قطب الدين الحنفي
المحقق: الدكتور محمّد زينهم محمّد عزب
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٤٦
المعزى واسمه الحقيقى محمد بن ممدود أمه أخت السلطان جلال الدين خوارزم شاه وأبوه ابن عمه وقع عليه السبى عند غلبة التتار فبيع بدمشق ثم انتقل بالبيع إلى مصر وتملك فى سنة ثمان وخمسين وستمائة.
وفى شهر رمضان من السنة المذكورة كانت وقعة عين جالوت (ق ١٣٣) على يده ثم قتل بعد الوقعة بشهر وهو داخل إلى مصر فكان العمل فى المسجد الشريف تلك السنة من باب السلام إلى باب الرحمة المعروف قديما بباب عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية رضى الله تعالى عنه كانت لها دار مقابل الباب فنسب لها كما نسب باب عثمان وباب مروان ومن باب جبريل إلى باب النساء المعروف قديما بباب ريطة ابنة أبى العباس السفاح ، وتولى مصر آخر تلك السنة الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصالحى المعروف بالبندقارى فعمل فى أيامه باقى المسجد الشريف من باب الرحمة إلى شمالى المسجد ثم إلى باب النساء وكمل سقف المسجد كما كان قبل الحريق سقفا فوق سقف.
ولم يزل على ذلك حتى جدد السقف الشرقى والسقف الغربى فى سنتى خمس أو ست وسبعمائة فى أول دولة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فجعلا سقفا واحدا نسبة السقف الشمالى فإنه جعل فى عمارة الملك الظاهر كذلك.
ذكر الخوخ والأبواب التى كانت
فى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم
قال الشيخ جمال الدين : اعلم أن الخوخة التى تحت الأرض ، ولها شباك فى القبلة ، وطابق مقفل يفتح أيام الحج هى طريق آل عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما إلى دارهم التى تسمى اليوم دار العشرة ، وإنما هى دار آل عبد الله بن عمر ، وكانت بيت حفصة رضى الله تعالى عنها قد صار إلى آل عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهم فلما أدخل عمر بن عبد العزيز بيت حفصة فى المسجد جعل لهم طريقا فى
المسجد وفتح لهم بابا فى الحائط القبلى يدخلون منه إلى المسجد ، ولم يزل كذلك حتى عمل المهدى ابن المنصور المقصورة على الراوقين القبلى فسد الباب وجعل لهم عليه شباك حديد ، وحفر لهم من تحت الأرض طريقا تخرج إلى خارج المقصورة فهى هذه الموجودة اليوم ، وهى إلى الآن بيد عبد الله بن عمرو رضى الله تعالى عنهما.
وأما خوخة أبى بكر رضى الله تعالى عنه فإنه باب أبى بكر كان فى غربى المسجد ونقل أيضا أنه كان قريبا من المنبر ولما زادوا فى المسجد إلى حده من المغرب نقلوا الخوخة وجعلوها فى مثل مكانها الأول ، كما نقل باب عثمان رضى الله عنه (ق ١٣٥) إلى موضعه اليوم.
قال الشيخ جمال الدين : وباب خوخة أبى بكر رضى الله تعالى عنه اليوم وهو باب حررته لبعض حواصل المسجد إذا دخلت من باب السلام كانت على يسارك قريبا من الباب.
وأما أبواب مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذلك أنه لما بنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مسجده أولا جعل له ثلاثة أبواب : باب فى مؤخره ، وباب فى عاتكه ، وباب الرحمة ، والباب الذى كان يدخل منه صلىاللهعليهوسلم ، وهو باب عثمان رضى الله تعالى عنه المعروف اليوم بباب جبريل.
قال الحافظ محب الدين : فلما بنى الوليد بن عبد الملك المسجد جعل له عشرين بابا : ثمانية من جهة الشرق فى الحائط القبلى.
الأول : باب النبى صلىاللهعليهوسلم سمى بذلك لمقابلة بيت النبى صلىاللهعليهوسلم لأنه دخل منه عليه الصلاة والسلام ، وقد سد عند تجديد الحائط وجعل منه شباك يقف الإنسان عليه من خارج المسجد فيرى حجرة النبى صلىاللهعليهوسلم.
الثانى باب على رضى الله تعالى عنه كان يقابل بيته خلف بيت النبى صلىاللهعليهوسلم وقد سد أيضا عند تجديد الحائط.
الثالث : باب عثمان رضى الله تعالى عنه نقل عند بناء الحائط الشرقى قبالة الباب الأول الذى كان يدخل منه النبى صلىاللهعليهوسلم وهو باب جبريل عليهالسلام وهو مقابل لدار
عثمان رضى الله تعالى عنه ، ثم اشترى عثمان رضى الله تعالى عنه دارا حولها إلى القبلة ، والشرق وشمالها الطريق إلى باب جبريل عليهالسلام إلى باب المدينة الأول من عمل جمال الدين الأصبهانى ، ومنه يخرج إلى البقيع فالذى يقابل باب جبريل عليهالسلام ، منها اليوم رباط أنشأه جمال الدين محمد بن على بن منصور الأصبهانى وزير بنى زنكى وأوقفه على فقراء العجم ، وجعل له فيه مشهدا دفن فيه ، وكان قد جدد أماكن كثيرة بمكة والمدينة منها باب إبراهيم بمكة وزيادته واسمه مكتوب على الباب وتاريخه من سنة ست وأربعين خمسمائة ، ومنها المنابر بمكة وعليها اسمه.
وكان أولا قد جدد باب الكعبة وأخذ الباب العتيق وحمله إلى بلده وعمل منه تابوتا حمل فيه بعد موته إلى المدينة الشريفة (ق ١٣٧) مات مسجونا بقلعة الموصل سنة تسع وخمسين خمسمائة ، وحمل إلى مكة ثم إلى المدينة وقيل فى ذلك :
سرى نعشه فوق الرقاب وطال ما |
|
سرى جوده فوق الركاب ونائله |
يمر على الوادى فتثنى رماله |
|
عليه وبالنادى فتثنى أرامله |
وهو الذى بنى سور المدينة بعد السور الأول القديم وعمل له أبوابا من حديد ، ولكنه كان على ما حول المسجد ، فلما كثر الناس بالمدينة وصل السلطان الملك العادل نور الدين الشهيد محمود بن زنكى ملك الشام إلى المدينة لأمر حدث بها يأتى ذكره فى آخر هذا الفصل أمر ببناء هذا السور الموجود اليوم ، وفى قبلة الرباط المذكور من دار عثمان تربة اشترى عرصتها أسد الدين شيركوه بن شادى عم السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف وعملها تربة نقل إليها هو وأخوه نجم الدين أيوب بعد موتهما ودفنا بها ، توفى أسد الدين شهيدا بخانوف كان يعتريه سنة أربع وستين وخمسمائة بالقاهرة.
الباب الرابع : باب ريطة ويعرف بباب النساء وفى أعلاه من خارج لوح من الفسيفساء مكتوب فيه آية الكرسى من بقية البنيان القديم الذى (ق ١٣٨) بناه عمر ابن عبد العزيز ، ودار ريطة المقابلة له كانت دارا لأبى بكر الصديق رضى الله تعالى عنه وقيل إنه توفى بها ، وهى الآن مدرسة للحنفية بناها ياز كوج أحد أمراء الشام وتعرف
باليازكوجية ، وعمل فيها مشهدا نقل إليه من الشام بعد موته ، والطريق إلى البقيع بينها وبين دار عثمان رضى الله تعالى عنه والطريق سبعة أذرع.
قال ابن زبالة : قال الشيخ جمال الدين : وهى اليوم قريب من هذا.
الخامس : باب يقابل دار أسماء بنت الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس رضى الله تعالى عنهم ، وكانت لجبلة بن عمرو الساعدى الأنصارى ، ثم صارت لسعيد ابن خالد بن عمرو بن عثمان ، ثم صارت لأسماء ، وقد سد عند تجديد الحائط الشرقى فى أيام الناصر لدين الله سنة تسع وثمانين وخمسمائة ، ودار أسماء المذكورة هى اليوم رباط للنساء.
السادس : باب يقابل دار خالد بن الوليد ، وقد دخل فى بناء الحايط المذكور ، ودار خالد لأنه رباط للرجال ومعها من جهة الشمال دار عمرو بن العاصى والرباطان المذكوران بناهما القاضى كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزورى (١).
السابع : باب يقابل زقاق (ق ١٣٩) المناصع خارجا عن المدينة بين دار عمرو ابن العاص ودار موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى ربيعة المخزومى ، والزقاق اليوم ينفذ إلى دار الحسن بن على العسكرى ، وكان الزقاق نافذا إلى المناضع (٢) وهو متبرز النساء بالليل على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ودار موسى بن إبراهيم اليوم رباط للرجال أنشأه محيى الدين عبد الرحيم بن على بن الحسن اللخمى الشيبانى ثم العقلانى ، ودخل هذا الباب فى الحائط أيضا.
الثامن : باب كان يقابل أبيات الصوافى دورا كانت بين موسى بن إبراهيم وبين
__________________
(١) هو محمد بن عبد الله بن القاسم أبو الفضل كمال الدين الشهرزورى قاضى ، فقيه ، أديب ، من الكتاب ، كان عظيم الرياسة خبيرا بتدبير الملك ، ولد فى الموصل سنة ٤٩٢ ه ، وتولى قضاءها ، وبنى فيها مدرسة للشافعية ، وانتقل إلى دمشق فولاه نور الدين محمود بن زنكى الحكم فيها ، وارتقى إلى درجة الوزارة فكان له الحل والعقد فى أحكام الديار الشامية ، وأقره السلطان صلاح الدين بعد وفاة نور الدين على ما هو فيه فاستمر إلى أن توفى فى دمشق سنة ٥٧٢ ه.
(٢) وردت على هامش المخطوطة.
عبد الله بن الحسين الأصغر بن على بن زين العابدين بن الحسين بن على دخل فى الحائط أيضا ، وموضع هذه الدور اليوم إذ اشتراها صفى الدين أبو بكر أحمد السلامى وأوقفها على قرابته السلاميين ، وفى شمالى المسجد الشريف أربعة أبواب سدت أيضا عند تجديد الحائط الشمالى ، وليس فى شمالى المسجد اليوم إلا باب سقاية عمرتها أم الإمام الناصر لدين الله للوضوء فى سنة تسعين وخمسمائة كما تقدم.
ومما يلى المغرب ثمانية أبواب : منها بابان مسدودان ، وبقية باب ثالث مسدد بقيت منه قطعة ودخل باقيه عند تجديد الحائط من باب عاتكة إليه ، ثم باب عاتكة بنت عبد الله بن يزيد وهو باب الرحمة وكان يقابل دار عاتكة (ق ١٤٠) ثم صارت الدار ليحيى ابن خالد بن برمك وزير الرشيد ، وبابان سدا أيضا عند تجديد الحائط ما بين باب عاتكة هذ وخوخة أبى بكر رضى الله تعالى عنه ، ثم خوخة أبى بكر وقد تقدم ذكرها.
ثم الباب الثامن : باب مروان بن الحكم وكانت داره يقابله من المغرب ، ومن القبلة ، ويعرف الآن بباب السلام وباب الخشوع ، ولم يكن فى القبلة ولا إلى اليوم إلا خوخة آل عمر المتقدم ذكرها ، وخوخة كانت لمروان عند داره فى ركن المسجد الغربى.
قال الشيخ جمال الدين : شاهدنا عند بناء المنارة الكبيرة المستجدة فى سنة ست وسبعمائة ، أمر بإنشائها السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وكان بابها عليها وهو من ساج فلم يبل إلى هذا التاريخ ، وقد اشتدت بحائط المنارة الغربى.
ذكر ذرع المسجد اليوم ، وعدد أساطينه وطيقانه
وذكر حدود المسجد القديم
قال عفيف الدين المرجانى : اعلم أن طول المسجد اليوم (ق ١٤١) بعد الزيادات كلها من قبلته إلى الشام مائتا ذراع وأربع وخمسون ذراعا ، وعرضه من مقدمه من المشرق إلى المغرب مائتا ذراع وسبعون ذراعا شاف ، وعرضه من مؤخره مائة ذراع وخمسة وثلاثون ذراعا ، وطول رحبته من القبلة إلى الشام تسع وخمسون ذراعا وثلاث أصابع ،
وذلك قبل زيادة الرواقين ، ومن شرقيه إلى غربيه سبعة وتسعون ذراعا راجحة ، وطول المسجد فى السماء خمسة وعشرون ذراعا.
وذكر الشيخ جمال الدين بن زبالة مثل ذلك أو ما يقاربه ، وذكر ابن زبالة أن طول منابره خمس وخمسون ذراعا وعرضهن ثمانية أذرع.
وأما الطيقان ففى القبلة إحدى عشرة وفى الشام مثلها ، وفى المشرق والمغرب تسع عشرة بين طاقين واسطوان ، وأما الأساطين غير التى فى الطيقان ففى القبلة ثمان وستون منها فى القبر المقدس أربع ، وفى الشام مثلها (ق ١٤٢) وفى المشرق أربعون منها اثنتان فى الحجرة المعظمة ، وفى المغرب ستون ، وبين كل اسطوانتين تسعة أذرع ، وذلك قبل زيادة الرواقين وليس على رءوس السوارى أقواس بل عوارض غير الدائر بالرحبة والرواقين اللذين زيدا فى دولة الملك الناصر.
وأما حدود مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم القديم المشار إليها أولا فذكر الحافظ محب الدين أن حده من القبلة الدرابزينات التى بين الأساطين التى فى قبلة الروضة الشريفة ، ومن الشام الخشبتان المغروزتان فى صحن المسجد هذا طوله ، وأما عرضه من المشرق إلى المغرب فهو من حجرة النبى صلىاللهعليهوسلم إلى الأسطوان الذى بعد المنبر الشريف وهو آخر البلاط.
قال الشيخ جمال الدين : أما الدرابزينات التى ذكر فى جهة القبلة فهى متقدمة فى موضع الحائط القبلى الذى كان محاذيا لمصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما ورد أن الواقف فى مصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم تكون رمانة المنبر الرفيع حذو منكبه (ق ١٤٣) الأيمن فقام النبى صلىاللهعليهوسلم ثم يغير باتفاق ، وكذلك المنبر الشامى لم يؤخر عن منصبه الأول وإنما جعل هذا الصندوق الذى قبله مصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم سترة بين المقام وبين الاسطوانات.
وورد أيضا أنه كان بين الحائط القبلى وبين المنبر ممر الشاة ، وبين المنبر والدرابزين اليوم مقدار أربعة أزرع وربع ، ثم قال رحمهالله تعالى : وفى صحن المسجد اليوم حجران يذكر أنهما حد مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الشام والمغرب ، ولكنهما ليسا على سمت المنبر الشريف بل هما داخلان إلى جهة الشرق مقدار أربعة أذرع أو أقل ، وكذلك هما
متقدمتان إلى القبلة بمثل ذلك لأنى اعتبرت ذلك بالذراع فوجدتهما ليسا على حد ذرعة المسجد الأول والله أعلم.
وقال الحارث بن أسد المحاسبى : حد المسجد الأول ستة أساطين فى عرضه عن يمين المنبر إلى القناديل إلى حذا الخوخة ، وثلاث سوار عن يساره من ناحية المنحرف ، ومنتهى طوله من قبلته إلى مؤخره حذا تمام الرابع من طبقات المسجد اليوم (ق ١٤٤) ومارا على ذلك فهو خارج عن المسجد الأول ، قال : وروى عن مالك أنه قال مؤخر المسجد بحذاء عضادة الباب الثانى الذى يقال له باب عثمان رضى الله تعالى عنه ، وهو باب النبى صلىاللهعليهوسلم ، أعنى العضادة الأخرة السفلى وهو أربع طيقان من المسجد ما قصر حتى يصير فى الروضة ، والروضة ما بين القبر والمنبر فما كان منها من الأسطوانة السادسة التى حددت ذلك عن يمين المنبر فليس من المسجد الأول وإنما كان من حجرة عائشة رضى الله تعالى عنها ، فوسع به المسجد ، وهو من الروضة وتدنو من ناحية المنبر على يمينك حذا الصندوق الموضع هناك إلى المنبر ، يروى أنه من وقف حذا ذلك الصندوق وجعل عود المنبر حذا منكبه الأيمن وقف موقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذى كان يقوم فيه.
قال قاضى القضاة عز الدين ابن جماعة : من مناسكه الكبرى وقد حررت ذرع ما حددوا به المسجد فى زمنه صلىاللهعليهوسلم فكان ما بين الجدار الذى داخله الحجرة المقدسة وبين (ق ١٤٥) السارية السابعة اثنان وأربعون ذراعا وثلثا ذراع ، وما بين الدرابزين والحجرين ستة وأربعون ذراعا وثلثا ذراع ، وزرعت ما بين الجدار الذى حول الحجرة الشريفة وبين المنبر ، وكان أربعة وثلاثين ذراعا وقيراطا وذلك طول الروضة الشريفة ، قال ولم يتحرر لى عرضها وما سامت بيت النبى صلىاللهعليهوسلم أو المنبر فهو من الروضة بلا شك ، وبين المنبر والدرجة التى ينزل منها إلى الحفرة التى هى مصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن يمين الإمام تسعة أذرع وقيراط ، وعرض الدرجة سد عن ذراع وثمن ذراع ، وسعة الحفرة ذراع وثلث ذراع وربع وثمن ذراع فى مثله كل ذلك بذراع العمل بمصر المحروسة. انتهى كلام ابن جماعة.
ورحبة المسجد مقدار ثلاث عشرة نخلة وعلى جانبها بئر ، وعلى جانبها الغربى قبة حاصل المسجد الشريف أنشأها السلطان الملك الناصر ، وبهذه القبة المصحف العثمانى.
وأول من جمع القرآن بين اللوحين أبو بكر رضى الله تعالى عنه ، ثم إنه أمر زيد بن ثابت بجمع القرآن وذلك (ق ١٤٦) بعد أيام اليمامة ، فلما جمعه زيد كان عند حفصة فأرسل عثمان رضى الله تعالى عنه إلى حفصة أرسلى إلينا بالمصحف فنسخها بالمصاحف ثم جمع زيد أبو عبد الله بن عمرو بن العاص ، وابن عباس ، وعبد الله الزبير ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام رضى الله تعالى عنهم وأمرهم بنسخها فى مصحف ففعلوا ثم رد عثمان المصحف إلى حفصة وقيل أحرقها ، وقيل جعل منها أربع نسخ فبعث إحداهن إلى الكوفة وإلى البصرة أخرى وإلى الشام الثالثة وأمسك عند نفسه واحدة فهى التى بالمدينة.
وقيل جعل سبع نسخ ووجه من ذلك أيضا نسخة إلى مكة ونسخة إلى اليمن ونسخة إلى البحرين ، والأول أصح.
قال عفيف الدين المرجانى : وبمكة الآن منهن نسخة ، وذكروا أنها كانت عليها شبكة من اللؤلؤ فيما تقدم ، وكان أهل مكة يستسقون بها ، وكانت فى جوف الكعبة وهى فى مقدار قطع ذراع فى ذراع. انتهى كلامه.
ذكر أسوار المدينة
السور الأول : نقل قاضى القضاة شمس ابن خلكان (١) أن هذا السور القديم بناه عضد الدولة بن بويه المسمى بالحسن بن كوسى بعد الستين وثلاثمائة فى خلافة الإمام الطائع لله بن المطيع ثم تهدم على طول الزمان ولم يبق إلا آثاره وهى باقية إلى الآن.
__________________
(١) صاحب كتاب وفيات الأعيان الذى طبع طبعتين الأولى بتحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد والثانية بتحقيق إحسان عباس فى ثمانية مجلدات.
السور الثانى : هو الذى بناه جمال الدين الأصبهانى ، وذلك على رأس الأربعين وخمسمائة.
السور الثالث : بناه السلطان الملك العادل ، وذلك أن المدينة الشريفة ضاقت بأهلها فلما قدم السلطان المذكور فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة إلى المدينة لسبب رؤيا رآها استغاث به أهل المدينة وطلبوا أن يبنى عليهم سورا يحفظهم ويحفظ مواشيهم فأمر ببناء هذا السور الموجود اليوم فبنى فى سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ، وكتب اسمه على باب البقيع وهو باق إلى اليوم.
وقصة الرؤيا ما حكاه المطرى وغيره أن السلطان محمود رأى النبى صلىاللهعليهوسلم ثلاث مرات فى ليلة واحدة وهو يقول له فى كل واحدة منها يا محمود انقذنى من هذين الشخصين الأشقرين (ق ١٤٨) اتجاهه فاستحضر وزيره قبل الصبح فذكر له ذلك ، قال : هذا أمر حدث بالمدينة ليس له غيرك فتجهز وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك حتى دخل المدينة الشريفة على غفلة من أهلها وزار وجلس فى المسجد لا يدرى ما يصنع فقال له وزيره : أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال : نعم. فأمره بالصدقة وطلب الناس عامة وفرق عليهم ذهبا وفضة ، وقال : لا يبقين أحد بالمدينة إلا جاء فلم يبق إلا رجلين مهاجرين من أهل الأندلس نازلين فى الناحية التى تلى قبلة حجرة النبى صلىاللهعليهوسلم من خارج المسجد عند دار آل عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فطلبهما للصدقة فامتنعا ، فجد فى طلبهما فجىء بهما فلما رآهما قال : هما هذان فسألهما عن حالهما فقالا : جئنا للمجاورة؟ فقال : اصدقانى. وتكرر السؤال حتى أفضى إلى معاقبتهما فأقرا أنهما من النصارى وأنهما وصلا لكى ينقلا من فى هذه الحجرة المقدسة باتفاق من ملوكها ووجدهما قد حفرا نقبا من تحت الأرض من تحت (ق ١٤٩) حائط المسجد القبلى وهما قاصدان إلى جهة الحجرة الشريفة ويجعلان التراب فى بئر عندهما فى البيت الذى هما فيه فضرب أعناقهما عند الشباك الذى فى شرقى حجرة النبى صلىاللهعليهوسلم خارج المسجد ثم أحرقا آخر النهار وركب وتوجه إلى الشام. انتهى والله أعلم.
الفصل
السابع
فى ذكر المساجد التى
صلى فيها النبى صلىاللهعليهوسلم
فى ذكر المساجد التى صلى فيها النبى صلىاللهعليهوسلم المعروفة بالمدينة وغيرها ، وفيها ذكر المساجد المعروفة بالمدينة الشريفة ، وذكر مساجد بالمدينة صلى فيها صلىاللهعليهوسلم لا تعرف اليوم ، وذكر المساجد التى صلى فيها صلىاللهعليهوسلم فى الغزوات وغيرها.
وأما ذكر المساجد المعروفة بالمدينة الشريفة فمنها مسجد قباء ، قال الله تبارك وتعالى : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)(١) أى بنيت جدره ورفعت قواعده.
عن ابن عباس والضحاك والحسن هو مسجد قباء وتعلقوا بقوله تعالى (أَوَّلِ يَوْمٍ)(٢) وهو قول بريدة وابن زيد وعروة (ق ١٥٠) ودليل الظرف يقتضى الرجال المتطهرين فهو مسجد قباء.
وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال نزلت هذه الآية فى أهل قباء (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا)(٣) أى من حاظريه قيل كانوا يجمعون بين والحجر.
مسجد قباء
فى بنى عمرو بن عوف كان مربدا لكلثوم بن الهدم فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبناه مسجدا وأسسه وصلى فيه قبل أن يدخل المدينة ، حين قدومه من مكة كما تقدم ، وتقدم فى باب الفضائل الأحاديث الواردة فى فضل قباء والصلاة فيه. وروى نافع عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهم أن النبى صلىاللهعليهوسلم صلى إلى الاسطوان الثالث فى مسجد قباء التى فى الرحبة.
قال الحافظ محب الدين : ولم يزل مسجد قباء على ما بناه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أن بناه عمر بن عبد العزيز رضى الله تعالى عنه حين بنى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووسعه ونقشه
__________________
(١) ١٠٨ م التوبة ٩.
(٢) ١٠٨ م التوبة ٩.
(٣) ١٠٨ م التوبة ٩.
بالفسيفساء وسقفه بالساج (ق ١٥١) وعمل له منارة وجعل له أروقة فى وسطه رحبة فتهدم حتى جدده جمال الدين الأصبهانى وزير بنى زنكى فى سنة خمس وخمسين وخمسمائة ، قال : وذرعته فكان طوله ثمانية وستين ذراعا راجحا قليلا ، وعرضه كذلك وارتفاعه فى السماء عشرون ذراعا ، وطول منارته من وسطه اثنان وعشرون ذراعا وعلى رأسها قبة نحو العشرة أذرع فى المسجد تسع وثلاثون بين كل أسطوانتين سبعة أذرع راجحة فى جدرانه طاقات من كل جانب ثمان إلا الجانب الشامى فإن الثانية سدت بالمنارة ومنارته مربعة وهو على يمين المصلى.
ومنها :
مسجد الفتح
عن جابر رضى الله تعالى عنه أن النبى صلىاللهعليهوسلم دعا فى مسجد الفتح يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعرف البشر فى وجهه ، وقد تقدم فى باب الفضائل.
وعن هارون (١) عن كثير (٢) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعى يوم (ق ١٥٢) الخندق على الأحزاب فى موضع الأسطوانة الوسطى فى مسجد الفتح الذى على الجبل.
قال الشيخ جمال الدين : مسجد الفتح على قطعة من جبل سلع من جهة الغرب وغربيه وادى بطحان وتحت الوادى عين تجرى ويعرف الموضع بالسيح بالسين المهملة يصعد إلى المسجد من درجتين شمالية وشرقية وكانت فيه ثلاث أسطوانات قيل هذا البناء
__________________
(١) هو هارون بن عبد الله بن مروان الحمال البغدادى أبو موسى البزار الحافظ ، روى عن جعفر الجعفى وابن عيينة ويزيد بن هارون ، وخلق ، وعنه مسلم والأربعة وابنه موسى وأبو حاتم وآخرون.
مات سنة ٢٤٣ ه.
(٢) هو كثير بن مرة الحضرمى الرهاوى أبو شجرة ، ويقال أبو القاسم ، ثقة.
الذى هو اليوم عليه من بناء عمر بن عبد العزيز فتهدم ثم جدده الأمير سيف الدين الحسينى بن أبى الهيجاء أحد وزراء العبيديين بمصر فى سنة خمس وسبعين وخمسمائة وكذلك جدد المسجدين اللذين تحته من جهة القبلة يعرف الأول القبلى بمسجد على ابن أبى طالب رضى الله تعالى عنه. والثانى يلى الشمال يعرف بمسجد سلمان الفارسى رضى الله تعالى عنه جددهما فى سنة سبع وسبعين وسبعمائة.
وذكر الحافظ محب الدين أنه كان معهما مسجد ثالث فذلك لم يبق له أثر.
قال الحافظ محب الدين : وروى عن معاذ بن سعد أن النبى صلىاللهعليهوسلم (ق ١٥٣) صلى فى مسجد الفتح الذى على الجبل وفى المساجد التى حوله ، وفى مسجد القبلتين.
ومنها :
مسجد القبلتين
عن عثمان بن محمد الأخنيسى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم زار امرأة من بنى سلمة يقال لها أم بشر فى بنى سلمة فصنعت له طعاما فحانت الظهر فصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأصحابه فى مسجد القبلتين الظهر ، فلما صلى ركعتين أمر أن يتوجه إلى الكعبة فاستدار رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الكعبة فسمى ذلك مسجد القبلتين ، وكانت الظهر يومئذ أربع ركعات ، منها اثنتان إلى بيت المقدس واثنتان إلى الكعبة وصرفت القبلة يوم الثلاثاء النصف من شعبان فى السنة الثانية من الهجرة ، وقيل بل صرفت القبلة من مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى صلاة العصر يوم الاثنين النصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا من الهجرة.
قال ابن المسيب : صرف قبل بدر بشهرين ، والأول أصح.
قال الحافظ محب الدين : وهذا المسجد بعيد من (ق ١٥٤) المدينة قريب من بئر رومة وقد تهدم ولم يبق الا آثاره وموضع المسجد يعرف بالقاع ، والقاع المكان المستوى.
قال عفيف الدين المرجانى : وبهذا الوادى سار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن معه بالخيل والإبل على ظهر الماء لما أن غزا خيبر.
قال على رضى الله تعالى عنه : وجدنا السيول بالقاع فقدرنا الماء فإذا هو أربع عشرة قامة فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسجد ودعا ثم قال سيروا على اسم الله فسرنا على الماء. وكان نظير فلق البحر لموسى عليهالسلام.
قال الشيخ جمال الدين : ومسجد القبلتين بعيد عن مسجد الفتح من جهة الغرب على رابية على شفير وادى العقيق وحوله خراب عتيق على الحرة وحوله آبار ومزارع تعرف بالعرص فى قبلة مزارع الجرف المعروف بالمسجد المذكور فى قرية بنى سلمة ويقال لها حرما.
ثم قال : وفى هذا المسجد وهو مسجد بنى حرام (ق ١٥٥) من بنى سلمة رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم النخامة فحكها بعرجون كان فى يده ثم دعا بخلوق فجعله على رأس العرجون ثم جعله على موضع النخامة فكان أول مسجد خلق فى الإسلام.
ومنها :
مسجد الفضيح
روى هشام بن عروة (١) والحارث بن فضيل (٢) أنهما قالا صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى مسجد الفضيح ، وعن جابر بن عبد الله أن النبى صلىاللهعليهوسلم لما حضر بنى النضير ضرب قبة فى موضع الفضيح وأقام بها ستا.
وقال جاء تحريم الخمر فى السنة الثالثة من الهجرة وقيل فى السنة الرابعة وأبو أيوب فى نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى موضع معهم راوية خمر من فضيح فأمر أبو أيوب
__________________
(١) هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدى المدنى. روى عن أبيه وعمه عبد الله بن الزبير وطائفة ، وعنه أبو حنيفة ومالك وشعبة والسفيانان والحمادان.
مات سنة ١٤٥ ه ، قال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث حجة.
(٢) هو الحارث بن فضيل الأنصارى الخطمى أبو عبد الله المدنى ، روى عن محمود بن لبيد وجعفر بن عبد الله بن الحكم والزهرى وعبد الرحمن بن أبى قراد وغيرهم ، ثقة.
رضى الله تعالى عنه بعزلاء المزادة ففتحت فسال الفضيح فيه فسمى مسجد الفضيح والفضيح نوع من الخمر وهو ما افضح من البسر من غير أن تمسه النار ، ويقال له الفضوح وهو من أسماء الخمر.
قال الحافظ محب الدين : ومسجد الفضيح قريب من قباء شرقيه ويعرف بمسجد (ق ١٥٦) الشمس.
قال الشيخ جمال الدين : وهو على شفير الوادى على نشز من الأرض مرضوم بحجارة سود وهو صغير جدا.
ومنها :
مسجد بنى قريظة
عن محمد بن عقبة بن أبى مالك قال صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى بيت امرأة فى الحضر فى بنى قريظة فأدخل الوليد بن عبد الملك ذلك البيت فى المسجد حين بناه.
قال الحافظ محب الدين : روى عن أبى رفاعة عن أشياخ من قومه أن النبى صلىاللهعليهوسلم صلى فى بيت امرأة من بنى قريظة فأدخل ذلك البيت فى مسجد بنى قريظة ، وقيل إنما أدخل البيت فى المسجد عمر بن عبد العزيز حين بنى مسجد قباء.
قال الحافظ محب الدين : وهذا المسجد باق فى العوالى طوله نحو العشرين ذراعا وعرضه كذلك وفيه نحو ستة عشر اسطوانا فتهدم ووقعت منارته ، وأخذت أحجاره وقد كان مبنيا على شكل بناء مسجد قباء (ق ١٥٧) وحوله بساتين ومزارع.
قال الشيخ جمال الدين : هذا المسجد شرقى مسجد الشمس بعيد عنه بالقرب من الحرة الشرقية على باب حديقة تعرف الآن بحاجرة وقف على الفقراء بين أبيات خراب هى بعض دور بنى قريظة وهو شمالى باب الحديقة وطوله نحو من خمسة وأربعون ذراعا وعرضه كذلك ، وبقى أثره إلى العشر الأول بعد السبعمائة فجدده وبنى عليه حضير مقدار نصف قامة وكان قد نسى فمن ذلك التاريخ عرف.
ومنها :
مسجد الجمعة
وهو الذى أدرك فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة الجمعة بعد أن أسس مسجد قباء وهو قادم الى المدينة.
قال الشيخ جمال الدين : وهذا المسجد على يمين السالك إلى مسجد قباء شماليه أطم خراب يقال له المزدلف أطم عتبان من بنى مالك وهو فى بطن الوادى وهو مسجد صغير مبنى بحجارة قدر نصف القامة وهو الذى كان حول السيل بينه وبين عتبان اذا سال (ق ١٥٨) الآن منازل بنى سالم بن عوف كانت غربى هذا الوادى على طرف الحرة وآثارهم باقية هناك فسأل عتبان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يصلى له فى بيته ليتخذه مصلى ففعل صلىاللهعليهوسلم.
ومنها :
مسجد بنى ظفر من الأوس
عن إدريس بن محمد بن يونس بن محمد بن أنيس بن فضالة الضمرى عن جده أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جلس على الحجر الذى فى مسجد بنى ظفر فأعلموه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جلس عليه فرده قال : فقل امرأة يصعب حملها تجلس عليه إلا حملت ، وعنده أثر فى الحجر يقال إنه أثر حافر بغلة النبى صلىاللهعليهوسلم من جهة القبلة فى غربيه حجر عليه أثر كان أثر مرفق وعلى حجر آخر أثر مرفق أصابع والناس يتبركون بها.
قال الشيخ جمال الدين : وهذا المسجد شرقى البقيع مع طرف الحرة الشرقية ويعرف اليوم بمسجد البغلة.
ومنها :
مسجد بنى (ق ١٥٩) معاوية بن مالك
ابن النجار بن الخزرج
عن عتيك بن الحارث أنه قال : جاءنا عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنهما فى بنى معاوية ، وهى قرية من قرى الأنصار فقال : هل تدرون أين صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى مسجدكم هذا ، قلت : نعم وأشرت إلى ناحية منه فقال إلى ناحية فهل تدرى ما الثلاث التى دعا بها قلت نعم قال فأخبرنى بهن ، قلت : دعا أن لا يظهر عليهم عدو من غيرهم فأعطيها وأن لا يهلكهم بالسنين فأعطيها وأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها.
قال عبد الله بن عمر رضى الله تعالى عنه : صدقت ، فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة.
قال الشيخ جمال الدين : ويعرف هذا المسجد اليوم بمسجد الإجابة ، وهو شمالى البقيع على يسار طريق السالك الى العريض وسط تلول وهى أثر قرية من بنى معاوية وهو اليوم خراب.
قال الحافظ محب الدين : فيجب زيارة هذه المواضع وإن لم يعرف اسماؤها لأن الوليد ابن عبد الملك أرسل إلى عمر بن عبد العزيز مهما صح عندك (ق ١٦٠) من المواضع التى صلى فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فابن عليها مسجدا فالآثار كلها أثر بناء عمر بن عبد العزيز رضى الله تعالى عنه.
وأما مشربة أم ابراهيم ابن سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فروى إبراهيم بن محمد بن يحيى ابن محمد بن ثابت أن النبى صلىاللهعليهوسلم صلى فى مشربة أم إبراهيم عليهالسلام.
قال الحافظ محب الدين : هذا الموضع بالعوالى بين النخل وهى أكمة قد حوط حولها بلبن والمشربة البستان وأظنه قد كان بستانا لمارية القبطية ام ابراهيم ابن النبى صلىاللهعليهوسلم.
قال الشيخ جمال الدين : المشربة شمالى مسجد بنى قريظة قريب من الحرة الشرقية فى موضع يعرف بالدشت بين نخل يعرف بالأشراف القواسم من بنى قاسم بن إدريس
ابن جعفر أخى الحسين العسكرى لآن آل شعيب بن جماز. ومنهم وصعيب بالقرب من دار بنى الحارث بن الخزرج التى كان أبو بكر رضى الله تعالى عنه نازلا فيها بزوجته (ق ١٦١) حبيبة ابنة خارجة وقيل مليكة أخت زيد بن خارجة.
ومنها :
مصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم للعيد
عن هشام بن سعد بن إبراهيم بن أبى أمية وعن سبع من أهل السن أن أول عيد صلاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى حارة الأوس عند بيت أبى الجنوب.
ثم صلى العيد الثانى بفناء دار حكيم بن العداء عند دار حفرة فى داخلا فى البيت الذى بفناء المسجد.
ثم صلى العيد الثالث عند دار عبد الله بن درة المازنى داخلا بين الدارين دار معاوية ودار كثير بن الصلت.
ثم صلى العيد الرابع عند أحجار كانت عند الحناطين بالمصلى.
ثم صلى داخلا فى منزل محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت ثم صلى حيث صلى الناس اليوم.
وروى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن أول فطر أو أضحى جمع فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفناء دار حكيم بن العداء.
وروى عن محمد بن عمار بن ياسر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يسلك إلى المصلى من الطريق العظمى (ق ١٦٢) على أصحاب الفساطيط يرجع من الطريق الأخرى على دار عمار بن ياسر رضى الله تعالى عنه.
وروى عن عائشة بنت سعد بن أبى وقاص رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «ما بين مسجدى إلى المصلى روضة من رياض الجنة».
وروى عن عمرة عن عائشة رضى الله تعالى عنها أن النبى صلىاللهعليهوسلم كان يذبح أضحيته بيده إذا انصرف من المصلى على ناحية الطريق التى كان ينصرف منها وتلك الطريق والمكان الذى كان يذبح فيه صلىاللهعليهوسلم مقابل المغرب مما يلى طريق بنى رزيق.