الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

٧٦ ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) :

(جَنَّاتُ عَدْنٍ) بيان للدرجات وبدل منها. والعدن : الإقامة.

(مَنْ تَزَكَّى) من تطهر من الكفر والمعاصي.

٧٧ ـ (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) :

(فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً) فاجعل لهم طريقا.

(يَبَساً) مصدر وصف به.

(لا تَخافُ) حال من الضمير فى قوله (فَاضْرِبْ).

(دَرَكاً) إدراكا.

٧٨ ـ (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) :

(ما غَشِيَهُمْ) أي ما أغرقهم.

٧٩ ـ (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) :

(وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ) حيث قادهم إلى ما فيه حتفهم.

(وَما هَدى) أي وما هداهم الى خير.

٨٠ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) :

(يا بَنِي إِسْرائِيلَ) خطاب لهم بعد إنجائهم من البحر وإهلاك آل فرعون.

(وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) فى التيه.

٨١ ـ (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) :

(وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) أي ولا تحملنكم العاقبة أن تعصوا. والطغيان : التجاوز الى ما لا يجوز.

٣٠١

(فَقَدْ هَوى) فقد هلك.

٨٢ ـ (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) :

(ثُمَّ اهْتَدى) أي استقام وثبت على الهدى ، وهو التوبة والإيمان والعمل الصالح.

٨٣ ـ (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى) :

أي : أي شىء عجل بك عنهم ، وكان قد مضى مع النقباء إلى الطور على الموعد المضروب ، ثم تقدمهم شوقا الى كلام ربه ، وتنجز ما وعد به.

٨٤ ـ (قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) :

(عَلى أَثَرِي) أي بالقرب منى ينتظرون عودتى إليهم.

(لِتَرْضى) لأكون أقرب إلى رضاك.

٨٥ ـ (قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) :

(قالَ) الضمير لله تعالى.

(فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ) أخبر تعالى عن الفتنة المترقبة بلفظ الموجودة الكامنة ، أو أن السامري انتهز غيبته فعزم على إضلالهم وأخذ فى تدبير ذلك. فكان بدء الفتنة موجودا.

والفتنة : الاختبار بخلق العجل وحملهم السامري على عبادته.

(وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) السامري نسبة الى قبيلة من بنى إسرائيل يقال لها : السامرة.

وقرئ : وأضلّهم ، أي أشدهم ضلالا. وكان السامري منافقا.

٨٦ ـ (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) :

٣٠٢

(أَسِفاً) شديد الغضب.

(الْعَهْدُ) الأمان. يريد مدة مفارقته لهم.

(فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) بعبادتكم العجل.

٨٧ ـ (قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ) :

(ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا) أي ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا أمرنا ، ولو ملكنا أمرنا وخلينا وشأننا لما أخلفناه.

(وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) أي حملنا أحمالا من حلى القبط التي استعرناها منهم.

(فَقَذَفْناها) فى نار السامري التي أوقدها فى الحفرة وأمرنا أن نطرح الحلي فيها.

(فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ) أي أراهم أنه يلقى حليا فى يده مثل ما ألقوا ، وانما ألقى التربة التي أخذها من موطئ فرس جبريل.

٨٨ ـ (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) :

(فَأَخْرَجَ لَهُمْ) السامري من الحفرة.

(عِجْلاً جَسَداً) من الحلي التي سبكتها النار.

(لَهُ خُوارٌ) يخور كما يخور العجل.

(فَنَسِيَ) أي فنسى موسى أن يطلبه هاهنا وذهب يطلبه عند الطور.

أو فنسى السامري وترك ما كان عليه من الإيمان الظاهر.

٨٩ ـ (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) :

(أَفَلا يَرَوْنَ) أي يعتبرون ويتفكرون.

٣٠٣

(أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) أي لا يكلمهم.

وقرئ بالرفع ، على (أن) مخففة من الثقيلة ، كما قرئ بالنصب على أنها الناصبة للأفعال.

٩٠ ـ (وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي) :

(مِنْ قَبْلُ) أي من قبل أن يقول لهم السامري ما قال.

(إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) أي بالعجل حين استحسنتموه فأضللتم.

٩١ ـ (قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) :

(لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ) أي لن نزال مقيمين على عبادته.

٩٢ ـ (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) :

(ضَلُّوا) أي أخطئوا الطريق وكفروا.

٩٣ ـ (أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) :

(أَلَّا تَتَّبِعَنِ) لا ، مزيدة ، أي : ما منعك أن تتبعنى فى الغضب لله وشدة الزجر عن الكفر والمعاصي ، أو ما لك لم تلحقنى.

(أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) يعنى أمره إليه (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) :

٩٤ ـ (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) :

(وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) ولم تعمل بوصيتي فى حفظهم ، أو لم تنتظر عهدى وقدومى.

٩٥ ـ (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ) :

(فَما خَطْبُكَ) فما أمرك وشأنك.

٣٠٤

٩٦ ـ (قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) :

(بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أي علمت ما لم يعلموه ، وفطنت الى ما لم يفطنوه.

(قَبْضَةً) المرة من القبض.

(مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) أي من أثر فرس الرسول ، يعنى جبريل عليه‌السلام.

(فَنَبَذْتُها) فطرحتها فى العجل.

(سَوَّلَتْ) زينت.

٩٧ ـ (قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) :

(قالَ) القائل موسى.

(فَاذْهَبْ) أي من بيننا. والمخاطب السامري.

(لا مِساسَ) علم للمس ، أي لا أمس شيئا ولا يمسنى شىء طول الحياة ، يعنى أن موسى نفاه عن قومه وأمر بنى إسرائيل ألا يخالطوه ولا يقربوه عقوبة له ، وهكذا جعل موسى عقوبة السامري ألا يماس الناس ولا يماسوه.

(وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ) يعنى يوم القيامة. أي ان لك وعدا لعذابك لن يخلف الله موعده.

(الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ) أي دمت عليه وأقمت.

(عاكِفاً) ملازما.

(لَنُحَرِّقَنَّهُ) لنبردنّه ونحك بعضه ببعض.

(ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ) ثم لنطيرنه. والنسف : نقض الشيء لتذهب به الريح ، وهو التذرية.

٣٠٥

٩٨ ـ (إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) :

(وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) أي وسع علمه كل شىء.

٩٩ ـ (كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) :

(كَذلِكَ) الكاف فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، أي كما قصصنا عليك خبر موسى كذلك نقص عليك.

(ذِكْراً) يعنى القرآن الكريم.

١٠٠ ـ (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً) :

(مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) أي عن ذكرى. وتوحيد الضمير حملا على اللفظ.

(وِزْراً) أي عقوبة ثقيلة باهظة ، سماها وزرا تشبيها فى ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يفدح الحامل وينقض ظهره.

١٠١ ـ (خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) :

(فِيهِ) أي فى ذلك الوزر.

(ساءَ) أي بئس.

١٠٢ ـ (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) :

(زُرْقاً) حال من المجرمين. والزرقة أبغض شىء من الألوان الى العرب.

١٠٣ ـ (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) :

(يَتَخافَتُونَ) يتسارون.

(إِنْ لَبِثْتُمْ) أي ما لبثتم ، يعنى فى الدنيا ، أي يقول بعضهم لبعض فى الموقف سرا ما لبثتم فى الدنيا الا عشرا.

(إِلَّا عَشْراً) أي عشر ليال.

٣٠٦

١٠٤ ـ (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) :

(أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً) أقربهم الى تصور شعورهم.

١٠٥ ـ (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) :

(يَنْسِفُها) يجعلها كالرمال.

١٠٦ ـ (فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً) :

(فَيَذَرُها) أي فيذر مقارها ومراكزها. أو الضمير للأرض وان لم يجر لها ذكر (قاعاً صَفْصَفاً) القاع : الأرض الملساء. والصفصف : المستوي.

١٠٧ ـ (لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) :

(وَلا أَمْتاً) أي نتوءا يسيرا.

١٠٨ ـ (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) :

(لا عِوَجَ لَهُ) أي لا يعوجّ له مدعو ، بل يستوون اليه من غير انحراف متبعين لصوته.

(وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ) أي خفضت الأصوات من شدة الفزع وخفتت.

(فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) وهو الركز الخفي.

١٠٩ ـ (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) :

(إِلَّا مَنْ) من ، فى موضع نصب على الاستثناء ، أي لا تنفع الشفاعة أحدا إلا شفاعة من أذن له الرحمن.

(وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) أي رضى قوله فى الشفاعة.

٣٠٧

١١٠ ـ (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) :

أي يعلم ما تقدمهم من الأحوال وما يستقبلونه ، ولا يحيطون بمعلوماته علما.

١١١ ـ (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) :

(وَعَنَتِ الْوُجُوهُ) ذلت وخشعت.

(وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) أي كل من ظلم فهو خائب خاسر.

١١٢ ـ (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) :

(ظُلْماً) الظلم : أن يأخذ من صاحبه فوق حقه.

(وَلا هَضْماً) : الهضم : أن يكسر من حق أخيه فلا يوفيه له.

١١٣ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) :

(وَكَذلِكَ) أي ومثل ذلك الإنزال ، وكما أنزلنا عليك هؤلاء الآيات المضمنة للوعيد.

(أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) أنزلنا القرآن كله على هذه الوتيرة.

(وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ) أي بينا ما فيه من التخويف والتهديد والعقاب.

(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي يخافون الله فيجتنبون معاصيه.

(أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) أي موعظة.

١١٤ ـ (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) :

(فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) استعظام له تعالى.

(وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ) يعلّم الله نبيه كيف يتلقى القرآن ، فكان عليه‌السلام يبادر جبريل فيقرأ قبل أن يفرغ جبريل من الوحى حرصا على الحفظ.

(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) أي فهما.

٣٠٨

١١٥ ـ (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) :

(وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ) وهو ألا يأكل من الشجرة.

(وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) صبرا.

١١٦ ـ (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) :

(وَإِذْ) منصوب بمضمر ، أي واذكر وقت.

١١٧ ـ (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) :

(فَلا يُخْرِجَنَّكُما) فلا يكونن سببا لإخراجكما.

(فَتَشْقى) أسند الى آدم وحده فعل الشقاء دون حواء بعد إشراكهما فى الخروج ، لأن فى ضمن شقاء الرجل شقاء أهله ، إذ هو قيمهم.

١١٨ ـ (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى) :

(فِيها) أي فى الجنة.

١١٩ ـ (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) :

(تَضْحى) أي تبرز للشمس فتجد حرها.

١٢٠ ـ (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) :

(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ) أي أنهى اليه الوسوسة.

١٢١ ـ (فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) :

(مِنْها) أي من شجرة الخلد.

(وَطَفِقا) أخذا وجعلا.

(يَخْصِفانِ عَلَيْهِما) أي يلزقان الورق بسوآتهما للتستر.

(فَغَوى) فضل سواء السبيل.

٣٠٩

١٢٢ ـ (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) :

(ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ) ثم قبله بعد التوبة وقربه اليه.

(وَهَدى) أي وفقه لحفظ التوبة.

١٢٣ ـ (قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) :

(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) على لفظ الجماعة لأنهما أصل البشر ، فخوطبا مخاطبتهم.

(هُدىً) كتاب وشريعة.

١٢٤ ـ (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) :

(ضَنْكاً) وصف بالمصدر ، ويستوى فى الوصف به المذكر والمؤنث.

ومعيشة ضنكا ، أي عيشا ضيقا.

(أَعْمى) يتخبط فى أمره لا يهتدى لمخرج.

١٢٥ ـ (قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) :

(قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى) لا اهتدى لشىء.

(وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) فى الدنيا أملك أن اهتدى ، وفيه تحسر على ما فات وكأنه يتمنى أن لو رزق البصر بعد أن رأى العذاب واقع.

١٢٦ ـ (قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) :

(كَذلِكَ) أي مثل ذلك فعلت أنت.

(أَتَتْكَ آياتُنا) واضحة.

(فَنَسِيتَها) قبل أن تنظر إليها بعين المعتبر.

(وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) نتركك على عماك وإغماضك عينيك عن الهدى.

٣١٠

١٢٧ ـ (وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى) :

(مَنْ أَسْرَفَ) من جاوز الحد فى إغماضه عينيه عن الهدى واسترساله فى المعاصي.

(وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ) على إسرافه.

(أَشَدُّ) يفوق شدة إسرافه ، فكما غالى فى الإسراف سوف يغالى له فى العذاب.

(وَأَبْقى) أي إن إسرافه إلى زوال وعذابه إلى بقاء.

١٢٨ ـ (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) :

(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) أفلم يتبين لهم ، يعنى قريشا.

(يَمْشُونَ) الضمير لقريش.

(فِي مَساكِنِهِمْ) أي فى مساكن من أهلكنا ويعاينون آثار هلاكهم.

(لِأُولِي النُّهى) من لهم عقول يتدبرون بها.

١٢٩ ـ (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) :

(كَلِمَةٌ سَبَقَتْ) العدة بتأخير جزائهم الى الآخرة.

(لَكانَ لِزاماً) لكان مثل إهلاكنا من قبلهم لازما لهؤلاء الكفرة ، واللزام ، إما مصدر للفعل (لازم) وصف به. واما فعال بمعنى مفعل ، أي ملزم.

(وَأَجَلٌ مُسَمًّى) عطف على قوله (كَلِمَةٌ) أو على الضمير فى كان أي لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين لهم كما كانا لازمين لعاد وثمود ، ولم ينفرد الأجل المسمى دون الأخذ العاجل.

١٣٠ ـ (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى) :

٣١١

(بِحَمْدِ رَبِّكَ) فى موضع الحال ، أي وأنت حامد لربك على أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه.

والتسبيح ، على ظاهره ، أو المراد به الصلاة.

(لَعَلَّكَ تَرْضى) أي تطمئن نفسا بأن قد فعلت ما تنال به الرضا من ربك.

١٣١ ـ (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) :

(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) ولا تطيلن النظر.

(أَزْواجاً مِنْهُمْ) أصنافا من الكفرة.

(زَهْرَةَ) النصب على الاختصاص ، أو على تضمين (مَتَّعْنا) معنى : أعطينا وخولنا.

(لِنَفْتِنَهُمْ) لنبلوهم حتى يستوجبوا العذاب.

(وَرِزْقُ رَبِّكَ) ما ادخر له من ثواب الآخرة ، أو ما رزقه من نعمة الإسلام والنبوة.

(خَيْرٌ) منه فى نفسه.

(وَأَبْقى) وأدوم.

١٣٢ ـ (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) :

(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ) أي وأقبل أنت مع أهلك على عبادة الله والصلاة.

(وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) واستعينوا بها على خصاصتكم.

(لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) ولا تهتم بأمر الرزق والمعيشة ولا نسألك أن ترزق نفسك ولا أهلك.

(نَحْنُ نَرْزُقُكَ) فإن رزقك مكفى عندنا ونحن رازقوك.

(وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) ففرغ بالك لأمر الآخرة فالجنة لأهل التقوى.

٣١٢

١٣٣ ـ (وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) :

(وَقالُوا) يريد كفار مكة.

(لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ) أي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بآية ظاهرة.

(ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) يريد التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة.

١٣٤ ـ (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) :

(مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل بعثة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزول القرآن.

(لَقالُوا) أي يوم القيامة.

(لَوْ لا) أي هلا.

١٣٥ ـ (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) :

(كُلٌ) أي كل واحد منا ومنكم.

(مُتَرَبِّصٌ) للعاقبة ولما يؤول اليه أمرنا وأمركم.

(السَّوِيِ) المستقيم.

٣١٣

(٢١)

سورة الأنبياء

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) :

(لِلنَّاسِ) اللام ، صلة للفعل (اقْتَرَبَ) أو تأكيد لإضافة الحساب إليهم.

(مُعْرِضُونَ) عن التأهب للحساب.

٢ ـ (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) :

(مِنْ ذِكْرٍ) الطائفة النازلة من القرآن.

(وَهُمْ يَلْعَبُونَ) وهم يلهون.

٣ ـ (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) :

(لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) غافلة ذاهلة.

(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) أخفوا ما يتناجون به وما يتسارون.

(الَّذِينَ ظَلَمُوا) بدل من الواو فى (وَأَسَرُّوا).

(هَلْ هذا) فى محل النصب بدل من (النَّجْوَى) أي وأسروا هذا الحديث.

(أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ) أفتحضرون السحر.

(وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) وأنتم تشاهدون وتعاينون أنه سحر.

فلقد كانوا يعتقدون أن كل من ادعى الرسالة من البشر وجاء بالمعجزة فهو ساحر ومعجزته سحر ، فلذلك قالوا هذا على سبيل الإنكار.

٣١٤

٤ ـ (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) :

(يَعْلَمُ الْقَوْلَ) سره وجهره.

(فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أي لا يخفى عليه شىء فيهما وما كانت نجواهم لتغيب عن سمعه وعلمه.

٥ ـ (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) :

(أَضْغاثُ أَحْلامٍ) أخلاط كالأحلام المختلطة ، أي أهاويل رآها فى المنام.

(بَلِ افْتَراهُ) بل اختلقه ، لما رأوا أن الأمر ليس كما ادعوا أولا انتقلوا الى هذا الادعاء الثاني.

(كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) أي كما أرسل موسى بالعصا وغيرها من الآيات.

٦ ـ (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) :

أي إنهم ، أعنى من الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات ، وعاهدوا أنهم يؤمنون عندها ، فلما جاءتهم نكثوا وخالفوا ، فأهلكهم الله ، فلو أعطيناهم ما يقترحون لكانوا أنكث.

٧ ـ (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) :

(أَهْلَ الذِّكْرِ) أي أهل الكتاب كى يعلموهم أن رسل الله الموحى إليهم كانوا بشرا ولم يكونوا ملائكة كما اعتقدوا.

٨ ـ (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ) :

(لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) صفة لقوله (جَسَداً). والمعنى : وما جعلنا الأنبياء عليهم‌السلام قبله ذوى جسد غير طاعمين.

(وَما كانُوا خالِدِينَ) أي يموتون كما نموت.

٣١٥

٩ ـ (ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ) :

(ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ) يعنى الأنبياء.

(وَمَنْ نَشاءُ) أي الذين صدقوا الأنبياء.

(الْمُسْرِفِينَ) أي المشركين.

١٠ ـ (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) :

(فِيهِ ذِكْرُكُمْ) شرفكم وصيتكم ، أو موعظتكم.

١١ ـ (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ) :

(وَكَمْ قَصَمْنا) أي أهلكنا. والقصم : أفظع الكسر.

(مِنْ قَرْيَةٍ) أي أهل قرية.

١٢ ـ (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) :

(يَرْكُضُونَ) يخفّون هاربين من قريتهم لما رأوا بوادر العذاب.

١٣ ـ (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) :

(إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) من العيش الرافه والحال الناعمة.

(لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) تهكم بهم. أي لعلكم تسألون عما حل بكم.

١٤ ـ (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) :

اعترفوا بأنهم ظلموا حين لا ينفع الاعتراف.

١٥ ـ (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) :

(تِلْكَ) إشارة الى قولهم (يا وَيْلَنا).

(دَعْواهُمْ) أي دعوتهم.

(حَصِيداً) الحصيد : الزرع المحصود ، أي جعلناهم رمادا.

٣١٦

١٦ ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ) :

(لاعِبِينَ) أي عبثا وباطلا.

١٧ ـ (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) :

(مِنْ لَدُنَّا) أي من جهة قدرتنا.

(إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) تأكيد لانتفاء العبث عن أفعاله جل وعلا.

١٨ ـ (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) :

(بَلْ) إضراب عن اتخاذ اللهو واللعب وتنزيه منه لذاته.

(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ) أي ندحض الباطل بالحق.

(فَيَدْمَغُهُ) فيبطله ويمحقه.

(مِمَّا تَصِفُونَ) أي مما تصفونه به مما لا يجوز عليه وعلى حكمته.

١٩ ـ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) :

(وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) أي ولا يعيون.

٢٠ ـ (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) :

(لا يَفْتُرُونَ) أي لا يضيقون ولا يسأمون.

٢١ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ) :

(هُمْ يُنْشِرُونَ) أي يحيون الموتى. ينكر عليهم أن يكون آلهتهم التي اتخذوا من الأرض لها قدرة على الإحياء.

٢٢ ـ (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) :

(لَفَسَدَتا) أي الأرض والسماء.

(فَسُبْحانَ اللهِ) أن تنزه الله عن أن يكون له شريك فى ملكه.

(عَمَّا يَصِفُونَ) أي عما يصفونه به من الشركة.

٣١٧

٢٣ ـ (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) :

(وَهُمْ يُسْئَلُونَ) أي الأرباب الذين اتخذوهم آلهة ، أي هم مملوكون مستعبدون يحاسبون على ما فعلوا وهو فوقهم جميعا سائلهم ومحاسبهم على ما فعلوا.

٢٤ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) :

(قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أي وصفتم الله تعالى بأن له شركاء فهاتوا برهانكم على ذلك.

(هذا ذِكْرُ) أي الوحى الوارد فى معنى توحيد الله ونفى الشركاء عنه ، كما ورد علىّ ، فقد ورد على جميع الأنبياء ، فهو ذكر ، أي موعظة للذين معى ، يعنى أمته ، وذكر للذين من قبلى ، يريد أمم الأنبياء عليهم‌السلام.

(مُعْرِضُونَ) عن الحق.

٢٥ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) :

توكيد لما سبق من أن توحيد الله وتنزيهه عن الشركاء ، هو ما عليه الأنبياء جميعا فلا حجة لكم فاتجهوا بالعبادة لهذا الواحد الأحد.

٢٦ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) :

(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) يعنى من قالوا إن الملائكة بنات الله.

(مُكْرَمُونَ) مقربون.

٢٧ ـ (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) :

أي يتبعون قوله ولا يقولون شيئا حتى يقوله ، فلا يسبق قولهم قوله ، وعملهم كذلك مبنى على أمره.

٢٨ ـ (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) :

٣١٨

(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) أي جميع ما يأتون ويذرون ، مما قدموا وأخروا ، بعين الله.

(وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) ورعاية منهم للعبودية لا يسألون شفاعة الا لمن ارتضاه الله لأن يشفع له.

(وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) وهم مع هذا من خوف الله وجلون.

٢٩ ـ (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) :

(كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) أي كما نجزى من ادعى أنه إله النار كذلك نجزى الظالمين الواضعين الألوهية والعبادة فى غير موضعهما.

٣٠ ـ (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) :

(كانَتا رَتْقاً) على تقدير موصوف ، أي كانتا شيئا رتقا ، أي إن السماء كانت لاصقة بالأرض لافضاء بينهما.

(فَفَتَقْناهُما) ففصل ما بينهما.

٣١ ـ (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) :

(رَواسِيَ) جبالا ثابتة.

(أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) أي لئلا تميد بهم ، فحذف (لا) واللام ، أي لئلا تضطرب بهم.

(فِجاجاً) فى موضع الحال ، وفجاجا ، أي واسعة. وإذا تقدم الوصف على الموصوف وقع حالا.

(سُبُلاً) طرقا. أي إنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة. ولو تأخرت الصفة كما فى قوله تعالى (لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) لكان المراد أنه جعل فيها طرقا واسعة.

٣١٩

٣٢ ـ (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) :

(مَحْفُوظاً) من أن يقع ويسقط على الأرض.

(عَنْ آياتِها) أي عما وضع الله فيها من الأدلة والعبر.

٣٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) :

(كُلٌ) بالتنوين الذي هو عوض من المضاف اليه ، أي كلهم.

(فِي فَلَكٍ) أي فى مدار.

(يَسْبَحُونَ) الضمير للشمس والقمر ، والمراد بهما جنس الطوالع كل يوم وليلة ، جعلوها متكاثرة تكاثر مطالعها ، وهو السبب فى جمعهما بالشموس والأقمار.

٣٤ ـ (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) :

أي قضى الله أن لا يخلّد فى الدنيا بشرا ، فلا أنت ولا هم الا عرضة للموت ، وإذا كان الأمر كذلك أفإن مت أنت أيبقى هؤلاء؟ وهذا لأنهم كانوا يقدرون أنه سيموت فيشمتون بموته ، فنفى الله تعالى عنه الشماتة بهذه الآية.

٣٥ ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) :

(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أي إلى فناء.

(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ) أي نختبركم بما يجب فيه الصبر من البلايا ، وما يجب فيه الشكر من النعم.

(وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) وإلينا مرجعكم فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر أو الشكر.

٣٦ ـ (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) :

(إِنْ يَتَّخِذُونَكَ) ما يتخذونك.

٣٢٠