إعادة بناء قلعة صفد
يعد عصر الحروب الصليبية عصر القلاع ، ذلك أن الصليبيين لم يشعروا قط بالأمان ، وعاشوا دوما خلف حصون وقلاع ومدن مسورة ، واهتم العلماء المعاصرون بالقلاع في عصر الصليبيين ، وقد اطلعت على عدد من الدراسات المهمة في هذا الميدان نشرت أحدثها وأكثرها أهمية في الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية ، وكانت صفد بين أهم القلاع التي أعاد الصليبيون عمارتها ، بعد هدمها من قبل المسلمين في أعقاب معركة حطين ، وكان الشروع في اعادة البناء هذه في العام ١٢٤٠ م وجاء ذلك ضمن ظروف كان الصليبيون يأملون فيها في إعادة سلطان لهم على أراضي كبيرة داخل فلسطين ، قد تمهد لاسترداد القدس ، عندما ستأتي الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا ، والمهم هنا أننا نمتلك حول اعادة بناء صفد رواية هي الأكثر تفصيلا حول بناء أية قلعة صليبية في الشرق ، وكاتب هذا الوصف هو غير معروف ، ولكنه كان شاهد عيان ، وصحيح أن صفد لم تشهد قلعتها أعمال كشف أثرية حديثة ، يرفد مواد هذا الشاهد ، ما جاء حول فتحها ، وما ورد في كتاب تاريخ صفد.
وكان صاحب الشخصية المحورية في إعادة بناء صفد ، وصاحب الفكرة التي رست خلف المشروع هو بيندكت أوف ألينان Benedict of Alignan أسقف مرسيليا (١٢٢٩ ـ ١٢٧٧) ، ومن المحتمل أن الكاتب كان في بطانته ، ومهما كان أصله ، لقد كانت له علاقات وشيجة مع الداوية الذين كانت الرسالة دعاية لهم عظيمة جدا ، ووفقا لما رواه المؤلف ، كان بعض الصليبيين من جيش الكونت ثيوبولد أوف شامبين قلقين يريدون تخليص أنفسهم من جرمهم الذي اقترفوه ، عند هزيمة ، وموت ، وأسر عدد كبير من رفاقهم ، على أيدي المصريين عند غزة في العام ١٢٣٩ ، لذلك اقترحوا أن يسهموا بدفع مبلغ سبعة آلاف مارك ،