هو الجوادُ الّذي يُعطيك نائِلَهُ |
عَفْوا ويُظْلم أحيانا فَيَظَّلِمُ |
كان في الأصل : فيظتلم فقُلِبت التاءُ ظاءً وأُدْغمتْ في الظاء فَشُدِّدتْ.
أبو عبيد عن أبي عبيدة : تَظنَّيْتُ من ظَنَنْتُ ، وأصله تَظنَّنتُ فكثُرتْ النوناتُ فَقُلبتْ إحداهما ياءً ، كما قال : قصَّيتُ أظفاري والأصل قصَّصْتُ.
قال أبو العباس المبرد : الظنين المتهم وأصله المظنون وهو من ظننت الّذي يتعدى إلى مفعول واحد تقول : ظننت بزيد وظننت زيدا ، أي اتهمت ، وأنشد لعبد الرحمن بن حسان :
فلا وَيَمينِ اللهِ ما عَنْ جنايةٍ |
هجرْتُ ولكنَ الظنَّين ظنينُ |
ومنه قول الله تعالى : (وما هو على الغيب بظنين) أي متهم.
ومن حديث عليّ أَنه قال : في الدَّيْن الظُّنُونِ ، قال : يُزَكِّيه لما مضى ، إذا قَبَضَه.
قال أَبو عبيد : الظَّنُون الّذي لا يَدْرِي صاحبُه أَيقضيه الّذي عليه الدَّيْن أَم لا ، كأَنَّه الّذي لا يَرْجوه ، قال : وكذلك كل أَمر تُطالبُه ولا تدْري على أَي شيء أَنت منه فهو ظُنون.
وقال الأعشى في الظَّنون وهي البئر التي لا يُدْرَى أفيها ماء أم لا؟ :
ما جُعِلَ الجُدُّ الظَّنُونُ الَّذِي |
جُنِّبَ صَوْبَ اللَّجِبِ الماطِرِ |
أبو الحسن اللِّحياني : فلان مَظِنَّةٌ من كذا ومَئِنَّة أي مَعْلَمٌ.
وأنشد أبو عبيد :
يَسِطُ البُيوتَ لِكَيْ يكون مَظِنَّةً |
مِن حيثُ تُوضَعُ جَفْنَةُ المسْتَرْفِدِ |
وقال ابن السكيت : قال الفراء : الظَّنَونُ مِن النساء التي لها شرف تُتَزَوَّجُ ، وإنما سمِّيت ظنونا لأن الوَلَد يُرْتَجَى منها انتهى والله تعالى أعلم.
باب الظاء والفاء
[ظ ف]
ظف ، فظ : [مستعملة].
ظف : أبو عبيد عن الكسائي : ظَفَفْتُ قوائمَ البعيرِ وغيرِه أَظُفَّها ظَفّا إذا شَدَدْتَها كلَّها وجمعتَها.
فظ : أخبرني المنذري عن إبراهيم الحربي أنه قال : الفَظُّ الخَشِنُ الكلام. قال وقال لنا أبو نصر : الفَظُّ الغَلِيظُ ، وأنشدنا :
لمَّا رأينا مِنْهُمُ مُغْتاظَا |
تَعْرَفُ منه اللُّؤْمَ والفِظَاظَا |
وقال الليث : رجل فَظٌّ ذو فَظَاظَةٍ ، وهو الّذي فيه غِلَظٌ في مَنْطِقِه ، والفَظَظُ خُشونةٌ في الكلام.
وقال غير واحد : الفَظُّ ماءُ الكِرْش يُعْتَصَر
فَيُشْرَبُ عند عَوزِ الماء في الفَلوات وبه شُبِّهَ الرجلُ الفَظَّ لِغِلَظِهِ.
وقال الشافعي : إنْ افْتَظَّ رجلٌ كَرِشَ بَعِيرٍ غَرَّهُ فاعْتَصَرَ ماءَه وصَفَّاه لم يُجزْ له أن يَتَطَهَّرَ به.
وروى سلمة عن الفراء : الفَظِيظُ ماءُ الفَحْل في رَحِمِ الناقةِ ، وأنشد :
حَمَلْنَ لَهَا مياها في الأدَاوَى |
كما قد يَحْمِلُ البَيْظُ الفَظِيظَا |
انتهى والله أعلم.
باب الظاء والباء
[ظ ب]
ظب ، بظ : [مستعملة].
[ظَبَ] أمّا ظَبَ فإنه لم يُستعمل إلا مُكَرَّرا.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الظَّبْظَابُ البَثْرَةُ التي تخرج في وُجوه الملاح ، والظَّبْظَابُ أيضا كلامُ المُوعِدِ بِشَرٍّ ، وأنشد :
* مُواغِدٌ جَاء لَهُ ظَبْظَابُ *
قال والمواغِد بالغَيْن المبادِرُ المتَهَدِّدُ.
عمرو عن أبيه ، قال : ظَبْظَبَ إذا حُمَّ ، وَظَبظَبَ إذا صاحَ ، وله ظَبْظَابٌ ، أي جَلَبةٌ ، وأنشد :
جاءتْ مع الصُّبْح لها ظَبَاظِبُ |
فَغَشِيَ الدَّارَةَ منها جالِبُ |
أبو عبيد عن أبي عمرو وأبي زيد يقال : ما به ظَبْظَابٌ ، أي ما به شيءٌ من الوَجَع.
وقال رؤبة :
* كأَنَّ بِي سُلَّا وما بي ظَبْظَابْ *
قال : والظَّبظابُ داءٌ يُصيب الإبل وقيل : هو بَثْرٌ يخرج بالعين.
بظ : ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : البَظِيظ السَّمِينُ الناعِم.
عمرو عن أبيه : أَبَظَّ الرجلُ إذا سَمِنَ وقال اللحياني : أنهُ لَفَظٌّ بَظٌّ بمعنى واحد.
وقال غيره : فَظِيظٌ بَظِيظٌ.
وقال الليث : بَظَّ يَبُظُّ بَظًّا وهو تحريك الضَّارب أوتارَه ليُهيِّئها ويُسَوِّيها ، والضَّادُ جائز فيه.
وفي بعض النسخ : فظَّ على كذا أي ألَحَّ عليه ، وهو تصحيف ، والصواب : أَلَظَّ عليه إذا ألحّ.
باب الظاء والميم
[ظ م]
مظ : في حديث أبي بكر : أنه مرّ بابنِه عبدِ الرحمن وهو يُمَاظُّ جَارا له ، فقال له أبو بكر : لا تُمَاظِّ جارَك فإنه يَبْقَى ، ويَذهبُ الناسُ.
قال أبو عبيد : المُماظَّة المُشَارَّة والمُشاقَّةُ ، وشِدَّةُ المُنَازَعةِ مع طُول اللزوم.
يقال : ماظَظْتُه أُمَاظُّهُ مِظاظا ومُماظَّةً.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : المَظُّ رُمَّانُ البَرِّ ، وأنشد أبو الهيثم لبعض طَيّىء :
ولا تَقْنَطْ إذا حَلّتْ عِظامٌ |
عليكَ من الحوادث أَنْ تُشَظَّا |
|
وسَلِّ الْهَمَّ عنكَ بِذاتِ لَوْثٍ |
تَبُوص الحادِيَيْنِ إذا أَلظَا |
|
كأَنَّ بِنَحْرِهَا وبِمِشْفَرَيْها |
ومَخْلجِ أَنْفِهَا راءً وَمَظَّا |
|
جَرَى نَسْءٌ على عَسَنٍ عليها |
فَمار خَصِيلُها حَتَّى تَشَظَّى |
قال : أَلظَّ ، أي ألَحَّ عليها الحادي ، قال : والرَّاءُ زَبَدُ البحر ، والمَظُّ دَمُ الأخوين ، وهو دَمُ الغَزَال ، وعُصارةُ عُروق الأرْطَى وهي حُمْرٌ ، والأرْطأةُ خَضْراء فإذا أكلتها الإبل احْمَرَّتْ مَشافِرُها.
وقال الهذلي يذكر الحُمول :
يَمَانِيَةٌ أَحْيَالها مَظَّ مَأْبِدٍ وآلِ |
قَراسٍ صَوْبُ أَسْقِيَةٍ كُحْلٍ |
عمرو عن أبيه : أَمَظَّ إذا شَتَم وَأَبَظَّ إذا سَمِن.
* * *
باب الثلاثي الصحيح من حرف الظاء
أهملت الظاء مع الذال والثاء إلى آخر الحروف.
أبواب الظاء والراء
ظ ر ل : مهمل.
ظ ر ن
استعمل من وجوهه : [نظر].
نظر قال الليث : تقول العرب : نَظَرَ يَنظُرُ نَظَرا ، قال : ويجوز تخفيف المصدر ، تَحْمِلُه على لفظِ العَامَّةِ من المصادر ، قال وتقول : نَظَرتُ إلى كذا وكذا من نَظَرِ العين ، ونَظَرِ القلب.
ويقول القائل للمُؤَمَّل يرجوه : إنما أَنْظُر إلى الله ثم إليك ، أي إنما أتوقع فَضْلَ الله ثم فضلك.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : النَّظْرَةُ الرحمةُ والنظرةُ اللَّمْحَةُ بالعَجَلة.
ومنه الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لعليّ : «لا تُتْبِعُ النظرةَ النظرةَ ، فإن لك الأولى ولَيْسَتْ لك الآخرة» ، قال : والنَّظْرَةُ الهَيْبَةُ.
قال بعض الحكماء : من لم يَعْمَل نَظَرهُ لم يَعْمَل لِسانُه ، ومعناه : أنَ النَّظْرةَ إذا خَرجتْ بإنكار القلبِ عمِلتْ في القلب وإن خرجتْ بإنكار العَيْن دونَ القلب ، لم تَعْمل ، ويجوز أن يكون معناه : إن لم يعمل فيه نظرك إليه بالكَراهة عند ذنب أذنبه لم يفعل قولك أيضا.
أبو عبيد عن الفراء : رجل فيه نَظْرَةٌ أي شُحُوبٌ.
وأنشد شمر :
* وفي الهام مِنْها نَظْرَةٌ وشُنُوعٌ*
وقال أبو عمرو : النَّظْرَة : الشُّنْعَةُ والقبحُ ، يقال : إن في هذه الجارية لَنَظْرةً إذا كانت قبيحةً.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ يقال : فيه نَظْرةٌ ورَدَّةٌ وجَبْلةٌ ، إذا كان فيه عَيْبٌ.
وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم : أنَّ أبا ليلى الأعرابيّ قال : فيه رَدَّة أي يَرْتَدُّ البَصَرُ عنه مِن قُبْحه ، وفيه نَظْرةٌ أي قُبْحٌ ، وأنشد الرياشي :
لَقَدْ رَابَني أَنَّ ابنَ جَعْدَةَ بادِنٌ |
وفي جِسْمِ لَيْلَى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ |
وفي الحديث : أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى جارية فقال : «إن بها نَظْرَة فاسْتَرْقُوا لها».
قيل : معناه أن بها إصابةَ عينٍ من نظر
الجِنِّ إليها وكذلك بها سَفْعَة ، وقول الله جلّ وعزّ : (ناظِرِينَ إِناهُ) [الأحزاب : ٥٣].
قال أهل اللغة : معناه غير مُنْتَظِرين بلوغَه وإدراكَه ، يقال : نظرت فلانا وانتظرته بمعنى واحد.
قال الليث : فإذا قلت : انتظرت فلم يُجَاوِزك فِعْلك فمعناه : وقفتَ وتمهلتَ.
وقوله تعالى : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) [الحديد : ١٣] قرىء (انْظُرُونا) و (أنظرونا) بقطع الألف ، فمن قرأ انْظُرُونا بضم الألف فمعناه انْتظِرونا ، ومن قرأ أَنظِرونا فمعناه أَخِّرُونا.
وقال الزجاج : قيل : إن معنى أَنْظرونا انْتظرونا أيضا.
ومنه قول عمرو بن كلثوم :
أَبَا هِنْدٍ فَلا تَعْجَلْ علينا |
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينَا |
وقال الفراء : تقول العرب : أَنْظِرْني : أي انْتَظِرْني قليلا.
ويقول المتكلم لمن يُعْجِلُه : أَنْظِرْني أبْتَلعْ ريقي أي أَمْهِلْني ، ويقال : بِعْتُ فُلانا شيئا فأَنْظَرْتُه ، أي أَمْهلتُه ، والاسم منه النَّظِرةُ.
وقال الليث يقال : اشتريْتُه منه بِنَظِرة وبإِنْظار.
وقال الله جلّ وعزّ : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) [البقرة : ٢٨٠] أي إنظار ، واستنظر فُلانٌ فُلانا من النَّظِرَة ، والتَّنَظُّر تَوقُّعُ الشيء ، والمناظرة أن تُناظِر أخاك في أمر إذا نظرتما فيه معا كيف تأتيانه؟ والمَنْظَرَة مَنْظَرُ الرجل إذا نظرت إليه فأعجبك أو ساءك وتقول : إنه لذو مَنْظَرةٍ بلا مَخْبَرة.
قال والمنْظَرة مَوْضعٌ في رأس جَبل فيه رَقيبٌ يَنْظُر العَدوَّ ويحرُسُه ، والمنْظَر مصدرُ نَظَر ، والمنْظرُ الشيءُ الّذي يُعجِبُ الناظر إذا نظر إليه فَسَرَّهُ.
وتقول : إن فلانا لفي مَنْظَرٍ ومُسْتَمعٍ وفي رِيٍّ وَمَشْبَعٍ أي فيما أحَبّ النظر إليه والاستماع.
ويقال : لقد كنتُ عن هذا المقام بِمَنْظرٍ أي بمَعْزِلٍ فيما أحببت.
وقال أبو زُبيْد يخاطب غلاما له قد أَبَق فَقُتِلَ :
لقد كنتَ في مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ |
عن نَصْرِ بَهْراءَ غيرَ ذي فَرَس |
وتقول العرب : إنَّ فلانا لشديد الناظر إذا كان بريئا من التهمة ، ينظر بملء عينيه ، وشديد الكاهل أي منيع الجانب.
قال : ونَظارِ كقوْلِكَ انْتَظِرْ ، اسم وُضع مَوضع الأمْرِ ، ونَاظِرُ العين النُّقطةُ السوداء الصَّافية التي في وسط سواد العين ، وبها يَرَى الناظر ما يَرَى.
وقال غيره : الناظِرُ في العين كالمِرْآة إذا استَقْبلتَها أبصرتَ فيها شَخْصَك.
الحراني عن ابن السكيت قال : النَّاظِران عِرقان مُكْتَنِفا الأنْفِ وأنشد :
وأَشْفِي مِن تَخَلُّجِ كلِّ جِنٍ |
وأَكْوِي النَّاظِرَيْن مِن الخُنَانِ |
وقال الآخر :
ولقد قَطَعْتُ نَواظِرا وحَسَمْتُها |
مِمّن تَعَرَّض لِي من الشُّعَراءِ |
وقال أبو زيد : هما عِرقان في مَجْرى الدَّمع على الأَنف من جَانِبَيْهِ.
وقال الليث : فلان نظيرُك أي مِثْلُك لأنه إذا نَظَرَ إليهما الناظرُ رآهما سواءً ، قال : والتَّأْنِيثُ النَّظِيرةُ ، والجميع النَّظَائِر في الكلام والأشياء كلها.
قال : ومَنْظُورٌ اسم رجل ، والمنظور الّذي يُرْجَى خيره.
ويقال : ما كان هذا نظيرا لهذا ، ولقد أَنْظَرَ به وما كان خَطِيرا ، ولقد أَخْطَرَ به ، والمنْظورُ أيضا الّذي أَصَابَتْه نَظْرةٌ ، ونظيرُك أيضا الّذي يُناظِرك وتُناظِرهُ.
وفي حديث ابن مسعود : لقد عرفتُ النظائر التي كان رسول الله يقوم بها ، عشرين سورةً من المفصَّل يعني سُوَر المفصَّل ، سميت نظائر لاشتِباه بعضِها ببعض في الطول ، وقول عَدِي : لم تُخطِىء نِظارتي ، أي فِراستي.
وقول الله جلّ وعزّ : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)) [القيامة : ٢٢ ، ٢٣] ، الأولى بالضاد والأخيرة بالظاء.
وقال أبو إسحاق : نَضِرتْ بنعيم الجنة والنَّظر إلى ربّها.
قال الله جلّ وعزّ : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤)) [المطففين : ٢٤].
قلت : ومن قال : إنَّ مَعْنى قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) بمعنى مُنْتظِرة ، فقد أخطأ لأن العربَ لا تقول : نظرتُ إلى الشيء بمعنى انْتظرتُه ، إنما تقول : نظرتُ فلانا أي انتظرته ومنه قول الحطيئة :
وقد نَظَرتكُمُ أَبْنَاءَ صَادِرَةٍ |
لِلْوِرْدِ طال بها حَوْزِي وتَنْساسِي |
فإذا قلت : نظرتُ إليه لم يكن إلا بالعين ، وإذا قلت : نظرتُ في الأمر احتمل أن يكون تفكُّرا ، وتَدَبُّرا بالقلب.
سلمة عن الفراء يقال : فلانٌ نَظُورَةُ قومه ونَظِيرةُ قومه ، وهو الّذي يَنْظُر إليه قومه يتَمثَّلون ما امتثله ، وكذلك هو طرِيقتُهم بهذا المعنى.
ويقال : نَظِيرةُ القومِ وشَيِّفتُهم : أي طَلِيعَتُهم ، وفَرسٌ نظارٌ إذا كان شَهْما طامحَ الطَّرْف حَديدَ القلب.
وقال الراجز :
* نأْيُ المعدَّين وأَيّ نَظَار*
قال أبو نخيلة :
* يتبعن نَظَّارَّيةً لم تُهْجَمِ*
نظَّاريَّةٌ : ناقةٌ نجيبةٌ من نِتاج النظَّار وهو
فحل مُنْجبٌ من فحول العرب.
وقال جرير :
* والأرحَبِيُّ وجَدُّها النَّظَّارُ*
لم تُهجَمْ : لَم تُحلَبْ.
وقال الزهري : لا تُناظِرْ بكتاب الله ولا بكلام رسولِ الله.
قال أبو عبيد : أراد لا تجعل شيئا نَظيرا لِكتاب الله ولا لكلام رسول الله ، يقول : لا تتبِّع قولَ قائلٍ مَنْ كان وتدعهما له.
قال أبو عبيد : ويجوز أيضا مِن وجهٍ آخر ، أن تجعلهما مَثلا لِلشيء يُعرضُ مثل قول إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون أن يذكروا الآية عند الشيء يَعْرِض من أمر الدنيا.
كقول القائل للرجل إذا جاء في الوقت الّذي يريد صاحبه : جئتَ على قَدَرٍ يا موسى ، هذا وما أشبهه من الكلام.
وحكى ابنُ السكيت عن امرأة من العرب أنها قالت لزوجها : مُرَّ بي على بَنِي نَظَرِي ولا تَمُرَّ بي على بنَاتٍ نَقَرِي ، أيّ مُرَّ بي على الرجال الذين نظروا إليَّ لم يَعيبُوني من وَرائي ، ولا تَمرَّ بي على النساء اللواتي يُنقِّرْن عن عُيوب مَن مَرَّ بهنَّ.
والعرب تقول : داري تَنْظُر إلى دار فلان ، ودُورُنا تَناظَرُ ، إذا كانت مُتحاذِيةً ، ويقال للسلطان إذا بَعَثَ أَمينا يَسْتَبْرِىء أمْرَ جماعةِ قريةٍ : بعث ناظرا.
وقال الأَصمعيّ : عددتُ إبل فلان نَظَائِر أي مَثْنى مَثْنى ، وعددتُها جَمارا إذا عَدَدْتَها وأنتَ تنظرُ إلى جماعتها.
وقلت : قوله تعالى : (فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [الأعراف : ١٢٩] أي يرى ما يكون منكم فيجازيكم على ما يشاء ، هذه مما قد علم غيبه قبل وقوعه ، فقد رأيتموه وأنتم تنظرون وأنتم بُصَرَاء ولا عِلّةَ بكم ؛ وقوله : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) [فاطر : ٤٣] ، أي هل ينتظرون إلا نزول العذاب بهم ؛ وقَوله : (انْظُرْنا) [البقرة : ١٠٤] أي ارْقُبنا وانتظِرْ ما يكون منا.
ظ ر ف
استعمل من وجوهه : ظفر ، ظرف.
[ظرف] : أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : يقال إنك لغضيض الطَّرفِ نقي الظَّرف ، قال : الظرف دعاؤه يقول : لست بخائن.
قال الليث : الظرْفُ مَصْدر الظريف وقد ظَرُفَ يَظْرُف وهم الظرفاء وتقول : فِتْيَةٌ ظروف أي ظرفاء ، وهذا في الشعر يحسُن ، ونِسْوة ظِراف وظَرائف. وهُوَ البراعةُ وذكاءُ القلب ، ولا يوصف به السيد ولا الشيخ إنما يوصف به الفِتْيانُ الأَزْوَالُ والفَتَيَات الزَّوْلاتُ ويجوز في الشعر في مصدره الظَّرافَة.
أبو بكر : قال الأصمعيّ وابن الأعرابيّ :
الظريف البليغ الجيد الكلام ، وقالا : الظرف في اللسان واحتجا بقول عمر : إذا كان اللص ظريفا لم يُقْطَعْ معناه ، إذا كان بليغا جيد الكلام احتجَّ عن نفسه بما يُسقط عنه الحد ، وقال غيرهما : الظريف الحسن الوجه والهيئة.
وقال الكسائي : الظرف يكون في الوجه واللسان يقال : لسان ظريف ووجه ظريف ، وأجاز ما أظْرف لِسانُه ، أظرفُ أم وجْهُهُ؟ في الاستفهام.
قال الليث : والظرف وِعاءُ كل شيء حتى إن الأبريق ظرف لما فيه ، والصفاتُ في الكلام التي تكون مواضع لغيرها تسمى ظروفا من نحو أمامَ وقُدَّامُ ، وأشباه ذلك تقول : خَلْفك زيدٌ ، إنما انْتَصَبَ لأنه ظَرْف لما فيه ، وهو موضع لغيره وقال غَيْرُه من النحويين : الخليل يُسمِّيها ظُروفا ، والكسائي يُسمِّيها المَحَالَّ ، والفراءُ يسميها الصِّفات والمعنى واحد ، وَروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الظّرْفُ في اللِّسان والحَلاوة في العَيْنَين والمَلَاحَةُ في الفَم ، والجمالُ في الأَنْف ، وقال مُحمد بن يزيد : الظريفُ مُشْتَقٌ من الظّرْف وهو الوِعاء كأنه جَعَل الظريفَ وعاء للأدب ومَكارِم الأخلاق ويقال : فلان يَتَظَرَّف وليس بِظَرِيفٍ.
ظفر : قال الليث : الظُّفْر ظُفْر الإصبع وظُفْر الطائِر والجميع الأظْفار وجمع الأظفار أظافير لأن أظفار بوزن إِعصار ، تقول : أظافيرُ وأعاصيرُ قال : وإن جاءَ ذلك في الشعر جاز كقوله :
* حَتَّى تَغَامَزَ رَبَّاتُ الأَخادِيرِ*
أراد جماعة الأخدار ، والأخدار جماعة الخِدْر ، ولا يُتكلّم به بالقياس في كلِّ ذلك سواء ، غير أن السمع آنس فإذا ورد على الإنسان شيءٌ لم يَسمعه مُستعملا في الكلام استوْحَشَ منه فنفَرَ ، وهو في الأشعار جَيِّد جائِزٌ ، ويقال للرجل : إنه لمَقْلُوم الظُّفْر عن أذى الناس ، إذا كان قَليلَ الأَذِيَّة لهم ، ويقال للمَهِينِ الضّعيفِ : إنه لَكَلِيلُ الظُّفرُ لا يَنْكِي عَدُوّا ، وقال طَرَفة :
* لسْتُ بالفَانِي ولا كَلِ الظُّفُر*
ويقال : ظَفَرَ فلانٌ في وجه فلان إذا غَرَزَ ظُفْره في لَحْمه فَعَقَره ، وكذلك التَّطْفِيرُ في القِثَّاء والبِطِّيخ والأشياءِ كلها ، والأَظفارُ شيء من العِطْر أسودُ شبيه بظُفْرٍ مُقتَلَفٍ من أصله يُجْعل في الدُّخْنَة ولا يُفْرَدُ منه الواحدُ ، وربما قال بعضهم : أَظْفَارةٌ واحدةٌ ، وليس بجائزٍ في القياس ويجمعونها على أَظَافِير ، وهذا في الطِّيبِ وإذا أُفْرِدَ شيءٌ من نحوها ينبغي أن يكُون ظُفْرا وفُوها وهم يقولون : أَظفارٌ وأظافيرٌ وأفواهٌ وأَفاويهُ لهذين العِطرين ، والظَّفَرةُ جُلَيْدة تُغشِّي العينَ تنبُتُ من تِلقاء المأْقِ ،
وربما قُطِعَتْ ، وإنْ تُركتْ غَشِيَتْ بصرَ العين حتى يَكِلَّ ويقال : ظُفِرَ فلانٌ فهو مَظْفور ، وعين ظَفِرةٌ وقد ظفِرتْ عينُه.
أبو عبيد عن الكسائي : ظَفِرت العينُ إذا كان بها ظَفَرَة ، وهي التي يقال لها : ظَفَرَةٌ وظُفْرٌ.
ابن بُزُرْجَ : ظَفِرَتْ عينُه وظَفَرتْ سواء وهي الظَّفَارَةُ ، وأنشد أبو الهيثم :
ما القولُ في عُجَيِّزٍ كالحُمرَة |
بِعَيْنِها من البُكاء ظَفَرَة |
|
* حَلَّ أبْنُها في السِّجْنِ وَسْط الكَفَرَة* |
شمر عن الفراء : الظَّفَرَةُ لَحْمَةٌ تَنْبُتُ في الحَدَقة.
وقال غيره : الظّفرة لحم ينبت في بياض العين ، وربما جلّل الحدقة.
وقال الليث : الظَّفَرُ الفوْزُ بما طلبتَ والفَلَجُ على من خاصمتَ ، وتقول : ظَفَّرَ اللهُ فُلانا على فلانٍ ، وكذلك أَظْفَرَه اللهُ وظَفِرْتُ به فأنا ظافِرٌ به وهو مَظْفور به.
وتقول : أظْفَرني الله به ، وفلان مُظَفَّر لا يَؤُوب إلا بالظَّفَر فَثُقِّلَ نَعْتُه لَلكثرة والمبالِغة وإن قيل : ظَفَّرَ اللهُ فلانا أي جَعَله مُظَفَّرا جاز وحسن أيضا ، وتقول : ظَفَّرَهُ عليه أي غَلَّبَه عليه وذلك إذا سُئِل أيُّهما أَظْفَرُ فأَخْبَرَ عن واحدٍ غَلَبَ الآخرَ فقد ظَفَّرهُ.
أبو زيد : يقال : ما ظَفَرَتْك عَيْنِي منذُ حين أي ما رأَتْكَ منذ حين ، وكذلك ما أَخَذَتْك عيني مُنْذُ حين.
أبو عبيد عن الكسائيّ : إذا طلع النَّبتُ قِيل : قد ظَفَّر تَظْفيرا ، قلت : وهو مأخوذ من الأظفار.
ابن السكيت يقال : جَزْعٌ ظَفَارِيٌ منسوب إلى ظَفَار ، اسم مدينة باليمن ، ومنه قولهم : من دَخَل ظَفَارِ حَمَّرَ أي تَعَلَّم الحِمْيَرِيَّة.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : في السِّيَةِ الظُّفْرُ وهو ما وَرَاءَ مَعْقِدِ الوَتَر إلى طَرَف القَوْس.
وقال غيره يقال للظُّفْرِ : أُظْفُورٌ وجمعه أَظافيرُ وأنشد فقال :
مَا بَيْن لُقْمتها الأُولى إذا ازْدَرَدَتْ |
وبَيْنَ أخْرَى تَليها قِيسَ أُظْفُورِ |
وقال ابن بُزُرْجَ : تظافر القومُ عليه ، وتظافروا وتظاهروا بمعنى واحد ، وقول الله جلّ وعزّ : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) [الأنعام : ١٤٦] دخل في ذي الظُّفْر ذواتُ المناسِم من الإبل والنَّعَم لأنها كلها كالأظفار لها.
ظ ر ب
ظرب ، بظر : [مستعملة].
[ظرب] : في حديث الاستسقاء : «اللهم على
الآكام والظِّرَابِ وبطون الأودية والتِّلال».
أبو عبيد قال : الظِّرابُ الروابي الصِّغار ، واحدها ظَرِب.
وقال الليث : الظَّرِب من الحجارة ما كان أصله نَاتِئا في جبل أو أرض حَزْنة ، وكان طَرَفُه النَّاتِىءُ محدَّدا ، وإذا كان خِلْقَةُ الجَبل كذلك سمي ظَرِبا وقال رؤبة :
* شَدّا يُشَظِّي الجَنْدَلَ المُظَرَّبَا*
وقال الآخر :
إنَّ جَنْبِي عن الفِراش لنابٍ |
كتجافِي الأسَرِّ فَوقَ الظِّرابِ |
وكان عامر بن الظَّرِب مِن فُرسان بني حِمَّان بن عبد العزَّى.
وقال المفضل : المُظَرَّب الّذي قد لَوَّحته الظِّراب.
وقال غيره : ظُرِّبَتْ حوافرُ الدابة تَظْرِيبا فهي مُظَرَّبة إذا صَلُبَتْ واشتدتْ.
وقال أبو مالك في قول لبيد يصف فرسا :
وَمُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحَالةِ سابِحٍ |
بادٍ نَواجِذُه عن الأظْرَابِ |
قال : يُقطِّع حَلَقَ الرِّحالة بوثُوبِه وتبدو نَوَاجذه إذا وَطِىءَ على الظراب أي كَلَح ، يقول : هو هَكَذا وهذه قوّتُه.
شمر عن ابن شُمَيل : الظَّرِبُ أصغر الأكام وأحَدُّه حَجَرا ، لا يكون حَجَرُه إلا ظُرَرا أبيضُه وأسودُه ، وكلُّ لون ، وجمعه أَظْرابٌ.
أبو عبيد عن أبي زيد : الظَّرِبَاءُ ممدود على فَعِلاء دابة شِبْهُ القِرْد.
قال : وقال أبو عمرو : هو الظَّرِبَانُ بالنون ، وهو على قَدْرِ الهِرِّ ونحوه.
وقال أبو الهيثم : هي الظَّرِبَى مقصور والظَّرِباء ممدود لَحْن ، وأنشد قول الفرزدق :
فَكَيْفَ تُكَلِّمُ الظَّرِبَى عَلَيْها |
فِراءُ اللُّؤْمِ أَرْبابا غِضَابَا |
قال : الظَّرِبَى جمعٌ في غير معنى التَّوْحيد.
قلت : وقال الليث : هي الظِّرِبَى مقصورٌ كما قال أبو الهيثم ، وهي الصوابُ.
ورَوَى شمر عن أبي زيد : هو الظَّرِبانُ وهي الظَّرابِيُ بغير نون وهي الظِّرْبَى ، الظاءُ مكسورةٌ والرَّاءُ جَزْمٌ والبَاءُ مَفْتُوحةٌ وكلاهما جِمَاعٌ وهي دابَّةٌ شَبِيهَةٌ بالقِرْد ، وأنشد :
لو كنت في نارِ جَحِيمٍ لأَصْبَحَتْ |
ظَرابِيُ من حِمَّان شَتَّى تُثِيرُها |
قال أبو زيد : والأُنْثى ظَرِبَانَةٌ.
وقال البعيث :
سَوَاسِيَةٌ سُودُ الوُجوهِ كَأَنَّهم |
ظَرَابِيُ غِرْبَانٍ بمجْرُودَةٍ مَحْلِ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : من أمثالهم : هما يَتَمَاشَنَانِ جِلْد الظَّرِبان ، أي
يتشاتمان ، والمَشْنُ مَسْحُ الْيَدَيْن بالشيء الخَشِن.
وقال المنذري : سمعت أبا الهيثم يقول : يقال : هو أَفْسَى من الظَّرِبانِ ، وذلك أنها تَفْسُو على باب جُحْر الضَّبِ حتى يخرجَ فيصادَ.
وفي الحديث : إذا غَسَقَ الليلُ على الظِّراب ، واحدها ظَرِب ، وهو من صِغار الجبال ، وإنما خصّ الظراب لِقِصَرها ، فأراد أَنَّ ظُلمته تقرب من الأرض.
بظر : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : البُظْرَةُ نُتُوءٌ في الشَّفَةِ ، وتصغيرها بُظَيْرةٌ ، قال : والبَظْرة ـ بسكون الظاء ـ حَلْقَةُ الخاتَم بلا كُرْسِيٍّ ، وتصْغيرُها بظَيْرةٌ أيضا. قال : والبُظَيْرة تصغير البَظْرَةِ وهي الفليلةُ من الشَّعَر في الإبْط يَتَوانى الرجل عن نَتْفها ، فيقال : تحت إبطه بُظَيْرةٌ قال : والبَضْرُ ـ بالضاد ـ نَوْفُ الجارية قبل أن تُخْفَض.
وقال المفضل : مِن العربِ مَن يُبدِلُ الظاء ضادا فيقول قد اشتكى ضَهْري بمعنى ظَهْري ، ومنهم مَن يُبدل الضادَ ظاءً فيقول : قد عَظَّت الحربُ بني تميم.
الليث عن أبي الدقيش : امرأةٌ بِظْرِيرٌ وهي الصَّخَّابة الطويلةُ اللسان ، وروى بعضهم : بطرير لأنها قد بَطِرَتْ وأشِرَت.
قال : وقال أبو خيرة : امرأة بِظْرِيرٌ : شُبِّه لسانُها بالبَظْرِ.
وقال الليث : قول أبي الدقيش :
* أَحَبُّ إلينا وبَظْرُها معروف*
وقال : يقال : فلان يُمِصُّ فلانا ويُبظِّرُه وامرأة بَظْراء والجميع بُظْرٌ والبَظَر المصدر من غير أن يقال : بَظِرَتْ تَبْظَرُ ، لأنه ليس بحادث ولكنه لازم ، ورجل أَبْظَرُ في شَفَته العُليا طولٌ مع نُتُوء وسطها.
وروي عن عليّ أنه أُتِيَ في فريضة وعنده شُرَيْحٌ فقال له عَلِيٌّ : ما تقول فيها أيُّها العبد الأبْظَرُ؟
ويقال لِلَّتي تخفض الجواري : مُبَظِّرةٌ.
وقال اللحياني : يُقالُ لِلْبَظْرِ : البُظَارَةُ والبَيْظَرُ والبُنْظُرُ والكَيْنُ والرَّفْرَفُ والنَّوْفُ.
قال : ويقال للناتىء في أسفل حَيَاءِ الناقة البُظارة أيضا.
ظ ر م : مهمل.
أبواب الظَّاء واللام
ظ ل ن : مهمل.
ظ ل ف
ظلف ، لفظ : [مستعملة].
[ظلف] : قال الليث : الظِّلْفُ : ظِلْفُ البقرة وما أشبهها ممَّا يَجْتَرُّ وهو ظُفْرها.
وقال ابن السكيت : يقال : رِجْلُ الإنسان وقَدمُه وحافرُ الفرس وخُفُّ البَعير والنَّعامةِ وظِلْفُ البقرةِ والشاةِ.
وقال الليث : يُستعارُ الظِّلْفُ للخيل وأنشد قول عمرو بن معديكرب :
* وخَيْلٍ تَطأْكم بأَظْلافِها*
وأخبرني المنذري عن أبي طالب عن الفراء : قال تقول العرب : وَجَدَتْ الدابةُ ظِلْفَها ، يُضرب مَثَلا للذي يَجدُ ما يُوافِقه وتكونُ فيه إرادتُه ، من الناس والدوابّ.
قال الفراء : الظَّلَفُ من الأرض تَسْتَحِبُّ الخيلُ العَدْوَ عليها ، وأرض ظَلِفَةٌ لا يَسْتَبِينُ المشيُ عليها من لِينِها.
وأخبرني المنذريُّ عن الطُّوسِي عن الخراز عن ابن الأعرابيّ : قال : الظَّلَفُ ما غَلُظَ من الأرض وأنشد لابن الأحْوَص :
أَلَمْ أَظْلِفْ عَن الشُّعراء عِرْضِي |
كما ظُلِفَ الوَسِيقَةُ بالكُراعِ |
قال : هذا رجلٌ سَلَّ إبلا فأخذ بها في كُرَاعِ من الأرض لئلا تَسْتَبِينَ آثارُها فَتُتَّبَع ، قلت : جَعَل الفرَّاءُ الظَّلَفَ ما لان من الأرض ، وجَعَلها ابن الأعرابيّ ما غَلُظَ من الأرض ، والقول قول ابن الأعرابيّ ، الظَّلَفُ من الأرض ما صَلُب فلم يُؤَدِّ أثرا ، ولا وُعوثَةَ فيها فيشتدُّ على الماشي المشيُ فيها ، ولا رَمْلَ فَتَرْمَضُ فيها النَّعَم ، ولا حجارةَ فتحْفَى فيها ، ولكنها صُلْبَةُ التُّربة لا تُؤَدِّي أثرا.
وروي عن شمر لابن شميل فيما قرأت بخطه : الظَّلِفَةُ الأرض التي لا تَتَبَيَّنُ فيها أثرا ، هي قُفٌّ غليظُ ، وهي الظَّلَفُ.
وقال يزيد بن الحكم يصف جارية :
تشكو إذا ما مَشَتْ بالدِّعْصِ أَخْمَصَها |
كأَنَّ ظَهْرَ النَّقا قُفٌّ لَهُ ظَلَفُ |
قال : وقال ابن الأعرابيّ : أَظْلَفَ الرجلُ إذا وَقع في موضعٍ صُلْبٍ ، وأنشد بيتَ عوف بن الأحوص :
* أَلم أَظْلِفْ عَنْ الشُّعراء عِرْضِي*
قال : وسارقُ الإبل يحْمِلُها على أرض صُلْبة لئلا يُرى أَثَرُها ، والكُرَاعُ من الحرَّة ما استطال.
قال : وقال الفراء : أرض ظَلِفٌ وظَلِفَةٌ إذا كانت لا تُؤَدِّي أثرا ، كأنها تمنع من ذلك.
ومنه يقال : ظَلَفَ الرجلُ نفسَه عما يَشِينُها إذا مَنَعها.
وقال غيره : الأُظْلُوفَة من الأرض القِطْعَةُ الحزْنَةُ الخَشِنَةُ ، وهي الأَظاليفُ ، ومكان ظَلِيفٌ حَزْنٌ خَشِنٌ ، قال : والظَّلْفَاءُ صَفَاةٌ قد استوت من الأرضِ مَمْدودةً ، قال : ويقال : أقامه الله على الظَّلَفَاتِ ، أي على الشِّدَّةِ والضِّيق.
وقال طُفَيْل الغَنَويّ :
هُنالِك يَرْويها ضَعِيفي ولم أُقِمْ |
على الظَّلَفَاتِ مُقْفَعِلَّ الأنَامِل |
ورُوي عن عمر بن الخطاب أنه قال
لراعي غنمه : عليكَ الظَّلَفَ من الأرض لا تُرَمِّضْها ، قلت : أَمَره بأن يَرْعاها في صَلاباتِ الأرض لئلا تَرْمَضَ فَتَتْلَفُ أظْلافُها ، لأن الشَّاءَ إذا رُعيتْ في الدِّهاسِ وحَمِيتْ الشمسُ عليها أَرْمَضَتْها ، والصَّيَّادُ في الباديةَ يلْبس مِسْمَاتَيْهِ وهما جَوْرَباه في الهاجِرة الحارَّة فَيثيرُ الوحشَ عن كُنُسِها ، فإذا مَشَتْ في الرَّمْضاءِ تساقَطَتْ أظلافُها ، وأخذها المُسْتَمِي ويقال لهم : السُّمَاةُ واحدُهم سَامٍ.
وقال الليث : الظَّلِفَةُ طَرَفُ حِنْو القَتَبِ وحِنوِ الإكافِ ، وأشباه ذلك مما يلي الأرض من جوانبها ، قال : والظَّلِيفُ الذَّليلُ السَّيِّيءُ الحال في معيشته ، وقال : ذهب به مَجَّانا وظَليفا إذا أَخَذَه بِغَيْر ثمنٍ ، وأنشد :
أَيَأْكُلُها ابنُ وَعْلَةَ في ظَلِيفٍ |
ويَأْمَنُ هَيْثَمٌ وابْنَا سِنانِ |
عمرو عن أبيه ، قال : الظِّلْفُ الحاجة ، والظِّلْفُ المتابَعَةُ في المَشي. وغيره ، ويقال : جاءَتْ الإبل على ظِلْفٍ واحد ، قال : والظِّلْفُ الباطلُ ، والظِّلْفُ المُبَاحُ.
أبو عبيد عن أبي عمرو : ذهب دَمُه ظَلْفا وظَلَفا بالظَّاء والطَّاء معناه هَدْرا.
قال : وقال أبو زيد : أخذتُ الشيءَ بظَلِيفتِه إذا لم يَدَعْ منه شيئا.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : غَنَمُ فلانٍ على ظِلْفٍ واحد ، وقال مرة : على ظَلَفٍ إذا ولدتْ كُلَّها.
أبو عبيد عن أبي زيد قال : وفي الرَّحْل الظّلِفَاتُ ، وهي الخَشَبَاتُ الأربع اللواتي يَكُنَّ على جَنْبَيْ البَعير.
وقال الأصمعيّ : مِثْلُه.
قال أبو زيد : ويقال لأعلى الظَّلِفَتَيْن مما يَلي العَرَاقِيَ العَضُدَان وأسفلهما الظَّلِفَتَان ، وهما ما سَفَل من الحِنْوَيْنِ الواسط والمُؤْخِرة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ذَرَّفْتُ على الستين وظَلَّفْتُ ورَمَّدْتُ وطَلَّفْتُ ورَمَّثْتُ ، كل هذا إذا زِدْتَ عليها.
وفي «النوادر» : أَظْلَفْتُ فلانا عن كذا وكذا وظَلَّفْتُه وشَذَّيْتُهُ وأَشْذَيْتُهُ إذا أَبْعَدْتَه عنه.
لفظ : قال الليث : اللفظ أَنْ تَرمِيَ بشيءٍ كان في فيك ، والفعل لَفَظَ يَلْفِظ لَفْظا ، والأرض تَلْفِظُ الميتَ إذا لم تَقْبَلْه ، ورَمَتْ به ، والبحرُ يَلْفِظُ الشيء ، يرمي به إلى الساحل ، والدنيا لافِظَةٌ ترمي بمنْ فيها إلى الآخرة ، وكل طائر يَزُنُّ أنثاه ، فهو لافِظَة ، ومن أمثالهم : أسْخَى من لافِظَةٍ يعنون الدِّيكَ.
أبو عبيد عن أبي زيد يقال : فلانٌ أَسْخَى من لافظَةٍ ، ويقال : أنها الرَّحَى سُمِّيت بذلك لأنها تَلْفِظُ ما تَطْحَنُه ، ويقال : أنها
العَنْزُ ، وَجُودُها أنها تُدْعى للحَلَب وهي تَعْتَلِف فَتُلقِي ما في فِيها وتُقْبل إلى الحالب لتُحْلَبَ وهذا التفسير ليس عن أبي زيد.
قلت : واللَّفْظُ لفظ الكلام. قال الله جلَّ وعزَّ : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)) [ق : ١٨] ويقال : لَفَظَ فلانٌ عَصْبَه إذا ماتَ ، وعَصْبُه ريقُه الّذي عَصَبَ بفيه أي غَرِيَ به فَيَبِسَ.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : اختلفوا في قولهم : أَسْمَحُ من لافِظةٍ.
فقال المفضل : هو الدِّيك.
وقال غيره : العَنْزُ.
وقال آخرون : هي الرحَى ، ويقال : هو البحر لأنه يقذف كل ما فيه.
ظ ل ب : أهْمِلتْ وجوهها.
ظ ل م
ظلم ، لمظ : [مستعملة].
[ظلم] : سلمة عن الفراء في قول الله جلَّ وعزَّ : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) [البقرة : ٢٠] فيه لغتان : أَظْلَمَ. وظَلِم. بغير ألف.
وقال أبو عبيد : في ليالي الشهر بعد الثلاثِ البيضِ ثَلاثٌ دُرَعٌ وثَلاثُ ظُلَمٌ ، قال : والواحدةُ من الدُّرَع ، والظُّلَمِ دَرْعاء وظَلْماء.
وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم وعن أبي العباس المبرّد أنهما قالا : واحدةُ الدُّرَعِ والظُّلمِ دُرْعَةٌ وَظُلْمة ، قلت : وهذا الّذي قالاه هو القِياسُ الصحيحُ ، ويجمع الظُّلَمةُ ظُلَمٌ وظُلْمات وظُلُمات.
وقال الليث : الظُّلْمةُ ذَهابُ النور ، وجمعه الظلَم ، قال : والظُّلامُ اسم لذلك ، ولا يُجمع ، يَجْرِي مَجرى المصدر كما لا يجمع نظائرهُ نحو السواد والبياض. قال : وليلة ظَلماءُ ، ويوم مُظلم شديدُ الشر ، وأَظلم فلان علينا البيتَ : إذا أسمعك ما تكره ، قلت : أَظلم يكون لازِما وواقعا ، وكذلك أيضا يكون بالمعنيين أَضاء السراجُ بنفسه بمعنى ضاء ، وأَضاء السراجُ الناسَ ، وأَضأْتُ السراجَ فأَضاء وضاء ، ويقال : ظلمه يظلمه ظَلما وظُلما فالظَّلْم مصدرٌ حقيقي ، والظُّلمُ الاسم يَقوم مقام المصدر ، ومن أمثال العرب في الشَّبهِ : من أَشْبَهَ أباه فما ظَلَم.
قال الأصمعيّ : ما ظَلَم أي ما وَضَع الشَّبَه في غير موضعه ، قال : وأصل الظُّلم وَضعُ الشيء في غير موضعه.
وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [النحل : ١١٨] قال ما نَقَصُونا شيئا بما فعلوا ولكن نَقَصُوا أنفسهم ، قال : والعرب تقول ظَلَمَ فلانٌ سِقَاءه إذا سقاه قبل أن يُخْرَجَ زُبْدُهُ.
وقال أبو عبيد : إذا شُرِبَ لَبَنُ السِّقاء قبل أن يَبْلُغ الرُّؤوبَ فهو المظلومُ والظَّليمةُ ، يقال : ظَلَمْتُ القومَ إذا سَقَاهم اللَّبن قبل إدْراكِه.
قلت : هكذا رُوِيَ لنا هذا الحرف عن أبي عبيد : ظَلَمْتُ القومَ ، وهو وَهْمٌ.
أخبرني المنذريّ عن أبي العباس أحمد بن يحيى وعن أبي الهيثم أنهما قالا : يقال : ظَلَمْتُ السِّقاءَ وظَلمت اللبنَ إذا شَرِبته أو سَقيتَه قبل إدراكِهِ وإخراج زُبدته.
وقال ابن السكيت : ظَلمْت وَطْبِي القومَ أي سقَيْته قبل رُؤوبه وأنشد شمر :
وقائلةٍ ظَلمتُ لكم سِقائي |
وهل يَخْفَى على العَكدِ الظليمُ |
وقال الفراء يقال : ظلَم الوادي إذا بَلغ الماءُ منه مَوْضعا لم يكن ناله فيما خَلا ولَا بَلَغه قبلَ ذلك ، وأنشدني بعضهم يصف سَيْلا :
يَكادُ يَطْلعُ ظُلْما ثم يَمنعُه |
عن الشَّواهِق فالوادي به شَرِقُ |
قال ويقال : لَهو أظلم من حَيَّةٍ ، لأنها تَأتِي الجُحْرَ لم تَحْفرْه فتسكنه ، قال ويقولون : ما ظَلمك أَنْ تفعل ، قال : والأرضُ المظلومةُ التي لم ينلْها المطرُ ، قال : وقال رجل لأبي الجرَّاح : أَكلْتُ طعاما فاتَّخَمْتُه فقال أبو الجراح : ما ظلمك أن تَقِيءَ قال : وأنشدني بعضهم :
قالتْ له مَيٌّ بأَعلى ذي سَلَمْ |
ألا تَزُورُنا إن الشَّعْبُ أَلَمّ |
|
* قال بَلى يَامَيُّ واليومُ ظَلَمْ * |
قال الفراء : هم يقولون : معناه حَقّا وهو مَثَلٌ.
قال : ورأيتُ أنهُ لا يَمنعني يَوْمٌ فيه عِلَّةٌ تمنعُ.
أبو عبيد عن أبي زيد يقول : لَقِيتُه أَدْنَى ظَلَمٍ أي لَقيته أَوَّلَ شيء ، قال : وإنه لأَوَّلُ ظَلَم لقيته إذا كان أَوَّلَ شيء سَدَّ بصَرَك بِليل أو نهار ، ومثله لقيته أوَّلَ وَهْلَةٍ ، وأَوَّلَ صَوْكٍ ، وبَوْكٍ.
قالَ : وَقالَ الأمَوي : أدْنى ظَلَمٍ أي القريب.
قلت : وكان ابن الأعرابيّ يقول : في قوله : قال : بَلَى يا مَيُّ واليوم ظَلَم ، أي حقا يقينا ، وأُراه قولَ المفَضَّل وهو شبيهٌ بقول من قال في : لا جَرَم ، أيْ حقّا ، يُقيمه مُقامَ اليمين ، وللعرب ألفاظٌ في الأيمان لا تُشْبهها كقولهم عَوْضُ لا أفعلُ ذلك ، وجَيْرِ لا أفعلُ ذلك.
وقال ابن السكيت في قول النابغة :
إلَّا أَوارِيَّ لأيا ما أُبَيِّنها |
والنُّؤْيُ كالحوض بالمظلومَة الجلَدِ |
قال النُّؤْيُ الحاجزُ حول البيت من تراب فَشَبَّه داخل الحاجز بالحوض ، بالمظلومة يَعني أَرْضا مَرُّوا بها في بَرِّيّة فتحوَّضوا
حوضا سَقْوا فيه المِهارَ ، وليستْ بموضع تحويض يقال : ظلمت الحوضَ إذا عمِلتَه في موضعِ لا تُعمل فيه الحياضُ ، قال : وأصل الظُّلمِ وَضع الشيء في غير مَوضعه ، ومنه قوله : واليومَ ظُلْم أي واليومَ وضع الشأن في غير موضعه ، ومنه قول ابن مُقبل :
* هُرْتُ الشَّقاشِق ظَلَّامون للجُزَر*
أي وضعوا النَّحر في غير مَوضعه ، وظَلم السَّيلُ الأرض إذا خَدَّد فيها من غير مُوْضعِ تَخديد وأنشد للحُوَيدِرَة :
ظَلَم البطاحَ بها انْهِلالُ حرِيصةٍ |
فَصَفا النطافُ بها بُعَيْدَ المُقْلَعَ |
قال : وظَلمتُ سِقائي أي سقيتهم إياه قبل أن يروب وأنشد :
وصاحبِ صِدْق لم تَنلني أذاتُه |
وفي ظلْمي له عامدا أجْرُ |
قال : هكذا سمعت العرب تنشده : وفي ظَلْمي بنصب الظاء.
قال : والظُّلْمُ الاسم والظَّلم بالفتحِ العملُ ، وقال الأصمعيّ في قول زهير :
* ويُظلم أَحْيانا فَيَظَّلم *
أي يُطلبُ منه في غير موضع الطلب.
وقال الليث : الظَّلْم يقال هو الثَّلْجُ ويقال هو الماء الّذي يَجرِي على الأسنان من اللون لا من الريق ، قال كعب بن زهير :
تَجْلو عَوارِضَ ذي ظَلْم إذا ابتَسَمَتْ |
كأَنهُ مَنْهَلٌ بالرّاح مَعْلولُ |
وقال الآخر :
إلى شَنْبَاءَ مُشْرَبَةِ الثَّنايا |
بماءِ الظَّلْم طيِّبةِ الرُّضابِ |
قال : يحتمل أن يكون المعنى بماءِ الثَّلج.
قال شمر : الظَّلْم بياض الأسنان كأنه يعلوه سواد ، والغُروب ماء الأسنان ، وقال الكميت : ثم أنشد البيت.
وقول الله جلّ ثناؤه : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) [الأنعام : ٨٢].
قال ابنُ عبَّاس وجماعةُ أهل التفسير : لم يُغَطُّوا إيمانهم بشرك ، رَوى ذلك حُذيفة وابن مسعود وسلمان ، وتأَوَّلوا فيه قول الله جلّ وعزّ حكاية عن لُقمان : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣] والظُّلْمُ الميْل عن القَصد ، وسمعتُ العرب تقول : الْزَمْ هذا الصوبَ ولا تَظْلِم منه شيئا ، أي لا تَجُرْ عنه.
وقال الباهلي في كتابه : أرض مظلومة إذا لم تُمْطَرْ ، ويُسَمَّى ترابُ لَحْدِ القبرِ ظَلِيما لهذا المعنى وأنشد :
فأَصْبحَ في غَبْرَاءَ بَعْدَ إشاحةٍ |
على العَيْش مَرْدودٍ عليها ظَلِيمُها |
يَعْني حُفْرَة القَبْر ، يُرَدُّ تُرابُها عليه بعد دَفْنِ الميتِ فيها ، والظَّلِيمُ الذَّكر من النَّعام وجمعه الظُّلْمَانُ والعَددُ ثلاثةُ أَظْلِمَةٍ.
قال الليث : الظُّلامَة اسم مَظْلِمَتك التي تَطلبها عِند الظالم ، يقال : أخذها منه ظُلامَة ، ظَلَّمْتُه تَظْليما إذا نَبَّأْتَه أنه ظالمٌ ، ويقال : ظُلِمَ فلان فاظَّلَمَ ، معناه أنه احْتمل الظُّلْمَ بِطيبِ نَفْسٍ ، وهو قادر على الامتناع منه ، وهو افتعال ، وأصله اظْتَلَمَ فَقُلِبَتِ التاء ظاء ثم أُدغِمَتْ الظاء فيها ، والسَّخِيُّ إذا كُلِّفَ ما لا يَجِدُه مَظْلُومٌ أو سُئِل ما لا يُسْأَل مِثله فاحْتمله فهو مُظَّلمٌ ، وهو قوله : قد يُظلم أحيانا فَيَظَّلِمُ. وقال غيره : ظَلَمَ الحِمارُ الأتانَ إذا كَامَها ، وقد حَمَلَتْ ، وهو يَظْلِمها ظَلْما ، وأنشد أبو عمرو الشاعر يصف أُتُنا :
ابَنَّ عَقَاقا ثمَ يَرْمَحْنَ ظَلْمَةً |
إباءً وفيه صَوْلَةٌ وذَمِيلُ |
وقال ابن الأعرابيّ : وَجَدْنا أرضا تَظَالمُ مِعْزاها ، أي تَتَنَاطَحُ من النَّشاطِ والشِّبع.
ويقال : أَظْلَمَ الثَّغْرُ إذا تلألأ عليه كالماء الرقيق من شدة رَفيفه ومنه قول الشاعر :
إذا ما اجْتَلى الرانِي إليْها بِطَرْفِه |
غُرُوبَ ثَناياها أَضَاءَ وأَظْلَما |
أضاءَ أي أَصاب ضَوْءا ، وأَظْلَمَ أصاب ظَلْما ، والمتَظَلِّم الّذي يشكو رَجُلا ظَلَمه ، والمتَظلِّم أيضا الظالم ومنه قول الشاعر :
* نَقِرُّ ونأبَى نَخْوَةَ المتظَلِّمِ *
أي نَأْبَى كِبْر الظالم ، ويقال : تظَلَّم فُلان إلى الحاكم مِن فلان فَظَلّمَهُ تَظليما أي أنْصَفَه من ظَالِمِه وأعانَهُ عليه.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ :
إذا نفحات الجود أفْنينَ مالَه |
تَظَلُّم حتى يُخْذَل المتظلِّمُ |
قال : أي أغار على الناس حتى يَكثُرَ مالُه. قلت : جعل التظلم ظُلما ، لأنه إذا أغار على الناس فقد ظَلمهم ، قال : وأنشد لجابر الثعلبي :
وعمرُو بنُ همامٍ صفعنا جبينَه |
بشنعاء تَنْهَى نخْوةَ المتظلِّم |
قلت : يريد به نخوة الظالم.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : ومِن غَريب الشَّجَر الظِّلَمُ واحدها ظَلْمَةٌ وهو الظِّلَّامُ والظَلَام والظَّالمُ.
وقال الأصمعيّ : هو شَجَرٌ له عَساليجُ طوال وتَنْبَسِط حتى تَجوزَ حَدَّ أصلِ شَجَرها فمنها سمَّيت ظِلَاما.
وقال ابن الأعرابيّ : الظَّلَمةُ المانعون أهلَ الحقوق حقوقَهم.
يقال : ما ظَلَمك عن كذا أي ما مَنَعَك.
وقال غيره : الظُّلْمُ الظَّلَمةُ في المعاملة.
وفي الحديث : «إذا أتيتم على مَظْلُومٍ فأغِذُّوا السير» قلت : المظْلُوم البَلَدُ الّذي لم يُصِبْه غَيْثٌ ولا رِعْيَ فيه للرِّكَابِ.
وقال ابن شميل عن المؤرج : سمعت أعرابيا يقول لصاحبه : أَظْلَمِي وأَظْلَمَك ،
فَعَلَ الله به ، أيّ الأظَلَمُ مِنِّي ومِنْك.
وقوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) [البقرة : ١٥٠] إلا أن يقولوا ظُلما وباطلا ، كقول الرجل : ما لي عِنْدَك حقٌ إلا أن تقول الباطل.
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) [النساء : ٩٧] أي تتوفاهم في خلال ظُلْمهم.
وقوله : (فَظَلَمُوا بِها) [الأعراف : ١٠٣] ، أي بالآيات التي جاءتهم ؛ لأنهم لمَّا كفروا بها فقد ظلموا ، ويقع الظلم على الشرك.
قال الله : (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) [الأنعام : ٨٢] أي بشركٍ.
ومنه قول لقمان : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣](فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا) [النمل : ٥٢] أي بكفرهم وعصيانهم ، ومن جَعَل مع الله شريكا فقد عَدَل عن الحق إلى الباطل ، فالكافر ظالم لهذا الشأن.
ومنه حديث ابن زِمْل : لزِمُوا الطريقَ فَلم يَظْلِمُوه أي لم يَعْدِلوا عنه.
وحديثَ أم سلمة : أن أبا بكر وعمر ثَكَما الأمرَ فلم يظلما عنه ، أي لم يعدلا عنه.
يقال : أخذ في طريقٍ فما ظَلَمَ يمينا ولا شِمالا ، أي ما عدل ، والمسْلِمُ ظالمٌ لنفسه لِتَعَدِّيه الأمور المفترضة عليه.
ومنه قوله : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) [الأعراف : ٢٣] ويكون الظلم بمعنى النقصان ، وهو راجع إلى المعنى الأول.
قال الله تعالى : (وَما ظَلَمُونا) [البقرة : ٥٧] أي ما نَقَصُونا بفعلهم من مِلْكنا شيئا ولكن نَقَصُوا أنفسهم وبَخَسُوها حقَّها قال : وفي الحديث : إنَّه دُعِيَ إلى طَعَام وإذا البيتُ مُظلَّم فانصرفَ ولم يَدْخل ـ المَظَّلمُ المزوَّقُ مأخوذ من الظَّلْمِ وهو الماء الّذي يجري على الثَّغْر.
وقال بعضهم : الظَّلْم مُوهَةُ الذهب والفضة ، قلت : لا أعرفه.
لمظ : أبو عبيد : التَّمَطقُ والتَّلَمُّظُ والتَّذَوُّقُ ، وقد يقال في التَّلمظ : إنه تحريكُ اللسانِ في الفم بعد الأكل كأنه يَتَتَبَّعُ بقيةً من الطعام بين أسنانه ، والتَّمَطُّقُ بالشفَتين أي تضم إحداهما بالأخرى مع صوتٍ يكون منهما.
أبو زيد : ما عندنا لَماظٌ أي طعام يُتَلَمَّظُ.
ومنه ما يستعمله الكتبة في كتبهم وفي الديوان : قد لَمظْناهم أي أعطيناهم شيئا يتلمظونه قبل حلول الوقت ويُسمى ذلك اللُّماظة.
ويقال : لَمِّظْ فلانا لُماظَةً أي شيئا يَتَلَمَّظُهُ.
وفي حديث علي رضياللهعنه : الإيمان يبدو لُمْظَةً في القلب ، كلما ازداد الإيمان ازدادت اللُّمْظةُ.
قال أبو عبيد : وقال الأصمعيّ : قوله :
لُمْظَة هي مثل النُّكْتة أو نحوها من البياض ، ومنه قِيلَ : فرسٌ أَلمَظُ إذا كان بجَحْفَلته شيءٌ من البياض.
وقال غيره : فإذا ارتفع البياض إلى الأنف فهي رُثْمَةٌ والفرس أَرْثَمُ انتهى.
أبواب الظاء والنون
ظ ن ف
استعمل منه : [نظف].
نظف : قال الليث : النَّظَافةُ مصدرُ النظيف والفعل اللازم منه : نَظُف ، والمجاوز نظَّف ينظِّف تنظيفا ، اسْتَنْظَف الوالي ما عليه من الخراج أي استوفى ، ولا يستعمل التَّنظيفُ في هذا المعنى.
قلت : التَّنَظُّف عند العرب شِبْهُ التَّنَطُّسِ والتَّقَزُّزِ ، وطلبِ النظافة من رائحة غَمَرٍ أو نَفْي زُهُومَةٍ ، وما أشبهها ، وكذلك غَسْلُ الوَسَخ والدَّرَنِ والدَّنَس ، ويقال لِلأُشْنانِ وما أشبهه : نظيفٌ لِتنظِيفِه اليَدَ والثوب من غَمَرِ اللَّحْمِ والمَرَقِ وَوَضَرِ الوَدَكِ وما أشبهها.
قال أبو بكر في قولهم : فلان نظيف السراويل ، معناه أنه عفيف الفرج كما يُقال هو عَفيفُ المِئْزَر ، والإزَارِ.
قال مُتَمِّمُ ابنُ نُوَيْرَة يَرْثِي أخاه :
* حُلْوٌ شَمائِلُهُ عَفِيفُ المِئْزَرِ*
أي عفيفُ الفرْج ، قال : وفلانٌ نَجِسُ السَّراويل إذا كان غَيرَ عفيفِ الفرْجِ ، قال : وهم يَكْنُون بالثِّياب عن النَّفْس والقَلْب ، وبالإزارِ عن العَفَافِ.
قال عنترة :
* فَشَكَكْتُ بالرُّمْح الأصَمِّ ثيابَه*
أي قلْبَه ، وقال في قوله :
* فَسُلِّي ثيابِي مِن ثيابك تَنْسُلِ*
في الثياب ثلاثة أقوال :
قال قوم : الثِّيابُ ههنا كناية عن الأمر المعْنَى ، اقْطَعِي أَمْري من أَمْرِك ، وقيلَ : الثِّيابُ كِنايةٌ عن القَلْب ، والمَعْنَى سُلِّي قَلبي من قلبك.
وقال قومٌ : هذا الكلام كِنايةٌ عن الصَّريمة ، يقولُ الرجلُ لامْرَأَته : ثيابي منْ ثِيابك حَرامٌ ، ومعنى البيت :
* إن كنتُ في خُلُقٍ لا ترضَيْنه فاصْرِمِيني*
وقوله : تَنْسُلِ : تَبِينُ وتَقْطَعُ ، نَسَلَتْ السِّنُّ إذا بانَتْ ، ونَسَلَ ريشُ الطائر إذا سَقَطَ.
ظ ن ب
[ظنب] : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الظِّنْبُ أصلُ الشَّجَرَة.
وأنشد لجُبَيْهَاء الأسلميّ :
فَلوْ أَنَّها طافتْ بِظِنْبٍ مُعَجَّمِ |
نَفَى الرِّق عَنه جَدْبُه فهو كالِحُ |
|
لَجاءتْ كَأَنَّ الْقسوَرَ الجَوْنَ بَجَّهَا |
عَساليجه والثّامِرُ المُتنَاوِحُ |
يصف مِعْزًى بِحُسْن القَبول وقلَّةِ الأَكل ، والمُعَجَّم الّذي قد أُكل حتى لم يبق منه إلا القليل ، والرِّق ، ورقُ الشَّجَر ، والكالحُ المقْشعِرُّ من الجَدْبِ ، والقَسْوَرُ ضَرْبٌ من الشَّجَر.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الظَّنْبُوبُ : عَظْم السَّاق ، وقال سَلَامَةُ بنُ جَنْدل :
إنّا إذا ما أَتانا صارخٌ فَزِع |
كان الصُّراخُ له قَرْعَ الظَّنَابِيبِ |
قال الليثُ : الظُّنْبُوبُ هَهنا مِسْمَارٌ يَكون في جُبَّة السِّنان حيث يُرَكَّبُ في عالِيَةِ الرُّمح.
وقال غيره : قَرْعُ الظُّنْبُوب : يَقْرَعُ الرجلُ ظُنْبُوبَ راحلتِه بعصاه ، إذا أَناخَها ليركبَها ركوبَ المسْرِع إلى الشيء ، وقيل : يَضْرِب ظُنْبُوبَ دابَّته بِسَوْطِه ليُنْزِفَه إذا أَرَاد رُكوبه.
ومن أمثالهم : قَرَعَ فلان لأَمْرِه ظُنْبُوبَه إذا جَدّ فيه.
وقال أبو زيد : لا يقال لِذَواتِ الأَوْظِفَة ظُنْبُوبٌ.
ظ ن م
استعمل من وجوهه : [نظم ، ظنم].
ظنم : أما ظَنَمَ فالناس أهملوه إلا ما روى ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الظَّنَمَةُ الشَّرْبةُ من اللّبن الّذي لم تَخْرُج زُبْدَتُه قلت : أَصلها ظَلَمَة.
نظم : قال الليث : النَّظْمُ ، نَظْمُك الخَرَزَ بَعْضَه إلى بعضٍ في نظامٍ واحد ، كذلك هو في كل شيء حتى يقال : ليس لأمر نِظامٌ ، أي لا تَستقيمُ طَريقَتُه حتى يقال : طَعَنَه بالرمح فانْتَظَم ساقَيْه أو جَنْبَيْه.
وقال الحسن في بعض مواعظه : يا ابن آدم عليك بِنَصيبك في الآخرة فإنه يأتي على نَصِيبك من الدنيا فَيَنْتَظِمه لك انْتظاما ، ثم يزولُ معك حيثما زُلْتَ.
وكل خَيْطٍ يُنْظَم فيه لُؤْلؤ أو غيره فهو نِظامٌ وجمعه نُظُمٌ. وقال :
* مثل الفَريد الَّذي يَجْرِي عَلَى النُّظُم *
وفِعْلُك النَّظْمُ والتَّنظِيمُ ؛ والنِّظَامَانِ مِن الضَّبِ كُشْيَتَانِ مِن الجانبين مَنظومتان بَيْضا ، من أَصْلِ الذَّنب إلى دَبْر الأُذن ، وكذلك الإنظامَانِ.
يقال : في بطنها إنْظامان من بَيْضٍ ، وكذلك إنظاما السمكة ؛ وقد نَظَّمتْ السمكة فهي منظَّم ، ونَظَمتْ فهي ناظِمٌ ، ذلك حين يمتلىء من أصل أذنها إلى ذنبها بيضا.
وكذلك الدَّجاجة تَنْظِم ، ويقال : ما لهذا الأمر نِظام أي استقامة ، ويقال : نَظَّمت الضبَّةُ بيضَها تَنظيما في بَطْنها ونَظَمتها نَظْما ، والإنظامُ من الخَرَزِ خَيْطٌ قد نُظِمَ خَرَزا ، وكذلك أناظِيمُ مَكْنِ الضبَّةِ.
وقال الكسائي : يقال : جاءنا نِظَام من