أغلب علماء المذهب الشافعي بمدرسة الخلفاء لا يكتمون الحديث كما يفعله علماء المذاهب الأخرى في تلك المدرسة ولذلك يرمون بالرفض.
* * *
في هذا الباب لاحظنا أنواعا من الإنكار بدءا بتضعيف الراوي والرواة إلى طعنهم بالتشيّع والرفض والّذي كان يؤدّي إلى إسقاط الحديث عن الاعتبار. وكلّ أنواع الإنكار من أسهل الأمور في باب الاحتجاج للمنكر ومن أصعب الأمور عندئذ إثبات الحقّ ، فإنّ المنكر يسهل عليه أن يقول : الحديث ضعيف ، باطل ، كذب. وعلى صاحب الحقّ أن يأتي بالدليل تلو الدليل وليس للمنكر في مقابله أكثر من الإنكار وعدم القبول ، وهو في حقيقته قتل معنويّ للرواة ، وأحيانا يقتل الراوي الّذي يروي ما يخالف مصلحة مدرسة الخلفاء جسديا ، كما نذكر في ما يأتي مثالا واحدا منه لما جرى لأحد أصحاب الصحاح الستّة بمدرسة الخلفاء.
٤ ـ النسائي أحد مؤلّفي الصّحاح الستّة وقصّة قتله.
ننقل خبره وقصة قتله من كتابي الذهبي وابن خلّكان فقد قالا بترجمته (٢٦) ما موجزه :
الحافظ ، الإمام ، شيخ الإسلام ، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ، كان إمام أهل عصره في الحديث وله كتاب السنن تفرّد بالمعرفة وعلوّ الإسناد ، واستوطن مصر. وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، ويجتهد في العبادة ليلا. وخرج مع أمير مصر إلى الغزو ، وكان يحترز عن مجالسه والانبساط في المأكل ، وخرج آخر عمره حاجّا وبلغ دمشق ، وصنّف في دمشق كتاب الخصائص في فضل عليّ بن أبي طالب (رض) وأهل البيت ، وأكثر رواياته
__________________
(٢٦) تذكرة الحفاظ ص ٦٩٨. ووفيات الأعيان ١ / ٥٩.