ٣٠٠ ، وانظر الذريعة ٤ : ٤٥١.
(٤) أعيان الشيعة ١٠ : ٢٤٩.