قلت : وقد ذكَرَ الليثُ «المَرِيخَ» بهذا المعنى ـ في باب «مَرَخَ» وجَمَعَه : «أَمْرِخَةً».
وجَعَلَه في هذا الباب مُرَيَّخاً ـ بتشديد الياء ـ ولم أَسْمَعْه لغيره.
وأما «التَّرْييخُ» ـ بمعنى التَّوْهين والتضعيف ـ فهو صحيح.
وقد رَاخَ يَرِيخُ رُيُوخاً ـ إذا استَرْخَى وكذلك : دَاخَ.
ورَوَى ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ : رَاخَ يَرِيخُ ـ إذا تَبَاعَدَ ما بين فَخِذَيه ، وانْفَرَجَ ..
حتى لا يَقْدِرَ عَلَى ضمهما. وأنشد :
أَمْسَى حَبِيبٌ كالْفُرَيخِ رَائِخَا |
بَاتَ يُمَاشِي قُلُصاً مَخَائخَا |
صَوَادِراً عَنْ شُوكَ أَوْ أُضَايخَا
ورخ : أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : أَوْرَخْتُ العَجِينَ ـ إذا أكثرتُ ماءَه حتى يَسْتَرْخِي وقد وَرخَ يَوْرَخُ.
واسم ذلك العجين : الْوَرِيخَةُ.
رخو : قال الليث : الرِّخْوُ والرَّخْوُ : لغتان في الشيء الذي فيه رَخَاوَةٌ.
قلتُ : اللُّغَةُ الجَيِّدَة : الرِّخْوُ ـ بكسر الراء ـ.
قاله الفرَّاء والأصمعيُّ.
قالا : والرَّخْوُ ـ بفتح الراء ـ مولَّدٌ ، والأُنثَى : بالهاء.
وقال الليثُ : الرَّخَاءُ : سَعَة العَيش.
يقال : إنه في عَيْشٍ رَخِيٍ ، وهو رَخِيُ البال ـ إذا كان ناعِمَ الحال.
ويقال : إنّ ذلكَ الأمرَ لَيَذْهَبُ مِنِّي في بالٍ رَخِيٍ ـ إذا لم يُهْتَمَّ لهُ.
قال : واسْتَرْخَى به الأمرُ واسترخَتْ بهِ حَالُه ـ إذا وقع في حَالٍ حَسَنَةٍ بعد ضيقٍ وشدَّة.
ويقال : رَخِيَ يَرْخَى رَخَاءً فهو رَخِيٌ ـ أي : ناعِمٌ. وهو رَاخِي البال.
وأنشد أبو عبيد قول طُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ :
فَأَبَّلَ واسْتَرْخَى بِهِ الْخَطْبُ بَعْدَ ما |
أَسَافَ وَوَلَا سَعْيُنَا لَم يُؤبِّلِ |
«استَرْخَى بهِ الخَطْبُ» ـ أي : أَرْخَاهُ خطْبُهُ ونَعَّمَهُ وجعَله في رَخَاءٍ وَسَعةٍ بعد ذهاب مَالِه.
وقال الليثُ وغيرُه : الرُّخَاءُ ـ من الرِّياح ـ اللّيِّنَةُ السَّرِيعةُ التي لا تزَعْزِعُ شَيْئاً.
قال الله جلّ وعزّ : (تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) [ص : ٣٦] يعني الرِّياحَ .. أَنها تَهُبُّ ليِّنَةً بأمره.
ونَحْوَ ذلك قال أهلُ التفسير.
وقال الليثُ : التّرَاخِي هو التَّقَاعُسُ عن الشيء.
قال : والمرَاخاةُ : أَنْ تُرَاخِيَ رِباطاً أو رِبَاقاً.
ويقال : رَاخِ له مِن خِنَاقِه ـ أيْ : رَفِّهْ عنه.
وأَرْخِ له قَيْدَه ـ أي : وَسِّعْهُ ولا تُضَيِّقْه.
ويقال : أَرْخِ له الْحَبْلَ ـ أيْ : وسِّعْ عليه الأمرَ في تصرُّفه ـ حتى يَذْهَبَ حيث شاءَ.
أبو عُبيدٍ ، عن أبي عبيدةَ : قال : الإرْخَاءُ : شِدَّةُ العَدْو. وهي الخَيْلُ المَرَاخِي.
وقال غيرُه : فَرَسٌ مِرْخاءٌ. والإرْخَاءُ الأعْلَى : أَشَدُّ الْحُضْرِ.
والإرْخَاءُ الأدنى : دون الأَعلى.
وقال امْرُؤُ القَيس :
لَهُ أَيْطَلَا ظَبْي وَسَاقَا نَعَامَةٍ |
وَإرْخَاءُ سِرْحانٍ وَتَقْرِيبُ تُفَّلِ |
وقال الليثُ : ناقَةٌ مِرْخَاءٌ وفَرَسٌ مِرْخاءٌ في سَيرِهما.
وأَرْخَيْتُ الفَرسَ ، وتَرَاخَى الفرَسُ.
قال : و «الإرخاء» : عَدْوٌ فوق «التَّقْرِيب».
قلتُ : لا يقال : أَرْخَيْتُ الفَرَسَ .. ولكن يُقالُ : أَرْخَى الفرسُ في عَدْوِه ـ إذا أَحْضَرَ.
ولا يقال : تَرَاخى الفَرَسُ إلّا عند فُتُورِه في حُضْرِه.
والذي حكاه الليثُ : لا أَدْرِي ما هو؟ قلتُ : وإرْخاءُ الفرَس مَأخوذٌ من الرِّيح «الرُّخَاءِ» .. وهي السريعةُ مع لِينٍ.
وجائزٌ أَن يَكون من قولهم : «أَرْخَى به عنَّا» ـ أيْ : أَبْعدَه عنَّا ، و «هو مُتَراخٍ عنّا» ـ أيْ : بعيدٌ عنَّا.
وقال الليث : يقال : تَرَاخى عنِّي فلانٌ ـ أيّ : أبطأ عنِّي.
وغيرُه يقولُ : معناه : بَعُدَ عنِّي.
وقال اللَّيثُ : وأَرْخَتِ الناقةُ إرْخاءً وإِرْخَاؤُها هو اسْتِرْخاءُ صَلَوَيْهَا فهيَ مُرْخٍ.
ويقال : أَصْلَتْ .. وإصْلَاؤُهَا : انهِكَاكُ صَلَوَيْها ـ وهو انْفِرَاجُهما عند الولادةِ حين يقعُ الْوَلَدُ في صَلَوَيْهَا.
أرخ : قال الليثُ : الأُرْخُ والأُرْخِيُ ـ لُغَتان ـ : الفَتِيُّ من البقَر.
قال : والأرْخِيَّةُ : وَلَدُ الثَّيْتَلِ.
ابنُ شُمَيْل : يقال للأنثَى من بَقَرِ الوَحْشِ : «أَرْخٌ» .. وجمعُه : «إرَاخٌ».
وقال ابنُ مُقْبِلٍ :
أَوْ نَعْجَةٍ مِنْ إِرَاخِ الرَّمْلِ أَخْذَلَها |
عَنْ إِلْفِهَا واضِحُ الخَدَّيْنِ مَكْحُولُ |
وأخبَرني المنذريُّ ـ عن الصَّيْداوِيِّ ـ قال : الأَرْخُ وَلَدُ البقرة الوَحشيَّة .. إذا كانت أُنثى. قال : والتَّاريخُ مَأْخُوذٌ منه.
قال : كأنّه شيءٌ حَدَثَ ـ كما يَحْدُث الوَلَدُ.
قال الصَّيْداوِيُّ : وأخبرنا أحمدُ بنُ عليٍّ الباهِلِيُّ ـ عن مُصْعَبِ بن عبد الله الزُّبَيْرِيِّ ـ قال : الأَرْخُ ولَدُ البقرة الصغيرُ.
قال : والتاريخُ مأخوذٌ منه ـ أيْ : أَنَّهُ حَدِيثٌ.
قال : وأَنشَدِني الباهليُّ ـ لِرَجلٍ مَدَنِيٍّ كان بالبَصْرَةِ :
لَيْتَ لِي في الخمِيسِ خَمْسينَ عَيْناً |
كلُّها حَوْلَ مَسْجِدِ الأَشْيَاخِ |
|
مَسْجِدٌ لا يَزَالُ يَهْوِي إليْهِ |
أُمُ أَرْخٍ قِنَاعُها مُتَراخِي |
وأنشدَنِي أبو محمدٍ الْمُزنِيُّ ـ فيما رَوَى عن أبي خَلِيفَةَ ـ أنَّ محمدَ بنَ سَلَّامٍ أنشدَهُ لأُمَيَّةَ بنِ أبي الصَّلْتِ :
وَمَا يَبْقَى على الحِدْثانِ غُفْرٌ |
بِشَاهِقَةٍ لَهُ أُمٌّ رَؤُومُ |
|
تَبِيتُ اللّيْلَ حَانِيَةً عَلَيْهِ |
كَمَا يَخْرَمِّسُ الأرْخُ الأَطُومُ |
قال : «الْغُفْرُ» : وَلَدُ الْوَعْلِ. و «الأرْخُ» : وَلَدُ البقرة.
و «يَخرمِّسُ» ، أي : يَصمُتُ ، و «الأطُومُ» : الضَّمَّامُ بَيْنَ شَفَتَيْهِ.
ورَوَى أَحمَدُ بنُ يحيى ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : قال : مِنْ أسماءِ البقرةِ : الْيَفَنَةُ والأرْخُ ـ بفتح الهمزة ـ ، والطَّغْيَا واللِّفْتُ.
قال الأزهريُّ : والصحيحُ : الأَرْخُ بفتح الهمزة.
والذي حكاه الصَّيْدَاوِيُّ ـ عن مُصْعَبٍ ـ : فيه نظَرٌ.
وما قاله الليث ـ أنّهُ يقالُ له : الأُرْخِيُ ـ : لا أَعْرِفُهُ.
وقيل : إنَّ «التَّاريخَ» الذي يُؤَرِّخُهُ الناسُ ليسَ بعربيٍّ مَحْضٍ .. وإنَّ المسلمين أخذوه عن أهل الكِتاب.
وتاريخُ المسلمين أُرِّخَ من سنَة الهجرة ، وكُتِبَ في خلافةِ عُمَرَ ، فصار تاريخاً إلى هذا اليوم.
خور ـ خير : قال الله جلّ وعزّ : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠)) [الرَّحمن : ٧٠].
قال أبو إسْحَاق : «خَيْراتٌ» .. أصلُهُ في اللغة : خَيِّرَاتٌ.
والْمَعْنَى : أنهنَّ خَيْرَاتُ الأخلاق ، حِسَانُ الخِلَقِ.
قال : وقد قُرِىءَ بتشديد الياءِ.
وقال الليثُ : رجُلٌ خَيِّرٌ ، وامرأةٌ خيِّرَةٌ : فاضِلَةٌ في صلاحها .. وامرأةٌ خَيْرَةٌ في جَمالها ومِيسَمِهَا.
ففَرَّقَ بَيْنَ «الخَيِّرَةِ» و «الْخَيْرَةِ» واحْتَجَّ بالآية.
قلتُ : ولا فرقَ بين «الخَيِّرَةِ» و «الْخَيْرَةِ» عند أهل المَعْرِفة باللَّغة.
وقال أبو زيد : يقال : هي خَيْرَةُ النساء ، وشَرَّةُ النِّسَاءِ.
وأنشد أبو عُبيدةَ :
رَبَلَاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلِكَاتِ
وقال الليثُ : ناقةٌ خِيارٌ ، وجمَلٌ خِيَارٌ.
قلتُ : وقد جاء
في حديث مرفوعٍ : «أَعْطُوهُ جَمَلاً رَبَاعِياً خِياراً».
وقال الليث : يقال : خَايَرْتُ فلاناً فَخِرْتُهُ خَيْراً ، والله يَخِيرُ للعبد ـ إذا اسْتَخَارَهُ ، وخَارَ الله لنا ما هو خَيرٌ ، والأَمْرُ : خِرْ.
ويقال : هذا وهذه وهؤلاء : خِيرَتي ـ وهو ما يَخْتَارُهُ.
وتقول : «أَنْتَ بالمُخْتَارِ» ، و «أَنْتَ بالخِيَار» سَوَاءٌ.
وقال الفرَّاءُ ـ في قول الله جلّ وعزّ : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) [الأعراف : ١٥٥].
قال : والتَّفْسِيرُ : أنَّه اخْتَارَ منهم سبعين رجلاً.
وإنما اسْتُجِيزَ وقوعُ الفِعْل عليهم ـ إذا طُرِحَتْ «مِنْ» لأنه مأخوذٌ من قولك : هؤلاء خَيْرُ القوم ، وخَيْرٌ مِنَ القَوْمِ.
فلمَّا جازَتِ الإضَافَةُ مَكَانَ «مِنْ» ولم يتغَيَّرِ المعنَى استجَازُوا أَنْ يقولوا : اخْتَرْتُكُمْ رَجُلاً ، واخْتَرْتُ منكم رجلاً.
وأنشد :
تَحتَ الَّتي اخْتَارَ لهُ الله الشَّجَرْ
يريد : اخْتَارَ الله له من الشَّجر.
وقال أبو العبَّاس : إنَّما جاز هذا .. لأنَّ الاخْتِيَارَ يدلُّ على التَّبعيض.
ولذلك حُذِفَتْ «مِنْ».
وفي حديثٍ آخَرَ : «رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ ، فَلَمْ أَرَ مِثْلَ الْخَيْرِ والشَّرِّ».
قال شمرٌ : مَعناه ـ والله أعلم ـ : لم أر مثلَ الخير والشرِّ لا يُمَيَّز بينهما فَيُبَالَغُ في طلب الجنَّة والهرَبِ من النار.
وقال أبو زيد : يقال : «إنَّكَ ما وَخَيْراً» أي : إنَّكَ على خَيْرٍ.
وقال الليث : الْخِيرَةُ ـ خفيفةٌ ـ : مَصْدَرُ «اخْتَارَ» خِيرَةً ـ مِثْلُ ارْتَابَ رِيبَةً.
قال : وكل مَصْدَرٍ يكون لِ «أَفْعَلَ» ، فاسْمُ مصدره «فَعَالٌ» ، نحو أَفَاقَ يُفيقُ فَوَاقاً ، وأصَابَ يُصيبُ صَوَاباً ، وأَجَابَ يُجِيبُ جَوَاباً.
أقيم الاسمُ مُقَامَ المصدر.
وكذلك عذَّبَ عَذَاباً.
قلتُ : قرأ القُرَّاءُ : (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) [الأحزاب : ٣٦] بفتح الياء.
ومثله : سَبْيٌ طِيَبَةٌ ـ إذا حَلَّ استِرْقَاقُه.
ورَوَى الحرَّانِيُّ ـ عن ابن السكِّيت ـ يقال : مُحَمَّدٌ خِيرَةُ الله مِنْ خَلْقِه.
وتقول : «إيَّاكَ والطِّيَرَةَ» .. وسَبْيٌ طِيَبَةٌ.
وقال الزَّجَّاجُ : الْخِيَرَةُ التَّخْيِيرُ.
وقال الفرَّاءُ ـ في قول الله جلّ وعزّ : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) [القَصَص : ٦٨] أي : ليس لهم أن يَخْتَارُوا على الله.
قال : ويقال : الخِيْرَةُ والخِيَرَةُ والطِّيْرَةُ والطِّيَرَةُ.
قال : والعَرَب تقول : أعْطِني الْخَيْرَةَ منهنَّ ، والْخِيْرَةَ والْخِيَرَةَ.
كل ذلك : لما تَخْتَارُهُ مِنْ رجل أو امرأة أو بَهيمةٍ ـ تصلح إحدى هؤلاء الثلاثة.
أبو عبيدٍ ـ عن أبي زيد ـ قال : الاسْتِخَارَةُ أَن تَسْتَعْطِفَ الإنسانَ وتَدْعُوَه إليك.
وأنشد :
لَعَلَّكَ إمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ |
سِواكَ خَلِيلاً شَاتِمِي تَسْتَخِيرُها |
ويقال : اسْتَخَرْتُ فلاناً فما خَارَ لي ـ أي : فما عَطَفَ.
والأصلُ في هذا : أنَّ الصَّائِدَ يأتي المَوْضِعَ الذي يَظُنُّ فيه ولَدَ الظَّبية ، أو البقرَة الوحِشيَّة ، فَيَخُورُ خُوَارَ الْغَزَال فتَسْتَمِعُ الأُمُّ ، فإن كان لها ولَدٌ ، ظنَّتْ أنَّ الصوتَ صوتُ ولَدِها .. فتَتْبَعُ الصوت ،
فيعلَمُ الصائِدُ ـ حينئذٍ ـ أَنَّ لها ولَداً ، فيطلبُ موضِعَهُ.
فيقال : استَخَارها أي : خَارَ لِتَخُورَ.
ثم قيل لكلِّ مِن استعطف : قد استَخَار.
قلت : وجَعَلَ الليثُ الاستِخَارَةَ للضَّبُع والْيَرْبُوعِ ، وهو باطلٌ. إنَّما الاسْتِخَارَةُ ما فَسَّرْتُه.
وقال الليث : الْخِيرُ : الهِبَةُ.
وقال أبو عبيدٍ : الْخِيرُ : الكَرَمُ. وهو الصَّوَاب.
وقال الفرَّاء : يقال : لَكَ خُوَارُها ـ أي : خِيَارُها.
وفي بني فلانٍ خُورَى من الإبل ـ أي : كِرَامٌ.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : الْخُوَيْرَةُ : تصغِيرُ الْخُوَرَةِ .. وهي خِيَارُ المال.
وقال اللَّيث : والْخُوارُ : صَوْت الثّوْرِ ، وما اشتَدَّ من صوت البقَرَة والعِجْل.
تقول : خَارَ يَخورُ خُوَاراً.
قال : والْخَوْرُ : مَصَبُّ المياه الجَارِية في البحر ـ إذا اتّسَع وعَرُضَ.
وقال شمرٌ : الْخَوْرُ : عُنُقٌ من البَحْر يدخُل في الأرض ، وجَمْعُه خُؤُورٌ.
وقال الْعَجَّاجُ يصف السَّفِينة :
إِذَا انْتَحَى بِجُؤْجُؤٍ مَسْمُورِ |
وَتَارَةً يَنْقَضُّ في الْخُؤُورِ |
تَقَضِّيَ الْبَازِي مِنَ الصُّقُورِ
وقال غيرُه : الْخَوْرُ : الْمُنخَفِضُ من الأرض ـ بين نَشْزيْنِ.
ولذلك قيل للدُّبْر : خَوْرَانُ .. لأنّه كالهبْطَةِ بين رَبْوَتَيْن.
ويقال : طَعَن الحمارَ فَخَارَهُ خَوْراً ـ إذا طَعَنَه في خَوْرَانِهِ ، وهو الهواء الذي فيه الدُّبْرُ ـ من الرَّجُل ، والقُبُلُ ـ من المرأة.
وأمَّا الأرضُ الْخَوَّارَةُ : فهي اللَّيِّنَةُ السَّهلَة.
ويقال : بَكْرَةٌ خَوَّارَة ـ إذا ـ كانتْ سهلةَ مَجْرَى الْمِحْورِ في الْقَعْوِ. وأنشد :
عَلِّقْ عَلَى بَكْرِكَ مَا تُعَلِّقُ |
بَكْرُكَ خَوّارٌ وَبَكْرِي أَوْرَقُ |
ويقال : فَرَسٌ خَوَّارُ العِنَانِ ـ إذا كان ليِّنَ الْعِطْفِ ، كَثِيرَ الجَرْي. وخيلٌ خُورٌ.
وقال ابنُ مُقْبِل :
مُلِحٌّ إذَا الْخُورُ اللهَامِيمُ هَرْوَلَتْ |
تَوَثُّبَ أَوْسَاطِ الخَبَارِ على الْفَتْرِ |
وقال الليث : الْخَوّارُ : الضعيف الذي لا بقاءَ له على الشِّدَّةِ.
ورجلٌ خَوّارٌ ، وسَهْمٌ خَوّارٌ.
قال : والخَوَّارُ ـ في كل شيء عيبٌ إلّا في هذه الأشياء ، ناقةٌ خَوَّارَةٌ ، وشاةٌ خَوَّارَةٌ ـ إذا كانتا غَزِيرَتيْن باللبن ، وبعيرٌ خَوّارٌ : رَقيقٌ حَسَنٌ ، وفرَسٌ خَوّارُ العِنَانِ : لَيِّنُ العِطْف والجميعُ : خُورٌ ـ في جميع ذلك ، والعدد خَوَّارَاتٌ.
وقال أَبُو الهَيْثَم : رجلٌ خَوَّارٌ ، وقومٌ خَوَّارُونَ ، ورجلٌ خؤُورٌ ، وقومٌ خُورٌ وناقةٌ خوَّارَةٌ : رَقِيقَةُ الْجِلْدِ .. غَزِيرَةٌ.
وخارَ الرجلُ ـ يَخُورُ ، فهو خَائِرٌ ، وقومٌ خَارَةٌ ، وقد خَارَ خُؤُوراً.
قال : والْخَوْرُ : خَلِيجُ الْبَحْر.
قال : ويقال ـ لِلدُّبر ـ : الْخَوْرَانُ وَالخَوَّارَة ، لضعف فَقْحَتِهَا سُمِّيَتْ به.
قال : وَيُجمَعُ «الخَوْرَانُ» .. الدُّبُرُ : «خَوَرَانَاتٍ».
قال : وكذلك كلُّ اسم كان مذكَّراً ـ لغير الناس .. فَجَمْعُهُ ـ على لفظ تَاءَاتِ الْجَمْعِ ـ : جَائز.
نحوُ حَمَّامَاتٍ ، وَسُرَادِقَاتٍ وما أَشْبَهَهَا.
وقال غيره : خَارَ الْبَرْدُ يَخُورُ خؤُوراً ـ إذا فَتَر وسكنَ.
سلمة ـ عن الفراء ـ : خَوِرَ الرجلُ خَوَراً ـ إذا ضَعُفَ.
ويقال : إِنَّ في بعيرك هذا لَشَارِبَ خَوَرٍ.
يكون مَدْحاً .. ويكون ذَمّاً.
فالمدْحُ أن يكون صَبُوراً على العطش والتعب ، والذَّمُّ أن يكون غير صَبُورٍ عليهما.
قال شمر : قال أعرابيٌّ لِخَلَفٍ الأحمرِ : ما خَيْرَ اللَّبَنَ للمريض! وذلك بمحضرٍ من أَبي زَيْدٍ.
فقال له خَلَفٌ : ما أحْسَنَها من كلمة ..! لو لم تُدَنِّسْهَا بإسماعها الناس.
قال : وكان خَلَفٌ ضَنِيناً .. فرجع أبو زيد إلى أصحابه ، فقال لهم : إذا أقبل خلفٌ فقولوا بأجمعكم : «ما خَيْرَ اللَّبَنَ للمريض!!» ، ففعلوا ذلك عند إقْباله : فَعلِم أنه من فِعل أَبِي زَيْدٍ.
قال شمر : ويقال : ما أَخْيَرَهُ .. وَخَيْرَهُ.
وما أَشرَّه .. وشَرَّهُ ، وهذا خير منه وشرٌّ منه ، وأَخْيرُ منه وَأَشَرُّ منه.
قال : وقوله «ما خَيْرَ اللَّبَنَ لِلْمَرِيضِ!» تَعَجُّبٌ.
خرأ : قال الليث : خَرِىء يَخْرَأُ خَرْءاً ، والاسم : الْخِرَاءُ .. والمكانُ : الْمَخْرُوءةُ.
وقال غيره : يُجْمعُ «الْخِرَاءُ» : «خروءاً وخُرْآناً».
وفي الْحَدِيثِ : «أَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا لِسَلْمَانَ : إِنَّ مُحَمَّداً يُعَلِّمُكُمْ كلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ؟ فقال : أَجَلْ .. أَمَرَنا ألا نكْتَفي في الاستنجاءِ بأَقلَّ من ثلاثةِ أحجارٍ».
شمِر : قال الفراءُ : جَمْعُ «الْخُرْءِ» : خُرُوءٌ ـ عَلَى «فُعُولٍ».
يقال : رَمَوْا بِخُرُوئِهِمْ وَسُلُوحِهِمْ ، ورَمَى بخُرْآنِهِ وَسُلْحَانِه. وهو جَمْعُ «خَرْءٍ» ـ أَيضاً. والْمخْرُوءَة : الْموْضِعُ الَّذي يُتَخَلَّى فيه.
أخر : قال الليث : يقال : هذا آخَرُ ، وهذه أُخْرَى .. في التذكير والتأنيث.
قال : وَقَوْلُ الله جلّ وعزّ : وأخر : معناه : جماعةٌ أخرى.
وقال الزَّجَّاجُ في قوله تعالى : وأخر من شكله أزواج (٥٨) : [ص : ٥٨] : أخر لا تنصرف ، لأن وُحْدَانَها لا تنصرف وهو «أُخْرَى وَآخَرُ».
وقال المبرِّد : لأنه مَعْدُولٌ عمَّا كان الأصْلُ عليه.
وذلك أن «الأصغر» و «الأكبر» يدخلهما الألف واللام. إلا أن تقول : «هو أصغر من كذا وأكبر من كذا» ، فخرج «آخَرُ وأُخْرَى» من بابه ، وأجيزَ ـ بغير أَلف ولامٍ وبغير الإضافة ـ فهو لا يَنْصَرِفُ.
وكذلك كل جمع عَلَى «فُعَلَ» لا ينصرف إذا كانت وُحْدَانُهُ لا تنصرف مِثْلُ «كُبَرَ وَصُغَرَ».
وإذا كان «فُعَلُ» جمعاً ل «فُعْلَةٍ» فإِنه ينصرف.
نحوُ «سُتْرَةٍ وسُتَرٍ» ، و «حُفْرَةٍ وَحُفَرٍ».
وإذا كان «فُعَلُ» اسْماً مصروفاً عن «فاعِلٍ» لم ينصرف في «المعرفة» ، وانصرف في «النَّكِرَةِ».
وإذا كان اسْماً لطائرٍ أو غيره .. فإنه ينصرف نحوُ : «سُبَدٍ ومُرَعٍ وجُرَذٍ» ، وما أَشْبَهَهَا.
وقرىءَ : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) على الواحد.
وقولُهُ جلّ وعزّ : (وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠)) [النّجْم : ٢٠] : تأنيثُ الآخَرِ.
ومعنى «آخَرَ» : شيءٌ غيرُ الأَوَّلِ الذي قَبْلَهُ.
وأمّا «الآخِرُ» ـ بكسر الخاء ـ فهو الله جلّ وعزّ (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) [الحَديد : ٣].
ورُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال ـ وهو يُمجِّدُ الله : «أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْس قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ».
وقال اللّيْثُ : «الآخِرُ والآخِرَةُ» : نَقِيضُ «المتقَدِّمِ والمتقدِّمَةِ».
قال : والمُسْتَأخِرُ : نَقِيضُ المُسْتَقْدِم.
قال : وآخِرَةُ الرَّحْلِ ، وقادِمَتُه ومُؤْخِرُ العَيْن ومُقْدِمُها.
جاء في العين بالتخفيف خاصَّةً.
ومُؤَخَّرُ الشيء ومُقَدَّمُه.
ويقال : جاء فلان أخِيراً ـ أي بأَخَرَةٍ.
وبِعْتُه سِلْعَةً بأَخَرَةٍ ـ أي : بِتَأْخِيرٍ.
قال : والأُخُرُ : نقيض الْقُدُمِ ، تقول : مَضَى قُدُماً ، وتأَخَّرَ أُخُراً.
ويقال : فعل الله بالأَخِرِ .. لا مَرْحَباً بالأَخِرِ ـ مقصورٌ ـ أي : بالأَبعَدِ.
وجاء فلانٌ في أُخْرَيَاتِ النَّاس ، وفي أُخْرَى القوم ـ أي : في أَوَاخِرِهمْ.
وأنشد :
أَنَا الّذي وُلِدْتُ في أُخْرَى الإبِلْ
ويقال : لَقِيتُه أُخْرِيّاً ـ أي : آخِرِيّاً.
وأخبرني المُنْذِريُّ عن الحرَّانيِّ عن ابن السكِّيت : يقال : نظر إليَ بِمُؤْخِرِ عَيْنِه ، وضرَبَ مُؤْخَرَ رأسه ـ وهي آخِرَةُ الرَّحْل.
ويقال : جاءنا بأخَرَةٍ ، وجاءنا أَخِيراً وأُخُراً ، وبعتُه بَيْعاً بأَخِرَةٍ وبنَظِرَةٍ.
ويقالُ : شقَّ ثوبَه أُخُراً ، ومن أُخُرٍ.
وقال الفرَّاءُ في قول الله جلّ وعزّ : (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ) [آل عِمرَان : ١٥٣] : من العرب من يقول : في أخراتكم ، ولا يجوزُ في القِرَاءةِ.
وأنشد :
وَيَتَّقِي السَّيْفَ بِأُخْرَاتِهِ |
من دُونِ كَفِّ الْجَارِ وَالْمِعْصَمِ |
وقال ابنُ الأعرابيِّ : يقال : أَتَيْتُكَ آخِرَ مرَّتين ، وآخِرَةَ مرتين. وبِعتُه المَتَاعَ بأَخِرَةٍ ـ أي : بنَظِرَةٍ.
ويقال : للنّاقَة آخِرَانِ وقَادِمانِ.
فَخِلْفِاها المقدَّمَانِ : قَادِمَاها وخِلْفَاهَا المؤخَّرَان : آخِرَاها.
والعربُ تقول : وَاسِطُ الرَّحْل .. للذي جعله الليث بجهله قَادِمَةً.
ويقولون : مُؤْخِرَةُ الرَّحْل ، وآخِرَةُ الرَّحْل ـ قاله الأصمعي.
وروى أبو عبيد ـ عنه ـ : المِئْخَارُ : النَّخْلة التي يبقى حَمْلُها إلى آخر الصِّرَام.
وأنشد :
تَرَى الْغَضِيضَ الْمُوقَرَ الْمِئْخَارَ |
مِنْ وَقْعِهِ يَنْتَثِرُ انْتِثَارَا |
وقال أبو العبَّاس محمد بنُ يَزِيدَ : تقول : ضرَبْتُ رجلاً آخَرَ ـ أي : ليس بالأوَّل.
قال : وأصْلُهُ : «أَفْعَلُ مِنْ كذا» .. فلمَّا استغنيتَ عن «مِنْ» بمعناه ، وكان مَعْدُولاً عن الألف واللام ، خارِجاً من بابه ـ لأنَّ بابه «الأَفْعَلُ والفُعْلَى» بالألف واللام ـ إذاً حذَفْتَ «مِنْ» عَنْ «أَفْعَلَ منها».
قال : ومؤنَّثُ «آخَرَ» : «أُخْرَى» مثلُ المذكَّرِ.
ولا يجوز : امرأةٌ صُغْرَى ولا كبْرَى ـ إِلَّا أَنْ تقولَ : «الصُّغْرَى والكُبْرَى» ـ أو تقول : «أَصغَرُ من كذا».
وقال : «أُخَرُ» لا ينصرف في معرفة ولا نكرة ـ لأنها نُعُوتٌ.
وكذلك : «جُمَعُ ، وكُتَعُ» لا تنصرف ـ لأنها نُعُوتٌ.
أبو زيد : جئتُ أُخْرِيّاً ، وبَأَخرَةٍ ـ بمعنى واحد.
قال : ويقال : بعتُه المتَاعَ إخْرِيّاً.
باب الخاء واللام
خ ل
(وايء) خال ، خلا ، خلأ ، لاخ ، ولخ ، لخا : مستعملة.
خول ـ خيل : قال الليث : الْخَالُ : أخو الأُمِّ ـ والْخَالةُ أُخْتُها. والمصدرُ : الْخُؤُولةُ.
وأَخْوَلَ الرجلُ وأُخْوِلَ ـ إذا كان ذا أَخْوَالٍ .. فهو مُخْوِلٌ ومُخْوَلٌ.
وقال الأصمعيُّ وغيره : غُلامٌ مُعَمٌ مُخْوَلٌ ـ إذا كان كريم الأعمام والأَخْوال.
ولا يقال : مُعِمٌّ ، ولا مُخْوِلٌ.
الحرَّانيُّ ـ عن ابن السكيت : يقال : هما ابنَا عَمٍّ ، ولا تَقُلْ هما ابنَا خَالٍ.
وتقول : هما ابنا خَالةٍ ـ ولا تقل : ابنا عَمَّةٍ.
ويقال : تَعَمَّمَتُ عَمّاً ، وتَخَوَّلْتُ خَالاً ـ إذا اتخذت عمّاً ، أو خالاً.
والْخُؤُولةُ : جَمْعُ الخَالِ. والعُمُومَةُ : جَمْعُ الْعَمِّ.
وقال الليث : الخَالُ : بَثْرَةٌ في الوجه تَضْرِبُ إلى السواد. والْجَمِيعُ : الخِيلانُ.
أبو عبيد ـ عن الكسائيِّ ـ :
رجلٌ مَخِيلٌ ومَخْيُولٌ ، ومَخُولٌ ـ من الخَالِ ـ وتصغيرُه : خُيَيْلٌ فيمَنْ قال : مَخِيلٌ. وخُوَيْلٌ ـ فيمَنْ قال : مَخُولٌ.
الليث : الخَالُ : ثوبٌ ناعم من ثِيَاب اليَمَن.
قلت : الخَالُ ضَرْبٌ من بُرُودِ اليَمَنِ الموْشِيَّةِ.
والخَالُ : اللِّواءُ الذي يُعْقَدُ لولاية وَالٍ.
ولا أُرَاهُ سُمِّي خالاً .. إلا لأنه كان يُعْقَدُ من بُرُود الخَالِ.
والخَالُ : الكبْرُ ، والخُيَلَاءُ. وقال الراجز :
والْخَالُ ثَوْبٌ مِنْ ثيَابِ الّجُهّالْ
وجعل الليث : «الخَالَ» هاهنا ثوباً!! وإنما هو الكبْرُ.
وقال الله : جلّ وعزّ : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَ مُخْتالٍ فَخُورٍ) [لقمَان : ١٨].
فالمُخْتَالُ : المتكبِّر.
ويقال : رجلٌ خالٌ ـ أي : مُخْتَالٌ. ومنه قولُهُ :
إِذَا تَجَرَّدَ لا خالٌ ولا بَخِلُ
وقال الليث : الخَالُ : كالظَّلَعِ والغَمْزِ في الدَّابَّة.
يقال : خالَ الفَرَسُ يَخَالُ خَالاً فهو خائِلٌ.
وأنشد :
نَادَى الصَّرِيخُ فَرَدُّوا الخَيْلَ عَانيةً |
تَشْكُو الكلال وَتَشكُو مِنْ حَفَا خالِ |
وقال أبو عَمْرٍو وغيرُه : يقال : رجلٌ خَالُ مَالٍ ، وخَائِلُ مَالٍ ـ إذا كانَ حَسَنَ الْقيَامِ عَلَى نَعَمِهِ.
ابن بُزُرْجَ : الْخَائِلُ : الْحَافِظُ ، وراعِي الْقَوْم .. يَخُولُ عليهم ـ أَيْ : يَحْلُبُ ويَسْقِي ويَرْعَى.
ويقال : خَالَ المالَ .. يَخُولُهُ ـ إذا سَاسَهُ.
والْخوْلِيُ : القَائِمُ بأَمر الناس ، السَّائِسُ له.
وفي الحديث : «أَنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم كانَ يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْهمْ».
وقال أبو عبيدٍ : قال أبو عمْرٍو : وقوله : «يَتَخَوَّلُهُمْ» ـ أي : يَتعَهَّدُهُم بها.
قال : والْخَائِلُ : الْمُتَعَهِّدُ للشَّيء .. المُصْلِح له .. القائِمُ بهِ.
قال : وقال الفرّاءُ : الْخَائِلُ : الرّاعي للشّيء ، والحافِظُ له.
وقد خَالَ يَخُولُ خَوْلاً. وأَنشد :
فَهْوَ لَهُنَ خَائِلٌ وَفَارِطُ
قلتُ : والعَرَبُ تقولُ : مَنْ خَالُ هذا الفرسِ؟ ـ أي : مَنْ صَاحبُها؟
ومنه قول الشّاعر :
يَصُبُّ لَهَا نِطَافَ الْقَوْمِ سِرّاً |
ويَشْهَدُ خَالُهَا أَمْرَ الزَّعِيم |
يقول : لفارسها قَدْرٌ.
فالرّئيسُ يُشاوِرُه في تَدْبيره.
والْخُوَّالُ : الرِّعَاءُ الْحُفّاظُ لِلْمَالِ.
وَالْخَالُ : خَالُ السَّحابَةِ ـ إذا رَأَيْتَها مَاطِرَةً.
وفي الحديث : أَنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم كانَ إذَا رَأَى مَخِيلةً أَقْبَلَ وَأَدْبر وتَغَيَّر.
قالَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرْتُ ذَلكَ لَهُ ، فقَالَ : «وَمَا يُدْرِينا؟ لَعَلّهُ كما ذَكَرَ الله جلّ وعزّ (فَلَمَّا
رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٤))
[الأحقاف : ٢٤].
وقال أبو عبيد : «الْمَخِيْلَةُ» ـ بفتح الميم ـ : السَّحَابَةُ ، وجَمْعُها : مَخَايِلُ.
وقد يقال للسحابِ أَيضاً : الْخَالُ.
فإذا أرادوا أَنَّ السماء قد تغَيّمَتْ .. قالوا : قد أَخَالَتْ ، فهي مُخِيلَةٌ ـ بضم الميم.
فإذا أَرادوا السحابَةَ نَفْسَها .. قالوا : هذه مَخِيلَةٌ ـ بالفتح. ويقال للرّجل الْمُخْتَالِ : خَائِلٌ.
وجَمْعُه : خَالَةٌ. ومنه قول الشَّاعر :
أَوْدَى الشَّبَابُ وَحُبُ الْخَالَةِ الْخَلِبَهْ |
وَقَدْ كَبِرتُ فمَا بِالنّفْسِ مِنْ قَلَبَهْ |
أراد ب «الْخَالَةِ» جَمْعَ «الْخَائِلِ» وهو الْمُخْتَالُ الشّابُّ.
وقال اللَّيثُ : يقال للرّجُلِ السَّمْحِ : خَالٌ .. تشبيهاً بالْخَالِ ، وهو السَّحَابُ المَاطِرُ.
قال : ويقال : خَيَّلَتِ السحابةُ ـ إذا أَغَامَتْ ، ولم تُمْطِر.
وكلُّ شيء كان خَلِيقاً فهو مَخِيلٌ.
يقال : إنَّ فلاناً لمَخِيلٌ للخيْر.
أبو عبيد ـ عن الكِسَائيِّ ـ : السحابَةُ المُخِيلَةُ : التي إذا رأَيْتَها حَسِبْتَها ماطرةً ـ وقد أَخْيَلْنَا.
وتَخَيَّلَتِ السَّماءُ : تهيَّأَتْ للمطر.
قال : وقال الأحمرُ : افْعَلْ كذا وكذا إمَّا هَلَكَتْ هُلْكُ ـ أي : على ما خَيَّلَتْ ـ أي : على كلِّ حالٍ ، ونحوِه.
ابن السِّكِّيت : خَيَّلَتِ السماء للمطر وما أَحْسَنَ مَخِيلَتَها وخَالَها!! ـ أي : خَلَاقَتها للمطر.
وقولُهُمُ : افْعَلْ ذلك على ما خَيَّلَتْ ـ أي : على ما شَبَّهَتْ.
وإنه لَمُخِيلٌ للخير ، وقد أَخَلْتُ فيه خَالاً من الخير ، وتَخَوّلْتُ فيه خَالاً ، ووجدتُ أرضاً مُتَخيِّلَةً ـ إذا بلغ نَبْتُها الْمَدَى.
أبو عبيدٍ ـ عن أبي زيدٍ ـ : تَخيَّلتُ عليه تَخَيُّلاً ـ إذا تَخَيَّرْتُهُ وتفرّستُ فيه الخيرَ.
وَخَيّلَتْ علينا السماءُ ـ إذا رَعَدَت وبَرَقَت قبل المطر.
فإذا وَقَعَ المطرُ ذهب اسمُ التَّخْيِيلِ.
قال : وخَيَّلْتُ على الرجل ـ تَخْيِيلاً ـ إذا وجّهْتُ التُّهْمَةَ إليه.
وقال غيرُه : خَيّلْتُ للناقة وأَخْيَلْتُ ـ وهو أن تَضَعَ لَوَلَدِهَا خَيالاً ليَفْزَعَ منه الذئب فلا يَقْرَبُه.
وقال الليثُ : كلُّ شيء اشْتَبَهَ عليكَ فهو مُخِيلٌ وقد أَخَالَ. وأنشد :
وَالصِّدْقُ أَبْلَجُ لَا يُخِيلُ سَبِيلُهُ |
والصِّدْقُ يَعْرِفُهُ ذَوُو الألْبَابِ |
قال : وأَخَالَتِ الناقةُ .. فهِي مُخِيلَةٌ ـ إذا كانت حَسَنَةَ العَطَلِ ، في ضَرْعها لَبَنٌ.
قال والْخَوَلُ : ما أَعْطى الله الإنسانَ من العَبِيدِ والنَّعَمِ. وقال أبو النّجم :
كُومَ الذُّرَا مِنْ خَوَلِ الْمُخَوَّلِ
ويقال : هؤلاء خَوَلُ فلان ـ إذا اتَّخَذَهُم كالعبيد وقَهَرَهُمْ.
قال : وَخوَلُ اللِّجَامِ : أَصْلُ فأسِهِ.
قلتُ : لا أَعْرِفُ «خَوَلَ اللِّجَامِ» ولا أَدْرِي ما هُوَ؟ أبو عبيدٍ ـ عن الفرَّاء ـ قال : الأخْيَلُ : الشِّقْرَاقُ ـ عند العربِ.
وقال شَمِرٌ : كانت العربُ تَتَشاءَمُ به ـ وقال الليث مِثْلَهُ.
قال : ويسمَّى الشَّاهِينُ : الأخْيَلَ. وجمعُهُ : الأَخَايِلُ.
قال : والْخَيَالُ : كلُّ شيء تراهُ كالظِّلِّ.
وكذلك خَيَالُ الإنسان في الْمِرْآةِ.
وخَيَالُهُ في المنام : صُورَةُ تِمْثَالِه.
وربَّما مَرَّ بك الشيءُ شِبْهُ الظِّلِّ فهو خَيَالٌ.
يقال : تَخَيَّلَ لي خَيَالُهُ.
ويقال : خِلْتُهُ زَيْداً خِيلَاناً. إِخَالُهُ وأَخَالُهُ.
ومِنْ أَمثالهم : «من يَسْمَعْ يَخْلَ» أيْ يَظنُّ.
قال : وقيل : «مَنْ يَشْبَعْ يَخَلْ» وكلامُ العربِ هو الأوَّلُ. قال : قال أبو عُبَيْدٍ : ومَعْنَاهُ : مَنْ يَسْمَعْ أَخْبَارَ الناس ومَعَايِبَهُمْ يَقَعْ في نفسه عليهِمُ الْمَكْرُوهُ. ومَعْنَاه : أَنَّ الْمُجَانَبَةَ للناس أَسْلمُ.
وقال ابْنُ هانِىءٍ ـ في قولهم : مَنْ يَسْمَعْ يخلْ ـ : يقالُ ذلك عند تحقيق الظَّنِّ.
قال : «وَيَخَلْ» : مُشتقٌّ من «يُخَيَّلُ إليَّ».
أبو نَصْرٍ ـ عن الأصمعِيِّ ـ : الْخَيَالُ : خَشَبَةٌ تُوضَعُ فيُلقَى عليها الثوبُ لِلْغَنَمِ إذا رَآها الذِّئْبُ ظَنَّ أنَّهُ إنسانٌ.
وأنشد :
أَخٌ لَا أَخَا لِي غَيْرُهُ غَيْرَ أَنَّنِي |
كَرَاعِي الْخَيَالِ يَسْتَطِيفُ بِلَا فِكْرِ |
والْخَيَال ـ أيضاً ـ ما نُصِبَ في أرضٍ ليُعْلَمَ أَنَّهَا حِمًى فلا تُقْرَبَ.
وقيل : رَاعِي الْخيَالِ هو الرَّأْلُ ـ يَنْصِبُ له الصَّائِدُ خَيَالاً يَألَفُهُ ، فيجِيءُ فيأخُذُ الْخَيَالَ فيَتْبَعُهُ الرَّأْلُ.
والْخَيَالُ : خَيَالُ الطَّائر ـ يَرْتَفِعُ في السماء فينظُرُ إلى ظِلِّ نفسِه ، فيُرَى أَنَّه صَيْدٌ ، فيَنْقَضُّ ، ولا يَجِدُ شيئاً.
وهو خَاطِفُ ظِلِّهِ. والْخَيَالُ : أَرْضٌ لِبَنِي تَغْلِبَ.
ويقال : وَرَدْنَا أَرضاً مُتَخَيِّلَةً ، وقَدْ تَخَيَّلَتْ ـ إذا بلغ نَبْتُها أن يُرْعَى.
وفي الحديث : «إِنَّ قَوْماً وفَدُوا عَلَى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال خَطِيبُهُمْ بَعْدَ مَا وَصَفَ جُدُوبَةَ بَلَدِهِمْ : كُنَّا نَسْتَحِيلُ الْجَهَامَ ، ونَسْتَخِيلُ الرِّهَامَ».
و «اسْتِحَالَةُ الْجَهَامِ» : أن تَنْظُرَ إليه .. هل يَحُولُ؟ ـ أي : يَتَحَرَّكُ.
«واسْتِخَالَةُ الرِّهَامِ» : إذا نَظَرْتَ إليها فَخِلْتَها مَاطِرَةً وقال الرَّاجِزُ :
تَخَالُهَا طَائِرَةً ولَمْ تَطِرْ |
كَأَنَّهَا خِيلَانُ رَاعٍ مُحْتَظِرْ |
أراد ب «الْخِيلَانِ» : ما نصبه الرَّاعي عند حَظِيرَةِ غَنَمِهِ.
قال : والْمُخَايَلةُ : الْمُبَارَاةُ.
يقال : خَايَلْتُ فلاناً ـ أي : بارَيْتُهُ وَفَعْلَتُ فِعْلَهُ. وقال الْكُمَيْتُ :
أَقُولُ لَهُمْ يَوْمَ أَيْمانُهُمُ |
تُخَايِلُهَا في النَّدَى الأشْمُلُ |
«تُخَايِلُهَا» ـ أيْ : تُفَاخِرُهَا وتُبَارِيَها. وقال ابنُ أَحْمَرَ :
وَقَالُوا : أنَتْ أَرْضٌ بِهِ وتَخَيَّلَتْ |
فَأَمْسَى لِمَا في الرّأْسِ وَالصَّدْرِ شَاكِيا |
«تَخَيَّلَتْ» : اشتَبَهَتْ.
وقال عَرَّامٌ : خَيَّلَ فلانٌ عن القوم ـ إذا كَعَّ عَنْهُمْ.
قال سَلَمَةُ : ومثله : «غَيَّفَ ، وخَيَّفَ».
أبو عبيد ـ عن أبي زيد ـ : ذَهَبَ القومُ أَخْوَلَ أَخْوَلَ ـ أي : واحداً بعدَ وَاحِدٍ.
وأنشدنا لِضَابىءٍ يصفُ ثوراً وحْشِيّاً حَمَلَ عَلَى الكلابِ :
يُسَاقِطُ عَنْهُ رَوْقُهُ ضَارِيَاتِها |
سِقَاطَ حَدِيدِ الْقَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلَا |
ثعلب ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : الْخَوْلَةُ : الظَّبْيَةُ.
قال : وخَالَ يَخُولُ خَوْلاً ـ إذا صار ذا خَوَلٍ ـ بَعْدَ انفرادٍ.
وخَالَ يَخِيلُ خَيْلاً ـ إذا دام عَلَى أَكلِ الْخِيْلِ ـ وهو السَّذَابُ.
أبو زيدٍ : يُقالُ : لا يُخِيلُ ذَاكَ عَلَى أَحدٍ ـ أي : لا يُشْكِلُ. وشيءٌ مُخِيلٌ : مُشْكِلٌ.
خلا : قال شمِرٌ : يقال : وجدْتُ الدارَ مُخْلِيَةً أي : خَالِيَةً.
وقد خَلَتِ الدارُ وأَخْلتْ. ووجدتُ فُلَانَةَ مُخْلِيَةً ـ أي : خَالِيَةً.
ولَقِيتُ فلاناً بِخَلاءٍ مِنَ الأرض ـ أي : بأرضٍ خَالِيَةٍ. قاله ابنُ شُمَيْلٍ.
قال : ويقول الرجل للرجل : اخْلُ معي حتى أكلِّمَكَ ، واخْلُنِي حتَّى أُكلِّمَكَ ـ أي : كُنْ مَعِي خَالِياً.
ويقال : اسْتَخْليتُ فلاناً ـ أي : قُلْتُ له : اخْلُنِي.
وقال الْجَعْدِي :
وَذَلِكَ مِنْ وَقَعَاتِ الْمَنُو |
نِ فأَخْلِي إلَيْكِ وَلَا تَعْجَبي |
ـ أي : أَخْلِي بِأَمْرِكِ .. من «خَلَوْتُ».
وتقول : افْعَلْ كذا وخَلَاكَ ذَمٌ ـ أي : لا يُدْرِكُكَ ذَمٌّ.
وقال عبد الله بنُ رَوَاحَةَ :
فَشَأْنَكِ فَانْعَمِي وَخَلَاكِ ذَمٌ |
وَلَا أرْجِعْ إلى أهْلٍ وَرَائِي |
وقال الليثُ : خَالاني فلانٌ مُخَالاةً ـ أيْ : خَالَفَنِي.
وقال النّابغةُ الذُّبْيَانيُّ لزُرْعَةَ بن عَوْفٍ ـ حين بعث بَنُو عامرٍ إلى حِصْنِ بنِ فَزَارَةَ ، وإلى عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ : أَنِ اقطَعُوا ما بينكم وبين بني أسد ، وألحقُوهم ببني كِنَانَةَ ونحالِفُكم .. فنحن بنو أبيكم ـ وكان عُيَيْنَة هَمَّ بذلك. فقال النَّابغة :
قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُوا بَنِي أَسَدٍ |
يَابُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّاراً لأقْوَامِ |
قال الأصمعيُّ : معناه : اتْرُكُوهُمْ.
يقال : خَالَيْتُه خِلَاءً ـ أي : تارَكْتُهُ.
وقال فيها :
يَأبَى الْبَلاءُ فَما يَبْغِي بهِمْ بَدَلاً |
وَمَا أُرِيدُ خِلَاءً بَعْدَ إحكامِ |
«يَأبَى الْبَلاءُ» ـ أي : التّجْرِبَةُ.
أي : جرَّبناهم فأَحْمْدناهم ، فلا نُخَالِيهِمْ.
وقال الليث : خَالَيْتُ فلاناً ـ أي : صارَعْتَهُ.
وكذلك : المُخَالاةُ في كل أَمْرٍ.
وأنشدَ :
وَلَا يَدْرِي الشَّقِيُّ بِمَنْ يُخالي
قلتُ : كأَنَّه إذا صارعه خَلَا كلُّ واحد منهما لصاحبه فلم يَسْتَعِنْ واحدٌ منهما على صاحبه أَحَداً.
ويقال : عَدُوٌ مُخالٍ أي : ليس له عَهْد.
وقال الجعْدِيُّ :
غَيْرُ بِدْعٍ مِنَ الْجِيادِ وَلَا يُجْ |
نَبْنَ إلّا إلَى عَدُوٍّ مُخالي |
«لا يُجْنَبْنَ» أي : لا يُقَدْنَ.
ويقال : خَالَيْتُ العَدُوَّ ـ أي : تركتُ ما بيني وبينه من المُوَادَعة ، وخَلَا كلُّ واحدٍ مِنَّا من العَهد.
وقال الليثُ : خَلَا المكانُ والشيءُ يخْلُو خُلُوّاً وخَلَاءً وأَخْلَى إذا لم يكنْ فيه أحدٌ ، ولا شيءَ فيه وهو خَالٍ.
والخلاءُ ـ من الأرض ـ قَرارٌ خَالٍ وخَلا الرجلُ .. يَخْلُو خَلْوَةً.
ويقال : اسْتَخْلَيْتُ المَلِكَ فأَخْلَاني ـ أي : خلَا معي ، وخلا بي ، وأَخلَى لِيَ مَجْلسَه.
وفلانٌ يَخْلُو بفلان ـ إذا خَادَعَه.
ويقال : خلَا قرنٌ فقرن ـ أي : مَضَى.
والقُرُونُ الخَالِيةُ : الماضية.
وقال اللِّحيانيُّ : خَلْوتُ بفلان أَخلُو به خلْوةً وخَلَاء.
قال : وقال بعضهُم : أَخْلَيْتُ بفلان أُخْلي به إخلَاءً .. بمعنى خَلَوْتُ به.
وتركتُه مُخْلِياً بفلان ـ أي : خالِياً به.
وخلَتِ الدارُ خلَاءً ـ إذا لم يَبْقَ فيها أحدٌ.
وأَخلَاها الله .. إخلَاءً.
ويقال : خلَا فلانٌ على اللّبَن أو على اللَّحم ـ إذا لم يأكلْ معه شيئاً.
قال : وكِنانَةُ تقول : أَخلَى على اللبَنِ.
وقال الرَّاعي :
رَعَتْهُ أَشْهُراً وَخلَا عَلَيْها |
فَطارَ النِّيُّ فِيها وَاسْتَغارَا |
قال : ويقال : أنا خلِيٌ مِنْ هذا .. وخلَاءٌ.
فمن قال : خلِيٌ» .. ثَنَّى وجَمَع وأَنَّثَ.
ومن قال : «خَلاءٌ» .. لم يُثَنِّ ولم يَجْمَع ولم يُؤنِّث.
والعرب تقول : ويل للشَّجِيِّ من الْخَلِيِ.
«والْخَلِيُ» الذي لا هم له .. الفارغُ.
ويقال : هو خِلْوٌ من هذا الأمر ـ أي : خارِجٌ.
وهما خِلْوٌ ، وهم خِلْوٌ.
وقال بعضهُم : هما خِلْوَانِ من هذا الأمر ، وهُمْ أَخْلَاءٌ .. وليس بالوَجْه.
ويقال : خلَتِ المرأةُ مِنْ زَوجها.
ويقال للمرأة : «أَنْتِ خلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ» فتَطْلُقُ بها المرأةُ ـ إذا نُوِيَ طلاقُها.
وقال ابنُ بزُرْجَ : امرأةٌ خلِيّةٌ .. ونسوةٌ خلِيَّاتٌ : لا أزواجَ لهن ولا أولادَ.
وقال : امرأةٌ خِلْوَةٌ ، وامرأتان خِلْوَتانِ ، ونِسْوَةٌ خِلْوَاتٌ ـ أي : عَزَبَاتٌ.
ورجل خليٌ ، ورجلان خَلِيّانِ ورجالٌ أَخلِياءُ : لا نساءَ لهم.
شمرٌ عن ابن الأعرابيِّ ـ : الْخَلِيّة : الناقةُ تُنتَجُ فَيُنْحَرُ ولدُها عَمداً لِيَدُومَ لهم لَبَنُها ، فتُستَدَرُّ بحُوَارِ غيرها .. فإذا دَرَّت نُحِّيَ الْحُوَارُ ، واحتُلِبَت.
وربّما جَمَعوا من الخَلَايا ثلاثاً وأربعاً على حُوَارِ واحدٍ .. وهو التّلَسُّنُ.
وقال شمر : وقال ابن شميل : ربَّما عطفوا ثلاثاً وأربعاً على فصيل وبأَيَّتِهِنَّ شاءوا تَخَلَّوْا ، وهي الخَلِيَّةُ.
وقال اللِّحياني : الْخَلِيَّةُ : الناقةُ ، تُنْتَجُ ـ وهي غزيرة ـ فيُجرُّ ولدُها من تحتها ويُجْعَلُ تحت أخرَى ، وتُخَلَّى هي للحلْبِ .. لكرمها.
قلت : وقد شاهدت الخلايا في خلَايِبهِمْ.
وسمعتهم يقولون : بنو فلانٍ قد خلوْا ، وهم يَخْلُونَ.
والْخَلِيَّةُ : الناقة تُنْتَجُ فيُنْحَرُ ولدُها ساعة يقع في الأرض قبل أن تَشَمَّه أُمُّه ويُدْنَى منها وَلَدُ ناقةٍ نُتِجَتْ قبلها فتعطِفُ عليه ، ثم يُنْظَرُ إلى أغزر الناقتين فتُجْعَلُ خَلِيَّةً ولا يكون للحُوَارِ منها إلا قَدْرُ ما يُدِرُّها ، وتُتْرَكُ الأخرى للحُوَارِ يَرْضَعُها متى شاء وتسمى «الْبَسُوطَ» وجمعها بسطٌ.
والغزيرةُ التي يَتَخلَّى بلبنها أهلُها : هي الْخَلِيَّةُ.
وقال اللِّحياني : الْخَلِيَّةُ : السَّفِينَةُ العظيمة وجَمْعُهَا : خَلَايَا.
ومنه قول طَرَفَةَ :
خَلَايا سَفِينٍ بالنَّوَاصِفِ مِنْ دَدِ
قال : ويقال : تَخلَّيْتُ مِنْ هذا الأمر تخَلِّياً.
واستَخْلَيْتُ بفلان : في مَعنى خَلَوْتُ.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : الخَلِيَّةُ : ما يُعَسِّلُ النَّحلُ فيه مِنْ رَاقُودٍ أو طِين ، أو خُشُبٍ مَنقُورَةٍ.
وقال الليثُ : إذا سُوِّيَتْ الخَلِيَّةُ من طِينٍ ، فهي كِوَارَةٌ.
قال : ويقال : «خَلِيٌ» ـ أيضاً ـ بغير هاءٍ.
قال : والْخَلِيَّةُ من السُّفن : التي لا يُسَيِّرَها مَلَّاحُها ، وتَسيرُ من غيرِ جَذْبٍ.
قلتُ : وغيرُه يقول : الخَلِيَّةُ : العظيمةُ من السُّفُن .. وهذا هو الصحيح.
وقال ابن الأعرابيِّ : خَلَا الرجل عَلَى بعض الطعام ـ إذا اقتَصَرَ عليه.
وقال الليثُ : الخَلَاءُ ـ ممدودٌ ـ البَرَازُ من الأرض.
وقال ابنُ الأعرابي : اخْلَوْلَى فلانٌ إذا دام على أكْلِ اللّبَن.
قال : واطْلَوْلَى : حَسُنَ كلامُه ، واكْلَوْلَى ـ إذا انهزَم.
ثعلبٌ ـ عنه ـ قال : والخَلَاةُ كلُّ بَقْلَةٍ قَلَعْتَها.
وقال الليثُ : الْخَلَى : هو الحَشيشُ الذي يُحْتَشُّ من بُقول الربيع ، وقد اخْتَلَيْتُهُ ، وبه سُمِّيَتِ المِخْلاةُ .. والواحدةُ : خَلَاةٌ.
وقال اللِّحْيانيُّ : خلَيْتُ الْخَلَا أَخْلِيهِ خَلْياً ـ أيْ : نزَعْتُه.
وأَعْطِني مِخْلاةً أَخْلِي فيها.
ويقال : أَخلَى الله الماشيةَ يُخْليها إخْلاءً ـ أيْ : أنْبَتَ لها ما تأكلُ من الْخَلَى.
وقال ابن الأعرابيِّ : خَلَيْتُ القِدْرَ ـ إذا ألقَيتُ تحتها حَطَباً.
وخَلَيتُها ـ إذا طرحتُ فيها اللحمَ.
وخَلَيْتُ فرسي ـ إذا حَشَشْتُ عليه الحشيشَ.
وخلَيْتُ الفرسَ ـ إذا أَلقيتُ في فيه اللجَامَ.
أبو عُبيَد عن الأصمعي ـ الْخَلَى : الرَّطْبُ من الحشيش .. وبه سُمِّيتِ المِخلاةُ ـ فإذا يَبِسَ فهو حشِيشٌ.
وقال الليثُ : يقال : ما في الدَّارِ أَحَدٌ خلَا زَيْداً وزَيد : نَصْبٌ وجرٌّ.
فإِذا قلتَ ما خلَا زَيداً ـ نَصَبْتَ لا غيرُ .. لأنه قد بَيَّنَ الفعلَ.
وتقول : ما أَرَدْتُ مَسَاءتَكَ خلَا أَنِّي وعَظْتُكَ .. ومعناه : إلَّا أَنِّي وَعَظْتُكَ.
وأنشد :
خلَا الله لا أرْجُو سِوَاكَ وإنما |
أَعُدُّ عِيَالي شُعْبَةً مِنْ عِيَالِكَا |
وقال ابن الأعرابي : خلَا فلانٌ ـ أيْ : ماتَ. وخلَا ـ إذا أَكلَ الطَّيِّبَ. وَخَلَا ـ إذا تعبَّدَ. وخلَا ـ إذا تَبرَّأَ من ذَنْبٍ قُرِفَ به.
أبو عُبَيد ـ : عن أبي عمرٍو ـ : خلَا لك الشيءُ ، وأَخْلَى ـ بمعنى فَرَغَ.
وأنشد لِمَعْنِ بن أَوْسٍ :
أَعَاذِلُ هَلْ يَأْتي القَبائلَ حَظُّهَا |
مِن الموتِ أَمْ أَخْلَى لنَا المَوْتُ وَحْدَنَا |
خلأ : وقال الليثُ : الخِلَاءُ ـ في الإبل ـ كالْحِرَان ـ في الدّوابّ ـ.
يقال : خَلأتِ الناقةُ تَخْلأُ خِلَاءً ـ إذا لم تَبْرَحْ مكانها.
وفي الحديث : «أَنّ نَاقةَ النبي صلىاللهعليهوسلم خَلأَتْ بِهِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فقَالُوا : «خَلأتْ الْقَصْوَاءُ».
فقَالَ النبي صلىاللهعليهوسلم : «مَا خلأتْ وَلَا هُوَ لهَا بِخُلُقٍ .. ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ».
قلت : والخِلاءُ لا يكون إلّا للناقة.
وهي ناقةٌ خالِىءٌ بغيرها.
وأكْثَرُ ما يَكُونُ الخِلاءُ منها ـ إذا ضَبِعَتْ ـ فتَبْرُك ولا تَثُورُ.
وقال ابن شُميل : يقال للجمَل : خلأ يَخْلأُ خَلاءً ـ إذا بَرَكَ فلم يَقُم.
قال : ولا يقال : «خلأ» إلّا للجَمَل.
قلتُ : غلِطَ ابنُ شميل في «الْخِلَاءِ» فجعله للجَمَلِ خاصَّةً ، وهو عند العرب : للنّاقَةِ.
وقال زُهَيْرٌ .. يصفُ ناقةً :
بِآرِزَةِ الْفَقَارَةِ لمْ يَخُنْهَا |
قِطَافٌ في الرِّكابِ ولَا خِلَاءُ |
ولخ : قال الليث : يقال : ائْتَلَخَ العُشْبُ .. يأتَلِخُ قال : وائْتِلَاخُهُ : عِظَمُه ، وطُولُه والْتِفافُه وأرضٌ مُؤتَلِخَةٌ ـ إذا كانت مُعْشِبَةً.
وقال ابن شميل : يقال للأرض المُعْشِبَة : مُؤْتَلِخَةٌ ، ومُلْتَخَّةٌ ومُعْتَلِجَةٌ وهَادِرَةٌ.
أبو عُبيدٍ : عن الأمويِّ : ائْتَلَخَ الأمرُ ائْتلاخاً ـ إِذا اختَلط.
وقال غيرُه : ائْتَلَخَ ما في البطن ـ إذا تحرَّكَ وسُمِعَتْ له قَرَاقِرُ.
أبو عُبيدٍ ـ عن الفرّاء ـ وقَعوا في ائْتِلاخٍ ـ أي : في اختلاطٍ ، وقد ائْتَلَخ أمرُهم.
ويقال : أرضٌ وَلِخَةٌ ووليخةٌ وورِخةٌ : مُؤْتَلِخةٌ من النَّبْت.
لخا : أبو عُبيدٍ ـ عن أبي عمرٍو وغيره ـ : المُسْعُطُ هو اللَّخَا .. مَقْصُورٌ.
وقد لَخَيْتُ الرجُلَ ولَخوْتُه وأَلْخيتُه .. كلُّ هذا إذا أَسْعَطْتَهُ.
وقال الليث : اللِّخَاءُ : الغِذَاءُ للصَّبيِّ سِوَى الرَّضاع.
وتَقُولُ : الصَّبِيُ يَلْتَخِي ـ أي : يأكل خُبْزاً مَبْلُولاً.
وأنشد :
فَهُنَّ مِثْلُ الأُمّهاتِ يُلْخِينْ |
يُطْعِمْنَ أَحْيَاناً وَحيناً يَسْقِين |
شمر ـ عن أبي عمرو : المُلاخَاةُ : المخالَفَةُ ، والملاخَاةُ ـ أيضاً ـ : المُصَانعة.
وأنشد :
وَلَاخَيْتَ الرِّجالَ بِذَاتِ بَيْنِي |
وَبَيْنِكَ حِينَ أَمْكَنَك اللِّخَاءُ |
قال : «لَاخَيْتَ» : وَافَقْتَ. وقال الطِّرِمَّاحُ :
فَلَمْ نَجْزَعْ لمنْ لَاخَى عَلَيْنَا |
وَلَمْ نَذَرِ العَشِيرَةَ لِلْجُنَاةِ |
وقال الليث : اللِّخَاءُ : الملاخَاةُ.
وهو التَّحْرِيش والتحْمِيلُ.
تقول : لَاخَيْتَ بي عند فلان ـ أي : أَتَيْتَ بي عنده ـ مُلَاخَاةً ولِخاءً.
قال : والتَخَيْتُ جِرَانَ البعير ـ إذا قَدَدْتُ منه سَيْراً للسّوط ـ ونحوَ ذلك.
قلت : والصواب : التَحَيْتُ جِرَانَ البعير ـ بالحاء.
والعربُ تسوِّي السِّياط من الجِران .. لأنَّ جِلْدَه أصلبُ وأمتنُ.
وأظنُّه .. من قولك : لَحَوْتُ العُود ، ولَحيْتُهُ ـ إذا قَشَرْتهُ.
وقال شمر : سمعتُ ابنَ الأعرابي يقول : اللِّخَا ـ مقصور ـ : أنْ يميلَ بطنُ الرجُل في أحد جانبيه.
وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : إن كانت إحدى رُكْبَتَي البعير أعظمَ من الأُخرى ـ فهو أَلْخَى .. وناقة لَخْوَاءُ.
قال : واللَّخَى كثرةُ الكلام في الباطن.
وقال اللَّيث : اللَّخْوُ : لَخْوُ القُبْلُ المضطربِ .. الكثيرِ الماء .. وقال ابن السكيت ـ عن الأصمعي ـ : اللَّخْوَاءُ : المرأةُ الواسعةُ الجَهَازِ.
وقال في موضعٍ آخرَ : امرأةٌ لَخْواءُ .. ورجل أَلْخَى ـ وهو أن تكون إحْدَى خَاصِرَتَيْه أعظمَ من الأُخْرى.
وقد لَخِيَ لَخاً.
واللَّخَا ـ أيضاً ـ شيءٌ مِثلُ الصَّدَفِ يُتّخذ مُسْعُطاً.
وقال أبو عمرو : اللَّخَى : إعطاءُ الرجل مَالَه .. صاحِبَه.
وأنشد :
لَخَيْتُكَ مَالِي ثُمَّ لَمْ تُلْفَ شَاكِراً |
فَعَشِّ رُوَيْداً لَسْتُ عَنْكَ بِغَافِلِ |
لاخ : وقال الليث : وادٍ .. لاخٌ ، وأوديةٌ .. لاخَةٌ.
وقال شمر : وادٍ لاخٌ ـ وأصلُه : لَاخٍ ثم نُقِلَتْ إلى بنات الثلاثة. فقيل : لائخٌ.
ثم نُقِصَتْ منه عَيْنُ الفعل.
قال : ومَعناه : السعة والاعْوِجاج.
وروى أبو العباس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ وادٍ لاخٌ ـ بالتشديد ـ وهو المتضايقُ ، الكثيرُ الشجر.
وقد مرَّ في المضاعَف.
باب الخاء والنون
خ ن
(وايء) خان ، خنى ، ناخ ، نخا ، ينخ ، وخن ، أخن : مستعملة.
خون ـ خين : قال الليث : المخَانَةُ : خَوْنُ النُّصح وخَوْنُ الوُدِّ.
والخَوْنُ : عَلَى مِحَنٍ شَتَّى.
تقول : خانَنِي فُلانٌ .. خِيَانَةً.
وفي الحديث : «المؤْمِنُ يُطْبَعُ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ .. إلَّا الخِيَانَةَ والكَذِبَ».
وتقول خانَهُ الدهرُ والنعيمُ خَوْناً وهو تغيُّر حاله إلى شرٍّ منها. وَالخَوْنُ ـ في النظر ـ : فَتْرُهُ.
ومن ذلك يقال للأسد : خائِنُ العَيْن.
قال : «وخائِنَةُ الأَعْيُنِ» : ما تَخُونُ به من مُسارقة النظر إلى ما لا يَحِلُّ له.
قال : وإذا نَبَا سيْفُك عن الضَّريبة فقد خانَكَ. وسُئلَ بعضهُم عن السَّيف؟ فقال : أَخُوكَ .. وربّما خانَكَ.
قال : وكلُّ ما غيَّرك عن حالك فقد تَخَوَّنَكَ.
وقال ذُو الرُّمّةِ :
لَا يَرفَعُ الطَّرفَ إلّا مَا تَخَوَّنَهُ |
دَاعٍ يُنَادِيهِ باسْم الماء مَبْغُومُ |
قلت : ليس معنى قوله : إلَّا ما تَخَوَّنَهُ.
حجةً لما احتج به له.
ومعنى إلا ما تَخَوَّنَهُ : إلا ما تعهَّدهُ.
وَكذلك قال أبو عبيدٍ حكايةً عن الأصمعيِّ أنه قال : التَّخَوُّنُ» : التعهد.
وأنشد بيتَ ذي الرُّمَّةِ هذا.
وإنمَا وصَفَ وَلَدَ ظَبْيَةٍ أَوْدَعْتهُ خَمراً ، وَهِيَ تَرْتَعُ بالْقُرْبِ مِنْهُ ، وتَتَعهَّدُهُ بالنَّظَرِ إلَيْهِ وَتُؤْنِسُهُ بِبُغَامِهَا.
وقوله : بِاسْمِ الماءِ.
الماءُ : حِكَايَةُ دُعائِها إياهُ.
وقال «دَاعٍ يناديه» فذكَّرَهُ ... لأنه ذهب به إلى الصَّوْتِ والنِّداء.
قلت : وقد يكون التَّخَوُّنُ بمعنى التَّنَقُّصِ.
ومنه قول لبيد يصف ناقةً :
عُذَافِرَةٌ تُقَمِّصُ بالرُّدَافَى |
تَخَوَّنَها نُزُولِيَ وارْتِحَالي |
ويقال : تَخَوَّنَتْهُ الدهورُ وتخَوَّفَتْهُ ـ أي تنقَّصَتْهُ.
فالتَّخَوُّنُ له معنيان : أحدُهما التَّنَقُّصُ والآخر التعهدُ.
ومَنْ جعله «تعهُّداً» جعل «النُّونَ» مُبْدَلة من «اللام».
يقال : تَخَوَّلَهُ ، وتَخوَّنَهُ .. بمعنًى واحدٍ.
ومنه حديثُ ابن مسعودٍ : «كان رَسُولُ الله صلىاللهعليهوسلم يَتَخَوَّلُنَا بالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمة عَلَيْنَا».
وكان الأصمعيُّ يَرْوِيه : «يتَخَوَّنُنا» بالنون.
ويقال : رجلٌ خائنٌ ، وخَائِنَةٌ ـ إذا بُولِغَ في وصْفِهِ بالخيَانَةِ.
وَأَمَّا قَولُ الله جلّ وعزّ : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) [غَافر : ١٩] فإنَّه أَرَادَ ـ والله أعْلَمْ ـ : «يَعْلَمُ خِيانَة الأَعْيُنِ» .. فأَخْرَجَ «الْمَصْدَرَ» على «فَاعِلَةٍ» كقوله تعالى : (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) [الغَاشِيَة : ١١] ـ أَيْ : لَغْواً.
ومِثْلُه : سَمِعْتُ «راغِيَةَ الإبل» ، و «ثَاغِيَةَ الشَّاءِ» ـ أي : رُغَاءها وثُغَاءها.
كل ذلك من كلام العرب.
ومعنى الآية : أَنَّ النَّاظِرَ .. إذا نَظَرَ إلى ما لَا يَحِلُّ له النَّظَرُ إليه نَظَرَ خِيَانَةٍ .. يُسِرُّهَا مُسارَقةً : علمها الله ، لأنه إذا نَظَرَ النَّظْرَةَ الأُوْلى ـ غيرَ متعمِّدٍ نَظَراً ـ فهو غيرُ آثِمٍ ولا خَائِن.
فإن أعَادَ النَّظَرَ ـ ونِيَّتُهُ الخِيَانَةُ ـ فهو خَائِنُ النظرِ.
وقال اللَّيث : الْخِوَانُ : المائدة .. مُعَرَّبَةٌ وهي الْخُونُ .. والعَدَدُ : أَخْوِنَة.
وقال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ :
لِخُونٍ مَأَدُوبَةٍ وزمِيرُ
والْخَوَّانُ : مِنْ أَسماء الأَسَدِ.
وخن : ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : التَّوَخُّنُ : الْقَصْدُ إلى خيرٍ أَو شَر.
قال : والْوَخْنَة : الفسادُ.
والنَّوْخَةُ : الإقامة.
خنى : وَالخَنْوَةُ : الْغَدْرَة.
والْخَنْوَةُ ـ أَيضاً ـ الْفُرْجةُ في الْخُصِّ.
وقال اللَّيْثُ : الْخَنَا ـ من الكلام ـ : أَفْحَشُه.
ويقال : خَنَا يَخْنُو خَناً ـ مقصورٌ ـ وأَخْنَى في كلامه.
وخَنَا الدَّهرِ : آفاتُه. وقال لَبِيدٌ :
وقَدَرْنَا إنْ خَنَا الدَّهْرِ غَفَلْ
وَأَخْنَى عليهم الدَّهرُ : إذا أَهلكَهُمْ. وقال النَّابِغَةُ :
أَخْنَى عَلَيْها الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدِ
وقال أبو عبيدٍ : أَخْنَى عليه : أفْسَدَ .. وهذا هو الصوابُ.
نوخ : ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ : النَّوْخَةُ : الإقامةُ.
وقال غيرُه : «يُقال : أَنَخْتُ البعيرَ فَاسْتَنَاخَ. وتقول : نَوَّخْتُهُ .. فَتَنَوّخَ.
والفَحْلُ يَتَنَوَّخُ النَّاقةَ ـ إذا أراد ضِرَابَها.
والْمُنَاخُ : الموضعُ الذي تُنَاخُ فيه الإبلُ.
ويقال : أيضاً ـ : نَخْنَخْتُهُ فَتَنَخْنَخَ.
والأصلُ : الإنَاخَة ، والنَّوْخَةُ.
ينخ : قال الليث : الْيَنَخُ : من قولك : أَيْنَخْتُ الناقةَ ـ إذا دعوتَها إلى الضِّرَابِ.
تقولُ : إيَنِخْ. إيَنِخ. قلتُ : هذا زَجْرٌ لَها ـ كما يقال لها ـ إذا أُنِيخَتْ ـ إخْ .. إخْ.
نخا : قال الليث : النَّخْوَةُ : العَظَمة. تقول : انْتَخَى فلانٌ ـ إذا تكَبَّرَ. وأنشد :
وَمَا رَأَيْنا مَعْشَراً فَيَنْتَخُوا
أبو حاتم ـ عن الأصمعيِّ ـ يقالُ : زُهِيَ فلانٌ .. فهو مَزْهُوٌّ .. ولا يقال : زَهَا.
قال : ويقال : نَخَا فلانٌ ، وانْتَخَى.
ولا يقال : نُخِيَ.
أخن : أبو عبيد ـ عن أبي عمرو ـ : قال : الآخِنيُ : ضَرْبٌ من الثِّيابِ الْمخَطَّطةِ.
قلتُ : والآخِنِيَّةُ : القِسِيُّ ـ أيضاً.
وقال الأعْشَى :
مَنَعَتْ قِيَاسُ الآخِنِيَّةِ رَأْسَهُ |
بِسِهَامِ يَثْرِبَ أَوْ ثِيَابِ الْوَادِي |
وقال أبُو مَالِكٍ : الآخِنِيُ : أَكْسِيَةٌ سُودٌ لَيِّنَةٌ يَلبسها النَّصارَى. وقال الْبَعِيثُ :
فَكَرَّ عَلَيْنا ثُمَّ ظَلَّ يَجُرُّها |
كَمَا جَرَّ ثَوْبَ الآخِنِيِ الْمُقَدَّسُ |
وقال أَبُو خِرَاسٍ :
كَأَنَّ المُلَاء الْمَحْضَ خَلْفَ كُراعِهِ |
إذَا مَا تَمَطَّى الآخِنِيُ الْمُخَذَّمُ |
باب الخاء والفاء
خ ف
(وايء) خاف ، خفا ، خفأ ، فاخ ، أفخ ، خيف ، وخف : مستعملة.
فيخ ـ فوخ : قال الليث : الْفَيْخَةُ : السُّكُرُّجَةُ .. لأنَّها تُفَيَّخُ ـ كما تُفَيِّخُ العجِينَةُ ـ فَتُجْعَلُ كالسُّكُرُّجَةِ.
وقال ابن الأعرابيِّ : نحوَه. وأنشد اللَّيْثُ :
ونَهِيدَةٍ في فَيْخَةٍ مَعَ طِرْمَةٍ |
أَهْدَيْتُهَا لِفَتًى أَرَادَ الزَّغْبَدَا |
«النَّهِيدةُ» : الزُّبْدَةُ. و «الطِّرْمَةُ» : الشُّهْدَةُ.
«وَالزَّغْبَدُ» : الزُّبْدُ. شَمِرٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ : فَيْخَةُ الْبَوْلِ : اتِّسَاعُ مَخْرَجِه .. وكَثْرَتُهُ.
قال : وفَيْخَةُ الحَرِّ : شِدَّتُهُ وغُلَوَاؤُه. وفَيْخَةُ النَّبَاتِ : التِفَافُه وكَثْرَتهُ.
وفي الحديث «أن النبي صلىاللهعليهوسلم خَرَجَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ مُتَبَرِّزاً .. فقال له : تَنَحَّ فإنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تُفِيخُ».
قال أبو عبيد : قال أبو زيد : الإفَاخَةُ : الْحَدَثُ.
يعني مِنْ خروج الرِّيح خاصَّة. يقال : قَدْ أَفَاخَ الرجل .. يُفِيخُ إفَاخَةً. وقال اللَّيثُ : إِفَاخَةُ الرِّيحِ بالدُّبرِ.
وقال أبو زيد : إذا جَعَلْتَ الفِعلَ للصوت ـ قلتَ : قد فَاخَ يَفُوخُ.
قال : وأمّا الفَوْحُ ـ بالحاء ـ : فمن الرِّيحِ : أَنْ يَجِدَها .. لا مِنَ الصَّوْت.
شمِرٌ ـ : قال ابن الأعرابيِّ : أَفَاخَ بِبَوْله ـ إذا اتَّسَع مَخرَجُه.
قال : وأَفَاخَتِ الناقةُ بِبَوْلها .. وأَشَاعَتْ وأَوْزَغَت.
وأَنشد لجرِيرٍ :
ظَلَّ اللهَازِمُ يَلْعَبونَ بِنِسْوَةٍ |
بالْجَوِّ يَوْمَ يُفْخِنَ بالأبْوَالِ |
قال : والإفَاخَةُ : أنْ يُسْقَطَ في يَدِه. وأنشد لِلْفَرَزْدَقِ :
أَفَاخَ وأَلْقى الدِّرْعَ عَنْهُ ولم أَكُنْ |
لأُلْقِيَ دِرْعِي عَنْ كَمِيٍّ أُقَاتِلُهْ |
قال. وقال أَعرابيٌّ : أَفَاخَ فلانٌ عن فلَانٍ ـ إذا صَدَّ عنه. وأَنشد :
أَفَاخُوا مِنْ رِمَاحِ الْخَطِّ لِمَّا |
رَأَوْنَا قَدْ شَرَعْنَاهَا نِهَالا |
وقال شَمِرٌ : قال الفرَّاء : فَاحَتْ رِيحُهُ ، وَفَاخَتْ.
قال : وفَاخَتْ : أَخَذَتْ بِنَفَسِهِ وفَاحَتْ : دُونَ ذلك.
أبو زيد : فَاخَتِ الرِّيحُ .. تَفُوخُ ـ إذا كان لها صَوْتٌ.
أفخ : وقال الليث : مَنْ هَمَزَ الْيَأَفُوخَ فهو على تقدير «يَفْعُولٍ».
قال : ورجلٌ مأَفُوخٌ ـ إذا شُجَّ في يَأْفُوخِهِ.
قال : ومَنْ لم يهْمِزْ فهو على تقدير «فَاعُولٍ» من الْيَفْخِ.
والهمْزُ أَصوبُ وأحسنُ.
أبو عبيد : أَفَخْتُهُ وأَذَنْتُهُ ـ إذا أصبْتَ يَأْفوخَه وأَذُنَهُ.
وجمعُ «الْيَأْفوخِ» : «يَآفِيخُ».
وأخبرني الْمُنْذريُّ ـ عن إبراهيمَ الْحَرْبيِّ عن أبي نَصْر عن الأصمعيِّ ـ قال : الْيَأْفُوخُ : حيثُ الْتَقَى عَظمُ مُقَدَّم الرأْس وعَظْمُ مؤَخَّرِه ، حيثُ يكون لَيِّناً منَ الصَّبِيِّ.
يقالُ له ـ من الصَّبي ـ قبل أن يتلاقى العَظمانِ ـ : اللَّمَّاعَةُ والرَّمَّاعَةُ والنَّمغَةُ.
خيف : قال الليثُ : الْخَيْفَانَةُ : الْجَرَادَةُ .. قبل أن يَسْتَويَ جَنَاحَاها.
وناقةٌ خَيْفَانَةٌ : سريعةٌ .. شَبِيهَةٌ بالْجَرَادَة لسُرْعتها.