ويحرم هدم البيع والكنائس العادية ، واتّخاذ شيء منها في طريق أو ملك وإن خربت وباد أهلها ، ويجوز جعلها مساجد ، واستعمال آلتها في المساجد إلّا أن يريد أهلها إعادتها ، والمسجد المتّخذ في المنزل يجوز تغييره والتصرف فيه ، ولا يثبت له حرمة المسجد إلّا أن يوقّف.
المقدّمة السادسة :
فيما يسجد عليه
إنّما يصحّ على الأرض أو النبات غير المأكول والملبوس عادة ، فلا يجوز على ما ليس بأرض كالجلد ، والصوف ، ولا ما استحال منها كالمعدن ، ولا المطعوم والملبوس ولو بالقوّة كالحنطة والقطن ، ولو اضطرّ إلى ذلك جاز ، ويجوز على القرطاس المتخذ من النبات لا الممنوع منه (١) كالقطن والكتّان ، ويكره المكتوب.
وتشترط طهارته ، والملك أو حكمه ، وتمكين الجبهة ، فلا يصحّ على النجس وإن لم يتعد ، ولا على المغصوب والمشتبه بهما ، ولا يعذر الجاهل ، وفي الناسي توقّف ، ولا على الرّمل المنهال والوحل ، ولو اضطرّ أومأ ، ولا على يده إلّا مع الحرّ وعدم الثوب.
ومع عدم الأرض ونباتها يسجد على الثلج والقير وغيرهما.
وجاهل النجاسة في الموضع المحصور يجتنب الجميع (٢) بخلاف المتّسع.
__________________
(١) في الدروس : ١ / ١٥٧ : ولو اتّخذ القرطاس من القطن أو الكتّان أو الحرير لم يجز.
(٢) قال العلّامة في القواعد : ١ / ٢٦٣ : ويجتنب كلّ موضع فيه اشتباه بالنّجس إن كان محصورا كالبيت وإلّا فلا.
ويشترط في باقي المساجد عدم الغصب والنجاسة المتعدّية ، عينيّة كانت أو حكميّة ، والواجب وضع مسمّاها ولو لم تقع الجبهة على المشترط دسّه تحتها.
المقدّمة السابعة :
في الأذان والإقامة
وفيه أبحاث :
[ البحث ] الأوّل : في غايته
وهي اليوميّة أداء وقضاء للمنفرد والجامع والرجل والمرأة لكن تسرّ به ، ويتأكّد في الجهريّة وآكده الصّبح والمغرب ، ولا يؤذّن للنوافل ولا لباقي الفرائض ، بل يقول المؤذن : « الصّلاة » ثلاثا.
ويكره أذان عصر يوم الجمعة والعصر في عرفة والعشاء في مزدلفة.
والقاضي كالمؤدّي ولو أذّن لأوّل ورده وأقام للبواقي كان أدون فضلا.
وأوجبه الشيخ (١) في الجماعة لتحصيل فضيلتها ، ويعتدّ فيها بأذان المنفرد لنفسه لو أراد الجماعة ، والأولى أنّه لتمام الفضيلة.
__________________
(١) النهاية : ٦٤ ـ ٦٥ ؛ المبسوط : ١ / ٩٥ ؛ الاقتصاد : ٢٥٩ ؛ الرسائل العشر : ١٧٨ ـ مؤسسة النشر الإسلامي ـ.
[ البحث ] الثاني : في فاعله
وهو المسلم العاقل الذّكر ، ويؤذّن العبد والصبيّ المميّز ، والمرأة للنّساء وللمحارم.
ويستحبّ كونه عدلا ، صيّتا ، بصيرا بالأوقات ، متطهّرا ، قائما على مرتفع.
ولو تعدّدوا ترتّبوا مع الاتّساع ، وإلّا اجتمعوا.
ويكره التراسل ، ومع التشاحّ يقدّم الأكمل ، ثمّ القرعة.
وتحرم الأجرة ، ويجوز الرزق من بيت المال.
ويكره الالتفات يمينا وشمالا.
[ البحث ] الثالث : في مادّته وصورته
وهو التكبير أربعا ، ثمّ الشهادة بالتوحيد ، ثمّ بالرسالة ، ثمّ « حيّ على الصّلاة » ثمّ « حيّ على الفلاح » ثمّ « حيّ على خير العمل » ثمّ التكبير ، ثمّ التهليل مثنى مثنى.
والإقامة كلّها مثنى إلّا التهليل في آخرها ، فانّه وتر ، وزاد « قد قامت الصلاة » مرّتين بعد « حيّ على خير العمل ».
ويشترط الترتيب فيهما ، ويستحبّ الوقف على الفصول فيهما ، والتأنّي في الأذان والحدر في الإقامة ، ورفع الصوت ، ويتأكّد في الإقامة ، والفصل بينهما بركعتين أو سجدة أو جلسة أو خطوة أو سكتة وفي المغرب بخطوة أو سكتة أو تسبيحة.
ويكره الكلام في خلالهما ، والسكوت الطويل ، والترجيع لغير الإشعار.
ويحرم التثويب.
[ البحث ] الرّابع : في أحكامه
لا يصحّ قبل الوقت ، ورخّص في الصبح ، وتستحبّ إعادته بعده ، ولو صلّى خلف من لا يقتدي به أذّن لنفسه وأقام ، فإن خشي الفوات اجتزأ بتكبيرتين و « قد قامت الصّلاة ».
والناسي يرجع ما لم يركع دون العامد ، ويستحبّ حكايته ، والتلفّظ بالمتروك.
ويكره الكلام بعد « قد قامت الصلاة » إلّا بما يتعلّق بالصلاة.
ولو أحدث في الصّلاة أعادها دونهما إلّا أن يتكلم ، فيعيد الإقامة ، ولو ارتدّ بعده اعتدّ به ، وفي الأثناء يستأنفه.
ولو أحدث في أحدهما تطهّر وبنى ، وتستحبّ إعادة الإقامة ، ولو نام خلالهما أو أغمي عليه ، جاز البناء ، والأفضل الاستيناف.
ومن المقدّمات التوجّه بسبع تكبيرات في سبع مواضع ، عند أوّل كلّ فريضة ، وأوّل ركعة من نافلة الزّوال ، وأوّل ركعة من نافلة المغرب ، وأوّل ركعتي الوتيرة ، وأوّل ركعة من صلاة اللّيل ، وقبل الوتر ، وأوّل ركعتي الإحرام.
وهل يصحّ التوجّه بها لو صارت الفريضة نافلة كالمعيد صلاته للجماعة وصلاة العيد مع اختلال الشرائط؟ فيه توقّف.
وكيفيّة التوجّه بها : أن يكبّر ثلاثا ، رافعا بها يديه إلى أذنيه ، ثمّ يدعو ، ثمّ يكبّر مرّتين كذلك ، ثمّ يدعو ، ثمّ يكبّر مرّتين ، ثمّ يتوجّه ويجعل تكبيرة الإحرام أحدها.
المقصد الثّاني : في ماهيّتها
ويجب أمام فعلها العلم بأفعالها إمّا بالدّليل أو بالتقليد لأهله.
وأفعالها واجبة ومندوبة.
أمّا الواجب فثمانية :
الأوّل : القيام
وهو في جميع الصلاة ركن ، وحدّه الانتصاب مستقلّا (١) مع القدرة ، ( وإطراق الرأس جائز ، ولا يكفي الاعتماد على أحد الرّجلين مع القدرة ) (٢) فإن عجز اعتمد أو استند (٣) في البعض أو الكلّ ، ثمّ يقعد كذلك ، ويجوز القعود للخوف.
ولو قدر على القيام للركوع وجب ، ولو عجز عن القعود استند ، وإن تعذّر
__________________
(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : مستقبلا.
(٢) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».
(٣) في « أ » : اعتمد واستند.
اضطجع في الكلّ أو البعض ، ثمّ يستلقي كذلك ، ويومي في الحالين عن الركوع والسجود ، ويتصوّر الأفعال ويتلفّظ بالأذكار ، فإن عجز تصوّرها ولو تجدّد العجز أو القدرة انتقل إلى الممكن ، ويقرأ هاويا ، ويسكت قائما ، ولو خفّ (١) بعد القراءة قام للركوع ، وفي أثنائه قبل الطمأنينة يقوم راكعا ثمّ ينتصب قائما ، وبعدها يقوم للانتصاب من الركوع.
ولو خفّ بعد الانتصاب منه قام لطمأنينة ، ولو خفّ بعدها قام للهويّ إلى السجود.
ولو عجز في الركوع ، قعد راكعا وانتصب قاعدا.
ويستحبّ وضع اليدين على مقدّم فخذيه ، ونظره إلى مسجده.
ويكره أن ينظر إلى السّماء ، وأن يجعل بين رجليه أكثر من شبر.
ويستحبّ للقاعد التربيع قارئا ، وثني رجليه راكعا ، والتورّك متشهّدا ، والقيام في النافلة ، فيجوز قاعدا ، والأفضل احتساب ركعتين بركعة ، ولا يجوز الاضطجاع والاستلقاء.
الثاني : النيّة
وهي ركن ، ومحلّها القلب ، وحقيقتها استحضار ذات الصّلاة إجمالا ، والقصد بها إلى صلاة معيّنة لوجوبه أو ندبه ، أداء وقضاء قربة إلى الله.
وتجب مقارنة آخرها لأوّل التكبير ، واستدامة حكمها إلى الفراغ ، دون
__________________
(١) الخفّ : ضدّ الثّقل ، خفّ يخفّ خفّا وخفّة : صار خفيفا. لسان العرب.
التّعرض لعدد الركعات والتّمام والقصر وإن تخيّر ، والإمامة إلّا في الجمعة والعيدين.
فلو نوى غير الواقع من الوجوب والأداء ، أو مقابلهما ، أو الخروج أو التردّد (١) فيه ، أو أنّه سيخرج ، أو علّقه بأمر ممكن ، أو نوى الرياء بها أو ببعضها ، وإن كان [ ذكرا ] مندوبا ، أو نوى به غير الصلاة ، بطلت ، لا بنيّة فعل المنافي ، ولا بغروب النية ، ولا بالزيادة على الواجب من الهيئات لزيادة الطمأنينة إلّا مع الكثرة أو نيّة الرياء.
ولو شكّ في إيقاع النيّة بعد انتقاله لم يلتفت ، وفي الأثناء يستأنف.
ولو شكّ فيما نواه بنى على ما قام إليه ، ولو نسيه استأنف.
ولو نوى الأداء فبان الانقضاء أجزأ ، ولو نوى القضاء فظهر البقاء أعاد في الوقت لا بعده.
ويجب في النوافل المسبّبة (٢) كالعيد والاستسقاء التعرض لسببها.
ويجوز نقل النيّة إلى الفائتة ، وإلى النافلة ، لطلب الجماعة ، ولناسي الأذان وسورة الجمعة ، ويجب النقل إلى السابقة في الأداء والقضاء.
الثالث : تكبيرة الإحرام
وهي ركن ، وصورتها : « الله أكبر » مواليا مرتّبا بالعربيّة ، إخفاتا ، فلو عرّف أكبر ، أو أضافه ، أو قرنه بمن وإن عمّم مثل أكبر الأشياء أو من كلّ شيء ، أو عكس أو ترجم بطلت.
__________________
(١) في « ب » و « ج » : أو يردّد.
(٢) في « ب » و « ج » : المشتبه.
والأعجميّ يتعلّم ، فإن ضاق الوقت أحرم بلغته ، والأخرس يحرّك لسانه ، ويعقد بها قلبه.
ويجب قطع الهمزتين فيهما ، وترك المدّ المخرج عن المعنى ، وإسماع نفسه تحقيقا أو تقديرا ، والقيام فلو صاحبها به ، أو ركع المأموم قبل انتهائه بطلت.
ولو كبّر ثانيا ولم ينو الخروج بطلت ، وإن كبّر ثالثا صحّت ، وهكذا تصحّ في الفرد وتبطل في الزوج.
ويستحبّ ترك المدّ غير المخرج ، وكون « أكبر » على وزن أفعل ، وإسماع [ الإمام ] المأموم ، ورفع اليدين بها إلى أذنيه. (١)
الرابع : القراءة
وليست ركنا ، ويتعيّن الحمد وسورة في الثانية والأوليين من غيرها.
وتجب البسملة فيهما ، والعربيّة ، والموالاة ، والترتيب في الآيات والكلمات والحروف ، فلا تجزئ الترجمة ولو مع العذر.
ولو قرأ فيها من غيرها ولم يرتّب ناسيا ، أعاد القراءة ، وعامدا يعيد الصلاة ولو نوى قطع القراءة وسكت ، استأنف القراءة لا مع أحدهما ، ولو طال السكوت بطلت الصلاة وكذا بترك البسملة ، أو حرف ، أو إعراب ، أو تشديد ، أو بزيادة ذلك ، أو إبدال حرف ، وإن لم يتميّز في السّمع كالضاد والظاء ، وجاهل القراءة يقرأ في المصحف في آخر الوقت ، ويجب التعلّم.
وجاهل الحمد يقرأ من غيرها بقدرها ، ولو جهل البعض اجتزأ بما يحسنه ، ويحتمل وجوب التفويض عن الباقي في محلّه.
__________________
(١) كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : ورفع يديه إلى أذنيه.
ولو عجز عن القراءة أصلا كبّر الله وهلّله وسبّحه بقدرها ، مع اشتغاله بالتعلّم.
ولا يجوز الذكر بالترجمة إلّا مع العجز ، ولا عوض للسورة ، بل يقرأ ما يحسن منها ، فإن لم يحسن شيئا صلّى بالحمد في آخر الوقت ، ويشتغل بالتعليم.
والأخرس يعقد قلبه بها ، ويحرّك لسانه.
ويجب إخراج الحروف من مخارجها ، فيصلح الألثغ وشبهه لسانه مع الإمكان ، والبدأة بالحمد.
والجهر في الصّبح وأولتي العشاءين ، وحدّه إسماع القريب ، والإخفات في البواقي ، وحدّه إسماع نفسه تحقيقا أو تقديرا ، ولا جهر على النّساء ، ولو جهرت ولم يسمعها أجنبي جاز ، وكذا الخنثى.
ويحرم الترجيع وما يفوت الوقت بقراءته ، والقرآن والعزيمة في الفريضة ، فلو قرأها ناسيا عدل إلّا أن يتجاوز محلّ السّجود ، ويجوز في النافلة ، ويسجد ثمّ ينهض فيتمّ ، وإن كان أخيرا قام ثمّ قرأ الحمد ، ليركع عن قراءة.
و « الضحى » و « ألم نشرح » سورة واحدة ، وكذا « الفيل » و « لإيلاف » ، وتجب إعادة البسملة بينهما.
ويجوز الانتقال من سورة إلى أخرى إلّا أن يتجاوز النصف إلّا من التوحيد والجحد ، إلّا إلى الجمعة والمنافقين في ظهري الجمعة ، وينتقل مطلقا من نسي باقي السورة ، وإذا انتقل أعاد البسملة.
ويتخيّر في الثالثة والرابعة بين الحمد والتسبيح ، وهو « سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر » مرّة أو ثلاثا.
ويستحبّ التعوّذ سرّا في الركعة الأولى ، وسكوت خفيف بين الحمد والسورة ، وبينهما وبين تكبيرة الركوع ، والجهر بالبسملة في موضع الإخفات ، والوقف (١) في موضعه ، وتعهّد الإعراب ، والترتيل ، والجهر في الجمعة وظهرها ، وسؤال الرّحمة ، والتعوذ من النقمة عند آيتها ، وقصار المفصّل في الظهرين والمغرب ، ومتوسّطاته في العشاء ، ومطوّلاته في الصبح ، و « هل أتى » في صبح الاثنين والخميس ، و « الجمعة » و « الأعلى » في عشاء الجمعة ، وهي و « التوحيد » في صبحها ، و « الجمعة » و « المنافقين » في ظهريها (٢) ، والإقبال بالقلب ، والسورة في النافلة ، وقصار السور في نوافل النهار إخفاتا ، والطوال في نوافل الليل جهرا.
وقراءة « الجحد » في أوّل ركعتي الزّوال وأوّل نافلة المغرب (٣) والليل ، والغداة إذا أصبح ، والفجر (٤) ، وأوّل ركعتي الإحرام والطواف ، وفي الثواني بالتوحيد،وروي العكس. (٥)
وقراءة التوحيد ثلاثين مرّة في أولتي صلاة اللّيل مضافا إلى الجحد.
الخامس : الركوع
وهو ركن ، والركنيّة الانحناء ، ويجب في كلّ ركعة مرّة ، وفي ركعة الآيات خمس ، والانحناء بقدر ما يمكن وضع يديه على ركبتيه ، وينحني طويل اليدين وقصيرهما وفاقدهما كالمستوي.
__________________
(١) في « أ » : الوقوف.
(٢) كذا في « أ » : ولكن في « ب » و « ج » في ظهرها.
(٣) في « أ » : نافلتي المغرب.
(٤) ولعلّ المراد قراءة الجحد في فريضة الغداة إذا أصبح وفي نافلة الفجر قبل الإصباح.
(٥) لاحظ الوسائل : ٤ / ٧٥١ ، الباب ١٥ من أبواب القراءة ، الحديث ٢.
والعاجز يأتي بالممكن ، فإن عجز أومأ برأسه ، ثمّ بعينه.
والراكع خلقة أو لكبر أو لمرض يزيد انحناء. (١)
ويجب فيه الذكر ، وأفضله « سبحان ربّي العظيم وبحمده » والطمأنينة بقدره ، فلو شرع فيه قبل انتهاء الركوع ساهيا ، فإن ذكر قبل الرفع أعاده ، وإلّا فلا.
ولو رفع قبل إكماله ساهيا ، لم يجز العود ، وصحّت صلاته ، ولو تعمّد في الموضعين بطلت.
والرفع والطمأنينة فيه مع القدرة ، والعاجز يعتمد ، فإن تعذّر سقط.
ويستحبّ التكبير أمامه قائما رافعا يديه محاذيا أذنيه ، ووضعهما على ركبتيه مفرّجات الأصابع ، وتسوية ظهره ، ومدّ عنقه موازيا ظهره ، والتجافي ، والدعاء أمام الذكر ، والنظر بين رجليه ، والتسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، و « سمع الله لمن حمده » إذا انتصب ، ثمّ الدعاء ، ورفع الإمام صوته بالذكر.
ويكره وضع يديه تحت ثيابه ، ولا يلحق السجود به.
السادس : السّجود
وهو ركن ، والركنيّة وضع الجبهة مرّتين على ما يصحّ السجود عليه ، ويجب مساواة موقفه مسجده ، ويجوز العلوّ بقدر لبنة لا أزيد ، والسجود على الكفّين والركبتين ، وإبهامي الرّجلين ، والاعتماد عليها.
والواجب مسمّاها ، ولو تعذّر أحدها سقط وذو الدّمل يحفر حفيرة ، فإن
__________________
(١) كذا في « ب » و « ج » ولكن في « أ » : انحنائه.
تعذّر سجد على أحد الجبينين ، ثمّ على ذقنه ، ثمّ يومئ ، والعاجز يرفع ما يسجد عليه ، ثمّ يومئ.
ويجب الذّكر ، وأفضله « سبحان ربّي الأعلى وبحمده » والطمأنينة بقدره ، والبحث فيه كالركوع ، ولو عجز عنها سقطت ، ويتمّه رافعا ، ولا يبدأ به آخذا وكذا في الركوع ، ورفع الرأس ، والجلوس ، والطمأنينة ، ثمّ يسجد كالأولى.
ويستحبّ التكبير له قائما وتلقّي الأرض بيديه ، والتخوية (١) للرّجل ، والإرغام بالأنف ، ورفع الذراعين عن الأرض ، وانخفاض موضع الجبهة ، ومساواة موضع الأعضاء ، ووضع يديه بحذاء أذنيه ساجدا ، وعلى فخذيه جالسا ، والنظر إلى طرف أنفه ساجدا ، وإلى حجره جالسا.
والدّعاء أمام الذكر ، والتسبيح ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، والتكبير عند انتصابه من الأولى ، وللأخذ في الثانية ، وللانتصاب ( بها ) (٢) والجلوس عقيبها ، والدعاء بين السجدتين ، والتورّك (٣) واعتماده على يديه عند القيام منه ، سابقا برفع ركبتيه قائلا « بحول الله وقوّته أقوم وأقعد ».
ويكره الإقعاء. (٤)
__________________
(١) في مجمع البحرين : يتخوّى : أي يجافي بطنه عن الأرض في سجوده ، بأن يجنح بمرفقيه ويرفعهما عن الأرض ، ولا يفرشهما افتراش الأسد ، ويكون شبه المعلّق ، ويسمّى هذا تخوية ، لأنّه ألقى التخوية بين الأعضاء.
(٢) ما بين القوسين يوجد في « ب ».
(٣) قال العلّامة في النهاية : ١ / ٤٩٣ : التورك في الجلوس : بأن يجلس على وركه الأيسر ويخرج رجليه معا ، ويجعل رجله اليسرى على الأرض وظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى ويفضي بمقعدته إلى الأرض. ولاحظ الذكرى : ٣ / ٣٩٨.
(٤) قال المحقّق في المعتبر : ٢ / ٢١٨ : والإقعاء : أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس
تتمّة
يجب السجود للعزائم الأربع : سجدة « لقمان » (١) و « حم السجدة » و « النجم » و « القلم » (٢) على القاري والمستمع ، ولو تركها قضاها ، ويستحبّ للسامع وللجميع في « الأعراف » و « الرّعد » و « النحل » و « بني إسرائيل » و « مريم » و « الحجّ » في موضعين و « الفرقان » و « النمل » و « ص » و « إذا السماء انشقت ».
ولا طهارة فيها ، ولا استقبال ، ولا تكبير ، ولا تشهّد ، ولا تسليم ، ولا ذكر.
وتستحبّ سجدتا الشكر عند تجدّد النّعم ، ودفع النّقم ، وعقيب الصلاة ، والتعفير بينهما.
السابع : التشهّد
وليس بركن ، ويجب في الثنائية مرّة وفي الثلاثيّة والرباعيّة مرّتين ، وصورته : « أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ».
وتجب العربية ، ومراعاة الصّيغة ، والترتيب ، والموالاة ، والجلوس له ، والطمأنينة بقدره ، فلو أتى بالترجمة أو بالمرادف ، أو أسقط حرف العطف ، أو اكتفى به أو بالضمير ، أو غير ذلك ، أو بدأ به قبل الرفع من السجود ، أو نهض قبل إكماله ، بطلت.
__________________
على عقبيه ، وقال بعض أهل اللّغة : هو أن يجلس على إلييه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب ، والمعتمد الأوّل ، لأنّه تفسير الفقهاء وبحثهم على تقديره.
(١) المراد سورة « الم » السجدة الواقعة بعد سورة « لقمان ».
(٢) المراد سورة العلق الّتي ورد فيها قوله : « علّم بالقلم ».
ولو جهل بعضه أتى بما يحسنه ثمّ يتعلّم ، فإن ضاق الوقت ، حمد الله بقدره ، وكذا لو جهل العربيّة.
ولا تجزئ الترجمة في شيء من الأذكار مع القدرة ، ويجوز في غيرها.
ويستحبّ التورّك ، ووضع يديه على فخذيه ، ونظره إلى حجره ، وزيادة التحميد ، والدعاء ، والتحيّات ، و « السّلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته » في الأخير ، وإسماع الإمام من خلفه.
الثامن : التسليم
وليس بركن ، ومحله آخر التشهد ، وبه يخرج من الصلاة وإن لم يقصده ، وصورته إمّا « السّلام عليكم ورحمة وبركاته » أو « السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » ويجوز الجمع ، فتستحبّ الأخيرة.
ويجب الجلوس له ، والطمأنينة بقدره ، والعربيّة ، والترتيب ، والموالاة ، والإعراب ، وكذا الأذكار الواجبة.
ويستحبّ للمنفرد أن يسلّم إلى القبلة ، ويومئ بمؤخّر عينيه إلى يمينه ، والإمام بصفحة وجهه ، وكذا المأموم ، فإن كان (١) على يساره أحد فأخرى إليه ، (٢) وأن يقصد المنفرد والإمام الأنبياء والأئمّة والملائكة ومسلمي الإنس والجنّ والمؤتم الإمام.
__________________
(١) في « ب » و « ج » : وإن كان.
(٢) في « أ » : « فأحزى إليه » ولعلّه مصحّف.
وأمّا المندوبات فثلاثة
الأوّل : القنوت ، ومحلّه في كلّ ثانية قبل الركوع ، وكيفيّته أن يرفع يديه تلقاء وجهه مبسوطتين نحو السماء ، ويدعو بالمأثور ، وأقلّه ثلاث تسبيحات ، وأفضله كلمات الفرج ، والتكبير أمامه ، ورفع اليدين به ، والنظر إلى باطنهما ، ويتأكّد في الفريضة ، وآكدها الجهريّة ، ثمّ الغداة والمغرب.
والناسي يقضيه بعد الركوع ، ويتبع الصلاة في الجهر والإخفات.
وفي الجمعة قنوتان في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده.
ويجوز فيه الدعاء بالمباح وبغير العربية.
الثاني : التكبير بعد التسليم ثلاثا رافعا يديه.
الثالث : التعقيب بالمنقول ، وأفضله تسبيح الزهراء عليهاالسلام.
تتمّة
المرأة كالرّجل ، إلّا أنّها في القيام تجمع بين قدميها ، وتضع يديها على ثدييها (١) وفي الركوع على فخذيها ، وفي الهويّ تقعد ثمّ تسجد لاطئة بالأرض غير متجافية ، وتضمّ فخذيها ، وترفع ركبتيها في الجلوس بين السجدتين وفي التشهد ، وإذا قامت انسلّت انسلالا.
__________________
(١) في الدروس : ١ / ١٨٣ : « وتضمّ بيديها ثدييها » وفي « ب » و « ج » : على بدنها.
المقصد الثالث : في عوارضها
وفيه فصول :
[ الفصل ] الأوّل :
في المبطل
وهو الحدث مطلقا ، وتعمّد الكلام بحرفين أو بحرف مفهم أو بحرف قبله مدّة (١) ، ومنه أن يقصد بالقرآن الإفهام ، ولو قصد القراءة (٢) والإفهام ، أو أكره على الكلام ، لم تبطل ، والسكوت الطويل ، والقهقهة ، والبكاء للدّنيا ، والدعاء بالمحرّم ، والفعل الكثير ، والأكل والشرب مطلقا ، وليس منه ابتلاع النخامة وبقايا الغذاء.
وفي مصّ الصّمغ وشبهه توقّف ، والشرب إلّا في الوتر لمريد الصيام مع ضيق الوقت ، ( والقرآن ) (٣) والالتفات إلى ورائه. (٤)
ويكره التطبيق والعقص للرّجل ، والالتفات يمينا وشمالا ، والتّثاؤب ،
__________________
(١) في القواعد : ١ / ٢٨٠ : وفي الحرف الواحد المفهم والحرف بعده مدّة والكلام المكره عليه نظر.
(٢) في « ب » : ولو قصد القرآن.
(٣) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».
(٤) في القواعد : ١ / ٢٨١ : « إلى ما ورائه ».
والتمطّي ، والعبث ، ونفخ موضع السجود ، والتنخّم ، والبصاق ، والأنين بحرف ، والتأوّه ، وفرقعة الأصابع ، ومدافعة الأخبثين ، وفي الخفّ الضّيّق.
ويجوز ردّ السلام بسلام عليكم ، لا الابتداء به ، والإشارة باليد ، والتّصفيق ، وقتل الحيّة والعقرب ، وقطعها لفوات غريم أو تردّي طفل أو حفظ مال.
ويستحبّ الحمد للعاطس وتسميته.
الفصل الثاني :
في الخلل
وهو ثلاثة
الأوّل : العمد ، وتبطل بزيادة فعل واجب وتركه وإن لم يكن ركنا ، وبترك شرط أو كيفيّة أو فعل أو ترك. (١)
وجاهل الحكم عامد إلّا في الجهر والإخفات وقصر الصلاة ، ويعذر جاهل نجاسة البدن والثوب والمكان وغصبهما وغصب الماء.
الثاني : السّهو ، لو زاد ركعة ، فإن جلس آخر الصلاة بقدر التشهد ، صحّت صلاته ، وإلّا بطلت ، ولو نقصها وذكر قبل المنافي أتم.
وتبطل بالمبطل عمدا وسهوا ، لا بالمبطل عمدا ، وكذا لو ترك التسليم.
وتبطل لو زاد ركنا ، أو نقصه وذكر بعد الدخول في ركن وإن كان سهوا ، ولو ذكر قبل دخوله في ركن أتى به وإن دخل في فعل ، كمن أخلّ بالسجود حتّى قرأ ، فيسجد ثمّ يقرأ.
__________________
(١) في « أ » و « ب » : أو فعل ترك.
ولو زاد غير ركن سهوا لم تبطل ، وكذا لو نقصه لكن قد لا يتدارك ، كما لو دخل في ركن أو في فعل ولزم منه زيادة ركن ، كمن نسي القراءة ، أو بعضها أو الجهر أو الإخفات حتّى يركع ، أو ذكر الركوع أو الطمأنينة فيه حتّى ينتصب ، أو رفع رأسه ، أو الطمأنينة فيه حتّى يسجد ، أو ذكر السجود ، أو وضع بعض الأعضاء ، أو الطمأنينة فيه حتّى يرفع ، أو الرفع من الأولى أو الطمأنينة حتّى يسجد ثانيا.
وقد يتدارك كما لو دخل في فعل ولم يلزم زيادة ركن ، كمن نسي قراءة الحمد وذكر في السورة ، فيقرأ الحمد والسورة ، أو نسي التشهد أو بعضه وذكر قبل الركوع ، فيقعد ويأتي به.
وقد يتدارك مع سجود السّهو ، كمن نسي سجدة أو التشهد أو الصلاة ويذكر بعد الركوع ، فيقضيه ، ويسجد للسّهو ، ويسجد أيضا من تكلّم ناسيا ، أو سلّم في غير موضعه ، أو شكّ بين الأربع والخمس ، والأقوى وجوبه للزيادة والنقصان غير المبطلين ، ولا يتداخل ولا يترتّب.
ومحلّه بعد التسليم مطلقا ، ويجب فيه النيّة وسجدتان ، والذكر ، وأفضله : « بسم الله وبالله السلام عليك أيّها النّبي ورحمة الله وبركاته » أو « بسم الله وبالله اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد » والتشهد والتسليم ، ولا يجب التكبير ، والطهارة ، والاستقبال على توقّف.
ولا تبطل الصلاة بتركه وإن طال الزمان ، ولا تجب نيّة الأداء ولا القضاء.
ولا حكم لمن كثر سهوه ، ولا لمن سها في سهو ، ولا لشكّ الإمام مع حفظ المأموم ، وبالعكس ، ولو سها أحدهما فله حكم نفسه ، ولو اشتركا في الواجب اشتركا في الحكم.
تتمّة
يجب في الأجزاء المنسية ما يجب في مبدلها ، وينوي الوجوب ، والقربة ، والأداء ، والقضاء ، وتترتّب على الفائتة ، ولا تبطل الصّلاة بتخلّل الحدث.
الثالث : الشك ، من شكّ في واجب وغلب على ظنّه شيء بنى عليه ، وإلّا فإن كان محلّه باقيا ، أتى به ركنا كان أو فعلا ، ولو بان أنّه فعله بطلت إن كان ركنا وإلّا فلا وإن تعدّاه لم يلتفت وإن كان ركنا.
ولو ترك السّجدتين وشكّ في أنّهما من ركعة أو من ركعتين بطلت ، ويعيد من لم يدر كم صلّى ، ومن شكّ في الثنائيّة أو الثلاثيّة أو في أولتي الرّباعيّة ، أو تعلّق شكّه بهما كقوله : لا أدري قيامي لثانيّة أو لثالثة ، وكذا لو قال عند الرفع من الركوع.
ولو تيقّنهما وشكّ في الزائد ، فإن غلب على ظنّه أحد الطرفين بنى عليه ، وإلّا احتاط في خمس مسائل :
الأولى : الشاكّ بين الاثنتين والثلاث ، بنى على الثلاث ثمّ يتمّ ، ويصلّي ركعة قائما أو ركعتين جالسا.
الثانية : الشاكّ بين الثلاث والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط كالأولى.
الثالثة : الشاكّ بين الاثنتين والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط بركعتين قائما.
الرابعة : الشاكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع ، بنى على الأربع ، ويحتاط بركعتين قائما ، ثمّ بركعتين جالسا ، ولا تصحّ قبل السجدتين إلّا المسألة الثانية.
الخامسة : الشاكّ بين الأربع والخمس قائما ، يقعد ويسلّم ويحتاط كالأولى ، وبعد الركوع تبطل ، وبعد السّجود تصحّ ، ويسجد للسّهو.
فروع
الأوّل : حكم ما يرجع في المعنى إلى هذه المسائل حكمها ، فلو قال : لا أدري قيامي لثالثة أو رابعة ، فهو شك بين الاثنتين والثلاث ، ولو قال : لرابعة أو خامسة قعد وسلّم ، وصار شكّا بين الثلاث والأربع ، ويسجد للسّهو ، ولو قال : لثالثة أو خامسة قعد وصار شكّا بين الاثنين والأربع ، ويسجد للسّهو ، ولو قال ذلك عند القيام من الركوع ، بطلت صلاته ، إلّا في الأولى ، فإنّه يتمّ ويحتاط.
الثاني : الأولى بطلان الصلاة في غير هذه الصور ، لاستقرارها في الذمة بيقين فلا تزول إلّا بمثله أو بما هو أقرب إليه كالنصّ ، ولأنّ الشكّ إذا تعلّق بخامسة مع ثانية أو ثالثة أو معهما ، فلا يجوز البناء على الأكثر ، لأنّه ليس من عدد الصلاة ، ولا على الأقلّ ، لأنّه خلاف المعهود من الشّرع.
الثالث : يجب في الاحتياط النية وجميع ما يجب في الصّلاة ، وقراءة الحمد خاصّة إخفاتا ، ومساواة الجهة ، فلو تغيّر اجتهاده قبل الاحتياط ، فإن قلنا إنّها صلاة منفردة صلّى إلى الثانية ، وإلّا فإن كان بين المشرق والمغرب صلّى إليها أيضا وإلّا أعاد الصّلاة.
الرابع : لو ذكر النقصان بعد الاحتياط لم يلتفت ، وقبله يكمل الصّلاة ما لم يفعل المنافي ، وفي الأثناء يستأنف ، ويحتمل إجزاء الإتمام.
الخامس : لو ذكر التمام صحّت مطلقا ، لكن في الأثناء يتخيّر في القطع والإتمام نافلة.