القيمة للمالك ، وبقي حق الله سبحانه ، ويشكل حينئذ بأنه متى كان الصيد مملوكا كما هو المفروض من قبضه من المحل ، فقد تعارض حق الله سبحانه بوجوب الإرسال ، وحق المالك ، ومن القواعد المقررة عندهم مع التعارض تقديم حق الآدمي على حق الله تعالى ، فالواجب حينئذ بناء على ما قلنا هو رده على المالك ، وضمان حق الله سبحانه ، وأما لو كان المقبوض منه محرما فإنه غير مالك فيتعين الإرسال مع عدم الضمان لمن قبضه منه.
وثالثها : ما ذكره من أنه يضمن بالتلف لصاحبه المحل قيمته ، وان ذكره غيره أيضا ، حيث انهم عدوا ذلك من العواري المضمونة ، وان لم يشترط فيها الضمان ، الا أن فيه اشكالا ، لعدم الوقوف على دليل عليه في المقام ، ولم يصرحوا له هنا بدليل ، ومجرد تحريم الاستعارة لا يدل على الضمان ، سواء قيل : بفساد العقد الذي ادعوه هنا ، أم بصحته ، أما على تقدير الحكم بصحته فلما ذكرناه من عدم الدليل ، والأصل في العارية أن يكون غير مضمونة الا ما استثنى ، وليس هذا منه ، لما عرفت.
وأما على تقدير الحكم بفساده فلما تقرر من القاعدة المشهورة «ان كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، ومالا فلا».
ولو قيل : بأنه يمكن الاستدلال على الضمان بإطلاق النصوص الدالة على أن المحرم إذا أتلف صيدا مملوكا فعليه القيمة لمالكه ، وما نحن فيه كذلك ، قلنا : هذا معارض بالنصوص الصحيحة الدالة على أن العارية غير مضمونة ، الا ما استثنى ، وليس هذا منه ، وليس تخصيص الثاني بالأول أولى من العكس ، وترجيح أحدهما على الآخر يحتاج الى دليل ، هذا كله إذا كان المستعير محرما كما عرفت ، فلو كان الصيد في يد محرم فاستعاره المحل فظاهر كلامهم الجواز.
قال في التذكرة : ولو كان الصيد في يد محرم فاستعاره المحل ، فان قلنا المحرم يزول ملكه عن الصيد ، فلا قيمة له على المحل ، لأنه أعاره ما ليس ملكا له ،