«صاغ» أيضا ، ولا يقال بأن التصرف في هيئة «صائغ» ، حتى يشكل بأن هذه الهيئة محفوظة في هيئة «ضارب» أيضا ، بل التصرف في مدلول جملة «زيد صائغ» فإن مدلولها الجري والهوهوية ، وبقرينة أن الصياغة خارجا تكون حرفة ، وحيث أن هناك من الصاغة من لم يمارسها فعلا ، فتحمل الهوهوية على الهوهوية الاقتضائية لا الهوهوية الفعلية.
ولكن معنى هذا أن التوسعة منوطة بالجملة لا بالكلمة ، فكلمة «صائغ» حالها حال كلمة «ضارب» ، والتوسعة جاءت ببركة جملة «زيد صائغ» ، مع أن هذا خلاف الوجدان ، فهو قاض بأن كلمة صائغ بنفسها مفردة ، مفهومها أوسع من مفهوم ضارب أو قاتل ، فإن هذه الكلمة من دون إجرائها على ذات ومن دون إيقاعها محمولة ، يتبادر منها معنى واسعا قابلا للانطباق على المتلبس والمنقضي عنه المبدأ.
الوجه الخامس :
أن يقال بعدم التصرف في مدلول المادة والهيئة والجملة ، وإنما التصرف بأمر خارجي ، وذلك بأن العرف يعمل عناية ارتكازية ، بحيث أن الصياغة مستمرة ، فهو يلغي الفترات الفاصلة بين أوقات الصياغة ، ويرى أن الصياغة فعلية حكما ، وحينئذ ، هذا الإنسان الذي لا يصوغ فعلا ، ينزّل منزلة الصائغ الفعلي ، وينطبق عليه هذا العنوان.
ولكن إذا صحّت هذه العناية العرفية الارتكازية ، إذن لصدق عرفا أن نقول عن زيد المتلبس بالصلاة فعلا أنه متلبس بالصياغة فعلا ، مع أن هذا غير صحيح ، وبهذا تبطل عرفية هذه العناية.
وإذا بطلت هذه الوجوه الأربعة يتعين الوجه الأول ، وهو المدّعى للقائل بالأعم ، وهو أن هيئة صائغ موضوعة للأعم من المتلبس والمنقضي عنه المبدأ.