(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) : يختارونها عليها ، فإنّ المختار للشّيء يطلب من نفسه أن يكون أحبّ إليها من غيره (١).
(وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : بتعويق النّاس عن الإيمان.
وقرئ (٢) : «ويصدّون» ، من أصدّه ، وهو منقول صدّ صدودا ، إذا تنكّب (٣).
وليس فصيحا (٤) ، لأنّ في صدّه مندوحة عن تكلّف التّعدية [بالهمزة] (٥).
(وَيَبْغُونَها عِوَجاً) : ويبغون لها زيغا ونكوبا عن الحقّ ، ليقدحوا فيه. فحذف الجارّ ، وأوصل الفعل إلى الضّمير.
والموصول بصلته يحتمل الجرّ صفة «للكافرين» ، والنّصب على الذّم ، والرّفع عليه (٦). أو على أنّه مبتدأ خبره (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) (٣) ، أي : ضلّوا عن الحقّ ووقعوا عنه بمراحل.
و «البعد» في الحقيقة للضّالّ ، فوصف به فعله للمبالغة. أو للأمر الّذي به الضّلال ، فوصف به لملابسته.
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) : الّذي هو منهم وبعث فيهم.
(لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) : ما أمروا به ، فيفقهوه عنه بيسر وسرعة.
وقرئ (٧) : «بلسن» وهو لغة فيه ، كريش ورياش. و «لسن» بضمّتين ، وضمة وسكون ، على الجمع ، كعمد وعمد.
وفي كتاب الخصّال (٨) : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في حديث : ومنّ عليّ ربّي ، وقال : يا محمّد ، قد أرسلت كلّ رسول إلى أمّته (٩) بلسانها ، وأرسلتك إلى كلّ أحمر
__________________
(١) فيكون «يستحبّون» مجازا مرسلا من باب إطلاق اسم اللازم على ملزومه.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٤.
(٣) تنكّب ، أي : مال عن الحقّ.
(٤) لأنّ الفعل المتعدّي إذا وجد لا حاجة إلى تعدية اللّازم ، لأنّه تكلّف. وتبع في هذا صاحب الكشّاف ، وفيه : أنّ القراءات تؤخذ من الرّواية لا من الدّراية ، فلا وجه للقول بأنّ في صدّه مندوحة عن تكلّف التّعدية.
(٥) من المصدر.
(٦) فعلى الأوّل : أذمّ الذين يستحبّون الحياة الدنيا. وعلى الثاني : بئس الّذين يستحبّون.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥٢٤.
(٨) الخصال ١ / ٤٢٥ ، ح ١.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : امّة.