مقباس الهداية في علم الدراية - ج ٢

الشيخ عبد الله المامقاني

مقباس الهداية في علم الدراية - ج ٢

المؤلف:

الشيخ عبد الله المامقاني


المحقق: الشيخ محمّد رضا المامقاني
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٦

١- المراد: المولى ملا علي كني الطهراني.

٢- توضيح المقال في علم الرجال - المطبوع ذيل منهج المقال -: ٤٣، و لم أجد نص العبارة.

٣- الفوائد البهبهانية: ٨ [ذيل رجال الخاقاني: ٣٧].

عن الضعفاء و المجاهيل، أو رواية راوي فاسد العقيدة عنه، أو أبرز الرواية التي ظاهرها الغلو أو التفويض أو الجبر أو التشبيه أو.. نحو ذلك مما لا يوجب الفسق، فكما أن تصحيحهم غير مقصور على العدالة، فكذا تضعيفهم غير مقصور على الفسق، كما لا يخفى على من تتبع و تأمل(١). و قد يعترض عليه بأن فهم الأكثر منه القدح في نفس الرجل إنما هو عند الإطلاق، و الموارد التي أشار إليها مما قامت فيه قرينة على الخلاف، و لا مانع من استفادة الجرح منه عند الإطلاق

٣٠١

١- ان نسبة الضعف عند بعض القدماء خاصة القميين منهم و ابن الغضائري من غيرهم كانت هينة، بل تراهم يضعّفون بما ليس بموجب للفسق كالرواية عن الضعفاء أو الحكاية عن المجاهيل أو اعتماد المراسيل، بل قال الوحيد رحمه اللّه في التعليقة ٨: بل و ربما كانت مثل الرواية بالمعنى و نظائره سببا، و لعل من أسباب الضعف عندهم قلّه الحافظة و سوء الضبط، و الرواية من غير إجازة، و الرواية عمن لم يلقه، و اضطراب ألفاظ الرواية... و كذا نسبة الغلو عندهم حتى تراهم ان نفي السهو عنهم عليهم السّلام غلوّا، بل ربما جعلوا نسبة مطلق التفويض إليهم أو المختلف فيه أو الإغراق في تعظيمهم و رواية المعجزات عنهم و خوارق العادات لهم أو المبالغة في تنزيههم من النقائص و إظهار سعة قدرتهم و إحاطة العلم بمكنونات الغيوب في السماء و الأرض ارتفاعا موجبا للتهمة، على حد تعبير صاحب نهاية الدراية: ١٦٨ و قال: فينبغي التأمل في جرح القدماء بأمثال هذه الأمور، و من لحظ موقع قدحهم في كثير من المشاهير كيونس بن عبد الرحمن و محمد بن سنان و المفضل بن عمر و معلى بن خنيس و سهل بن زياد و نصر ابن الصباح عرف أنهم قشريون كما ذكرنا. و الحاصل أن تضعيفهم ليس بقادح عكس مدحهم، و الضعف عندهم أعم من الضعف في الحديث أو المحدث.

و عدم القرينة(١).

و منها:

قولهم: ضعيف الحديث

قولهم: ضعيف الحديث، و مضطرب الحديث(٢)و مختلط الحديث(٣) و منكر الحديث - بفتح

٣٠٢

١- و الذي يظهر من كلامهم أو ينبغي إرادتهم مطلق القدح في نفس الرجل لا خصوص الفسق، و عليه فيشمل ما لو كان التضعيف لسوء ضبطه أو قلّة حفظه أو عدم المبالاة في الرواية في أخذها و نقلها. و نعمّ ما قال في الفوائد: ٨: كما أن تصحيحهم غير مقصور على العدالة فكذا تضعيفهم غير مقصور على الفسق.

٢- و يراد منه أن حديثه تارة يصلح و تارة يفسد كما قال ابن الغضائري في إسماعيل ابن مهران - كما حكاه العلامة في الخلاصة: ٨، و غيره - حديثه ليس بالنقي، يضطرب تارة و يصلح أخرى. و هي كلمة كثيرا ما تتردد على لسان ابن الغضائري. و قد يقال: مضطرب من دون إضافة، و يراد منها: الراوي يستقيم تارة و ينحرف أخرى.

٣- من خلط أو اختلط بعد استقامة بخرق - بضم الخاء فسكون الراء - و هو الحمق و ضعف العقل و فسق، كالواقفة بعد استقامتهم في زمن الكاظم (عليه السّلام)، و الفطحية في زمن الصادق عليه السّلام. هذا و لا شك بقبول ما رواه قبل الاختلاط إن اجتمعت شرائطه و ارتفعت موانعه دون ما بعده، أما لو شك في التقدم و التأخر فيرد الحديث مع الإطلاق لكونه شك في المحصل، و يعلم ذلك إما بالتاريخ أو بقول الراوي عنه و غير ذلك. و قد عدّ ابن داود في رجاله: ٥٤٦ جمعا ممن كان مخلطا أو مضطربا. و ذكر الشيخ في رجاله باب من لم يرو عنهم (عليهم السّلام): ٤٨٦ علي بن أحمد العقيقي و قال: روى عنه ابن أخي طاهر، مخلط و ذكر في أصحاب الإمام علي (عليه السّلام): ٥١ برقم (٧٩) عطاء بن رياح مخلط، و من أصحاب الصادق عليه السّلام: ٢١١ برقم ١٤٨ سلمة بن صالح الأحمر الواسطي، أصله كوفي مخلط. و لم أجد غير هؤلاء في رجاله.

الكاف -(١) و لين الحديث(٢) - أي يتساهل في روايته من(٣) غير الثقة - و ساقط الحديث، و متروك الحديث(٤)، و ليس بنقي الحديث(٥)، و يعرف حديثه و ينكر(٦)، و غمز عليه في حديثه، و واهي الحديث - اسم فاعل من وهى أي ضعف في الغاية، تقول: و هى الحائط إذا ضعف و هم بالسقوط، و هو كناية عن شدة ضعفه و سقوط اعتبار حديثه -(٧)، و كذا ليس بمرضي الحديث، و.. أمثال ذلك(٨)، و لا شبهة في إفادة كل منها الذم في حديثه،

٣٠٣

١- عن البخاري - كما حكاه ابن قطان - إن: كل من قلت فيه: منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه - حكاه في ميزان الاعتدال: ٥/١ و حاشية البداية. و ليس بشيء، إذ هذا اصطلاح خاص منه، و إن صحّ في الجملة.

٢- سئل الدارقطني - كما حكاه البغدادي في الكفاية: ٦٠ - ما المراد من ليّن الحديث؟ فقال: لا يكون ساقطا متروك الحديث، و لكن مجروحا بشيء لا يسقط عن العدالة، و حكاه السخاوي في شرح الالفية: ٣٤٦/١، فتدبر.

٣- خ. ل: عن.

٤- و قد يقال: متروك، و يراد منه في نفسه، كما مر.

٥- و المراد الغض عن حديثه.

٦- قد بسطنا الكلام في قولهم: يعرف حديثه و ينكر في الفائدة الخامسة من فوائد مقدمة تنقيح المقال، فلاحظ. (منه قدس سره). لاحظ مستدرك رقم (١٩٥) حيث ذكرنا نص عبارة المصنف رحمه اللّه هناك.

٧- و نظيره واه بمرة، أي قولا واحدا لا تردد فيه، و كأنّ الباء زيدت تأكيدا.

٨- مثل ليس بكل التثبت في الحديث. أو لم يكن بذلك. أو حديثه ليس بذلك النقي، أو متقارب الحديث، أو ليس بذلك القوي، و اشباه ذلك مما لا دلالة فيه على كونه جارحا، نعم يصلح أغلبه في عدّه شاهدا أو مقويا في مقام الترجيح، فتدبر. و منها قولهم: مقارب الحديث، و قد أفاد البلقيني في محاسن الاصطلاح المطبوع ذيل مقدمة ابن الصلاح: ٢٤٠: من أن مقارب الحديث - بكسر الراء - من ألفاظ التعديل، و سوى البطليموسي بين الفتح و الكسر، ثم قال: و فيه نظر، فالفتح تجريح، تقول هذا بتر مقارب أي رديء، ذكره ثعلب.

و في دلالتها على القدح في العدالة وجهان: من أن مقتضى مصيرهم الى استفادة وثاقة الرجل من قولهم: ثقة في الحديث هو القدح في وثاقته بما ذكر، فكما أنه يبعد الوثوق بأحاديث رجل ما لم يكن ثقة في نفسه، فكذا يبعد الحكم بأمثال ما ذكر ما لم يكن ضعيفا في نفسه.

و من أنه لا ملازمة بين ما ذكر و بين فسق الرجل أو ضعفه في نفسه، و ظاهر تقييد الضعف و نحوه بالحديث هو عدمه في نفسه، و الفرق بين ثقة في الحديث و ضعيف في الحديث ظاهر، ضرورة كون الوثاقة منشأ الوثوق بالرّواية، و ضعف الحديث غير ملازم للفسق.

و من هنا استظهر بعض الأجلّة الوجه الثاني، بل زاد أنه لم يذهب الى الأول ذاهب(١) و أن كان فيه إن الشهيد الثاني (رحمه اللّه) في البداية عدّ مضطرب الحديث و منكره و لينه و ساقطه من ألفاظ الجرح(٢)، و كفى به ذاهبا الى الأول.

و فرّق المولى الوحيد(٣) بين قولهم: ضعيف الحديث و بين ما بعده من العبارات المزبورة، حيث جزم بعد التأمّل في دلالة ضعيف

٣٠٤

١- قاله المولى ملاّ عليّ كني في توضيح المقال: ٤٣ - المطبوع في آخر منهج المقال -

٢- البداية: ٧٩ [البقال: ٧٥/٢].

٣- في التّعليقة على منهج المقال: ٨ و ٩.

على القدح بكون ضعيف الحديث أدون منه دلالة، ثم جزم في بقيّة العبارات بعدم الظّهور في القدح في العدالة، و عدم كونها من أسباب الجرح و ضعف الحديث على رواية المتأخرين، و إنما هي أسباب مرجوحية الرواية تعتبر في مقام الترجيح، و بينها تفاوت في المرجوحية، فمضطرب الحديث أشد بالقياس الى الثاني و..

هكذا(١).

ثم إنّ ما ذكر إنما هو فيما إذا أضيفت الألفاظ المزبورة الى الحديث، و أما مع عدم الإضافة كقولهم: متروك، و ساقط، و واهي، و ليس بمرضيّ و.. نحو ذلك فلا ينبغي التأمّل في إفادتها ذمّا في الراوي نفسه، بل عدّها في البداية من ألفاظ الجرح(٢).

و منها:

قولهم: ليس بذلك الثّقة أو العدل أو الوصف المعتبر في ذلك، عدّه في البداية من ألفاظ الجرح(٣)، و حكى الوحيد عن جده المجلسي الأول عدّ قولهم: ليس بذلك؛ ذمّا، ثم قال: و لا يخلو من تأمّل، لاحتمال أن يراد أنه ليس بحيث يوثق به وثوقا تامّا، و إن كان فيه نوع من وثوق من قبيل قولهم: ليس بذلك الثقة، و لعل هذا هو

٣٠٥

١- بل كل أسباب المدح و القدح كذلك، فلاحظ و تدبّر.

٢- البداية: ٧٩-٨٠ [البقال: ٧٥/٢] إلا أن بعض نسخ البداية الخطية ليست معنونة بألفاظ الجرح، و لعل العنوان من زيادات الشراح، فتدبر.

٣- البداية: ٧٩ [البقال: ٧٥/٢].

الظاهر، فيشعر بنوع مدح، فتأمّل(١).

و الإنصاف أن ما في البداية و ما ذكره في طرفي الإفراط و التّفريط، و إن الأظهر كون ليس بذلك ظاهرا في الذّم غير دال على الجرح، و مجرد الاحتمال الّذي ذكره لا ينافي ظهور اللفظ في الذّم، و أما قولهم ليس بذلك الثّقة و.. نحوه فلا يخلو من إشعار بمدح ما، فتدبّر(٢).

و منها:

قولهم: مخلط أو مختلط

قولهم: مخلّط و مختلط(٣)، ففي منتهى المقال عن بعض أجلاء

٣٠٦

١- الفوائد البهبهانيّة: ٩، و تبعه في شعب المقال: ٣٠ فقال: بل لا يبعد دلالة ذلك على نوع مدح يعني ليس بحيث يوثّق به وثوقا تامّا و إن كان فيه وثوق في الجملة. و قال في توضيح المقال: ٤٣: و لعله لذا أو غيره لم يذهب ذاهب هنا الى افادتها القدح في العدالة.

٢- و كذا قولهم: ليس حديثه بذلك النّقي، فإنه أضعف في ذم الحديث من ليس بنقي الحديث، أما أن هذه الألفاظ هل هي قادحة في العدالة؟ فلا، كما هو واضح.

٣- إذا قيل على الإطلاق فيراد منه مخلّط في نفسه و اعتقاده كمختلط الأمر، و إن قيل فيما يرويه كما قال ابن الوليد - على ما حكي عنه في محمد بن جعفر بن بطّة - مخلّط فيما يسنده، فالظاهر منه أنه ليس بمخلّط في اعتقاده، و كثيرا ما يضاف في مقام الذّم فيقال: مخلّط الحديث أو مضطرب الحديث أو ليس بنقي الحديث و أشباه ذلك. قال في نهاية الدّراية: ١٦٩: إنّي عثرت على حديث في التّهذيب يدلّ على استعمال الإمام لفظ مخلّط فيما ذكرنا من فساد المذهب رواه الشّيخ عن إسماعيل الجعفري [كذا، و الصحيح: الجعفي] قال قلت لابي جعفر عليه السّلام: رجل يحب أمير المؤمنين عليه السّلام و لا يتبرأ من أعدائه [في المصدر: يبرأ من عدوه] و يقول هو أحبّ إليّ [في المصدر: ممن خالفه]، فقال عليه السّلام: هو مخلّط، و هو عدوّ لا تصل خلفه و لا كرامة، إلاّ أن تتقيه. انظر: تهذيب الأحكام: ٢٨/٣، حديث: ٩٧.

عصره - أيضا - ظاهر في القدح، لظهوره في فساد العقيدة، ثم قال:

و فيه نظر، بل الظاهر أن المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي و عمّن(١) يأخذ، يجمع(٢) بين الغث و السّمين، و العاطل و الثمين، و ليس هذا طعنا في الرجل، ثم قال: و لو كان المراد فاسد العقيدة، كيف يقول سديد الدين محمود الحمصي(٣) أن ابن إدريس مخلّط؟ و كيف يقول الشيخ (رحمه اللّه) في باب من لم يرو عنهم (عليهم السّلام) أنّ عليّ بن أحمد العقيقي مخلّط(٤)؟ مع عدم تأمّل من أحد في كونه إماميّا و(٥) في: النجاشي في محمد بن جعفر بن أحمد بن بطّة(٦)، بعد اعترافه بكونه كثير(٧) المنزلة بقم، كثير الأدب و العلم و الفضل قال: كان يتساهل في الحديث، و يعلّق الأسانيد

٣٠٧

١- في المنتهى: و ممّن.

٢- الظاهر: و يجمع، و كذا في توضيح المقال (رجال أبو عليّ): ٤٤، فراجع، و في المنتهى: يأخذ، و كتب عليها: يجمع، و كلاهما بدون واو.

٣- في المصدر هنا هكذا: على ما في المقنعة (عه).

٤- رجال الشّيخ: ٤٨٦ - باب من لم يرو عنهم عليهم السّلام - برقم ٦٠.

٥- في حاشية الأصل: و كيف يقول.

٦- هنا سقط و هو: أنه مخلط مع، و قد كتب في الحاشية، و لا معنى ل (مع) و (بعد).

٧- في المنتهى: كبير، و هو الصّحيح و كذا في رجال النّجاشي.

بالإجازات. و في فهرست: ما رواه غلط كثير، قال ابن الوليد كان ضعيفا مختلطا فيما يسنده(١)، فتدبّر. و قوله: في جابر بن يزيد أنه كان في نفسه مختلطا(٢)، و يؤيد ما قلناه، لأن الكلمة إذا كانت تدلّ بنفسها على ذلك لما زاد قبلها كلمة بنفسه لهذا، مع أن تشيّع الرجل في الظهور كالنور على الطّور. و في ترجمة: محمد بن وهبان الدّبيلي:

ثقة من أصحابنا واضح الرّواية قليل التّخليط(٣)، فلاحظ و تدبّر، فإنه ينادي بما قلناه و صريح فيما فهمناه، و في محمد بن أرومة(٤) في النجاشي: كتبه صحاح إلاّ كتابا ينسب إليه من ترجمة(٥) تفسير الباطن، فإنّه مختلط(٦) و نحوه في الفهرست(٧).

فإن قلت: الأصل ما قلناه، الى أن يظهر الخلاف فلا خلاف.

قلت: اقلب تصب، لأن الكلمتين المذكورتين مأخوذتان من

٣٠٨

١- رجال النجاشي: ٢٨٨، بتصرّف.

٢- رجال النّجاشي: ١٠٠.

٣- رجال النّجاشي: ٣٠٩، بنصّه.

٤- في الأصل: أورمة، و كذا في رجال النّجاشي، و قال الشّيخ في الفهرست:

٥- محمد بن أورمة، و ضبطه العلاّمة في الخلاصة هكذا، أي بضم الهمزة و إسكان الواو و فتح الراء المهملة و الميم و الهاء، ثم قال: و قد تقدّم الراء على الواو، فراجع. في النّجاشي: ترجمته، و هو الظاهر.

٦- رجال النّجاشي: ٢٥٣، بلفظه.

٧- فهرست الشّيخ: ١٧٠ ترجمة رقم (٦٢١).

الخلط و هو الخبط - أي المزج - و الأصل بقاؤهما على معناهما الأصلي الى أن تتحقّق حقيقة ثانية، فتدبر(١). و ما ذكره لا بأس به.

و منها:

قولهم: مرتفع القول

قولهم: مرتفع القول، جعله في البداية من ألفاظ الجرح، و فسّره بأنه لا يقبل قوله و لا يعتمد عليه(٢)، و لم أفهم الوجه في هذا التفسير و لا في جعله من أسباب الجرح، فإن عدم قبول قوله قد يكون لجهات اخر غير الفسق، و العام لا يدل على الخاص، فلا يكون من ألفاظ الجرح، بل الذم خاصة، إلا أن يريد بالجرح مطلق الذم، كما لعله غير بعيد بملاحظة بعض آخر من الألفاظ التي جعلها من أسباب الجرح، و إن كان إطلاق الجرح على مطلق الذم خلاف الاصطلاح، و خلاف جعله في صدر العنوان للجرح مقابل التعديل، و الذي أظن أن المراد بقولهم مرتفع القول أنه من أهل الارتفاع و الغلو(٣) فيكون

٣٠٩

١- الى هنا كلام صاحب منتهى المقال: ٦-١٥، و قال في توضيح المقال: ٤٤ - بعد نقله عبارة المنتهى -: ثم استشهد على مختاره بما لا يشهد له، إذ غايته إطلاق ذلك على غير فاسد العقيدة، و لا مجال لإنكاره، و أين هذا من ظهور الإطلاق؟ كما أن كون المبدأ الخلط الّذي هو المزج لا يقتضي ما ذكره، فإن استعمال التّخليط في فساد العقيدة أمر عرفي لا ينكر، و لا ينافيه كون أصل وضع اللغة على خلافه، مع أنه لا مخالفة أن فساد العقيدة ربما يكون بتخليط صحيحها بسقيمها، بل الغالب في المرتدين عن الدين أو المذهب كذلك، لبعد الرّجوع عن جميع العقائد.

٢- البداية: ٧٩ [البقال: ٧٥/٢].

٣- و كذا في مذهبه ارتفاع كمرتفع القول، أو من أهل الارتفاع، و كان من الطيارة، يريدون بذلك كله التّجاوز بالأئمّة عليهم السّلام الى ما لا يسوغ، و كونه غاليا، لاحظ بحث الغلو.

ذلك جرحا حينئذ لذلك، فتأمل.

و منها:

قولهم: متهم بالكذب أو الغلو..

قولهم: متّهم بالكذب، أو الغلو أو.. نحوهما من الأوصاف القادحة، و لا ريب في إفادته الذم، بل جعله في البداية من ألفاظ الجرح(١).

و فيه: ما عرفت، إلا على التّوجيه الذي عرفت، مع ما فيه كما عرفت(٢).

***

٣١٠

١- البداية: ٧٩ [البقال: ٧٥/٢].

٢- لاحظ مستدرك رقم (١٩٦) مراتب الذم و الجرح عند العامة. و مستدرك رقم (١٩٧) طبقات المجروحين. و مستدرك رقم (١٩٨) فوائد الباب.

المقام الرابع في سائر أسباب الذم و ما تخيل كونه من ذلك:

منها: كثرة روايته عن الضعفاء و المجاهيل

فمنها:

كثرة روايته عن الضعفاء و المجاهيل(١)، جعله القميون و ابن الغضائري من أسباب الذم، لكشف ذلك عن مسامحة في أمر الرواية.

و أنت خبير بأنه كما يمكن أن يكون لذلك يمكن أن يكون لكونه سريع التصديق، أو لأن الرواية غير العمل(٢)، فتأمل.

و منها:

٣١١

١- و كذا قولهم لا يبالي عمن أخذ، أو يعتمد المراسيل و أشباه ذلك.

٢- لعدم وجود منافاة بين الوثاقة و الرواية عن الضعفاء. و قد رمى القميون كثيرا و طردوا البعض لذلك مثل أحمد بن محمد البرقي، و الحسن بن محمد بن جمهور القمي، و حاتم ابن أبي حاتم القزويني، و محمد بن عبد اللّه، و علي بن أبي سهل و غيرهم مع أن أكثرهم ثقات بلا شبهة و ريب.

منها: كثرة رواية المذمومين عنه

كثرة رواية المذمومين عنه، أو ادعاؤهم كونه منهم.

و هذا كسابقه في عدم الدلالة على الذم، بل أضعف من سابقه، لأن الرواية عن الضعيف تحت طوعه دون رواية المذموم عنه، فتأمل.

منها: روايته عنهم (ع) على وجه يظهر منه كونهم رواة لا حججا

و منها:

أن يروي عن الأئمة (عليهم السّلام) على وجه يظهر منه أخذهم (عليهم السّلام) رواة لا حججا، كأن يقول: عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عن علي (عليه السّلام) أو عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلّم). قال المولى الوحيد (رحمه اللّه):.. فإنه مظنة عدم كونه من الشيعة، إلا أن يظهر من القرائن كونه منهم، مثل أن يكون ما رواه موافقا لمذهبهم و مخالفا لمذهب غيرهم، أو أنه يكثر من الرواية عنهم غاية الإكثار، أو أن غالب رواياته يفتون بها و يرجحونها على ما رواه الشيعة أو.. غير ذلك، فيحمل كيفية روايته على التقية، أو تصحيح مضمونها عند المخالفين و(١) ترويجه فيهم سيما المستضعفين و(٢) غير الناصبين منهم، أو تأليفا لقلوبهم، أو استعطافا لهم الى التشيع، أو.. غير ذلك(١).

٣١٢

١- التعليقة: ١٢ [ذيل رجال الخاقاني: ١-٦٠] ثم أمر بالتأمل. هذا و إن هذه الطريقة شائعة بين الطائفة تبركا بأسمائهم سلام اللّه عليهم فلا يحكم بمجرد ذلك بقدحه، و إن كان في النفس شيء على من يطالبهم سلام اللّه عليهم بإسناد أقوالهم و إثبات دعاويهم. و في الكافي الشريف: ٥٣/١ حديث ١٤ و في الوسائل: ٥٨/١٨ أحاديث أن كل ما يحدثونه فهو عن الباري عزّ اسمه، و قد سبق ان نقلناه في المستدرك.

قلت: مجرد كيفية الرواية لا دلالة فيه على كونه من غير الشيعة بوجه، فكان الأولى جعل الأصل عدم الدلالة، و ذكر ضد الشواهد المذكورة شواهد على الدلالة، بحيث تفيد بانضمامها عدم كونه شيعيا، و لعله لذا أمر في ذيل كلامه بالتأمل.

منها: كونه كاتب الخليفة و من عماله

و منها:

كونه كاتب الخليفة أو الوالي أو من عماله، فإن ظاهره الذم كما اعترف به العلامة في ترجمة: حذيفة(١)، حيث أنه قيل في حقه إنه كان واليا من قبل بني أمية، فقال العلامة (رحمه اللّه): إنه يبعد انفكاكه عن القبيح(٢). و يؤيد ذلك ما رواه في أحمد بن عبد اللّه الكرخي(٣) من أنه: كان كاتب إسحاق بن إبراهيم فتاب، و أقبل على تصنيف الكتب(٤) فإن التوبة لا تكون إلا عن ذنب. نعم يرفع

٣١٣

١- المراد به: حذيفة بن منصور بن كثير بن سلمة الخزاعي أبو محمد.

٢- الخلاصة: ١-٦٠.

٣- المراد به أبو جعفر أحمد بن عبد اللّه بن مهران المعروف بابن خانبة، ذكره الشيخ في رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم السّلام: ٤٥٣ برقم ٩٣، و في الفهرست: ٥٠ برقم ٧٩ و كان من غلمان يونس بن عبد الرحمن، و له مكاتبة مع الإمام الرضا عليه السّلام ذكرها النجاشي في رجاله: ٢٦٦ في ترجمة ولده محمد.

٤- كما ذكره في التعليقة: ١٢، و في منهج المقال: ٣٨ في ترجمة أحمد بن عبد اللّه بن مهران، و تنقيح المقال: ٦٥/١، و النص في رجال الكشي: ٥٦١ برقم: ١٠٧١.

اليد عن الظاهر المذكور بورود المدح و التعديل فيه كما في علي بن يقطين(١) و.. نحوه. و قال المولى الوحيد: إنا لم نر من المشهور التأمل من هذه الجهة كما في يعقوب بن يزيد، و حذيفة بن منصور و..

غيرهما. و لعله لعدم مقاومتهما(٢) التوثيق المنصوص أو المدح المنافي باحتمال كونها باذنهم (عليهم السّلام) أو تقية و حفظا لأنفسهم أو غيرهم، أو اعتقادهم الإباحة أو.. غير ذلك من الوجوه الصحيحة.. الى أن قال: و بالجملة، تحققها منهم على الوجه الفاسد بحيث لا تأمل في فساده و لا يقبل الاجتهاد في تصحيحه بأن تكون في اعتقادهم صحيحة و إن أخطئوا في اجتهادهم غير معلوم، مع أن الأصل في أفعال المسلمين الصحة. و ورد: كذّب سمعك و بصرك ما تجد إليه سبيلا، و أمثاله كثيرة، و أيضا أنهم عليهم السّلام أبقوهم على حالهم و أقرّوا لهم ظاهرا مع أنهم كانوا متدينين بأمرهم (عليهم السّلام) مطيعين لهم و يصلون الى خدمتهم، و يسألونهم عن أحوال أفعالهم و.. غيرها. و ربما كانوا (عليهم السّلام) ينهون بعضهم فينتهي.. الى غير ذلك من أمثال ما ذكر، بل ربما ظهر مما ذكر أن القدح بأمثالها مشكل و إن لم يصادمها التوثيق و المدح، فتأمل(٣).

٣١٤

١- تجد له ترجمة ضافية مع كل ما روى فيه و عنه في رجال المامقاني: ٧/٢ - ٣١٥، فراجع.

٢- لفظ التثنية في كلامه أعلى اللّه مقامه راجع الى لفظي: كاتب الخليفة و كاتب الوالي، و لعله خبر (لكونها).

٣- فوائد الوحيد البهبهاني: ١٢ بلفظه. [ذيل رجال الخاقاني: ٢-٦١].

قلت: لعل وجه التأمل أن ظاهر الفعل القدح ما لم تقم القرائن الصارفة، فما لم يصادمه التوثيق و المدح ينبغي عدّه قادحا، كما بنى على ذلك بعض من تأخر عنه.

منها: كون الرجل من بني امية

[(١)و منها:

كون الرجل من بني أمية، فإنه من أسباب الذم، و لذا توقف بعضهم في رواية سعد الخير مع دلالة الأخبار على جلالته و علو شأنه، و جعل منشأ التوقف و الإشكال أنه قد تواتر عنهم (عليهم السّلام) لعن بني أمية قاطبة كما في زيارة عاشوراء المقطوع أنها منهم (عليهم السّلام). و ما استفاض عنهم (عليهم السّلام) من أن بني أمية يؤاخذون بأفعال آبائهم لأنهم يرضون بها، و ما رواه في الصافي(٢)عن الاحتجاج عن الحسن بن علي (عليهما السّلام) في حديث قال لمروان بن الحكم: أما أنت يا مروان، فلست أنا سببتك و لا سببت أباك(٣)، و لكن اللّه(٤) لعنك و لعن أباك و أهل بيتك و ذريتك و ما خرج من صلب أبيك الى يوم القيامة على لسان نبيه محمد (صلى اللّه عليه و آله و سلّم). و اللّه يا مروان! ما تنكر أنت و لا أحد ممن حضر

٣١٥

١- من هنا الى قوله: و منها فساد العقيدة من زيادات الطبعة الثانية.

٢- تفسير الصافي: ٢/٣-٢٠١. بنصه.

٣- في الأصل: سبيتك و لا سبيت أباك.. الى آخره، و هو غلط، و الصحيح ما أثبتناه.

٤- خ. ل: عز و جل، كذا في الاحتجاج.

هذه اللعنة من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) لك و لأبيك من قبلك، و ما زادك اللّه(١) بما خوفك إلا طغيانا كبيرا.(٢) الحديث.

و ألطف منه تعميم كلام اللّه المجيد و الشجرة الملعونة في القرآن(٣)، فإنه روى الخاصة و العامة مستفيضا أنها في بني أمية(٤)، فهذا التعميم مع أنه متواتر النقل محفوف بالقرائن على إرادة التعميم، فإن رمت تخصيصه بما ورد في حق سعد و.. نحوه كان ذلك هادما لأساس جواز تعميم اللعن. و قد ورد التعبد به، بل وجوبه، فلو كان يجوز ذلك لحرم تعميمه و إطلاقه، فكان يجب تقييده، مع أن الذي ورد فيه زيادة على ذلك تأكيده كما في زيارة عاشوراء ب «قاطبة»، ثم قال البعض:

فإن قلت: قد ورد الذم و المدح لطوائف و أهل قبائل و بلدان على ذلك النحو، كما ورد أن أهل أصفهان لا يكون فيهم خمس

٣١٦

١- يا مروان، كذا في الأصل.

٢- الاحتجاج: ٤١٦/١. و بذا خاطبت عائشة مروان بقولها: لعن اللّه أباك و أنت في صلبه، فأنت بعض من لعنه اللّه، ثم قالت: و الشجرة الملعونة في القرآن. تفسير القرطبي: ٢٨٦/١٠.

٣- و هي قوله تعالى: وَ ما جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْناكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنّاسِ وَ اَلشَّجَرَةَ اَلْمَلْعُونَةَ فِي اَلْقُرْآنِ... الآية، الإسراء: ٦٠.

٤- كما ذكره السيوطي في الدر المنثور: ١٩١/٤ و السيرة الحلبية: ٣٣٧/١ و الآلوسي في تفسيره: ١٠٧/١٥ و الشوكاني في تفسيره: ٢٣١/٣. و ذكر العلامة الأميني رحمه اللّه في غديره أكثر من خمسة عشر مصدرا غير ما ذكرناه، لاحظ الغدير: ٢٤٩/٨ و ما بعدها، أما عن طريق الخاصة فأجدني في غنى عن عدّ المصادر لتسالمهم عليها.

خصال: الغيرة، و السماحة، و الشجاعة، و الكرم، و حبنا أهل البيت (عليهم السّلام)(١). و مثله: في مدح أهل مصر، و الظاهر من أمثال هذه الإطلاقات هو الأغلب من أولئك، لأنا نجد في بعض الأفراد على خلاف ما ورد، و لا سيما أهل مصر، فإنه لا يبعد أن يقال انقلب المدح الى الذم.

قلت: لا يبعد ذلك في أمثال هذه الخطابات، و لكن في خصوص الشجرة الملعونة حيث تأكدت العمومات و تعبدنا اللّه بلعنهم وجوبا، و لا يتمّ هذا التعبد إلا بالتعميم الحقيقي، و متى قام احتمال التخصيص و لو بفرد امتنع التعبد قطعا، ففرق بين الأمرين، فلذلك لا يجوز اللعن و الذم فيما ورد من غير الشجرة. و يؤيده احتجاج أبي ذر بإطلاق قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) إذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال اللّه دولا، و عباده خولا، و دينه دخلا(٢)، على ذم عثمان بن عفان، فلو كان التخصيص محتملا لما

٣١٧

١- قد وردت الرواية في بحار الأنوار: ٣٠١/٤١ حديث: ٣٢ هكذا: إن أهل أصفهان لا يكون فيهم خمس خصال: السخاوة، و الشجاعة، و الأمانة، و الغيرة، و حبنا أهل البيت. و للعلامة المجلسي هنا بيان جدير بالملاحظة.

٢- و الرواية هكذا: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال اللّه دولا، و عباد اللّه خولا، و دين اللّه دغلا، كما أخرجه الحاكم في مستدركه: ٤٧٩/٤ و المتقي الهندي في كنز العمال: ٣٩/٦ و غيرهما، و في صفحة: ٩١ من المجلد السادس من كنز العمال عن علي أمير المؤمنين عليه السّلام: لكل أمة آفة و آفة هذه الأمة بنو أمية. و في الإصابة: ٣٥٣/١ في قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم: ويل لبني أمية - ثلاث - و عن طريق العامة: كان أبغض الأحياء أو الناس الى رسول اللّه بنو أمية، كما ذكره في هامش الصواعق: ١٤٣.

صح الاستدلال. و يؤكده استدلال الحسن (عليه السّلام) على ذم مروان بن الحكم بعموم رواية الاحتجاج، على أن الظاهر من سياق الحديث التعميم كما لا يخفى.

و أما تأويل تلك الآية و الأخبار بأن المراد ببني أمية جميع و الجهنميين من أهل الإسلام سواء كانوا من نسل أو غيرهم، فمردود، بأن ذلك ان تمّ يكون شاهدا للتعميم لغيرهم من حذوهم، و لا يوجب التخصيص بغير الثقة العدل منهم.

و الاستشهاد للتخصيص بكثرة الأخبار بمدح علي بن يقطين مع كونه أمويا مردود، بعدم نطق أحد بهذا النسب لابن يقطين، و لو ثبت أمكن كون نسبته الى بني أمية لتبني واحد منهم إياه، لا لكونه من نسلهم حقيقة، و كذا الحال في كون سعد الخير من ولد عمر بن عبد العزيز، و قد كان التبني دأبا في الجاهلية و الإسلام كما ذكرنا شرحه في ترجمة: زيد بن حارثة الكلبي(١). و لقد تبنى النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) زيدا كما في قوله تعالى وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ (٢)مع أنه عمه أو زوج أمه، سمي بالأب لتبنيه إياه. فظهر من ذلك كله أن كون الرجل من بني أمية من أسباب الذم، إلا أنه ما دام احتمال التبني الذي كان شائعا قائما لا يجرح العدل به.

٣١٨

١- تنقيح المقال: ٤٦٢/١.

٢- الأنعام: ٧٤، و لا يخفى ما في العبارة من تشويش.

هذا ثم لا يخفى عليك أن ما ذكرناه على فرض تماميته لا يتم في كل من لقّب بالأموي ما لم يعلم انتسابه الى بني أمية المعروفين، ضرورة أن الأموي - بفتح الهمزة و الميم - نسبة الى أمية بن نخالة(١) بن مازن، - و بضم الهمزة و فتح الميم - نسبة الى أمية بن عبد بن شمس ابن مناف، كما قاله السمعاني(٢)، و المذموم إنما هو المنتسب الى أن الموسوم بالأمية الأكبر دون الأول المدعو بأمية الأصغر.

و قد عثرت بعد حين على ما يهدم أساس ما ذكرناه، و هو ما رواه الشيخ المفيد (رحمه اللّه) في كتاب الاختصاص بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، قال: دخل سعد - و كان أبو جعفر (عليه السّلام) يسميه سعد الخير و هو من ولد عبد العزيز بن مروان - على أبي جعفر (عليه السّلام) فبينا ينشج كما تنشج النساء، فقال له أبو جعفر (عليه السّلام): ما يبكيك يا سعد؟ قال: و كيف لا أبكي و أنا من الشجرة الملعونة في القرآن؟ فقال (عليه السّلام): لست منهم أموي، أنت(٣) منّا أهل البيت (عليهم السّلام) أ ما سمعت قوله تعالى: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي )(٤). فإنه يدلّ على أن المدار على الإيمان و التقوى، و هو الذي يساعد عليه أصول المذهب و قواعد العدل و الأخبار و الآيات الكثيرة، حيث ترى نفي الولاية عن ابن نوح

٣١٩

١- في المصدر: بحاله، و هو الصحيح.

٢- الأنساب: ٣٤٨/١.

٣- في المصدر: أنت أموي.

٤- الاختصا

٣٢٠