الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

(ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) أعجل ما تفعلون ، من غير انتظار ، فانى لا أبالى بكم وبكيدكم.

٥٦ ـ (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) :

(إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي انه على طريق الحق والعدل فى ملكه ، لا يفوته ظالم ولا يضيع عنده معتصم به.

٥٧ ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) :

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) فان تتولوا.

(وَيَسْتَخْلِفُ) كلام مستأنف ، يريد : ويهلككم الله ويجيء بقوم آخرين يخلفونكم فى دياركم وأموالكم.

وقرئ : (ويستخلف) بالجزم.

(وَلا تَضُرُّونَهُ) بتوليكم.

وقرئ : (ولا تضروه) عطفا على محل (فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ).

(شَيْئاً) من ضرر قط.

(عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) أي رقيب عليه مهيمن ، فما تخفى عليه أعمالكم.

٥٨ ـ (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) :

(بِرَحْمَةٍ مِنَّا) بسبب الايمان الذي أنعمنا عليهم بالتوفيق له.

٥٩ ـ (وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) :

(وَتِلْكَ عادٌ) إشارة الى قبورهم وآثارهم.

١٠١

(وَعَصَوْا رُسُلَهُ) لأنهم إذا عصوا رسولهم فقد عصوا جميع رسل الله.

(وَاتَّبَعُوا) أطاعوا.

(كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) يريد رؤساءهم وكبراءهم.

٦٠ ـ (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ) :

(بُعْداً) دعاء بالهلاك.

(قَوْمِ هُودٍ) عطف بيان لعاد.

٦١ ـ (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) :

(هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) لم ينشئكم فيها الا هو.

(وَاسْتَعْمَرَكُمْ) وأمركم بالعمارة.

(قَرِيبٌ) دانى الرحمة سهل المطلب.

(مُجِيبٌ) لمن دعاه وسأله.

٦٢ ـ (قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) :

(فِينا) فيما بيننا.

(مَرْجُوًّا) كانت تلوح فيك مخايل الخير وأمارات الرشد فكنا نرجوك لننتفع بك ، وتكون مشاورا فى الأمور ومسترشدا فى التدابير.

(يَعْبُدُ آباؤُنا) حكاية حال ماضية.

(مُرِيبٍ) يوقع فى الريبة ، وهى قلق النفس وانتفاء الطمأنينة باليقين.

١٠٢

٦٣ ـ (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) :

(فَما تَزِيدُونَنِي) إذن.

(غَيْرَ تَخْسِيرٍ) يعنى تخسرون أعمالى وتبطلونها.

٦٤ ـ (وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ قَرِيبٌ) :

(آيَةً) نصب على الحال قد عمل فيه ما دل عليه اسم الاشارة من معنى الفعل.

(لَكُمْ) حال متقدمة لقوله (آيَةً) لأنها لو تأخرت عنها لكانت صفة لها.

(عَذابٌ قَرِيبٌ) عاجل لا يستأخر.

٦٥ ـ (فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) :

(تَمَتَّعُوا) استمتعوا بالعيش.

(فِي دارِكُمْ) فى بلدكم.

(غَيْرُ مَكْذُوبٍ) غير مكذوب فيه.

٦٦ ـ (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) :

(وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) أي : ونجيناهم من خزى يومئذ.

٦٧ ـ (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) :

(الصَّيْحَةُ) صيحة من السماء.

(جاثِمِينَ) ساقطين على وجوههم.

٦٨ ـ (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) :

١٠٣

(بُعْداً) هلاكا.

٦٩ ـ (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) :

(رُسُلُنا) أي الملائكة.

(بِالْبُشْرى) بالبشارة بالولد.

(سَلاماً) سلمنا عليك سلاما.

(سَلامٌ) أمركم سلام.

(فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ) فما لبث فى المجيء به ، بل عجل فيه ، أو فما لبث مجيئه.

(حَنِيذٍ) مشوى بالحجارة المحماة.

٧٠ ـ (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) :

(نَكِرَهُمْ) استوحش منهم.

(وَأَوْجَسَ) أضمر.

٧١ ـ (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) :

(قائِمَةٌ) على رءوسهم تخدمهم.

(فَضَحِكَتْ) سرورا بزوال الخيفة ، أو بهلال أهل الخبائث.

٧٢ ـ (قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) :

(شَيْخاً) نصب بما دل عليه اسم الاشارة.

(عَجِيبٌ) أن يولد ولد من هرمين ، وهو استبعاد من حيث العادة التي أجراها الله تعالى.

١٠٤

٧٣ ـ (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) :

(رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ) أي ان هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة (ويخصكم بالانعام به) يا أهل بيت النبوة ، فليست بمكان عجب.

(حَمِيدٌ) فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده.

(مَجِيدٌ) كريم كثير الإحسان إليهم.

٧٤ ـ (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) :

(الرَّوْعُ) ما أوجس من الخيفة حين نكر أضيافه ، أي انه لما اطمأن قلبه بعد الخوف ، وملئ سرورا بسبب البشرى فرغ للمجادلة.

٧٥ ـ (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) :

(لَحَلِيمٌ) غير عجول على كل من أساء اليه.

(أَوَّاهٌ) كثير التأوه من الذنوب.

(مُنِيبٌ) تائب راجع الى الله بما يحب ويرضى.

٧٦ ـ (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) :

(يا إِبْراهِيمُ) على إرادة القول ، أي قالت له الملائكة :

(أَعْرِضْ عَنْ هذا) الجدال ، وان كانت الرحمة ديدنك ، فلا فائدة منه.

(إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) وهذا قضاؤه وحكمه الذي لا يصدر إلا عن صواب وحكمة.

(عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) والعذاب نازل بالقوم لا محالة ، لا مرد له بجدال ولا دعاء ولا غير ذلك.

١٠٥

٧٧ ـ (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ) :

(سِيءَ بِهِمْ) أي ساءه مجيئهم.

(وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) أي ضاق صدره بمجيئهم وكرهه.

(يَوْمٌ عَصِيبٌ) أي شديد فى الشر.

٧٨ ـ (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) :

(يُهْرَعُونَ) يسرعون.

(وَمِنْ قَبْلُ) أي ومن قبل مجىء الرسل.

(كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) أي كانت عادتهم إتيان الرجال.

(هؤُلاءِ بَناتِي) ابتداء وخبر.

(هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) ابتداء وخبر ، أي أزوجكموهن.

(فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) أي لا تهينونى ولا تذلونى.

(أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) أي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

٧٩ ـ (قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) :

(وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) إشارة الى الأضياف.

٨٠ ـ (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) :

(لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) أي أنصارا وأعوانا.

(أَوْ آوِي) أي ألجأ وأنصرف.

٨١ ـ (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) :

١٠٦

(لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) بمكروه.

(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) أي سر من أول الليل.

(بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) بطائفة من الليل.

(وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) أي لا ينظر وراءه منكم أحد ، أو لا يتخلف منكم أحد.

(إِلَّا امْرَأَتَكَ) بالنصب على الاستثناء.

(إِنَّهُ مُصِيبُها) من العذاب.

٨٢ ـ (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) :

(مِنْ سِجِّيلٍ) السجيل : الكثير الشديد.

(مَنْضُودٍ) متتابع.

٨٣ ـ (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) :

(مُسَوَّمَةً) معلمة ، نعت للحجارة.

(بِبَعِيدٍ) أي لم تكن تخطئهم.

٨٤ ـ (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) :

(إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) بثروة واسعة تغنيكم عن التطفيف. أو أراكم بنعمة من الله حقها أن تقابل بغير ما تفعلون.

(عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) مهلك.

٨٥ ـ (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) :

(وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) لا تنقصوهم مما استحقوا شيئا.

١٠٧

(وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) العثى فى الأرض ، نحو السرقة والغارة وقطع السبيل.

٨٦ ـ (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) :

(بَقِيَّتُ اللهِ) ما يبقى لكم من الحلال بعد التنزه عما هو حرام عليكم.

(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بشرط أن تؤمنوا.

٨٧ ـ (قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد) :

(أصلواتك) للسخرية والهزء.

٨٨ ـ (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) :

(وَرَزَقَنِي مِنْهُ) أي من لدنه.

(رِزْقاً حَسَناً) وهو ما رزقه من النبوة والحكمة.

(مَا اسْتَطَعْتُ) أي مدة استطاعتي للاصلاح.

(وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) وما كونى موفقا لاصابة الحق فيما آتى وأذر ، ووقوعه موافقا لرضا الله الا بمعونته وتأييده.

٨٩ ـ (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) :

(لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ) أي لا يكسبنكم شقاقى إصابة العذاب.

(وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) يعنى أنهم أهلكوا فى عهد قريب من عهدكم فهم أقرب الهالكين منكم.

١٠٨

٩٠ ـ (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) :

(رَحِيمٌ وَدُودٌ) عظيم الرحمة ، فاعل بهم ما يفعل البليغ المودة بمن يوده من الإحسان والإجمال.

٩١ ـ (قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) :

(ما نَفْقَهُ) ما نفهم.

(كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) لأنهم كانوا لا يلقون اليه أذهانهم رغبة عنه وكراهية له.

(فِينا ضَعِيفاً) لا قوة لك ولا عز فيما بيننا ، فلا تقدر على الامتناع منا ان أردنا بك مكروها.

(لَرَجَمْناكَ) لقتلناك شر قتلة.

(وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) أي لا تعز علينا ولا تكرم وانما يعز علينا رهطك ، لأنهم من أهل ديننا.

٩٢ ـ (قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) :

(أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) أي ان تهاونهم به تهاون بالله ، فحين عز عليهم رهطه دونه ، كان رهطه أعز عليهم من الله.

(وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) ونسيتموه وجعلتموه كالشيء المنبوذ وراء الظهر لا يعبأ به.

(والله بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) قد أحاط بأعمالكم علما ، فلا يخفى عليه شىء منها.

٩٣ ـ (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) :

(اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) أي اعملوا قارين على جهتكم التي أنتم عليها من الشرك والشنآن لى ، أو اعملوا متمكنين من عداوتى مصغين لها.

١٠٩

(إِنِّي عامِلٌ) على حسب ما يؤتينى الله من النصر أو التأييد ويمكننى.

(مَنْ يَأْتِيهِ) من استفهامية معلقة لفعل العلم عن عمله فيها كأنه قيل : أسوف تعلمون الشقي الذي يأتيه عذاب يخزيه والذي هو كاذب.

(وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) يعنى فى زعمكم ودعواكم ، تجهيلا لهم.

(وَارْتَقِبُوا) وانتظروا العاقبة وما أقول لكم.

(إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) منتظر.

٩٤ ـ (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) :

(الصَّيْحَةُ) صيحة السماء.

(جاثِمِينَ) هامدين.

٩٥ ـ (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) :

(كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا) كأن لم يقيموا فى ديارهم أحياء متصرفين مترددين.

(أَلا بُعْداً) ألا هلاكا. وقيل : بعدا لهم من الرحمة كما بعدت ثمود منها.

٩٦ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) :

(بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي آيات فيها سلطان مبين لموسى على صدق نبوته ، أو أن المراد بالسلطان المبين : العصا ، لأنها أبهرها.

٩٧ ـ (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) :

(وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) تجهيل لمتبعيه حيث شايعوه على أمره ، وهو ضلال مبين لا يخفى على من فيه أدنى مسكة من العقل ، أي وما أمر فرعون بصالح حميد العاقبة.

٩٨ ـ (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) :

١١٠

(يَقْدُمُ قَوْمَهُ) أي كيف يرشد أمر من هذه عاقبته.

(فَأَوْرَدَهُمُ) أي فيوردهم ، لأن الماضي يدل على أمر موجود مقطوع به ، أي يقدمهم فيوردهم النار لا محالة.

(الْوِرْدُ) المورود.

(الْمَوْرُودُ) الذي وردوه.

٩٩ ـ (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) :

(وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ) الدنيا.

(لَعْنَةً) أي يلعنون فى الدنيا.

(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) أي ويلعنون فى الآخرة.

(بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) أي بئس العطاء المعطى ، أو بئس العون المعان ، وهذا لأن اللعنة فى الدنيا رفد للعذاب ، وقد رفدت بالعذاب فى الآخرة.

١٠٠ ـ (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ) :

(ذلِكَ) مبتدأ.

(مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ) خبر بعد خبر ، أي ذلك النبأ بعض أنباء القرى المهلكة مقصوص عليك.

(مِنْها) الضمير للقرى.

(قائِمٌ) باق.

(وَحَصِيدٌ) عافى الأثر.

١٠١ ـ (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) :

(وَما ظَلَمْناهُمْ) باهلاكنا إياهم.

(وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بارتكابهم ما به أهلكوا.

١١١

(فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ) فما قدرت أن ترد عنهم بأس الله.

(الَّتِي يَدْعُونَ) التي يعبدون.

(لَمَّا) منصوب بقوله (فَما أَغْنَتْ).

(أَمْرُ رَبِّكَ) عذابه ونقمته.

(تَتْبِيبٍ) تخسير.

١٠٢ ـ (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) :

(وَكَذلِكَ) محل الكاف الرفع ، والتقدير : ومثل ذلك الأخذ أخذ ربك.

(وَهِيَ ظالِمَةٌ) حال من (الْقُرى).

(أَلِيمٌ شَدِيدٌ) وجيع صعب على المأخوذ.

١٠٣ ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) :

(ذلِكَ) إشارة الى ما قص الله من قصص الأمم الهالكة بذنوبهم.

(لَآيَةً لِمَنْ خافَ) لعبرة له.

(النَّاسُ) رفع باسم المفعول الذي هو (مَجْمُوعٌ).

(يَوْمٌ مَشْهُودٌ) أي يشهد فيه الخلائق الموقف لا يغيب عنه أحد. والمشهود : الذي كثر مشاهدوه.

١٠٤ ـ (وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) :

(إِلَّا لِأَجَلٍ) الأجل ، يطلق على مدة التأجيل كلها ، وعلى منتهاها. والعد انما هو للمدة لا لغايتها ومنتهاها ، والمعنى : الا لانتهاء مدة معدودة ، بحذف المضاف.

١٠٥ ـ (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) :

١١٢

(يَوْمَ يَأْتِ) حذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة كثير فى لغة هذيل. والفاعل الله عزوجل. ويجوز أن يكون الفاعل ضمير اليوم.

وانتصاب الظرف (يَوْمَ) بإضمار (اذكر) أو بقوله (لا تَكَلَّمُ) واما بالانتهاء المحذوف فى قوله (إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) أي ينتهى الأجل يوم يأتى.

(فَمِنْهُمْ) الضمير لأهل الموقف ، ولم يذكروا لأن ذلك معلوم ، ولأن قوله (لا تَكَلَّمُ) يدل عليه.

(شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) الشقي : الذي وجبت له النار لإساءته. والسعيد : الذي وجبت له الجنة لإحسانه.

١٠٦ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) :

(زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) الزفير : إخراج النفس ، والشهيق : رده.

١٠٧ ـ (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) :

(ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) أي سماوات الآخرة وأرضها ، فهى دائمة مخلوقة للأبد. أو أن المراد التأبيد ونفى الانقطاع.

(إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) استثناء من الخلود فى عذاب النار ، فمن أهل النار من يبقون فيها الى حين.

(فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) يفعل بأهل النار ما يريد من العذاب.

١٠٨ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) :

(إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) فان من أهل الجنة من يرقى الى ما هو أجل موقعا ، وهو رضوان الله.

(غَيْرَ مَجْذُوذٍ) غير مقطوع ، ولكنه ممتد الى غير نهاية.

١٠٩ ـ (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) :

١١٣

(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) فى شك مما أنزل عليك مما سيعرض لهم من سوء عاقبة عبادتهم.

(ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ) أي ان حالهم فى الشرك مثل حال آبائهم من غير تفاوت بين الحالين ، وقد بلغك ما نزل بآبائهم فسينزلن بهم مثله.

(وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ) أي حظهم من العذاب كما وفينا آباءهم أنصباءهم.

(غَيْرَ مَنْقُوصٍ) حال.

١١٠ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) :

(فَاخْتُلِفَ فِيهِ) آمن به قوم وكفر به قوم.

(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ) أي كلمة الإنظار الى يوم القيامة.

(لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بين قوم موسى.

١١١ ـ (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) :

(وَإِنَّ كُلًّا) التنوين عوض من المضاف اليه ، يعنى : وإن كلهم.

(لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) جواب قسم محذوف ، واللام فى (لَمَّا) موطئة للقسم. وما ، زائدة ، والمعنى : وان جميعهم والله ليوفينهم.

(رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) من حسن وقبيح ، وايمان وجحود.

١١٢ ـ (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) :

(فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) فاستقم استقامة مثل الاستقامة التي أمرت بها على جادة الحق ، غير عادل عنها.

(وَلا تَطْغَوْا) ولا تخرجوا عن حدود الله.

(إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) عالم ، فهو مجازيكم به ، فاتقوه.

١١٤

١١٣ ـ (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) :

(وَلا تَرْكَنُوا) الركون ، هو الميل اليسير.

(إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي : الى الذين وجد فيهم الظلم.

(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) حال من قوله (فَتَمَسَّكُمُ) أي فتمسكم النار وأنتم على هذه الحال.

والمعنى : وما لكم من دون الله من أنصار تقدرون على منعكم من عذابه ، لا يقدر على منعكم منه غيره.

(ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) ثم لا ينصركم هو.

١١٤ ـ (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) :

(طَرَفَيِ النَّهارِ) غدوة وعشية. وصلاة الغدوة الفجر. وصلاة العشية الظهر والعصر. وطرفى ، منصوب على الظرف ، لأنهما مضافان الى الوقت.

(وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) وساعات من الليل ، وهى ساعاته القريبة من آخر النهار.

(ذلِكَ) إشارة الى قوله (فَاسْتَقِمْ) فما بعده.

(ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) عظة للمتعظين.

١١٥ ـ (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) :

(وَاصْبِرْ) بيان لمكان الصبر ومحله.

(فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) الذين أقاموا الصلوات وانتهوا عن الطغيان ولم يركنوا الى الظالمين وصبروا وفعلوا غير ذلك من الحسنات.

١١٦ ـ (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ) :

(فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ) فهلا كان.

١١٥

(أُولُوا بَقِيَّةٍ) أولوا فضل وخير. أي فلو كان منهم أولوا مراقبة وخشية من انتقام الله.

(إِلَّا قَلِيلاً) استثناء منقطع. والمعنى : ولكن قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد ، وسائرهم تاركون للنهى.

(مِمَّنْ أَنْجَيْنا) من ، للبيان لا للتبعيض ، لأن النجاة انما هى للناهين وحدهم.

(وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي تاركوا النهى عن المنكرات.

(ما أُتْرِفُوا فِيهِ) أي ما غرقوا فيه من حب الرئاسة والثروة ، ورفضوا ما وراء ذلك ونبذوه وراء ظهورهم.

(وَكانُوا مُجْرِمِينَ) مغمورين بالآثام.

١١٧ ـ (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) :

(وَما كانَ) وما صح واستقام.

(لِيُهْلِكَ) اللام لتأكيد النفي.

(بِظُلْمٍ) حال من الفاعل.

والمعنى : واستحال فى الحكمة أن يهلك الله القرى ظالما أهلها.

(وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) وأهلها قوم مصلحون ، تنزيها لذاته عن الظلم ، وإيذانا بأن إهلاك المصلحين من الظلم.

١١٨ ـ (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) :

(أُمَّةً واحِدَةً) أي ملة واحدة ، فهو لم يضطرهم الى ذلك ولكنه مكنهم من الاختيار الذي هو أساس التكليف ، فاختار بعضهم الحق وبعضهم الباطل ، فاختلفوا.

١١٩ ـ (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) :

(إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) الا ناسا هداهم الله ولطف بهم.

(وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) إشارة الى ما دل عليه الكلام الأول وتضمنه.

١١٦

يعنى : ولذلك من التمكين والاختيار الذي كان عنه الاختلاف فى خلقهم.

(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) وهى قوله للملائكة :

(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) لعلمه بكثرة من يختار الباطل.

١٢٠ ـ (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) :

(وَكُلًّا) التنوين فيه عوض من المضاف اليه ، كأنه قيل : وكل نبأ نقص عليك.

(مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) بيان لقوله (وَكُلًّا).

(ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) بدل من قوله (وَكُلًّا).

ويجوز أن يكون المعنى : وكل نوع من أنواع الاقتصاص نقص عليك. و (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) مفعول (نَقُصُ).

ومعنى نثبت الفؤاد : زيادة يقينه وما فيه طمأنينة قلبه ، لأن كثرة الأدلة أثبت للقلب وأرسخ للعلم.

(وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُ) أي فى هذه الأنباء المقتصة فيها ما هو حق.

١٢١ ـ (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ) :

(عَلى مَكانَتِكُمْ) على حالكم وجهتكم التي أنتم عليها.

١٢٢ ـ (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) :

(إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أن ينزل لكم نحو ما اقتص الله من النقم النازلة بأشباهكم.

١٢٣ ـ (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) :

(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لا تخفى عليه خافية مما يجرى فيهما.

(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) فلا بد أن يرجع اليه أمرهم وأمرك.

(فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) فانه كافيك وكافلك.

١١٧

(١٢)

سورة يوسف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) :

(الر) ألف ، لام ، راء ، تلك الحروف وأمثالها يتكون منها كلامكم أيها العرب ، هى التي تتكون منها آيات الكتاب المعجز بكل ما فيه.

(تِلْكَ) إشارة الى آيات السورة.

(الْكِتابِ الْمُبِينِ) السورة ، أي تلك الآيات التي أنزلت إليك فى هذه السورة آيات السورة الظاهر أمرها فى اعجاز العرب وتبكيتهم ، أو التي تبين لمن تدبرها أنها من عند الله لا من عند البشر ، أو الواضحة التي لا تشتبه على العرب معانيها. أو قد أبين فيها ما سألت عنه اليهود من قصه يوسف.

٢ ـ (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) :

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ) أنزلنا هذا الكتاب.

(قُرْآناً عَرَبِيًّا) سمى بعض القرآن قرآنا ، لأن القرآن اسم جنس يقع على كله وبعضه.

(لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) إرادة أن تفهموه بمعانيه ولا يلتبس عليكم.

٣ ـ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) :

(الْقَصَصِ) مصدر بمعنى الاقتصاص. ويجوز أن يكون تسمية المفعول بالمصدر.

١١٨

(بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) أي بإيحائنا إليك هذه السورة على أن يكون (أَحْسَنَ) منصوبا نصب المصدر لاضافته اليه ، ويكون المقصوص محذوفا لأن قوله (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) مغن عنه.

(وَإِنْ كُنْتَ) ان ، مخففة من الثقيلة. واللام ، فى (لَمِنَ الْغافِلِينَ) هى التي تفرق بينها وبين النافية.

(مِنْ قَبْلِهِ) الضمير راجع الى قوله (بِما أَوْحَيْنا).

والمعنى : وان الشأن والحديث كنت من قبل ايحائنا إليك من الغافلين عنه ، ما كان لك فيه علم قط ، ولا طرق سمعك طرف منه.

٤ ـ (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) :

(إِذْ قالَ يُوسُفُ) بدل من (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) وهو من بدل الاشتمال ، لأن الوقت مشتمل على القصص ، وهو المقصوص ، فاذا قص وقته فقد قصه. أو بإضمار : اذكر.

(يا أَبَتِ) التاء تاء التأنيث وقعت عوضا عن ياء الاضافة. والدليل على أنها تاء التأنيث قلبها هاء فى الوقف.

(رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) كأنه سؤال عن حال رؤية الكواكب الأحد عشر. وأجريت مجرى العقلاء ، لأنه لما وصفها بما هو خاص بالعقلاء ، وهو السجود ، أجرى عليها حكمهم ، كأنها عاقلة.

٥ ـ (قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) :

(فَيَكِيدُوا) منصوب بإضمار (أن).

(عَدُوٌّ مُبِينٌ) ظاهر العداوة لما فعل بآدم وحواء.

٦ ـ (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) :

١١٩

(وَكَذلِكَ) ومثل ذلك الاجتباء والاصطفاء.

(يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) أي وكما اجتباك لمثل هذه الرؤيا العظيمة ، كذلك يجتبيك ربك لأمور عظام.

(وَيُعَلِّمُكَ) كلام مبتدأ غير داخل فى حكم التشبيه.

(أَبَوَيْكَ) أي الأب والجد.

(إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) عطف بيان لقوله (أَبَوَيْكَ).

(إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ) يعلم من يحق له الاجتباء.

(حَكِيمٌ) لا يتم نعمته الا على من يستحقها.

٧ ـ (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) :

(فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ) أي فى قصتهم وحديثهم.

(آياتٌ) علامات ودلائل على قدرة الله وحكمته فى كل شىء.

(لِلسَّائِلِينَ) لمن سأل عن قصتهم وعرفها.

٨ ـ (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) :

(لَيُوسُفُ) اللام ، للابتداء ، وفيها تأكيد وتحقيق مضمون الجملة.

(وَأَخُوهُ) بنيامين ، وانما قالوا : أخوه ، وهم جميعا اخوته ، لأن أمهما كانت واحدة.

(أَحَبُ) على الافراد ، لأن (أفعل) لا يفرق فيه بين الواحد وما فوقه ، ولا بين المذكر والمؤنث إذا كان معه (من). ولا بد من الفرق مع لام التعريف. وإذا أضيف جاز الأمران.

(وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) الواو واو الحال.

(إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي فى ذهاب عن طريق الصواب فى ذلك.

٩ ـ (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) :

١٢٠