قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

المخصّص [ ج ٩ ]

102/180
*

من كُلِّ ما تُصِيبُه الريحُ

أماراتُ الغَيْثِ

* أبو حنيفة* من أماراتِ الغيثِ الهَالَةُ التى تكون حَوْلَ القمر فان كانتْ كثيفةً مُظْلِمةً كانتْ من دَلائِل المطرِ ولا سِيَّما ان كانت مُضاعَفةً ومن دَلائِله النَّدْأَة والنُّدْأَةُ وهى الحُمْرةُ التى تكونُ عند مَغْرِب الشمسِ أيامَ الغُيوثِ وبها جاءتْ أشعارُ العرب قال الشاعر يصف سحابا

لَمَّا اكْفَهَرَّ شُرَيْقِىَّ اللِّوَى وأَوَى

الى تَوالِيهِ من سُفَّارِه رُفَقُ

تَرَبَّصَ الليلَ حتى قال شَائِمُهُ

على الرُّوَيْشِد أو حَرْجائِه يَدِقُ

حَتَّى اذا المَنْظَرُ الغَرْبِىُّ حَارَ دَمًا

مِن حُمْرةِ الشَّمْسِ لما اغْتالَها الافُقُ

أَلْقَى على ذاتِ أحْفارٍ كَلا كِلَهُ

وشَبَّ نِيرانَهُ وانْجابَ يَأْتَلِقُ

نارًا يُراجعُ منها العُودُ جِدَّتَهُ

والنارُ تَسْفَعُ عِيدانًا فتَحْتَرِقُ

فأما الحُمْرةُ التى تكون عند طلوع الشمس فانا لم نسمع بها فى كلامهم الا فى الجُدُوبِ* وقال بعضهم* الحُمْرةُ التى تَعْرِض فى الأُفُقِ عند طلوع الشمسِ أيضا نُدْأَةٌ وهى عند العَجَم أيضا من أمارات المطر اذا كان ذلك فى أيام الغُيوثِ ولم يكنْ فى الازَماتِ لان الازَماتِ تَحْمَرُّ فيها الآفاقُ شَرْقِيُّها وغَرْبِيُّها ولذلك قال الشاعر

اذا أَمْسَتِ الآفاقُ حُمْرًا جُنُوبُها

لِشَيْبانَ أو مِلْحانَ واليومُ أَشْيَبُ

ووَحْوَحَ فى حِضْنِ الفَتاةِ ضَجِيعُها

ولم يَكُ فى النُّكْدِ المَقالِيتِ مَشْخَبُ

وشَيْبانُ ومِلْحانُ ـ شَهْر الشتاءِ البارِدان فهذه الحُمْرةُ ليستِ النُّدْأَةَ النُّدْأَةُ تكون فى أيام الغُيوثِ والدِّلالةُ على الغيث فيها لا فى هذِه هذه تَعْرِضُ فى إمْحالِ الزمانِ وقد زَعَمُوا أن بَناتِ مَخْرٍ اذا رُئِينَ فى أولِ الشتاءِ كان ذلك العامُ خَلِيقًا للمطر وهو النَّشْءُ تَراهُ من قِبَل المَشْرِقِ* قال ومن دلائل الغَيْثِ أن تَتَقَدَّمَهُ المُبَشِّراتُ بهُبوبِهَا فيَطُولَ هُبُوبُها ثم يكون النَّشْءُ من قِبَلِ عَيْنِ السماءِ فيَحْسُن خُروجُه والْتِئامُهُ واسْتِكْثافُه حتى لا تَرى فَتْقًا وذلك التَّطَخْطُخُ ويَسُدّ الآفاقَ ثم يَكْفَهِرّ ويَرْجَحِنّ فيَتَدانَى ويَسْتَأْرِض وتَتَمَكَّن رَحاه وتَنُوس هَيادِبُه وتَهَبَّى أَكفَّتُه ويَتَعَلَّق رَبابُه وتَتَدَجَّى غَفائرُه ويَحْمَوْمِى ثم يَصْبَحارُّ ويَزُجُ