وأورد عليه صاحب الكفاية (١) قدسسره بأن ظهور المطلق معلّق على عدم البيان في مقام التخاطب لا على عدم البيان إلى الأبد ، فمع انقطاع الكلام وعدم تحقق البيان متصلاً به ينعقد الظهور للمطلق ، فيقع التعارض بينه وبين ظهور العام ، فلا وجه لتقديم العام على المطلق بقول مطلق ، هذا.
والصحيح ما ذكره الشيخ قدسسره إذ بعد كون العام صالحاً للقرينية على التقييد ، كما اعترف به صاحب الكفاية في بحث الواجب المشروط (٢) لا فرق بين كونه متصلاً بالكلام أو منفصلاً عنه ، غاية الأمر أنّه مع ورود العام منفصلاً يكون الاطلاق حجة ما لم يرد العام لتحقق المعلّق عليه ، وهو عدم البيان إلى زمان ورود العام ، وبعده ينقلب الحكم من حين ورود العام لا من أوّل الأمر ، لا نقول : إنّ حين وصول العام يحكم بأنّ الاطلاق غير مراد من هذا الحين ، بل يحكم بأنّ الظهور لم يكن مراداً من الأوّل ، لكنّه كان حجة إلى حين وصول العام ، نظير الاصول العملية بالنسبة إلى الأمارات ، فانّ الأصل متّبع ما لم تقم أمارة على خلافه ، وبعد قيامها يرفع اليد عن الأصل من حين قيام الأمارة ـ وإن كان مفادها ثبوت الحكم من الأوّل ـ والمقام كذلك ، غاية الأمر أنّ العام المتصل مانع عن انعقاد الظهور في المطلق ، والعام المنفصل كاشف عن عدم تعلق الارادة الجدية بالاطلاق من لفظ المطلق ، وهذا المقدار لا يوجب الفرق في الحكم من وجوب تقديم العام على المطلق.
ومنها : كون أحد الاطلاقين شمولياً والآخر بدلياً ، فذكروا أنّه يقدّم الاطلاق
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٥٠.
(٢) كفاية الاصول : ١٠٦.