تفسير التّحرير والتّنوير - ج ٨

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور

تفسير التّحرير والتّنوير - ج ٨

المؤلف:

الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٢

يلتفت لا ينظر إلى الشيء وقد فسر ذلك في قوله تعالى : (أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) [الإسراء : ٨٣] وهو هنا ، مستعار لعدم المؤاخذة بما يسوء من أحد ، شبه عدم المؤاخذة على العمل بعدم الالتفات إليه في كونه لا يترتب عليه أثر العلم به لأن شأن العلم به أن تترتب عليه المؤاخذة.

و «الجهل» هنا ضد الحلم والرشد ، وهو أشهر إطلاق الجهل في كلام العرب قبل الإسلام ، فالمراد بالجاهلين السفهاء كلهم لأن التعريف فيه للاستغراق ، وأعظم الجهل هو الإشراك ، إذ اتخاذ الحجر إلها سفاهة لا تعدلها سفاهة ، ثم يشمل كل سفيه رأي. وكذلك فهم منها الحر بن قيس في الخبر المتقدم آنفا ، وأقره عمر بن الخطاب على ذلك الفهم.

وقد جمعت هذه الآية مكارم الأخلاق لأن فضائل الأخلاق لا تعدو أن تكون عفوا عن اعتداء فتدخل في (خُذِ الْعَفْوَ) ، أو إغضاء عما لا يلائم فتدخل في (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) ، أو فعل خير واتساما بفضيلة فتدخل في (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) كما تقدم من الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء ، وهذا معنى قول جعفر بن محمد : «في هذه الآية أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها وهي صالحة لأن يبين بعضها بعضا ، فإن الأمر يأخذ العفو يتقيد بوجوب الأمر بالعرف ، وذلك في كل ما لا يقبل العفو والمسامحة من الحقوق ، وكذلك الأمر بالعرف يتقيد بأخذ العفو وذلك بأن يدعو الناس إلى الخير بلين ورفق.

(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠))

وهذا الأمر مراد به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابتداء وهو شامل لأمته.

(إما) هذه هي (إن) الشرطية اتصلت بها (ما) الزائدة التي تزاد على بعض الأسماء غير أدوات الشروط فتصيرها أدواتها ، نحو (مهما) فإن أصلها ماما ، ونحو (إذ ما) و (أينما) و (أيانما) و (حيثما) و (كيفما) فلا جرم أن (ما) إذا اقترنت بما يدل على الشرط اكتسبته قوة شرطية فلذلك كتبت (إما) هذه على صورة النطق بها ولم تكتب مفصولة النون عن (ما).

والنزغ النخس والغرز ، كذا فسره في «الكشاف» وهو التحقيق ، وأما الراغب وابن عطية فقيداه بأنه دخول شيء في شيء لإفساده ، (قلت : وقريب منه الفسخ بالسين وهو الغرز بإبرة أو نحوها للوشم) قال ابن عطية «وقلّما يستعمل في غير فعل الشيطان (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) [يوسف : ١٠٠].

٤٠١

وإطلاق النزغ هنا على وسوسة الشيطان استعارة : شبه حدوث الوسوسة الشيطانية في النفس بنزغ الإبرة ونحوها في الجسم بجامع التأثير الخفي ، وشاعت هذه الاستعارة بعد نزول القرءان حتى صارت كالحقيقة.

والمعنى أن ألقى إليك الشيطان ما يخالف هذا الأمر بأن سوّل لك الأخذ بالمعاقبة أو سوّل لك ترك أمرهم بالمعروف غضبا عليهم أو يأسا من هداهم ، فاستعذ بالله منه ليدفع عنك حرجه ويشرح صدرك لمحبة العمل بما أمرت به.

والاستعاذة مصدر طلب العوذ ، فالسين والتاء فيها للطلب ، والعوذ : الالتجاء إلى شيء يدفع مكروها عن الملتجئ ، يقال : عاذ بفلان ، وعاذ بالحرم ، وأعاذه إذا منعه من الضر الذي عاذ من أجله.

فأمر الله بدفع وسوسة الشيطان بالعوذ بالله ، والعوذ بالله هو الالتجاء إليه بالدعاء بالعصمة ، أو استحضار ما حدده الله له من حدود الشريعة ، وهذا أمر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الالتجاء إلى الله فيما عسر عليه ، فإن ذلك شكر على نعمة الرسالة والعصمة ، فإن العصمة من الذنوب حاصلة له ، ولكنه يشكر الله بإظهار الحاجة إليه لادامتها عليه ، وهذا مثل استغفار الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله في حديث «صحيح مسلم» «إنه ليغان على قلبي فاستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة» ، فالشيطان لا ييأس من إلقاء الوسوسة للأنبياء لأنها تنبعث عنه بطبعه ، وإنما يترصد لهم مواقع خفاء مقصده طمعا في زلة تصدر عن أحدهم ، وإن كان قد علم أنه لا يستطيع إغواءهم ، ولكنه لا يفارقه رجاء حملهم على التقصير في مراتبهم ، ولكنه إذا ما هم بالوسوسة شعروا بها فدفعوها ، ولذلك علم الله رسوله عليه الصلاة والسلام الاستعانة على دفعها بالله تعالى. روى الدارقطني أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة ـ قالوا ـ وأنت يا رسول الله ، قال «وأنا ولكن الله أعانني عليه فأسلم» روي قوله : «فأسلم» بفتح الميم بصيغة الماضي والهمزة أصلية ، صار الشيطان المقارن له مسلما ، وهي خصوصية للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروي بضم الميم بصيغة المضارع ، والهمزة للمتكلم : أي فأنا أسلم من وسوسته وأحسب أن سبب الاختلاف في الرواية أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نطق به موقوفا عليه. وهذا الأمر شامل للمؤمنين وحظ المؤمنين منه أقوى لأن نزغ الشيطان إياهم أكثر ، فإن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مؤيد بالعصمة فليس للشيطان عليه سبيل.

وجملة : (إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) في موقع العلة للأمر بالاستعاذة من الشيطان بالله على ما

٤٠٢

هو شأن حرف (إن) إذا جاء في غير مقام دفع الشك أو الإنكار ، فإن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا ينكر ذلك ولا يتردد فيه ، والمراد : التعليل بلازم هذا الخبر ، وهو عوذه مما استعاذه منه ، أي : أمرناك بذلك لأن ذلك يعصمك من وسوسته لأن الله سميع عليم.

و «السميع» : العالم بالمسموعات ، وهو مراد منه معناه الكنائي ، أي عليم بدعائك مستجيب قابل للدعوة ، كقول أبي ذؤيب :

دعاني إليها القلب إني لامره

سميع فما أدري أرشد طلابها

أي ممتثل ، فوصف (سَمِيعٌ) كناية عن وعد بالإجابة.

واتباعه بوصف (عَلِيمٌ) زيادة في الإخبار بعموم علمه تعالى بالأحوال كلها ، لأن وصف (سَمِيعٌ) دل على أنه يعلم استعاذة الرسول عليه الصلاة والسلام ثم أتبعه بما يدل على عموم العلم ، وللإشارة إلى أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمحل عناية الله تعالى فهو يعلم ما يريد به الشيطان عدوه ، وهذا كناية عن دفاع الله عن رسوله كقوله : (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) [الطور : ٤٨] وأن أمره بالاستعاذة وقوف عند الأدب والشكر وإظهار الحاجة إلى الله تعالى.

(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١))

هذا تأكيد وتقرير للأمر بالاستعاذة من الشيطان ، فتتنزل جملة : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) إلى آخرها منزلة التعليل للأمر بالاستعاذة من الشيطان إذا أحسّ بنزغ الشيطان ، ولذلكافتتحت بإن التي هي لمجرد الاهتمام لا لرد تردد أو إنكار ، كما افتتحت بها سابقتها في قوله : (إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف : ٢٠٠] فيكون الأمر بالاستعاذة حينئذ قد علل بعلتين أولاهما أن الاستعاذة بالله منجاة للرسول عليه الصلاة والسلام من نزغ الشيطان ، والثانية : أن في الاستعاذة بالله من الشيطان تذكرا الواجب مجاهدة الشيطان والتيقظ لكيده ، وأن ذلك التيقظ سنة المتقين ، فالرسول عليه الصلاة والسلام مأمور بمجاهدة الشيطان : لأنه متق ، ولأنه يبتهج بمتابعة سيرة سلفه من المتقين كما قال تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : ٩٠].

وقد جاءت العلة هنا أعم من المعلل : لأن التذكر أعم من الاستعاذة.

ولعل الله ادخر خصوصية الاستعاذة لهذه الأمة ، فكثر في القرآن الأمر بالاستعاذة من

٤٠٣

الشيطان ، وكثر ذلك في أقوال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعل للذين قبلهم الأمر بالتذكر ، كما ادخر لنا يوم الجمعة.

و (التقوى) تقدم بيانها عند قوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) في سورة البقرة [٢] ، والمراد بهم : الرسل وصالحو أممهم ، لأنه أريد جعلهم قدوة وأسوة حسنة.

و (المس) حقيقته وضع اليد على الجسم ، واستعير للإصابة أو لأدنى الإصابة.

والطائف هو الذي يمشي حول المكان ينتظر الإذن له ، فهو النازل بالمكان قبل دخوله المكان ، اطلق هنا على الخاطر الذي يخطر في النفس يبعث على فعل شيء نهى الله عن فعله شبه ذلك الخاطر في مبدأ جولانه في النفس بحلول الطائف قبل أن يستقر.

وكانت عادة العرب أن القادم إلى أهل البيت ، العائذ برب البيت ، المستأنس للقرى يستانس ، فيطوف بالبيت ، ويستأذن ، كما ورد في قصة النابغة مع النعمان بن المنذر حين أنشد أبياته التي أولها :

أصم أم يسمع رب القبّه

وتقدمت في أول سورة الفاتحة ، ومن ذلك طواف القادمين إلى مكة بالكعبة تشبها بالوافدين على المملوك ، فلذلك قدّم الطواف على جميع المناسك وختمت بالطواف أيضا ، فلعل كلمة طائف تستعمل في معنى الملم الخفي قال الأعشى :

وتصبح عن غب السّري وكأنّها

ألمّ بها من طائف الجن أولق

وقال تعالى : (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ) [القلم : ١٩].

وقراءة الجمهور : (طائِفٌ) ، بألف بعد الطاء وهمزة بعد الألف ، وقراءة ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب : (طيف) بدون ألف بعد الطاء وبياء تحتية ساكنة بعد الطاء ، والطيف خيال يراك في النوم وهو شائع الذكر في الشعر.

وفي كلمة (إذا) من قوله : (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا) مع التعبير بفعل (مَسَّهُمْ) الدال على إصابة غير مكينة ، إشارة إلى أن الفزع إلى الله من الشيطان ، عند ابتداء إلمام الخواطر الشيطانية بالنفس ، لأن تلك الخواطر إذا أمهلت لم تلبث أن تصير عزما ثم عملا.

والتعريف في (الشَّيْطانِ) يجوز أن يكون تعريف الجنس : أي من الشياطين ويجوز

٤٠٤

أن يكون تعريف العهد والمراد به إبليس باعتبار أن ما يوسوس به جنده وأتباعه ، هو صادر عن أمره وسلطانه.

والتذكر استحضار المعلوم السابق ، والمراد : تذكروا أوامر الله ووصاياه ، كقوله : (ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) [آل عمران : ١٣٥] ويشمل التذكر تذكر الاستعاذة لمن أمر بها من الأمم الماضية ، إن كانت مشروعة لهم ، ومن هذه الأمة ، فالاقتداء بالذين اتقوا يعم سائر أحوال التذكر للمأمورات.

والفاء لتفريع الإبصار على التذكر. وأكد معنى (فاء) التعقيب ب (إذا) الفجائية الدالة على حصول مضمون جملتها دفعة بدون تريث ، أي تذكروا تذكر ذوي عزم فلم تتريث نفوسهم أن تبين لها الحق الوازع عن العمل بالخواطر الشيطانية فابتعدت عنها ، وتمسكت بالحق ، وعملت بما تذكرت ، فإذا هم ثابتون على هداهم وتقواهم.

وقد استعير الإبصار للاهتداء كما يستعار ضده العمى للضلال ، أي : فإذا هم مهتدون ناجون من تضليل الشيطان ، لأن الشيطان أراد إضلالهم فسلموا من ذلك ووصفهم باسم الفاعل دون الفعل للدلالة على أن الإبصار ثابت لهم من قبل ، وليس شيئا متجددا ، ولذلك أخبر عنهم بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبات.

(وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢))

عطف على جملة (الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا) [الأعراف : ٢٠١] عطف الضد على ضده ، فإن الضدية مناسبة يحسن بها عطف حال الضد على ضده ، فلما ذكر شان المتقين في دفعهم طائف الشياطين ، ذكر شان أضدادهم من أهل الشرك والضلال ، كما وقعت جملة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦] من جملة (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) في سورة البقرة [٢ ، ٣].

وجعلها الزّجاج عطفا على جملة (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) [الأعراف : ١٩٢] أي ويمدونهم في الغي ، يريد أن شركاءهم لا ينفعونهم بل يضرونهم بزيادة الغي. والإخوان جمع أخ على وزن فعلان مثل جمع خرب و ـ وهو ذكر بزيادة الغي.

والإخوان جمع أخ على وزن فعلان مثل جمع خرب ـ وهو ذكر الحبارى ـ على خربان.

٤٠٥

وحقيقة الأخ المشارك في بنوة الأم والأب أو في بنوة أحدهما ويطلق الأخ مجازا على الصديق الودود ومنه ما آخى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين المهاجرين والأنصار ، وقول أبي بكر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما خطب النبي منه عائشة «إنما أنا أخوك ـ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنت أخي وهي حلال لي» ويطلق الأخ على القرين كقولهم أخو الحرب ، وعلى التابع الملازم كقول عبد بني الحسحاس :

أخوكم ومولى خيركم وحليفكم

ومن قد ثوى فيكم وعاشركم دهرا

أراد أنه عبدهم ، وعلى النسب والقرب كقولهم : أخو العرب وأخو بني فلان.

فضمير (وَإِخْوانُهُمْ) عائد إلى غير مذكور في الكلام ، إذ لا يصح أن يعود إلى المذكور قبله قريبا : لأن الذي ذكر قبله (الَّذِينَ اتَّقَوْا) فلا يصح أن يكون الخبر ، وهو (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ) متعلقا بضمير يعود إلى المتقين ، فتعين أن يتطلب السامع لضمير (وَإِخْوانُهُمْ) معادا غير ما هو مذكور في الكلام بقربه ، فيحتمل أن يكون الضمير عائدا على معلوم من السياق وهم الجماعة المتحدث عنهم في هذه الآيات أعني المشركين المعنيين بقوله (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً) ـ إلى قوله ـ (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً) [الأعراف : ١٩٠ ـ ١٩٢] فيرد السامع الضمير إلى ما دل عليه السياق بقرينة تقدم نظيره في أصل الكلام ، ولهذا قال الزجاج : هذه الآية متصلة في المعنى بقوله : (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) [الأعراف : ١٩٢] ، أي وإخوان المشركين ، أي أقاربهم ومن هو من قبيلتهم وجماعة دينهم ، كقوله تعالى : (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ) [آل عمران : ١٥٦] أي يمد المشركون بعضهم بعضا في الغي ويتعاونون عليه فلا مخلص لهم من الغي.

ويجوز أن يعود الضميران إلى الشيطان المذكور آنفا باعتبار إرادة الجنس أو الأتباع ، كما تقدم ، فالمعنى وإخوان الشياطين أي أتباعهم كقوله : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) [الإسراء : ٢٧] أما الضميران المرفوعان في قوله : (يَمُدُّونَهُمْ) وقوله : (لا يُقْصِرُونَ) فهما عائدان إلى ما عاد إليه ضمير (إِخْوانُهُمْ) أي الشياطين ، وإلى هذا مال الجمهور من المفسرين ، والمعنى : وإخوان الشياطين يمدهم الشياطين في الغي ، فجملة يمدونهم خبر عن (إِخْوانُهُمْ) وقد جرى الخبر على غير من هو له ولم يبرز فيه ضمير من هو له حيث كان اللبس ما مونا وهذا كقول يزيد بن منقذ :

وهم إذا الخيل جالوا في كواثبها

فوارس الخيل لا ميل ولا قزم

٤٠٦

فجملة «جالوا» خبر عن الخيل وضمير «جالوا» عائد على ما عاد عليه ضمير «وهم» لا على الخيل. وقوله فوارس خبر ضمير الجمع.

ويجوز أن يكون المراد من الإخوان الأولياء ويكون الضميران للمشركين أيضا ، أي وإخوان المشركين وأولياؤهم ، فيكون «الإخوان» صادقا بالشياطين كما فسر قتادة ، لأنه إذا كان المشركون إخوان الشياطين ، كما هو معلوم ، كان الشياطين إخوانا للمشركين لأن نسبة الأخوة تقتضي جانبين ، وصادقا بعظماء المشركين ، فالخبر جار على من هو له ، وقد كانت هذه المعاني مجتمعة في هذه الآيات بسبب هذا النظم البديع.

وقرأ نافع ، وأبو جعفر : (يَمُدُّونَهُمْ) ـ بضم الياء وكسر الميم ـ من الامداد وهو تقوية الشيء بالمدد والنجدة كقوله : (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) [الشعراء : ١٣٣] ، وقرأه البقية : (يَمُدُّونَهُمْ) ـ بفتح الياء وضم الميم ـ من مد الحبل يمده إذا طوله ، فيقال : مد له إذا أرخى له كقولهم : (مد الله في عمرك) وقال أبو علي الفارسي في كتاب «الحجة» «عامة ما جاء في التنزيل مما يستحب أمددت على أفعلت كقوله : (أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) [المؤمنون : ٥٥] (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ) [الطور : ٢٢] و (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) [النمل : ٣٦] ، وما كان بخلافه يجيء على مددت قال تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [البقرة : ١٥] فهذا يدل على أن الوجه فتح الياء كما ذهب إليه الأكثر من القراء ـ والوجه في قراءة من قرأ يمدونهم ـ أي بضم الياء ـ أنه مثل (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران : ٢١] (أي هو استعارة تهكمية والقرينة قوله في الغي كما أن القرينة في الآية الأخرى قوله بعذاب) وقد علمت أن وقوع أحد الفعلين أكثر في أحد المعنيين لا يقتضي قصر إطلاقه على ما غلب إطلاقه فيه عند البلغاء وقراءة الجمهور (يَمُدُّونَهُمْ) ـ بفتح التحتية ـ تقتضي أن يعدى فعل (يَمُدُّونَهُمْ) إلى المفعول باللام ، يقال مد له إلا أنه كثرت تعديته بنفسه على نزع الخافض كقوله تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) وقد تقدم في سورة البقرة [١٥].

والغي الضلال وقد تقدم آنفا.

و (في) من قوله : (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ) على قراءة نافع وأبي جعفر استعارة تبعية بتشبيه الغي بمكان المحاربة ، وأما على قراءة الجمهور فالمعنى : وإخوانهم يمدون لهم في الغي من مد للبعير في الطول.

أي يطيلون لهم الحبل في الغي ، تشبيها لحال أهل الغواية وازديادهم فيها بحال النعم المطال لها الطول في المرعى وهو الغي ، وهو تمثيل صالح لاعتبار تفريق التشبيه في

٤٠٧

أجزاء الهيئة المركبة ، وهو أعلى أحوال التمثيل ويقرب من هذا التمثيل قول طرفة :

لعمرك أن الموت ما أخطأ الفتى

لكالطول المرخى وثنياه باليد

وعليه جرى قولهم : مد الله لفلان في عمره ، أو في أجله ، أو في حياته والإقصار الإمساك عن الفعل مع قدره الممسك على أن يزيد.

و (ثُمَ) للترتيب الرتبي أي وأعظم من الإمداد لهم في الغي أنهم لا يألونهم جهدا في الازدياد من الإغواء ، فلذلك تجد إخوانهم أكبر الغاوين.

(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣))

(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي).

معطوفة على جملة : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعراف : ١٩٩] والمناسبة أن مقالتهم هذه من جهالتهم والآية يجوز أن يراد بها خارق العادة أي هم لا يقنعون بمعجزة القرآن فيسألون آيات كما يشاءون مثل قولهم (فجر لنا من الأرض ينبوعا) وهذا المعنى هو الذي شرحناه عند قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها) في سورة الأنعام [١٠٩]. وروي هذا المعنى عن مجاهد ، والسدي ، والكلبي ويجوز أن يراد بآية آية من القرآن يقترحون فيها مدحا لهم ولأصنامهم ، كما قال الله عنهم : (قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ) [يونس : ١٥] روي عن جابر بن زيد وقتادة : كان المشركون إذا تأخر الوحي يقولون للنبي هلا أتيت بقرآن من عندك يريدون التهكم.

و (لَوْ لا) حرف تحضيض مثل (هلا).

والاجتباء الاختيار ، والمعنى : هلّا اخترت آية وسألت ربك أن يعطيكها ، أي هلا أتيتنا بما سألناك غير آية القرآن فيجيبك الله إلى ما اجتبيت ، ومقصدهم من ذلك نصب الدليل على أنه بخلاف ما يقول لهم إنه رسول الله ، وهذا من الضلال الذي يعتري أهل العقول السخيفة في فهم الأشياء على خلاف حقائقها وبحسب من يتخيلون لها ويفرضون.

والجواب الذي أمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأن يجيب به وهو قوله : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) صالح للمعنيين ، فالاتباع مستعمل في معنى الاقتصار والوقوف عند الحد ، أي لا أطلب آية غير ما أوحى الله إلي ، ويعضد هذا ما في الحديث الصحيح أن

٤٠٨

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما من الأنبياء إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» ويكون المعنى : إنما انتظر ما يوحى إلى ولا أستعجل نزول القرآن إذا تأخر نزوله فيكون الاتباع متعلقا بالزمان.

(هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

مستأنفة لابتداء كلام في التنويه بشأن القرآن منقطعه عن المقول للانتقال من غرض إلى غرض بمنزلة التذييل لمجموع أغراض السورة ، والخطاب للمسلمين.

ويجوز أن تكون من تمام القول المأمور بأن يجيبهم به ، فيكون الخطاب للمشركين ثم وقع التخلص لذكر المؤمنين بقوله : (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

والإشارة ب (هذا بَصائِرُ) إلى القرآن ، ويجوز أن تكون الإشارة إلى ما تقدم من السورة أو من المحاجة الأخيرة منها ، وإفراد اسم الإشارة لتأويل المشار إليه بالمذكور.

والبصائر جمع بصيرة وهي ما به اتضاح الحق وقد تقدم عند قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) في سورة الأنعام [١٠٤] ، وهذا تنويه بشأن القرآن وأنه خير من الآيات التي يسألونها ، لأنه يجمع بين الدلالة على صدق الرسول بواسطة دلالة الإعجاز وصدوره عن الأمي ، وبين الهداية والتعليم والإرشاد ، والبقاء على العصور.

وإنما جمع «البصائر» لأن القرآن أنواعا من الهدى على حسب النواحي التي يهدي إليها ، من تنوير العقل في إصلاح الاعتقاد ، وتسديد الفهم في الدين ، ووضع القوانين للمعاملات والمعاشرة بين الناس ، والدلالة على طرق النجاح والنجاة في الدنيا ، والتحذير من مهاوي الخسران.

وأفرد الهدى والرحمة ؛ لأنهما جنسان عامان يشملان أنواع البصائر فالهدى يقارن البصائر والرحمة غاية للبصائر ، والمراد بالرحمة ما يشمل رحمة الدنيا وهي استقامة أحوال الجماعة وانتظام المدنية ورحمة الآخرة وهي الفوز بالنعيم الدائم كقوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل : ٩٧].

وقوله : (مِنْ رَبِّكُمْ) ترغيب للمؤمنين وتخويف للكافرين.

٤٠٩

و (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يتنازعه (بصائر) و (هدى) و (رحمة) لأنه إما ينتفع به المؤمنون ، فالمعنى هذا بصائر لكم وللمؤمنين ، و (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) خاصة إذ لم يهتدوا ، وهو تعريض بأن غير المؤمنين ليسوا أهلا للانتفاع به وأنهم لهوا عن هديه بطلب خوارق العادات.

(وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤))

يؤذن العطف بأن الخطاب بالأمر في قوله : (فَاسْتَمِعُوا) ـ و (أَنْصِتُوا) وفي قوله : (لَعَلَّكُمْ) تابع للخطاب في قوله (هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) [الأعراف : ٢٠٣] إلخ ، فقوله : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ) من جملة ما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يقوله لهم وذلك إعادة تذكير للمشركين تصريحا أو تعريضا بأن لا يعرضوا عن استماع القرآن وبأن يتأملوه ليعلموا أنه آية عظيمة ، وأنه بصائر وهدى ورحمة ، لمن يؤمن به ولا يعاند ، وقد علم من أحوال المشركين أنهم كانوا يتناهون عن الإنصات إلى القرآن (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت : ٢٦].

وذكر اسم القرآن إظهار في مقام الإضمار ، لأن القرآن تقدم ذكره بواسطة اسم الإشارة فنكتة هذا الإظهار : التنويه بهذا الأمر ، وجعل جملته مستقلة بالدلالة غير متوقفة على غيرها ، وهذا من وجوه الاهتمام بالكلام ومن دواعي الإظهار في مقام الإضمار استقريته من كلام البلغاء.

والاستماع الإصغاء وصيغة الافتعال دالة على المبالغة في الفعل ، والإنصات الاستماع مع ترك الكلام فهذا مؤكد (لا تسمعوا). مع زيادة معنى. وذلك مقابل قولهم : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت : ٢٦] ، ويجوز أن يكون الاستماع مستعملا في معناه المجازي ، وهو الامتثال للعمل بما فيه كما تقدم آنفا في قوله : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا) [الأعراف : ١٩٨] ويكون الإنصات جامعا لمعنى الإصغاء وترك اللغو.

وهذا الخطاب شامل للكفار على وجه التبليغ ، وللمسلمين على وجه الإرشاد لأنهم أرجى للانتفاع بهديه لأن قبله قوله : (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأعراف : ٢٠٣].

ولا شبهة في أن هذه الآية نزلت في جملة الآيات التي قبلها وعلى مناسبتها ، سواء أريد بضمير الخطاب بها المشركون والمسلمون معا ، أم أريد المسلمون تصريحا والمشركون تعريضا ، أم أريد المشركون للاهتداء والمسلمون بالأحرى لزيادته.

٤١٠

فالاستماع والإنصات المأمور بهما هما المؤديان بالسامع إلى النظر والاستدلال ، والاهتداء بما يحتوي عليه القرآن من الدلالة على صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم المقضي إلى الإيمان به ، ولما جاء به من إصلاح النفوس ، فالأمر بالاستماع مقصود به التبليغ واستدعاء النظر والعمل بما فيه ، فالاستماع والإنصات مراتب بحسب مراتب المستمعين.

فهذه الآية مجملة في معنى الاستماع والإنصات وفي مقتضى الأمر من قوله : (فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) ، يبين بعض إجمالها سياق الكلام والحمل على ما يفسر سببها من قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت : ٢٦] ، ويحال بيان مجملها فيما زاد على ذلك على أدلة أخرى. وقد اتفق علماء الأمة على أن ظاهر الآية بمجرده في صور كثيرة مؤول ، فلا يقول أحد منهم بأنه يجب على كل مسلم إذا سمع أحدا يقرأ القرآن أن يشتغل بالاستماع وينصت ، إذ قد يكون القارئ يقرأ بمحضر صانع في صنعته فلو وجب عليه الاستماع لأمر بترك عمله ، ولكنهم اختلفوا في محمل تأويلها : فمنهم من خصها بسبب رأوا أنه سبب نزولها ، فرووا عن أبي هريرة أنها نزلت في قراءة الإمام في الجهر ، وروى بعضهم أن رجلا من الأنصار صلى وراء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة جهرية فكان يقرأ في الصلاة والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ فنزلت هذه الآية في أمر الناس بالاستماع لقراءة الإمام. وهؤلاء قصروا أمر الاستماع على قراءة خاصة دل عليها سبب النزول عندهم على نحو يقرب من تخصيص العام بخصوص سببه ، عند من يخصص به ، وهذا تأويل ضعيف ، لأن نزول الآية على هذا السبب لم يصح ، ولا هو مما يساعد عليه نظم الآية التي معها ، وما قالوه في ذلك إنما هو تفسير وتأويل وليس فيه شيء مأثور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومنهم من أبقى أمر الاستماع على إطلاقه القريب من العموم ، ولكنهم تأولوه على أمر الندب ، وهذا الذي يؤخذ من كلام فقهاء المالكية ، ولو قالوا المراد من قوله قرئ قراءة خاصة ، وهي أن يقرأه الرسول عليه الصلاة والسلام على الناس لعلم ما فيه والعمل به للكافر والمسلم ، لكان أحسن تأويلا.

وفي «تفسير القرطبي» عن سعيد (بن المسيب) : كان المشركون يأتون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا صلى فيقول بعضهم لبعض لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه فأنزل الله تعالى جوابا لهم (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا).

على أن ما تقدم من الاخبار في محمل سبب نزول هذه الآية لا يستقيم لأن الآية مكية وتلك الحوادث حدثت في المدينة. أما استدلال أصحاب أبي حنيفة على ترك قراءة

٤١١

المأموم إذا كان الإمام مسرا بالقراءة ، فالآية بمعزل عنه إذ لا يتحقق في ذلك الترك معنى الإنصات.

ويجب التنبه إلى أن ليس في الآية صيغة من صيغ العموم لأن الذي فيها فعلان هما (قرئ) (واستمعوا) والفعل لا عموم له في الإثبات.

ومعنى الشرط المستفاد من (إذا) يقتضي إلا عموم الأحوال أو الأزمان دون القراءات وعموم الأزمان أو الأحوال لا يستلزم عموم الأشخاص بخلاف العكس كما هو بين.

(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥))

إقبال بالخطاب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يختص به ، بعد أن أمر بما أمر بتبليغه من الآيات المتقدمة ، والمناسبة في هذا الانتقال أن أمر الناس باستماع القرآن يستلزم أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بقراءة القرآن عليهم قراءة جهرية يسمعونها ، فلما فرغ الكلام من حظ الناس نحو قراءة الرسول عليه الصلاة والسلام ، أقبل على الكلام في حظ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم من القرآن وغيره ، وهو التذكر الخاص به ، فأمر بأن يذكر الله ما استطاع وكيفما تسنى له ، وفي أوقات النهار المختلفة ، فجملة (وَاذْكُرْ رَبَّكَ) معطوفة على الجمل السابقة من قوله : (إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ) [الأعراف : ١٩٦] إلى هنا.

والنفس اسم للقوة التي بها الحياة ، فهي مرادفة الروح ، وتطلق على الذات المركبة من الجسد والروح ، ولكون مقر النفس في باطن الإنسان أطلقت على أمور باطن الإنسان من الإدراك والعقل كما في قوله تعالى حكاية عن عيسى (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) [المائدة : ١١٦] وقد مضى في سورة المائدة ، ومن ذلك يتطرق إلى إطلاقها على خويصة المرء ، ومنه قوله في الحديث القدسي في «صحيح البخاري» وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم» فقابل قوله : في نفسه بقوله : في ملإ.

والمعنى : اذكر ربك وأنت في خلوتك كما تذكره في مجامع الناس.

والذكر حقيقة في ذكر اللسان ، وهو المراد هنا ، ويعضده قوله : (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) وذلك يشمل قراءة القرآن وغير القرآن من الكلام الذي فيه تمجيد الله وشكره ونحو ذلك ، مثل كلمة التوحيد والحوقلة والتسبيح والتكبير والدعاء ونحو ذلك.

٤١٢

و «التضرع» التذلل ـ ولما كان التذلل يستلزم الخطاب بالصوت المرتفع في عادة العرب كني بالتضرع عن رفع الصوت مرادا به معناه الأصلي والكنائي ، ولذلك قوبل بالخفية في قوله (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) في أوائل هذه السورة [٥٥] وقد تقدم.

وقوبل التضرع هنا بالخيفة وهي اسم مصدر الخوف ، فهو من المصادر التي جاءت على صيغة الهيئة وليس المراد بها الهيئة ، مثل الشدة ، ولما كانت الخيفة انفعالا نفسيا يجده الإنسان في خاصة نفسه كانت مستلزمة للتخافت بالكلام خشية أن يشعر بالمرء من يخافه. فلذلك كني بها هنا عن الإسرار بالقول مع الخوف من الله ، فمقابلتها بالتضرع طباق في معنيي اللفظين الصريحين ومعنييهما الكنائيين ، فكأنه قيل تضرعا وإعلانا وخيفة وإسرارا.

وقوله : (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) هو مقابل لكل من التضرع والخيفة وهو الذكر المتوسط بين الجهر والإسرار ، والمقصود من ذلك استيعاب أحوال الذكر باللسان ، لأن بعضها قد تكون النفس أنشط إليه منها إلى البعض الآخر.

و (الغدو) اسم لزمن الصباح وهو النصف الأول من النهار.

و (الآصال) جمع أصيل وهو العشي وهو النصف الثاني من النهار إلى الغروب.

والمقصود استيعاب أجزاء النهار بحسب المتعارف ، فأما الليل فهو زمن النوم ، والأوقات التي تحصل فيها اليقظة خصت بأمر خاص مثل قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) [المزمل : ٢] على أنها تدخل في عموم قوله : (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ).

فدل قوله : (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) على التحذير من الغفلة عن ذكر الله ولا حد للغفلة ، فإنها تحدد بحال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو أعلم بنفسه. فإن له أوقاتا يتلقى فيها الوحي وأوقات شئون جبلّية كالطعام.

وهذا الأمر خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام ، وكل ما خص به الرسول عليه الصلاة والسلام من الوجوب يستحسن للأمة اقتداؤهم به فيه إلا ما نهوا عنه مثل الوصال في الصوم.

وقد تقدم أن نحو (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) أشد في الانتفاء وفي النهي من نحو : ولا تغفل ، لأنه يفرض جماعة يحق عليهم وصف الغافلين فيحذر من أن يكون في زمرتهم وذلك أبين للحالة المنهي عنها.

٤١٣

(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦))

تتنزل منزلة العلة للأمر بالذكر ، ولذلك صدرت ب (إِنَ) التي هي لمجرد الاهتمام بالخبر ، لا لرد تردد أو إنكار ، لأن المخاطب منزه عن أن يتردد في خبر الله تعالى ، فحرف التوكيد في مثل هذا المقام يغني غناء فاء التفريع ، ويفيد التعليل كما تقدم غير مرة ، والمعنى : الحث على تكرر ذكر الله في مختلف الأحوال ، لأن المسلمين مأمورون بالاقتداء بأهل الكمال من الملإ الأعلى ، وفيها تعريض بالمشركين المستكبرين عن عبادة الله بأنهم منحطون عن تلك الدرجات.

والمراد ب (الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) الملائكة ، ووجه جعل حال الملائكة علة لأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالذكر : أن مرتبة الرسالة تلحق صاحبها من البشر برتبة الملائكة ، فهذا التعليل بمنزلة أن يقال : اذكر ربك لأن الذكر هو شان قبيلك ، كقول ابن دارة سالم بن مسافع :

فإن تتقوا شرا فمثلكم اتقى

وإن تفعلوا خيرا فمثلكم فعل

فليس في هذا التعليل ما يقتضي أن يكون الملائكة أفضل من الرسل ، كما يتوهمه المعتزلة لأن التشبه بالملائكة من حيث كان الملائكة أسبق في هذا المعنى ؛ لكونه حاصلا منهم بالجبلّة فهم مثل فيه ، ولا شبهة في أن الفريق الذين لم يكونوا مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة ، إذا تخلقوا بمثل خلق الملائكة ، كان سموهم إلى تلك المرتبة أعجب ، واستحقاقهم الشكر والفضل له أجدر.

ووجه العدول عن لفظ الملائكة إلى الموصولية : ما تؤذن به الصلة من رفعة منزلتهم ، فيتذرع بذلك إلى إيجاد المنافسة في التخلق بأحوالهم.

و (عِنْدَ) مستعمل مجازا في رفعة المقدار ، والحظوة الإلهية.

وقوله : (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) ليس المقصود به التنويه بشأن الملائكة لأن التنويه بهم يكون بأفضل من ذلك ، وإنما أريد به التعريض بالمشركين وأنهم على النقيض من أحوال الملائكة المقربين ، فخليق بهم أن يكونوا بعداء عن منازل الرفعة ، والمقصود هو قوله : (وَيُسَبِّحُونَهُ) أي ينزهونه بالقول والاعتقاد عن صفات النقص ، وهذه الصلة هي المقصودة من التعليل للأمر بالذكر.

٤١٤

واختيار صيغة المضارع لدلالتها على التجديد والاستمرار ، أو كما هو المقصود وتقديم المعمول من قوله : (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) للدلالة على الاختصاص أي ولا يسجدون لغيره ، وهذا أيضا تعريض بالمشركين الذين يسجدون لغيره ، والمضارع يفيد الاستمرار أيضا.

وهنا موضع سجود من سجود القرآن ، وهو أولها في ترتيب الصحف ، وهو من المتفق على السجود فيه بين علماء الأمة ، ومقتضى السجدة هنا أن الآية جاءت للحض على التخلق بأخلاق الملائكة في الذكر ، فلما أخبرت عن حالة من أحوالهم في تعظيم الله وهو السجود لله ، أراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبادر بالتشبه بهم تحقيقا للمقصد الذي سبق هذا الخبر لأجله.

وأيضا جرى قبل ذلك ذكر اقتراح المشركين أن يأتيهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بآية كما يقترحون فقال الله له : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) [الأعراف : ٢٠٣] وبأن يأمرهم بالاستماع للقرآن وذكر أن الملائكة يسجدون لله ، شرع الله عند هذه الآية سجودا ؛ ليظهر إيمان المؤمنين بالقرآن وجحود الكافرين به حين سجد المؤمنون ، ويمسك المشركون الذين يحضرون مجالس نزول القرآن ، وقد دل استقراء مواقع سجود القرآن أنها لا تعدو أن تكون إغاظة للمشركين أو اقتداء بالأنبياء أو المرسلين كما قال ابن عباس في سجدة ، (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) [ص : ٢٤] أن الله تعالى قال : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام : ٩٠] فداود ممن أمر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأن يقتدي به.

٤١٥
٤١٦

محتوى الجزء الثامن من كتاب تفسير التحرير والتنوير

سورة الأعراف

أغراضها........................................................................ ٧

(المص)...................................................................... ٨

(كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ ـ إلى ـ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ)....................................... ٩

(اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ـ إلى ـ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)........................... ١٢

(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها ـ إلى ـ إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ).................................... ١٥

(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ ـ إلى ـ وَما كُنَّا غائِبِينَ)............................... ٢١

(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ ـ إلى ـ يَظْلِمُونَ)............................................ ٢٢

(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ ـ إلى ـ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ)............................... ٢٦

(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ـ إلى ـ مِنَ الصَّاغِرِينَ)........................................... ٢٨

(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ـ إلى ـ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)................................ ٣٥

(قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي ـ إلى ـ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ).............................. ٣٦

(قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً ـ إلى ـ أَجْمَعِينَ).................................. ٣٩

(وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ـ إلى ـ مِنَ الظَّالِمِينَ).......................... ٤٠

(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ ـ إلى ـ لَمِنَ النَّاصِحِينَ).................................. ٤٣

(فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ ـ إلى ـ عَدُوٌّ مُبِينٌ).............................................. ٤٧

(وَناداهُما رَبُّهُما ـ إلى ـ مِنَ الْخاسِرِينَ)........................................... ٥٠

(قالَ اهْبِطُوا ـ إلى ـ إِلى حِينٍ).................................................. ٥٢

(قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ)................................. ٥٤

(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً ـ إلى ـ يَذَّكَّرُونَ)................................ ٥٦

(يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ ـ إلى ـ لا يُؤْمِنُونَ)............................... ٥٩

(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً ـ إلى ـ ما لا تَعْلَمُونَ)........................................ ٦٣

٤١٧

(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ـ إلى ـ مُهْتَدُونَ)........................................... ٦٧

(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ ـ إلى ـ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).............................. ٧١

(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ ـ إلى ـ يَعْلَمُونَ)............................................ ٧٣

(قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ـ إلى ـ ما لا تَعْلَمُونَ)................................ ٧٦

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ـ إلى ـ يَسْتَقْدِمُونَ)............................................. ٧٨

(يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ـ إلى ـ هُمْ فِيها خالِدُونَ)....................... ٨١

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ـ إلى ـ تَكْسِبُونَ)............................ ٨٥

(إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ـ إلى ـ نَجْزِي الظَّالِمِينَ)................................... ٩٦

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ـ إلى ـ هُمْ فِيها خالِدُونَ)........................ ٩٩

(وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ ـ إلى ـ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)........................ ١٠٠

(وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ ـ إلى ـ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ)................ ١٠٤

(وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ ـ إلى ـ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)................ ١٠٨

(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً ـ إلى ـ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)........................ ١١١

(وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ ـ إلى ـ يَجْحَدُونَ)......................... ١١٣

(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ ـ إلى ـ يُؤْمِنُونَ).......................................... ١١٦

(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ـ إلى ـ يَفْتَرُونَ)......................................... ١١٨

(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ـ إلى ـ رَبُّ الْعالَمِينَ)..... ١٢١

(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ـ إلى ـ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)........................ ١٣١

(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً ـ إلى ـ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). ١٣٣

(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ ـ إلى ـ تَذَكَّرُونَ)....................................... ١٣٦

(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ـ إلى ـ يَشْكُرُونَ)........................... ١٤٢

(لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ـ إلى ـ يَوْمٍ عَظِيمٍ).................................. ١٤٤

(قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ ـ إلى ـ مُبِينٍ)............................................. ١٤٦

٤١٨

(قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ ـ إلى ـ تُرْحَمُونَ)................................... ١٤٧

(فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ ـ إلى ـ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ)................................ ١٥٢

(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً ـ إلى ـ مِنَ الْكاذِبِينَ)................................... ١٥٤

(قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ ـ إلى ـ أَمِينٌ)....................................... ١٥٦

(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ ـ إلى ـ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)...................... ١٥٧

(قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ ـ إلى ـ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).............................. ١٦٠

(فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ـ إلى ـ وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ)........................ ١٦٥

(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ـ إلى ـ عَذابٌ أَلِيمٌ).................................. ١٦٦

(وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ ـ إلى ـ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)...... ١٧٠

(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ـ إلى ـ إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ)............ ١٧١

(فَعَقَرُوا النَّاقَةَ ـ إلى ـ فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ)....................................... ١٧٣

(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ ـ إلى ـ النَّاصِحِينَ).............................................. ١٧٦

(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ ـ إلى ـ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)..................................... ١٧٧

(وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ ـ إلى ـ يَتَطَهَّرُونَ)........................................ ١٨١

(فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ ـ إلى – اقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)....................................... ١٨٢

(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً ـ إلى ـ الْحاكِمِينَ).................................... ١٨٥

(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ـ إلى ـ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ)................. ١٩٥

(وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ـ إلى ـ الْخاسِرِينَ)............................ ٢٠١

(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ ـ إلى ـ عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ)......................................... ٢٠٣

(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نبيء ـ إلى ـ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)............................ ٢٠٤

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى ـ إلى ـ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ)................................ ٢٠٨

(أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ ـ إلى ـ لا يَسْمَعُونَ).......................................... ٢١٣

(تِلْكَ الْقُرى ـ إلى ـ لَفاسِقِينَ)................................................. ٢١٦

(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى ـ إلى ـ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)............................. ٢٢١

٤١٩

(وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ ـ إلى ـ لِلنَّاظِرِينَ)....................................... ٢٢٤

(قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ـ إلى ـ عَلِيمٌ)....................................... ٢٢٨

(وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ ـ إلى ـ عَظِيمٍ)........................................... ٢٣٢

(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى ـ إلى ـ صاغِرِينَ).......................................... ٢٣٥

(وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ـ إلى ـ مُسْلِمِينَ)...................................... ٢٣٨

(وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ ـ إلى ـ لِلْمُتَّقِينَ).................................... ٢٤٣

(قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ ـ إلى ـ تَعْمَلُونَ).......................................... ٢٤٦

(وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ ـ إلى ـ لا يَعْلَمُونَ)..................................... ٢٤٨

(وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ ـ إلى ـ مُجْرِمِينَ).................................... ٢٥٢

(وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ ـ إلى ـ يَنْكُثُونَ)....................................... ٢٥٦

(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ ـ إلى ـ غافِلِينَ)................................................ ٢٥٨

(وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ ـ إلى ـ يَعْرِشُونَ)................................................ ٢٦٠

(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ ـ إلى ـ عَلَى الْعالَمِينَ).............................. ٢٦٣

(وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ـ إلى ـ عَظِيمٌ).................................... ٢٦٨

(وَواعَدْنا مُوسى ـ إلى ـ الْمُفْسِدِينَ)............................................ ٢٦٩

(وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا ـ إلى ـ مِنَ الشَّاكِرِينَ)................................. ٢٧٢

(وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ ـ إلى ـ سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ)............................. ٢٧٩

(سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ ـ إلى ـ غافِلِينَ)...................................... ٢٨٦

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ـ إلى ـ يَعْمَلُونَ).......................................... ٢٩٠

(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى ـ إلى ـ ظالِمِينَ)............................................ ٢٩١

(وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ ـ إلى ـ مِنَ الْخاسِرِينَ)................................... ٢٩٣

(وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى ـ إلى ـ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)...................................... ٢٩٥

(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ ـ إلى ـ رَحِيمٌ)........................................ ٣٠٠

(وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ ـ إلى ـ يَرْهَبُونَ)................................ ٣٠٣

٤٢٠