المقولات التسع معاني حرفية لعدم وجود مستقل لها. فلذا قاموا بالتفصى عن ذلك وقالوا ان المراد بقولنا في غيره هو اللحاظ في غيره بأن يكون مرآة للغير. ولا يخفى انّ هذه المحاذير والتكلفات ليست إلّا من جهة العدول عن التعريف الوارد في الحديث. نعم. ان شارح الرضي ممن أدرك هذه الحقيقة العالية لالتفاته الى ما أفاضه أمير المؤمنين عليهالسلام في بيان الحرف والعجب من السيد الشريف الجرجاني حيث قام بردّ ما ذكره الشارح المذكور. ولا بد لنا من بسط كلام في المقام حتى يتّضح بذلك كنه المقصد والمرام فنقول وعلى الله التوكل وبه الاعتصام.
انّ القضية على ثلاثة أقسام. النفس الأمرية. والمعقولة. واللفظية. وكل منها مشتملة على ثلاثة أجزاء مسند ومسند اليه واسناد. أما القضية النفس الأمرية فكل من أجزائها الثلاثة من قبل نفس الأمر أي زيد في الخارج وقيام في الخارج وارتباط الثاني بالأول. فهذا ثابت في الواقع سواء تعقله أحد أو لم يتعقله. وأما القضية المعقولة فالمراد بها تصور هذه الأجزاء الثلاثة في الذهن سواء كانت واقعة أو لم تكن حصل التلفظ بها أو لم يحصل. وأما القضية اللفظية فهي التلفظ بزيد قائم ولا بد ان يكون اسنادها أيضا لفظيا كطرفيها الآخرين فاللازم ان يكون الاسناد والربط والتأليف والتركيب واقعا في اللفظ وهذا الاسناد إما يكون بالتركيب الحملي مثل زيد قائم. أو بتوسط حروف مثل زيد في الدار أو عمرو كالأسد ونحو ذلك مثل علىّ على السطح والمال لزيد. اذا عرفت هذه المقدمة :
فاعلم. ان المراد بقولنا (الحروف أدوات للايجاد) هو ايجادها الربط في القضية اللفظية فلا تتم هذه القضية إلّا بالحروف التي توجد الربط فيها فهي توجدها فيها بحسب اختلاف الموارد فما به الامتياز بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفي هو انّ الأول حاك ومنبئ والثاني آلة للايجاد.
ثم ان الاستقلال الذي صرح به في المعنى الاسمي معناه انّه لا يكون آلة لوجود