العلوم الشرعية والمعارف الإلهية التي لم تكن عند غيرهم من الناس.
ومنها : الجامعة : وهي صحيفة أملاها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكتبها أمير المؤمنين عليهالسلام ، طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. والظاهر من الأخبار أنها تشتمل على كل الأحكام الشرعية من الحلال والحرام وكل ما يحتاج إليه الناس حتى أرش الخدش كما نصَّ عليه هذا الحديث وغيره (١).
ومنها : مصحف فاطمة عليهاالسلام : وهو كتاب فيه علم ما يكون وأسماء من يملكون إلى قيام الساعة ، بإملاء جبرئيل عليهالسلام وبخط علي بن أبي طالب عليهالسلام ، كما دلت عليه الأخبار الكثيرة كخبر حماد بن عثمان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة ، وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة عليهاالسلام. قال : قلت : وما مصحف فاطمة؟ قال : إن الله تعالى لما قبض نبيّه صلىاللهعليهوآله دخل على فاطمة عليهاالسلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عزوجل ، فأرسل الله إليها ملَكاً يسلّي غمّها ويحدّثها ، فشكَت ذلك إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : إذا أحسستِ بذلك وسمعت الصوت قولي لي. فأعلمته بذلك ، فجعل أمير المؤمنين عليهالسلام يكتب كل ما سمع ،
__________________
(١) راجع بحار الأنوار ٢٥/١١٦ ، ٢٦/١٨ ، ٢٠ ، ٢١ ، ٢٢ ، ٢٣ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٨ ، ٤٧/٢٦.
حتى أثبت من ذلك مصحفاً. قال : ثمّ قال : أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون (١).
وفي صحيحة أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خمسة وسبعين يوماً ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل عليهالسلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، وكان علي عليهالسلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليهاالسلام (٢).
وأما الجفر فهو كما في الأخبار وعاء من جلد فيه كتب الأنبياء السابقين كالزبور والتوراة والإنجيل وصحف إبراهيم ومصحف فاطمة ، وفيه الحلال والحرام وغير ذلك ، وهو الجفر الأبيض. وأما الجفر الأحمر فهو وعاء آخر فيه سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يخرجه الإمام المهدي عليهالسلام حين خروجه كما في صحيحة الحسين بن أبي العلاء ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إن عندي الجفر الأبيض. قال : قلت : فأي شيء فيه؟ قال : زبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وصحف إبراهيم عليهالسلام والحلال والحرام ، ومصحف فاطمة ، ما أزعم أن فيه قرآناً ، وفيه ما يحتاج
__________________
(١) الكافي ١/٢٤٠.
(٢) المصدر السابق ١/٢٤٠.
الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد ، حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش ، وعندي الجفر الأحمر. قال : قلت : وأي شيء في الجفر الأحمر؟ قال : السلاح ، وذلك إنما يُفتح للدم ، يفتحه صاحب السيف للقتل ... (١).
إذا اتضح ذلك نقول :
إن حيازة مثل هذه الكتب وغيرها لا تدل بأية دلالة على الاستغناء بها عن كتاب الله العزيز ، وإلا كان حيازة كتب الفقه والحديث والتاريخ وغيرها كفراً صراحاً.
ثمّ إن الاستغناء عن كتاب الله عزوجل لا يتحقق إلا بالإعراض عنه إلى غيره ، وأما الاستفادة من الكتب المدونة في شتى العلوم والفنون فهي لا تدل على الرغبة عن كتاب الله العزيز ، ولا سيما إذا كانت مبيِّنة لمجملات القرآن ، وموضحة لما يحتاج منه إلى بيان كما هو الحال في الصحيفة الجامعة ، التي تشتمل على الحلال والحرام وما يحتاج إليه الناس مفصّلاً ، أو كانت مشتملة على بيان الملاحم والفتن وما يكون إلى قيام الساعة ، كما هو الحال في مصحف فاطمة عليهاالسلام.
وعلى كل حال فإن الصحيفة الجامعة كتاب جامع في حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومصحف فاطمة عليهاالسلام كتاب مشتمل على حديث جبرئيل عليهالسلام ، وباقي الكتب هي من كلام الله عزوجل ،
__________________
(١) المصدر السابق ١/ ٢٤٠.
وكل ذلك حق لا يجوز نسبته إلى الباطل كما هو واضح.
على أنّا لو أردنا أن نثير الدفائن ونُخرج المخبوء لقلنا : إن غير الشيعة الإمامية هم الذين قد استغنوا عن كتاب الله العزيز بما سطّروه في كتبهم المعتمدة من أحاديث واهية وأخبار ضعيفة مخالفة لآيات الكتاب العزيز كما سيتضح في كشف الحقيقة السابعة إن شاء الله تعالى.
وعليك أيها القارئ العزيز بمراجعة ما سبق بيانه في ردّ ما تمسَّك به الجزائري في إثبات هذه التهمة في حقيقته الأولى.
شُبْهة وجوابها
لعل الخصم يقول : إن كل ذلك لا يصح ، ولو أنا علمنا أن علياً عليهالسلام كتب الصحيفة الجامعة من إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومصحف فاطمة عليهاالسلام من إملاء جبريل عليهالسلام لما نازعناكم في كل ذلك ، ولكن ذلك لم يثبت ، فلا يمكن قبوله بحال.
والجواب : أنا قد تلقَّينا ذلك من الثقات الأَثبات فلا نردّه وإن كان لا يلزمنا الاعتقاد به ، لِما بيّناه فيما تقدَّم من أن الاعتقادات لا بد أن تكون يقينية ، والخبر الصحيح وإن كان حجَّة في الأحكام الشرعية إلا أنه غير حجَّة في المعتقدات ، لأن أقصى ما يفيده الظن ، والظن لا يغني من الحق شيئاً.
وعليه ، فإذا كنا لا نلتزم بالاعتقاد به فمن باب أولى لا نُلزم الخصم به ، إلا أن ردّه مع عدم استحالته مشكل ، ولا سيما مع ورود
النهي عن رد ما قاله أهل الكتاب مما لم تثبت صحته ولم يتّضح بطلانه.
فقد أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة ، أنه قال : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسِّرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) الآية (١).
وأخرج أبو داود وأحمد والحاكم وابن حبان وغيرهم عن أبي نملة الأنصاري ، عن أبيه : أنه بينما هو جالس عند رسول الله صلىاللهعليهوآله وعنده رجل من اليهود مرّ بجنازة ، فقال : يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : الله أعلم. فقال اليهودي : إنها تتكلم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما حدّثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، وقولوا : آمنّا بالله ورسله. فإن كان باطلاً لم تصدّقوه ، وإن كان حقاً لم تكذّبوه (٢).
__________________
(١) صحيح البخاري ٣/٢٣٧ كتاب الشهادات ، باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها ، ٦/٢٥ كتاب التفسير ، تفسير سورة البقرة ، باب وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه ، ٩/١٣٦ كتاب الاعتصام ، باب قول النبي (ص) : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء.
(٢) سنن ابي داود ٣/٣١٨ حديث ٣٦٤٤. مسند أحمد ٤/١٣٦. المستدرك على الصحيحين ٣/٣٥٨. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٨/٥٢. شرح السنة ١/٢٦٨.
قال الجزائري : ٢ ـ اختصاص آل البيت بعلوم ومعارف دون سائر المسلمين ، وهو خيانة صريحة تنسب إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونسبة الخيانة إليه صلىاللهعليهوآله كفر لا شك فيه ولا جدال.
والجواب
١ ـ أن اختصاص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أحداً من هذه الأمة بعلم لا يُعد خطأ ولا خيانة ، ولا سيما إذا كانت ثمة منفعة خاصة أو عامة ، ولهذا خص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بأسماء المنافقين دون غيره من الناس حتى سُمّي بصاحب سر رسول الله.
كما خص بعض أزواجه بحديث وسألها كتمانه (١) ، فلما أفشته أطلعه الله عليه. قال عز من قائل (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) (٢).
وخصَّ فاطمة عليهاالسلام بما خصّها به عند وفاته فيما أخرجه البخاري بسنده عن عائشة ، قالت : أقبلتْ فاطمة تمشي كأن مشيتها
__________________
(١) قيل: تبّاها بأن ابابكر وعمر يليان الامر من بعده ، وهو مروي عن ابن عباس. وقيل : نباها بأنه حرّم مارية على نفسه ، أو حرّم نفسه شرب المسل. راجع تفسير القرآن العظيم ٤/ ٣٩٠ التفسير الكبير ٣٠/٤٢ ـ ٤٢ الدر المنثور ٨ / ٢١٨.
(٢) سورة التحريم ، الآية ٣.
مشي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : مرحباً بابنتي. ثمّ أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثمّ أسرَّ إليها حديثاً فبكت ، فقلت لها : لِمَ تبكين؟ ثمّ أسرَّ إليها حديثاً فضحكت ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرَحاً أقربَ من حزن. فسألتها عما قال ، فقالت : ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى قُبض النبي صلىاللهعليهوآله فسألتها فقالت : أسرَّ إليَّ : إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي ، وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي. فبكيت ، فقال : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين. فضحكت لذلك (١).
وخصَّ أمير المؤمنين عليهالسلام بما لم يخص به غيره كما أخرج الترمذي بسنده عن جابر ، قال : دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علياً يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما انتجيته ولكن الله انتجاه (٢).
وأخرج أحمد والحاكم وغيرهما عن أم سلمة ، قالت : والذي أحلف به إن كان علي لأقرب الناس عهداً برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قالت : عدنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غداة بعد غداة ، يقول : «جاء علي؟» مراراً.
__________________
(١) صحيح البخاري ٤/٢٤٧ ـ ٢٤٨ كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام.
(٢) سنن الترمذي ٥/٦٣٩. قال الملا علي القاري في شرح الحديث في مرقاة المفاتيح ١٠/٤٧١ : والمعني أني بلغته عن الله ما أمرني أن أبلغه إياه على سبيل النجوى. وقال : قال الطيبي رحمهالله : كان ذلك أسرارا إلهية وأمورا غيبية جعله من خزائنها.
قالت فاطمة : كان بعثه في حاجة. قالت : فجاء بعد. قالت : فظننت أن له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب ، وكنت من أدناهم إلى الباب ، فأكبَّ عليه علي فجعل يسارُّه ويناجيه ، ثمّ قُبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من يومه ذلك ، فكان علي أقرب الناس به عهداً (١).
وأخرج ابن سعد وأبو نعيم والهيثمي وغيرهم عن ابن عباس قال : كنا نتحدّث أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عهد إلى علي سبعين عهداً لم يعهدها إلى غيره (٢).
هذا كله مضافاً إلى أن آية النجوى وهي قوله سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣) لم يعمل بها أحد من هذه الأمة إلا علي بن أبي طالب عليهالسلام كما نص عليه كل من وقفنا على قوله في الآية من العلماء والحفاظ والمفسرين (٤).
__________________
(١) مسند احمد ٦/٣٠٠. المستدرك ٣/١٣٨ وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. فضائل الصحابة ٢/٦٨٦.
(٢) الطبقات الكبرى ٢/٣٣٨. حلية الأولياء ١/٦٨٦. مجمع الزوائد ٩/١١٣.
(٣) سورة المجادلة ، الآية ١٢.
(٤) أخرج الحاكم في المستدرك ٢/٤٨٢ وغيره عن علي عليهالسلام أنه قال : ... إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوى ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً)) الآية. قال : كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فناجيت النبي صلىاللهعليهوآله ، فكنت كلما ناجيت النبي صلىاللهعليهوآله قدمت بين يدي نجواي درهماً ، ثمّ
٢ كانت لأمير المؤمنين عليهالسلام منزلة عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تكن لأحد غيره ، فهو ربيبة وصهره على ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة عليهاالسلام وابن عمه وأخوه بالمؤاخاة دون غيره من المسلمين ، ولهذا كان أمير المؤمنين عليهالسلام يدخل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الوقت الذي لا يدخل عليه فيه أحد من الناس ، كما أخرج النسائي وأحمد وابن خزيمة وغيرهم عن علي عليهالسلام ، أنه قال : كانت لي منزلة من رسول الله ٠ لم تكن لأحد من الخلائق ، آتيه بأعلى سَحَر ، فأقول : السلام عليك يا نبي الله. فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي ، وإلا دخلت عليه (١).
وأخرج أحمد وابن خزيمة والبيهقي والطحاوي وغيرهم عن علي عليهالسلام أنه قال : كانت لي ساعة من السَّحَر أدخل فيها على رسول
__________________
نسخت فلم يعمل بها أحد ، فنزلت ((أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ)) الآية. قال الحاكم : هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهب. راجع جامع البيان في تفسير القرآن ٢٨/١٤. تفسير القرآن العظيم ٤/٣٢٦. الجامع لأحكام القرآن ١٧/٣٠١. التفسير الكبير ٢٩/٢٧٠. الدر المنثور ٨/٨٣. الكشاف ٤/٧٦.
(١) سنن النسائي ٣/١٢ كتاب السهو ، باب رقم ١٧. مسند أحمد ١/٨٥. صحيح ابن خزيمة ٢/٥٤. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ص ١٣٢. مرقاة المفاتيح ١٠/٤٧٨.
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن كان في صلاته سبَّح ، فكان ذلك إذنه لي ، وإن لم يكن في صلاته أذن لي (١).
وروى السيد الرضي أعلى الله مقامه في نهج البلاغة عن علي عليهالسلام أنه قال واصفاً منزلته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
وقد علمتم موضعي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويُمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه ...
إلى أن قال : ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل إثر أمّه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علَماً ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة ، ولقد سمعت رنَّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الرنة؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، وإنك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلا أنك لست بنبي ، ولكنك لوزير ،
__________________
(١) مسند أحمد ١/٧٧. صحيح ابن خزيمة ٢/٥٤. السنن الكبرى ٢/٢٤٧. مشكل الآثار ٢/٣٠٦. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ص ١٣٠.
وإنك على خير (١).
والحاصل أن منزلة علي عليهالسلام من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تقتضي أن يسمع منه صلىاللهعليهوآله ما لا يسمعه غيره ، وأن يعلم منه ما لا يعلمه غيره ، كما صحَّ عندهم مثل ذلك في أبي هريرة فيما أخرجه البخاري بسنده عن أبي هريرة إذ قال : إن الناس يقولون : أكثَرَ أبو هريرة. ولو لا آيتان في كتاب الله ما حدَّثت حديثاً. ثمّ يتلو (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ) إلى قوله (الرَّحِيمُ) ، إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق في الأسواق ، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم ، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشبع بطنه ، ويحضر ما لا يحضرون ، ويحفظ ما لا يحفظون (٢).
وأخرج أيضاً عنه أنه قال : حفظت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعاءين ، فأما أحدهما فبثثْته ، وأما الآخر فلو بثثْته قُطع هذا البلعوم (٣).
فإذا صح عندهم مثل ذلك في حق أبي هريرة فمن باب أولى يصح مثله على الأقل في حق علي عليهالسلام الذي صحب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) نهج البلاغة ، ص ٢٠٠.
(٢) صحيح البخاري ١/٣٩ كتاب العلم ، باب حفظ العلم.
(٣) المصر السابق ١/٤٠.
منذ نعومة أظفاره إلى أن التحق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى جوار ربه ، بينما لم تزد صحبة أبي هريرة أكثر من ثلاث سنين (١).
٣ ـ كان علي عليهالسلام شديد الحرص على تحصيل العلوم ، فكان يسأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمور الدين والدنيا ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يحرص على تعليمه كما أخرج الترمذي وحسَّنه عن عبد الله بن عمرو بن هند الحبلي ، قال : قال علي : كنت إذا سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاني ، وإذا سكتُّ ابتدأني (٢).
وأخرج ابن سعد عن علي عليهالسلام أنه قيل له : ما لَك أكثر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حديثاً؟ فقال : إني كنت إذا سألته أنبأني ، وإذا سكتُّ ابتداني (٣).
هذا مضافاً إلى ما ورد من أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سأل الله جل شأنه أن يجعل علياً عليهالسلام الأذن الواعية لعلمه ، حيث قال عند نزول قوله تعالى (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٤) : سألت الله أن يجعلها
__________________
(١) أخر البخاري في كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام ٤/٢٣٩ ، بسنده عن أبي هريرة ، قال : صحبت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاث سنين لم أكن في سني أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن.
(٢) سنن الترمذي ٥/٦٤٠.
(٣) الطبقات الكبرى ٢/٣٣٨. ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام من تاريخ دمشق ٢/٤٥٦.
(٤) سورة الحاقة ، الآية ١٢.
أذنك يا علي. قال علي : فما نسيت شيئاً بعد ذلك ، وما كان لي أن أنسى (١).
هذا كله مع ما امتاز به علي عليهالسلام من شدة الذكاء والفطنة ورجاحة العقل وقوة الحافظة ، ولهذا كان عليهالسلام يقول : والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيمَ نزلت ، وأين نزلت ، إن ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سئولاً (٢).
وبالجملة فمن كل ما تقدم يتضح أنه لا محذور في أن يخص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علياً عليهالسلام بما شاء من العلوم ، ولا استبعاد في أن يكتب علي عليهالسلام شيئاً مما كان قد سمعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في صحيفة أسماها أو سُمّيت بعد ذلك الصحيفة الجامعة ، ولا سيما أن غيره من صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يكتبون بعض مسموعاتهم من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كعبد الله بن عمرو بن العاص ، كما في حديث البخاري الذي رواه عن أبي هريرة حيث
__________________
(١) جامع البيان في تفسير القرآن ٢٩/٣٥ ، ٣٦. الدر المنثور ٨/٢٦٧. تفسير القرآن العظيم ٤/٤١٣. التفسير الكبير ١٠/١٠٧. الجامع لأحكام القرآن ١٨/٢٦٤. الكشاف ٤/١٣٤. فتح القدير ٥/٢٨٢. تفسير غريب القرآن المطبوع بهامش تفسير الطبري ٢٩/٣٠ ـ ٣١. أسباب النزول ، ص ٢٩٤. لباب النقول في أسباب النزول ، ص ٢١٩.
(٢) الطبقات الكبرى ٢/٣٣٨. حلية الأولياء ١/٦٧ ـ ٦٨. ترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام من تاريخ دمشق ٣/٢٦.
إذ قال : ما من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب (١).
هذا مع نص بعض أعلام أهل السنة على أن علياً عليهالسلام كان ممن يكتب حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال ابن الصلاح : اختلف الصدر الأول رضي الله عنهم في كتابة الحديث ، فمنهم من كرِه كتابة الحديث والعلم وأمروا بحفظه ، ومنهم من أجاز ذلك ...
إلى أن قال : وممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعله علي وابنه الحسن وأنس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص في جمع آخرين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين (٢).
وقال السيوطي : وأباحها أي كتابة الحديث طائفة وفعلوها ، منهم عمر وعلي وابنه الحسن وابن عمرو وأنس وجابر وابن عباس وابن عمر أيضاً ، والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز ، وحكاه عياض عن أكثر الصحابة والتابعين (٣).
قال الجزائري : ٣ ـ تكذيب علي رضي الله عنه في قوله الثابت الصحيح : لم يخصنا رسول الله آل البيت بشيء ، وكذب على علي
__________________
(١) صحيح البخاري ١/٣٨ كتاب العلم ، باب كتابة العلم.
(٢) مقدمة ابن الصلاح ، ص ٨٧ ـ ٨٨.
(٣) تدريب الرواي ٢/ ٦٥.
كالكذب على غيره حرام لا يحل.
والجواب
أنا قد أوضحنا فيما تقدم أن هذا القول المروي عن علي عليهالسلام ليس متواتراً حتى يلزم تكذيبه ، وإنما هو مما رواه أهل السنة في كتبهم ، فلا يصح الاحتجاج به على غيرهم.
على أنا لو سلَّمنا بصحة هذا الحديث وغيره مما يؤدِّي معناه فالظاهر منه أن علياً عليهالسلام قد أخبر أنه ليس عند أهل البيت عليهمالسلام شيء مكتوب يقرءونه قد خصَّهم به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دون الناس غير القرآن إلا تلك الصحيفة.
أما أن علياً عليهالسلام قد كتب أو لم يكتب صحيفة أخرى تشتمل على بعض ما سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهذا شيء آخر لم يرد له ذكر في تلك الأحاديث ، فإن ظاهر بعض تلك الأحاديث يدل على أن علياً عليهالسلام قد سُئل عما خصَّه به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مما هو مكتوب ، أما ما كتبه هو عليهالسلام من حديثه صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم يُرِده السائل ، ولم يرِد في جوابه عليهالسلام. هذا وقد سبق بيان المزيد في هذا الحديث ، فراجعه.
قال الجزائري : ٤ ـ الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو من أعظم الذنوب وأقبحها عند الله ، إذ قال عليه الصلاة والسلام : إن كذباً عليَّ ليس
ككذب على أحدكم ، من كذب عليَّ متعمداً فليلج النار.
والجواب
إن أراد أن ما جاء في الحديث من أن رسول الله صلىاللهعليهوآله علَّم علياً عليهالسلام ألف باب من العلم ، يُفتح له من كل باب ألف باب هو كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيردُّه أنه مروي في كتبهم أيضاً فيما أخرجه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال عن علي عليهالسلام أنه قال : علمني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ألف باب ، كل باب يفتح ألف باب.
وعن ابن عباس قال : إن علياً خطب الناس فقال : يا أيها الناس ، ما هذه المقالة السيئة التي تبلغني عنكم؟ والله لتقتلُنَّ طلحة والزبير ولتفتحُنَّ البصرة ، ولتأتينكم مادة من الكوفة ، ستة آلاف وخمسمائة وستين ، أو خمسة آلاف وستمائة وخمسين. قال ابن عباس : فقلت الحرب خدعة. قال : فخرجت فأقبلت أسأل الناس : كم أنتم؟ فقالوا كما قال. فقلت : هذا مما أسرَّه إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنه علَّمه ألف ألف كلمة ، كل كلمة تفتح ألف ألف كلمة (١).
هذا مع أنا قد أوضحنا فيما تقدَّم أن علياً عليهالسلام كان ملازماً لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان شديد الحرص على التعلم منه واقتفاء آثاره ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شديد العناية به والرعاية
__________________
(١) منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد ٥/٤٣.
له والحرص على تعليمه ، فكان يجيب علياً عليهالسلام إذا سأله ، ويبتدئه إذا لم يسأله.
وإذا صح عندهم أن أبا هريرة كان عنده وعاءان من العلم تلقَّاهما من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبثَّ أحاديثه الكثيرة من أحد ذينك الوعاءين ، فكيف يُستبعد أن يحوي علي عليهالسلام ألف باب من العلم ، يُفتح له من كل باب ألف باب ، مع قرب منزلته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكثرة ملازمته له ، وطول صحبته ، وكثرة مساءلته لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشدة ذكائه ، وقوة حافظته كما مر بيانه مفصلاً؟!
هذا مضافاً إلى أن علياً عليهالسلام قد أحاط بعلوم القرآن كما مرَّ من قوله عليهالسلام : والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيمَ أُنزلت وأين نزلت.
وقوله عليهالسلام : سلوني عن كتاب الله ، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، في سهل أم في جبل.
وأن عليّا عليه السلام أًوتي تسعة أعشار الحكمة كما تقدم في الخبر المروي عن ابن مسعود رضى الله عنه (١).
وأما إذا أراد أن ما جاء في الحديث من أن الجامعة هي من إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو كذب على النبي صلىاللهعليهوآله ،
__________________
(١) راجع ص ٦٣ من هذا الكتاب.
فهذا أمر لا يُجزم بعدم وقوعه ، فلا يصح نفيه ، ولا سيما أن الأحاديث التي سقناها إليك آنفاً قد دلَّت على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كثيراً ما كان ينتجي عليّا عليهالسلام فيخصّه بما شاء ، وكان علي عليهالسلام يسأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيجيبه ، بل كان يبتدءوه بالتعليم ابتداءً فيفيده ، وكان أمير المؤمنين عليهالسلام يكتب بعض ما سمعه من حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعليه فلا استبعاد ولا غرابة في أن يكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أملى على أمير المؤمنين عليهالسلام صحيفة جامعة في الحلال والحرام ، ولا سيما أن بعض الأحاديث الصحيحة قد نصَّت على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يكتب للأمّة كتاباً ، فحِيل بينه وبين كتابة ذلك الكتاب.
فقد أخرج البخاري واللفظ له ومسلم وأحمد وابن حبان وغيرهم عن ابن عباس ، قال : لما حُضِر (١) رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلُّوا بعده. فقال عمر : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قرِّبوا يكتب لكم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كتاباً لن تضلُّوا بعده. ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغط عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال رسول الله
__________________
(١) أي حضره الموت.
صلىاللهعليهوآله : قوموا. قال عبيد الله : فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم (١).
وأخرج مسلم عن ابن عباس ، قال : يوم الخميس وما يوم الخميس. ثمّ جعل تسيل دموعه ، حتى رأيت على خدّيه كأنها نظام اللؤلؤ. قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ائتوني بالكتف والدواة (أو اللوح والدواة) أكتب لكم كتاباً لن تضلُّوا بعده. فقالوا : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يهجر (٢).
والذي احتمله النووي وغيره أن الذي أراده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من ذلك الكتاب هو أن يكتب مهمات أحكام الدين ، أو ينص على الخلفاء من بعده (٣) ، فإن صح الاحتمال الأول فليس من البعيد أن
__________________
(١) صحيح البخاري ٧/١٥٥ ـ ١٥٦ كتاب الطب ، باب قول المريض قوموا عني. ٩/١٣٧ كتاب الاعتصام ، باب كراهية الخلاف. ٦/١١ كتاب المغازي ، باب مرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ووفاته ، ٤/١٢١ كتاب الجزية ، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب ، ٤/١٨٥ كتاب الجهاد ، باب هل يستشفع إلى اهل الذمة ومعاملتهم. صحيح مسلم ٣/١٢٥٩ كتاب الوصية ، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه. مسند أحمد ١/٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، ٣٣٦. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٨/٢٠١.
(٢) صحيح مسلم ٣/١٢٥٩. مسند أحمد ١/٣٥٥. وراجع مسند أحمد ١/٢٢٢ ، ٢٩٣ المستدرك ٣/٤٧٧. مجمع الزوائد ٤/٢١٤ ، ٥/١٨١.
(٣) قال النووي في شرح صحيح مسلم ١١/ ٩٠ : اختلف العلماء في الكتاب الذي همّ
نقول : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما حيل بينه وبين كتابة ذلك الكتاب أملاه على أمير المؤمنين عليهالسلام ، فكتب من إملائه صلىاللهعليهوآلهوسلم صحيفة جامعة مشتملة على كل أحكام الدين من الحلال والحرام ، والله العالم بحقائق الأمور.
قال الجزائري : ٥ ـ الكذب على فاطمة رضي الله عنها بأن لها مصحفاً خاصاً يعدل القرآن ثلاث مرات ، وليس فيه من القرآن حرف واحد.
والجواب
لقد أوضحنا فيما سبق أن مصحف فاطمة عليهاالسلام هو كتاب فيه علم ما يكون وأسماء من يملكون إلى قيام الساعة ، بإملاء الملَك أو جبرئيل عليهالسلام وبخط علي بن أبي طالب عليهالسلام.
وإنما سُمِّي مصحفاً لأنه كتاب جامع لصُحُف مكتوبة ، وكل ما
__________________
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم به فقيل : أراد أن ينص على الخلافة وإنسان معين ، لئلا يقع نزاع وفتن. وقيل أراد كتاباً يبين فيه مهمّات الأحكام ملخّصة ليرتقع النزاع فيها ، ويحصل الإتقاق على المنصوص عليه. وأقول : الصحيح هوالقول الأول للقرائن الكثيرة الدالة على ذلك ، منها لفطهم ومنعهم إياه (ص) من كتابة الكتاب ، وأن ذلك وقع قبيل وفاته صلى الله عليه واله وأن الكتاب عاصم من الوقوع في الضلال راجع ما كتبناه حول هذا الموضوع في كتابنا دليل المتحيرين : ص ٦٥ ـ ٨٣.