عبدِ الله ـ كذلك ـ : (أنْ يُغَلَ) ، يُريدون : أنْ يُسَرَّقَ.
وَقال أبو العَبّاس : جَعَلَ : يُغَلُ ، بِمَعْنى : يُغَلَّلُ. وكلامُ العَرَبِ عَلَى غَيْرِ ذلكَ في : (فَعَّلْتُ وأفْعَلْتُ) ، وأفْعَلْتُهُ : أدْخَلْتُ ذاكَ فيهِ ، وفَعَّلْتُ : كَثَّرْتُ ذاكَ فيه.
وقال الفَرّاءُ : جائزٌ أنْ يَكُونَ : يُغَلُ ، مِنْ : أَغْلَلْتَ بمعنى : يُغَلَّلُ ، أي : يُخَوّنُ ، كقولِه ـ تعالى : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) [الأنعام : ٣٣] و (لَا يُكذبُونَكَ).
وقال الزِجّاجُ : قُرئا جميعاً : (أَنْ يَغُلَ) ، وأن يُغَلَ). فَمَنْ قال : (أَنْ يَغُلَ) : فالمَعْنى : ما كانَ بِنَبِيٍّ أن يَخُونَ أمَّتَهُ. وتَفْسِيرُ ذلكَ ؛ أنّ الغَنَائِمَ جَمَعَها النبي صَلَى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ ، فجاءَهُ جماعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ، فَقَالُوا : «ألَا تَقْسِمُ بَيْنَنا غَنَائِمنَا؟؟».
فقالَ صَلَى الله عليه وسلم : «لو أَفَاءَ الله عَلَيَّ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا مَنَعْتُكم دِرْهَماً ، أَتَرَوْنَني أغُلُّكُمْ مَغْنَمكُمْ؟!».
قالَ : وَمَنْ قَرَأَ : (أنْ يُغَلَ) فهو جائِزٌ عَلَى ضَرْبَينِ : أحدُهُما : ما كانَ لنبيٍّ أن يَغُلَّهُ أصْحَابُه ، أيْ : يَخُونُوهُ ، وجاء عن النبي صَلَى الله عليه وسلم : أنه قالَ : «لا أَعْرِفَنَّ أحدَكم يجيءُ ـ يومَ القِيامَةِ ـ وَمَعهُ شَاةٌ ، قَدْ غَلَّها ، لها ثُغَاءٌ ، ثم قَالَ : أَدُّوا الخَيْطَ وَالمَخْيَطَ».
والوجهُ الثّانِي : أَنْ يَكُونَ : (يُغَلَ) ، أيْ : يُخَوَّنَ.
وأخبرني المُنذِريّ عن الحُسين بنِ فَهْم عن ابنِ سَلّام ، قالَ : كان أبو عمرو بنُ العَلَاء ، ويونُس يَخْتَارَانِ : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ). قال يُونُسُ : وكيفَ لا يُغَلُ؟ بَلَى ، ويُقْتَلُ!!.
ورُوِيَ عن النبي صَلَى الله عليه وسلم أنّه أملى في كتابِ صُلْحِ الحُدَيبيّةِ : «أنْ لا إغْلالَ ولا إسْلالَ».
وقالَ أبُو عُبَيدٍ : قال أبو عمرٍو : الإغْلالُ : الخِيَانَةُ ، والأسْلالُ : السَّرِقَةُ. قالَ : وكانَ أبو عبيدةَ يقُولُ : رَجُلٌ مُغِلٌ مُسِلٌّ ، أيْ : صاحبُ خِيَانَةٍ وَسَلَّةٍ ، ومنهُ قَوْلُ شُريَح : «ليسَ على المُسْتَعِيرِ غيْرُ المُغِلِ ضَمَانٌ» ، يَعْني : الخَائِنَ.
وقالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلبٍ :
جَزَى الله عَنّا حَمْزَةَ أَبْنَةَ نَوْفَلٍ |
جَزَاءَ مُغِلٍ بالأَمَانَةِ كَاذِبِ |
قال : وأما قولُ النبي صَلَى الله عليه وسلم : «ثلاثٌ لا يَغِلُ عَلَيْهِنّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ».
فإِنَّه رُوي : لا يَغِلُ ، ولا يُغِلُ.
فَمَنْ قَالَ : لا يَغِلّ ـ بِفَتْحِ الياء وَكَسْرِ الغَيْنِ ـ فَإنَّه يَجْعَلُ ذلِكَ مِنَ الغِلِ ، وهو الضِّغْنُ والشَّحْنَاءُ.
ومَنْ قَالَ. يُغِلُ ـ بضم الياء ـ جَعَله من الخِيانَةِ.
وقيل في قولهِ : «ثلاثٌ لا يُغِلُ عليهِنَّ قَلْبٌ مُؤْمِنٍ» ، أيْ : لا يكونُ مَعَهما في قلبِهِ غِشٌّ ولا دَغَلٌ من نِفاقٍ ، ولكنْ يَكُونُ مَعَها الاخلاصُ في ذاتِ الله (جلّ وعزّ).
قال : وأما غَلَ يَغُلُ غُلُولاً ، فإنَّهُ الخِيَانَةُ في المَغْنَمِ ـ خَاصَّةً.
والإغْلالُ : الخيانَةُ في المغانِمِ ، وغيرِها ، ويُقَالُ منَ الغِلِ ، غَلَ يَغِلُ ، ومن الغُلُولِ : غَلَ يَغُلُ.
وقال الزَجّاج : غَلَ الرّجُلُ يَغِلُ : إذَا خَانَ ؛ لأنّه أخَذَ شيئاً في خَفَاء. وكلُّ ما كانَ من هذَا البابِ ، فهو راجِعٌ إلى هذا ، من ذلِك : الغَالُ ، وهو الوادِي المُطْمَئِنُّ الكثيرُ الشَّجَرِ ، وجمعُه : غُلّانٌ.
ومِنْ ذلِكَ : الغِلُ ، وهو الحِقْدُ الكَامِنُ ، ويقالُ : قد أَغَلَّتْ الضَّيْعَةُ ، فَهْيَ مُغِلَّةٌ ، إذا أَتَتْ بِشَيءٍ ، وأصلها باقٍ ومنْهُ قَوْلُ زُهَيرٍ :
فَتُغْلِلْ لَكُمْ ما لا تُغِلُ لأهْلِهَا |
قُرًى بالعِراقِ من قَفِيزٍ ودِرْهَمٍ |
وقال ابن الأعرابيّ ـ «في النوادِرِ» ـ غَلَ بَصَرُ فُلانٍ : حادَ عنِ الصَّوابِ وأَغَلَ الرجلُ ، إذا خَانَ.
قُلْتُ : قولُه : غَلَ بَصَرُ فُلانٍ ، أيْ : حَادَ عن الصَّوابِ ، مِنْ غَلَ يَغِلُ ، وهو معنى قولِهِ : «ثلاثُ لا يَغِلُ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤمنٍ» ، أيْ : لا يَحِيدُ عن الصَّوابِ غاشّاً. وَأَغلَ الخَطِيبُ ، إذا لم يُصِبْ في كلامِهِ.
وقال أبو وجزَةَ :
خُطَبَاءُ لا خُرُقٌ وَلَا غُلَلٌ إذَا |
خُطَبَاءُ غيرُهُمُ أَغَلَ شِرارُهَا |
وقال أبو عُبيد : قال أبو زَيْدٍ : أغْلَلْتُ الإِبِلَ ، إذا أصْدَرْتَها ، ولم تُرْوِها ، فهي عَالَّةٌ ـ بالعَينِ.
وقال نُصيرُ الرّازي : إذا صَدَرَتِ الإِبِلُ عِطاشاً ، قُلْتَ : صَدَرَت غَلَّة وَغوالَ ، وقد أَغْلَلْتَها أْتَ ، إذا أسَأتَ سَقْيها. قالتُ والصّوابُ : أغْلَلْتُ : الأبلَ ، إذا أصْدَرتَها ، ولم تُرْوِها فهي : غَالَّةٌ ـ بالغيْنِ ـ من الغُلَّةِ ، وهي حَرارَةُ العَطَشِ.
وفي «نوادِرِ أبي زَيْدٍ» : أغْلَلْتُ في الإِهابِ ، إذا سَلَخْتَهُ وتَركْتَ على الجِلْدِ اللّحْمَ ، قالَ : وَأغللتَ أبِلَكَ إغْلالً ، إذا أَسَأَتَ سَقيَها ، فأَصْدَرْتَها وَلم تُرْوِهَا ، وصَدَرَتْ غوالَ ؛ الواحدةُ : غَالَّةٌ ، وكَأَنَّ الرّاوِيّ عن أبي عُبيدٍ غَلِطَ فيه. وَقولُ الله جلّ وعزّ : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) [يس : ٨] هي الجَوَامِعُ تَجْمَعُ أيْدِيهُم إلى أَعْنَاقِهِمْ ، وأما قولُهُ ـ جلّ وعزّ ـ في صفةِ نبيِّهِ صَلَى الله عليه وسلم : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف : ١٥٧]. قال أهلُ التَفْسِيرِ : كانَ عليهِمْ أَنَّ مَنْ قَتَلَ قُتِلَ بِهِ ، لا يُقْبَلُ في ذلكَ دِيَةٌ ، وَكَانَ عَلَيْهمْ ،
إذا أصابَ جلودَهُم شَيْءٌ من البَوْلِ أن يُقْرِصُوا. وَكان عليهم أن لا يَعْمَلُوا في السّبْتِ ، فهذه الأغلالُ التي كانَتْ عَلَيْهمْ ، وَهذا تمثيل ، كقولك : «جَعَلْتُ هذا طَوْقاً في عُنُقِكَ».
وليسَ هُنَاكَ طَوْقٌ ، وتأَويلُه : إني قَدْ وَلَّيْتُكَ هذا وألْزَمْتُكَ القِيَامَ بهِ ، فَجَعَلْتُ لُزومَهُ لَكَ كالطَّوْقِ في عُنُقِك.
قال : والغِلالَةُ : الثوبُ الَّذِي يُلْبَس تَحْتَ الثِّيَابِ ، أو تَحْتَ الدِّرْعِ. درعِ الحَدِيد.
قال : ومنه الغَلَلُ ، وهو الماءُ الذي يَجْري في أصولِ الشَّجَرِ.
قَال : ويُقَالُ : أَغْلَلْتُ الجِلْدَ ، إذا سَلَخْتَهُ ، فأَبقَيْتَ فيه شَيْئاً من الشَّحْمِ.
ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابي ، قال : العُظْمَةُ والغِلالَةُ والرُّفَاعَةُ والأُضْخُومَةُ : الثوب الذمي تَشُدُّهُ المرأةُ على عَجِيزتِهَا.
قال : والغُلَّةُ : خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى رَأْسِ الإبريقِ ، وجَمْعُها : غُلَلٌ والغُلَّةُ : ما تَوَارَيْتَ فيه.
وقال الأصمعيُّ : يُقالُ : نِعْمَ غُلُولُ الشَّيْخِ هَذَا ، يَعْني : الطَعامَ الَّذي يُدْخِلُهُ جَوْفَهُ.
قالَ : وغَلَ في الشَّيْءِ يَغُلُ ، وانغَلّ ، وتَغَلْغَلَ ، فيهِ : إذا دَخَلَ فيه.
قالَ : ويقالُ : تَغَلَّيْتُ ، مِنَ الغَالِيَةِ.
قال أبو نصرٍ : سألتُ الأصمعيَّ : هَلْ يكونُ : تَغَلَّتْ؟؟ فقالَ : إن أَرَدْتَ أنَّكَ أدْخَلْتَهُ في لِحْيَتِكَ وَشَارِبِكَ ، فجائِزٌ.
وقال الفَرَّاءُ : تَغَلَّلتُ بالغالِيَةِ ، وكلّ شَيْءٍ ألْصَقْتَهُ بِجِلْدِكَ ، وأُصولِ شَعْرِكَ ، فَقَدْ تَغَلَّلْتَهُ.
قال : وتَغَلّيْتُ : مُوَلّدَةٌ.
والغُلّةُ والغَلِيلُ : حَرَارةُ العَطَشِ ، ورَجُلٌ مَغْلُولٌ من الغُلّةِ.
وقال ابن السّكِّيتِ : يُقالُ : غَلّ الرجلُ من الغُلِ وهو الجامِعَةُ ، يُغَلُ بِها ، فهو مَغْلُولٌ.
وغُلّ ـ أيضاً ـ من غُلّةِ العَطَشِ ، فَهُوَ مَغْلُولٌ ـ أيضاً ـ.
وقال أبو عبيد نحواً من ذلك.
وقال الأصمعيُّ : يُقالُ : فلانٌ يُغِلُ عَلَى عِيالِهِ ، إذا أتَاهُمْ بِغُلةٍ.
وقال الليثُ : يقالُ : غُلّ البَعِيرُ يُغَلُ غَلةً ، إذا لم يَقْضِ رِيّهُ ، قالَ : وَالغَلِيلُ : حَرُّ الْجَوْفِ لَوْحاً أو امْتِعاضاً.
قال : ورجلٌ مُغِلٌ : يُنْصِتُ عَلَى غِلٌ وحِقْدٍ.
وذكر عُمَرُ النساء ، فقال : «مِنْهُنَ غُلٌ قَمِلٌ».
وذلك أن الأسيرَ يُغَلُ بالقِدِّ ، فإذا قَبَّ ، أي : يَبِسَ ، قَمِلَ في عُنُقِه.
وقال ابن السكيت : به غل من العطش ، وفي رقبته غل من حديد وفي صدره غل.
وقال ابنُ الفَرَجِ : قال السُّلميُّ : غُسّ لَهُ
الخِنْجَرَ والسِّنانَ ، وغُلهُ له ، أي : دُسَّهُ له وهو لا يَشْعُر بِهِ.
وقال الليثُ : الغَلْغَلَةُ : سرْعَةُ السَّيْرِ ، يُقَالُ : تَغَلْغَلُوا ، فَمَضَوا ورسالةٌ مُغَلْغَلَةٌ : محمولَةٌ من بلدٍ إلى بلدٍ. قالَ : ويُقالُ ، من الغَالِيةِ : غَلّلْتُ ، وغَلّفْتُ ، وغَلَيْتُ ، قَالَ : والغَلْغَلَةُ ، كالْغَرْغَرَةِ ، في مَعْنَى : الكَسْرِ.
وأنشدَ ابنُ السِّكّيتِ في صفةِ فَرَسٍ :
يُنْجِيهِ من مثلِ حَمامِ الأغْلَالْ. |
وَقْعُ يدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلالْ |
قالَ : أرادَ : يُنْجِي هذا الفرسَ من خَيْلٍ ، مثل حَمَام. يَرِدُ غَللاً من الماءِ ، وهو ماءٌ يجري في أُصولِ الشَّجَرِ ، جَمَعَهُ عَلَى أغْلالٍ.
أبو عبيد : غَلَلْتُ الشَّيْءَ : أدْخَلْتُهُ ، قالَ ذو الرُّمة :
غَلَلْتُ المَهاري بَيْنَها كلّ ليلَةٍ |
وبينَ الدُّجى حتى تَرَاها تَمَزَّقُ. |
وقال أبو سَعِيدٍ : يُقالُ : لا يَذْهَبُ كلامُكَ غَلَلاً. أي لا يَنْبَغِي أن يَنْطَوِي عن النّاسِ ، بل يَجِبُ أن يَظْهَر.
قال : وَالغَلَلُ : اللَّحْم الذي تُرِكَ على الإِهابِ حينَ سُلِخَ.
قالَ : ويُقال لِعِرْقِ الشَّجَرِ ، إذا أمْعَنَ في الأرضِ : غَلْغَلَ ، وَجَمعُهُ : غَلاغِلُ ، وقالَ كعبٌ :
وَتَفْتَرُّ عَنْ غُر الثّنايا كَأَنها |
أقاحٍ تَرَوّى مِنْ عُرُوقٍ غَلاغِلِ |
قال : وغلائِلُ الدَّروعِ : مساميرُهَا المُدْخَلَة فيها ، الواحِدُ : غَلِيل ، وقالَ لبيد :
وَأحْكَمَ أضْغانَ القَتِيرِ الغَلائِلِ
وَيُقالُ : نِعْمَ الغَلولُ شَرَابٌ شَرِبْتُهُ أوْ طَعامٌ ، إذا وافَقَني ، ويُقالُ للإبِلِ ، إذا صَدَرَتْ عن غَيْرِ رِيٍّ : قَدْ أغْلَلْتُها ، ويُقالُ : اغْتَلَلْتُ الشَّرَابَ : شَرِبْتُهُ ، وأنا مُغْتَلٌ إلَيْهِ ، أيْ : مُشْتاقٌ إلَيْهِ ، وَاغْتَلَلْتُ الثّوْبَ ، أي : لَبِسْتُهُ تَحْتَ الثَّيابِ.
لغ : أهْمَلَهُ الليثُ.
وَروَى أبو العَبّاسِ عن عمرٍو عن أبيهِ ، قالَ : لَغْلَغَ ثَريْدَهُ وسَغْسَغهُ ، وَرَوَّغَهُ ، إذا رَواهُ مِنَ الأُدْمِ ، ونحو ذلك.
قال ابنُ الأَعْرابيِّ : ويُقالُ : في كلامِهِ لَغْلَغةٌ ولَخْلَخَةٌ ، أي : عُجْمَةٌ. وَاللّغْلَغُ : طائرٌ مَعْرُوفٌ.
باب الغين والنون
[غ ن]
غن ـ نغ : مستعملان.
غن : قال الليثُ : الغُنَّةُ : صَوْتٌ فيه تَرْخِيْمٌ ، نحوَ الخَياشِيمِ ، تكونُ من نَفْسِ الأَنْفِ.
قالَ : وقالَ الخَليل : النُّونُ أشَدُّ الحُروفِ غُنَّةً. وأَخْبَرَني المُنْذري عن المُبَرِّدِ ، أنَّهُ قَالَ : الغُنَّةُ : أَن يَشْرَبَ الحَرْفُ صَوْتَ
الخَيْشُومِ ، والخُنّةُ : أشَدُّ منها.
قالَ : وَالتَّرْخِيمُ : حَذْفُ الكَلَامِ.
وقال الليثُ : قَرْيَةٌ غَنّاءُ : الأَهْلِ والبُنْيانِ.
وقال غيرُهُ : وادٍ مُغِنٌ ، إذَا كَثُرَ ذُبَابُه : لالتِفَافِ عُشْبِهِ ، حَتَّى تَسْمَعَ لِطَيَرَانِهَا غُنَّةٍ.
وَقَدْ أَغَنَ إغْنَاناً.
شِمْر : أَرضٌ غَنّاءُ ، قَدِ الْتَجَّ عُشْبُهَا وَاعْتَمَّ وَعُشْبٌ أَغَنُ. وَيُقَالُ للقَرْيَةِ الكَثِيرَةِ الأَهْلِ : غَنَّاءُ ، وَأَغَنَ الله غُصْنَهُ ، أيْ : جَعَل غُصْنَهُ نَاضِراً أَغَنَ
قالَ : وإنما قِيلَ : وادٍ مُغِنٌ ، إذا أَعْشَبَ فكَثُرَ ذِبانُه ؛ حتى تَسْمَعَ لأَصْواتِها غُنَّةً ، وهي شَبِيهَةٌ بالبُجَّةِ ؛ ولذلك قيل قَرْيَةٌ غَنّاءُ.
أبو زيدٍ : الأَغَنُ : الّذي يَجْرِي كَلَامُهُ في لَهَاتِهِ ، والأخَنُّ : السّادُّ الخَياشِيمِ.
نغ : قال الليثُ : النُّغْنُغَةُ : موضعٌ بينَ اللهَاةِ وَشَوارِبِ الحُنْجُورِ ، فإِذا عَرَضَ فيه داءٌ قيل : تَنَغْنَغَ فُلانُ.
وقال أبو عبيد : النَّغَانِغُ : لحَماتٌ ، تكونُ عِنْدَ اللهَواتِ ، واحِدُها : نُغْنُغٌ ، وهيَ : اللّغَانِينُ ، واحدُها لُغْنونٌ.
باب الغين والفاء
[غ ف]
غف : مستعملة.
قال الليثُ : الغُفَّةُ ـ بُلغَةٌ مِنَ العَيْشِ ، وأنشد :
وَغُفّةٌ من قِوَامِ العَيْشِ تَكْفِينِي
قال : والفَأرُ غُفَّةُ السِّنَّوْرِ.
ثعلب عن عمروٍ عن أبيه ، قال الغُبَّةُ وَالغُفّةُ القليل مِنَ العَيْشِ : أبو عبيد عن أبي زيد قال : الغُبَّةُ من العَيْشِ : البُلْغَةُ وهي الغُثَّةُ ، وَأنشد شَمِر :
وكنّا إذا ما اغْتَفَّتِ الخَيْلُ غُفَّةً |
تَجَرَّدَ طَلّابُ التِّرَاتِ مُطَلَّبُ |
قال شمر : والغُفَّةُ كالخُلْسَة ـ أيضاً ـ وهو ما تَنَاوَلَهُ البعيرُ بِفِيه عَلَى عَجَلَةٍ منهُ.
ثعلبٌ عن ابنِ الأعرابيِّ : من أسماءِ الفَأرِ : الغُفَّةُ ، والفِرْنِبُ والرُّبْيَةُ.
باب الغين والباء
[غ ب]
غب ـ بغ : مستعملان.
غب : ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : الغُبَبُ : أَطْعِمَةُ النُّفَسَاءِ.
ابنُ السّكّيتِ : الغَبِيْبَةُ مِنْ ألْبانِ الغنم : صَبُوحُ الغنم بُكْرَةً ، حتّى يَحْلُبُوا عَلَيهِ مِنَ اللَّيْلِ ، ثم يَمْخُضُوهُ من الْغَدِ.
وقالَ أبو عُبَيْدِ ، قال أبو زيادٍ الكلابيُّ : يقال للرائِبِ من اللَّبَنِ : الْغَبِيْبَةُ.
قَالَ : وَيُقَالُ : غَبَ فلانٌ عِنْدَنا ، إذَا باتَ ، ومنه سُمِّي اللّحْمُ الْبائِتُ غابّاً ، وأَغَبَّنَا فُلانٌ : إذا أتانَا غِبّاً ، ومنهُ قولُه :
... ما تُغِبُ نَوافِلُهْ
قال : وقالَ أبو زَيدٍ : الْغُبَّةُ : الْبُلْغَةُ من الّعيشِ.
الليثُ : غَبَّتِ الأُمورُ ، إذا صارَتْ إلى أواخِرِها ، وأنْشَدَ :
غِبَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ القَوْمَ السُّرَى
قالَ : والغِبُ : وِرْدُ يومٍ ، وَظِمْءُ يَوْمٍ.
ورُوي عن النبي صَلَى الله عليه وسلم أنّهُ قالَ لأبي هُرَيْرَةَ : «زُرْ غِباً تَزْدَدْ حُبّاً».
وَيُقالُ : ما يَغِبُّهُمْ بِرِّي ، ويُقَالُ : إن لهذا العِطْرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً ، أي : عاقِبَةً.
وتَقُولُ : غَبَ اللَّحْمُ يَغِبُ غبُوباً ، فهو غابٌ ، إذا تَغَيْرَ ، وكذلك الثِّمارُ.
وقال الأصمعيُّ : الغِبُ ، إذا شَرِبَتِ الإبِلُ ـ يَوْماً ـ وَغَبَّتْ يَوْماً يُقالُ : شَرِبَتْ غِبّاً ، وكذاكَ الغِبُ مِنَ الحُمَّى.
ويُقالُ : بَنُو فُلانٍ مُغِبُّونَ ، إذا كانَتْ إبلهِمْ تَرِدُ الغِبَ ، ويقال بَعيرٌ غابٌ ، وإبِلٌ غَوَابُ ، إذا كانَتْ تَرِدُ الغِبَ.
ويقالُ : أغبَ عَطَاؤُهُ ، إذا لم يَأْتِنَا كلّ يَوْمٍ وأغبّتِ الإبِلُ إذا لم تَأْتِنَا كلَّ يَوْمٍ بَلَبَنٍ.
وأغَبّتِ الحُمّى ، وَغَبَّتِ الإبِلُ ، بِغَيرِ ألِفٍ ، إذا شَرِبَتْ غِبّاً. ولحمٌ غابٌ ، وَقَدْ أَغَبّ اللَّحْمُ ، وَغَبّ ، إذا أنْتَنَ ، وغَبّتِ الحُمّى من الغِبِ بِغَيْرِ ألِفٍ.
ويقالُ للإبلِ بعْدَ العِشْرِ : هي تَرْعَى عِشْراً وغِبّاً ، وعشْراً ورِبْعاً ، كلُّ ذلك إلى العِشْرين.
أبو عُبَيْدٍ عن الكِسَائيِّ : أغْبَبْتُ القَوْمَ ، وغَبَبْتُ عَنْهُمْ ، مِنَ الغِبِ : جِئْتهُمْ يَوْماً وَتَركّتُهُمْ يوماً ، فإذا أردتَ الدّفْعَ قُلتَ : غَبّبْتُ عَنْهُ ـ بالتَّشْدِيدِ.
شَمِرَ عن ابْنِ نَجْدَة : «رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغِبَ» ، ولا يكون : يُغِبُ. معناه : دَعْهُ يَمْكُثُ يوماً ، أو يَوْمَيْنِ ، قالَ نَهْشَلُ بْنُ حُرِّي :
فَلَمَّا رَأى أَنْ غَبّ أمْرِي وَأَمْرُهُ |
وَوَلّتْ بِأَعْجَازِ الأمُورِ صُدُورُ |
ويقالُ : مياهٌ أغْبابٌ ، إذا كانَتْ بعيدَةً.
وقال :
يَقُولُ : لا تُسْرِفُوا في أمْرِ ريِّكُمُ |
إنّ المِياهَ بِجَهْدِ الرّكْبِ أغْبَابُ |
هَؤلاءِ قومٌ سَفْرٌ ، وَمَعَهُمْ من الماءِ ما يَعْجِزُ عن رِيِّهِمْ ، فَهُمْ يَتَواصَوْنَ بِتَركِ السّرفِ في الماء.
وقال الأصمعيُّ : الغَبَبُ : الجِلْدُ الذي تَحْتَ الحَنَكِ.
والغَبْغَبُ : المَنْحَرُ بِمِنَى.
وقال الليثُ : الغَبَبُ للبَقَرِ والشَّاءِ : ما تَدَلَّى عِنْدَ النَّصِيلِ ، والغَبْغَبُ : للدِّيكِ والثَّوْرِ.
قال : والغَبْغَبُ : نُصُبٌ كانوا يَذْبَحُونَ عَلَيْهِ ، وقال جرير :
والتَّغْلِبِيَّةُ حِينَ غَبَ غَبِيبُها |
تَهْوِي مَشافِرُهَا بِشَرِّ مَشافِرِ |
أرادَ بِقَوْلِهِ : «حِينَ غَبَ غَبِيبُها» ما أنْتَنَ من لحومِ مَيْتَتِها وَخَنازِيرِها. ويُسَمّى اللحمُ البائتُ : غاباً وغَبِيباً.
وأخبرني المُنذري عن ثَعْلب عن سلمةَ عن الفَرَّاء : قالَ : يقالُ : غَبَبٌ وَغَبْغَبٌ.
قال أبو طالبٍ ، في قولِهِمْ : «رُبّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ» أوَّلُ من قالَهُ. الحَكَمُ بنُ عبدِ يَغُوثَ ، وكانَ أرمى أهلِ زَمانِهِ ، فآلى : لَيَذْبَحَنّ عَلَى الغَبْغبِ مَهاةً ، فَحَمَلَ قَوْسَهُ ، وَكِنانَتَهُ ، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيئاً ، فقالَ : لأذبَحَنَّ نَفْسي ، فقال له آخَرُ : إذْبَحْ مكانَها عَشْراً من الإبلِ ، ولا تَقْتُلْ نَفْسَك ، فقالَ : «لا أظْلِمُ عاتِرَةً ، وأتْرُكُ النافِرَةَ». ثم خَرَجَ ابنُهُ ، ومَعَهُ قوسُهُ ، فَرَمَى بقَرَةً فَأَصابَها ، فقالَ له أبُوهُ : «رُبّ رَمْيَةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ».
وقال أبو عمرٍو : غَبْغَبَ ، إذا خَانَ في شِرَائِهِ ، وبَيْعِهِ ، قال : وغَبّ الرّجُلُ ، إذا جاء زائراً يوماً بعدَ أيَّام ، ومنهُ قَوْلُهُ : «زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً»
وأما الغِبُ مِنْ وِرْدِ المالِ ، فَهُوَ أنْ يَشْرَبَ يَوْماً ، ويَوْماً لا.
بغ : أبو عَمْرٍو : بَغَ الدّمُ ، إذا هَاجَ : ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ : بِئْرٌ بُغْبُغٌ ، وَبُغَيْبغٌ : قَريبُ الرِّشَاءِ ، وأنشد :
يا ربّ ماءٍ لَكَ بالأَجْبَالِ |
أجْبَالِ سَلْمَى الشُّمّخِ الطِّوَالِ |
|
بُغَيْبغٌ يُنْزَعُ بالعِقالِ |
طَامٍ عَلَيْهِ وَرَقُ الْهَدَالِ |
قالَ : يُنْزَعُ بالعِقَالِ : لِقُرْبِ رِشَائِهِ.
وقال الليثُ : البَغْبَغَةُ : حِكايَةُ ضَرْبٍ مِنَ الهدِير ، وَأَنْشَدَ :
بِرَجْسِ بَغْبَاغِ الهَدِيرِ البَهْبَهِ
وَبُغَيْبَغَةُ : ماءٌ لآلِ رَسُول الله صَلَى الله عليه وسلم ، وَهْيَ عَيْنٌ غَزِيرَةُ الماء ، كثيرةُ النَّخِيلِ.
ثعلب عن ابن الأعرابي : البُغَيْبغُ ـ أيضاً ـ : تَيْس الظِّباءِ السَّمينُ.
باب الغين والميم
[غ م]
غم ـ مغ : مستعملان.
غم : قال الليثُ : تَقُولُ : يَوْمٌ غَمٌ ، وَلَيْلَةٌ غُمَّةٌ ، وَأمْرٌ غَامٌ ، وَرَجُلٌ مَغْمُومٌ ، ومُغْتَمٌ : ذو غَمٍ.
وقال الله جلّ وعزّ : (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) [يونس : ٧١]. قال أبو الهيثم : أي : مُبْهَماً ، من قولِهمُ : غُمّ عَلَيْنا الهِلَالُ ، فَهُوَ مَغْمُومٌ : إذا الْتَبَسَ.
قالَ : والغُمَّةُ : الغَمُ ـ أيضاً ـ والأَصْلُ وَاحِدٌ.
قال طَرْفَةُ :
لعَمْري وما أَمْري عَلَيَ بِغُمَّةٍ |
نَهاري ، وما لَيْلي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ |
وقال الليث : إنَّه لَفِي غُمَّةٍ مِنْ أَمْرِهِ ، إذَا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ.
وَقال رُؤبَةُ :
وغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
وقال الآخر :
لا تَحْسَبَنْ أَنَّ يَدِيْ في غُمَّهْ |
في قَعْرِ نِحْي أستَثِيرُ حُمَّهْ |
ورُوي عَنِ النبي صَلَى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ : «صُوْمُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ، فَإنْ غُمَ عَلَيْكُمْ ، فَأَكمِلُوا العِدَّةَ».
قال شِمر : يُقالُ : غُمَ عَلَيْنَا الهِلالُ غَمّاً ، فهوَ مَغْموم ، إذَا حَالَ دونَ الهِلالِ غَيْمٌ رَقيقٌ. وَصُمْنَا للغَمَّى والغُمَّى وَلِلغُمِّيَّةِ ، إذا صَامُوا على غَيْرِ رُؤْيةِ ، وقالَ أبو دُؤادٍ الإياديُّ :
وَلَهَا قُرْحَةٌ تَلَأْلَأُ كَالشِّ |
عْرى أَضَابتْ وَغُمَ عَنْها النُّجُومُ |
يقولُ : غَطّى السَّحَابُ غَيْرَها منَ النُّجُومِ.
وقال جرير :
إذا نَجْمٌ تَعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ |
ولَيْسَتْ بالمُحَاقِ ولا الغُمُومِ |
قال : والغُمُومُ من النُّجومِ : صِغارُها الخَفِيَّةُ.
قلتُ : ورُوي هذا الحَدِيثُ : «فَإِنْ غُمِيَ عَلَيْكم» ، ورواه بعضهُم : «فإن أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ» ، وأنا مُفَسِّرُهُما في (مُعْتَلِّ الغَيْنِ) ، إنْ شَاء الله.
أَبو عَبَيْد عن أبي زَيْدٍ : ليْلَةٌ غَمَّى ـ مثال : كَسْلَى. إذا كانَ على السَّماء : غَمْيٌ ـ مثلُ : رَمْيٍ ـ وغُمٌ ، وهو أنْ يُغَمَ عَلَيْهِمُ الهِلَالُ.
شَمِر : والغِمَّةُ ـ بِكَسْرِ الغَيْنِ ـ اللِّبْسَةُ ، تَقُولُ : اللِّباسُ ، والزّيُّ ، والقِشْرَةُ ، والهَيْئَةُ ، والغِمَّةُ : بمعنىً واحدٍ.
أبو عُبيد : الغِمَامَةُ : ثَوبٌ يُشَدُّ بِهِ أَنْفُ النّاقَةِ ، إذا ظُئِرَتْ عَلَى حُوَارِ غَيْرِهَا ، وجمعُها : غَمَائِمُ ، وقالَ القُطامي :
إذَا رَأْسٌ رأيتُ بِهِ طِمَاحاً |
شَدَدْتُ لَهُ الغَمائِمَ وَالصِّقَاعَا |
وأما السَّحابةُ ، فهي : الغَمَامَةُ ـ بفَتْحِ الغَيْنِ ـ وتُجْمَعُ غماماً.
وحبُ الغَمامِ : البَرَدُ.
وقال الليثُ : الغِمَامَةُ : شِبْهُ فِدَامٍ أو كِعَامٍ.
وقال غَيْرُهُ : غَمَمْتُ الحِمَارَ والدّابَّةَ غَمّاً ، فَهْوَ مَغْمُومٌ ، إذا ألْقَمْتُ فَاهُ مِخْلاةً ، أو ما أشْبَهَهَا ، تَمْنَعُهُ مِنَ الاعتِلافِ ، واسمُ ما يُغَمُ بِهِ : غِمَامَةٌ ، وجمعُها : غَمائِمُ.
ابنُ السِّكّيت : الغَمُ الكَرْبُ ، وَالغَمُ : أنْ يَسِيلَ الشَّعَرُ ، حتّى نَصِيقَ الجَبْهَةُ وَالقَفَا ، يُقالُ : رجلٌ أَغمُ الوجهِ ، وأغمُ القَفَا ، وقال هُدْبَةُ بنُ خَشْرَمٍ.
فلا تَنْكِحِي أن فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا |
أَغمَ القَفَا والوَجْهِ لَيْسَ بِأَنْزِعا |
وقال غيرُهُ : سَحَلبٌ أَغمُ : لا فُرْجَةَ فيهِ.
الليثُ : الغَمَّاءُ : الشديدةُ من شدائِدِ الدّهْرِ. ويقالُ : إنّهم لَفِي غُمَّى من أمرِهم ، إذا كانوا في أمرٍ مُلْتَبِسٍ ، وأنْشَدَ :
وأضْرَبَ في الغَمَّى إذا كَثُر الوَغَى |
وَأهْضَمَ أنْ أضْحَى المَراضِيعُ جُوَّعا |
أبو عبيد : التَّغَمْغُمُ : الكَلامُ الّذي لا يُبَيِّنُ.
وقال الليثُ : الغَمْغَمَةَ : أصواتُ الثّيرانِ عندَ الذُّعْرِ ، والأبطالِ عِنْدَ الْقِتَالِ. وقال عَلْقَمَةُ :
وظَلَّ لِثِيرانِ الصَّرِيمِ غَماغمٌ |
إذا دَعَسُوها بالنَّصِيِّ المُعَلَّبِ |
قال : وتَغَمْغَمَ الغَريقُ تَحْتَ الْمَاءِ ، إذا تَدَاكَأَتِ فَوْقه الأمْواجُ ، وأنشد :
مَنْ خَرَّ في قَمْقَامِنَا تَقَمْقَمَا |
كما هَوَى فِرْعَوْنُ إذا تَغَمْغَمَا |
تَحْتَ ظِلالِ الْمَوجِ إذْ تَدَأَمَا
أيْ : صارَ في دَأَمَاءِ الْبَحْرِ.
وَالْغَميمُ : الْغَمِيسُ ، وهو الأَخْضَرُ من الكَلإ تَحْتَ الْيابِسِ.
وفي «النَّوادِرِ» : أعتَمَّ الْكَلأُ ، وَأعْتَمَّ ، وَأرضٌ معِمَّةٌ وَمُغِمَّةٌ.
ومُغْلُوْلِيَةٌ ، وأرضٌ عَمْياءُ وكَمْهاءُ ، كل هذا في كَثْرَةِ النّباتِ والتِفافِهِ.
مغ : أبو عمرو : إذا روّي الثّريدَ دَسَماً ، قيلَ مَغْمَغَهُ وَرَوَّغَهُ.
وقال غيرهُ : تَمَغْمَغَ المالُ ، إذا جَرَى فيهِ السِّمَنُ.
وقال الليثُ : الْمَغْمَغةُ : الاختِلاطُ ، وقالَ رؤبة :
ما مِنْكَ خَلْطُ الخُلُقِ المُمَغْمِغِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كتاب الثلاثي الصحيح من حرف الغين [أبواب] (١) الغين والقاف
غ ق ك : أهملت وجوهه.
غ ق ج : أهملت وجوهه.
غ ق ش : مهمل.
غ ق ض : مهملة.
غ ق ص : مهمل.
[باب الغين والقاف مع السين]
غ ق س
استعمل من وجوهه :
غسق : قال الفَرَّاءُ في قولِ الله ـ جلّ وعزّ ـ : (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧)) [ص : ٥٧].
قَالَ : رُفِعَتِ : الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بِ (هذا) ، مُقَدَّماً ومُؤخَّراً ، والمعنى : هذا حميمٌ ، وَغَسَّاقُ ، فَلْيَذوقُوهُ.
قَال الغَسَّاقُ : تشدّد سينُهُ ، وَتُخَفَّفُ. ثَقَّلَها يَحيَ بنُ وَثَّابٍ ، وعامةُ أصحاب عبدِ الله ، وَخَفَّفَها الناسُ بَعْدُ ، وذَكَروا : أَن الغَسَّاقَ باردٌ يُحْرِقُ كإحْراقِ الحَمِيمِ.
ويقَالُ إنَّه ما يغْسِقُ وَيَسِيلُ من صَدِيدهمْ وجُلُودِهِم.
وقال الزّجَاج نحواً منه.
واختارَ أبو حاتمٍ : غَسَاق ـ بتَخْفِيفِ السّينِ.
قرأَ حفْصٌ وحَمْزَةُ والكِسائيُّ : «وَغَسَّاقٌ» ـ مشدّدةً ـ ومثلَه في : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١)) [النبإ : ١]. وَقَرَأ الْبَاقُونَ من القُرّاءِ (غَساق) ـ بِتَخْفِيفٍ ـ في السُّورَتين.
ورُوى عن ابنِ عبّاس وابن مَسْعودِ : أنهما قَرَأ : «غَسَّاقٌ» ـ بالتَّشْدِيدِ ـ وفسَّراه :
__________________
(١) في المطبوع : «باب».
الزَّمْهَرِيرَ : وقال أهلُ العَرَبِيَّةِ ، في تفسيرِ : (الغَسّاق) : هو الشديد البَرْدِ يُحْرِقُ من بَرْدِهِ.
وفي الحديثِ : أن النبي صَلَى الله علَيه وسلَم قال : «لو أنَّ دَلْواً من غَسَاقٍ ، يُهَرَاقُ في الدُّنْيا ، لأنْتَنَ أهْلَهَا».
قلتُ : وهذا يدلُّ على أنَ الغَسَاقَ : هو المُنْتِن.
وقال الليثُ : (وَغَسَّاقاً) ، أيْ : مُنْتِنَا.
وأما قول الله ـ جلّ وعزّ ـ : «وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ ، إِذا وَقَبَ».
فإِنَّ الفراءَ قال : الغَاسِقُ. الليلُ ، (إِذا وَقَبَ) : إذا دَخل في كلِّ شيءٍ ، وَأظلَمَ.
وقال الليثُ : الغاسِقُ : الليلُ ، إذا غابَ الشَّفَقُ أقبلَ الغَسَقُ ، قال : وغسَقَتْ عينهُ تغسِقُ.
وروى أبو سلمة عن عائشة ـ أن صح ـ أنها قالت : «قال رسول الله صَلَى الله عليه وسلم لما طلعَ القمرُ : هذا الغاسِقُ ، (إِذا وَقَبَ) ، فتعوَّذْنَ بالله من شرِّه».
وروي عن أبي هُريرة عن النبي صَلَى الله علَيه وسلَم في قوله : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)) [الفلق : ٣] قال : الثُرّيا : وقالَ الزَّجّاج في قولهِ : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)) يعني به الليل ، وقيلَ ، لليلِ : غاسقٌ ، والله أعلمُ ، لأنّه أبردُ من النَّهارِ ، والغاسقُ : الباردُ.
شِمْر عنِ العِتريفي ، قالَ غَسقُ اللّيلِ : حينَ يُطَخْطِخُ بين العِشاءَينِ.
وقال ابن شُميل : غَسَقُ الليلِ : دخولُ أولِه.
وأتيتُه حين غَسق الليلُ ، أي : حين يختلِطُ ، ويُعسكِرُ الليلُ. ويَسُدُّ المَنَاظِرَ ، يَغْسِقُ غَسَقاً ، وأنشَدَ شمر في الغاسِقِ بمَعنى : السائِلِ :
أبكى لِفَقِدِهِمُ بِعَيْنٍ ثَرَّةٍ |
تَجْرِي مَسَارِبُهَا بِعَيْنٍ غاسِقٍ |
أيْ : سائلٍ ، وَليس من الظلمة في شيء.
قال : وَقَال أبو زيد : غَسَقت العينُ تغسِقُ غَسقاً ، وَهُو هَملانُ العينِ بالغَمَص وَالماءِ.
وكان الربيعُ بن خُشَيم يقولُ في اليومِ المَغِيم لمؤذنِهِ : أغْسِقْ أَغْسِقْ ، يقول : آخِر المغربَ حتى يغسِقَ الليلُ ، وَهُو إظْلَامُهُ.
وقال الفراءُ في قولِ الله ـ جلّ وعزّ ـ : (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) [الإسراء : ٧٨] : وهو أولُ ظلمتِه.
قلت : غَسقُ الليْلِ ـ عندي ـ : غَيْبُوبةُ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ ، حينَ تَحِلُّ صلاةُ العِشَاءِ الآخرةُ ، يدلّ على ذلك سِيَاقُ الآية. إلى آخرها ، وقد دَخَلَتِ الصلواتُ الخمسُ فيما أمر الله ـ جلّ وعزّ ـ به ، فقالَ : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [الإسراء : ٧٨] ، وهو زوالُها ، (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) : العِشَاء
الآخِرَةِ ، فهذهِ أربعُ صَلَواتٍ ، ثم قالَ : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) [الإسراء : ٧٨] تَتِمَّةَ خمسٍ.
وأَخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي ، يُقالُ : غَسَقَتْ عينُه ، إذا انصبّتْ ، قال : والغَسَقانُ : الانْصِبابُ ، وغَسَقَتِ السّماءُ : أَرشَّتْ ، ومنه قول عُمَرَ : «حين غسَقَ الليلُ على الظِّرابِ» ، أي : أنصبَّ الليلُ على الجِبالِ.
وقال الأَخفش : غسقُ الليلُ : ظلمتُه.
وقال القتيبي ، في قوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)). الغاسقُ : القمرُ ، سمي به ، لأنهُ يكْسَفُ ، فيَغْسِقُ ، أي : يَذْهَبُ ضوؤُهُ ، وَيَسْوَدُّ ، قال : وقول النبي صَلَى الله عليه وسلَم ـ لعائشةَ : تعوّذي بالله من شرّ هذا إذا غَسَقَ» ، أي : من شِرّه ، إذا كُسِفَ».
قلت : هذا حديثٌ غيرُ صحيح ، والصوابُ في تفسير قوله : (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣)) : من شر الليل إذا دخلَ ظلامُه في كلّ شيء ، وهو قول الفراء وَالزجاج ؛ وإليه ذهب أهل التفسير. قال الفراءُ : الغَسَقُ : من قُماشِ الطّعامِ. قال : ويقال : في الطعام : زَوَان وزُوَان وزُؤَان ـ بالهمزِ ـ وفيه غَسَقٌ ، وغَفاً ، مقصور.
غ ق ز ، ـ غ ق ط : أهملت وجوههما.
[باب الغين والقاف مع الدال]
غ ق د : استعمل من وجوههما : غدق.
غدق : قال الليث : غدقت العين ، فهي غَدِقَةٌ عَذْبة. وماء غَدَق.
قال : وَقوله ـ تعالى ـ (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) [الجن : ١٦] أي لَفَتَحْنا عليهم أبوابَ المعيشةِ ، (لِنَفْتِنَهُمْ) بالشُّكرِ والصّبرِ.
وقال الفراء نحوه ، يقول : لو استقاموا على طريقةِ الكفرِ لزِدنا في أموالهم فتنةً عليهم ، وبليةً.
وقال غيره : «وأنْ لو استقَامُوا على طريقةِ الهُدى ، (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) ، أي : كثيراً ، ودليل هذا قولُ الله ـ جلّ وعزّ ـ : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ) [الأعراف : ٩٦] ، أراد بالماء الغَدَق : المالَ الكثيرَ.
وقال الليث : مطر مُغْدَودِقُ : كثيرٌ ، قال : والغَيْدَقُ : والغيداقُ ، والغيدقانُ : الناعم : وأنشد :
بعدَ التصابي والشبابِ الغيدَقِ
وقال آخر :
رب خليلٍ ، لي غيداقٍ رِفَلّ
وقال آخر :
جَعْد العَناصِي غَيْدَقانا أَغْيَدا
أبو عبيد عن أبي زيد ، يقال لولد الضب : حِسْلٌ ، ثم يصير غيْدَاقاً ، ثم مُطَبِّخاً.
أبو عمرو : غيثٌ غيداقٌ : كثير الماء.
وَشدُّ غيداقٌ : هو الحُضْرُ الشديدُ ، وعام غيداقٌ مُخْضِبٌ.
وفي الحديث : «إذا أنشأتِ السحابةُ من العينِ ، فَتِلْكَ : عين «غُدَيقَةٌ» ، أي. كثيرةُ الماء.
وَقَالَ شمْر : أَرْضٌ غَدِقَةٌ ، وهي النديّةُ المبتلّةُ الرّيَّا ، الكثيرةُ الماء ، وعشبُها غَدِقٌ. وغَدَقُهُ : بَلَلُهُ وَرِيُّهُ.
غ ق ت ، ـ غ ق ظ ، ـ غ ق ذ ، ـ غ ق ث : أهملت وجوهها
[باب الغين والقاف مع الراء]
غ ق ر
استعمل من وجوهها : غرق.
غرق : قَالَ الليثُ : الغَرَقُ : الرسوبُ في الماء ، وَيُشَبَّهُ بِهِ الَّذِي رَكِبَهُ الدَّيْنُ ، وَغَمَرَتْهُ الْبَلَايا ، يُقَالُ : رَجُلٌ غَرِقٌ وَغَرِيقٌ.
ويقالُ : أغرقتُ النبل ، وغرقته ، إذا بلغت به غاية المد في القوس.
وقال ابن شُميل : يقال نزعَ في قوسِه ، فأَغْرَقَ. قال : والأغراقُ : الطرحُ ، وهو أن يباعدَ السهمَ من شدَّةِ النَّزْعِ ، يقالُ : إنها لطروحٌ.
شمر : الغَرِقُ : الذي عليه الدَّينُ ، وَالْمُغْرَقُ : الذي أغْرَقَهُ قَوْمٌ فَطَرَدُوهُ ، وهو هاربٌ عجلانُ.
في الْحديث : «يأتي على الناسِ زمانٌ ، لا ينجو منه إلا من دَعا دُعاء الغَرِقِ».
قال أبو عبدنان : الغَرِقُ : الذي قد غلبَهُ الماءُ ، ولما يَغْرَقْ ، فإذا غَرِقَ ، فهو الغريقُ.
شمر ، قال أُسَيْدُ الغَنَوي : الإِغراقُ في النَّزْعِ : أن يَنْزعَ حتى يُشْرِبَ بالرِّصافِ ، وينتهي إلى النَّصْل ـ إلى كَبِدِ الْقَوْسِ ـ فربما قَطَعَ يَد الرَّامِي ، قال : وشُرْبُ الْقَوْسِ الرِّصافَ : أنْ يَأتيَ النزعُ عَلَى الرِّصافِ كله إلى الحديدةِ. يُضْرَبُ ـ مثلاً ـ للغلوِّ والأفراطِ وقال الله ـ جلّ وعزّ ـ (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١)) [النازعات : ١].
قال الفراء : ذُكِرَ أنَّها الملائكةُ ، وَأَنَّ النَّزْعَ نزعُ الأنْفُسِ من صُدُورِ الكُفّارِ ، وهو كقولك : والنازِعَاتِ إغْراقاً ، كما يُغْرِقُ النازعُ في القوسِ.
قلت : الغَرْقُ : اسمٌ أُقيم مُقَامَ المصدرِ الحقيقيّ من : أَغْرَقْتُ.
وقال الليثُ : والفرسُ إذا خالطَ الخيلَ ، ثم سَبَقَها ، يقال : اغْتَرَقَها ، وأنشد للبيد :
يُغْرِقُ الثَّعْلَبُ في شِرَّتِهِ |
صائبُ الْجِذْمَةِ في غيرِ فَشَلْ |
قلت : لا أدري ، لِمَ جَعَلَ قولَه :
يُغْرِقُ الثَّعْلَبُ في شِرَّتِهِ حُجَّةً لِقَوْلِهِ : (اغْتَرَقَ الخيلَ : إذا سَبَقَها).
ومعنى الإغراقِ غير معنى : الاغتراقِ ،
والاغتراقُ : مثل الاستغراقِ.
قال أبو عبيدةَ : يقال للفرسِ : إذا سبقَ الْخيلَ : قد اغتَرَقَ حَلْبَةَ الخيلِ المتقدمةِ ، ويقال : فلانةُ تَغْتَرِقُ نَظَرَ الناسِ ، أي : تَشْغَلُهُمْ بالنظرِ إليها عن النَّظَرِ إلى غيرها ، لِحُسْنِها ، ومنه قولُ قيسِ بنِ الخطيم :
تَغتَرِقُ الطَّرْفَ وهي لاهِيَةٌ |
كأنَّمَا شَفَّ وَجْهَها نُزُفُ |
والطّرفُ ـ هاهنا ـ : النظرُ ، لا العينُ ، يقال : طرَفَ يطرِفُ طَرْفاً ، إذا نَظَر.
أراد : أنها تَسْتَمِيلُ نظرَ الناظرينَ إليها بِحُسْنِهَا ، وهي غير محتفِلةٍ ، ولا عامدةٍ لذلكَ ، ولكنها لاهية غافلة ، وإنما يفعل ذلك حسْها.
ويقال للبعيرِ ، إذا أجفَرَ جَنْباهُ ، وضخُمَ بطنُهُ فاستوعبَ الحِزامَ ، حتى ضاقَ عنها : قد اغترقَ التصديرَ والبِطَانَ ، واستَغْرَقَهُ.
وأما قول لبيد :
يغرقُ الثعلبِ في شِرَّتِهِ
ففيه قولان : أحدهما : أنه يعني الفرسَ يسبقُ الثعلبَ بحُضْرِهِ ، فيخلّفه ؛ والثاني : أن الثعلبَ ـ هاهنا ـ : ثعلبُ الرمح ، وهو ما دَخَلَ من الرمحِ في السِّنانِ ، فأراد أنه يطعُنُ به حتى يُغِيِّبَهُ في المطْعُونِ ، لِشِدَّةِ حُضْرِهِ.
وَالْغَرَقُ ـ في الأصل ـ : دخولُ الماء في سَمْي الأنفِ ، حتى تمتلىءَ مَنَافِدُهُ ، فيَهْلَكَ.
والشَّرَقُ في الْفَمِ : أن يَغَصَّ بِهِ ، لكثرتِهِ ، يقال : غَرِقَ فلانٌ في الماءِ ، وَشَرِقَ ، إذا غمرَهُ الماءُ ، فملأ مَنافِدَهُ حتى يموتَ ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ : غَرَّقَتِ الْقَابِلَةُ الْوَلَدَ ، وَذلكَ إذا لم تَرْفُقْ بالمولودِ ، حتى تَدْخُلَ السابياءُ أنْفَهُ ، فَتَقْتُلَه. ومنه قوله :
أَلا ليتَ قيساً غَرَّقَتْهُ الْقَوَابِلُ
وَالعَشْرَاءُ من النوقِ ، إذا شُدَّ عليها الرّحْلُ بالحِبالِ ، ربما غَرِقَ الجَنِينُ الذي في بطنِها في ماء السابياء ، فتُسْقِطُهُ.
ومنه قول ذي الرمة :
إذا غَرَّقَتْ أَرْباضُها ثِنْي بَكْرَةٍ |
بِتَيْماءَ ، لم تُصْبِحْ رُؤوماً سَلُوبُها |
وقال النضر : الْغِرْقيءُ : الْبَياضُ الذي يُؤكلُ.
قلتُ : واتفقَ النحويونَ عَلَى همز : الْغِرْقيء ، وأنَّ هَمْزَتَهُ ليست بأَصْلِيَّةَ.
أبو عبيد : الْغُرْقَةُ مثل الشَّرْبَةِ من اللَّبَنِ وَغيرِهِ ، مِنَ الأَشْرِبَةِ ، وجَمعها : غُرَقٌ.
وَقال الشماخ يصف الإبل :
تُضْحي وَقد ضَمِنَتْ ضرَّاتُها غرقاً |
مِنْ نَاصِعِ اللونِ حُلْوٍ غير مَجْهودِ |
ويقالُ : لجام مُغَرَّقٌ ، إذا عَمَّتْهُ الْحِليَةُ.
وقد غُرِّقَ. وأَغْرَوْرَقَتْ عَيْناهُ ، إذا امْتَلأَتا دُمُوعاً ، ولم تُفِيضاها.
باب الغين والقاف واللام
[غ ق ل]
استعمل من وجوهه : غلق.
غلق : قال الليثُ : (احتدَّ فلان ، فَغَلَقَ في حِدّتِهِ ، أي : نَشِبَ. قالَ : وَغَلِقَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ، إذا لم يُفَكّ.
وقال شمر : يقالُ لكلّ شيء نَشِبَ في شيء ، فلَزِمَهُ : قدْ غَلِقَ في الْباطِلِ ، وَغَلِقَ في الْبَيْعِ ، وَغَلِقَ بيعُهُ ، وَاسْتَغْلَقَ.
وَاسْتَغْلَقَ عَلَى الرَّجُلِ كَلَامَهُ ، إذا أُرْتِجَ عَليهِ ، فلم يَتَكَلَّم قال : وَسَمِعْتُ ابنَ الأَعْرابيّ يقولُ ، في حديثِ : «داحِسٍ وَالغَبْراءِ» : «أَنَّ قيساً أَتى حُذَيْفَةَ بنَ بدرٍ ، فقال له حُذَيفَةُ : ما غدا بِكَ؟ قال : غَدَوْتُ لأُواضِعَكَ الرِّهانَ» أَراد بالمواضَعَةِ : إبْطَالَ الرِّهانِ ، أي : أضعُهُ وتَضَعُهُ!! فقَالَ حُذَيفَةُ : بل غَدَوْتَ : لِتُغْلِقَهُ ، أي : تُوجِبَهُ.
قالَ : وَقالَ ابنُ شُمَيل : اسْتَغْلَقَنِي فلانٌ في بَيْعِي ، أي : لم يَجْعَل لي خِياراً في رَدِّهِ.
قال : وَاسْتَغْلَقَتْ عَلَيَّ بَيْعَتُهُ ، وَأَغْلَقْتُ الرَّهنَ ، أي : أوْجَبْتُهُ ، فَغَلِقَ للمرْتهِنِ ، أي : وَجَبَ له.
وقال أبو عبيد : غَلِقَ الرهنُ ، إذا استحقَّه المرتَهِنُ غَلَقاً.
ورُوِي عن النبي صَلَى الله عليه وسلم : أَنَّهُ قَالَ : «لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» أي : لا يسْتَحِقّهُ الْمُرْتَهِنُ ، إذا لم يَرُدَّ الرَّاهِنُ ما رَهِنَهُ فيهِ. وَكَانَ هذا مِنْ فِعْلِ أهلِ الْجَاهِلِيّة ، فأَبْطَلَهُ ـ عليهالسلامُ ـ بقولِهِ : «لا يَغْلَقُ الرهنُ». وَقَالَ زُهير يذكرُ امرأةً :
وَفَارَقَتْكَ بِرِهْنٍ لا فَكَاكَ لَهُ |
يَوْمَ الْوَدَاعِ فأَمْسَى الرهنُ قَدْ غَلِقَا |
يعني : أنَّهَا ارْتَهنَتْ قلبَهُ ، فذهبَتْ بهِ ، وَأنشد شمر :
هلْ مِنْ نَجَازٍ لموعودٍ بَخِلْتِ بِهِ |
أو للرّهينِ الذي استَغْلَقْتِ مِنْ فَادِي |
قَالَ : واقرأني ابن الأعْرابي ، لأَوسِ بنِ حجر :
على العُمْرِ واصطادَتْ فؤاداً كأنّهُ |
أبو غَلِقٍ في ليلَتَينِ مُؤجّلِ |
وفسَره ، فقال : أبو غلِقٍ ، أي : صاحبُ رهنٍ غلِقَ أَجلُهُ ، ليلتانِ أن لم يُفَكَّ ، غَلِقَ ، فذهَب.
عمرو عن أبيهِ : الغَلَقُ : الضَّجَرُ ، ومكانٌ غلِقٌ وضَجِرٌ ، أي : ضَيِّقٌ ، والضجْرُ : الاسمُ ، والضَّجَرُ : المصدَرُ. والغَلَقُ : الهَلاكُ.
ومعنى : لا يغلَقُ الرهنُ ، أي : لا يَهلِكُ. (١) [ابن الاعرابيّ : أغلَقَ زيدٌ عمراً على
__________________
(١) ما بين المعكوفتين إستدراك من «العين» (غلق) و «اللسان» (غلق ـ ١٠ / ١٠٤) و «التاج».
شيءٍ يَفْعله : إذا أكرهه عليه.
والمِغْلَفُ والمِغْلاف : السهم السابع من قداح المَيْسِر. والمَغَلِفُ الأَزلام ، وكل سهم في الميسر مِغْلَق ؛ قال لبيد :
وجَزُور أيسارٍ دَعَوتُ ، لحتفِها ، |
بمَغَلِقٍ متشابِهٍ أجرامُها |
والمَغالقُ قِداح الميسر ؛ قال قال الاسود يَعْفُر :
إذا قحطت والزَّجِرين المغالِقَ
قال الليث : المِغْلَقُ : السهم السابع في مُضَعَّفِ المَيْسِرِ ، وسمّي مِغلَقاً لأنه يَسْتَغلِقُ ما يبقى من آخر المَيسِر ، ويُجْمَع مَغالِقَ ، وأنشد بيت لبيد :
وجزور أيسارٍ دعوتُ لحتفها
قال أبو منصور : غلط الليث في تفسير قوله بمَغالق ، والمَغالقُ من نُعُوت قداح الميسر التي يكون لها الفوز ، وليست المَغالِقُ (١).
من أسمائِها ، وَهي التي تغْلق الخطرَ فتوجِبُهُ للفائز القامرِ ، كما يَغْلَقُ الرهنُ لمستحقِّهِ ، ومنه قول عمرِو بنِ قَميئة :
بأيديهِمُ مقرومةٌ ومغالِقٌ |
يَعُودُ بِأَرْزَاقِ الْعِيَالِ مَنِيحُها |
أبو عبيد عن الأصمعيّ : بابٌ غُلُقٌ ، أي : مُغْلَقٌ. وَقال أَبو زَيدٍ : بابٌ فتُحٌ ، أي : واسعٌ ضَخْم.
ابن السِّكِّيت : يقال : إهابٌ مغلوقٌ ، إذا جُعِلَتْ فيه الْغَلْقَةُ ، حين يُعْطن ، وهي شَجَرةٌ يُعْطِنُ بها أهلُ الطائفِ. قال مزرّدٌ :
جَرِبْنَ فما يُهْنَأْنَ إلا بِغَلْقَةٍ |
عَطِينٍ وأبوالِ النِّساءِ الْقَوَاعِدِ |
ورُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أَنَّهُ قالَ : «لا طلاق في إغلاقٍ».
ومَعنى الإغلاق : الإكراهُ ، [لأن المُغلق مكرهٌ عليه في أمره ومضيَّق عليه في تصرفه](٢) كأَنه يُغْلَقُ عليه البابُ ، وَيُحْبَسُ ويُضَيِّقُ عليه حتى يُطَلِّقَ. وإغلاق الْقاتلِ : اسلامُهُ إلى وليِّ المقتول ، فيحكمُ في دمهِ ما شاءَ ، يقالُ : أُغْلِقَ فلانُ بجريرتِهِ ، وَقال الفرزدق :
أُسَارى حديدٍ أُغْلِقَتْ بِدِمَائِهَا
والاسم منه الغلاق ... وَقال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ :
وَتَقُولُ الْعُداةُ : أَوَدَى عَدِيُ |
وَبَنُوهُ قد أَيْقَنُوا بالْغَلَاقِ |
أبو العباس عن ابن الأعرابي : أَغْلَقَ زيدٌ عَمْراً على شَيءٍ يَفْعَلُه ، إذا أكْرَهَهُ عليه ويقالُ : أُغْلِقَ فُلانٌ فغَلِقَ غَلَقاً ، إذا أُغْضِبَ فَغَضِبَ ، وَاحتَدَّ.
وأَنشدَ شِمْر للفَرَزْدَق :
__________________
(١) زيادة من المصادر السابقة.
وَعَرَّدَ عَنْ بَنِيهِ الْكَسْبَ مِنْهُ |
وَلَوْ كانُوا أُولى غَلَقٍ سِغَابَا |
أُولى غَلَق ، أَيْ : قَدْ غَلِقوا في الْفَقْر والجُوعِ. والْغِلقُ : الكثيرُ الغَضَبِ ، قَالَ عمرٌو بنُ شَأسٍ :
فَأغْلَق مِنْ دُونِ امْرِىءٍ إِنْ أَجَرْتُهُ |
فَلَا أَبْتَغِي عَوْراتِهِ غَلَقَ الْبَعْلِ |
أي أَغضَبُ غَضَباً شَدِيداً ، ويُقالُ : الْغَلَقُ : الصَّيِّقُ الْخُلُقِ الْعَسْرُ الرِّضَا.
وفي «النَّوادِرِ» : شَيْخٌ غَلْقٌ وَجمَلٌ غَلْقٌ ، وهو : الكبيرُ الأَعْجَفُ.
باب الغين والقاف والنون
[غ ق ن]
استعمل من وجوهه : نغق.
نغق : قال الليثُ : يقالُ : نَغَقَ الْغُرابُ. وهو يَنْغِقُ نَغِيقاً ، إذا صاحَ : غِيقْ غِيْقْ.
وَيُقالُ : نَغَقَ بِخَيْرٍ ، وَنَعَب بِبيْنٍ ، وَأَنْشَدَ :
وازْجُرُوا الطَّيْرَ فإن مَرَّ بِكُمْ |
ناغِقٌ يَهْوي فَقُولُوا سَنَحَا |
وقَال أبو عمرو : نَغقَتِ النَّاقَةُ نَغِيقاً ؛ إذا بَغَمَتْ.
قالَ حُميد :
وأظْمَى كَقَلْبِ السَّوْذَ قَانِيَّ نَازَعَتْ |
بِكَفَيَّ فَنْلاءُ الذِّرَاعِ نَغُوقُ |
أَي : بَغُومٌ ، وأرادَ بالأَظْمَى : الزّمامَ الأَسْوَدَ ، وإِبِلٌ ظُمْيٌ ، أي : سُودٌ :
باب الغين والقاف والفاء
[غ ق ف]
استعمل من وجوهه : غفق.
غفق : رُوي عن إياس بنِ سَلَمَةَ عن أبيه ، أَنَّهُ قال : مَرَّ بي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ. وأنا قاعِدٌ في السُّوقِ ، وهو مارٌّ لحاجةٍ لَهُ ، مَعَهُ الدِّرَّةُ ، فَقَالَ : هَكَذَا! يا سَلَمةُ عَنِ الطريقِ ، فَغَفَقني بها فما أَصَابَ إلا طَرفُها ثَوْبي. قالَ : فأمَطْتُ عَنِ الطّريقِ ، فَسَكَتَ عَنّي حتّى إذا كانَ العَامُ المُقْبِلُ ، لَقِيَنِي في السُّوقِ ، فقالَ : يا سَلَمةُ ، أردْتَ الحَجَّ ، العَامَ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَخَذَ يَدِي ، فما فَارَقَ يَدَهُ يَدِي ، حَتَّى أدْخَلَني بَيْتَهُ فَأَخْرَجَ كَيْساً ، فيهِ سِتُّمائةِ دِرْهَمٍ ، فقالَ : يا سَلَمةُ خُذْ هذا ، واسْتَعِنْ بها عَلَى حَجِّكَ ، واعلَمْ أَنَّها مِنَ الغَفْقَةِ الّتي غَفْقتُكَ ـ عاماً أوّلَ ـ.
قُلْتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، والله ما ذَكَرْتُها ، حتى ذَكَّرْتَنِيها ، فقالَ عُمَرُ : وَأَنَا والله ما نَسِيْتُها».
قوله : «فَغَفَقَنِي».
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : غَفقْتُهُ بالسَّوْط ، أَغْفِقُهُ وَمَتْنتُهُ بالسّوطِ أَمْتِنُهُ وهو أشَدُّ مِنَ الغَفْقِ.
وقال الليثُ : الغَفْقُ : الهجُومُ عَلَى الشَّيْء ، والإِيابُ من الغَيْبَةِ فَجَاءَةً.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ قالَ : إذا تَحَسَّى مَا فِي إنَائِهِ ، فِقَدْ تَمَزَّزَهُ ، وساعةً بعدَ ساعةٍ ، فَقَدْ تَفَوَّقَهُ ، وإذا أكْثَرَ الشُّرْبَ ، فَقَدْ تَغَفَّقَ.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : تَغَفَّقْتُ الشَّرَابَ (تَغَفُّقاً) ، إذا شَرِبْتَه. وَقالَ : التَّغْفِيقُ النَّوْمُ ، وأنتَ تَسْمَعُ حَدِيثَ القَوْمِ ، ويُقالُ : غَفِّقُوا السَّلِيمَ تَغْفِيقاً ، أيْ : عَالِجُوهُ وسَهِّمُوهُ.
وَقال مُلَيحُ الهُذَليّ :
وَدَاوِيَّةٍ مَلْساءَ تُمْسِي سهَامُها |
بِها مِثْلَ عُوّادِ السَّلِيمِ المُغَفَّقِ |
وَجُمْلَةُ التَّغْفِيقِ : نومٌ في أَرَقٍ.
عمروٌ عَنْ أَبِيهِ : غَفَقَ وعَفَقَ ، إذا خَرَجّتْ مِنْهُ رِيْحٌ.
أبو عَمْرٍو : الغَيْفَقَة : الإهْراقُ ، وكذلِكَ الدَّغْرَقَةُ.
وَقالَ الفَرّاء : شَرِبَتِ الإِبِلُ غَفَقاً ، وهي تَغْفِقُ ، إذا شَرِبَتْ مَرّةً بَعْدَ أُخْرى ، وهو الشّربُ الواسِعُ.
باب الغين والقاف والباء
[غ ق ب]
استعمل من وجوهه : غبق.
غبق : قال الليثُ : الغَبْقُ : شُرْبُ الغَبُوقِ ، والفِعْلُ : الاغْتِباقُ : عَشِيّاً.
قُلْتُ : يُقَالُ : هذه النّاقَةُ غَبُوقِي ، وَغَبُوقَتِي ، أَيْ : اغْتَبِقُ لَبَنَها وَجَمْعُها : الغَبائِقُ.
وَأنشدَني أَعرابيّ :
مَا لي لا أَسْقِي حُبَيِّبَاتِي |
صَبَائِحِي غَبَائِقِي قَيْلاتِي |
وَقَدْ غَبَقْتُهُ أَغْبِقُهَ غَبْقاً ، فاغتَبَقَ اغتِباقاً.
بن دُرَيدٍ : الغَبْقَةُ : خَيْطٌ أو عرَقَة ، تُشَدُّ في الخَشَبةِ المُعْتَرِضَةِ عَلَى سَنَامِ الثّوْرِ ، إذا كَرَب أو سَنَا ، لتَثْبُتَ الخَشَبَةُ على سَنَامِهِ.
وَقال الأزهريُّ : لم أسْمَعِ : الغَبَقَةَ ، بهذا الْمَعْنى ، لغيرِ ابنِ دُريدٍ».
باب الغين والقاف والميم
[غ ق م]
استعمل من وجوهه : غمق.
غمق : قال اللّيْثُ : غَمِقَ النَّباتُ يَغْمَقُ غَمَقاً ، إذَا وَجَدْتَ لِرِيحِهِ خَمّةً ، وفَساداً ، من كَثْرةِ الأَنْداءِ عَلَيْهِ.
قلتُ : غَمَقُ البَحْرِ ، ومَدّهُ في الصَّفَرِيّةِ ، وَبَلدٌ غَمِقٌ : كَثِيرُ المِيَاهِ ، رَطْبُ الهَواء.
وكَتَبَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ إلى أبي عُبَيدَةَ بنِ الجَرّاحِ : «أنَّ الأُرْدُنَّ أَرْضٌ غَمِقَةُ ، وأَنَّ الجَابِيَةَ أرضٌ نَزِهَةٌ ، فأظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ المُسْلِمِينَ إليها»
والنَّزِهَةُ : البَعِيدَةُ منَ الرِّيفِ ، والغَمِقَةُ : القَرِيْبَةُ مِنَ المِيَاهِ والخُضِر والنُزُوزِ ، وإذَا كانتْ كذلِكَ ، قَارَبَتِ الأَوْبِئَةِ.
وقالَ أبو زَيد : غَمِقَ الزَّرْعُ غَمَقاً ، إذا أصابَهُ نَدى فلم يَكَدْ يَجِفَّ. ابنُ شُميل : أرضٌ غَمِقَةٌ : لا تجِفُّ بواحدةٍ. وَلا يَخْلُفها المَطَرُ ، وعُشْبٌ غَمِقٌ : كَثِيْرُ المَاءِ ، لا يُقْلِعُ عَنْهُ المَطَرُ.
وقال الأَصْمَعِيُّ : الغَمَقُ : النَّدى.
أبواب الغين والكاف وما يثلثهما (١)
[أبواب] الغين والجيم
قال الخليلُ : الغينُ والجيم ، مهملتان ، إلا مع اللام والنون والباء والميم.
غ ج ل
استعمل من وجوهه : غلج.
غلج : قال الليثُ وغيره : عَيْرُّ : مِغْلَجٌ : شَلّالٌ لعانَتِهِ ، وأنْشَدَ :
سَفْواءُ مِرْخَاءٌ تُبارى مِغْلَجَا
«... يَعْني : أتاناً تُبارِي عَيْراً».
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : قال الغَلَجُ : الشَّبابُ الحَسَنُ.
أبو عُبيدِ عن الأَمويّ : التَّغَلُّجُ : البَغْيُ.
وقالَ الأصمعيُّ : غَلَج الفَرَسُ يَغْلِجُ غَلجاً ، إذا خَلَط العَنَق بالْهَمْلَجَةِ.
غ ج ن
استعمل من وجوهه : غنج.
غنج : قال الليث الغَنْجُ : شَكْلُ الجَارِيَةِ الغَنِجَةِ.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابيَّ ، قال : الغُنْجُ : ملاحَةُ العَيْنَيْن. عمرو عن أبيه قال : الغِنَاجُ : دُخَانُ النَّؤوُرِ الذي تَجْعَلُهُ الواشِمَةُ على خُضْرَتِها ، لِتَسْوَدَّ ، وهو الغُنُجُ ـ أيضاً ـ.
وقال الليث : غُنْجَةُ ـ بلا ألفٍ ولامٍ ـ اسمُ مَعْرِفَة ، لا يُصْرَفُ ، وهي : القُنْقُذَةُ.
قال : تَقُولُ هُذَيل : شَنَجٌ وغَنٌ ، فالغَنجُ : الرَّجْلُ. والشَّنَج : الجَمَلُ.
يَقُولُونَ : غَنَجٌ عَلَى شَنَجٍ.
قُلتُ : ونَحْوَ ذلك قال ابنُ دُريد.
غ ج ب
جغب : قَالَ الليثُ : رَجُل جَغِبٌ شَغِبٌ.
غ ج م
غمج ـ مغج : [مستعملة].
مغج : عمرٌو عن أبيه : مَغَجَ ، إذا عَدَا ، وَمَغَجَ ، إذا سارَ.
قلتُ : ولم أسمَعْ : مَغَج لِغَيْرِهِ.
غمج : قَال اللّيثُ : فَصِيلٌ غَمِجٌ ـ يَتَغَامَجُ بَيْنَ أرفاغِ أُمِّهِ ، وأنْشَدَ :
غُمْجٌ غَماليجُ غَمَلَّجَاتُ
أو عُبَيْدٍ عَنِ الأصْمَعِيَّ : إذا جَرَعَ الماءَ
__________________
(١) أهمله الأزهري ، ولم يشر إليه.
جَرْعاً ، فذلِكَ الغَمْجُ : قَالَ شِمر : وقَدْ غَمِجَ يَغْمَجُ ، لُغَةٌ : السُّدِّي عن ثَعْلَبٍ عَنِ ابن الأعرابيّ : غَمَج في الشُّرْبِ ، يَغْمِجُ غَمْجاً : جَرَعَ جَرْعاً شَدِيداً.
اللحياني : هي الغَمْجَةُ والغُمجَةُ ، للجُرْعَةِ.
أبواب الغين والشين
غ ش ض ، ـ غشص ، ـ غشس : أهملت وجوهُها.
غ ش ز
أهمله الليثُ.
شغز : وَذكر ثعلب عن ابنِ الأعرابيّ ، أنَّهُ قَالَ : يُقالُ ، للمَسَلَّةِ : الشغِيزَةُ.
قُلْتُ : وَهو عَربي صحيح ، سَمِعْتُ أَعْرَابياً يقولُ لآخَرَ : سَوِّلي شَغِيزةً من الطَّرْفاءِ ، لأسُفَّ بهَا سَفِيفَةً.
غ ش ط
استعمل من وجوهه : غطش.
غطش : قَالَ الليث : غَطَشَ اللَّيْلُ ، فَهُوَ غاطِشٌ ، مُظْلِمٌ ، قَالَ : والأَغْطَشُ : الَّذِي في عَيْنَيْهِ شِبْهُ : العَمَشِ والمرأةُ : غَطْشَاءُ.
أبو عُبَيْد عن الأَحْمر ، في : الأغْطَشِ : مِثلُه : وقَالَ شَمِر : الغَطَشُ : الضَّعْف في البَصَرِ ، كما يَنْظُر بِبَعْضِ بَصَرِهِ. وَيُقَالُ : هُوَ الَّذِي لا يفتَحُ عَيْنَيْهِ ، في الشَّمْسِ. قَال رُؤْبَة :
أرْمِيهِمُ بالنَّظَرِ التَّغْطِيشي
وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ للأَعْشى :
وَيَهْماءَ باللَّيْلِ غَطْشَى الفَلا |
ةِ يُؤْنِسُنِي صَوْتُ فَيَّادِهَا |
قَالَ الأصمعيُّ في بَابَ الفَلَوَاتِ : الأَرْضُ اليَهْمَاءُ : التي لا يُهْتَدَى فِيها الطَّريقُ.
والغَطَشُ ـ مِثْلُهُ ـ هَكَذا رَواهُ شِمر ، وبيتُ الأَعْشَى يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وقَالَ الفَرَّاءُ في قوْلِهِ ـ جلّ وعزّ : (وَأَغْطَشَ لَيْلَها) [النازعات : ٢٩] ، أي : أظْلَمَ لَيْلَها ، وَكَذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ الأصمَعِيُّ : الغَطَشُ : السَدَفُ ، يُقَالُ : «أتيتُهُ غَطَشاً».
وَقَدْ أَغْطَشَ اللّيلُ.
وقَالَ أبو تُرَابٍ : الغَطَشُ وَالْغَبَشُ وَاحِدٌ.
وَقَال اللَّحْيَانيّ : يُقَالُ : غَطِّشْ لِي شَيْئاً وَوَطِّشْ لي شَيْئاً مَعْنَاهُ : إفْتَحْ لي شَيْئاً.
غيرُه : مَفَازَةٌ غَطْشَى : عَمِيَّةُ المسالِكِ ، لا يُهْتَدَى فِيها ، حَكاهُ أبو عُبَيد عن الأصمعيُّ.
وقَال أبو سَعِيدٍ : يُقَالُ : هو يَتَغَاطَشُ عن الأمرِ ، وَيَتَغَاطَسُ ، أي : يتَغَافَلُ.
غ ش د
أهمله الليث : ودغش : مستعمل.
دغش : أخْبَرَني المنْذِري عن الحَرّانِي عن