وقال ابن السكيت : آدَ العشيُ إذا مَال وأنشد أيضا :
أَقَمتَ بها نَهَارَ الصَّيْف حتى |
رأيتَ ظِلالَ آمِرِه تَؤُود |
وقال آخرُ يَنْعَتُ امرأةً مَالتْ عليها الميَرةُ بالتَّمْر :
خُذَامِيَّةٌ آدتْ لها عَجْوَةٌ العُرْي |
فتأكل بِالمأقُوط حيْسا مُجَعَّدا |
ويقال : أَوِدَ الشيءُ يأوَد أَوَدا إذا اعْوج فهو أَوِد ، وأوْدُ قبيلةٌ وأَدُدُ مَوْضِعٌ.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : هو الأيْدُ والآدُ لِلقُوة والتأييد مصدر أيَّدْتُه ، أي قَوَّيتُه ، قال الله جلّ وعزّ : (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ) [المائدة : ١١٠] وقرىء : إذا آيَدْتُك أي قَوَّيتك.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧)) [الذاريات : ٤٧].
وقال أبو الهيثم : آد يئيدُ إذا قوي ، وآيدَ يُؤْيِدُ إيادا إذا صار ذا أيْدٍ ، وقد تَأَيّدَ وقد إدتُ أَيْدا أي قَوِيتُ.
وقال الليث : وإياد كلِّ شيء ما يُقوَّى به من جانبيه ، وهما إياداه ، قال : وإياد العسكر الميمنة والميسرة ، وقال العجّاج :
* عن ذي إياديْنِ لُهَامٍ لو دَسَرْ*
وقال يصف الثور : مُتخِذا مِنها إيادا هَدَفا وكل شيء كان واقيا لشيء فهو إياده.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الإياد الترابُ يُجعل حول الحوض أو الْخِباءِ. قال ذو الرمة يصف الظليم :
دفَعْناه عَن بَيضٍ حِسان بأجْرَع |
حَوَى حَوْلها مِن تربها بإِياد |
يَعْني طَرَدْناهُ عَن بَيْضِه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الإياد الجبلُ المنيعُ ، ومنه قولُهم : أيّدَهم الله ، قال : الإياد : اللِّحاء والستر والكَنَف وكلُّ شيء كنفك وسَتَرك فهو أياد ، وكلُّ ما يُحرَزُ به فهو إياد ، وقال امرؤ القيس يصف نخلا :
فأَثَّتْ أَعَاليه وآدَتْ أصوله |
ومال بِقِنيان من البُسر أَحْمَرا |
وآدت أصوله قَوِيت تَئِيد أَيْدا ، وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال : رماه الله بإحدى الموائد والمآود أي الدواهي.
أدى : أبو عبيد عن الأصمعيّ : أَدَى السِّقاء يأدِي أُدِيّا إذا أمكن أن يُمخض ، وقال ابن بُزُرْج : أَدَا اللَّبنُ أُدُوّا مُثقلٌ ، يأدُو وهو اللبنُ بين اللَّبَنين ليس بالحامضِ ولا بالحلو ، وقد أدَتْ التمرة تأدو أُدُوّاً وهو اليُنوع والنُّضْج ، قال : وأَدَوْتُ اللَّبن أدْوا إذا مَخَضتَه ، وأَدْوتُ في مشيي أَدْوًا وهو مَشيٌ بين المشيين ، ليس بالسريع ولا بالبطيء ، وأَدَوْتُ أَدْوا إذا اختَلْتَ.
ويقال : تَأَدَّيْتُ إلى فلان مِن حقِّه إذا أَدَّيْتَه
وقَضيتَه ، وتقول : لا يَتأَدى عبدٌ إلى الله من حقوقه كما يجب ، ويقول الرجل : ما أَدرِي كيف أَتَأَدَّى إليكَ من حَق ما أوليتني ، أبو عُبيد عن الأصمعيّ : آدى الرجلَ فهو مُؤْد إذا كان شاكَّ السلاح ، وهو من الأداة. وقال الأسود بن يعفر :
ما بَعْدَ زيْدٍ في فتاةٍ فُرّقوا |
قَتْلا وَسَبيا بَعد حُسْن تآدي |
أي بعد قوةٍ وأخذٍ للدهر أَداتَه من العُدة ، وقد تآدى القوم إذا أخذوا العُدة التي تُقوّيهم على الدَّهر ، وغيره ، وأهل الحجاز يقولون : استَأدَيتُ السّلطان على فلان ، أي استَعْدَيْتُ فآداني عليه أي أَعْداني وأعاننِي ، ويقال : تآدَى القوم تآدِيا وتَعَادَوْا تعادِيا إذا تتابعوا مَوتا ، وغَنَمٌ أَدِيّةٌ أي قليلة.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الأديّة تقدير عِدَّةٍ من الإبل القليلة العدد.
ابن بزرج : هل تآديتم لذلك الأمر؟ أي هل تأهبتم له؟
قلت : مأخوذ من الأداة.
وقال الليث : يقال أدَّى فلانٌ ما عليه أدَاءً وتأْدِيةً.
قال وتقول : فلان آدَى للأمانة من فلان ، والعامةُ قد لَهِجُوا بالخطأ فقالوا : فلان أدَّى للأمانة ، وهو لَحْن غير جائز.
قلت أنا : وما علمت أحدا من النحويين أجازوا آدى لأنّ أَفْعَلَ في باب التعجب لا يكون إلا في الثلاثيّ ، ولا يقال : آدَى بالتخفيف بمعنى أدَّى بالتشديد ، ووجه الكلام أن يقال : فلانٌ أحسنُ أَداء.
وأما قول الله جلّ وعزّ : (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨)) [الدخان : ١٨] فهو من قول موسى لذوي فرعون ، معناه :
سلِّموا إليّ بني إسرائيل كما قال : (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [الأعراف : ١٠٥] أي أطلِقهم من عذابك ، وقيل نُصِبَ (عِبادَ اللهِ) ، لأنه نِداء مضاف ، ومعناه أدوا إلى ما أمركم الله به يا عباد الله فإني نذير لكم.
قلت : وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون : (أَدُّوا إِلَيَ) بمعنى استمعوا إلىّ كأنه يقول : أدوا إليَّ سمعكم أبلغكم رسالة ربكم ، يدل على هذا المعنى من كلام العرب قول أبي المُثَلَّم العُذَلي يفاجىء رجلا :
سَبَعْتَ رِجالا فأهلكتَهم |
فأَدِّ إلى بَعْضِهِمْ واقْرِضِ |
أراد بقوله : أدِّ إلى بعضهم أي استمع إلى بعض من سَبَعْتَ لتسمعَ منه كأنه قال : آدِّ سَمْعَك إليه لتسمع منه ، كأنه قال : أدِّ سَمْعَكَ إليه.
وقال الليث : ألف الأداة واو ، لأن جمعها أَدوات ، ولكل ذي حرفة أداةٌ وهي آلته التي تُقيم حرفته ، وأداة الحرب
سلاحها ، ورَجل مُؤْدٍ كامل أداةِ السلاح.
والإداوَةُ للماء وجمعها أَداوَى.
وقال ابن السكيت : آديْتُ للسفر فأنا مُؤْدٍ له إذا كنت متهيأً له.
ودى : أبو عبيد عن الأصمعيّ : وَدَى الفرسُ وَدْيا إذا أدْلَى ، قال وقال الكسائيّ : وَدَأ يَدَأُ بوزن وَدَع يَدَعُ إذا أَدْلَى.
وأخبرني الإياديّ عن أبي الهيثم أنه قال : هذا وهْمٌ ليس في وَدى الفرس إذا أدلى همز.
قال وقال شمر : وَدَى الفرسُ إذا أَخْرج جُرْدانَه.
ويقال : وَدَى يَدِي إذا انْتَشَرَ.
وروى أبو عبيد عن اليزيدي : وَدى الفرسُ ليبولَ وأدلى ليَضْرِب.
قال : وقال الأموي : هو المَذِيُّ والمَنِيُّ والودِيُ مشدودات.
قال : وغيره يخفف.
قال : وقال أبو عبيد : المَنِيُّ وحده مُشَدّد ، والآخران مُخَفَّفَان ، ولا أَعْلَمُني سَمِعْتُ التخفيف في المني :
قال أَبو عبيد وسمعت الأصمعيّ يقول : هو الوَديُ لِصغار النَّخْلِ واحدتها وَديَّة.
وقال غيره : تجمع الوَديَّة وَدايا.
قال شَمِر قال ابن شميل : سمعت أعرابيا يقول : إني أخاف أن يَدِي ، قال : يُريد أن يَنْتَشِرَ ما عِنْدك قال : يريد به ذَكَرَه ، قال : سمعتُ من أحمد بن الحريش.
قال شمر : وَدى أي سال ، قال ومنه : الوَديُ فيما أَرَى لخروجه وسَيَلانِه ، ومنه الوَادي.
وأخبرني المنذريّ عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء : قال : أَمْنى الرجل وأَوْدى وأَمْذَى ومَذَى وأدلَى الحمار ، وقال : وَدى يَدِي مِن الوَديِ وَدْيا ، ويقال : أَوْدى الحمارُ في معنى أدْلَى ، وقال : وَدَى أكثر من أوْدى. ورأيتُ لِبَعْضهم استوْدَى فلان بِحقِّي أي أَقَرَّ به وعَرَفَه.
وقال أبو خَيْرَة :
ومُمَدَّحٍ بالمكرُماتِ مَدَحْتُهُ |
فاهْتَزَّ واسْتَوْدَى بها فحَباني |
ولا أَعْرِفُه إلا أن يَكونَ من الدِّيَةَ كأنه جَعَلَ حِبَاءَه له على مَدْحِه دِيَةً لها ، قال أبو عُبيد : وسمعت الأصمعيّ يقول : هو الوَديُ لصغار النحل واحدتها وَدِيَّة.
وقال غيره : يُجمعُ الوَدِيَّةُ وَدايا.
وقال الليث : وَدى الحِمار فهو وَادٍ إذا أَنْعَظ.
قال : ويقال : وَدَى بمعنى قَطَرَ منه الماءُ عند الإنعاظ.
وقال الأغلب :
كأَنّ عِرْقَ أَيْرِه إذا وَدى |
حَبْلُ عَجُوز ضَفَرتْ سَبْع قُوَى |
قال : والوَدْيُ الماءُ الّذي يخرج أبيضَ رَقيقا على أَثرِ البول من الإنسان ، وقال : وَدَى فلانا إذا أدَّى ديتَه إلى وَليِّه وأصل الدِّية وِدْيَة فحذفتْ الواوُ كما قالوا : شِيَةٌ من الوَشْي.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : أوْدى الرجلُ إذا هَلَكَ.
وقال الليث : أَوْدى به المَنُونُ أي أَهْلَكه ، قال : واسم الهلاك من ذلك الوَدَى قال : وقلّما يستعمل ؛ والمصدر الحقيقي الإيدَاءُ ، والتَّوادي الخشبات التي تُصَرُّ بِها أَطْبَاءُ الناقة لئلا يَرْضَعَها الفَصِيلُ وقد وَدَيْتُ الناقَة بِتَوْدِيتَيْنِ أي صَرَرْتُ أخلافَها بهما ، والوَادي كل مَفْرَجٍ بَيْن جِبال وآكامٍ ، وتِلال يكون مَسْلَكا للسَّيْل أو مَنْفَذا والجميع الأودية ، ومِثْلُه نادٍ وأَندية للمجلس.
دأي : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الوادي تجمع أوداء على أفعال مثل صاحب وأصحاب.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : ابنُ دأيَة فهو الغُراب ، سمي بذلك لأنه يقع على دَأْيَة البعير فَيَنقُرها ، والدَّأيةُ هو الموضع الّذي يَقَع عليه ظَلِفَة البعير فَتَعْقِرُه.
وقال الليث : الدَّأْيُ جمع الدَّأْيَة ، وهي فَقَارُ الكاهل في مُجتمع ما بين الكَتِفَيْن مِن كاهل البَعير خاصَّة والجميع الدَّأَيَاتُ وهي عِظامُ ما هُنالك ، كلّ عَظْمٍ منها دَأْيَة.
وقال أبو عُبيدة : الدَّأَيَاتُ خَرَزُ الْعُنُقِ ، ويُقالُ خَرَزُ القَفَا.
وقال ابن شُمَيل : يقال للضِّلعين اللَّتين تَلِيَان الواهنتين : الدَّأْيَتَانِ ، قال : والدَّئِيُ في الشَّرَاسِيفِ هِي الثوانِي الحواني المستأخِرات الأوساطُ من الضلوع ، وهي أرْبَعٌ وأَرْبَعٌ ، وهُنَّ الْعُوجُ ، وهن المسَقّفَاتُ ، وهُنَّ أطولُ الضُّلُوع كلِّها وأَتَمُّها ، وإليها يَنْتَفِخُ الجَوف.
وقال أبو زيد : لم يَعْرِفُوا ، يَعْنِي الْعَربَ ، الدَّأَيَاتِ في العنق ، وعرفوهن في الأضْلاع وهي سِتٌّ يَلِينَ المَنْحَر من كل جانب ثلاث ، ويقال لمقاديمهن جوانح ، ويقال للَّتين تليان المنحر : ناحرتان ، قلت : وهذا صواب ، ومنه قول طرفة :
كأَنَّ مَجَرَّ النَّسْعِ في دَأَيَاتِها |
مواردُ مِن خَلْقَاءِ في ظَهْرِ قَرْدَدِ |
ودأ : وقال أبو زيد : وَدَّأْتُ عليه الأرض تَوْديئا إذا سَوَّيتَها عليه.
أبو عُبيد عن أبي عمرو : الأرضُ المُوَدَّأَة المُهْلكَةُ ، وهي في لفظ المفعول به ، وأنشد شمر للراعي :
كائِن قَطَعْنا إليْكم مِن مُوَدَّأَةٍ |
كأَنَّ أَعْلَامَها في آلِها القَزَعُ |
قال وقال ابن الأعرابيّ : المُودَّأَةُ حُفْرَةُ الميت ، والتَّوْدِئَةُ الدَّفْنُ وأنشد :
لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مَوَدَّأ لِرَهِينَةٍ |
زُلْجِ الجَوانِبِ راكِدِ الأَحْجَارِ |
وقال ابن شميل يقال : تودَّأَتْ على فلان الأرضُ وهو ذهاب الرجل في أباعِد الأرض حتى لا يُدْرَى ما صَنَع ، وقد تَوَدّأَتْ عليه إذا ماتَ أَيضا ، وإن مَاتَ في أهله ، وأنشد :
فما أَنَا إلَّا مِثْلُ مَنْ قد تَوَدَّأَتْ |
عليه البلادُ غيرَ أَنْ لَمْ أَمُتْ بَعْدُ |
ويقال : تَوَدَّأَتْ عليه الأرضُ ، أي اسْتَوَتْ عليه مثل ما تستوي على الميت ، وتَوَدَّأَتْ عليه الأخبار أي انْقَطَعَتْ دونه ، وأنشد :
وللأَرْضِ كَمْ مِنْ صَالحٍ قَدْ تَوَدَّأَتْ |
عليه فَوَارَتْهُ بِلَمَّاعَةٍ قَفْرِ |
وقال الكميت :
إذا وَدَّأَتْنا الأرضُ إنْ هِيَ وَدَّأَتْ |
وَأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمُورِ مَقُوبُها |
وَدَّأَتْنا الأَرْض غَيَّبَتْنا ، وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم يقال : تَوَدَّأَتْ عليه الأرض فهي مُوَدَّأَةٌ ، قال : وهذا كما قيل : أَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ وأَسْهَبَ فَهُو مُسْهَبٌ وأَلْفَج فهو مُلْفَجٌ ، وليس في الكلام مثلها.
وقال أبو مالك : تَوَدَّأْتُ على مالي أي أَخَذْتُه وأَحْرَزْتُه.
ودد : قال الليث : الوُدّ مَصدر للمودة ، وكذلك الوِداد قال : والودَادة مصدر وَدِدْتُ أَوَدُّ وهو مِن الأُمْنِيَّة ، وفلانٌ وِدُّكَ وَوَديدُك كما تقول حِبُّك وحَبِيبُك.
وقال الفراء يقال : وَدِدْتُ أَوَد ، هذا أفضل الكلام.
وقال بعضهم : وَدَدْتُ ، ويَفْعَل منه : يَودُّ لا غيرُ والمصدر الوَد ، والوِد ، والوِداد ، والوَدادة ، ذكر هذا في قولهم : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ) [البقرة : ٩٦] أي يتمنى.
قال الفراء : ويقال : في الحُب : الوُد والوَد والمَوَدَّة والْمَوددَةُ وأنشد :
إنَّ بنيّ لَلِئامٌ زَهَدَة |
ما لِي في صدورهم مِنْ مَوْدِدهْ |
وأنشد في التمنّي :
وَدِدتُ وَدادةً لو أَنَّ حَظِّي |
من الخُلَّانِ ألّا يَصْرِمُونِي |
قال : وأختارُ في مَعْنَى التمني : وَدِدتُ ، وسمعت وَدِدتُ بالفتح وهي قليلة ، قال : وسواء قلت : وَددت أو وَدَدتُ المستقبَل منهما أَوَد يَوَد ونَوَد لا غيرُ قلت : وأنكر البصريون وَدَدتُ وهو لحن عندهم.
وقال الزجاج : قد علمنا أن الكسائيّ لم يَحْكِ وَدَدتُ إلا وقد سمعه ، ولكنه سمعه ممّن لا يكون قوله حجة.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : المَوَدَّةُ : الكِتاب ، قال الله جلّ وعزّ : (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) [الممتحنة : ١] أي بالكُتُبِ.
الليث : الوَدّ بلغة تميم الوَتِد ، فإذا زادوا
الياء قالوا : وَتِيدٌ ، قال : والوَدُّ صَنَم كان لقوم نوح ، وكان لِقريش صنم يَدعونَهُ وُدا ، ومنهم من يهمز فيقول : أُدُّ ، ومنه سُمِّي عَبْدُ وُدٍ ، ومنه سمي أُدُّ بن طابخة ، وأُدَدُ جَدُّ مَعْد بن عدنان.
قال الفراء : قرأ أهلُ المدينة : وَلَا تَذَرُنَ وُدّا [نوح : ٢٣] برفع الواو ، وقرأ عاصم (وَدًّا) بفتح الواو.
قلت : أكثر القراء قرءوا (وَدًّا) منهم أبو عَمرو بن كثير ، وابن عامر ، وحمزة والكسائي ، وعاصم ، ويعقوب الحضرمي ، وقرأ نافع (وُدا) بضم الواو.
وقال الفراء في قوله : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) [مريم : ٩٦] في صدور المؤمنين. قاله بعض المفسرين.
وقال ابن الأنباري : الْوَدُودُ من أسماء الله تعالى جلّ وعز المحبّ لعباده من قولك : ودِدتُ الرجل أَوَدُّه وِدَّا ، ووِدَادا ، قال : والوَدَّ بالفتح الصَّنم وأنشد :
بِوَدِّكِ ما قوْمي على ما تَركْتِهِمْ |
سُلَيْمَى إذا هَبَّتْ شَمالٌ وَرِيحُها |
ويروى بِوُدِّكِ لمَنْ رَوَاه بِوَدِّكِ أرَادَ بحقِ صَنَمِكِ عَلَيْكِ ، ومن ضَمَّ أَرَادَ بِالمَوَدَّة بيني وبينِك ، ومعنى البيت : أيّ شيءٍ وجَدْتِ من قَوْمِي يا سَلْمَى على تَرْكِكِ إيَّاهُمْ. إنِّي قَدْ رَضيتُ بقوْلكِ وإنْ كُنْتِ تارِكَةً لَهُمْ فاصْدُقِي وقُولي الحقَّ.
قال النابغة :
إِنِّي كأَنِّي أَرَى النُّعْمانَ خَبَّرَهُ |
بَعْضُ الأوَدِّ حديثا غيرَ مَكْذُوبِ |
قال : الأوَدُّ بفتح الواو يُريدُ الّذي هو أَشَدُّ وُدَّا ، وأرادَ الأوَدِّين : الجماعة.
أدد : قال الله جلّ وعزّ : (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (٨٩)) [مريم : ٨٩].
قال الفراء : قراءةُ القُراء (إِدّاً) بكسر الألِف إلّا ما رُوِيَ عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ (أَدَّا) ، قال ومن العرب من يقول : لقد جئت بشيءٍ آدٍ مثل ماد ، وهو من الوجوه كلها : بشيءٍ عظيم.
وقال الليث : يقال : أَدَّتْ فلانا داهيةٌ تؤدُّه أدَّا.
قال رؤبة :
* والإدَدَ والإدَادَ والعَضَائِلا*
قال : ووَاحدُ الإدَد إدَّة ، وواحد الإدَدِ والأداد أدٌّ.
وقال ابن بُزُرْجَ : أَدَدْتُ الحبْل أَدَّا وإدَّا أي مَدَدتُه ، قال : والإدَّة الشدَّة بكسر الهمزة.
وقال غيره : الأَدُّ صوت الوَطْء وأنشد :
يَتْبَع أَرْضا جِنُّها يُهَوِّل |
أَدٌّ وسَجْعٌ ونَهِيمٌ هَتْمَلُ |
وأَدَّ البعيرُ يؤدُّ أَدًّا ، وإدّا وهو ترجيع الحنين.
ويقال : تَأَدَّد يتأدَّد إذا تَشَدَّد فهو مُتَأَدِّد.
دأدأ : عمرو عن أبيه ، الدَّأْدَاءُ النَّخُّ من السير ، وهو السريع ، قال : والدَّأْداء عَجَلَة جَوابِ الأحمق.
وقال الليث : الدَّأْدَأةُ صَوْتُ وقْعِ الحجارة في المَسِيلِ.
وقال أبو زيد : دأْدَأْتُ دأْدَأَةً وهو العَدْو الشديد وهو الدِّئْداء ممدود ، وقال الشاعر :
واعْرَوْرَتِ العُلطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه |
أُمُّ الفَوارِسِ بالدِّئْداءِ والرَّبَعَة |
العُلُطُ البعير الّذي لا خِطَامَ عليه.
ويقال : بعير عُلُطُ مُلُط إذا لم يكن عليه وسْمٌ.
وقال الليث : تَدَأْدأَ الرجل إذا مَالَ عن شيءٍ فترجَّحَ ، وتقول : تَدَأْدَأَ يَتَدأْدَأُ دَأْدَأَةً.
وقال أبو الهيثم : الدَّأْداء آخر أيام الشهر قال : والليالي الثلاث التي بَعْد المُحاق سُمِّين دآدىء ، لأن القمر فيها يُدَأْدِئُ إلى الغُيُوبِ ، أي يُسْرِعُ من دأدأَةِ البعير.
وأخبرني المنذريّ عن المبرد ، قال : حدثني الرياشي عن الأصمعيّ في ليالي الشهر إلى قوله : وثلاث مُحاق ، وثَلاثٌ دآدئُ ، قال : والدَّآدئ الأواخرُ ، وأنشد :
أَبْدَى لنا غُرَّةَ وجْهٍ بادِي |
كَزُهْرَةِ النُّجُومِ في الدَّآدِي |
وأخبرني عن أبي الهيثم بنحو منه ، وأما أبو عبيد فإنه روى عن غير واحد من أصحابه في الدَّآدىء : أنها الثلاثُ التي قبل المُحاق ، وجعل المُحاقَ آخِرَها ، وكذلك قال ابن الأعرابيّ ، وأما قول الأعشى :
تَدارَكَهُ في مُنْصِلِ الآل بَعْدما |
مضى غَيْرَ دأْداءٍ وقد كاد يَعْطَبُ |
فإنه أراد أنه تداركه في آخر ليلة من ليالي رجب ، وهذا يدل على أن القول قول الأصمعيّ ، ومن قال بقوله ، عمرو عن أبيه : الدَّاديُ المولَع باللهو الّذي لا يكاد يبرحه.
أخبرني المنذري عن ثعلب عن سلمة عن الفراء ، يقال : سمعت دُوْدَأةً أي جلبة ، وإني لأسمع له دودأة من اليوم ، أي جلبة.
دودى : أبو عبيد عن الأصمعيّ : الدَّوَادِيُ أثار أراجيح الصبيان واحدتها دوْداةٌ ، وقال : كأنني فوق دوْداةٍ تُقَلِّبُني.
وفي النوادر : دوْدأ فلان دوْدأةً ، وتَوْدأ ، تَوْدأة ، وكَوْدَأ ، كَوْدَأةً إذا عدا.
يدى : أخبرني المنذري عن أبي الهيثم أنه قال : اليَدُ اسمٌ على حرفين.
قال : وما كان من الأسامي على حَرْفين فقد حُذِفَ مِنه حرفٌ فلا يُردُّ إلا في التصغير والتثنية والجمع ، وربما لم يُرَدَّ في التثنية وثُنِّي على لَفظِ الواحد ، فقال
بعضهم : واحد الأيدي يدًى ، كما ترى مثل عَصا ورَحًى ومَنا ، ثم ثنّوْا فقالوا :
يديانِ ورَحيان ومَنَوان ، وأنشد :
يَديَان بيضاوانِ عقد مُحَلِّم |
قد تَمْنَعَانِكَ بينهم أن تُهْضَمَا |
وقال :
يا ربَّ سارٍ سارَ ما تَوَسَّدا |
إلا ذِراعُ العَنْسِ أَوْ كَفَ اليَدَا |
قال أبو الهيثم : وتجمع اليَدُ يَدِيّاً مثل عَبْدٍ وعَبيدٍ قال : وتجمع أَيْدِيَا ثم تجمع الأَيْدِي على أَيْدِينَ ثم تجمع الأَيدي أَيَادِيَ وأنشد :
يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأَيْدِينا |
بحْثَ المُضِلَّات لِمَا يَبْغِينَا |
وقال في قوله جلّ وعزّ : (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) [ص : ٤٥] أي أولي القوة والعقول.
قال : والعرب تقول : ما لي يَدٌ أي ما لي به قوَّة وما لي به يدان وما لهم بذلك أيْدٍ أي قوَّة ، ولهم أيدٍ وأبصار وهم أولو الأيدي والأبصار ، أي أولو القوة والعقول.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : اليَدُ النِّعْمَة ، واليَدُ القُوّة ، واليد القُدرة ، واليدُ المِلْك ، واليَدُ السلطان ، واليَدُ الطاعةُ ، واليد المجاعة ، واليد الأكل ، يقال : ضع يَدَك أي كُلْ ، واليدُ النَّدَم ، ويقال منه : سُقِط في يده إذا نَدِمَ ، واليَدُ الغِياثُ ، واليَدُ مَنْعُ الظُّلْم ، واليَد الاستِسْلامُ ، ويقال للمُعاتِب : هذه يَدِي لك.
وقال ابن هانىء : من أمثالهم : أطاع يَدا ، بالقَوْدِ فَهُوَ ذَلول ، إذا انْقَادَ واستسلم ، ومن أمثالهم : ليدٍ مَا أَخَذَتْ ، المعنى من أَخَذَ شيئا فهو له.
وقولهم : يدي لك رهْنٌ بكذا أي ضَمنت لك وكَفَلْتُ به.
وقال ابن شميل : له عليّ يَدٌ لا يقولون له عندي يَدٌ وأنشد :
لَه عليَ أَيادٍ لستُ أكْفُرها |
وإنما الكُفْر أَلَّا تُشْكرَ النِّعَمُ |
وقال ابن بُزُرْجَ : العَرب تُشَدِّدُ القوافي ، وإن كانت من غير المضاعف ، ما كانَ مِن الياءِ وغيره وأنشد :
فجازوهم بما فَعلوا إلَيْكُمْ |
مُجَازَاةَ القُرُوم يَدَا بِيَدِّ |
|
تَعالَوْا يا حَنِيفَ بَنِي لُجَيْمٍ |
إلى مَن فَلَّ حَدَّكم وَحَدِّي |
وأمَّا قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) [التوبة : ٢٩].
روى يَحيى بنُ أدمَ عن عثمانَ البزِّي في قوله (عَنْ يَدٍ) قال : نَقْدا عن ظَهْر يَدٍ ليس بِنَسِيئَةٍ.
ورَوَى أبو عبيد عن أبي عُبيدة أنه قال :
كل من أطاعَ لمن قَهره فأعطاها عن غير طيبة نفس فقد أعطاها عن يدٍ.
وقال الكلبيّ في قوله : (عَنْ يَدٍ) : قال يَمْشُون بها.
وقال أبو عبيد : لا يجيئون بها رُكْبَانا ولا يُرْسلُون بها.
وقال أبو إسحاق : قيل معنى (عَنْ يَدٍ) ، أي عن ذُل وعن اعترافٍ للمسلمين بأن أيديهم فوق أيديهم.
وقيل : (عَنْ يَدٍ) أي عن قَهْر وذُلّ كما تقول : اليدُ في هذا لِفلان أي الأمر النافذ لفلان ، وقيل (عَنْ يَدٍ) أي عن إنعامٍ عليهم بذلك ، لأن قبول الجِزْيَة منهم وترك أنفسهم عليهم إنعام عليهم ، ويَد من المعروف جزيلة.
وقال الليث : يَدُ النعمة : النعمةُ السَّابِغَة ، ويدُ الفأسِ ونحوِها مَقْبِضُها ، ويدُ القوس سِيَتُها ، ويدُ الدهر مَدُّ زَمانِه ، ويد الريح سُلطانُها.
وقال لبيد :
نِطافٌ أمْرُها بِيَدِ الشَّمال |
لَمَّا مُلِّكَت الريحُ تَصْرِيفَ السَّحابِ |
جُعِل لها سلطانٌ عليه ، ويقال : هذه الضَّيْعَةُ في يدِ فلانٍ أي مِلكه ، ولا يقال : في يَدَيْ فلان ويقال : بيْن يَديْك كذا ، لكلّ شيء أمامك. قال الله : (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) [الأعراف : ١٧] ، ويقال : يثُورُ الرَّهَجُ بَيْن يَدَي المطر ويَهِيجُ السِّبابُ بين يَدَيِ القِتال.
ويقال : يَدِيَ فلانٌ من يَده إذا شَلَّتْ ، ورجل مَيْدِيٌ أي مَقطوع اليَدِ من أصلها ، يَدَيْتُ يدَه أي ضَربتُ يَدَه ، واليُداء وَجَعُ اليَدِ ، وأَيديتُ عِنْده يَدا ، أيْ أنْعَمْتُ عليه.
ويقال : إن فلانا لذو مالٍ يَيْدِي به ويبوعُ أي يَبْسُط بِهِ يَدَه وباعه ، وذهب القوم أيدِي سبا أي مُتَفَرِّقين في كل وجهٍ ، وذهبوا أيَادي سبا.
وقال غيره : اليَدُ الطريق ، ههنا يقال : أخذ فلانٌ يَدَ بحر إذا أخذ طريق البحر ، وأهلُ سَبأ لما مُزّقوا في الأرض كلَّ ممزّق ، أخذُوا طُرُقا شتى فصاروا أَمْثالا لمن يَتَفَرَّقون آخذين طُرُقا مختلفة.
وقال الليث : النسبةُ إلى يَدٍ يَدِيّ على النقصان.
وقال : وتجمع يَدُ النعمة أيَادِيَ ويدِيّا ، وتُجْمَعُ اليَدُ التي في الجَسد الأيدِي ، وثَوْبٌ يدِيٌ واسع وأنشد :
* بالدَّارِ إذ ثوْبُ الصِّبا يَدِيُ *
وقال ابن عَرَفة في قوله جلّ وعزّ : (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَ وَأَرْجُلِهِنَ) [الممتحنة : ١٢] أي مِن جميع الجهات ، قال : والأَفعالُ تنسَب إلى الجوارح ، وسُمِّيت جَوارحَ لأنها تَكْتَسِبُ.
والعرب تقول لمن عمل شيئا يُوَبَّخُ به : يدَاك أَوْكَتا وفُوكَ نَفَخَ.
وقال الزّجّاج : يقال للرجل إذا وُبِّخَ : ذَلك بما كَسَبَتْ يدَاك ، وإن كانتْ اليَدان لم تجنيا شَيْئا لا يقال : لكل مَن عَمِل عملا كَسَبَتْ يَدَاه ، لأن اليدين الأصلُ في التصرُّف.
قال الله تعالى : (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠] ، ولذلك قال : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) إلى قوله : (وَما كَسَبَ) [المسد : ١ ، ٢].
قال الأزهري : قوله (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ) الآية : أراد بالبُهتَان : وَلَدا تحْمِله مِن غير زَوْجها فتقولُ : هُو مِن زوجها ، وكَنى بما بين يديها ورجليها عَن الولد لأن فرجها بَيْنَ الرِّجْلَين ، وبَطنَها الّذي تحمل فيه بين اليدين.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «المسلمونَ يدٌ على مَن سِواهم».
قال أبو عبيد : معناه أَنَّ كلمتَهم ونُصْرَتَهم واحدةٌ على جميع المِلَلِ المحاربة لهم يتعاوَنُون على جميعهم ، ولا يَخْذل بعضُهم بعضا.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : يقال : ثوبٌ قصير اليَدِ إذا كان يَقْصُر عَن أن يُلْتحَفَ به ، وقميصٌ قصيرُ اليَدين أي قَصير الكُمَّين ، ويقال : أعطاه مَالا عَن ظَهْر يَدٍ يعني تَفَضُّلا ليس مِن قَرْض ولا مُكافأة ويقال : خَلعَ فلان يَدَه عَن الطَّاعة ، ونَزَع يَدَه مِثله ، وأنشد :
* ولا نَازعٌ مِن كلِّ ما رابَنِي بَدا*
ويقال : هذه يَدِي لَك أي انقَدْتُ لك فاحْتَكِمْ عليَّ بما شئتَ.
قال : وقال اليزيدي : أيْدَيْتُ عنه يَدا مِن الإحسان ويدَيته فهو مَيْدِيُ إذا ضربت يده ، قال : وجمع اليد من الإحسان أَيادِي ويَدِيٌ ، وتصغيرُ اليَدِ يُدَيَّةٌ.
وقال أبو عُبيدة في قول الله : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) [إبراهيم : ٩] ، قال : تركُوا ما أُمِرُوا به ولم يُسْلِموا.
وقال الفرّاء : كانوا يُكذبونهم ويَرُدَّون القولَ بأيديهم إلى أفواه الرسل ، وهذا يُرْوى عن مجاهد.
وروي عن ابن مسعود أنه قال في قوله : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) عَضُّوا أطراف أصابعهم.
قلت : وهذا من أحسن ما قيل فيه ، أراد أنهم عَضّوا أيديَهم حنَقا وغَيْظا ، وهذا كما قال الشاعر :
* يَرُدُّون في فِيهِ عَشْرَ الحَسُود*
يعني أنهم يَغيظُون الحسودَ حتى يَعَضّ على أصابِعه ، ونحو ذلك قول الهذلي :
قد أَفْنَى أنامِلَه أَزْمُه |
فأَمْسَى يَعَضُّ عليَّ الوَظِيفَا |
يقول : أكل أصابعَه حتى أَفْنَاها بالعَضِّ فصار يَعَض وظَيْفَ الذراع.
قلت : واعتبار هذا بقول الله جلّ وعزّ : (وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) [آل عمران : ١١٩].
يقال للرجل يدعى عليه بالسوء : للْيَدَيْن ولِلفم أي يَسْقُطُ على يَدَيْه وفَمِه.
شَمِر : يَدَيْتُ اتَّخَذْتُ عنده يَدا. وأنشد :
* يَدٌ مَا قَدْ يَدَيْتُ على سُكَينٍ*
قال : يَديتُ اتَّخذْتُ عِنده يَدا.
ويقال : إن قوما من الشُّراة مَرُّوا بقومٍ من أصحاب عليّ ، وهم يَدْعُونَ عَلَيْهم ، فقالوا : بِكم اليَدان أي حَاق بكُم ما تَدْعُون به.
والعرب تقول : كانَتْ بِه اليَدان أي فَعَل اللهُ بِه ما يَقُولُهُ لِي ، وكذلك قوله : رَمَاني مِنْ جول الطَّوِيِّ وأَحاقَ اللهُ به مَكْرَه.
ابن السكيت : ابْتَعتُ الغَنْم اليدين أي بثمنين ، بعضَها بثمن ، وبعضَها بثمن آخر.
وقال الفراء : باع فلان غنمه اليدين ، وهو أن يُسْلِمها بِيَدٍ ويأخذَ ثمنها بيد.
ويقال : جاء فلان بما أَدَّتْ يدٌ إلى يدٍ ، عند تأكيد الإخْفاق ، وهو الخَيْبَةُ.
وأد : أبو عبيد عن الأصمعيّ : الوَأْدُ والوَئِيدُ جميعا الصوتُ الشدِيدُ.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨)) [التكوير : ٨] قال المفسرون : كان الرجلُ مِن أهل الجاهلية : إذا وُلِدَتْ له بِنْتٌ دَفنها حين تضعُها والدتُها حَيّةً مَخَافَةَ العَار والحَاجَةِ ، فأنزل الله جلّ وعزّ : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [الإسراء : ٣١] الآية. وقال في موضع آخر : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى) إلى قوله : (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) [النحل : ٥٨ ، ٥٩] الآية. ويقال : وأدها الوائد يئدها وَأُداً فهو وَائِدٌ ، وهي مَوْءودة وَوَئيد.
وقال الفرزدق :
وَعَمّي الّذي مَنَع الوائِداتْ |
وأحيا الوَئيدَ فلم يُؤأَدِ |
وقال أبو العباس : مَن خَفَّفَ همزة الموءودة قال : مَوْدةٌ كما ترى لئلا يجمع بين ساكنين.
ويقال : تَوَأَدتْ عليه الأرض وتَكَمَّأَت وتَلَمَّعَتْ إذا غَيَّبَتْهُ ، وذهبتْ به.
قلت : هما لغتان تودَّأَتْ عليه وتَوَأَّدتْ على القلب.
وقال ابن الأعرابيّ : الموائد والمآود للدواهي وهو أيضا على القلب ، والتُّؤَدَةُ التَّأنِّي والتَّمَهُّلُ وأصلها وُؤدة مثل التُّكأة أصلها وُكَأَة.
ويقال : اتَّأَدَ يَتَّئِدُ اتِّئَادا ، وثُلاثِيُّه غير مستعمل ، لا يقولون : وَأَدَ يئدُ بمعنى
اتَّأد.
وقال الليث : يقال اتَّأد وتَوَاَّد فاتَّأد على افتَعَلْ وتَوَأَّدَ على تَفَعَّلَ ، والأصل فيهما : الوَأْد إلا أن يكونَ مَقلوبا من الأوْد ، وهو الإثقال.
فيقال : آدني يَؤُودني أي أثقلني والتَّأَوُّد منه ، ويقال : تأوَّدت المرأةُ في قيامها إذا تَثَنَّتْ لتثاقلها ، ثم قالوا : تَوَأَّد واتَّأَدَ ، إذا تَرَزَّن وتَمَهَّلَ ، والمقلوبات في كلام العرب كثيرة ونحن ننتهي إلى ما ثَبَتَ لنا عِندهم ولا نُحْدِثُ في كلامهم ما لم ينطقوا به ولا نَقِيسُ على كلمة نادرةٍ جاءت مقلوبة.
دوى : وقال الليث وغيره : الدَّواةُ معروفة إذا عَددتَ قلتَ : ثلاثُ دَوَيَات كما يقال : نَوَاةٌ وثلاثُ نَوَيَات ، وإذا جَمَعْتَ مِن غير عَدد فهي الدَّوَى كما يقال نواةٌ ونَوَى ، قال : ويجوز أن يجمع دُوِيَّا.
قال أبو ذؤيب :
عَرفْتُ الدِّيار كَخَطِّ الدُّويِ |
يَذْبُرُهُ الكاتِبُ الحِمْيَرِيّ |
والدّوى تَصْنيعُ الدَّوَابَّةِ وتسمينهُ وصَقْله بِسَقْي اللَّبن والمواظَبَة على الإحسان إليه ، وإجْرائِه مع ذلك البَرْدين ، قَدْرَ مَا يَسِيلُ عَرَقُه ويَشْتَدَّ لحمه ويذهب رَهَله ، ويقال : داوَيْتُ الفرس دِوَاء ومُداواة ، ويقال : داوَيتُ العَلِيلَ دَوًى ـ بفتح الدال ـ إذا عالجته بالأَشْفِيَةِ التي تُوافِقه. وأنشد الأصمعيّ فقال :
وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبيك الدَّوى |
ولَيْسَ له من طعامٍ نَصِيبْ |
|
خَلا أَنَّهُم كُلَّما أَوْرَدُوا |
يُصَبِّحُ قَعْبا عَلَيْهِ ذَنُوبْ |
قال معناه : أنه يُسْقى قَعْيا مِن لَبَن عليه دلوٌ مِن ماءٍ ، وصفهُ بأَنَّه لا يُحْسِن دِواء فَرَسِه ولا يُؤثرُه بِلَبَنِه كما يَفْعَلُ الفُرْسان.
أبو عبيد عن الفراء قال : الإدَاوَة المَطْهَرَةُ وجمعها الأداوَى ، وأنشد :
يَحْمِلْنَ قُدامَ الجَآ |
جِىء في أَداوَى كالمَطَاهِر |
يَصِفُ القَطا واستقاءها لِفِراخِها في حَواصِلها.
* * *
باب الرباعي من حرف الدال
[فندر] : قال الليث : الفِنْديرةُ وجمعها فَناديرُ قِطعةٌ ضخمةٌ من تَمْرٍ مُكْتَنِزٍ ، أو صَخْرةٍ تَنْقَلِع مِن عُرْضِ الجَبل ، وأنشد في صفة الإبل :
* كأَنها مِن ذُرَى هَضْبٍ فَنَادِيرُ*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الفَنْدُورَةُ هِيَ أُمُّ عِزْم وأمُّ سُوَيْد يعني السَّوأَةَ.
* [فرند] : وقال الليث : فِرِنْد دخِيلٌ مُعرَّب ، اسم ثوب ، وَفِرِنْدُ السيف وَشْيُه ، قلت : فرنْد السَّيف جَوْهَرُه وماؤُه الّذي يَجْري فيه ، وطرائِقُه يقال لها : الفِرِنْدُ وهي سَفاسِقه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الفِرْنِد الأبْزَارُ وجمعه الفَرَانِدُ.
[بندر] : وقال الليث : البَنَادرَةُ دَخيلٌ وهم التُّجار الذين يلزمون المدائن واحدهم بُنْدَارٌ.
* [بلدام] : قلت : وقرأتُ في هذا الباب لابن المظفر : البَلَنْدمُ الرَّجل الثَّقِيلُ في المَنْظَر البَلِيدُ في المخْبرِ ، قال : ومُقَدَّمُ الصدر بَلْدَمٌ ، قلت : وهذان الحرفان عند الأئمة الثقات بالذال.
وقال ابن شميل : البَلْذَمُ المَرىءُ والحُلقوم والأوْداج يقال لها : بَلذم ، ونحو ذلك.
قال الأصمعيّ : قال البَلْذَمُ من الفرس ما اضطرب من حُلْقُومه ومَرِيئِهِ ، وجَرانِهِ ، قال : المريء مَجْرى الطعام والشراب ، والجران الجِلْدُ الّذي في باطن الحَلْقِ مُتَّصِل بالعُنُق ، والحُلْقُوم مخرج النَّفْس والصوت.
وروى أبو العباس عن ابن الأعرابيّ قال : البَلْذَم البَلِيدُ من الرِّجال.
[دلظم] : الليث : الدِّلْظَم والدَّلْظَم الناقة الهرِمة الفانية ، قلت : وقال غيره : الدَّلْظَم الجمل القويّ ، ورجلٌ دِلْظَم شديد قويّ.
[دلنظ] : أبو عبيد عن الأصمعيّ : الدَّلَنْظَى السمين من كل شيء.
وقال شمر : دَلَنْظَى وبَلَنْزَى إذا كان ضَخْما غليظ المنكِبَيْن ، وأصله من الدَّلْظِ وهو الدَّفْعُ.
[ثرند] : وقال اللحياني : اثْرَنْدَى الرجلُ إذا كَبُر لحم صَدْره ، وابلندى إذا كَبُر لحم جَنْبَيْه وعَظُما ، وادلَنْظَى إذا سَمِن وغَلُظَ.
(رجل مُثَرْنَد مُخصِب) (١)
دربل : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : دربل إذا ضرب الطَّبل.
[دردب] : سَلَمة عن الفراء : الدَّرْدَبِيُ : الضَّرْبُ بالكُوبة.
أبو عبيد عن أبي عمرو : الدَّرْدابُ صَوْت الطَّبل.
أبو عمرو : الدّرْدَبةُ الخُضوع ، يقال : درْدبَ لما عَضَّهُ الثِّقاف أي ذَلَّ وخَضَع.
[فرند] : فِرِندَادُ ، جَبَلٌ بناحية الدّهْناء وبِحِذَائِه جَبلٌ آخر ويقال لهما معا : الفِرِندَادانِ. وقال ذو الرمة :
* وَيَافِعٌ مِن فِرِندَاديْن مَلْمُومُ*
[دمثر] : أرضٌ دمَاثرُ إذا كان دمِثا.
وأنشد الأصمعيّ في صفة إبل :
* ضَارِبة بِعَطَنٍ دُمَاثِرِ*
أي شَرِبَتْ فَضَربَتْ بعطن ، ودَمْثَرٌ دَمِثٌ ، والدَّمْثَرَةُ الدَّماثة ، وبَعِيرٌ دُمَثِرٌ ودُمَاثِرٌ إذا كان كَثِير اللحم.
* بلدم : اللحياني : يقال للرجل إذا فُرق فَسَكت : بَلْسَمَ وَبَلْدَمَ وطَرْسَم وأَسْبَط وأَرَمَ.
[تمرد] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال لِبُرْج الحمام : التِّمرادُ وجمعه التَّماريدُ وقيل : التَّماريد محاضِنُ الحَمَام في بُرْج الحَمَامِ ، وهي بيوتٌ صِغار يُبْنَى بعضها فوق بعض.
[دردب] : عمرو عن أبيه : الدَّرْدَبة تحرُّك الثَّدْي الطَّرْطُبِّ وهو الطَّويلُ.
وقالت أمُّ الدّرْداء : زارنا سَلْمان من المدائن إلى الشام ماشيا وعليه كساءٌ وأَنْدَرْوَرْد
يعني سراويل مُشَمَّرة ، قلت : وهي كلمة عَجَميَّة وليست بعربيَّة ، وفي النوادر رجل بَنْدَرِيٌ ومُبَنْدِرٌ ومُتَبَنْدِرٌ وهو الكثير المال.
[بيدر] : ويقال : بَيْدَرٌ من حِنطَةٍ وصُولَةٌ من حِنْطة ، وجمعها صُولٌ وهو مثل الصَّوبَة.
[دربى] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : دَرْبَى فلانٌ فلانا يُدَرْبيه إذا ألقاه وأنشد :
[اعلَوّطا عَمْرا ليُشْبياهُ |
في كلِّ سوءٍ ويُدَرْبياهَ](٢) |
|
* حَوْجَلُة الخُبَعْثَنِ الدِّمَثْرا* |
وقول العجاج : بعير دِمَثْر ودُمَاثِرٌ إذا كان كثير اللَّحم وثيرا) (٣).
__________________
(١) أثبت في المطبوعة ضمن مادة (درنف) الآتية ، ووضعناه هنا كما في «اللسان» (ثرند ـ ٢ / ٩٤).
(٢) زيادة من «اللسان» (درب ـ ٤ / ٣١٨). وقال ابن منظور بعده : «يُشبياهُ ويُدَربياه أي يُلقِيانه. ذكرها الأزهري في الثلاثي (درب) ، وفي الرباعي في : (دربى)».
(٣) كذا أثبت في المطبوعة ، والكلام تابع لمادة (دمثر).
[درنف] : وقال [الشاعر](١) :
* أَكْلَفَ دُرْنُوفا هجانا هَيْكَلا*
قال الأزهري : لا أعرف الدُّرْنُوفَ وقال : هو العظيمُ من الإبل.
[دربن] : وقال [المثقب العبدي] (٣) :
* كدُكَّان الدَّرابِنَةِ المطِين*
قيل : الدَرابِنَةُ التجار ، وقيل : جمع الدَّرْبان.
[ثرمد] : وقال ابن دريد : القاقُلي الثّرْمَدُ من الحَمْضِ وكذلك القُلّام والباقِلاء.
قال أبو منصور : ورأَيْتُ في ماء لبني سعد يقال له ثرمداء ورأيت حَواليه القاقلِّي وهو من الحمض معروف وفي الحديث : كان أبي يلْبس أنْدَرُورْديَّة
يعني التُّبان.
قال الأزهري : وليس بعربي ولكنه مُعَرَّب.
تم كتاب الدال والحمد لله على نعمه (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
آخر كتاب الدال
__________________
(١) زيادة من «اللسان» (درنف) ، نقلا عن الأزهري.
كتاب حرف التاء من «تهذيب اللغة»
أبواب المضاعف من حرف التاء
[ت ظ ـ ت ذ : مهمل](١).
[باب التاء والثاء]
ت ث
استعمل منه : [ثتّ].
ثت : أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : الثَّتُ الشَّق في الصَّخرة وجمعه ثُتوتٌ قال :
والثَّتُ أيضا العِذْيَوْطُ ، وهو الثَّمُوتُ والذَّوذَخ والْوَخْوَاخُ والنَّعْجَة الزُّمَّلِق.
عمرو عن أبيه : في الصخرة ثَتٌ وفَتٌ وشَرْمٌ وشرْن وخَقٌ ولَقٌ وشِيقٌ وشِرْيان.
باب التاء والراء من المضاعف
[ت ر]
تر ، رت : [مستعملان].
تر : قال الليث : التَّرَارَةُ امتلاءُ الجِسم من اللَّحْم وَرِيُّ العَظْمِ ، رجل تَارٌّ وَقَصَرَةٌ تَارَّةٌ والفِعْل تَرَّ يَتِرُّ قال : والتُّرُورُ وَثْبَةُ النَّوَاةِ من الحَيْس ، يقال : تَرَّتْ تَتِرُّ تُرُورا ، يقال : ضرب فلان يَدَ فلان بالسيف فأَتَرَّها وأَطَرَّها وأَطَنَّها ، والغلام يُتِرُّ القُلة بمقلاته.
وقال طَرَفة يصف بعيرا عقره :
تَقُول وقد تُرَّ الوظِيفُ وساقُها |
أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ |
ترَّ الوَظِيفُ ، أي انْقَطَع فَبان وسَقَط.
وقال أبو زيد : تُرَّ الرَّجُلُ عن بلده ، وأَتَرَّهُ القضاءُ إتْرارا إذا أَبْعَدَه.
وقال الليث : الترْتَرَةُ أن تَقْبِضَ عَلَى يَدَيْ رَجُل تُتَرْتِرُهُ أي تحرّكه.
وفي حديث ابن مسعود : أنَّه أُتِيَ بسكران فقال : تَرْتِرُوه ، وَمَزْمِزُوه.
قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : وهو أن يُحَرَّك ويُزَعْزَع ويُسْتَنْكَه حتى يُوجَدَ منه الرِّيح لِيُعْلَمَ ما شرب ، وهي الترترة والتَّلْتَلَةُ والمَزْمَزَةُ.
وقال ذو الرمة يصف جملا :
بَعِيدُ مَسافِ الخَطْوِ غَوْجٌ شَمَرْدَلٌ |
يُقَطِّع أَنْفاسَ المَهارِي تَلَاتِلُه |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التُّرَّى اليَدُ المقطوعةُ ، والترَّةُ الجارِيةُ الحَسْنَاءُ الرَّعْناء.
__________________
(١) أهملهما الليث. وسيأتي ذكر إهمالهما أيضا في : (أبواب الثلاثي الصحيح من حرف التاء).
قال : والتُّرُّ الأصلُ ، يقال : لأَضْطَرَّنَّكَ إلى تُرِّكَ وقَحاحِك.
وقال الليث : التُّرُّ كلمة تَتَكلم بها العرب إذا غضب أحدهم على الآخر ، قال : والله لأقَيمنَّك على التُّرِّ.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : المِطْمَرُ هو الخيط الّذي يُقَدَّر به البناء ، يقال له بالفارسيَّة : التُّر.
وفي «النوادر» : بِرْذَوْنٌ تَرٌّ ، ومُنْتَرٌّ وغَرْبٌ وقَزَعٌ ودُقاقٌ إذا كان سريعَ الرَّكْض ، وقال : التَّرُّ من الخَيلِ المعتَدِلُ الأعضاء الخفيفُ الدَّرِير ، وأنشد :
وقدْ أَعْذُو مَعَ الفِتْيا |
ن بالمنْجَرِد التّرِّ |
|
وذِي البركَةِ كالتَّابو |
ت وَالمِحْزَم كالقَرِّ |
|
معي قاضبة كالمل |
ح في في متنيه كالذرّ |
وقال الأصمعيّ : التارُّ المنفرد عن قومه ، تَرَّ عنهم إذا انفرد ، وقد أَتَرُّوه إتْرارا.
وقال ابن الأعرابيّ : تَرْتَرَ ، إذا استَرْخَى في بدنه وكلامه قال : وَتَرّ بسلحه وهَدَّ به ، وهَرَّ به إذا رمَى به.
وقال أبو عمرو : ترَّ بسَلْحِهِ ، يتِرّ ويَتُرّ إذا قذف به.
وقال أبو العباس : التَّارُّ المسترخِي من جوع أو غيره وتَرَّ يَتِرُّ ويَتُرُّ.
وأنشد :
ونُصْبِحُ بالغدَاةِ أَتَرَّ شيءٍ |
ونُمْسِي بالعَشِيِّ طَلنفَحينَا |
قال : أَتَرَّ شيءٍ أَرْخَى شيءٍ من التعب ، يقال : تِرَّ يا رجل.
ويقال للغلام الشّابّ الممتلئ : تَارٌّ وقد تَرَّ يتِرُّ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التّراتِيرُ الجواري الرُّعْنُ.
وقال ابن شميل : الأترُورُ الغلامُ الصغير.
وقال الليث : الأُتْرُورُ : الشُّرَطِيُّ.
وأنشد :
أعوذُ بالله وبالأمير |
مِن صاحبِ الشُّرْطة والأُترُورِ |
رت : قال الليث : الرُّتَّة عَجَلَةٌ في الكلام ، ورجلٌ أَرتُ.
وقال محمد بن يزيد المبرّد : الغَمْغَمة أن تَسَمعَ الصوتَ ولا يَبينُ لك تَقطيعُ الكلامِ ، وأن يكونَ الكلام مُشْبِها لكلام العجم ، والرُّتَّة كالريح تمنع منه أولَ الكلام ، فإذا جاء منه شيء اتصل به ، قال : والرُّتَّة غريزة وهي تَكثر في الأشراف.
عمرو عن أبيه : الرَّتَّاءُ : المرأةُ اللَّثْغَاءُ.
وقال ابن الأعرابيّ : رَتْرَتَ الرجلُ إذا
تَعتع في التاء وغيرِها قال : والرَّتُ : الرئيسُ من الرجال في الشَّرف والعطاء وجمعه رُتُوتٌ قال : والرّتُ أيضا الخِنزير المُجَلِّحُ وجمعه رِتَتَةٌ ، ونحو ذلك.
قاله الليث.
باب التَّاء واللام
[ت ل]
تل ، لت : [مستعملان].
تل : سلمة عن الفراء : تَلّ إذا صَبّ ، والتَّلّةُ الصَّبَّةُ ، والتَّلّةُ الضَّجْعةُ والكسل ، قال : والتَّلّة بقيّة الدَّيْن.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : تَلّ يَتُلُ إذا صَبّ ، وتَلّ يَتِلّ إذا سقط.
وحدثنا عبد الله بن هَاجَك ، قال : حدثنا علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «نُصِرْتُ بالرُّعب وأُوتِيتُ جوامعَ الكلم ، وبينا أنا نائِم أُتِيتُ بمفاتيح خزائن الأرض فَتُلَّتُ في يدِي».
قلت : معناه فصُبَّتْ في يدي.
وقال ابن الأعرابيّ : المُتَلَّلُ الصّرِيعُ وهو المشَغْزَبُ.
قلت : وتأويل قوله : وأُتِيتُ بمفاتيح خزائن الأرض فتُلَّتْ في يدي : ما فَتَحهُ الله جلّ ثناؤه لأُمَّتِه بعد وفاته من خزائن ملوك الفُرْس ، وملوك الشام ، وما استولى عليه المسلمون من البلاد ، حقّق الله تعالى رؤياه التي رآها بعد وفاته من لَدُنْ خِلافة عمرَ بن الخطاب إلى يومنا هذا.
وقال الليث يقال : تَلَلْتُ في يديه أي دفَعْتُ إليه سَلْما ، قال : والتَّلُ الرابيةُ من التراب مَكْبُوسا ليس خِلْقَة.
قلت : هذا غَلَطٌ ، التِّلال عند العرب الرَّوابي المخلوقة.
وروى شمر عن ابن شميل أنه قال : التَّل من أَصاغر الآكام ، والتَّل طولُه في السماء مثلُ البيت عَرْضُ ظهرهِ نحو عَشرة أَذْرع ، وهو أصغر من الأَكَمة ، وأقلُّ حجارةً من الأكمة ، ولا يُنْبِتُ التل خيرا ، وحِجارةُ التَّل عَاضٌّ بعضُها ببعض مثلُ حِجارة الأَكمة سواء.
وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣)) [الصافات : ١٠٣] ، معنى تَلَّهُ صَرَعه.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : التّلِيلُ والمتْلُول : الصّريع ، وقال في قول لبيد :
* أَعْطِفُ الجَوْنَ بمَرْيوع مِتَلِ *
أي يصرعَ به.
وروى شمر عن ابن الأعرابيّ : مِتلٌ شديدٌ والجون فرسه.
وقال شمر : أراد بالجون جَمله والْمربوع
جَرير ضُفِرَ على أربع قوى.
وروى سعيد عن قتادة في قوله تعالى : (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) ، قال : كَبَّه لفيه وأَخَذَ الشَّفْرة.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن الفراء : رجل مِتلٌ إذا كان غليظا شديدا.
قال : المِتلُ الّذي يُتَل به ، ورمح مِتلٌ غليظ شديد وهو العُرُدُّ أيضا.
وقال الليث وغيره : التَّلِيلُ : العُنُق قال لَبيد :
* يَتَّقيني بتليلٍ ذِي خُصَل*
أي بِعُنُق ذي خُصَل من الشعر ، وقال الليث : التّليلةُ الإقلاقُ والحَرَكةُ ، ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التّلْتَلَةُ قِشْرُ الطّلْعة يُشْرَبُ فيه النبيذ ، وقال : تُلَ : إذا صُرِعَ ، وكذلك قال الفراء : رجل مِتَلٌ أي مُنتصبٌ في الصّلاة وأنشد :
* رجال يَتُلُّونَ الصلاة قيام*
قلت : هذا خطأ ، وإنما هو رجال يُتَلُّونَ الصلاة قيام ، من تَلَّى يُتَلِّي : إذا أتبع الصلاةَ الصلاة.
قال شمر : تَلَّى فلان صلاتَه المكتوبة بالتطوّع أي أتْبع ، قال البعيث :
على ظَهْرِ عَادِيٍّ كأَنَّ أُرُومَه |
رجالٌ يُتَلُّونَ الصلاةَ قيامُ |
أبو عبيد عن الكسائي : هو ضالٌ تَالٌ آلٌ وجاء بالضَّلالة ، والتَّلالة والألالة ؛ وقال أبو تراب : البلابل والتّلاتل الشدائد.
وقال أبو الحسن : يقال : إن جَبينه لَيَتِلُ أَشَدَّ التَّل ، وما هذه التَّلة بفيك أي البِلّة ، قال : وسألتُ عن ذلك أبا السميدع فقال : التّلَلُ والبَلَلُ والتِّلَّة والبِلَّة شيء واحد ، قلت : وهذا عندي من قولهم : تَلّ أي صَبّ ، ومنه قيل لِلْمشْربة : تَلْتَلَة ، لأنه يُصب ما فيها في الحَلْق.
لت : قال الليث : اللّتُ الفِعل من اللُّتات ، وكل شيء يُلَتُ به سَويقٌ أو غيره نحو السمن وما إليه.
وقال الفراء : حدثني القاسم بن معن عن منصور بن المعتمر عن مجاهد قال : كان رجل يَلُتُ السويق لهم ، وقرأها : أفرأيتم اللاتّ والعزّى (١٩) [النجم : ١٩] بالتشديد.
قال الفراء : القراءة (اللَّاتَ) ، بتخفيف التاء الأصل اللاتّ بالتشديد لأن الصنم إنما سمِّي باسم اللّات الّذي كان يَلُتَ عند هذه الأصنام لها السويقَ ، فخفف وجُعل اسما للصنم.
وكان الكسائي يقف على اللات بالهاء ويقول : اللاه ، قال أبو إسحاق : وهذا قياس ، والأجود اتِّباعُ المصحفِ ، والوقوف عليها بالتاء ، قلت : وقول الكسائي يوقف عليها بالهاءِ ، يَدُل على أنه لم يجعَلْهما من اللَّتِ ؛ وكأنَّ المشركين الذين عبدوها عارضوا باسمها اسمَ الله ،
تعالى الله علوا كبيرا عن إفكهم ومعارضتهم وإلحادهم ، لعنهم الله في اسم الله العظيم ، وقال ابن السكيت : اللَّت بَلُّ السوِيق والْبَسُّ أشدُّ من اللَّت.
أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ : اللّتّ الفَتُّ.
قلت : وهذا حرف صحيح أخبرنا عبد الملك عن الربيع عن الشافعي أنه قال في باب التيمم : ولا يجوز التيمم بِلُتَاتِ الشجر وهو ما فُتّ من قِشْره اليابس الأعلى.
قال الأزهري : لا أدري لُتات أم لِتات ، وفي بعض الحديث : فما أبقى المرض مني إلا لُتاتا.
قال : اللُّتات ما فُتَّ من قِشر الشجر كأنه يقول : ما أبقى مني إلا جِلدا يابسا. قال امرؤ القيس في اللَّت بمعنى الفتّ :
تَلُتُ الحصى لَتّا بسُمْرٍ رزينة |
موارِد لا كُزْمٍ ولا مَعِراتِ |
يصف الخمر وكسرها الحصى.
باب التّاء والنون
[ت ت]
تتن ، نت (نتن) : [مستعملان].
[تن] : قال الليث : التِّنُ التِّرْبُ ، يقال : صِبْوَة أتْنَانٌ.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هو سِنه وتِنه وحِنته ، وهم أسنانٌ وأتنانٌ إذا كان سِنُّهم واحدا.
وقال الليث : التِّنُ الصَّبيُّ الّذي يقْصعه المرض ، يَشِبُّ ، وقد أَتَنَّه المرضُ ، وقال أبو زيد : أتَنّه المرض إذا قَصَعَه فلم يلحق بأتنانه أي بأقرانه ، قال : والتِّنُ الشَّخْصُ والمِثالُ.
وقال الليث : التِّنِّينُ : ضربٌ من الحيّات من أعظمها وربما بعث الله سحابة فاحتملته ، وذلك فيما يقال والله أعلم : أن دَوَابَّ البحر تشكو إلى الله تعالى فيرفعه عنها ، قلت : وأخبرني شيخ من ثِقَاتِ الغزاة أنه كان نازلا على سيفِ بحْرِ الشام ، فنظر هو وجماعة أهل العسكر إلى سحابة انْقَسَمت في البحر ثم ارتفعت ونظرنا إلى ذَنَبِ التِّنِّين يضطرب في هَيْدب السحابة ، وهبَّت بها الريحُ ونحن ننظر إليها إلى أن غابت السّحابة عن أبصارنا ، وجاء في بعض الأخبار أن السحابة تحمل التنين إلى بلاد يأجوج ومأجوج فتَطرحُه بها ، وإنهم يجتمعون على لحمه فيأكلونه.
وقال الليث : التِّنِّين أيضا نَجْمٌ من نجوم السماءِ وليس بكوكب ولكنه بياضٌ خَفِيٌّ يكون جَسَدهُ في سِتَّة بروج من السماءِ وذَنَبُه دَقيقٌ أسود فيه التواءٌ يكون في البرج السَّابع ، وهو يَتنقّلُ كتنقل الكواكب الجواري ، واسمه بالفارسية هُشْتُنْبُر في حساب النجوم وهو من النحوس ، ثعلب