كتابا إلى نائب قلعة الكرك ، يأمره بإطلاق الظاهر ، فأطلقه ؛ وكان من أمره ما ذكرناه ، وكان من أمر مماليكه الذين ثاروا بالقلعة ، أنهم استولوا عليها لعجز أصحاب منطاش عن مقاومتهم ، وبعثوا يبشرون مولاهم بذلك ، وكان ممن بعثوه لبشارته عنان.
فلما عرف السلطان ذلك ، أقبل إلى مصر ، وأعرض عن حصار منطاش بدمشق ، وبعد استقرار السلطان بالقلعة ، شفع كبير مماليكه المستولين على القلعة ، وهو بطا الدوادار ، لعنان ، فى ولاية مكة ، فأجابه السلطان لسؤاله ، ولكن أقر علىّ بن عجلان على ولاية نصف إمرة مكة ، شريكا لعنان ، لما فى نفسه على عنان ، وتجهز عنان إلى مكة ، ومعه شخص تركى من جهة السلطان ، ليقلده الولاية بمكة ، فلما انتهى عنان إلى ينبع ، حسّن له وبير بن مخبار أمير ينبع ، أن يحارب معه بنى إبراهيم ، ووعده بشىء على ذلك ، فمال إلى ذلك عنان.
وحارب مع وبير ، بنى إبراهيم ، فظهروا على بنى إبراهيم ، ثم توجه عنان إلى مكة ، وتلقاه كثير من بنى حسن ، قبل وصوله إلى الوادى ، ثم مشى الناس فى الألفة بينه وبين آل عجلان ، فمال كل منهم إلى ذلك ، فتوافقوا على أن كلا منهما ، يدخل مكة لحاجته ، فإذا قضاها خرج من مكة ، ولكل منهما فيها نواب ، بعضهم لقبض ما يخص كلا منهما من المتحصّل ، وبعضهم للحكم بها ، وأن يكون القواد مع عنان ، والأشراف مع على ، وكان الاتفاق على ذلك ووصوله إلى الوادى ، فى النصف الأول من شعبان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة.
وقبل نصفه بيومين ، دخل عنان مكة لابسا لخلعة السلطان ، وقرئ بها توقيعه ، ثم دعى له على زمزم وفى الخطبة ، ودام هذا بين المذكورين ، إلى الرابع والعشرين من صفر سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، ثم أزيل شعار ولاية عنان من مكة ، غير الدعاء له فى الخطبة ، فإنه لم يزل ، وسبب ذلك ، أن آل عجلان ، قطعوا الدعاء له على زمزم بعد المغرب ، وأخرجوا نوابه من مكة ، بعد أن هموا بقتله بالمسعى ، فى التاريخ المذكور ، وما نجا إلا بجهد عظيم ، وقصد فى حال هربه الأشراف ، مستنصرا بهم على آل عجلان ، وكانوا معه ، فأمره الأشراف بالانتصار بالقواد أصحابه ، فحركهم لنصره ، فما تحركوا ، لأنهم رأوا منه قبل ذلك تقصيرا ، وسبب ذلك أن بعض آل عجلان ، أحب تكدير خاطر القواد عليه ليتمكن منه آل عجلان ، وقال لعنان : أرى القواد جفاة ، ونحن نعينك عليهم ، فظن ذلك حقيقة ، وفعل ما أشير به عليه ، فتأثر منه القواد ، وحكوا ما رأوا منه لأصحابهم من آل عجلان ، فذموه معهم ، ونفروهم منه ، فازدادوا نفورا ، ولذلك تخلوا
عن نصره ، حين سألهم ذلك ، وبعد مفارقته لمكة على الوجه المذكور ، اجتمع به على بن عجلان، ومحمد بن محمود ، وكان علىّ لا يفصل أمرا دون ابن محمود ، واعتذر إليه بعدم العلم بتجرّى غلمانهم عليه ، وكان فى مدة ولايته مغلوبا مع أصحابه ، وكذا علىّ مع أصحابه ، وحصل بسبب ذلك ضرر على السفار إلى مكة ، لزيادة العرافة وقلة الأمن ، وخطف الأموال ، وأنهى هذا الحال إلى السلطان ، فاستدعى عنانا وعليا مع جماعة من أعيان الأشراف والقواد ، فأعرضوا عن الوصول لباب السلطان ، غير على وعنان ، فإنهما لم يجدا بدا من ذلك ، وبعد وصول هذا الاستدعاء ، تحرك لنصر عنان بعض الأشراف ، الذين مع على بن عجلان ، وألزموه بإخلاء مكة من العبيد وأتباعهم ، حتى يدخل إليها عنان ، ليتجهز منها لسفره ، فإذا تم جهازه ، خرج وعادوا إليها ، فما وسع علىّ إلا الموافقة ، فخرج المشار إليهم إلى منى ، ودخل عنان مكة ، وأقام بها حتى انقضى جهازه ، ثم توجه إلى مصر فى جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين ، وتلاه علىّ إليها ، وحضر إلى السلطان غير مرة ، ففوض إمرة مكة لعلى بمفرده ، وأمر عنانا بالإقامة بمصر ، ورتب له شيئا يصرفه ، ولم يسجنه ، ثم إن بعض بنى حسين أهل المدينة ، وشى به إلى السلطان ، وقال له : إنه يريد الهرب إلى مكة يفسد بها ، وأنه أعد نجبا لذلك ، فسجنه السلطان ببرج فى القلعة ، فى أثناء سنة خمس وتسعين وسبعمائة ، واستمر به إلى أن أنفذه السلطان إلى الإسكندرية ، فى آخر سنة تسع وتسعين وسبعمائة ، مع جمّاز بن هبة الحسينى صاحب المدينة ، وكان قبض عليه فى هذه السنة ، بإثر وصوله إلى مصر ، وبعث السلطان معهما إلى الإسكندرية ، على بن المبارك بن رميثة وولديه ، وسجن الجميع بالإسكندرية ، إلى أن مات الملك الظاهر.
فلما ولى ابنه الملك الناصر فرج ، شفع لهم بعض الناس فى إطلاقهم بالإسكندرية ، ومنعهم من الخروج من أبوابها ، فتم لهم ذلك ، ثم تكرر سجنهم وإطلاقهم بالإسكندرية على الصفة المذكورة ، ثم نقل عنان إلى مصر فى آخر سنة أربع وثمانمائة ، أو فى أول التى بعدها ، بسعى القاضى برهان الدين إبراهيم بن عمر ، تاجر الخواص الشريفة السلطانية ، لتغيره على صاحب مكة ، الشريف حسن بن عجلان ، لما أخذه من الذهب الكثير ، من ولده القاضى شهاب الدين أحمد ، لما انكسر المركب الذى كان فيه ، وهو إذ ذاك متوجها إلى اليمن ، وقصد المحلى بإطلاق عنان ، إخافة السيد حسن ، كى يردّ عليه المال ، أو ما أمكن منه ، ونوّه لعنان بولاية مكة ، فما قدّر ذلك ، لمعاجلة المنية عنانا.
وسبب موته ، أنه حصل له مرض خطر ، يقتضى إبطال بعض جسده ، فعولج من ذلك بإضجاعه بمحلّ فيه أثر النار ، حتى يخلص ذلك إلى أعضائه فيقويها.
وكان أثر النار الذى أضجعوه عليه ، شديد القوة فأحرقه فمات ، يوم الجمعة مستهل شهر ربيع الأول ، وقيل ثانيه ، سنة خمس وثمانمائة ، عن ثلاث وستين سنة.
وكان كثير الشجاعة والكرم ، عالى الهمة ، قليل الحظ فى الإمرة ، وأما فى بيت روحه ، فسعده فى ذلك عظيم ، وخلّف ولدين نجيبين ، أحدهما السيد محمد ، توفى بينبع فى النصف الثانى من ذى القعدة ، سنة ست وثمانمائة ، قافلا إلى مكة ، باستدعاء السيد حسن صاحب مكة ، والآخر السيد على ، وهو بقيد الحياة. وله اعتبار كبير بين قومه.
ومن محاسن أبيه ، أنه سمح لبنى شيبة ، سدنة الكعبة المعظمة ، ما كان يأخذه منهم أمراء مكة قبله ، وذلك جانب كبير من كسوتها ، فى كل سنة ، أو خمسة آلاف درهم عوضا عن ذلك ، مع ستارة الباب ، وثوب مقام إبراهيم عليهالسلام. ومما سمح به لبعض الشعراء ، وهو الجمال محمد بن حسن بن العليف ، ثلاثون ألف درهم ، جزاء على قصيدة مدحه بها أولها:
بروج زاهرات أو مغانى
٢٢٦٦ ـ عنبسة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى ، أبو الوليد ، ويقال أبو عثمان ، ويقال أبو عامر المكى :
روى عن أخته أم حبيبة ، وشداد بن أوس. روى عنه شهر بن حوشب ، وأبو صالح السمان ، وعمرو بن أوس الثقفى ، والمسيب بن رافع ، ومكحول ، وعطاء بن أبى رباح ، وآخرون. روى له الجماعة ، إلا البخارى.
قال خليفه بن خياط ، والليث بن سعد : حج بالناس سنة ست وأربعين ، وسنة سبع وأربعين.
وذكره مسلم فى الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة ، وذكره ابن حبّان فى الثقات. وقال الحافظ أبو نعيم : أدرك النبى صلىاللهعليهوسلم ، ولا تصح له صحبة ، ولا رؤية. روى عنه أبو أمامة الباهلى. انتهى.
وذكر الزبير بن بكار : أن معاوية بن أبى سفيان ، كان ولّى أخاه عنبسة الطائف ، ثم عزله وولاه لأخيهما عتبة بن أبى سفيان ، فعاتب عنبسة ، معاوية بن أبى سفيان على ذلك ، فقال معاوية : يا عنبسة ، إنه عتبة بن هند ، فقال عنبسة :
__________________
٢٢٦٦ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ٥ / ٦٩ ، الجرح والتعديل ٦ / ٤٠٠).
كنّا لصخر صالحا ذات بيننا |
|
جميعا فأمست فرّقت بيننا هند |
فإن تك هند لم تلدنى فإننى |
|
لبيضاء تنميها غطارفة مجد |
أبوها أبو الأضياف فى كل شتوة |
|
ومأوى ضعاف قد أضرّ بها الجهد |
له جفنات ما تزال مقيمة |
|
لمن ساقه غورا تهامة أو نجد |
فقال له معاوية : لا تسمعها منى بعد.
وذكر الزبير ، أن أمه وأم أخيه محمد بن أبى سفيان : عاتكة بنت أبى أزيهر بن أقيش ابن الحقيق بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن الحارث بن الغطريف ، من الأزد.
٢٢٦٧ ـ عوسجة الهاشمى :
مولى عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ، المكى ، روى عن مولاه. روى عنه عمرو ابن دينار.
روى له أصحاب السنن الأربعة ، وحديثه فى «أن المعتق يرث سيّده» قال أبو زرعة: مكى ثقة. وقال أبو حاتم : ليس بمشهور.
٢٢٦٨ ـ عون بن أثاثة بن عبّاد بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى ، يكنى أبا عبّاد ، وقيل أبا عبد الله :
قاله الواقدى ، وهو المعروف بمسطح على ما قال ابن عبد البر ، قال : واسمه عوف لا اختلاف فى ذلك. انتهى.
قال الزبير بن بكار : شهد مسطح بدرا والمشاهد كلها ، وأطعمه النبى صلىاللهعليهوسلم خمسين وسقا بخيبر. انتهى.
وهو ممن تكلم فى أمر عائشة رضى الله عنها ، بسبب الإفك الذى نسب إليها ، ولما أنزل الله تعالى براءة عائشة رضى الله عنها ، قال أبو بكر رضى الله عنه : والله لا أنفق على مسطح شيئا ، بعد الذى قاله لعائشة ، وكان رضى الله عنه ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره ، فأنزل اللهعزوجل : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) [النور : ٢٢] الآية. فقال أبو بكر رضى الله عنه : والله إنى لأحب أن يغفر الله لى ، فرجّع إلى مسطح رضى الله عنه النفقة التى كان ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها عنه أبدا.
__________________
٢٢٦٧ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٧ / ٢٤).
٢٢٦٨ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٦١٠٥ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠٢٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤١١٨).
والقرابة التى بين مسطح وبين أبى بكر رضى الله عنهما ، كون أم مسطح بنت خالة أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، كما سيأتى إن شاء الله تعالى فى ترجمته.
وذكر الأموى ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق ، أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه ، قال شعرا يعاتب به مسطحا ، بسبب كلامه فى عائشة رضى الله عنها.
وذكر ابن عبد البر ، أن النبى صلىاللهعليهوسلم ، جلد مسطحا فيمن جلد ، لرميهم عائشة رضى الله عنها بالإفك ، الذى بّرأها الله تعالى منه فى كتابه العزيز ، واختلف فى وفاة مسطح رضى الله عنه ، فذكر الزبير ، أنه توفى سنة أربع وثلاثين من الهجرة فى خلافة عثمان رضى الله عنه ، وهو ابن ست وخمسين سنة ، وقيل إنه شهد مع على رضى الله عنه صفين.
وقال ابن عبد البر : وهو الأكثر ، فعلى هذا تكون وفاته فى سنة سبع وثلاثين من الهجرة.
ومسطح : بميم مكسورة وسين مهملة ساكنة. وأثاثة بهمزة مضمومة ، ثم ثاء مثلثة مكررة.
٢٢٦٩ ـ عون بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى :
ذكره هكذا الذهبى وقال : ذكره ابن عبد البر ، ولم يزد على ذلك. ولم أره فى كتابه «الاستيعاب» وذكره الكاشغرى ، وقال : له صحبة.
٢٢٧٠ ـ عون بن جعفر بن أبى طالب الهاشمى :
ولد على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أمه أسماء بنت عميس رضى الله عنها ، وهى أم أخويه : عبد الله بن جعفر الجواد المشهور ، وأخيه محمد ، واستشهد عون ومحمد رضى الله عنهما بتستر ، ولعون رضى الله عنه عقب ، ولما جاء إلى المدينة نعى جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه ، دخل النبى صلىاللهعليهوسلم على بنى جعفر هؤلاء ، فدعا الحالق ، فحلق رءوسهم وقال : «أنا وليّهم فى الدنيا والآخرة».
٢٢٧١ ـ عون بن سليمان :
الفراش بالحرم الشريف. سمع من الحافظ صلاح الدين بن كيكلدىّ العلائى : الشفاء
__________________
٢٢٦٩ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٤ / ١٥٧).
٢٢٧٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٧٣ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٣٤ ، الإصابة ترجمة ٦١٢٢).
للقاضى عياض ، بفوت الميعاد الأول ، فى مجالس آخرها فى رجب سنة خمس وخمسين وسبعمائة بالحرم الشريف ، بقراءة شيخنا أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى المكى النحوى ، رحمة الله عليه.
* * *
من اسمه العلاء
٢٢٧٢ ـ العلاء بن جارية الثقفى :
أحد المؤلفة قلوبهم ، كان من وجوه ثقيف. ذكره هكذا ابن عبد البر ، وذكره الذهبى ، وزاد فى نسبه : ابن عبد الله ، وكان من حلفاء بنى زهرة.
٢٢٧٣ ـ العلاء بن أبى العباس الشاعر :
من أهل مكة. واسم أبى العباس : السائب بن فرّوخ ، مولى بنى الدّيل. يروى عن أبى جعفر محمد بن على. روى عنه السفيانان ، وابن جريج ، وأثنى عليه سفيان بن عيينة.
وقال الأزدى : شيعىّ غال. وقد روى عن أبى الطفيل ، أنه كان سمع منه. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات.
٢٢٧٤ ـ العلاء بن الحضرمى :
واسم الحضرمى ، عبد الله ، من غير خلاف ، واختلف فى اسم أبى «عبد الله» ، فقيل : عبد الله بن عمار ، وقيل عبد الله بن عباد ، بالباء. قاله الأملوكىّ ، وهو تصحيف على ما قال الدارقطنى ، وقيل غير ذلك.
ولا يختلفون فى أنه من حضرموت ، وأنه حليف بنى أمية. ذكر أبو عبيد ، أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، بعثه إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين ، ثم ولّاه على البحرين ، إذ فتحها الله عليه ، وأقره عليها أبو بكر الصديق ، ثم عمر الفاروق ، ثم ولّاه عمر رضى الله عنه البصرة ، فمات قبل أن يصل إليها ، بماء من مياه بنى تميم ، سنة أربع عشرة.
وقال الحسن بن عثمان : توفى العلاء بن الحضرمى ، سنة إحدى وعشرين ، واليا على
__________________
٢٢٧٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٨٥٩ ، أسد الغابة ترجمة ٣٧٤٤ ، الإصابة ترجمة ٥٦٥٧).
٢٢٧٣ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦٠ / ٣٥٦).
٢٢٧٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٨٦٠ ، تهذيب التهذيب ٨ / ١٧٨).
البحرين ، واستعمل عمر رضى الله عنه مكانه أبا هريرة رضى الله عنه. وروى الأنصارى ، عن ابن عوف ، عن موسى بن أنس ، أن أبا بكر رضى الله عنه ، ولى أنس بن مالك رضى الله عنه البحرين.
قال ابن عبد البر : وهذا شىء لا يعرفه أهل السّير. قال : وكان يقال إن العلاء بن الحضرمى ، كان مجاب الدعوة ، وأنه خاض البحر بكلمات قالها ، ودعا بها ، وذلك مشهور عنه.
وروينا فى الطبرانى بسنده إلى أبى هريرة رضى الله عنه ، قال : لما بعث النبىصلىاللهعليهوسلم العلاء بن الحضرمى إلى البحرين ، تبعته فرأيت منه ثلاث خصال ، لا أدرى أيتهنّ أعجب : انتهى إلى شاطئ البحر ، فقال : سمّوا الله واقتحموا ، فسمّينا الله واقتحمنا وعبرنا ، فما بلّ الماء إلا أسافل خفاف إبلنا ، فلما قفلنا ، عبرنا معه بفلاة من الأرض ، وليس معنا ماء ، فشكونا إليه ، فصلى ركعتين ، ثم دعا ، فإذا سحابة مثل التّرس ، ثم أرخت عزاليها ، فسقينا ، ومات فدفناه فى الرمل ، فلما سرنا غير بعيد ، قلنا : يجىء سبع فيأكله ، فرجعنا فلم نره. انتهى.
وهو أول من نقش خاتم الخلافة ، وله ثلاثة إخوة ، أحدهم عمرو بن الحضرمى ، أوّل قتيل من المشركين قتله مسلم ، قتل يوم نخلة ، وماله أول مال خمس. والآخر عامر بن الحضرمى ، قتل يوم بدر كافرا. والآخر ميمون بن الحضرمى.
قال ابن عبد البر : وهو صاحب البئر بأعلى مكة ، المعروفة ببئر ميمون ، كان حفرها فى الجاهلية. ولهم أخت اسمها الصّعبة بنت الحضرمى ، كانت تحت أبى سفيان بن حرب فطلقّها ، فخلف عليها عبيد الله بن عثمان ، فولدت له طلحة بن عبيد الله.
ووللعلاء بن الحضرمى عن النبى صلىاللهعليهوسلم أحاديث ، منها : حديث : «يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا» (١). ومنها حديث : «أن أباه كتب إلى النبىصلىاللهعليهوسلم ، فبدأ بنفسه» (٢).
رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل ، وهو الحديث الذى قبله ، فى مسند ابن حنبل. وروى له أبو داود ، والترمذى والنسائى.
__________________
(١) أخرجه مسلم فى صحيحه ، كتاب الحج ، حديث رقم ١٣٥٢ ، والترمذى فى سننه ، كتاب الحج ، حديث رقم ٩٤٩ ، والنسائى فى الصغرى ، كتاب تقصير الصلاة ، حديث رقم ١٤٥٤ ، ١٤٥٥ ، وأحمد بن حنبل فى مسنده ، حديث رقم ١٨٥٠٥ ، ٢٠٠٠٢.
(٢) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده ، حديث رقم ١٨٥٠٧.
٢٢٧٥ ـ العلاء بن عبد الجبار العطّار ، أبو الحسن الأنصارى مولاهم ، البصرى :
نزيل مكة. روى عن مبارك بن فضالة ، وجرير بن حازم ، وحمّاد بن سلمة ، وعبد العزيز بن مسلم ، ونافع بن عمر الجمحى ، وطبقتهم.
روى عنه : البخارى ، وأبو خيثمة ، وأحمد الدّورقىّ ، وأحمد بن الفرات ، وبشر بن موسى ، ويحيى بن أبى ميسرة ، وخلق.
روى له البخارى تعليقا ، وأصحاب السنن ، كما ذكر صاحب الكمال. وقال : قال أحمد بن عبد الله : بصرى ثقة ، سكن مكة.
قال أبو حاتم : صالح الحديث ، وقال النسائى : ليس به بأس ، توفى سنة اثنتى عشرة ومائتين.
٢٢٧٦ ـ العلاء بن وهب العامرى :
ذكره هكذا الذهبى ، وذكر أنه من مسلمة الفتح ، وأنه شهد القادسية ، وولى الجزيرة لعثمان رضى الله عنه. وذكره الكاشغرى ، فقال : العلاء بن وهب بن محمد ، شهد القادسية.
٢٢٧٧ ـ العلاء بن يزيد الفهرى :
رأى النبى صلىاللهعليهوسلم ، ونزل مصر ، وله بها عقب. ذكره هكذا الذهبى. وذكره الكاشغرى ، فقال: العلاء بن يزيد بن أنيس الفهرى ، له رواية.
٢٢٧٨ ـ عيّاش بن أبى ربيعة ، واسم أبى ربيعة عمرو ، بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم المخزومى ، يكنى أبا عبد الرحمن ، وقيل : يكنى أبا عبد الله :
وهو أخو عبد الله بن أبى ربيعة المتقدم ذكره ، لأبيه وأمه ، وأخو أبى جهل بن هشام لأمه.
قال الزبير ، لما ذكر أولاد أبى ربيعة : وعيّاش بن أبى ربيعة ، كان هاجر إلى المدينة ،
__________________
٢٢٧٥ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٨ / ١٨٥).
٢٢٧٦ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٤ / ٩ ، التجريد ١ / ٤٢٠ ، الإصابة ٤ / ٩).
٢٢٧٧ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٤ / ٧٨).
٢٢٧٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٤٥ ، الإصابة ترجمة ٦١٣٨).
حين هاجر عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فقدم عليه أخواه لأمه أبو جهل بن هشام ، والحارث بن هشام ، فذكرا له أن أمه ، حلفت لا يدخل رأسها دهن ، ولا تستظلّ حتى تراه ، فرجع معهما ، فأوثقاه رباطا ، وحبساه بمكة.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يدعو له. وأمه ، وأم عبد الله بن أبى ربيعة : أسماء بنت مخربة ابن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم ، وهى أم الحارث ، وأبى جهل ابنى هشام بن المغيرة ، وكان هشام طلقها ، فتزوجها أخوه أبو ربيعة ، فندم هشام على فراقها إياه ، فقال :
ألا أصبحت أسماء حجرا محجّرا |
|
وأصبحت من أدنى حموّتها حما |
وأصبحت كالمقهور جفن سلاحه |
|
يقلب بالكفين قوسا وأسهما |
وقال غيره : أسلم قديما قبل أن يدخل النبى صلىاللهعليهوسلم ، دار الأرقم ، المعروفة بدار الخيزران ، عند الصفا ، وهاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته أسماء بنت أبى سلمة ، فولدت له بها ، ابنه عبد الله ، وهاجر عياش إلى المدينة ، فجمع بين الهجرتين ، ولم يذكره موسى بن عقبة ، ولا أبو معشر ، فيمن هاجر إلى الحبشة ، وكانت هجرته إلى المدينة ، حين هاجر عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وقدم عليه أخواه لأمه : أبو جهل بن هشام ، والحارث بن هشام ، وقالا له : إن أمه حلفت ألا تدخل رأسها دهنا ، ولا تستظل ، حتى تراه ، فخرج معهما فأوثقاه وربطاه وحبساه بمكة ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعو له ، وللمستضعفين بمكة ، كما فى الصحيحين وغيرهما ، فى الصلاة فى القنوت شهرا.
وله رواية عن النبى صلىاللهعليهوسلم.
روى عنه أنس بن مالك رضى الله عنه ، وابنه عبد الله بن عياش ، وعبد الرحمن بن سابط ، وعمر بن عبد العزيز مرسلا ، ونافع مولى ابن عمر مرسلا أيضا.
روى له ابن ماجة حديثا واحدا ، ووقع لنا بعلوّ عنه ، وهو حديث «لا تزال هذه الأمّة بخير ، ما عظّموا هذه الحرمة حقّ تعظيمها ـ يعنى الكعبة والحرم ـ فإذا ضيعّوها هلكوا» رواه بهذا اللفظ أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب.
واختلف فى تاريخ وفاته ، فقيل قتل يوم اليمامة ، فى خلافة أبى بكر ، رضى الله عنه ، وقيل يوم اليرموك ، قاله موسى بن عقبة. وقيل فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وقيل مات بمكة ، قاله أبو جعفر الطبرى.
* * *
من اسمه عياض
٢٢٧٩ ـ عياض بن الحارث التيمى :
عم محمد بن إبراهيم التيمى ، له صحبة. روى عنه ابن أخيه محمد. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.
٢٢٨٠ ـ عياض بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب بن ضبّة ابن الحارث بن فهر القرشى الفهرى. يكنى أبا سعد :
كان من مهاجرة الحبشة وشهد بدرا ، ذكره إبراهيم بن سعد ، عن ابن إسحاق ، فى البدريين ، وذكره فيهم ابن عقبة ، وخليفة ، والواقدى وتوفى سنة ثلاثين. وذكره خليفة كما ذكرنا ، قال : ويقال عياض بن غنم معروف بالفتوح فى الشامات ، ولم يذكر الزبير ، عياض بن زهير فى بنى فهر ، ولا ذكره عمه. وقد ذكره غيرهما. وقد جرده الواقدى فقال : عياض بن غنم ، ابن أخى عياض بن زهير.
وقال خليفة : ليس يعرف أهل النسب عياض بن غنم قال : وهو معروف فى الفتوحات فى الشام ، والله أعلم ، ذكره ابن عبد البر.
٢٢٨١ ـ عياض بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب القرشى الفهرى :
هكذا ذكره ابن عبد البر قال : وقال الحسن بن عثمان : عياض بن غنم ، هو ابن عم أبى عبيدة بن الجراح ، قال : ويقال إنه كان ابن امرأته. انتهى.
وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد البر فى نسبه ـ قال : وذكر البخارى ، عن أحمد بن صالح ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : لما توفى أبو عبيدة ، استخلف ابن خاله أو ابن عمه أو قال خاله أو ابن عياض بن غنم ، أحد بنى الحارث بن فهر ،
__________________
٢٢٧٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٣ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٤٩ ، الإصابة ترجمة ٦١٤١).
٢٢٨٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٥ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٥١ ، الإصابة ترجمة ٦١٤٦).
٢٢٨١ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ٤٠٧ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٥٤ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٧ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٦١ ، الإصابة ترجمة ٦١٥٥).
فأقره عمر رضى الله عنه وقال : ما أنا بمبدّل أميرا أمّره أبو عبيدة رضى الله عنه ، قال : ثم توفى عياض بن غنم ، فأمّر عمر رضى الله عنه مكانه سعيد بن عامر بن حذيم.
قال أبو عمر : عياض بن غنم لا أعلم خلافا ، فى أنه افتتح عامة بلاد الجزيرة والرقة ، وصالحه وجوه أهلها ، وزعم بعضهم أن كتاب الصلح باسمه ، باق عندهم إلى اليوم ، وهو أول من أجاز الدروب إلى الروم ، فيما ذكر الزبير. وكان شريفا فى قومه ، وقد ذكره ابن الرقيات ، فيمن ذكره من أشراف قريش ، فقال :
وعياض منا عياض بن غنم |
|
كان من خير من أجنّ النساء |
قال الحسن بن عثمان وغيره : مات عياض بن غنم بالشام ، سنة عشرين ، وهو ابن ستين سنة ، وقال على بن المدينى : عياض بن غنم ، كان أحد الولاة باليرموك.
قال ابن عبد البر : أسلم قبل الحديبيّة ، وشهدها فيما ذكر الواقدى.
٢٢٨٢ ـ عياض بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبّة بن الحارث بن فهر القرشى الفهرى :
هكذا نسبه الزبير ، وقال : كان شريفا وله فتوحات بناحية الجزيرة فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وهو أول من أجاز الدروب إلى أرض الروم.
وقد ذكره عبد الله بن قيس الرقيات ، فيمن ذكر من أشراف قريش ، فقال :
وعياض منا عياض بن غنم |
|
كان من خير من أجن النساء |
انتهى.
والظاهر أن أحد المذكورين قبل ، وما ذكره الزبير فى نسبه ، يدلّ على أنه سقط فى النسخة التى رأيتها من الاستيعاب : «مالك بن ضبّة» فى نسب عياض بن زهير.
٢٢٨٣ ـ عياض الثقفى :
والد عبيد الله بن عياض. روى عنه ابنه عبيد الله أن النبى صلىاللهعليهوسلم ، لاقى هوازن بحنين ، فى اثنى عشر ألف. يعد فى أهل الطائف.
* * *
__________________
٢٢٨٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٩ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٤٧ ، الإصابة ترجمة ٦٩١٥).
من اسمه عيسى
٢٢٨٤ ـ عيسى بن أحمد بن عيسى بن عمران ، المعروف بعصارة النخلى ـ بنون وخاء معجمة ـ المكى :
سمع من القاضى عز الدين بن جماعة ، والشيخ فخر الدين النويرى : بعض سنن النسائى ، وفى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. وما علمته حدّث.
وكان خيّرا ديّنا ، تقرّب عند موته بقربات ، منها : أنه وقف أصيلة له بالتنضب ، من وادى نخلة الشامية ، يقال لها العفيريّة ، على الفقراء برباط ربيع ، والفقراء برباط الموفق ، والفقراء برباط غزى ، والفقراء برباط العز الأصفهانى ، على أن للرباطين الأخيرين ، ثلث الوقف بالسوية بينهما ، وثلثى الوقف للرباطين الأولين بينهما بالسوية ، وكان يتولى وقف أبيه ، ويجيد النظر فيه.
وتوفى فى آخر رمضان سنة عشر وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
وعصارة : بعين مهملة مضمومة وصاد مهملة مفتوحة وألف ثم راء مهملة وهاء ، لقب لبعض آبائه أو أقاربه ، فعرف هو بذلك.
وكان لعيسى هذا أموال بسولة والزيمة ، وهما من وادى نخلة اليمانية ، وكان يقيم بسولة كثيرا ، وخلف ولدا اسمه عمران ، من أمة له ، فمحق كل ما ورثه من أبيه.
٢٢٨٥ ـ عيسى بن أحمد بن عيسى الهاشمى العجلونى :
جاور بمكة سنين كثيرة ، وكان يجيد الكتابة ، يكتب بخطه كتبا كثيرة ، منها البخارى فى مجلد ، ومسلم فى مجلد ، وشرح مسلم للنووى فى مجلد ، وحفظ المنهاج للنواوى فيما أظن ، وكان يذاكر ببعضه وكان يذكر أنه سمع الحديث بدمشق ، من بعض شيوخها ، ولم يحدث. لكنه أجاز فى بعض الاستدعاءات.
وتوفى فى آخر صفر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.
٢٢٨٦ ـ عيسى بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى :
أمير مكة. ذكر شيخنا ابن خلدون أنه ولى مكة بعد أبيه ، وذكر أن فى سنة ست
__________________
٢٢٨٤ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥١).
٢٢٨٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥٠).
وستين وثلاثمائة ، جاءت جيوش العزيز صاحب مصر ومكة والمدينة ، وضيّقوا عليهم ، وذلك بسبب الخطبة ، ولا زالوا محاصريهم ، حتى خطب للعزيز بمكة ، وأميرها إذا ذاك عيسى بن جعفر ، والمدينة أميرها إذ ذاك طاهر بن مسلم.
كذا ذكر شيخنا ابن خلدون ، أن عيسى هذا ، مات فى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وولى مكة بعده ، أخوه أبو الفتوح الحسن بن جعفر الحسنى.
٢٢٨٧ ـ عيسى بن سيلان القرشى مولاهم ، المكى :
سكن مصر. حدث بمصر عن أبى هريرة ، روى عنه حيوة بن شريح ، وعبد الله بن لهيعة ، والليث بن سعد. روى له أبو داود (١).
وسيلان : بسين مهملة مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت. ذكر ذلك صاحب الكمال.
وذكره الذهبى ، وقال : ذكره ابن حبان فى الثقات (٢) ، وقال : وهو أخو جابر بن سيلان ، وقيل غير ذلك.
٢٢٨٨ ـ عيسى بن عبد الله بن خطاب القرشى المخزومى اليمنى ، يلقب بالعماد ، ويعرف بابن الهليس :
نزيل مكة ، كان من أعيان التجار باليمن ، قدم مكة ، وأقام بها نحو خمسة عشر عاما متوالية ، ثم انتقل عنها إلى اليمن ، فى أوائل سنة تسعين وسبعمائة ، وولاه الأشرف صاحب اليمن عدن ، ثم عزل عن ذلك بعد سنين قليلة ، بالقاضى نور الدين على بن يحيى بن جميع ، وانتقل عيسى إلى أبيات حسين ، وأقام بها حتى مات فى رجب سنة اثنتين وثمانمائة.
__________________
٢٢٨٧ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ٢٧٨).
(١) فى سننه ، حديث رقم (١٢٥٨) من طريق : مسدد حدثنا خالد حدثنا عبد الرحمن يعنى ابن إسحاق المدنى عن ابن زيد عن ابن سيلان عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل.
هكذا ذكره أبو داود ، عن ابن سيلان ، وكذا أحمد بن حنبل ، حديث رقم ٩٠٠٠ ، ٩٠٠٥. راجع الحاشية التالية.
(٢) قال المزى فى التهذيب : ذكره ابن حبان فى الثقات ، روى له أبو داود ، كذا قال. وقيل هو جابر بن سيلان ، وقيل عبد ربه ، وقيل غير ذلك ، وقد ذكرنا حديثه فى ترجمة جابر بن سيلان.
٢٢٨٨ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥٤ ، تاريخ ثغر عدن ٢٥٤).
٢٢٨٩ ـ عيسى بن عبد الله بن عبد العزيز بن عيسى بن محمد بن عمران الحجى أبو عبد الله الفاسى اليمنى المكى النخلى ، بالنون والخاء المعجمة :
ولد بمكة سنة إحدى وأربعين وستمائة ، وسمع من المعمّر أبى عبد الله محمد بن أبى البركات الهمدانى : صحيح البخارى ، خلا من سورة الأعراف إلى آخر سورة الصف ، وخلا من أول كتاب الدعوات ، إلى آخر الصحيح.
وعلى يعقوب بن أبى بكر الطبرى : جامع الترمذى ، خلا من أوله إلى باب المضمضة من اللبن ، ومن كتاب كراهية البكاء على الميت ، إلى باب ما جاء فى الرجل يطلّق امرأته ثلاثا البتة ، ومن كتاب الإيمان إلى أبواب التفسير ، فأجازه وأجاز له فى استدعاء وجدته بخط القطب القسطلانى ، مؤرّخ بسادس جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وستمائة جماعة ، منهم التاج عبد الوهاب بن عساكر ، وابنه أبو اليمن عبد الصمد ، والفقيه سليمان بن خليل ، وابن أخيه الكمال محمد بن عمر بن خليل ، وقريبهما إسماعيل بن عد الواحد بن إسماعيل ، العسقلانيون ، وضياء الدين محمد بن عمر القسطلانى إمام المالكية ، والحافظ جمال الدين أبو بكر بن مسدى خطيب مكة ، عبد الرحيم وأبو عبد الله محمد المعروف بالخادم ، وشيخ الحرم عفيف الدين منصور بن منعة ، والعماد عبد الرحيم ابن العجمى ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن الحاج السلمى البلفيقى ، وجماعة.
وأجاز له أيضا فى استدعاء القطب القسطلانى ، فى سنة تسع وأربعين وستمائة ، أبو بكر بن أحمد بن أبى بكر بن أبى الليات ، وعبد الله بن محمود بن أبى القاسم الشّدّادى ، وأبو حفص عمر بن معروف بن أحمد بن ثابت ، وكامل بن [بروبه](١) بن رضوان بن أبى البركات بن عثمان المقرى ، وعبد العزيز بن خضر بن عبد العزيز بن خضر ، ونجيب الدين أبو الحسن المبارك بن أبى بكر محمد بن مزيد بن هلال الخّواص ، وموهوب بن أحمد بن إسحاق بن موهوب الجواليقىّ ، وعبد العزيز بن عبد المنعم بن الخضر بن شبل الحارثى ، وإياس بن عبد الله الكندى ، ويوسف بن مكتوم القيسى ، وحدّث.
سمع منه جماعة من المصريين والشاميين ، منهم أبو عبد الله محمد بن الشيخ النحوى شمس الدين محمد بن أبى الفتح البعلى ، وأبو إسحاق إبراهيم بن يونس البعلبكى ، وجماعة
__________________
٢٢٨٩ ـ انظر ترجمته فى : (الدرر الكامنة ٣ / ٢٠٥).
(١) ما بين المعقوفتين هكذا فى الأصل بلا نقط.
من شيوخنا ، آخرهم شيخنا الإمام أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى ، ولشيخنا قطب الدين عبد الكريم بن محمد بن الحافظ قطب الدين الحلبى منه إجازة ، وطال عمره وانتفع به. وتوفى فى المحرم سنة أربعين وسبعمائة ، بوادى نخلة ، من أعمال مكة المشرفة ، ودفن بها.
نقلت وفاته ومولده من خط الشيخ تقى الدين أبى المعالى محمد بن رافع فى وفياته ، وترجمه: بالمعمّر الصالح التقى ونقلت من خط شيوخه البغداديين والشاميين ، وذكر أنه نقل من خط ابن يونس البعلبكى ، ونقل هو ذلك من خط الآقشهرىّ ، ونقل ذلك من استدعاء قطب الدين القسطلانى.
والحجّى : بفتح الحاء المهملة ثم جيم. كذا وجدت بخط ابن رافع.
والنخلى : بنون وخاء معجمة ، نسبة إلى وادى نخلة ، من أعمال مكة المشرفة ، لكونه كان يسكن هناك ، وبالبلدة التى يقال لها سولة ، من وادى نخلة ، مكان يقال له درب الحجّيّين ، وهم أقارب المذكور ، ولعله كان يسكن هناك ، والله أعلم.
٢٢٩٠ ـ عيسى بن عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله ، يكنى أبا مكتوم ، ابن الحافظ أبى ذر الهروىّ :
ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة ، بسراة بنى شبابة ، لأن أباه كان تزوج هناك. وأقام مدة ، سمع جملة من مسند عبد الرزاق ، من أبى عبد الله الصنعانى ، صاحب البغوى ، وسمع من أبيه صحيح البخارى ، وكتاب الدعوات.
روى عنه الصحيح جماعة ، آخرهم على بن حميد بن عمّار الأطرابلسىّ. وروى عنه بالإجازة ، الحافظ أبو طاهر السلفى ، وكان ميمون بن ياسين الصّنهاجىّ من أمراء المرابطين ، رغب فى السماع منه بمكة ، فاستقدمه من سراة بنى شبابة ، واشترى منه صحيح البخارى أصل أبيه ، الذى سمعه منه بجملة كثيرة ، وسمعت عليه عدة أشهر ، قبل وصول الحجاج ، فلما حجّ ورجع من عرفات إلى مكة ، رحل مع النفر الأول من أهل اليمن ، وذلك سنة سبع وتسعين وأربعمائة ، وانقطع خبره من هذا الوقت ، كما قال الذهبى فى تاريخ الإسلام ، ومنه لخصت هذه الترجمة. وذكره فى العبر فى المتوفّين فى هذه السنة.
__________________
٢٢٩٠ ـ انظر ترجمته فى : (العبر ٣ / ٤٣٨).
٢٢٩١ ـ عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الله ابن أبى عمرو حفص بن المغيرة المخزومى :
أمير مكة. وليها للمعتمد العباسى ، على ما ذكر ابن حزم فى الجمهرة ، وفيها نسبه هكذا.
وذكر الفاكهى ولايته لمكة ، فى غير موضع من كتابه ، وأفاد فى بعضها ، أنه كان واليا على مكة فى سنة ثلاث وخمسين ومائتين ، وفى سنة أربع وخمسين ومائتين ، وأنه فى سنة ثلاث وخمسين ، تولّى جرّ ما فى المسجد من التراب الذى طرحه فيه السّيل ، لما دخله فى هذه السنة ، وقال لما ذكر دار حزابة ، وهى الدار التى عند اللبانين ، بفوّهة خط الحزامية ، شارعة فى الوادى ، وبعض هذه الدار لعيسى بن محمد المخزومى ، كان قد بناها فى ولايته على مكة ، فى سنة أربع وخمسين ومائتين ، بالحجر المنقوش والآجرّ والجص ، وشرع لها جناحا على الوادى فى الحزورة ، وأشرع فى بنائها ، ثم عمرها بعد ذلك ابنه ، وسكن فيها ابنه ، فلما نزل ابن أبى السّاج به فى الموسم وظهر عليه ، حرقها وحرق دار الحارث معها. انتهى.
وقد سبق فى ترجمة محمد بن أحمد عيسى بن المنصور العباسى الملقب كعب البقر ، ما ذكره الفاكهى ، من أنه : أول من استصبح فى المسجد الحرام فى القناديل فى الصحن محمد بن أحمد المنصورى جعل عمدا من خشب فى وسط المسجد ، وجعل بينها حبالا ، وجعل فيها قناديل يستصبح بها ، فكان كذلك فى ولايته ، حتى عزل محمد بن أحمد ، فعلقها عيسى بن محمد فى إمارته الآخرة. انتهى. وعيسى بن محمد هذا ، هو المخزومى المذكور ، واستفدنا من هذا أنه ولى مكة مرتين.
وقال ابن الأثير ، ولما ذكر فتنة إسماعيل بن يوسف العلوى بمكة ، فى سنة إحدى وخمسين ومائتين : ثم وافى إسماعيل عرفة ، وبها محمد بن إسماعيل بن المنصور ، الملقب كعب البقر ، وعيسى بن محمد المخزومى صاحب جيش مكة ، كان المعتز وجههما إليها ، فقاتلهم. انتهى.
وقد سبق التنبيه فى ترجمة محمد بن أحمد ، على أن تسمية أبيه بإسماعيل ، كما فى كتاب ابن الأثير ، وهم ثم والله أعلم.
وقال ابن حزم فى الجمهرة : وبنو طرف ، الذين ولّوا بعض جهات اليمن ، هم موالى
__________________
٢٢٩١ ـ انظر ترجمته فى : (جمهرة الأنساب لابن حزم ١٤٩).
عيسى بن محمد ، والد أبى المغيرة ، وكان طرف مولى عيسى ، وجد أبى المغيرة لأمه.
٢٢٩٢ ـ عيسى بن محمد بن عبد الله المليساوى ، ويعرف بابن مكينة اليمنى الأصل ، الطائفى المولد والدار المالكى :
قاضى الطائف. ولى نيابة الحكم بقريته المليسا ، بوادى الطائف ، عن القاضى محب الدين النويرى ، ثم ولى ذلك عن ابنه ، ثم عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، واستنابه فى جميع بلاد الطائف ، ثم ولى ذلك عن القاضى عز الدين النويرى ثم قصره على قريته المليسا ، ورفع يده عن إمامة مسجد الطائف وخطابته ، وكان قد ولى إمامته وخطابته نحو أربع سنين ، وكان يتردد إلى مكة للحج والعمرة ، ويقيم بها الأيام الكثيرة ، واخترمته المنية فى خامس المحرم سنة أربع عشرة وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ الستين ، وكان خيّرا محمود السيرة،رحمهالله.
٢٢٩٣ ـ عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر ، المعروف بابن أبى هاشم :
وبقية نسبه تقدم فى ترجمة جده ، محمد بن جعفر الحسنى المكى. أمير مكة. ولى إمرة مكة فى آخر سنة ست وخمسين وخسمائة ، بعد ابن أخيه قاسم بن هاشم بن فليتة ، وذلك على ما ذكر ابن الأثير ، أن قاسما لما سمع بقرب الحجاج من مكة فى هذه السنة ، صادر المجاورين ، وأعيان أهل مكة ، وأخذ كثيرا من أموالهم ، وهرب من مكة خوفا من أمير الحاج أرغش ، وكان حج فى هذه السنة ، زين الدين على بن بلتكين صاحب جيش الموصل ، ومعه طائفة صالحة من العسكر فرتّب مكان قاسم ، عمه عيسى ، فبقى كذلك إلى شهر رمضان ، ثم إن قاسما جمع جمعا كثيرا من العرب ، أطمعهم فى مال له بمكة ، فاتبعوه ، فسار بهم إليها ، فلما سمع عمه عيسى ، فارقها ودخلها قاسم ، وأقام بها أميرا أياما ، ولم يكن له مال يوصله إلى العرب ، ثم إنه قتل قائدا كان معه حسن السيرة ، فتغيّرت نيّات أصحابه عليه ، وكاتبوا عمه عيسى ، فقدم عليهم ، فهرب قاسم وصعد جبل أبى قبيس ، فسقط عن فرسه ، فأخذه أصحاب عيسى وقتلوه ، فسمع عيسى ، فعظم عليه قتله ، وأخذه وغسّله ودفنه بالمعلاة عند أبيه فليتة ، واستقر الأمر لعيسى. انتهى بلفظ ابن الأثير فى الغالب ، إلا مواضع فيه على غير الصواب ، رأيتها فى النسخة التى نقلت منها ، لأنه قال فى أخبار هذه السنة : كان أمير مكة قاسم بن فليتة بن قاسم بن أبى
__________________
٢٢٩٢ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥٦).
٢٢٩٣ ـ انظر ترجمته فى : (الكامل لابن الأثير ١١ / ٢٧٩).
هاشم ، ثم قال : فلما وصل أمير الحاج ، رتب مكان قاسم بن فليتة ، عيسى بن قاسم بن أبى هاشم والصواب فى نسب عمه عيسى : عيسى بن فليتة بن قاسم ، كما ذكرنا فيهما ، وهذا مما لا ريب فيه ، لأنى رأيت هذا منسوبا فى غير ما حجر بالمعلاة ، وفى بعض المكاتيب ، وترك ابن الأثير بيان شهر رمضان ، الذى أقام إليه عيسى أمير مكة ، لوضوح السنة التى منها رمضان ، وهى سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
ومن خبر عيسى ، ولم يذكره ابن الأثير فى تاريخه ، ما وجدته بخط بعض المكيين ، وهو أنه حصل بين عيسى بن فليتة ، وبين أخيه مالك بن فليتة ، اختلاف فى أمر مكة غير مرة ، منها فى سنة خمس وستين وخمسمائة ، ولم يحجّ عيسى فى هذه السنة ، وتخلف بمكة ، وحج مالك ، ووقف بعرفة ، وبات الحاج بعرفة إلى الصبح ، وخاف الناس خوفا شديدا.
فلما كان يوم عاشوراء ، من سنة ست وستين ، دخل الأمير مالك وعسكره إلى مكة ، وجرى بينهم وبين عيسى وعسكره فتنة إلى وقت الزوال ، ثم أخرج الأمير مالك واصطلحوا بعد ذلك ، وسافر الأمير مالك إلى الشام ، وجاء من الشام فى آخر ذى القعدة ، وأقام ببطن مرّ أياما ، ثم جاء إلى الأبطح هو وعسكره ، وملك خدّام الأمير مالك ، وبنو داود جدة ، وأخذا جلبة وصلت إليها ، فيها صدقة من قبل شمس الدولة ، وجميع ما مع التجار الذين وصلوا فى الجلبة ، ونزل مالك فى المربّع هو والشرف ، وحاصروا مكة مدة أيام ، ثم جاء هو والشرف من المعلاة ، وجاء هذيل والعسكر من جبل أبى الحارث ، فخرج إليهم عسكر الأمير عيسى فقاتلوهم ، فقتل من عسكر الأمير مالك جماعة ، ثم ارتفع إلى خيف بنى شديد. انتهى بالمعنى.
وجبل أبى الحارث المذكور فى هذا الخبر ، هو أحد أخشبى مكة ، المقابل أبى قبيس ، إلى صوب قيقعان ، وباب الشبيكة بأسفل مكة.
ووجدت بخط بعض أصحابنا ، فيما نقله من مجموع للفخر بن سيف ، شاعر عراقى ، ما نصه : دخلت على الأمير عيسى بن فليتة الحسنى ، وكنت كثير الإلمام به ، والدخول عليه ، لكونه كان لا يشرب مسكرا ، ولا يسمع الملاهى ، وكان يجالس أهل الخير ، ولم ير فى سير من تقدّمه من الولاة مثل سيرته ، وكان كريم النفس ، واسع الصدر ، كثير الحلم ، فقال : أنشدنى شيئا من شعرك ، فقلت له : قد عملت بيتين الساعة فى مدحك فقال : أنشدنى ما قلت ، فأنشدته [من البسيط] :
أضحت مكارم عيسى كعبة ولقد |
|
تعجب الناس من ثنتين فى الحرم |
فهذه تحبط الأوزار ما برحت |
|
وهذه تشمل الأحرار بالنّعم |
قال : فاستحسنهما غاية الاستحسان ، قال : ودخلت عليه فى سنة ستين وخمسمائة ، وكنت مجاورا أيضا ، وكان نازلا بالمربّع ، فوجدت عنده أخاه مالكا ، وكان ذلك اليوم ثانى عشر ذى القعدة من السنة المذكورة ، ونحن فى حديث الحاج وتوجههم إلى مكة ، فأنشدته قصيدة أولها [من المتقارب] :
حملت من الشوق عبئا ثقيلا |
|
فأورث جسمى المعنّى نحولا |
وصيرنى كلفا بالغرا |
|
م أندب ربعا وأبكى طلولا |
نشدتكما الله يا صاحبىّ |
|
إن جزتما بلواء الطّلح ميلا |
نسائل عن حيّهم بالعرا |
|
ق هل قوّضت أن تراهم حلولا |
فقال لى عند إنشاد هذا البيت : لا إن شاء الله ، قوضت وتوجّهت إن شاء الله تعالى بالسلامة ، ثم أنشدته إلى أن انتهيت منها :
كفا كم فخارا بأنّ الوصىّ |
|
جدّكم وأمّكم الطهور البتولا |
وحسبكم شرفا فى الأنا |
|
م أن بعث الله منكم رسولا |
وجرى فى ولاية عيسى على مكة ، بمكة وظواهرها ، حوادث ، منها : أن فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، كانت بمكة فتنة بين أهلها والحجاج العراقيين ، سببها أن جماعة من عبيد مكة ، أفسدوا فى الحاج بمنى ، فنفر عليهم بعض أصحاب أمير الحاج ، فقتلوا منهم جماعة ، ورجع من سلم إلى مكة ، وجمعوا جمعا ، وأغاروا على جمال الحاج وأخذوا منها قريبا من ألف جمل ، فنادى أمير الحاج فى جنده بسلاحهم ، ووقع القتال بينهم ، فقتل جماعة ، ونهب جماعة من الحجاج ، وأهل مكة ، فرجع أمير الحاج ولم يدخل مكة ، ولم يقم بالزاهر غير يوم واحد ، وعاد كثير من الناس رجّالة لقلة الجمال ، ولقوا شدة ، ورجع بعضهم قبل إتمام حجّه ، وهم الذين لم يدخلوا مكة يوم النحر للطواف والسعى ، ذكر هذه الحادثة هكذا ابن الأثير.
وذكر صاحب المنتظم : أن أمير مكة بعث إلى أمير الحاج يستعطفه ليرجع ، فلم يفعل ، ثم جاء أهل مكة بخرق الدم ، فضرب لهم الطبول ، ليعلم أنهم قد أطاعوا.
ومنها : غلاء كثير ، أكل الناس فيه بمكة الدم والجلود والعظام ، ومات أكثر الناس ، وذلك فى سنة تسع وستين وخمسمائة.
ومنها : سيل عظيم فى هذه السنة ، دخل من باب بنى شيبة ، ودخل دار الإمارة ، ولم ير قط سيل قبله دخل دار الإمارة فيما قيل.
وذكر ابن الأثير ، أن الوزير الجواد جمال الدين أبا جعفر محمد بن على بن أبى منصور الأصفهانى ، وزير صاحب الموصل ، لما أراد أن يزخرف الكعبة بالذهب ويرخّمها ، ويبنى الحجر بجانب الكعبة ، أرسل إلى الأمير عيسى بن فليتة أمير مكة هذا ، هدية كبيرة ، وخلعا سنية ، منها عمامة مشتراها ثلاثمائة دينار ، حتى مكنّه من ذلك. انتهى.
وكانت وفاة عيسى بن فليتة هذا ، فى الثانى من شعبان سنة سبعين وخمسمائة ، وولى مكة بعده بعهد منه ، ابنه داود ، وقد تقدم خبره ، وولاية عيسى بن فليتة بمكة ، نحو خمس عشرة سنة، فى غالب الظن.
٢٢٩٤ ـ عيسى بن موسى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على القاضى عفيف الدين ، أبو موسى الشيبانى الطبرى المكى :
قاضى الحرم الشريف. وجدت خطه على مكتوبين ثبتا عليه ، أحدهما فى صفر سنة ثلاثين وستمائة ، والآخر فى شهر رمضان من هذه السنة ، وشهد عليه جماعة ، منهم : أحمد بن عبد الواحد بن إسماعيل العسقلانى ، وذكر فى رسم شهادته ، أنه نافذ القضاء ، ماضى الحكم بمكة وأعمالها ، ولا أدرى هل ولى ذلك استقلالا أو نيابة ، ولا هل هذه السنة ابتداء ولايته أو قبلها ، ولا متى انقضت؟ إلا أنى وجدت ما يدل على أن ابن عمه القاضى عبد الكريم بن أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن الشيبانى ، كان قاضيا بمكة فى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ، والله أعلم بحقيقة الحال.
وقد وجدت سماعه على الشريف يونس بن يحيى الهاشمى ، للجزء الأول من صحيح البخارى ، من نسخة بيت الطبرى ، فى مجالس آخرها العشر الأوسط من سنة ست وتسعين وخمسمائة بالحرم الشريف ، مع أخيه القاضى حسن بن موسى ، وترجم بالفقيه ، وأخوه بالشيخ.
٢٢٩٥ ـ عيسى بن موسى بن على بن قريش بن داود القرشى الهاشمى المكى ، يلقب بالعماد :
عنى ـ وله بضع وعشرون سنة ـ بحفظ القرآن فجوده ، وكان كثير التلاوة ، وعنى
__________________
٢٢٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥٧).