بعض المعتدلين من الرواة أن أصحاب ابن الزبير كانوا يوقدون النار وهم حول الكعبة فعلقت النار في بعض أستارها فسرت الى أخشابها وسقوفها فاحترقت (١) وهي رواية أقرب في اعتدالها الى الواقع مما عداها من روايات التهويل والتشنيع.
نجاح ابن الزبير : وظل القتال على حاله حتى وافت الأخبار بنعي يزيد ففتر الحماس بين صفوف جند الشام ورأى الحصين بن نمير أنه يقاتل منذ اليوم إلى غير غاية فاجتمع بابن الزبير في ظاهر مكة وقال له : ان كان هذا الرجل قد هلك فأنت أحق الناس بهذا الأمر فهلم وارحل معي الى الشام فو الله لا يختلف عليك اثنان.
ولكن ابن الزبير حسبها خدعة فرد عليه ردا أساءه فنفر منه ابن نمير ، وفي رواية أخرى أن ابن الزبير ندم على ما كان من غلظته فبعث اليه يقول : أما الشام فلا آتيه ولكن خذ لي البيعة من هناك ان شئت ، ويعلق صاحب تاريخ الاسلام السياسي على هذا فيقول ان ابن الزبير كان متأثرا بالفكرة القومية وهي اعادة النفوذ والسيطرة الى بلاد الحجاز كما كان في عهد النبي وأبي بكر وعمر وعثمان لهذا أبى أن يغادر الحجاز ، كما يعلق صاحب التاريخ السياسي للدولة العربية فيقول ان بقاء ابن الزبير في مكة كان من أسباب ضعفه لعدم جواز القتال فيها وقتاله فيها يسيء الى حرمة الكعبة.
واني لا أستبعد تأثر ابن الزبير بالفكرة القومية فقد كان من أشد معاصريه تحمسا لها ولكني أفهم أن ذلك لا يمنعه من الرحيل الى الشام لأخذ البيعة ثم
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقي ١ / ١٣٩