بقي أمور مهمة لا بأس بالاشارة اليها : الاول : إنه إنما تجري أصالة البراءة شرعا وعقلا فيما لم يكن هناك أصل موضوعي مطلقا ولو كان موافقا لها ، فإنه معه لا مجال لها أصلا ، لوروده عليها كما يأتي تحقيقه (١)
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان الاصل تارة يكون حكميا لا غير من دون الشك في الموضوع ، كما لو شك ـ مثلا ـ في حرمة شيء واباحته من ناحية نسخ الحكم الثابت له أو لا فيجري الاصل الحكمي وهو الاستصحاب للحكم الاولي سواء كان حرمة او حلية ، ولا مجرى معه للبراءة ، وهل تقدم الاستصحاب الحكمي على اصل البراءة لانه حاكم عليه او لوروده عليه او لغير ذلك ككونه توقيفا؟ ... يأتي بيانه ان شاء الله تعالى في مسألة تعارض الاصول.
واخرى : يكون الاصل الجاري موضوعيا كما لو شك في حرمة شيء وحليته من ناحية الشك فيما هو الموضوع لهما كالخمرية والخليّة ، وكان معلوم الحالة السابقة بان كان متيقن الخمرية أو الخليّة سابقا ، ومع جريان الاصل في الموضوع لا مجال لجريان الاصل في نفس الحكم ، بل الحكم يترتب على الموضوع الذي يجري فيه لاستصحاب ، لوضوح ان نسبة الموضوع الى حكمه نسبة السبب الى مسببه ، والاصل في السبب اما حاكم على الاصل في المسبب او وارد عليه ، بل حتى لو قلنا بعدم تقدّم الاصل السببي على المسببي لا بد من تقديم الاصل الموضوعي ، لان الحكم بالنسبة اليه نسبة العارض الى معروضه ، والغاية من جريان الاصل في المعروض لحوق عارضة به ، والّا يسقط الاصل في الموضوعات من رأس ، وان لم يكن هناك اصل جار في الحكم لان البناء على تحقق الموضوع تعبدا ان لم يكن بلحاظ ثبوت حكمة وترتبه عليه لا وجه لجريانه ، لوضوح لغوية التعبد بالموضوع حيث لا يلحقه الحكم وسيأتي ايضا بيانه في مبحث الاستصحاب ان شاء الله تعالى ، ويظهر من المصنف انه يرى وروده عليه.