وبالجملة : فالكلّ متفقون (١) على أخذ «الجهالة» في معنى الغرر ، سواء تعلّق الجهل بأصل وجوده ، أم بحصوله في يد من انتقل إليه ، أم بصفاته كمّا وكيفا (٢).
وربما يقال (٣) : إنّ المنساق من الغرر المنهي عنه : الخطر ، من حيث الجهل
______________________________________________________
الغرر «ما فيه ظاهر غار وباطن مجهول» هو : عدم صدق الغرر على بيع الطير في الهواء ، إذ ليس فيه ظاهر يغرّ المشتري وباطن مجهول مغترّ به ، بل باطنه غير خفي على المشتري كظاهره. مع صدق المعنى المعروف ـ وهو الخطر ـ لعدم العلم بحصول الطير في يد المشتري. وعليه فلا جامع بين المعنيين.
ووجه دفع التنافي : أن التمثيل ببيع الطير والسمك لأجل توضيح معنى الغرر ، ولا إختلاف بين التفسيرين ، وذلك لظهور بيع الطير في الهواء في قدرة البائع على التسليم ، فإذا ظهر عدمها صدق عليه : أن ظاهره غارّ وباطنه مجهول ، فيغتر المشتري بإقدامه على الشراء مع عدم حصول المبيع في يده. وبهذا يظهر وحدة المراد من التفسيرين.
قال في الجواهر بعد نقل عبارة النهاية : «والظاهر أن المراد بالمجهول ما يعم مجهول الأصل ومجهول الحصول».
(١) يعني : أن «الجهالة» تستفاد من تعبيرهم تارة ب «ما له ظاهر غارّ ، وباطن مجهول» كما عن النهاية ، واخرى ب «عدم الثقة» كتعريف الأزهري ، وثالثة ب «الخطر الذي لا يوثق بالأمن منه» فلاحظ.
(٢) فيدل النبوي على اشتراط العلم بالعوضين كمّا وكيفا فيما كان للعلم بالصفات دخلا في المالية.
(٣) القائل صاحب الجواهر ، وغرضه الخدشة في دلالة النبوي صلىاللهعليهوآلهوسلم على فساد بيع ما لا قدرة على تسليمه ، ومحصل ما أفاده قدسسره : أن «الغرر» المنهي عنه وإن كان مطلقا شاملا لكلّ من الجهل بأصل حصول العين والجهل بصفاتها ، إلّا أنّه