قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح زيارة الغدير

شرح زيارة الغدير

شرح زيارة الغدير

تحمیل

شرح زيارة الغدير

293/464
*

إلّا أن يكون التمتع بها في حدود ما يحل في الشريعة المقدسة.

زهد علي عليه‌السلام :

لقد تقشف الإمام علي عليه‌السلام في مأكله ، وملبسه ، ومسكنه ، فعاش يأكل خبز الشعير بنخالته ، يأتدم معه باللبن أو الملح ، ولبس مدرعة استحيا من راقعها ـ على حد تعبيره ـ وهو ابنه الحسن عليه‌السلام ، فما اتخذ من غنائمها وفراً ، ولا أعد لبالي ثوبيه طمراً ، ولا بنى قصوراً فخمة ، وذلك أمرٌ يختص به لمكان المسؤولية التي كان يتحملها بعد أخيه المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ لأنَّه خليفته الذي يتحمل أعباء الرعاية الأبوية للأُمّة ؛ ولأنَّه المسؤول الأول عنها ، فقد أملت عليه ظروف مجتمعه ذلك النوع من العيش.

عاش عليه‌السلام في مجتمع لم تزل نزعات الجاهلية متغلغلة في أعماق أبنائه ، والناس بين فقير لا يجد لقمة العيش لسد رمقه ورمق عياله ، ولا يملك داراً تقيهم الحر والقر ، وبين من يملك الملايين ، ويبني القصور الفخمة ، ويكدس سبائك من الذهب والفضة ، فما الذي ننتظر من إمام العدل؟ وكيف سيتصرف؟ أم كيف يعين الضعفاء ، فيخفف عنهم شظف العيش وآلام الحياة؟. إنَّ سيرته العطرة تجيب على هذه التساؤلات ، وعلى كل ما يخطر على البال من تساؤلات غيرها ، فهو يواسي الفقراء ليخفف عنهم آلامهم ، ثم لا يكتفي بذلك ، بل يعمل ، ويجهد نفسه ليحصل على المال ، وينفقه عليهم ، ليساعدهم على مكاره الدهر ، فيحمل إليهم الحبوب ، والسمن ، واللحم ، ويلعق بيده يتاماهم العسل.

فزهد الإمام علي عليه‌السلام ليس ابتعاداً عن معترك الحياة ، ولا ابتعاداً عن أبناء مجتمعه ، يستصلح الأراضي ، ويحفر فيها الآبار ، ويعمل فيها بيده ، يغرس ، ويحصد